قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع عشر

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع عشر

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الرابع عشر

هبّت عاصفه هوائيه إنتشلت الوشاح عن كتفيها، لم تكُن سوي سحابة صيف ساخنه، جعلت خُصلات شعرها تتطاير فزعًا مما تري، تراجعت للخلف قليلًا لتسقط بعضًا من خُصلات شعرها علي وجهها، وأخيرًا خرجت من حيز زُعرها وهي تُردد بنبرة مُرتعشه، إنت عرفت مكاني منين؟! وعاوز مني ايه؟
رمقها عاصم بنظره حاده، واضعًا يده بجيب بنطاله وقد إرتسمت إبتسامة مُستفزه علي وجهه قائلًا بصوتٍ جامد، وحشتيني.

نظرت له شذرًا وسط خوفها ومالت بجسدها للأسفل قليلًا لتلتقط وشاحها ثم تضعه علي جسدها مره أخري مُحاوله الثبات في حديثها، دلوقتي حالًا تمشي من هنا وإلا. ، قاطع حديثها ليمد يده إليها حتى أحكم كلتا ذراعيه حول خصرها لتصطدم بصدره وقد عاد بها للخلف قليلًا حتى إصطدمت بالحائط وهنا ردد بصوتٍ خافتٍ يملؤه القسوه والتهديد، القطه، ما تهددش أسد. وبعدين يا حلوه هنمشي سوي. وإنتِ معايا، وهنتجوز وتنسي العيل اللي بتحبيه، وكمان الحي المُقرف اللي عايشه فيه دا.

قامت بوضع كفيها في منتصف ظهره مُحاوله إبعاده عنها وهي تشيح للجهه الأخري في نفور من لمساته لها، لتُردد بنبرة ثابته، سليم أرجل منك، ما بيستغلش ضعف بنت علشان يشبع جبروته. ما استناش مني في يوم مقابل. لكن إنت قذر. زباله ومريض. وانا مش هكون لحظه معاك. انا اموت ولا إني اكون ليك، انا ل سليم ومفيش قوه تبعدني عنه. دا غير إنه لو شافك هيقتلك.

تشنجت عضلات وجهه بشكلٍ ملحوظٍ وهو يصر علي اسنانه بغضب، ليحكم قوه أصابعه حول ذقنها يكاد يُفتك بها ومن ثم ردد بنبرة أشبه بفحيح الافعي، كبرتي وبقيتي تستهوني بقوتي يا حلوه.
نوراي بثبات أكثر: كبرت علشان بيحميني راجل. يا جبان.

إستشاط هو غضبًا، نظر في عينيها ليقرأ فيهما الثبات ولكنه يعرف تمامًا مدي خوفها منه، مهما تظاهرت بالقوه وهنا رفع كفه للأعلى وراح يضرب وجهها في قوه مُردفًا بحدته المعتاده، شكلك حنيتي لأيام زمان يا نوراي هانم.

خارت قواها الضعيفه امام صفعه منه لتسقط أرضًا مُصدره تأوهًا خافتًا، خوفًا من أن تستيقظ روفيدا وتنقلب الأجواء وتصل لذروتها، رمقتهُ نوراي في هدوء وضعف شديدين. جعلته يبتسم في عجرفه لحالها، بدأت هي تنزف الدماء من جانب شفتيها ومن ثم بادلته نفس الإبتسامة وفجأه، راحت تضربه بقدمها في مؤخره قدمه، فقد تعلمت من سليم كيف تتصرف في مواجهه مثل هذا الموقف، ليتأوه هو في ألم جارف حتى سقط أرضًا بجانبها لتُردد هي بإبتسامه مُنتصره من بين وجعها، دي بس حاجه بسيطه، علشان تفهم إني مش زي زمان. وافهم كويس إني لو صرخت الحي كُله هيكون في ثواني تحت البلكونه، ووريني هتخرج سليم أزاي. اصل هنا مش قصرك المُبجل وقت ما تأذيني وتقولي أصرخي محدش هيسمعك. الموقف إختلف.

لم تستطع تحمل وجعها أكثر من ذلك، ف أين هي من قوته؟! وخاصه عندما اسرع بإلفاف خُصلات شعرها بين يديهِ مُردفًا بحده، هترجعيلي برجلك. لو مش دلوقتي ف بعدين، بس هترجعي وإنتِ خسرانه وقتها.
سالت الدموع علي وجنتيها وهي تصرخ في صمت وهنا رددت بنبرة مُتألمه، وجودي معاك. هي اكبر خسارة.

نهض عاصم عن الأرض ومن ثم عدل من وضعيه ثيابه ثم رمقها بنظره جامده مُرددًا وهو يذهب من حيث أتي، غلطانه، إنتِ لسه ما تعرفيش الخسارة الكبيره. بس قريب هتعرفيها.
راقبته بعينيها في كره حتى غاب في ظلمه الليل بينما ضغطت هي علي عينيها في توجع ومازلت تجلس في مكانها قائله بنبرة خافته، يا تري هتعمل ايه تاني! ليه مش عاوز تسيبني في حالي وياتري قصدك ايه بالخسارة الكبيره؟!

مر الكثير وهي لا تزال ساكنه الحركه في مكانها، لا تملُك شيء سوي البُكاء بحُرقة لتجده يطرق باب الشقه بهدوء شديد، أسرعت بالنهوض فورًا، أخذت تسير صوب الباب بخُطي مُتثاقله وكانت حالتها لا يرثي لها وهنا ردد سليم من خلف الباب بصوته الحنون، نوراي؟! إنت صاحيه؟!

وقفت امام الباب مُباشره وقامت بوضع كفها علي فمها، لتظل دموعها حبيسة أعينها دون أن تصدر عنها ذاك الصوت الذي يُقلقه، لتجده يعاود هتافه، فهو يعلم تمامًا انها لا تستطع النوم إلا عندما يصل إلى المنزل، في تلك اللحظة تنهدت هي بثبات ثم تابعت من بين دموعها، لو سمحت يا سليم. اطلع دلوقتي.
لم يفهم سليم ما تفوهت به بعد، حيث ردد بنبرة مُتسائله، مش فاهم؟! في ايه يا نوراي، افتحي الباب دا، وصوتك متغير ليه؟!

نوراي بإختناق: مفيش. ومش هفتح يا سليم. امشي بقي لو سمحت.
سليم بضيق: نوراي إنتِ بتعيطي؟!
نوراي بإيجاز: شويه برد. تصبح علي خير.
سليم بعدم إقتناع وهو يتجه صوب الدرج، اللي يريحك. وانتِ بخير.

في صباح اليوم التالي، طيب كُل اللقمه دي من إيدي يا حبيبي.
اردفت السيده خديجه بتلك الكلمات في نبره حنونه، ليلتقط سليم منها الطعام بفمه وهو يرتدي جاكته ومن ثم أسرع بطبع قُبله حانيه علي جبينها قائلًا، خلاص بقي يا ست الكل، ما قولتلك هتغدي مع عمي ناجي وابنه.
خديجه بتفهم: ماشي يابني، ربنا ييسرلك حالك ويحفظك لينا.

رمقها سليم في حُب يعقبه إبتسامه هادئه ومن ثم إتجه هابطًا الدرج حتى وصل إلى شقتها، إستوقفه مشهد الأمس، وتغيُر نبرآت صوتها. لا يعلم ما بها ولكنه لم يود مُضايقتها بأسألته، إعتقادًا منه بأنها مصابه بالزكام ليس إلا، ولكن ماذا يحدث الآن، فهي لا تستقبله كعادتها، وهنا تنهد هو بحُزن وهمّ بالمغادرة وما أن خطي بضع خُطوات حتى وجدها تهتف بنبرة ضعيفه، سليم.

إلتفت سليم ببصره إليها، ليجدها قد تغير لون وجهها وبهتت ملامحها بشكل سيء ناظره له بضعف وحُزن شديدين، حملق سليم بها ليجدها تهرول إلى أحضانه دون أن تتفوه بكلمه اخري. تصلب في مكانه من رؤيتها علي تلك الحاله ليطبق كفيه علي ذراعيها ومن ثم أبعدها عنه قليلًا مُرددًا بنبرة قلقه، نوراي. فيكِ ايه؟!

إنسابت الدموع علي وجنتيها وهي ترمقهُ بحُزن ومن ثم رددت وهي تعاود إحتضانه، قولتلك شويه برد. وبعدين إنت واحشني اوي.
سليم بزفرة ضيق: وفين روفيدا؟!
نوراي بهدوء: في فرع الحي هنا.
بادر سليم بإمساك كفها وهو يترجل خارج البنايه مُرددًا بحسم، يلا هنروح ل دكتور.
نوراي ببكاء مُفاجيء: مش عاوزه اروح لدكاتره.
تجهمت معالم وجهه كُلياً وبدأ يصر علي اسنانه في ضيق قائلًا، السبب؟!
نوراي من بين دموعها: بخاف منهم.

قام بوضع كفه علي وجهه في عصبيه لترمقه هي بحُزن، جعله يباغتها بإبتسامة رغمًا عنه، فهو قتيل مرضها قبل حُبها، وهنا تابع بنبرة حنونه، طيب تعالي نروح اي صيدليه، نجيب اي برشام للبرد.
نوراي برقه: ماشي.

ايوه حضرتك حط المكتب هنا. تمام. تمام كدا.
أردفت روفيدا بتلك الكلمات في سعاده بالغه وهي تري إنتهاء الفرع الخاص بالحي علي أكمل وجه، إرتسمت إبتسامة عريضه علي ثغرها ومن ثم ودعت العمال وقامت بإغلاق المكان مُتجهه حيث منزل السيد ناجي، لعلمها بقدوم شقيقها إليه بصحبه نوراي...

جلست قبالة المساعده الخاصه بها في حجره الصالون بالقصر وقد تناثرت الأوراق من حولهما، وهنا رددت آلاء بنبرة هادئه، دي كُل الأوراق الخاصه بالمشاريع المُبتدئه، وكلهم بحاجه لممولين ومستثمرين لمشاريعهم.

إلهام بتفهم: تمام. عاوزين نعقد إتفاقيات مع اكبر عدد منهم، قبل ما ييجي حد يتعاقد معاهم قبلنا.

آلاء بثبات: تمام وانا هكون موجوده في أيام الإفتتاح وكل حاجه هتتم زي ما إحنا عاوزين.

إقتربت بخُطواتها ناحيه الباب الرئيسي للبنايه لتجده يقف امام سيارته، حملقت روفيدا به في صدمه، أهو ثانيه؟! وما الذي يفعله في حي شعبي كهذا يتنافي تمامًا مع سيارته وثيابه هذه، لوت شدقها في إستنكار من وجوده ومن ثم أكملت سيرها لتجده يُردد بنبرة مُتفاجأه، يا محاسن الصُدف. إنتِ تاني؟!

رمقتهُ روفيدا من أعلي رأسه حتى أخمص قدمه، نظره أثارت حنقه ومن ثم تركته يستشيط غضبًا ودلفت داخل البنايه، إستعجب من طريقتها معه ليتجه هو أيضًا للداخل صاعدًا الدرج، ليجدها تنظر له بجمود مُردده بغيظ، ايه يا جدع إنت. هتراقبني ولا أيه؟!
ماجد بإبتسامه هادئه: إنتِ مين يعني علشان اراقبك يابت.
روفيدا بنبرة جامده: امال رايح فين؟!
ماجد بثبات: بيتنا.

إبتعدت بوجهها بعيدًا عن نظراته ومن ثم أكملت سيرها للأعلي وما أن امتدت يدها ناحيه الجرس حتى وجدته يسبقها بوضع يده عليه، حدقت به في ذهول، بينما فُتح الباب في تلك اللحظة ليقوم السيد ناجي بإحتضانه بشغف عارم مُرددًا بلهفه، وحشتني اوي يابني.
ماجد بحنو وسعاده: كُنت مفتقد حُضنك دا اوي يا بابا.
روفيدا بنبرة خفيضه ومُتلعثمه: بابا؟!
إنتبه سليم لوجود شقيقته ليقترب منها بهدوء قائلًا، واقفه برا ليه يا روفيدا؟!

إتجهت روفيدا بعينيها لشقيقها. لتدلف للداخل بحركه مُتجمده دون أن تتفوه بكلمه، ليهتف ناجي بمرح، اقدملكم. ماجد ابني، ودي روفيدا أخت سليم ونوراي جارتهم.
ماجد وهو ينظُر لها بإستفزاز: اسمك حلو يا أنسه روفيدا.
روفيدا وهي تنظر له بجانب عينيها: عارفه.
أحست نوراي بشيء غريب تُعانيه روفيدا وأخذت تجوب ببصرها بينها وبين الزائر الجديد ليُشتت هو إنتباهها قائلًا، هو حضرتك مصريه؟!

إنتبهت نوراي لسؤاله، لتبدأ بإبتسامه هادئه قبل أن تُردد قائله، من أب مصري وام فلبينية.
ماجد بهدوء: واضح جدًا.
في تلك اللحظة قطع حديثهم صوت ناجي الذي دعاهم لتناول الطعام قبل أن تُصيبه البروده، فقد قام بإعداده بكُل حُب وسعاده لعوده ابنه وكذلك إلتفافهم جميعًا حول مائده طعام واحده...

جلس إلى فراشه، وقد أراح ظهره إلى الوساده قليلًا واضعًا ذراعه خلف رقبته، مُتذكرًا ما قالته هي، فتاره تتشنج فرائصه وأخرى يبتسم لمُجرد رؤيتها، فكم كان يشتاق لرائحتها وطريقه خروج الكلام من بين شفتيها، إشتدت حده نظراته في تلك الأثناء وهو يُردد بنبرة جامده، بتتحديني يا نوراي. هترجعيلي بنفسك وتطلبي تكوني معايا. مش عاصم اللي يتساب او تفضلي حد عليه.

ايه دا بجد؟!
اردفت نوراي بتلك الكلمات في إبتسامة ذات مغزي، لتلتفت ببصرها ناحيه روفيدا التي فهمت سر هذه النظرات بينما تابع سليم بنبرة هادئه، دا خبر كويس جدًا. يعني إنت فاتح فرع إستيراد وتصدير في نفس العماره اللي فيها المؤسسه.

ماجد وهو يمضغ الطعام بهدوء: بالظبط.
وضع السيد ناجي ادوات الطعام الخاصه به جانبًا ليُتابع بنبرة هادئه مُلتفتًا لإبنه، فرحت بالخبر. بس ما فرحتش بإختيارك للمكان يا ماجد.
فهم ماجد ما يُرمي له والده، فتنهد بهدوء قائلًا بنبرة حزينه قليلًا، إختياري للمكان علشان الشغل وبس يا بابا.
عقد سليم حاجبيه في إستغراب من تغير ملامح السيد ناجي بينما تابع موجهًا حديثه ل الفتيات، يلا يا بنات شيلوا الأكل.

أومأت كلًا منهما في تفهم، وشرعوا في لملمت الأطباق مُتجهين إلى المطبخ بينما تنحنح سليم قليلًا قبل أن يُتابع قائلًا بهدوء، مالك يا عم ناجي. زعلت فجأه ليه؟!
ناجي ناهضًا عن مائده الطعام: اسأل صاحبك يا سليم.
إلتفت سليم ببصره ناحيه ماجد، ثم ردد بنبرة هادئه، تعالي نتكلم في البلكونه شويه.

إنصاع ماجد لحديثه ليدلفا سويًا داخل الشرفه وهنا ردد ماجد بنبرة مُختنقه، مش هنكر إني لسه بفكر فيها. بس إختياري للمكان بنسبه كبيره علشان بحبه والماضي إنتهي بالنسبالي.

ضيق سليم عينيه في مُحاوله لإستنباط مُجريات الأمور، مُردفًا بنبرة مُتفهمة، الموضوع فيه بنت؟!

فلاش باك، إستني هنا، ايه اللي إنتِ بتقوليه دا؟!

أردف ماجد بتلك الكلمات في عصبيه شديده وهو يحكم قبضته علي ذراعها مُرددًا بصوتٍ أجشٍ بينما إنتزعت هي ذراعها منه وهي تُردد بنبرة ثابته، اللي سمعته يا ماجد. دبلتك معاك واعتبر اللي بيننا إنتهي، كُنت فاكره إن والدك هيتخلي عن الحي الشعبي اللي عايش فيه علشان صورتنا الإجتماعية وسط الناس، إزاي والدك يبقي مناسب عيله أرستقراطية زينا وعاوز الفرح يكون في حي شعبي.

كور ماجد قبضه يده في ضيقِ ومن ثم كظم غيظه بنبرة هادئه قائلًا، اسمعيني يا روان، إنتِ عارفه كويس اوي إن والدي صحته تعباه ومش بيقدر يتحرك كتير وبعدين. ايه اللي حصل لكل دا.

روان ببرود: والدك عنده كُل الأملاك دي وعاوزني اعمل فرحي في حي شعبي. دا إنت بتحلم. انا أزاي ما أخدتش بالي من فرق التفكير بين العيلتين؟!

جدحها ماجد بنظره بارده ومن ثم ردد بجمود، علي ما أظن إنك مش هتتجوزي عيلتي. بس بما إن دا قرارك النهائي ف انا لازم احترمه.

Back، بس ومن ساعتها ومفيش موقف جمعنا لحد لحظتنا دي وكأنها ما صدقت بعدت.
سليم بهدوء: الموضوع فعلًا صعب. والمكان اللي فيه الشركه دا. نفس المكان اللي هي عايشه فيه؟!

ماجد بتنهيدة قويه: بالظبط.
في تلك اللحظة قطع حديثهم مجيء روفيدا وهي تحمل أكواب الشاي بين يديها ومن ثم قامت بوضعهما إلى الطاوله لتنصرف مُجددًا للخارج، بينما تابع سليم بتساؤل، وليه ما فكرتش تدي لنفسك فرصه تحب وتتجوز وتنسي الماضي؟!

إبتعد ماجد بنظره حيث يتعقبها بعينيه ومن ثم تابع بنبرة حزينه، خايف، انا مش عاوز واحده عاديه، بحب الإختلاف في أي بنت. بنت مش بتهتم بالمظاهر وتحترم ظروف والدي وتمسكه بالحي الشعبي اللي اتولد فيه. تصون اسمي وعرضي وما تفكرش لحظه في فلوسي.

مر يومان علي إلتقاء السيد ناجي بإبنه، حتي جاء الموعد الذي ينتظره الجميع، وإفتتاح مؤسسه محو الأمية لتبدأ الفتيات بمزاوله رسالتهما من صباح يوم الإقتتاح، وقف أمام المرآه يُهندم من حِلته السوداء إستعدادًا لمراسم الإحتفالية التي ستتم بعد ساعه واحده من الآن، دلف السيد ناجي إلى الغرفه، ليبتسم في حنو من هيئه إبنه مُردفًا بنبرة حنونه، بسم الله ماشاء الله، ربنا يبعد عنك شر العين يابني. وتلاقي بنت الحلال وافرح بيك قبل ما اموت.

إتجه ماجد صوب والده ومن ثم إلتقط كفه وهمّ بطبع قُبله حانيه عليه قائلًا بلوم، ربنا يطول في عُمرك يا بابا ويباركلنا فيك.
ناجي بحُب: بس مبسوط إن علاقتك بسليم إبتدت تاخد مجري جادي وتطور.
ماجد بنبرة إعجاب: راجل اوي الصراحه. حتى في حُبه راجل، اي حد يتمني يكون صاحبه ومبسوط إنهم قبلوا بضم الإفتتاحين لحفله واحده.

تنهد ناجي بضعفِ وقد تغيرت نبرته للحُزن البالغ قائلًا، كان نفسي حسن يكون معانا. مش يعادينا. انا مش عارف جايب القسوة دي منين.
ماجد وهو يحتضن والده بحنو: ربنا يهديه.

وقف امامها مُباشره، يرمقها بنظره هائمه بينما شرعت هي في تمرير أصابعها بين ثيابه، لإضافه لمساتها الأخيره، فقد تجودت ملابسه بعنايه وذوقٍ رفيعٍ، تتابع هي بإبتسامه راضيه، تمام اوي كدا.
قام سليم بوضع ذراعيه حول خصرها ثم قام بضمها إليه مُرددًا بصوتٍ هامسٍ ونبرة عاشقه، ربنا يديمك ليا يا أحلي أوشين.

أراحت رأسها علي كتفه بينما شعر هو بإنفصامه عن الواقع عندما انغمرت أنفه بين خُصلاتها الناعمه ليتنشقها بحُب جارف وهنا ردد بهدوء، بردو مش هتقوليلي الجرح اللي كان علي بؤك دا من ايه؟!
إرتدت نوراي للخلف مُبتعده عنه ومن ثم تابعت بنبرة مُتلعثمه، ياربي منك يا سليم. دي المره العاشره، اللي تسألني فيها نفس السؤال. واقولك إني معرفش جه منين.

سليم مُضيقًا عينيه بثبات: هحاول اصدقك.
كانت ترتدي بنطالًا من الجينز وسُتره صيفيه رقيقه ذات حمالات عريضه من اللون الأبيض ليظهر النمش الموجود علي كتفها بشكل واضح وقامت برفع حُصلاتها بشكل ذيل حصان وتركت العنان لبعض الخصلات الاماميه، مُرتديه أيضًا القلاده التي هداها لها في السابق، رمقها سليم بإعجاب شديد، ليحك ذقنه بكفه قائلًا، بقولك ايه يا أوشين؟!
نوراي بإنتباه: ها؟!

بادر سليم بإمساك أطراف شعرها بهدوء، وهنا تابع غامزًا، روحي استري نفسك يا بنت الناس.
قطبت حاجبيه في إستنكار فقد ظنته سوف يُثني عليها من حديثه الخلاب ذاك لتجده منه ردة فعل مُعاكسه وهنا تابعت هي بغيظ، ليه بقي؟!
سليم رامقًا إياها بنظره جامده: علشان انا عاوز دا.
نوراي بعناد: بس اللبس مافيهوش حاجه.

سليم بثبات: الحاجات دي يا روحي تتلبس، وإنتِ معايا في بيتنا، حتى ما تتلبسش قدامي في الوقت الحالي، ما هو انا مش سوسن علشان معاليكِ تخرجي كدا، وما اقبلش إن حد يمتع نظراته بحاجه خاصه بيا، اللي ليا ليا لوحدي والمتاح لغيري. غيري يشبع بيه، لكن انا بحب الجمال المُغلف، وانا محدش يقاسمني في ملكياتي. لو هتلبسي كدا، يبقي...
أسرعت نوراي بوضع إصبعها علي شفتيه وبنبرة مُرتعبه رددت، هغيره حالًا والله العظيم.

باغتها هو بإبتسامتة التي تعشقها بينما هرولت هي للداخل علي الفور، قدمت روفيدا إليه في تلك اللحظة ثم هتفت بنبرآت سعيده، انا جاهزه.
سليم وهو يحتضن شقيقته بحُب: ربنا ما يحرمك أبدًا من الضحكه الحلوه دي.
قطع حديثه صوتها وهي تدلف للداخل بصُحبه السيده خديجه حيث رددت بنبرة مرحه، ايه رأيكم في الفستان بتاعي.
رمقها سليم بنظره هادئه، بينما تابعت روفيدا بضحك، زي القمر يا نسمه، بس أيه اللي في شفايفك دا.

نسمه بثقه: روچ بنفسجي.
سليم رافعًا حاجبيه: هو إحنا رايحين نصور مشهد مصاصين دماء.
السيده خديجه مُقاطعه حديثها: ما تسيبها تفرح يابني. وبعدين انا عاوزه اتعلم عندهم في الكُتاب دا!

سليم بإبتسامه هادئه: كُتاب ايه بس يا أمي!
أطلقت نوراي ضحكه مرحه وهي تترجل خارج الغرفه ومن ثم إقتربت من السيده خديجه وقامت بإحتضانها علي الفور قائله بحُب، من عيوني يا ماما. اللي إنتِ تؤمري بيه.
في تلك اللحظة إتجهت ببصرها ناحيته، لتنظُر له نظره ذات مغزي ليُغمض هو عينيه في هدوء، فيما معناه، تقبله لما ترتديه، نسمه بغيظ: فين يا سليم السلسله اللي قولتلي عليها؟!

سليم بثبات: عاوزاها شكلها ايه؟! قطه، بطريق، فيل؟!
نسمه بفرحه: لا، شكل سندوتش همبورجر.
سليم بغيظ: قدامي يا نسمه الله يباركلك.

عرفت هتعمل ايه؟!
أردف عاصم بتلك الكلمات في جمود، بينما ردد كمال بنبرة هادئه، لسه واصلين حالًا يا باشا. واول ما انفذ الخطه هبلغ حضرتك فورًا.
عاصم وهو يرتشف كوب الكحول جرعه واحده، مش عاوزكم ترحموا. الواد دا اسمه ما يتذكرش في الدنيا تاني.
كمال بثبات: حاضر يا باشا.

علي الجانب الاخر، وفد المدعوون حيث الحفله المُقامه أمام البنايه، لتبدأ روفيدا في قص الشريطه بفرحه عارمه وكذلك فعل ماجد وسط تهنئات الجميع بهذه المناسبة، إتجهت هي صوب الفتاه الواقفه بسعاده ومن ثم رددت بنبرة هادئه وهي تمد يدها لتُصافحها، انا آلاء الدهشوري. مستثمره لأحد الشركات الكبيرة وحبيت أعرض عليكِ إستثمار وتمويل المشروع.

رمقتها روفيدا في إستغراب ولكنها بادرت بدورها في مد يدها لتُصافحها، ظلت روفيدا تجوب ببصرها المكان بحثًا عن شقيقها، كان ماجد يقف بصحبه شريكه بالشركه وصديق طفولته المقرب (زياد)، يُراقبها عن بُعد وما أن أحس بحاجتها لشخص ما، حتى ردد بنبرة هادئه، لحظه وراجعلك يا زياد.
زياد بتفهم: تمام وانا هاخد جوله في المكان.

جلست إلى أحد المقاعد بالشارع تستند برأسها علي كتفه وقد شردت قليلًا بينما ردد هو أثناء إطعامها قطع الشيكولاته في فمها، هنفضل قاعدين كدا. اكيد روفا محتاجانا.
مطت نوراي شفتيها بضيقِ ثم رددت بنبرة حزينه، ليه ما نفضلش كدا طول عمرنا. من غير وجع ولا حُزن. تفضل جنبي كدا، وانا افضل حاسه بالحب والامان معاك، ما تعرفش انا بستني كُل لحظه تجمعني بيك أزاي.

سليم بحُب: طيب ما انا بحس بالأمان وانا معاكِ.
إبتعدت نوراي عنه قليلًا ومن ثم رددت بتساؤل، ها ازاي بقي؟!
سليم وهو يحتضنها مُجددًا: الأمان ناحيه الجزء التاني من قلبي وأنه مش هيخون ولا هيفكر يكسر قلبي. طبيعتك الطيبه مخلياني مطمن علي قلبي عمري الجاي كله.

صمت سليم لدقائق ومن ثم إنتصب واقفًا وهو يتابع بنبرة هادئه، سامعه اللي انا سامعوا؟!
نوراي بنبرة هادئه: اه حد بيصرخ.

بدأ سليم يتعقب مصدر الصوت وهو يمُسكها بكف يده ليجد وفجأه شخصًا يلكمه دون سابق إنذار، صرخت نوراي في فزع وهي تجد شخصًا مُلثمًا يكيل ل سليم الضربات، بادر سليم بإستجماع قواه ثم رد له لكمه مميته أطاحت به، لتجد مجموع من الرجال ينضمون إليه، ملثمين الوجه بدأوا في ضربه بقوه وهو في المنتصًف بينهم، أسرعت نوراي بضربهم بقبضتها الضعيفه وهي تصرخ بكل قوتها، لتجد شابًا يضربها بقبضته حتى سقطت أرضًا، ف أخذ صوت صرخاتها يعلو لم يبتعدوا كثيرًا عن المكان ف لماذا لا يسمعها أحدًا فما كان منها إلا أن تحتضنه بقوه وهي تصرخ بهم أن يتوقفوا، وهنا سمعت صوته يهتف بهم قائلًا، كفايه عليه كدا، مش عاوزه يموت المره دي،!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة