قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس عشر

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس عشر

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الخامس عشر

تعالت صرخاتها المهدره في الأرجاء، عندما أغمض عينيه وغاب كُليًا من شده الضرب المبرح، حتى سالت قطرات الدماء من جانب شفتيه. بادرت بمسحهم بأصابعها المرتعشه وقد إحتقن وجهها بالدماء من شده العويل. لتُصدم وتُصبح صرخاتها حبيسة حلقها عندما توقف الرجال وسمعته يهتف بصوتٍ أجشٍ، كفايه كدا، مش عاوزه يموت المره دي.

تحولت معالم وجهها من نظرات مصدومه، ل ملامح عدائيه بالغه الكُره حيث نهضت مسرعه عن الأرض، لتهرول ناحيته وتبادر بضربه بقدمها في منتصف معدته، إرتد للخلف قليلًا بينما ظلت هي تصرُخ بجنون هائج، كُنت عارفه إنك قذر. ربنا ينتقم منك، عمل ايه علشان تأذيه كدا؟!، اخرج بقي من حياتي. انا بكرهك. بكرهك.

إتزن في وقفته من جديد. وقد إنكمشت معالم وجهه في غضبِ ليهتف بعد أن قبض علي مرفقيها ليمنعها من الحركه قائلًا، رفقًا بقلبك، مارضيتش اقتله. لكن برصاصه من مسدسي، توقف عن الحديث بوجه صلب الملامح، ليلتقط سلاحه الخاص من جيب بنطاله وصوبه بإتجاه سليم المغمي عليه، حملقت به في ذُعر وأسرعت بوضع كفها علي فوهه السلاحه مردده بإنهيار وشهقات مُتقطعه، لا يا عاصم، علشان خاطري ما تعملش كدا.

جدحها عاصم بثبات لبضع ثوان، ثم أنزل ذراعه قليلًا ووضعه كفه الأخري علي وجنتها ماحيًا الدموع المتساقطه منها ليُردد بنبرة جامده، يبقي تيجي معايا ونتجوز.
أبعدت وجهها عن كفه في إشمئزاز، ناظره له نظرات يملؤها الضعف، تلعثم الكلام في فمها قليلًا لتردد وأخيرًا، موافقه. بس بشرط.
عاصم بإبتسامة تهكُم: عاصم محدش يفرض عليه شروط.

تجرعت غصه في حلقها، باتت تجهل مصيرها الذي يقودها دائمًا حيث هذا الوغد، لم تكُن أمنياتها بالكثير، ولكن سُحقًا لأمنيات تتحقق دون وجود الركيزه الأقوي بهم. ف ها هو الآن ملقي أرضًا لا يدري شيء مما يحدث حوله. تعلم تمامًا بأن رجوعها لعاصم، سيجعله يكرهها. ولكن كرهه وهو علي قيد الحياة حتى ولو رأت منه نظره كره ناحيتها أهون عليها من غيابه عن الدنيا نهائيًا. تريده يتنفس حتى لو جاء يومًا وتنفس حُب غيرها. ستبكي، تصرُخ ولكن سيظل أمامها تستمد منه القوة حتى لو كان كارهًا لذكرياتها معه...

رمقتهُ نوراي بنظره تخلو من معالم الحياة، وقد تجمدت الدموع بمقلتيها مُردفه بثبات، اعتبره طلب مش شرط، خليني جنبه لحد ما يبقي كويس. واوعدك هرجع القصر بنفسي.
قرّب كفه منها في تلك اللحظة لتتباعد عنه إحتراسًا من أذاه ليُردد بوجه عبوس، يومين بالكتير. اكتر من كدا. ادعيله بالرحمه.

أنهي عاصم جُملته الأخيرة ثم أشار بأحد أصابعه لرجاله الذين مازالو يلتفون في حلقه دائريه حول سليم المسجي علي الأرض، لينسحبوا مغادرين المكان علي الفور بينما تابع غامزًا لها، مستنيكِ.
وما أن أدار ظهره حتى بثقت عليه بوجه مُمتعض لتُهرول ناحيه سليم، قامت برفعه بصعوبه إلى أحضانها مُردده بخوف، سليم. إنت سامعني! هتبقي كويس انا جنبك.

في تلك اللحظة قامت بإلتقاط هاتفها من جيب بنطالها ثم أجرت إتصالًا بها وما أن أجابتها حتى رددت بنبرة مرتعشة، الحقيني يا روفيدا.
علي الجانب الاخر، إتسعت حدقتا عينيها وهي تضع كفيها علي شفتيها في صدمه، لتُباغتها السيده بنبرة مُتسائله، استاذه روفيدا. إنتِ كويسه.
سالت عبره ساخنه علي وجنتها، ليهتف هو بنبرة قلقه، انسه روفيدا. في حاجه حصلت لا قدر الله.
روفيدا بنبرة مصدومه: اخويا!

ومن ثم إلتفتت ببصرها ناحيته ثم همّت بإمساك كفه علي فجأه وأخذت تخطو به بين الواقفين، ك الهائمه علي وجهها. إستغرب بشده مما فعلته، وأكثر ما أثار قلقه، وجهها الباكي وإرتعاش أطرافها التي تمسكه بها، روفيدا بنبرة باكيه: فين عربيتك؟!
ماجد بهدوء: مركونه هناك، ممكن تفهميني في ايه؟!
روفيدا بإنهيار: سليم إتعرض لحادثه، قريبه من المكان هنا.

إضطربت كلماته جراء سماعه لهذا الخبر، ليتجه صوب سيارته بصُحبتها ثم قادها حيث المكان الذي ابلغتهم به نوراي، غاصت وسط البوفيه الخاص بالإحتفال، تنتقي جميع ما يحلو لها. إلتفتت ببصرها حيث السيده خديجه ثم رددت بنبرة مُتسائله، مش بتاكلي ليه يا خالتي!
بدأت السيده خديجه تجوب ببصرها المكان واضعه كفها اسفل ذقنه وقد ضيقت عينيها في حيره من أمرها، مُردفه، سليم والبنات مش شيفاهم خالص. تفتكري راحوا فين؟!

رمقتها نسمه بجانب عينيها ثم رددت بشدقٍ مُلتوي، في حد يلاقي كُل الاكل دا قدامه ويفكر في البنات.
السيده خديجه بهدوء: خير.
أعادت نسمه بصرها حيث الطعام همّت بملأ فمها بالكثير منه وراحت تمضُغه في تلذذ. لتجد شخصًا يقترب منهما بحلته الرسميه الخلابه، توقفت عن المضغ لبضع ثوان بينما تابع هو بنبرة هادئه، أزيكم سيداتي الجميلات!
إنتفخ فمها بالطعام وهي تهتف بنبرة غير مفهومه، زي الفل يا حليوه إنت.

زياد قاطبًا حاجبيه بعدم فَهم: نعم؟!
السيده خديجه مُقاطعه بتوتر: معلش أصلها بتحب الاكل شويه.
بادرها زياد بإبتسامه هادئه ثم تبعها قائلًا في ترقُب وافر، نسمه مش كدا.
وقف الطعام في حلقها وأخذت تسعل في إختناق ليُناولها هو كوب الماء الموضوع امامها قائلًا، اتفضلي.
تناولت الكوب منه ومن ثم إرتشفته علي جُرعه واحده وبعدها رددت بإبتسامه عريضه، ميرسي. إنت جركن مان اوي.

زياد ضاحكًا: لا حضرتك انا جردل. اهم حاجه الدقة، ما إنتِ فاهمه بقي وكدا.
أطلقت نسمه ضحكه عاليه ثم رددت بتلقائية، دا إنت مسخره.
رفع زياد أحد حاجبيه ثم تنحنح بهدوء قائلًا، احم. طيب المفروض، إني هوصلكم للبيت دلوقتي.
خديجه بإستغراب: وفين سليم.
بادرها زياد يإبتسامه هادئه ثم تنحي جانبًا مشيرًا لهما بالتحرك قائلًا، سليم في مشوار مهم جدًا ومعاه البنات.

أومأت خديجه برأسها مُتفهمه لتتجه صوب سيارته وتبعتها نسمه التي ما أن دلفت داخل السياره وبدأ هو في قيادتها حتى رددت بمرح، عندك اغنيه يا بتاع النعناع يا منعنع. اصلي بموت فيها.

زال البأس. الف سلامه عليك، مفيش اي خوف ولا إصابه حتى وتقدر تخرج النهارده، وطبعًا في اي وقت تقدر تقدم بلاغ عن اللي حصل لو شاكك في حد معين.

أردف الطبيب بتلك الكلمات في هدوء وهو يربت علي كتف سليم الذي يجلس إلى الفراش البسيط داخل إحدي المشافي الحكوميه، وقد أُسعف تمامًا ن من بعض الجروح السطحية التي أصابته بينما إبتسم بدوره مُرددًا في هدوء، شكرًا يا دكتور.
تابعت روفيدا بصوتها الباكي وهي تجلس بجانب شقيقها وتحتضنه في حنو قائله، خوفتني عليك يا قلبي، ربنا يحميك لينا.

جلس ماجد إلى مقعده الخشبي المجاور للفراش ثم ردد بنبرة مهمومة، تفتكر مين اللي عاوز يأذيك.
إنتقل سليم ببصره إليها ليجدها مستنده إلى نافذه الغرفه في حاله سكون من أمرها وبدي الحزن جليًّا علي قسمات وجهها، ليتشدق بالكلام قائلًا بنبرة هادئه، واقفه كدا ليه يا نوراي. تعالي هنا.

أغمضت عينيها في بُطء لتنساب عبره ساخنه علي وجهها، وهنا أخفضت رأسها في آسي، عقد سليم حاجبيه في إستغراب. ثم تنهد بهدوء وهمّ بالنهوض عن الفراش، لتردد روفيدا بإعتراض، رايح فين يا سليم!
سليم بنبرة هادئه، ل أوشين. طالما مش عاوزه تيجي اروحلها انا.
باغتته نوراي بإبتسامة لم تصل إلى عينيها ثم إتجهت بخطواتها السريعه ناحيته مُردفه بنبرة واهنه، جيت اهو، استريح بقي.

عاود سليم الجلوس مجددًا إلى الفراش، بينما جثت هي علي ركُبتيها واضعه رأسها علي فخذيه تبكي في صمت، تنهد سليم بقوة وراح يُمرر أصابعه بين خُصلات شعرها الناعمه مُردفًا بثبات، حد إتعرضلك؟!
نوراي توميء برأسها سلباً: لا، سليم بإستكمال: تعرفي حد من اللي عملوا كدا؟!

انهي سليم جُملته وهو ينظر إلى ملامحها نظرات ذات مغزي وكأنه يستنبط منها شيئًا ما. ثم احكم قبضته على ذراعيها حتى إنتصبت جالسه بجانبه إلى الفراش محاوله تجنب نظراته إليها، وهنا تابع بنبرة ثابته: عاصم هو اللي عمل كدا!
حملقت به في قلقِ وأخذت تهز رأسها عدة مرات نافيه حديثه بينما تابع ماجد بإستفهام، عاصم! مين عاصم!
سليم بشرود قليلًا: واحد فكر يمد إيده وياخد حاجه ليا.

نوراي بتلعثم قليلًا وعصبيه خفيفه توحي بضعفها لما عايشته، قولتلك مش عاصم. دول كانوا ناس ملثمين يا سليم.
سليم بنظره جامده لها: وبتدافعي عنه ليه!
روفيدا مُتدخله: انا مش فاهمه اي حاجه، بس مش وقت عصبيه وخناق.

في تلك اللحظة نهض سليم عن الفراش مجددًا وهو يتعكز علي ذراعه للأتزان لتلتقط هي ذراعه في قلق دون أن تنظُر له، سليم بثبات ونبرة جافه: مصدقك بس ليه مش عاوزه تبصي في عيني؟!، ومن ثم إستئنف حديثه مُرددًا بنبرة ثابته، خلونا نرجع البيت، علشان امي ما تقلقش.

سارا خارج المشفي، لم تكُن متشبثه به ليستند عليها فحسب، بل أرادت أن تحتمي به، لا تعلم ما ينتظرها في غيابه. ولكنها ستتحمل ما يحدث ليكن هو بخير، قاد ماجد سيارته عائدًا بهم حيث المنزل، وقد خيّم الصمت علي الأجواء، كُلًا منهم شاردًا في عالمه الخاص المليء بالصراعات والنزاعات حتى الحُب الدامي أيضًا، إصطف ماجد سيارته اسفل البنايه، ليترجل سليم منها بهدوء وتأوه خفيف، لتُسارع بإلتقاط كفه مُردفه بنبرة حزينه، حاسس بأيه؟!

سليم بثبات: كويس.
دلفوا جميعًا داخل البنايه وما أن صعدوا الدرج وقامت السيده خديجه بفتح الباب، حتى شهقت في فزع وهي تلطم صدرها مردده بفزع، ابني! سليم. مالك؟!
بادرها سليم بإبتسامة هادئه ثم تابع وهو يحتضنها إليه بحنو، حادثه بسيطة يا ست الكل.

في صباح يومًا جديدًا، برغم شعوره بالألم. يفكر بها، تقف امام نافذه الغرفه وقد تسللت الشمس إلى وجهها لتُبرز جمال عينيها وكذلك أصبح النمش في وجهها ك ضوء خافت، إكتسب ضيه من أشعه الشمس، يراقبها هو من فراشه. لم تكتمل الصوره بعد. جميله هي، ولن يكُن لجمالها شبيه ولكن هذه الصوره التي تُدخل السرور علي قلبهِ، ينقصها شيء ما...

ماذا يفعل لكي يجعل الصوره في ابهي بريقها، ماذا تُخبيء هي عنه. وكيف تغيرت في ليلٍ وأُمسيته، رمقهُ السيد ناجي الذي يجلس قبالة في الفراش ومن ثم إنتقل ببصره إليه قائلًا، المهم إنك بخير يابني.
إرتسمت إبتسامة هادئه علي شفتيهِ، بينما تابع ماجد بنبرة مرحه، الحاج ناجي بنفسه، صارع صحته وقرر يخرج من بيته. دا انت اغلي مني بقي يا سليم.

ناجي بضحك: هو انا ليا غيركم. ربنا ما يورينا فيكم شر.
السيده خديجه مؤمنه علي حديثهِ: اللهم امين.
نهضت روفيدا من مكانها. لتميل بجسدها للأمام قليلًا واضعه قُبله حانيه علي جبين شقيقها، همشي انا علي الشغل. مش هتأخر يا قلبي.
تنحنح ماجد قليلًا قبل أن يضيف قائلًا.
انا بردو رايح الشغل تحبي اوصلك.

إتجهت روفيدا ببصرها ناحيه شقيقها، تُحاول معرفة رأيه فيما سمعه، ل يبتسم لها في هدوء وقد اوميء براسه موافقًا، يثق بشقيقتهِ تمام الثقه. لا تخطو خُطوه إلا بعلمه، ولا تتخذ قرارًا سوي بالرجوع له. ليست مُجبره بل عاشقه ل حنان شقيقها، وأيضًا يثق بمباديء السيد الناجي التي زرعها في ابنه، فقد تأخاه سليم لوفائه لوالده قبل حُبه الصادق ل سليم، تابع سليم بنبرة هادئه مُتجهًا ببصره إليه، أختي امانه معاك.

ماجد بتفهم: امانتك هي امانتي يا صاحبي.
ترجلت روفيدا علي الفور خارج الغرفه وكذلك تبعها ماجد وهنا رددت خديجه بهدوء، اما اروح أكمل الاكل.
وما أن ترجلت خارج الغرفه، حتى دلفت نسمه إليها مُردفة بتساؤل، عامل ايه دلوقتي يا حُبعمرري!
سليم بضحك: بس يا نسمه مش فايقلك.
نسمه وهي تميل ناحيه أذنه قليلًا مردده بنبرة هامسه، البت الفلبينيه مزعلاك في حاجه.

سليم بنبرة جامده: مخصوم منك يوم، مش المفروض إنك إستلمتي التدريس في الفرع اللي في الحي! متأخرة علي شغلك ليه بقي.

نسمه بغيظ: ما انا كُنت بدي الواجب ل خالتي.
مسح سليم علي وجهه بنفاذ صبر. ثم بادر قائلًا، امي قررت تنضم لصفوف محو الاميه.
نسمه مُقاطعه: إنت زعلان زيي مش كدا. وانا بردو، مين هيعملنا الاكل بعد كدا.

أطلق السيد ناجي ضحكه طويله علي حديثها بينما قاطعهم صوت خديجه وهي تدلف داخل الغرفه تحمل صينية الطعام وتدمدم بنبرة غير مفهومه وما أن وضعتها علي الفراش حتى رددت، يلا كلوا بقي. وانا قاعده برا بذاكر. لو احتاجتوا حاجه نادوا عليا.
سليم بضحكه خفيفه: بتذاكري ايه يا غاليه!

إعتدلت السيده خديجه في وقفتها بكُل ثقهٍ ومن ثم إرتسمت إبتسامة عريضه علي وجهها وهي تمسك الكتاب بين يديها قائله بنبرة بطيئه، (أ). أرنب، (ب). بطة، (ث). حنش.
كانت تُتابعهم في صمت وفجأه أصدرت ضحكه رغمًا عنها، ليلتفت لها سليم بنبرة مصدومه من كلمة والدته الأخيرة ثم توجهه ببصره لوالدته من جديد قائلًا بنبرة مصدومه، حنش!

صرت نسمه علي اسنانها ثم رددت بنبرة مُغتاظه، متوجهه بحديثها ناحيه السيده خديجه، كام مره اقولك اسمه ثعبان يا خالتي، احرجتيني قدامهم.
السيده خديجه وهي تضرب غُرة راسها بكفها، يوووه. معلش يا بنتي، انا واحده كبيره في السن وبانسي، ومن ثم حكت ذقنها بأحد أصابعها قائله بشرود، يعني كانوا بيضحكوا علينا، طول السنات دي ويقولوا عليه حنش!
نسمه بذهول: السنات!

لَم تتمالك نفسها أكثر من ذلك، فأطلقت ضحكه رقيقه علي حديثهم الكوميدي. جدحها هو في هُيام. ل كم إشتاق لرؤيه إبتسامتها التي أُختفيت فجأه دون سبب واضح، وهنا تابعت نسمه بغيظ: رفعتيلي ضغطي يا خالتي. اما الحق شغلي.
إتجهت نسمه خارج الغرفه وكذلك تبعتها السيده خديجه بينما إلتفت السيد ناجي إليها ثم تابع بنبرة حانيه، تعالي اقعدي جنبي يا نوراي.

إتجهت إليه بخُطي هادئه وما ان جلست بجانبه حتى قام بإحتضانها في حنو قائلًا، مهمومه ليه بس يا بنتي!
ترقرقت الدموع في عينيها. أخفضت بصرها عنه مسرعه لتتواري بهما في أحضان السيد ناجي، تنهد بعمق في تلك اللحظه. ومن ثم تابع بعصبيه خفيفه، بتعيطي ليه يا نوراي. ايه اللي بيحصل معاكِ، فاهميني!
نوراي ببكاء: كُنت خايفه عليك. مفيش حاجه تاني.

أغمض سليم عينيه بنفاذ صبر، ليميل قليلًا للأمام ومن ثم يحكم قبضتة علي ذراعها قائلًا بثبات، تعالي هنا.
تحركت نوراي قليلًا حتى وصلت إليه، ليحتضنها في حُب جارف ويطبع عدة قُبلات علي جبينها، سَعد السيد ناجي لصدق العلاقه بينهما، ولكنه أيضًا يشعُر بشيء خفي، غير واضحه معالمه، وهنا ردد بهدوء، انا موجود في البلكونه. هقرأ الجورنال دا.

أجهشت نوراي في البكاء مجددًا وقد تشبثت بقميصهِ من الخلف، قطب حاجبيه في إستغراب وهمّ بفتح شفتيه لقول شيء ما، ليجدها تردد بنبرة مُختنقة، اوعي تكرهني يا سليم. محدش هيحبك قدي، كُنت هموت وإنت قدام عيني وبتروح مني. انا جبانه وإنت مش هتقدر تحميني طول ما انا بخاف من كُل حاجه وبنسحب. اوعي تكره اي حاجه هعملها او عملتها. او أكرهني عادي، بس إتأكد تمامًا إني ليك وهفضل. ما تنسانيش أبدًا وخليك جنبي مهما رفضت انا دا.

صوب سليم بصره في الزاوية امامه ثم ردد بنبرة مستفهمه، ايه مناسبه الكلام دا يا نوراي! واكرهك ليه؟!، ومين قالك إني هنساكِ او إنك هتبعدي عني!
نوراي بحُزن: بفضفض يا سليم. بس اوعدني إنك مش هتكرهني في يوم من الأيام؟!، اصل انا خايفه، خايفه اوي يا سليم.
سليم رافعًا ذقنها بكفه: ريحي قلبي، وقوليلي فيكِ ايه؟! ما تسكوتيش علشان خاطري.

نوراي بدموع وبنبرة حانيه حين وضعت وجهه بين كفيها، فيا إنت. ولما بتتوجع. روحي انا اللي بتخرج. صدقني انا بس مخضوصه عليك.
وضع سليم كفه علي كفها في تلك اللحظه ثم قبل باطنه بحُب جارف، بس انا بخير دلوقتي. اوعي تخافي.
بادرته نوراي بإبتسامة مُنهكه ثم اردفت قائله، هروح ارتاح شويه. ونكمل كلامنا بالليل.

إتجهت نوراي علي الفور خارج الغرفه بينما أطل السيد ناجي مُجددًا ثم تابع بهدوء، تفتكر عاصم دا. إتعرضلها. ماهو مش معقول كلامها دا يكون من الفراغ!
إحتقن وجهه بالدماء وقد تطاير الشرر من عينيهِ قائلًا بصوتٍ حادٍ، أقتله، انا مش راضي اضغط عليها لحد ما تهدي. بس قريب كُل حاجه هتبان وتنكشف، ولو هو فعلًا اللي عمل دا. او كان السبب في دموعها. تبقي الحرب بينا بدأت ويا قاتل بقوة يا مقتول بشرفي.

ناجي بهدوء: اهدي يابني. لحد هي ما تهدي، وما تتسرعش وتودي نفسك في داهيه.
سليم بإبتسامة مُتهكمه: بالعكس دا انا هريح العالم من شره.

ظلت تنتقل بين المقاعد الخشبية في خفه ونشاط. تتفاعل مع الجالسين بالفصل، كبار السن كانوا او صغارًا. ولكن رسالتها واحده وهي التغلُب علي أُميه مجتمعها وإضافة إنجاز جديد إلى ملف حياتها بهذه الدُنيا، تنهد بأريحية وهي ترتسم إبتسامة حانيه علي ثغرها قائله، اتمني تكونوا. إستفدتوا. بالمعلومات من اول يوم...

توالت الثناءات علي مسامعها من قبل الجميع، وتعالت ضحكاتها مودعه إياهم، وما ان أنهت ذاك الكورس حتى جلست إلى مقعدها لتجده يتقدم بخطواتهِ نحوها، ها. خلصتي شغل، نمشي!
أومأت روفيدا برأسها إيجابًا. لتنهض بسرعه مُلتقطه حقيبه يدها. ليباغتها هو قائلًا بنبرة هادئه، شايفك مبسوطه!

روفيدا بهدوء: فوق ما تتخيل. ما تعرفش. انا حلمت باليوم دا قد ايه، كفايه الدعوه اللي باخدها من ست كبيره، لمجرد إني علمتها حرف. تقريبًا مفيش فرحه احلي من كدا.

ماجد بإعجاب: حلوه البساطه، اللي في شخصيتك دي.
روفيدا بثبات: البساطه اسلوب حياة والتكلُف بيخنقني. بحسه ما يشبهنيش أبدًا.
إتجها في الحال خارج البنايه، وقد طال الحديث بينهم. فلأول مره يستمع ل شخص دون ان يكل او يمل، تجذبه شخصيتها البسيطه رغم طموحها الذي لا يُمكن كبح جماحه. والمتواضعه رغم جمالها الهاديء. الذي كثيرًا ما يتشابه مع شخصيتها الراسخه دون تزعزُع.

وضع سماعة الهاتف علي اذنه، أثناء جلوسه خلف مكتبه، يُتابع حديث كمال اليومي المتعلق ليس فقط بنوراي، بل الذي يشمل عائله سليم بأكملها. فقد جعلهم نصب أعينه. ليستخدمهم كورقه رابحه في الوقت المُناسب.

في تلك اللحظه أغلق الهاتف معه، تم همّ بكتابه رسالة ما لبضع لحظات. وهنا إبتسم هو بتشفي ما أن انهي كتابته ثم وضع الهاتف جانبًا. مُردفًا بجمود، نورتي القصر يا عروسة.

علي الجانب الاخر، أمسكت بهاتفها الذي اعلن عن مجيء إتصالًا لتوه. لتجحظ عيناها في صدمه وأخذت تجوب ببصرها بين سطور الرساله بجنون مردفه، عدي يوم. بكرا الصبح تكوني في القصر. مستنيكِ، اه صحيح. ما كونتش اعرف إن سليم عنده اخت حلوه كدا، وضعت كفها علي فمها وقد إرتعشت أطرافها في خوفِ. فهي تعلم تمامًا ما يقصده، وهنا أجرت إتصالًا بها وهي تُردد بخوفِ جارفِ، ردي يا روفيدا. ردي. ردي!

في تلك اللحظه سمعت صوتها الذي يشوبه السعاده قائله، أيوه يا أوشين!
نوراي وقد تنفست الصعداء لتردد بنبرة مُتلعثمه، إنتِ فين يا روفيدا!
روفيدا بإستغراب: كُنت في المؤسسه يا بنتي ودلوقتي في عربيه ماجد وراجعين.
نوراي بهدوء: ماشي يا حبيبتي. ما تتأخريش.

لَم تنتظر رد روفيدا علي كلماتها بينما خارت قواها علي الأريكة وقامت بوضع وجهها بين كفيها، تلاحقت أنفاسها في قوة وإختناق. وأخذت تهتف بنبرة مكسورة فهي الآن مغلوبه علي أمرها، الظاهر امام الجميع عند رحيلها. بأنها ذهبت طواعيه ولكن في حقيقيه الامر، عاندها قلبها ورفض ترك مالكه. وبهذا ستذهب من هُنا جسدًا دون قلب او روح،!

في تلك اللحظه أبعدت كفيها عن وجهها، عندما سمعت نبرآت السيده خديجه التي تهتف في غضب وإعتراض علي شيء ما، ومن ثم سمعت صوته يهبط الدرج بصُحبه السيد ناجي مُردفًا بنبرة ضاحكه، انا زي الفل. لازم اشوف اكل عيشي سلام.
إستند السيد ناجي علي مرفقيهِ حتى هبطا الدرج ليجدها تفتح الباب ثم أطلت منه مُردده بنبرة جامده، سليم. عاوز تعرف انا متغيره ليه؟!
سليم مُضيقًا عينيه بترقُب: طبعًا.

إبتلعت ريقها بصعوبه وبدأت ملامحها تأخذ مجري الحده والقساوة لتُتابع بثبات ناظره إلى عينيه هذه المره، علشان. ما قدرتش اتكيف معاك في المكان البسيط دا. كُنت فاكره، إن الحُب كُل حاجه. بس طلع تفكيري غلط. انا إتربيت علي كُل حاجه غالية، اه وكمان انا إتعودت عليك فقط، مش أكتر من كدا. علشان حسيت معاك إحساس مختلف، لكن انا ما حبيتكش.

بادرها سليم بإبتسامة مُتهكمه قائلًا: وايه تاني؟!
نوراي بإختناق تحاول إخفائه: وعاوزه ارجع القصر. اللي بيننا ما كنش المفروض يحصل. إنت مش من مستوايا، وغلطتي إني ما حسبتش لنقطه زي دي من الأول. ياريت اللي بيننا ينتهي.
جدحها سليم بنظرات ثابتة دون أن يتفوه بكلمه بينما تابع السيد ناجي بصدمه، ايه يا بنتي. اللي بتقوليه دا!
سليم مُقاطعًا بحدة: هددك بأيه يا نوراي!

رمقتهُ بنظرات غاضبه. لا تعلم أهل أجادت التمثيلية بنجاح. ام انها رسبت بالمحاوله، إشتدت حدة عينيها أكثر ثم تابعت بنبرة جامده، ما هددنيش بحاجه. عاصم مالهوش علاقة بقراري. انا يا اخي مش بحبك.
أومأ سليم برأسه في ثبات، ليلتقط ذراع السيد ناجي مُجددًا ثم يُتابع كاظمًا غيظه، ادخلي جوا. ولما تهدي نتكلم. كفايه ضغط عليا لحد كدا.

والته هي ظهرها علي الفور بينما إتجها معًا للخارج ليقود سليم سيارته بعصبيه خفيفه، أطلقت صرخه مُتألمه وهي تستند بظهرها إلى باب المنزل وأخذت تضع كفها علي يسار صدرها في إختناق...

ثم إنتقلت ببصرها إلى هذه الحقيبة التي أتت بها من ذاك القصر ومن ثم تحملها مُجددًا حيث جاءت بها. قائله في بنبرة مُختنقه، سامحني يا سليم. غصب عني والله.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة