قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني والأربعون

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني والأربعون

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الثاني والأربعون

استحضر عقله إينذاك كُل الذكريات المُتعلقة بهذه الكلمات، نحا ببصره إلى كمال وهو يتذكر تشنُجات وجه والدهُ حينما كان يُردد دائمًا، البوليس لقي جُثه لطفل في شُحنه العربيات! في واحد من العصابة موجود معانا في الشركة يا عاصم!

ظل صوت والده يتردد في خلايا عقله وأخذ صدي كلماته تلك يضرب به في شيء من التيقظ، نعم كان والدهُ علي حق!، تنهد في تلك اللحظة تنهدًا ممدودًا بعمقٍ لتأخذه قدماه حيث الزاويه التي يجلس بها كمال ومن ثم ردد بإبتسامة توحي بمدي استغفالهُ من حيث لا يعلم، لأ. دا مش بس دراع رئيس العصابة اليمين، دا كان دراع أبويا اليمين في الشركة بردو.

رمقهُ كمال خيفة من ردة فعله، وأخذ يعود بجسده في أخر الزاوية في احتراس شديد من هجومهِ وبالفعل هجم عليه عاصم وما أن رفع قبضته كي يطيح به حتى وجد سليم يمسك بذراعه في محاولة لإزدجاره عن هذا الفعل، سليم بثبات: بلاش يا عاصم، مش دا الحل.
تشنجت فرائصه بشكل ملحوظ، وهنا جلس القرفصاء أمام كمال محاولًا كظم غيظه علي جنب، وديتوا نسمه فين!
كمال بفزع: انا ماعرفش حاجه عنها.

كشر عاصم له عن أنيابه وراح يقبض على عُنقة بقوة، بينما إتسعت حدقتا عينيه وصعب عليه إلتقاط أنفاسه هاتفًا بإستغاثه، هموت، هموت.
قام سليم بإبعاد عاصم علي الفور وأخذ يهدر به بنبرة صارمة، أهدي بقي هتموته!
قبض سليم علي ذراعه في ثبات ومن ثم إصطحبه للدلوف خارج الغرفه وهنا أخذ عاصم يُردد بنبرة رخيمة، مش هيكفيني عُمرك وأهلك كُلهم لو جرا لها حاجه، وهتعترف غصب عنك.

قادهُ سليم خارج الغرفه علي الأثر، فقد رأي الغضب باديًا علي وجهه حتى تحول لكُتلة من الجمر وهنا تابع سليم بنبرة هادئه...

حاول تتحكم في أعصابك أكتر من كدا، شكلنا هنتعب معاه علشان يعترف عن مكانها.

إنزوت في زاويه من الغرفه، أمسكت بالطعام بين كفها وما أن أرجعت رأسها للخلف قليلًا حتى أغلقت عينيها في إرهاق، بينما رمقها رمضان بتساؤل، يخيبيتك!، بتنامي حتى وإنتِ بتاكيي!، نسمه!، يا فياشه!
إنتبهت نسمه لصراخه بها، فركت عينيها بأحد كفيها ومن ثم رددت بنبرة ناعسة، في أيه يابني!
رمضان وهو يشير للطعام القابع بين أصابعها: تنامي وتاكيي، الإتنين!

في تلك اللحظة وضعت نسمه الطعام جانبًا، ومن ثم إستدارت ناحيته بكامل جسدها لتُطالعه مُردفة، إنت شغال أيه هنا!
رمضان بسعادة: بجيب لليجاله أكي وسجاييي، بسعي ويا يقمه عيشي يعني.
نسمه بضحكه هادئه: إنت ألدغ في الراء واللام!، ومع ذلك كُل كلامك عبارة عن راء ولام. بقولك أيه بقي، انا محتاجه فون يا صاحبي!

ضيق رمضان عينيه في إندماج ومن ثم تابع بتساؤل: يماذا يا صديقتي!
نسمه بإمتعاض مصطنع: علشان أهلي زمانهم قلقانين عليا، ف انا هتصل بيهم أطمنهم.
رمضان وقد ترقق لحالها: إنتِ صح، قوييهم إنك عند العصابة عشان يتطمنوا.
نسمه في قرارة نفسها: يا أهبل يا أبن الهبلة
ومن ثم إستئنفت حديثها بإبتسامة عريضة: حاضر، وهقول لهم، يمضان بيسلم عليكم.

إتجه رمضان صوب الباب في تلك اللحظة وقد أمعن النظر في الطُرقة ومن ثم إلتفت لها ثم تابع بنبرة خافتة...

هاجي تاني.
أومأت نسمه برأسها في تفهم، وقد رسمت إبتسامة خفيفه علي شفتيها وما أن ترجل هو خارج الغرفه حتى رفعت كفيها للأعلي وقد جأرت إلى الله ليسمع دعائها حيث تابعت بهمس، يارب، أنقذني منهم في أقرب وقت.
علي الجانب الأخر.

جلس أحد الرجال أمام التلفاز يُتابع بثًا مُباشرًا لمباراة كرة القدم، بدأ يرفع فنجان القهوه إلى فمه ثم يرتشف منه جُرعة تلو الأخري، مد الليل ستارهُ في الغرفة، وقد قصد رمضان هذا الرجل لإصابته بعشوة في عينيه حيث يسوء بصره عن الأشياء ليلًا، كان يضع هاتفه النقال بالقرب منه في حين جثي رمضان علي ركبتيه ومد يده إلى الهاتف حتى استطاع القبض عليه بهدوء شديدًا وسرعان ما تمهل في وقفته مجددًا ليمشي علي أطراف أصابعه عائدًا إلى الغرفة...

ما إنت لازم تسمعني يا فؤاد!
أردفت إلهام بتلك الكلمات وهي تضرب علي سطح المكتب بكفيها، ومن ثم قرّبت وجهها منه أثناء جلوسه إلى مكتبه مردفة...

انا أه ما بحبش البنت دي، بس ما خطفتش حد!
إِفتر ثغرهُ في الحال عن إبتسامة خفيفة ومن ثم قرب كفه منها ليمسح علي وجنتها بثبات، اهو دا نفس السؤال اللي بسأله لنفسي، خطفتيها أزاي!، ومين اللي ساعدك في دا!

أجفلت عينيها بقوة ومن ثم أزاحت كفه عنها وهي تُردد بعصبية خفيفه، مش هيفرق معايا تصدق أو لأ، بس دي الحقيقه وما أعتقدش إن هيكون في غيرها.
فؤاد بثبات: أتمني إن دي تكون الحقيقة فعلًا.

تراصت الأحجار جنبًا إلى جنب أمام الباب الرئيسي للصالة الرياضيه، كان يضع رأسه بين كفيه في إرهاق، تشخصت صورتها أمامة وكُل ما فعلته من أجلهِ ود لو يستطع الإطمئنان عليها، فقد اِلتاع قلبهُ شوقًا لها وخوفًا من فقدها، عاد من ذكرياته معها عندما وجد سليم يربت علي ظهره في ثبات ومن ثم مد يده له بكوب من القهوة، أمسك.
رمقهُ عاصم بنظرات هادئه، بينما تابع الأخر مازحًا...

ما تقلقش مش حاطط لك فيها سم!، قهوة عادية.
إلتقطها منه عاصم بإبتسامة باردة تخلو من معالم الحياة، عرف عاصم حياه صعبة وما برح أن أحس ب لين الحياه معها حتى وجدها تضيع منه في طُرقات مُتشنكة ليس لها نهاية...

عاصم بهدوء: العُمر واحد والرب واحد يا سليم، انا ماكُنتش أتخيل في يوم، اننا نقعد مع بعض قاعده زيّ دي، كُنت فاكر إن الدنيا بتتاخد بالدراع أو يمكن إتربيت علي المبدأ دا، أتمني تنسي أي حاجه أذتك وكُنت انا سبب فيها، صعب أوي لمّا الحياه هي اللي تشكلك علي كيفها، وتخلق منك شخص إنت كارهه بس أدمنت أساليبها خلاص، بقيت بتجري في دمك وتغلط ولمّا تفوق تبقي مش عارف إنت مين ولا عملت كدا أزاي حتي!، حاسس إن انا كُنت في غيبوبة وفوقت منها وكُل دا بفضلها.

أرخي جفونه لوهلة فقد استهجن أفعاله السابقة، رغم صفاء قلبه من كُل حقد، كان سليم يستمع لحديثه بإهتمام وما لبث الأخر أن أفضي لهُ صفحته وما تعرض له مُنذ طفولته التي لم يعش فيها طفلًا لمرة واحدة...

تنهد عاصم بعمقِ لم يكُن من السهلِ التئامُ الجُرحِ المنحوت في قلبهِ، ولكنه بدأ يدفن هذه الذكريات بدفعة قوية منها، فقد كشفت سجيته عن مدي السلام بها وأصبح يؤمن بأن لكُل قاسٍ أسبابه ولكُل سببٍ شفاء قد يتشخص في روح تؤمن بأبعاد شخصيتة كُلها...

عاصم بإختناق: انا قلقان عليها.
رن هاتف سليم في تلك اللحظة، وما أن وجد اسمها علي شاشته حتى أجاب بحنو، أيوه يا نوراي!
نوري بإرهاق ونبرة أشبه للبكاء: تعبانة يا سليم.
نهض سليم من مكانهِ علي الفور ومن ثم ردد بنبرة قلقه، عشر دقايق وهكون عندك.
أغلق سليم الهاتف وراح يُردد بثبات: مضطر أوصل للبيت، وراجع تاني بلاش تستخدم معاه العُنف، ماجد هيكون معاك ولو إتكلم، إتصلوا بيا.

أومأ عاصم برأسه إيجاباً، ومن ثم نقل بصرهُ إلى الفراغ أمامه يبحث عن ذكري أخري معها...

جبتي التليفون دا منين!، إنطقي!
أردف الشاب (سعيد)، بتلك الكلمات في تساؤل وقد تطاير الشرر من عينيه وهو يقبض على ذراعها بشراسه أخافتها...

رمقته نسمه بنظرة مرتجفة، ومن ثم إتجهت ببصرها ناحيه رمضان لتجده منكسًا ذقنه في خوف وهنا تلعثمت في عباراتها قليلًا قبل أن تُردد بثبات، سرقته من الجدع اللي قاعد برا، وبعدين انا عاوزه أخرج من هنا وأبعد إيدك دي عني!

حدق الشاب بها بملامح متشنجة فقد ضجر من صراخها به ليرفع قبضته للأعلي وراح يلطم وجنتها بتشفي قائلًا بنبرة جامده...

لو صوتك طلع تاني، هقتلك وأدفنك هنا حيه أوي تفتكري يا حلوة إن حد هيدور عليكِ! إنتِ خلاص هتنورينا هنا لحد ما نزهق منك وأهو نتسلي حبتين.

أخافتها نظراته تلك وراحت ترتد بخطوات وئيدة للخلف حتى إصصدمت بالحائط وقد أخفضت بصرها هربًا من ملامحه المقززه وما لبث أن صفق الباب خلفه حتى أجهشت هي في البكاء وقد دب الرعب في أوصالها، خشيت أن ينساها الجميع وتبقي أسيره هذا المكان...

طيب أستأذن انا يا جماعة، نتقابل بكرا في الشركة يا سليم، يالا يا آلاء
أردف زياد بتلك الكلمات بعد أن أمسك كف زوجته، بينما تابع سليم بهدوء، تمام.
إتجه بزوجته خارج البنايه، وقبل أن يدلفا داخل سيارته تابعت آلاء بضيق: عاوزه أمشي يا زياد، بلاش العربية.
قطب حاجبيه في إستغراب فقد استشعر التغير في ملامحها، أغلق الباب مرة أخرى ومن ثم وقف قبالاتها مُباشرة وبنبرة حانيه تابع، آلاء، مالك!

أنهارت باكية في تلك اللحظة، ومن ثم ألقت بنفسها بين أحضانهِ. أبعدها زياد عنهُ قليلًا ليهتف بقلق، في حد ضايقك.
ثبتت مُقلتي عينيها إليه مُباشرة وقد اغرقت الدموع جفونها وبنبرة واهنة تابعت، انا مش هبقي أم يازياد، مش هعرف أجيب لك بيبي، طلع عندي عُقم، ما بخلفش.

أسبل أجفانهُ في صدمة ألجمته عن الحديث، فقط إكتفي بالنظر إلى ملامحها المُنهارة بينما إبتلعت غصه في حلقها عندما رددت بثبات، طلقني يا زياد، مش عاوزه أكمل.
أنهت جُملتها تلك لتنزع دبلتهُ من أصابعها ومن ثم مدت يدها لتلتقط كفه وراح تبسطه بهدوء حتى وضعت الدبله به، وما كان منها إلا أن أقتربت من خده ثم طبعت قُبله حانيه عليه وقبل أن تبتعد من أمامه تابعت قائله...

مستنيه ورقة طلاقي.
نظر إلى الدبله القابعة بين كفه، وكأنه تدارك لمّا قالته لتوه لتسقط عبرة ساخنة علي خده...

تمددت بجسدها علي الأريكة فقد إرتفعت درجة حرارتها بشكل ملحوظ، شرعت روفيدا في عمل كمادات ساخنه لها، بينما تابع سليم بنبرة هادئه، حرارتها نزلت يا روفا؟!
روفيدا وهي توميء برأسها إيجاباً: شويه، بقولك هو ماجد هيتأخر في الشغل؟!
سليم بحنو وإبتسامة هادئة: ما تقلقيش عليه، عنده شغل مهم هيخلصوا ويرجع.

في تلك اللحظة مال سليم بجذعه للأمام، ومن ثم حملها بين ذراعيهِ مُتجهًا بها داخل الغرفه، أجلسها في الفراش ومن ثم وضع الوساده خلف ظهرها، نظر إلى وجهها الذي مال للإصفرار في حُزن فقد أرهقته الكثير من المتاعب ولكن يبقي ضعفها الوجع الأكبر الذي يحني ظهره خوفًا عليها، جلس بجانبها في الحال ومن ثم وضع رأسها علي صدره وباليد الأخري بدأ يُداعب خُصلات شعرها بحنو مردفًا بنبرة خافتة، نوراي!، انا جيت!

رمقتهُ نوراي بجفون ثقيلة ليفتر ثغرهُ عن إبتسامة هادئة ومن ثم تابع بنبرة حانيه، وحشتيني!
نوراي بإرهاق: لقيتوا نسمه؟!
تنهد سليم بآسي وقد خنقتهُ الهموم وراح يتابع بثبات: هنلاقيها.
نوراي بنبرة أشبه للبكاء: انا مخنوقه أوي، عندي احساس قوي إني هموت، بس مش خايفه، علشان كُل حاجه بتحصل لكم بسببي ولو انا بعدت من حياتكم هترتاحوا.

مسح سليم علي وجهه بإختناق وقد إنقبضت نفسه من حديثها، إبتعد عنها قليلًا ومن ثم تمدد في الفراش دون أن يتفوه بكلمه، رمقته نوراي بإستغراب من صمتهِ لتجده يردد بهدوء فاردًا ذراعيه لها...
تعالي!

وبالفعل تمددت بجانبه هي الأخرى، ليحاوط خصرها بذراعيه وتتلاقا أعينهما وهنا قرّب هو فمه ناحيه جفنها وراح يُقبله في عشق جارف قائلًا، الكلام دا بيوجعني!، بيوجعني فاهمه احساسي! إنتِ ما فرضتيش نفسك علينا ولا أصلًا دخيله في حياتي، علشان في الحقيقة انا حياتي اتبنت بوجودك، وإنتِ مش سبب أي حاجه. إنتِ كُل مشكلتك مع الناس دي ماضيكِ، بس وقسمًا بالله أدوسهم برجلي لو لمسوا شعره منك. انتِ باقيه في حياتي غصب عنهم وكُل ما يقربوا من الخطوط اللي راسمها حوليكي كُل ما رقابهم هتبقي بين إيدي ومش هيوصلوا لك غير في أحلامهم. خليهم يفتكروا سليم النجدي كُل ما سيرة الموت تيجي قدامهم.

نوراي بنبرة واهنة: نفسي أخفف عنك شوية.
سليم غامزًا لها بحنو: عاوزه تخففي عني!
أومأت نوراي برأسها إيجاباً، تنتظر إجابته بترقب في حين تابع هو بإشتياق، أحضنيني أكتر. وخليكِ واثقة إني في أنقي مكان علي وجه الأرض، حُضنك مسكن للوجع أصلًا.

قرّب عاصم الصاعق الكهربائي ناحيته، بدأت شرارته تلمع في عيناي كمال الذي إرتعشت أطرافها خيفة، بينما تابع عاصم بثبات، يعني مش هتعمل خير في حياتك، قبل ما تموت!
كمال بإرتجافة خفيفة: إحنا كُنا قاصدين نخطف نوراي، بس الرجالة خطفوا واحده تانية بالغلط.
تبادل كُلًا من ماجد وعاصم نظرات تساؤلية، ومن ثم أعاد عاصم النظر إليه مرددًا بثبات، مين إنتوا بقي!

تلعثم كمال في عباراتهِ بينما إلتقط ماجد هاتفه للاتصال ب سليم، أراد كمال قول شيء ما ولكنه تراجع علي الفور وظل صامتًا ما يقرُب من ال عشر دقائق بينما هتف به عاصم بتحذير، ما تفكرش تكذب عليا، علشان الكذاب بيروح النار. ماشي؟!
احتبس الكلام في حلقه في تلك اللحظة وقد نبذ قلبه من شدة الخوف وما أن همّ بالإفصاح عن الحقيقة حتى وجد سليم يسبقه قائلًا بجمود، عزيز المرشود وإلهام الدالي. مش كدا ولا أيه؟!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة