قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الثامن

رمقتهُ نوراي بجانب عينيها ومن ثم بهتت إبتسامتها عندما قرأت الجديه في عينيها بينما تفوه هو بنبرة ثابته، الصاله الرياضيه دي بتاعتي. وانا مُدرب كاراتيه.
تنحنحت نوراي قليلاً ومن ثم تباطأت في سيرها ناحيته وهي تُردد بنبرة بلهاء.
وانا بعمل ايه هنا!
إبتسم سليم إبتسامة خفيفه ومن ثم عقد ساعديه امام صدره مُردداً...
ما هو إنتِ، بقيتي تلميذتي.

جحظت عينيها في صدمه، وكذلك فغرت فاهها وهي تهز رأسها يميناً ويساراً في رفض، لا لا لا. كاراتيه ايه؟! دا انا بخاف اضرب نمله بالببش بتاعي. لا يا سليم انا بخاف.

رمقها سليم بنظره واثقه ومن ثم بادرها بإبتسامه حانيه قائلاً...
ودا بقي دوري. انا هنا علشان متخافيش.
في تلك اللحظة أشار لها بالجلوس حيثُ المقعد الخشبي الذي يتوسط الغرفه لتمتثل هي لأوامره دون إعتراض وهنا وقف قبالاتها ثم ردد بتبسيط، هدربك علي الكارتيه. ايه بقي الكاراتيه دا؟!، طبعاً لازم تعرفي ابسط المعلومات عنه. لان مفيش مُتدربه بتكون جاهله بلعبتها.

نوراي بإمتعاض مُقاطعه إياه...
اوووف. انا ما صدقت إتخرجت لسه هذاكر تاني.
إصطكت اسنانه ببعضِهم وبدأ يُغمض عينيه بنفاذ صبر قائلاً...
مش مُذاكره. اسمعي وإنتِ ساكته.
لوت نوراي شدقها وقد إغرورقت عيناها بالدموع حيث تابعت بغيظ...
ما تزعقليش.
سليم ماسحاً علي غُره رأسهِ، بكفهِ ومن ثم إرتسمت إبتسامة هادئه علي ثغره من جديد، حاضر. انا اسف. ممكن بقي تسمعيني.

أومأت نوراي برأسها إيجاباً بينما إستئنف هو حديثه بعد أن أحضر مقعداً اخر ووضعه امامها ومن ثم جلس عليه، الكارتيه، نوع من انواع الفنون القتاليه وبتُستخدم فيه الأيدي والاقدام والرُكب والمرافق كأسلحه، وكلمه كارتيه هي كلمه يونانيه ودا لأن أصل اللعبه يوناني ومعناها اليد الفارغه، وطبعاً اللعبه بتنقسم ل3 مجالات، ألا وهي.

(الكيهون) ودا بالظبط اللي هنبدأ فيه لان دوره بيندرج تحت تدريب الحركات الاساسيه للعبه والمجال الثاني اسمه (الكاتا) والأخير (الكوميتي).

بدي علي وجهها مظاهر الإمتعاض ومن ثم رمقتهُ بنظره حزينه قائله بتلقائية، اسماء. ادويه دي ولا ايه يا كابتن سليم؟!
سليم وهو يضرب كفاً بالأخر: اه ادويه للمغص يا روحي.
أطلقت نوراي ضحكه رقيقه جراء، مُجاراته لحديثِها بينما تابع هو بنبرة هادئه...
طبعاً زيّ لاعب الكارتيه، بيكون جاكيت ابيض وبنطلون من نفس اللون مع حزام في الوسط ودا اللي بيختلف لونه علي حسب مُستوي المُتدرب.

في تلك اللحظة إنتصب واقفاً عن مقعدهِ حيثُ الخزانه الخشبيه الموضوعه في زاويه من الغرفه، تبعته نوراي بعينيها في إستفهام لتجده يقوم بإخراج بذله بيضاء ومن ثم يُلقيها لها مُردداً...

ودي بدلتك من النهارده والحزام لونه ابيض، كونك مُبتدئه وجبانه.
نهضت نوراي عن المقعدِ في غيظٍ وبعدها تابعت وهي تضع يدها حول خصرها...
علي فكره بقي انا مش خوافه.
رمقها سليم بإبتسامه هادئه ومن ثم تابع غامزاً وهو يتجه صوب باب الغرفه...
هنشوف كمان دقايق.

حضرتك، عروض الطلب علي ماركه الدالي كبيره جداً. دا غير إكتساح الماركه بشكل كبير في السوق من غير مُنازع. تفتكر نستجيب لأي عرض منهم؟!

أردف احد موظفي الشركه بتلك الكلمات في حيره من أمرهِ، أثناء ساعه الإجتماع داخل المكتب المُتخصص لمثل هذا النوع من الإجتماعات بينما تفهم السيد فؤاد لحديثهِ ومن ثم ردد بنبرة جاديه، طبيعي يكون في تهافت وطلبات من المُستثمرين علي الماركه، بس دايماً اولويه عالم الأعمال بتكون مع المكان اللي هيظهر الماركه بشكل أكبر من وضعها الحالي.

أومأ الموظف برأسه مُتفهماً بينما إلتفت فؤاد ببصره ناحيه عاصم الذي بدي وكأنه في عالمِ أخر غير مُدركٍ للإتفاقيات التي تتم من حوله، في تلك اللحظة تنهد فؤاد في ضيقِ وبعدها أذن لهم بالخروج.
ترجل الجميع خارج غرفه المكتب بينما ظل عاصم علي حالته ولم يلحظ خروجهم بعد بينما إلتفت فؤاد ناحيته بكُرسيه مُردداً، وهتفضل كدا لحد امتي؟!
إنتقل عاصم ببصرهِ ناحيه والده ومن ثم تابع بنبرة بارده...
لحد ما الاقيها.

تفوه عاصم بتلك الكلمات مُحاولاً تجنُب النظر إلى والده مخافتًا أن يستشعر الضعف به بينما تابع فؤاد بنبرة هادئه نوعًا ما، ممكن تقولي مشاعرك الحقيقه ناحيه نوراي، يا عاصم؟!
كان يشعُر شعور من يمضغُ الحصي او يتجرع الدواء المُر ولهذا قام بوضع يده على عُنقهِ مُردداً بضيقٍ، نوراي ما ينفعش تهرب مني. مش بالسهوله دي اسيبها، ملكي انا، ملكي من زمان وانا ما محدش يفرض عليا بُعده، انا بس اللي اسيب.

فؤاد وهو يفرُك عينيه بأصابعه: بس إنت كدا ما بتحبهاش.
نهض عاصم عن مكتبهِ في تلك اللحظة ومن ثم تابع وهو يتجه صوب باب المكتب، بس انا اللي احق بيها.

إنتِ يا بت يا فلبينيه؟! يا روفيدا!، حد يفتح الباب.
اردفت نسمه بتلك الكلمات وهي تطرُق باب الشقه في ترقُب ونفاذ صبر بينما تابعت السيده خديجه بهدوء...

مش يمكن خرجوا يتمشوا؟!
نسمه رافعه أحد حاجبيها: من غيري؟! لا دا انا ازعل واجيب ناس تزعل اه.
خديجه بضحك: هتجيبي ناس اكتر من كدا ايه؟! ما إنتِ الناس كُلهم اهو. واتضربوا في الخلاط وطلعوا نسمه.

قطع حديثهم في تلك الأثناء إنفتاح باب الشقه حيثُ أطلت روفيدا وهي تفرك عينيها مُتابعه بنبرة ناعسه...

ادخلوا؟!
دلفوا جميعاً للداخل وما أن جلسوا إلى الأريكة حتى تابعت خديجه بتساؤل وهي تجوب ببصرها المكان...

امال فين نوراي يا روفيدا؟!
روفيدا وقد إتسعت حدقتا عينيها: هي مارحتش معاكم السوق؟!
خديجه بإستغراب: لا ما راحتش.
في تلك اللحظة إلتفتت روفيدا ببصرها ناحيه شيء ما ومن ثم تابعت بنبرة مُتحيره...
دا حتى قفص البومه مش موجود؟!
رمقتها السيده خديجه بعدم فَهم وكذلك ضربت علي صدرها بخفه قائله...
يادي النصيبه. بومه ايه؟! ليه التشاؤم دا بس؟!

تمطعت نوراي بجسدها في خفه ومن ثم أرجعت رأسها للخلف مُستنده علي ظهر الأريكة لتُتابع بنبرة هادئه...

دا سليم اللي جايبهالها.
لاااااااااااااا، عاااااااااااا. ازاااااي ولييييه؟!
إتسعت حدقتا عيني روفيدا في صدمه وتأوه من أمرها عندما إنقضت نسمه بكامل جسدها عليها بينما تابعت السيده خديجه بخوفِ...

يالهوي، بنتي هتروح مني، ابعدي عنها يا نسمه البت هتفطس منك.
نسمه وهي توميء برأسها في رفض...
إنتِ السبب يا خالتي. حبيبي هيروح مني. انتِ اللي وافقتي ان البت الفلبينيه دي تقعد هنا. هخطافه الرجاله.

روفيدا ببحه في صوتها: هقوله يجيبلك فيل حاضر. بس ابعدي عني، ابوس إيدك ورجلك.

إبتعدت عنه في بُطء وبدأ العرق يتصبب علي جبينها حتى إلتصقت خُصلات شعرها به ومن ثم تابعت لاهثه، مش قادره كفايه كدا النهارده.

رمقها سليم بنظره حانيه بينما أخذت هي تُبعد خُصلاتها عن وجهها في عصبيه، في تلك اللحظة إقترب منها هو ومن ثم وقف خلفها وبدأ في لملمه خُصلات شعرها في هدوء بشكل كعكه. إلتفتت بوجهها ناحيته ومن ثم بادرته بإبتسامه هادئه تعكس شعورها الداخلي، الذي يتطاير في الهواء إحتفالاً بهذا الشعور الذي لم تعهده من قبل، فهو القاسي الحنون، مُتقلب المزاجيه، التي تتسم ملامحه بالجديه والقسوه وتتسم أفعاله بالرجوله بينما توحي إيماءاته ونظراته لها بشيء مُميز وكأنه يحتضنها بعينيهِ او يُسلط شُعاع نظراته عليها، شُعاع بث فيه كُل انواع الطمأنينة، تنحنحت نوراي قليلاً عندما لاحظ هو إطالتها في النظر له لتقول هي بنبرة مُتلعثمه، شُكراً.

سليم بهدوء: العفو. طيب انا مستني برا وإنتِ غيري لبسك وحصليني.

إتجه سليم بخُطي واثقه صوب باب الغرفه، بينما بدأت هي تتفحص كُل تفصيله به، تُحاول حفظ كُل ما يصدُر منه عن ظهر قلب، تُحاول رسم صورته امام مرآي عينيها حتى وإن لم يكُن موجوداً في الأصل، بدأت هي في تبديل ملابسها، تُقارن هذا الموقف، بأخر مُشابه لها في ذاك القصر. فكانت تخشي أن يقتحم ذاك السادي غُرفتها وينقض عليها بكلماتهِ قبل أفعالهِ المؤذيه فتود لو تُقحم باب غرفتها بالسلاسل والقيود الحديديه، اما هي الآن داخل غرفه بسيطه للتدريب وقد أُغلق الباب بوضع مقعداً خشبيًا خلفه ولكنها في اقصي مراحل الطمأنينة والهدوء النفسي، وبالفعل أنهت إرتداء ملابسها ومن ثم توجهت للخارج لتجده يُحاول جاهداً غلق إطار ساعه يده...

إبتسمت هي في حنو لتقترب منه ومن ثم تُمسك طرفي الإطار قائله بنبرة هادئه...
وادي الساعه اتقفلت.
كبا لون الشمس في هذه اللحظات فقد أطالا التدريب بأمرٍ منه وهنا رددت نوراي بتنحنُح...

احم. سليم؟!
إنتبه سليم لمُناداتها ومن ثم ضيق عينيه بتساؤل دون أن يتفوه بكلمه، بصراحه يعني، انا جعانه.
سليم بتساؤل: وتحبي تاكلي ايه؟!
نوراي بإبتسامه عريضه: اللي إنت هتاكله.
أومأ سليم برأسه مُتفهماً ومن ثم إتجها معاً لتناول شيء ما، تابع السير بسيارته لعده دقائق وبعدها توقف امام أحد المطاعم الخاصه بتقديم (الكشري)، في تلك اللحظة تابع بنبرة مُتسائله...

بتحبي الكُشري؟! ولا تحبي ناكل حاجه تاني. سمك، مشويات، اللي تقرريه إنتِ.
رمقتهُ نوراي بنظره هائمه ولم تتفوه بكلمه بل بالأحري لم تستمع لكلماتهِ وهنا إبتسم سليم إبتسامته الساحره تلك، حيثُ تحمل معها جميع معاني الجمال فتجمع بين الثقه وثُقل الشخصيه، الحنان والحُب، جميعهم كونوا ضحكته تلك، وهنا تابع مُكرراً سؤاله، نوراي. ها تاكلي ايه؟!

إنتبهت نوراي أخيراً لحديثهِ حيثُ تلعثمت بشكلٍ ملحوظٍ وبعدها رددت بنبرة هادئه...

انا عُمري ما أكلته. بس احب جداً اجربه، طالما إنت بتحبه.

أومأ سليم بإبتسامه هادئه ومن ثم ترجلا معاً خارج العربه، بدأ سليم في تناول طبقهِ كذلك فعلت هي وظلت تختلس إليه النظرات، تُتابع طريقته في تناول الطعام وما أن أمسك بزُجاجه الفُلفل الأحمر وبدأ يصُبها في طبقهِ، حتى أسرعت هي بتقريب يدها ونزعها منه، لامست هي كفه عن غير قصدٍ ومن ثم أصرت علي نزع الزُجاجه منه وهي تُردد بضيقٍ مما فعل، ايه كميه الشطه دي. مُضر جداً طبعاً. إنت كدا بتضُر نفسك وبعدين انا ما بحبهاش.

سليم بإقتضاب: انا ايه اللي خلاني اجيبك معايا.
نوراي بمرح: انا عملك العسل في الدُنيا.
أطلق سليم ضحكه عاليه علي حديثها وما أن إنتهي حتى تابع بنبرة هادئه، إنتِ إزاي. إتأقلمتي بالسهوله دي، من قصر لحي شعبي. التحول دا مش سهل أبداً.

رمقتهُ نوراي بإبتسامه هادئه وبدأت في إرجاع خُصلات شعرها خلف أذنيها وباتت تُردد بنبرة ثابته، يمكن لو كان حصل العكس. ما كونتش هقدر اتأقلم. الفكره عُمرها ما كانت في الفلوس او الغني، الجسم ما بيتعبش غير لو الروح مهلوكه من التعب. ودا بالظبط اللي بيحصل معايا. انا حاسه بالسعاده بينكم، الضحكه ما بتفارقنيش. البساطه كنز أكتر من الفلوس، وفلوس الدُنيا، ما تداويش جرحي او خوفي حتى لو بدوس عليها برجلي، وممكن فجأه تتحول في نظري حجاره لو قارنتها بإحساس الأمان وانا معاك.

بدي وكأن نظراتها تُذيب همومه، فتاه قليلاً بنظراتها له ومن ثم تابع بثبات، طبيعي إنك تحسي بأمان من ناحيتي لأن انا ع حسب قولك. اول شخص طبيعي قابلتيه في حياتك.

نوراي وغابت الإبتسامة عن وجهها: بس انا مش حاسه معاك بالأمان علشان اول شخص يعاملني كإنسانه. انا ليا اسبابي الخاصه بس طالما دي وجهه نظرك، فلازم احترمها، انهت هي جُملتها الأخيرة ومن ثم أشاحت بوجهها بعيداً عنه في حُزن، بينما شعر هو بتبكيت الضمير لما قاله. فهو لا يُفسر ما تفعله وتحكيه عينيها سوي أنها تلقائيه في شخصيتها، سعيده بشعور الأمان منه ولكنه لا يعلم أن لقلبها رأي أخر فقط لو يستمع لدقاتهِ وكيف لقلبها الرأي الأول والأخير ناحيته، بينما غاصت هي في حُزنها من جديدِ وبدأت في تقليب الطعام بشهيه مُنغلقه، تتساءل لما تُصرح له بمثل هذا الكلام، فهو يُشفق عليها ليس إلا، لن يُحبها ولن يقرأ الصوره التي نحتتها في مُقلتي عينيها له، هو فقط يُشفق عليها، يتولي أمرها ليترُكها بعد ذلك تواجه الدُنيا من دونهِ.

في تلك اللحظة قطع شرودهما رنين هاتف سليم وما أن أجاب علي إتصال شقيقته حتى تابعت هي بتساؤل، سليم. ما تعرفش نوراي فين؟! اصلها مش موجوده في البيت وكمان قافله فونها.
سليم بثبات: معايا، في تلك اللحظة سمع صوت نسمه وهي تُردد بنبرة صارخه، مش قولتلكم دي خطافه رجاله.
أغلق سليم الهاتف مع شقيقتهِ ليجد نوراي تنظُر له بنظره حزينه بينما بادرها هو بإبتسامه حانيه قائلاً، اسألي يا أوشين اللي إنتِ عوزاه.

يا لها من سريعه الرضي، فتاه بذاكره سمك، تناست تماماً ما أحزنها منهُ قبل ثوانٍ وهنا تابعت بإبتسامه هادئه، مش عاوزه أي حاجه، بتعملهالي تكون من باب الشفقه يا سليم. الإحساس دا بيوجعني أضعاف.

سليم بثبات: طبعاً لا، نوراي وقد تجمعت الدموع في مُقلتي عينيها: امال ايه؟!
تابع سليم بإيجاز وهو ينهض عن الطاوله: علشان إنتِ مسئوله مني؟!
نوراي وتنهض عن الطاوله هي الأُخري، ليه بردو؟!؟

أرجعت رأسها للخلف وقد تساقطت الدموع من جانبي عينيها ومن ثم تنهدت بضعف إحتل جميع اجزاء جسدها الهزيل وهنا تابع راضي بإبتسامه باهته، هي قالتلي انها هتكلمك تاني بالليل. بس مش فاهم ليه مش عاوزه تكلميها يا ست صفيه.

إبتلعت السيده صفيه ريقها في جزع ومن ثم رددت بنبرة مُرتعشه وهي تلتفت ببصرها له، نوراي بتحس بيا يا راضي. مش هتقتنع أبدًا إني كويسه، ولو حست إن المرض زاد عليا، ممكن ترجع القصر فوراً وانا مش عوزاها تدخل سجنها برجليها تاني.

حل الليل سريعاً، هتفت إلهام بإحدي الخادمات لتمتثل الأخري لها وهنا رددت إلهام بتكابُر، الاكل جاهز ولا لسه؟!
الخادمه بتأكيد: جاهز يا إلهام هانم.
تابعت إلهام بنبرة مُتباهيه وهي تتجه صوب الدرج حيثُ تستقبل ابنها الذي إنصاع لحديثها بشأن جلوسه مع هذه الفتاه، فقد إستغربت مُوافقته في باديء الامر ولكنه الأن يستجيب لرغبتها، إلهام بثقه: كُنت عارفه إن زعلي، مش هيهون عليك.

بادرها عاصم بإبتسامه بارده ومن ثم إتجه إلى الأريكة وقام بالجلوس عليها واضعاً قدم فوق الاخري حيثُ تابع قائلاً، امال فين ضيوفك مش شايفهم يعني؟!
وهنا قطع حديثهم مجيء الضيوف بالفعل لتبتسم إلهام في ثقه ثم تتجه صوب باب القصر قائله، وصلوا.

قامت إلهام بإستقبالهم بحفاوة شديده وكذلك فعل فؤاد بينما ظل عاصم جالساً في مكانهِ، يوزع إبتسامات بارده هُنا وهناك، بدأت السيدات يتباجحن فيما بينهن والتعجرُف في أحاديثهن هو سيد الموقف، ليبدأ عاصم ووالده بالتأفُف من حالهما، لتنتبه إلهام لإمتعاضهما وهنا رددت وهي تنظُر لتلك الفتاه، ذات الشعر المُجعد، ويبدو وكأننا أفنت ساعات عُمرها كُلها بتشعيثهِ، في تلك اللحظة تابعت إلهام بنبرة هادئه...

جيدو، حبيبتي. عاصم حابب يتعرف عليكِ.
جيداء بميوعه: اوك.
ومن ثم إستئنفت إلهام حديثها مُلتفته له: اقعدوا في الجنينه يا عاصم. الجو هادي جداً، إنتصب عاصم واقفاً بنفاذ صبر ومن ثم أشار لها بالتحرُكِ أمامه، ترجلا معاً حيثُ حديقه القصر، وهنا تابع أثناء جلوسه إلى أحد المقاعد الخشبيه بها، قوليلي بقي. شعرك دا ولا باروكه.

أخذت هي تتبخترت في مِشيتِها بغنجٍ ومن ثم جلست إلى جانبه قائله بنبرة واثقه، اه طبعاً شعري.
عاصم بنبرة مُتهكمه: ومالك مبسوطه كدا ليه؟! دا إنتِ كارته حتي.
فغرت جيداء فاهها في صدمه ومن ثم نهضت عن المقعدِ وهي تُردد بضيقٍ...
إنت أزاي تقولي كدا، بجد قليل الذوق.
قام عاصم بالنهوض مُجدداً ومن ثم قام بإلتقاط كفها وضغط عليه في قوه قائلاً، عارفه طريق بيتكم يا ماما ولا هتتوهي؟!

تأوهت الفتاه وجعاً من إحكام قبضته وكذلك شعرت بالخوف من نظرتهِ وحديثهِ لها ومن ثم إبتلعت ريقها بصعوبه قائله، ع ع عارفه.

قامت بإغلاق الهاتف في عصبيه ومن ثم بدأت تُمسح بكلتا كفيها علي وجهها مُردده بنبرة خافته يملأوها الحُزن، ليه مش عاوزه تكلميني. ليه بس؟!
إلتفت هو ببصرهِ ناحيتها ومن ثم قطب حاجبيه مُردداً في إستغراب، مش بترد بردو.
نوراي بنبرة أشبه للبكاء: اكيد حصلها حاجه. ما هي مش معقول مش عاوزه تكلمني كُل الفتره دي، اكيد فيها حاجه. خُدني عندها يا سليم.

رمقها سليم بنظره حزينه ومن ثم تنهد بهدوء قبل أن يُتابع قائلاً، مش يمكن هي فعلاً نايمه؟!
نوراي بإختناقٍ: نايمه 24 ساعه؟! اكيد المريض دا أذاها بحاجه، هتاخدني ليها ولا أروح لوحدي.

اوقف سليم السياره في هدوء ومن ثم إلتفت بكامل جسده ناحيتها وبعدها ردد بنبرة ثابته...

لا مش هتروحي. فاهمه؟! لااااا.
إنسابت الدموع علي وجنتيها في صمتٍ وساد الهدوء لبضع ثوانٍ وهي مُسلط أنظارها بعينيهِ ومن ثم أشاحت بوجهها عنه وقامت بفتح باب السياره ومن ثم ترجلت خارجها وهي تُردد بنبرة عنيده، تمام هروح لوحدي.
ضغطت هي علي أعصابه ِ بالشكل الكاف الذي جعله يترجل خارج السياره ومن ثم ينطلق ناحيتها قائلاً وهو يجذبها من ذراعِها ناحيه السياره مُجدداً، بلاش جنان بقي.

نوراي بصريخٍ: ملكش دعوه بيا. إبعد عني، مش محتاجه شفقه منك.
سليم بزفره ضيق: انا خايفه عليكِ. مش شفقه دي أبداً.
حاولت جاهده التخلُص من قبضتهِ ومازلت دموعها تنهمر بغزاره حيثُ رددت بشهقه مُتقطعه، هيأذيها بسببي. انا مش مُتخيله إن حد يتأذي بسببي. وخاصه لو الحد دا روحي فيه. انا ابيع روحي، بس هو ما يتاخدش بذنبي.

في تلك اللحظة قام سليم بضمها إليه في قوه وأخذ يُردد بنبرة هامسه، مُقيداً ذراعيها خلف ظهرها، مش هتسلمي روحك لحد. ومحدش هياخد منك حاجه غير بإرادتك حتى لو ضحكه ومش قابله تضحكيها في وش حد. ما تضحكيهاش. بصي لراحتك بقي. ماحدش هيتأذي بسببك. متأذيش إنتِ نفسك بالتفكير دا.

إنهارت في بُكاءها وأستسلمت لحديثهِ وما أن أحس بهدوئها حتى ارخي قبضه يده عن ذراعيه لتقوم هي بإحتضانهِ في صمت، ساد الصمت بينهما قليلاً، ليبتعد عنها في هدوء ومن ثم ردد بنبرة ثابته، يلا يا نوراي. إركبي العربيه.

رمقتهُ نوراي بنظره مُنكسره، ولكنها إنصاعت لحديثهِ تلقائياً مُنطلقياً معاً حيثُ المنزل، مر الوقت سريعاً، ومن ثم إصطف سيارته امام البنايه، وهنا ترجلت نوراي خارجها، وهنا قطبت حاجبيها في إستغراب ومن ثم رددت بنبرة مُتسائله...
مش هتنزل؟!
سليم بهدوء: هروح اطمن علي عمي ناجي وراجع.
نوراي بتفهُم: امممم، ماشي.

إتجه سليم حيثُ منزل السيد ناجي، لينظُر إلى أضواء الغرفه المُطلي علي الشارع الرئيسي ليجدها مُضيئه كما توقع، فالسيد ناجي دائم الجلوس بها حيثُ جعلها خصيصاً ك مكتبه للقراءه ووضع عدد لا بأس به من الكُتب، إتجه سليم صوب الدرج ومن ثم صعده وما أن وقف امام باب الشقه حتى طرق الباب في هدوء، قام السيد ناجي بفتح الباب وعلي وجهه إبتسامه عريضه بينما رمقهُ سليم بفهم لنظراتهِ ومن ثم إنطلق إلى الأريكة المواجهه للباب...

جلس إليها علي الفور ومن ثم دلف السيد ناجي إلى المطبخ وعاد مُجدداً يحمل فناجين القهوة بين يديهِ ليجد سليم مستلقياً للخلف ومُغمض لعينيهِ...

جلس السيد ناجي بجانبهِ ومن ثم ردد بنبرة هادئه، اخدتها وروحتوا فين.
أعاد سليم النظر له ومن ثم ردد بنبرة هادئه...
كُنت عارف إنك هتسأل.
أومأ ناجي برأسه في ثبات بينما بدأ سليم يقُص عليه ما قام به اليوم وما عزم لأجلهِ وما أن إنتهي حتى تابع ناجي بنبرة مُتسائله، ليه يا سليم؟!
سليم مُضيقاً عينيه بعدم فَهم: هو ايه اللي ليه؟!
ناجي مُكملاً: ليه عاوزها، تبطّل خوف وتحمي نفسها؟!

سليم مُتابعاً: يمكن حاسس إن هي مسئوله مني وبحاول اقدملها حاجه تساعدها.
ناجي بثبات: هو دا السبب بس.
رمقهُ سليم بنظره شارده ومن ثم تابع بنبرة هادئه، اه هو دا السبب.
ناجي بثقه: لا مش دا السبب. ما انكرش إنك راجل. وراجل اوي كمان. وبتحب تساعد غيرك وترسم علي وشوشهم من غير مُقابل، بالظبط زي ما بتعمل معايا كدا. بس دا بردو مش السبب الحقيقي.

سليم بتساؤل: امال ايه السبب من وجهة نظرك.
قام ناجي بإلتقاط كوب القهوه ومن ثم أعطاه له وهو يُردد بثقه...
الحُب يا بني، إنت حبيتها يا سليم. بتحميها بطريقتك. عاوز تقولها إني بدربك علشان تحمي نفسك ودا اللي ظاهر فعلاً. بس إنت في الأصل عاوزها تقوي بيك. عاوزها طول الوقت جنبك، تقدر تقولي ايه هي مراحل الحُب من وجهه نظرك؟!

قام سليم بوضع كوب القهوه إلى الطاوله من جديد وقد إندمج كُلياً مع السيد ناجي، حيثُ بدأ يُردد بنبرة هامسه...

الحُب اوقات بيتفهم من النظرات؟!
بادره ناجي بإبتسامه هادئه قائلاً: فعلاً، هو إحساس بيوصلك من نظره اللي قدامك وكأنك نمله وعندها قرون إستشعار قادر تشوفه كأنه كتاب مفتوح.

سليم بهدوء غير معهود فيه: وتحس إنك طاير من مُجرد نظره بس. وبيقطع الفرحه دي، خوف إنك ما تكونش قد المسئوليه اللي نظراتها بتحملهالك.

ناجي بإبتسامه ذات مغزي: مبروك. إنت عديت المرحله الاولى في الحُب.

يالهوي لو تشوفيها. الحمدلله إنك ما كونتيش موجوده وإلا كانت بلعتك وشربت بعدك مياه علشان تهضمك.

اردفت روفيدا بتلك الكلمات في ضحك بينما تابعت نوراي بضيق، يا رخمه ليه قولتلها كدا!
روفيدا بهدوء: هي خرجت مني كدا. وبعدين ما هي دي الحقيقه.
نوراي بهدوء: وهي فين ناو!
روفيدا مُكمله وهي تتجه ناحيه المطبخ، ماما اقنعتها تقعد معاها فوق، يعملوا اكل سوا. هعمل مجين نيسكافيه ورجعالك.
أومأت نوراي برأسها مُتفهمه ومن ثم إتجهت صوب المكتبه الخشبيه الموضوعه في إحدي الزوايا...

أخذت نوراي تنتقل ببصرها بين الكُتب، فهي لا تعلم من مِن والديها كان هاوياً للقراءه وبينما تُتابع بعينيها اسامي الكُتب، تجد بروازاً لتلك اللوحه الفرنسيه المشهوره (الموناليزا). حيثُ عُلقت هذه الصوره علي الجدار المُجاور للمكتبه، رفعت نوراي يدها لتلتقطها لتسقط اللوحه أرضاً ويسقُط خلفها كتاباً خط الزمن خُطوطه علي اوراقهِ فإصطبغت باللون الأصفر كثيراً...

نظرت نوراي للأوراق المُبعثره امامها ومن ثم إلتقطتت الكتاب ورددت عنوانه بنبرة خافته، الحُب نقمه،!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة