قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع

جلست علي رُكبتيها أرضاً، وبدأت في لملمة الأوراق المُبعثره من حولها، فهي لا تعلم من أين خرج هذا الكتاب ومن ثم إلتفتت ببصرها ناحيته مُردده بنبرة خافته...

الحُب نقمه؟!

قطبت حاجبيها في إستغراب وبعده بدأت في جمّع الأوراق وإعادتها من جديد، إنتصبت واقفه مره أُخري مُصطحبه الكتاب بيدِها ومن ثم جلست إلى الأريكة وبدأت في إكتشاف مُحتواهُ. ركزت بصرها في تلك اللحظة حيثُ الأوراق ليأخُذها الفضول لقراءه سطوره وهُنا رردت بنبرة خافته أثناء قراءتها، أحببتُ وبات حُبي نقمه لا أُحسدُ عليها. هذا كتابي لا أعلم من سيقرأه ومتي؟! لكنني وددتُ وبشده أن أُصارح اوراقي. أتخذها صديقه وأبوح لها بما يؤلمني ولن يفهمه أحد من البشر أبداً. فقط هي من تتحمل أوجاعي وحكاياتي بصدر رحب، انا جانوراي. فتاة فلبينيه. مسلمه الديانه، ترعرت بمدينه مانيلا عاصمه الفلبين. كانت تُسمي بمدينه أمان الله وتحولت ل مانيلا في أعقاب الاستعمار الأسباني، ورغم أن الإسلام هو أول ديانه خطت الأراضي الفلبينيه بعد أن كانت علي الوثنيه. إلا أن المسلمين، كانوا مضطهدين بشكلٍ واضحٍ. فبدأنا نسعي لأرزاقنا في بلدان أُخري. هكذا يرسم القدر خطواتي حيثُ مِصر لتبدأ مسيرتي العمليه والتي تبعتها مسيرتي العاطفية، مصري الجنسيه وجدتُ به كُل ما أرغبه في شريك أحلامي. بدأت حياتُنا أجمل مما ظننت وكذلك عندما توثق هذا الرابط بقيد الزواج. كُنت أراه نعمه من الله، كافأني به علي صبري وسعه أنفاسي لتقبُل عُثرات الحياه ولكن لم يدُم هذا طويلاً تحولت النعمه لمُجرد نقمه مُتخفيه وتحولت حياتي كبئر ماء إمتلأ لأخرهِ حتى فاض علي الجانبين.

تجهم وجهها بمُجرد ما رأت هذه الكلمات، جانوراي؟! نعم إنها والدتها. وهذا الكتاب يروي قصه حياتِها، في تلك اللحظة بدأت الدموع تنساب علي وجنتيها حيث مسحت عنها العبرات في عصبيه، قاطع إندماجها المشدوه صوت روفيدا وهي تضع الأكواب علي الطاوله ومن ثم رددت بتساؤل، بتقرأي ايه؟!

لم ترفع نوراي عينيها عن الأوراق بينما عقدت روفيدا حاجبيها في إستغراب ومما أثار قلقها نحيب نوراي الصامت، لتتجه ببصرها هي الأُخري حيثُ الأوراق، بدأت نوراي تقرأ السطور في شغفٍ ولهفهٍ وما زالت تذرف الدموع دون توقُفِ حيثُ إستمرت بتقليب الصفحات الواحده تلو الأخري بحركه جنونيه حتى ثبتت مُقلتيها أمام بعض الكلماتٍ لتُتابع نوراي بنبرة مُختنقه، لا يجب أن نثق كثيراً في إختياراتنا. ليس كُل قرارٍ أُخذ عن قناعه صادق وصحيح. الحُب مؤذي، مؤذي للغايه لم أنل منهُ سوي حمم أوجاع تأكُل جسدي. ولكن لن أُعمم القاعده، فهذا يعود لسوء إختياري الذي بدي في اولهِ. اجمل خياراً لي، ف أنا أبغض علي الحُب ويبغض هو علي، يُلقبني بالتعيسه، حمقاء الإختيارات وأُلقبه انا بالنقمه في حياة أي شخص سعيد.

لا مش صح، الحُب عُمره ما بيقضي علي سعاده صاحبه. مفيش شك إن مشاعرنا في تقلُب. لأن دي فطره البشر، كُل يوم بحال ولازم تلاقي شدّ وجذب، ودا ما يقللش من قيمه الحُب. وكُل واحد بيشوف الحُب بمنظوره الخاص بيه، من خلال تجربته الشخصيه. ف إنت عُمرك ما هتعرف مفهوم الحُب إلا لو جربته. وعلشان تكون من الناس اللي شايفين الحُب إيجابي ومُميز. لازم تكون إنت مُميز في حُبك. صاحب تضحيه وصبر وتفهُم وإصرار. البنات كائنات ضعيفه جداً. أضعف من إنها تجرح مشاعرك. الأذي ما تخلقش للي زيهم. إتخلقت علشان تكون ضعيفه وإنت بإصرارك إنها تكون ليك بتقويها. وبكدا العلاقه تاخد الشكل المُتكامل، قويها بيك يا سليم، قولها إنك بتحبها. إعترف وما تبقاش جبان. نبضات قلبك ما تستاهلش منك مُعافره علشان تِحيا؟!

أردف السيد ناجي بتلك الكلمات بينما تابع سليم وهو مُتجهم الوجه ينظُر إلى سقف الغرفه في حيره...
انا مش واثق من مشاعري تجاهها. ومش انا اللي اسرق قلب واحده منها، علشان أحاسيسي المؤقته. انا مش اناني.

طالعه ناجي بنظره هادئه ومن ثم ردد بتساؤل، يعني إنت شايف إنها أحاسيس مؤقته و...
قاطعه سليم بنبرة ثابته وهو يمسح علي غُره رأسه بكفه في عصبيه حيث نهض عن الأريكة، ومش هتكون غير كدا يا عمي ناجي. تصبح علي خير.
أومأ ناجي برأسه مُتفهماً ومن ثم ردد بنبرة هادئه، وإنت بخير.

في صباح اليوم التالي، ممكن افهم ايه اللي إنت عملته دا. إنت ناوي تجنني؟!
اردفت إلهام بتلك الكلمات في عصبيه وهي تُزيح الغطاء عن إبنِها بينمُا ردد عاصم بنبرة جافه مُغمضاً لعينيهِ، إقفلي باب الأوضه وأخرجي يا إلهام هانم.
إلهام بغيظٍ: عاصم، قوم كدا وفهمني إنت عملت ايه للبنت؟!

إعتدل عاصم في نومتهِ جالساً ومن ثم زفر زفرة حانقه وتبعها هتافه بنبرة هادره، انا مش عيل صغير، علشان تختاريلي واحده اتجوزها. انا اللي اختار مين يدخل حياتي او يُخرج منها وسكوتي مش معناه، إني موافق علي تصرُفاتك دي. انا ساكت بحُكم إنك أُمي. وبلاش تشوفي مني الوش التاني يا إلهام هانم.

رمقتهُ إلهام بنظره مصدومه ومن ثم صرت علي أسنانها بغضب عارم، شكل غيابها جننك ونساك إنك بتكلم مامتك.
عاصم بصرامه: زي ما فاكرها. فاكر كويس إنك أُمي. بس عاصم محدش يجبره علي حاجه.

أنهي عاصم جُملته الأخيرة ومن ثم نهض عن الفراش مُتجهاً خارج الغرفه، سار بخُطوات ثابته بين أروقة القصر، حتى وصل إلى تلك الغُرفه، ومن ثم دلف داخلها دون أن يقرع الباب، مُتجهاً صوب تلك السيده العجوز ليُردد بنبرة هادئه ما أن إقترب منها، إنتِ ليه عاوزه تبعدي عني الحاجه اللي بحبها؟!

رمقتهُ السيده صفيه بنظره واهنه حيث بدت وكأنها تلتقط أنفاسها الأخيرة وهنا تابع راضي بقلق، معلش يا عاصم باشا. بس الهانم ماهياش قادره تتكلم.
أشارت صفيه له بكفها أن يصمُت ومن ثم تابعت بنبرة ثقيله بعض الشيء، انا عُمري ما كرهتك يابني. ولو بعدت عنك الشيء اللي بتحبه فدا لأن الشيء دا ما حبكش. ما ينفعش اهتم بمشاعرك علي حساب موت مشاعر غيرك.

في تلك اللحظة تابع عاصم بعدما أظهر تجبُراً في حديثهِ أثناء إعتداله في وقفتهِ مُنتصب الهامه، ما يهمنيش انها تحبني اولا. المهم اشبع غروري ورغباتي بيها.
تنهدت السيده صفيه بثُقلاً ومن ثم إبتسمت بحُزنٍ، إنت علي مشارف الساديه. رغم إنك ما كونتش كدا. ما تشبهش امك يا عاصم. ما تشبهش إلا نفسك، إلحق نفسك قبل ما تغرق في بحر ظُلمك.

قطب حاجبيه في ضيقٍ ومن ثم ردد بنبرة ثابته، مش هتنازل عنها.
والاها ظهره ومن ثم إنطلق صوب باب الغرفه، ليستوقفه سماع كلمتها تلك التي بدت وكأنها غربيه لأذنيهِ. لم يسمعها من أحدِ من قبل ولا حتى والدته، رغم إشتياقه ورغبته الجامحه في هذا. حيث رددت صفيه بنبرة هادئه، انا بحبك اوي يابني.

إلتفت عاصم لها مُجدداً ومن ثم رمقها بنبرة ثابته ولكنه لم يحتمل وقوفه هكذا حيث ترجل ناحيتها مره أخري وبعدها طبع قُبله قويه ك قوة ملامحه علي جبينها، سعدت السيده صفيه كثيراً لهذا بينما تواري هو ذاهباً خلف باب غرفتها...
إمتلأ المنزل بالصخب والأصوات العاليه، حيث تجمعت الفتيات داخل شقه نوراي وبدأت نسمه في إلقاء كلمات جارحه لتُثير حنق نوراي التي تابعت بنبرة مُختنقه، ابعدي عني بقي. انا فيا اللي مكفيني.

ألقت نوراي تلك الكلمات ومن ثم إتجهت صوب غرفتها وقامت بإغلاف الباب بقوه حتى أصدر صوتاً صاخباً وهنا تابعت روفيدا بنبرة مؤنبه، ايه اللي إنتِ بتقوليه دا يا نسمه. عاوزه افهم هي عملت ايه لكُل دا؟!
إمتعق وجه نسمه غضباً ومن ثم رددت بنبرة هادره، رجعت ليه تاني؟! راجعه تاخد مني الشخص اللي بحبه! دي خطافه رجاله.

في تلك اللحظة قامت نوراي بفتح باب الغرفه حيث ضغطت على عينيها في عصبيه مُحاوله كبح جماح غضبها مُردفه بثبات، انا مش خطافه رجاله. ماشي؟!، هديه جاتلي وانا قبلتها. ممكن بقي تسيبيني في حالي. انا تعبت!
قطع حديثها صوته وهو يدلف للداخل بخُطوات مُتباطئه حيث تابع بنبرة جامده، مين قال إنك خطافه رجاله؟!

حملقت نسمه إليه في صدمه وقلق وما أن رأتها نوراي علي تلك الحاله حتى تابعت ببرود وأعين دامعه، محدش. بنتناقش عادي.
سليم بنبرة هادره: واضح اوي، إنكم بتتناقشوا. والناس اتجمعت علي اصواتكم. ايه؟!، هم دول كمان معزومين علي النقاش؟!

نسمه بنبرة أشبه للبكاء: قولي يا سليم. هي احلي مني في ايه؟!
رمقها سليم بعدم فَهم حيث تقلصت عضلات وجهه بشكل لا إرادي مُردفًا بتساؤل جادي، قصدك ايه؟!
نسمه بضيقٍ: اشمعني هي اللي قدرت توصل لقلبك يا سليم. مع إني حبيتك بجد، ولا علشان انا مش فتاة احلامك وتخينه.

تنهد سليم في ثُقل حيث اغمض عينيه بنفاذ صبر وهنا ردد بنبرة ثابته، علشان إنتِ أُختي ومش قادر اشوفك غير كدا. وعارفه كويس إن اخر حاجه تلفت إنتباهي الشكل. ونوراي كمان زيّ أختي.

إبتلعت نوراي ريقها في إنفعال ومن ثم إتجهت داخل الغرفه وأغلقتها جيداً، وجلست أرضًا وهي تبكي في حُرقه ونبرآت مُتألمه.

صلب سليم بصره ناحيه باب غرفتها بينما إتجهت نسمه صوب الدرج صاعده حيث شقتها بعد أن ألقت عليه كلماتها الأخيرة بنبرة هادئه، عينك بتكذبك.
تشدقت روفيدا بالكلام وهي تتجه صوب شقيقها ومن ثم ربتت علي ظهره بحنو، سليم اوعي تزعل من كلام نسمه. ما انت عارف انها وقت الزعل بتقول اي كلام، بس هي طيبه اوي والله.

سليم بثبات: خلي بالك من نوراي.

أومأت روفيدا برأسها في تفهُم ليُغادر شقيقها البنايه بأكملها مُنطلقًا حيث عمله، في تلك اللحظة شعرت روفيدا أن هُنا خطب ما. لم تُخطيء نسمه أبدًا فهو عاشق لهذه الفتاه، عيناهُ تفضحه بوضوح ولكن هكذا خِصال سليم ليس من السهل الإعتراف بشيء يُحبه. يُفضل الصمت والإنطواء بمشاعرهِ علي نفسهِ، ولكن هل سيتحرر من صمت مشاعره وبهذا تكُن نوراي قد إستطاعت تغيير شيء به ام يظل هو كعادته يابس الرأس رافضًا كُل ما تتعلق به روحه...

إتجهت روفيدا ببصرها حيث الغرفه وقد حتل الحُزن قسمات وجهها لحاله الجميع، وهنا قامت بفتح باب الغرفه في هدوء وتروي لتجدها إنزوت في إحدي زوايا الغرفه دون أن تنبس ببنتِ شفةٍ وأخذت تبكي في صمت، جلست روفيدا القُرفصاء بجانبها ومن ثم إحتضنتها إليها في إشفاق قائله، كفايه علشان خاطري يا نوراي. نسمه ما تقصدش تزعلك.

أجهشت نوراي بالبُكاء من جديد وهي تكتم شهقاتها بأصابعها قائله، مش زعلانه من نسمه. انا موجوعه علي أُمي.
روفيدا بحُزن: انا لحد دلوقتي مصدومه من اللي قرأته. ما استوعبتش الموضوع لما إنتِ حكيتيلي قبل كدا. بس لما قرأت الكلام الدُنيا لفت بيا من الصدمه.

نوراي بنبرة مُنهاره: ماما عانت كتير اوي في حياتها يا روفيدا. سابتني لناس تانيه علشان كانت خايفه عليا، كانت فاكره إن مستوايا الإجتماعي في القصر دا هيحميني من شر الدُنيا وإني هدوس علي الفلوس برجلي وهعيش حياه أفضل من اللي هي عاشتها بس ما تعرفش إن الفلوس اللي بدوس عليها دي زي السكاكين بتقطع في رجلي ومش باخد منها غير الألم.

روفيدا وهي تحتضنها أكثر إليها وأخذت تمسح علي خُصلات شعرها بحنو قائله بنبرة يشوبها الهم، ربنا يرحمها يا حبيبتي. وانتِ يا نوراي. مافيش أطيب من قلبك. ف متزعليش من نسمه ولا حتى سليم.

إبتسمت نوراي في كسره ومن ثم رددت بنبرة هادئه، وهزعل من سليم ليه؟! دا انا حتى زي أُخته.
تنحنحت روفيدا في الحديث قليلًا حيث تابعت بنبرة مُترقبه، أُخته؟!، اممم، إنتِ شايفه كدا.
نوراي ببُكاء: هو اللي شايف كدا.
إبتسمت روفيدا لها في حنو ومن ثم طبعت قُبله حانيه علي وجنتها، بتحبيه يا نوراي!

نوراي بصرخات مُختنقه: لا بكرهه. وبكره إشفاقه عليا. زي الحجر ما بيحسش. الوحيد اللي حسيت معاه بالأمان وبيسحب الأمان دا بمُجرد نظره شفقه منه.

ترقرقت الدموع في عيني روفيدا حيث أظهرت تأسفاً لحال صديقتها وهنا رددت بحنو، صدقيني يا نوراي. سليم بيحبك اوي. بس صعب مشاعره تتشكل في هيئه كلام. ف بلاش إنتِ تستسلمي لبروده. إسعي إنك تنطقي الحجر. إسعي إنه يعشقك ويخرج من صمته، علشان سليم لما بيحب، بيتحدي اي حد بحُبه ويابخت اللي هتنول شرف الحُب دا.
اسفه يا دارين علي اللي صدر من عاصم. بس زي ما إنتِ عارفه هو حالته متوتره بسبب مرض صفيه هانم.

أردفت إلهام بتلك الكلمات في هدوء بينما تابعت دارين والده جيداء بإمتعاض، بجد تصرفه كان لوكال اوي مع البنت. دي ما بطلتش عياط من إمبارح. لو عاوزينا نتغاضي عن اللي حصل. لازم هو بنفسه ييجي يصالحها وإلا الموضوع دا يكون مُنتهي بالنسبه لنا.
إلهام بثبات: أكيد يا حبيبتي. دا إحنا عيونا ل جيدو.

إتجه في هذا الممر الرُخامي داخل شقه في أحد الأحياء الراقيه بالمعادي حيث خُصصت ك عياده للعلاج النفسي، حينما أعلمته السكرتيره بإنتظار الطبيب له، مشي في الممر مُنتصب الهامه لا يعلم ما فعله صائب ام يُهدد مكانته الإجتماعية، تنهد بثبات فقد رغب وبشده في تنفيذ نصيحتها له وهنا دلف حيث ينتظره الطبيب.

بادره الطبيب بإبتسامه هادئه من خلف مكتبهِ بينما جلس عاصم إلى أحد المقاعد الجلديه المُقابله لمكتب الطبيب ليُتابع بنبرة هادئه، خير يا عاصم باشا. أيه مُشكلتك؟!
رمقهُ عاصم بنظره جامده ومن ثم ردد بنبرة ثابته، ايه هي أعراض الساديه؟!
ضيق الطبيب حاجبيه في شدوه ومن ثم أجابه قائلاً...

الساديه كلمه أقرب للشرك. فيها تعظيم للنفس والأنا الاعلي. بيكون مر بتجربه أصابته بأزمه نفسيه وكان فيها الطرف الضعيف ولما قابل اول فُرصه تسمحله أن يكون الطرف القوي. بدأ يمارس قوته دي علي الأضعف منه، وبيفرح جداً بمُعانتهم. لأنه عاوز يثبت لنفسه إنه مش ضعيف وقادر يعذب الناس أضعاف اللي جربه. بصريح العباره عاوز يثبت لنفسه إنه مش ضعيف زي الإحساس اللي واجهه في تجربته. أصعب مرحله بيوصلها الإنسان السادي، إنه أحيانًا بيشوف إنه أكبر من أي حد وممكن توصل لأنه يطلب من الناس تُعبده والعياذ بالله ودا راح في غيبوبه الساديه من غير رجعه ومابقاش ينفعله علاج.

طرق عاصم بأصابعه علي سطح المكتب ومن ثم تابع بحزم، اسمع اللي هقولك عليه.

بدأ عاصم يسرد حالته أمام أعين الطبيب الذي بدأ يُتابع إيماءاته وحركاته بتركيز وما أن أنتهي عاصم حتى أومأ الطبيب برأسه في تفهُم قائلًا، حضرتك يا عاصم بيه. في المراحل الأولي من الحاله دي. وكُل ما بتقابل حاجه صعبه في حياتك او ترغب في حاجه وما تحصلش عليها، الحاله دي بتزيد. وعلشان كدا لازم تتقبل فكره إن مش كُل حاجه عايزينها من حقنا. إحنا هنبدأ بالعلاج بس لازم تبدأ تنساها لو عاوز تخلص من الحاله دي بجد.

إنتصب عاصم واقفاً ومن ثم أمسك ياقه الطبيب وبدأ يقترب منه مُردداً بنبرة صارمه، انا هنا مش علشان تقولي انساها. انا هنا علشان أملُك قلبها. وأعالج التصرُفات اللي هي مش مُتقبلاها فيا.
الطبيب بخوف: ماينفعش كدا يا عاصم بيه، لو سمحت. ولو حقيقي عاوز تتعالج فدا لنفسك مش علشان حد تاني.

أبعد عاصم كفيه علي الفور ومن ثم رمقهُ في حده مُنطلقًا خارج العياده...
قام راضي بوضع الهاتف علي أذنها، إستجابه لطلبها بذلك. حيث أجرت إتصالًا بنوراي، فقد إشتاقت لسماع صوتها ورؤيتها كثيرًا، ظلت ساكنه الحركه وقد إستسلمت مفاصل ذراعيها علي الفراش وأحست بصعوبه تحريكهما وما أن أجابت نوراي بسعاده علي إتصالها حتى رددت صفيه بنبرة ضعيفه تخرُج من حلقها بالكاد، هتوحشيني يا نوراي.

سكنت أنفاسها في تلك اللحظة للأبد. فارقت الحياه بعد عُمرًا أهدته بحُب لجميع من حولها، لم تبخل علي أحدٍ بحنانها وصدق عواطفها وكذلك كانت تبغض رؤيه الأذي فيمن حولها، سقط الهاتف من يدها حيث رمقها راضي بصدمه وأخذ يهتف بنبرة هادره، صفيه هانم! يا صفيه هانم، ردي عليا؟!
علت صرخاته في أرجاء المكان بينما أخذت نوراي تهتف بنبرة صارخه وهي تستمع لندابهِ، ماما صفيه. مالها يا عم راضي؟! رد عليا علشان خاطري.

إلتقط راضي الهاتف من الأرض وبعدها تابع بنبرة باكيه، الباقيه في حياتك يا أنسه نوراي.
علي الجانب الاخر، سقط الهاتف منها أرضًا وأخذت تصرُخ في هستيريه مُردده بنبرة تشبُه الجنون، عمو راضي بيهزر يا روفيدا صح؟! ماما صفيه ما ماتتش. ما سابتنيش لوحدي مش كدا.

رمقتها روفيدا في ذهول من حالها بينما هبت نوراي من فراشها واقفه لتُهرول صوب الباب دون أن تتوقف دموعها، تبعتها روفيدا في قلقٍ ومن ثم إستندت بظهرها إلى باب المنزل مُتابعه برفض، مش هتخرجي من هنا يا نوراي. اهدي علشان خاطري.
نوراي بصُراخ حاد: ابعدي عني. عاوزه اروح لماما صفيه. هي بتعمل كدا علشان تخوفني عليها. دي وحشاني اوي ونفسي اشوفها.

سقطت عبره علي وِجنه روفيدا ومن ثم رددت بتلعثُم، اهدي يا نوراي وادعيلها بالرحمه.
شعرت نوراي بالدوار الذي أصاب رأسها من هول ما سمعت حيث سقطت أرضًا مُغشيًا عليها وقد إصطدم ذراعها بزجاج الطاوله حتى تهشم إلى قطع وقد أصابها جُرحاً عميقاً ف أخذت تنزف الدماء بغزاره...

صرخت روفيدا بفزعِ، صرخه دوت في أرجاء المنزل، لتتجمع السيده خديجه بصُحبه نسمه وهنا رددت خديجه بفزع من رؤيه نوراي، يالهوي! ايه اللي حصل يا روفيدا.
إتجهت روفيدا صوب حقيبتها ومن ثم أجرت إتصالًا به حيثُ رددت ببُكاء ونبرة مُتلعثمه، إلحق يا سليم نوراي بتنزف وأغم عليها. هات معاك دكتور وتعالي بسُرعه.

مر الوقت وكأنه دهراً، حيث قامت نسمه بصُحبه روفيدا ونقلتاها إلى الفراش وأخذت السيده خديجه تمحي أثار الدماء عن الأرضيه وفي تلك اللحظة، دلف سليم مُهرولًا داخل الشقه وبصُحبته الطبيب، إصطحبه سليم إلى الغرفه وبدأ الطبيب في فحصها لبضع دقائق ومن ثم تابع بنبرة هادئه، ما تخافوش. دي إصابه عاديه بس ياريت كُل يوم تروح الصيدليه تغير علي الجرح. ولو في حد منكم بيعرف يغير علي الجروح مفيش اي مشكله. هي بس تعرضت لخبر قوي اوي عليها، سيبوها ترتاح وهي هتفوق لوحدها.

أومأ سليم برأسهِ مُتفهمًا ومن ثم إصطحب الطبيب حتى غادر البنايه وقد أخذ منه الروشته الخاصه بالعلاج، إتجه سليم حيث إحدي الصيدليات القريبه من البنايه وما أن أحضر الدواء حتى عاد مُجددًا للداخل وهنا جلس إلى الأريكة دون أن يتفوه بكلمه واحده للتتجه السيده خديجه ومن ثم تجلس إلى جانبه قائله، معلش يابني. جبناك علي ملا وشك.

رمقها سليم بنظره حزينه حيثُ بهتت علي إبتسامته التي خرجت من ثغرهِ بالكاد، ترجلت نسمه من خارج الغرفه ومن ثم تابعت وهي تتجه صوب باب المنزل، انا في الشقه، لو إحتاجتوا حاجه نادوني.
في تلك اللحظة تابعت خديجه وهي تتبعها بخُطواتها، وانا هشوف الاكل ليتحرق. واهي روفيدا جنبها.

إتجهتا سويًا حيث الطابق العلوي بينما وضع سليم رأسه بين كفيهِ في إرهاق وفجأه إنتصب واقفًا ثم دلف إلى غرفتها وأحضر مقعدًا بجانب الفراش في صمت، رمقتهُ روفيدا في قلقٍ من صمته، حيث تابعت وهي تقترب منه ببُطءٍ، سليم. إنت مش هتسأل أيه اللي حصل؟!
صوب سليم بصره ناحيه شقيقته في جمود بينما إبتلعت روفيدا ريقها في توتر قائله، صفيه ماتت. وإنت عارف صفيه ايه بالنسبه لنوراي.

إلتفت سليم ببصرهِ ناحيه نوراي يشعُر بإنقباض في قلبهِ لتألمها حيث ردد بنبرة ثابته، إنا لله و إنا إليه راجعون.
روفيدا بحُزنِ: صعبانه عليا اوي. ربنا يصبرها. وإنت يا سليم روح نام. انا هفضل جنبها.
سليم بإعتراض قاطع: لا انا هفضل جنبها. وإنتِ كمان يلا نامي علشان اول يوم في السنه الدراسيه الجديده بكرا.

أومأت روفيدا برأسها في هدوء دون أن تعترض على حديثهِ وهنا إتجهت داخل الفراش وقد غطت في سُباتٍ عميقٍ. فهي من هواه النوم...
أخذ هو يُراقب ملامح نوراي لوقتٍ كبيرٍ ومن ثم إقترب منها وأخذ يُمرر أصابعه بين خُصلاتِ شعرها مُرددًا بإختناق، خليكي قويه يا نوراي. انا جنبك صدقيني، علشان خاطري ما تستسلميش من اول ضربه.

وهنا سقطت عبره حاره علي وجنته ليقترب من باطن كفها ثم يطبع قُبله بث فيها كُل شغفه بها وهو يُردد بنبرة خافته، زي ما سرقتي قلبي. لازم اسرق ضعفك منك.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة