قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الثالث والعشرون

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الثالث والعشرون

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل الثالث والعشرون

واري جُثمانه الثري. أنهي التُربي إحكام غلق المقبرة. وبدأ الناس في الرحيل بعد الإنتهاء من تأدية واجب العزاء، وقف ذاك الشاب الذي أصبح علي مشارف الأربعين من عُمره يستقبل التعازي. يصطف بجانب شقيقه وكذلك سليم الذي أصبح علي حالة لا يُرثي لها...
يُصافح حسن الجميع بوجةٍ صارمٍ، يوميء برأسه في تقبل لأحاديث الجميع لهُ فحسب.

عاد المكان فارغًا من الناس كعادته. ليقترب حسن ناحيه ماجد مُرددًا بنبرة جامده، بُكرا. هنفتح الوصية علشان كُل واحد ياخد ورثه. وننتهي من الموضوع دا.
رمقهُ ماجد بنظرات مصدومه وعين شزراء. فقد إصفر لون وجهه وأجتاحته معالم الحُزنِ ليضع وجهه بين كفيه ومن ثم جلس إلى أحدي الصخور الكبيره قائلًا بحدة.

مش هتتغير. هتفضل الفلوس هي همك الأول والأخير في الدُنيا يا حسن. حتى ما فكرتش تسأل عن أبوك وهو عايش. لا وبتفكر في الميراث بعد أول خمس دقايق من دفنه.
تجمدت معالم وجهه ليُردد بنبرة مُكفهرة: أبوك عُمره ما حبني. ما كانش فيه في حياته غير ماجد. كان دايمًا يحسسني أنه ماعندوش غير ابن واحد.

سليم بجمود وهو يسعي بخُطواتهِ إليه: مافيش أب بيكره ولاده. وما كانش ينفع تعادي الراجل اللي رباك ليلة واحدة. مش ذنبه إنك ما قدرتش تفهمه.
رمقه حسن بنظرة مُستهينه. ثم إنتقل ببصرهِ ناحية شقيقه مردفًا بحزم: بكرا الوصية هتتفتح. في مكتب المحامي، مستنيك.
إنطلق حسن صوب سيارته ومن ثم دلف داخلها وقادها مغادرًا المكان...

جدحه سليم بنظره ثاقبة حتى غاب عن مرآه عينيه ليتحول ببصرهِ ناحية ماجد، تنهد قليلًا في آسي ليربت بكفهِ علي كتفِ ماجد ومن ثم جلس بجانبه إلى تلك الصخره، مرددًا بنبرة شائبة...

الشدة يا ماجد. ربنا يرحمه ويجعل مثواه الجنه.
ماجد بثبات: اللهم أمين.
في تلك اللحظة شرد سليم للبعيد. حيث أول لقاء بينهما بوجهٍ كاسفٍ راح يتذكر...

فلاش باك، تعكز علي عصاه. فلم يُشفي بعد مازلت الجروح تُسطر علاماتها علي قدميهِ. فلم تزل أثار الحادث بعد، إتجه صوب البنايه صاعدًا الدرج. يتأبط كتابًا كعادته ليشتد الألم عليه فيقف في مكانهِ بعدم إتزان وما برح أن يمد ذراعه مُستندًا إلى الحائط حتى وجد يدًا أخري تمتد إليه، أطبقت هذه اليد علي ساعده ليلتفت بإستغراب شديد قاطبًا حاجبيه، ينظُر إلى شاب في الثامنه عشر من عُمرهِ. قوي العارضه، ذو وجه بشوش وإبتسامه هادئه أدت لبروز تلك النغزه علي خدهِ الأيسر. وهنا بادله ناجي الإبتسامة ليجد الشاب يردف بحنو قائلًا.

أسمح لي أساعدك تطلع السلالم؟!
رمقهُ ناجي نظرة مُطولة وراح يُمرر كفه علي خُصلات شعره قائلًا بترقُب.
تسلم يابني. انا بس حسيت بدوخه وكُنت بعود رجلي علي المشي. علشان ترجع لطبيعتها بعد الحادثه. انا هكمل يابني. مش عاوز أتعبك.

الشاب بإبتسامة حنونه: تعبك راحه. انا سليم وحضرتك؟!
ناجي بحُب: وانا عمك ناجي. اتولدت في الحي دا، بس عيشت في مكان تاني. إنت بقي ابن مين؟!
همّ سليم بإسناد السيد ناجي والدلوف داخل البنايه حيث أردف هو بنبرة ثابته.
اسمي سليم رؤوف النجدي.
إرتسمت علي ثغر السيد ناجي إبتسامة خفيفه ومن ثم ردد بنبرة حانيه.
الراجل. ما بيجبش غير راجل.
سليم قاطبًا حاجبيه: حضرتك تعرفه؟!

ناجي بهدوء: إلا أعرفه. ربنا يرحمه ويجعل مثواه الجنه.
Back، إنسابت دمعه حارة علي وجنته ليبادر بمسحها علي الفور، مُردفًا بنبرة هامسه.

ويرحمك إنت كمان ويجعل مثواك الجنه.
تنهد بآسيٍ ليلتفت بجسده إلى ماجد ومن ثم ربت علي كفه وراح يقول بثبات.
مش يالا بينا؟!
إبتلع ماجد غصه في حلقه ناظرًا ناحيه سليم بألم ونبرة غير مُصدقه...
هنمشي وهنسيبه لوحده هنا!

قام سليم بإحتضانه علي الفور. بينما أجهش ماجد بالبُكاء بنبرآت ثائره، لا يقتنع بهذا الفراق أبدًا. ولكنه الواقع. دائمًا ما يوقظنا علي أشياءٍ تآلفت لتهد كُل ما بناهُ خيالنا. راح السيد ناجي. طيب الله ثراهُ. وأخذ كُل ما هو جميل معه ولكن هل ينتهي دورهُ في حياة سليم بعد وفاته، أم أنه سيسانده كعادته حتى لو أصبح جسمانه تحت الثري وكأنه لا يوجد شيء يمنعه من أن يُنفذ قسمه الذي أتخذه علي نفسهِ أمام الله. بأن يمنح هذا الشاب الحياه التي يستحقها ولم تمنحه إياها الدُنيا...

جاح الظلام في المكان ليأخذ سليم بيد صديقه حتى ساندهُ علي النهوضِ. مُغادرين المكان.

جاش القدرُ الموضوع علي الموقد وأخذت المياه تفور علي جانبيه لتنتبه هي علي الفور فأسرعت بإغلاقه وراحت تصُبها في الأكواب الموضوعه أمامها بتنهيدة مهمومة.

رمقتها نسمه بحُزن ثم تابعت بهدوء: صلي علي النبي يا روفيدا. أدعيله بالرحمه، هو عُمره إنتهي لحد هنا.
خنقتها الدموع وهي تُجاهد في حبسها داخل مُقلتيها ولكنها لم تصمُد أمام هذا طويلًا لتنسكب الدموع علي وجنتها وهي تنتحب بضعفِ...

إتجهت نسمه إليها ثم إحتضنتها بحُزنِ بينما رددت روفيدا ببكاءٍ مريرًا.
هيوحشني أوي يا نسمه. كُنت بحبه زيّ بابا. كان حنين عليا أوي. كان كُل حاجه حلوه ليا انا وسليم، معقول يروح كدا من غير حتى ما يودعنا. معقول يروح من غير ما أبوس إيده واقوله أنه أحن حد عليا بعد سليم وأشكره علشان حقق لي حلمي.

نسمه بنبرة هادئه: لو بتحبيه فعلًا أدعيله. صدقيني أحسن طريقة تشكريه بيها. أنك تفتكريه في دعائك.
قطع حديثهم دلوف السيدة خديجة إليهما، حيث رددت بنبرة هادئه...
خلصتوا الأكل يا بنات؟! زمان سليم وماجد علي وصول. أكيد علي لحم بطنهم من الصُبح.

نسمه بتفهم: عقبال ما ييجوا، يكون الأكل خلص بإذن الله.
خديجه بحنو: أدعولوا يا بنات.

في صباح اليوم التالي، قامت بإلقاء الهاتف علي فراشها. زافره زفرة مطوله، وقد شاظ بها الغضب تُهاتفها منذ ساعات دون إجابة. فقد تمكن الشك منها وراحت ترمي بجسدها إلى الفراش مردفة بوجوم...

ردي عليا بقي يا روفيدا! ياربي.
قطع تحيُرها الضائق صوته وهو يطُل من خلف باب غرفتها مرددًا بنبرة ثابتة، بتفكري في أيه؟!
نكست ذقنها بعبوس، تتنهد بيأس، فقد ملتهُ ووجوده يُثير حنقها ثم رددت دون أن تتحول ببصرها إليه...

لحد تفكيري وما تتدخلش. ممكن!
تقدم إليها بخُطوات سريعه. إمتدت يده إليها لتقبض علي لحم ذراعها بشراسه كادت أن تُمزقه مردفًا بحدة...

لسه بتفكري فيه؟!
أجفلت عينيها قليلًا وراحت تنظر له بعصبية خفيفة قائله...
قولتلك ما بفكرش في حد. لو سمحت أخرج، انا مصدعة وعاوزه أرتاح.
قرّبها إليه في جمود. لتنهض عن طرف الفراش بوجهٍ مُكفهرًا بينما قبّل جبينها بلهفه عارمة مُرددًا بهُيام:
عاوز أسمعها منك تاني.

حكت نوراي رقبتها بإختناق ثم إبتعدت عنهُ مُردده بثبات ونبرة هادره، قولتلك. ما كونتش بكلمك إنت. كان في طفل بكلمه وقت ما رديت عليك. لا أكتر ولا أقل. لو سمحت أخرج بقي.

تحكت أسنانه ببعضهم مُكورًا قبضة يده بنفاذ صبر وراح يُردد بخشونة يشوبها التحذير، مش هصبر عليكِ كتير. هييجي وقت وصبري عليكِ هينفذ ومش مسؤل عن تصرفي وقتها.

إبتلعت غصة في حلقها لتتجه بسرعه خطيرة صوب باب الغرفه وتتأكد من إحكام غلقه ثم أسندت ظهرها إليه وقد جلست القرفصاء أرضًا. تنتحب بصُراخٍ مُتقطعٍ. فقد تقطع القلب حُزنًا لحالها. لا تعلم هل هي من أفحمت نفسها داخل عرين هذا الأسد أم أنه الخيار الوحيد أمامها لحماية الباقية من براثنه...

وطأت قدماها داخل مبني المؤسسة. تود الإلتقاء بها فيما يجمعهما من أعمال، ولكنها تأمُل بأن تراهُ من جديد. فقد رأته مرة واحدة، يُعاملها برقهٍ لم تعهدها طيلة حياتها. فكم تمنت بأن تلقي من هو شغوف برؤيتها...

دلفت للداخل بعد أن تنهدت بتوترٍ. ولكنها تفاجأت بغلق أبواب المكان. عقدت حاجبيها في إستغراب يدور في خُلدها الكثير وما أن همّت بإلتقاط هاتفها لتُحادثها. وجدته يتابع بنبرة هادئه، أنسه آلاء؟!
تلعثمت آلاء قليلًا وراحت تسند نظارتها بسبابتها اليُمني حركتها المُعتادة. بينما إستدار هو ليقابل وجهها ثم ردد بنبرة مُتسائلة، إنتِ كويسه؟!

رمقتهُ آلاء بتوتر بينما صلب هو بصره مُباشرة إلى مُقلتي عينيها ليفتر ثغرهُ عن إبتسامة خفيفة لتوترها قائلًا بحنو جليّ...

اممم. طيب أهدي علشان نعرف نتكلم. ولا طمعانة في علبة أيس كريم تانية. لا أنا مش عاوز أفلس.

آلاء وهي تبتلع ريقها بصعوبة: لا لا لا. خالص انا بس كُنت محتاجة روفيدا ضروري. بس مش عارفه. مش موجوده ليه؟!
زياد بهدوء: فعلًا، عندهم حالة وفاة وعلشان كدا ما جاتش.
آلاء قاطبة حاجبيها: إنا لله وإنا إليه راجعون. بس مين؟!
زياد بتنهيدة خفيفه: والد ماجد.
تابعت آلاء بنبرة حزينة وهي تُعدل من حقيبة يدها...
البقاء لله. وبإذن الله هروح أعزيهم بالليل.
زياد مُضيقًا عينيه بتساؤل: تعرفي المكان؟!

آلاء بإستكمال: اللي يسأل ما يتوهش.
تنحنح زياد قليلًا وراح يمسح علي شعرهِ بهدوء يود قول شيء ما. ومن ثم نحا بصره إليها مردفًا بترقُب.

انا رايح هناك. تحبي أوصلك في طريقي.
تلعثمت في عباراتها قليلًا وطال صمتها ولكنها تابعت بعد ذلك بإستسلام، ماشي.

عاوزاك تنفذ اللي بقولك عليه بالحرف الواحد. فاهمني؟!

أردفت إلهام بتلك الكلمات وهي تقف بصُحبة أحد الرجال بحديقه القصرِ بينما أومأ الرجل بتفهُم مُمتثلًا للأوامر الصادرة منها، تأهبت لإخراج النقود من حقيبه كتفها. لتتحول بنظرها للأعلي وتجدها تُراقبهما بأعينها، زفرت إلهام بنفور ظنًا منها بأن نوراي تُحاول فهم ما الذي يدور بينهما ولكنها لا تعلم، بأن نوراي سارحه في عالمها الذي وُضع حولة قيود صعبة التخطي، قامت بمد يدها له بالنقود ثم رددت بإبتسامة ثابتة، باقي الفلوس. لمّا المهمة تخلص. وأي غلطة مش هتكون في صالحك أبدًا. مش عاوزه اسمها يتذكر تاني أو يكون له وجود.

الرجل بتفهم: اللي تؤمري بيه، يا إلهام هانم.

أصحي يابني بقي. هتنام لأمتي تاني؟!
أردف سليم بتلك الكلمات بنفاذ صبر وهو يزيح الغطاء عن جسد ماجد الذي غط في سُباتٍ عميقٍ، لا يُدرك شيء عمن حوله ولا يرغب برؤية أحدٍ...

تشنجت ملامحه وأطلق زفرة طويلة مردفًا بضيقِ: سيبني نايم يا سليم.
سليم بثبات: ما ينفعش. قوم علشان عندك مشوار. ومش عاوزين مشاكل مع أخوك يا ماجد.
تنهد ماجد بأسف ليعتدل في الفراش جالسًا ومن ثم يمسح علي غُره رأسه بسكون، مُرددًا بنبرة سادرة، الميعاد صح!

نهض عن الفراش في تلك اللحظة بتثاقُلٍ ليخطو بضع خُطوات صوب باب الحجره وسط نظرات سليم المُترقبة له ومن ثم توقف فجأة وأستدار ليقابل سليم وراح يُردد بنبرة هادئه، ما تيجي معايا يا سليم؟!

قلب سليم شفته السُفلي بإستنكار ومن ثم وضع يده في جيب بنطاله مُكملًا بتهكم، دا علي أساس إن أخوك وحشني ونفسي أشوفه؟! اللي بينكم يا ماجد. ماليش إني اتدخل فيه. وبعدين النهاردة بالليل أول جلسة في المحكمة. يادوب أعمل مشوار قبل ما أروح.

ماجد بهدوء: اللي يريحك.
سليم بنبرة حاسمة وهو يتجه صوب باب المنزل: انا ماشي بقي. خلي بالك من نفسك.

جهزوا الأكل بضمير يا بنات، علشان سليم هييجي ياخدوا ل ماجد بعد ساعة.
أردفت السيده خديجه بتلك الكلمات وهي علي عجلة من أمرها تُعدل من حجابها المُنسدل علي كتفيها إستعدادًا للذهاب الى بيت ماجد بينما مطت نسمه شفتيها بإستنكار قائله...

إمبارح الأكل رجع زيّ ما هو يا خالتي.
خديجه بلوم: أكيد الأكل ما عجبهوش. ما إنتوا الإتنين أفشل من بعض. يالا اهو هيستحملكم شوية. أصل إمبارح في واحدة كلمته وكانت بتواسية. باينه بيحبها.

حملقت روفيدا إليها بذُعرٍ. بعدما كانت مُسجاة إلى الأريكة ولا تُشاركهما الحديث، ليتفاجأه بها تشهق بضعفِ دون صوت لها، عقدت نسمه حاجبيها بإستغراب وأسرعت بخُطواتها إليها مردفه بحيرة، خير يا روفا. مالك تاني؟!
روفيدا بنبرة باكيه: عمو ناجي واحشني.
نسمه بثبات: بطّلي عياط بقي يا روفيدا. دا انا عندي خبر هيفرحك.

رمقتها روفيدا بتساؤل دون أن تتفوه بكلمه، لتتركهما السيده خديجه لحالهما. مُنطلقه خارج المنزل بينما إستئنفت نسمه قائله بإبتسامه حماسية:
إنتِ عارفه طبعًا إني خلصت الثانوية، وما كملتش للجامعه. ف انا قررت أدخل الجامعه. أصل بصراحه عجبني موضوع الجمعيه وإني أكون عضوة ليا مكانتي وكمان علشان أكون جنبك في الفرع الرئيسي. أيه رأيك؟!

روفيدا بإبتسامة عريضه من بين دموعها: بجد؟! خبر حلو جدًا. مبروك يا نوسة. تقريبًا دا أهم قرار أخدتيه في حياتك.
نسمه بسعادة: جه الوقت اللي أهتم بنفسي بقي، ومن ثم إستكملت حديثها إليها قائله بخُبثِ: كُنتِ بتعيطي ليه بقي؟!
رمقتها روفيدا من جانبِ عينيها. ومن ثم ترقرقت الدموع فيهما وراحت تبكي من جديد...

في تلك اللحظة سمعتا صوت طرقات خفيفه علي باب المنزل. لتُتابع نسمه بنبرة مُتسائله، يا تري مين؟!
إتجهت روفيدا بخُطي سريعه ومن ثم قامت بفتحهِ لتجد فتاة تُردد بنبرة هادئه، السلام عليكم. أنسه روفيدا موجودة؟!

وضع كفيه في جيب بنطاله. رافعًا وجهه للسماء، وراح يجأر إلى الله ليسمع دعاءه مُرددًا بنبرة يشوبها الضعف، يارب. انا أضعف من كُل الوجع والصدمات دي. انا مستقوي بيك يارب. بس حيلي إتهد ومش قادر أكمل للطريق دا. وبردو مش هقدر أتنازل عن حق ليا.

جاشت عينهُ حُزنًا. وهو يقف أمام هذا البُرج الذي يعشق المكوث فيه لوقتٍ طويلٍ كلما ألم به الحُزن، إتجه بخُطواتهِ ناحيه مبني البُرج الخشبي ومن ثم فتح أحد أرففه لتمتد يدهُ إلى داخله وبعدها إلتقط هذا الطائر البومة. أمسكها بين قبضته وفجأة لانت قبضتة وتحرر الطائر مُغردًا للفضاء وسط نظراته المودعة له حيث أردف بهم جارف، مع السلامة. ما عادش ليكِ مكان بيننا. زيّ ما صاحبتك ما عادش ليها مكان في قلبي. الفقير الوجع هد فيه، ومالاقاش الراحة في أي رُكن من حياتة ولا حتى فيها. هتوحشيني. وصاحبتك ماتت جوايا. لا عارف أنسي ولا قلبي بطّل يناديها.

إنسابت قطرة دموع علي أحد خديه، ثم إرتمي جاثيًا علي رُكبتية مُرددًا بصرخة قوية، عمي ناجي!

جلسوا أمام المقاعد الخشبيه المقابله لبعضهم، تجهمت معالم وجهه وقد أشاح ببصرهِ بعيدًا عن شقيقهِ بينما ردد حسن بنبرة مُستفزه، أوعي تفتكر. إنك واحشني مثلًا، او جايبك هنا علشان أتأمل ملامح أخويا الغالي...

تجرع ماجد غيظه داخله، ثم تأفف مردفًا بثبات يشوبه التهكُم: أخوك؟! ونعم الأخوة.
قطع جدالهم الحاد بعض الشيء، دلوف المحامي إلى غرفه مكتبه ليرمقهم بهدوء وإبتسامة هادئه...

وما أن جلس إلى مكتبه حتى ردد بنبرة هادئه: شرفتوني في مكتبي المتواضع.
حسن بنفاذ صبر: مش يالا نبدأ.
عقد المحامي حاجبيه في إستغراب وراح يعقد ذراعيه أمام صدره مُرددًا بنبرة ثابتة...

وفين الوريث التالت! ما نقدرش نفتح الوصيه في غيابه.
حسن جاحظًا عينيه: لحظة! وريث تالت أزاي يعني! هو أبويا عنده ابن تاني غيرنا.
المحامي بثبات وهو ينظُر إلى الأوراق الموضوعه أمامه.
الوريث التالت أسمه سليم رؤوف النجدي.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة