قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع والعشرون

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع والعشرون

رواية هو لي الجزء الأول للكاتبة علياء شعبان الفصل التاسع والعشرون

مالت الشمس إلى المغيبِ، ترجلت هي خارج منزل آلاء تسلُك سبيلها إلى القصر من جديد، فقد كدرتها ماجريات الدهر وحالت دون سعادتها مع من عشقت، أستندت آلاء بظهرها إلى باب الشقة تتلاحق أنفاسها برهبة وقد مال لون وجهها إلى صُفرة فاقعة، بينما أطل هو من داخل إحدي الحجرات مردفًا بصوتٍ مبحوحٍ، مشيت؟!

أومأت آلاء برأسها إيجابًا، لتتجه بسرعة خطيرة صوب أحد المقاعد وما أن جلست إليه حتى رددت بنبرة هادئه، أكيد طبعًا، سمعت كلامها؟!
في تلك اللحظة إرتسمت علي مُحياهُ إبتسامة ماكرة، رمقها بنظرات ثابتة قائلًا بنبرة ذات مغزي، بقي هي الحكاية كدا؟!، هددها بأمي وأختي!
آلاء بتنهيدة حارقة: بالظبط. وطبعًا انا قررت أقف جنبك علشان صاحبتي، نوراي بتحبك اوي يا سليم لو سمحت ما تضيعش كُل الحُب دا علشان ضعف فيها.

جلس هو الأخر إلى المقعد الُمقابل لها، مال بجسدهِ للأمام قليلًا واضعًا رأسه بين كفيه في حيرة من أمره، أم آن لهُ أن يثور لحُبهِ؟! فما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة، في تلك اللحظة نحا بصرهُ إليها وقد إِفتر ثغرهُ عن إبتسامة واثقه، وكأنه قد ظهر مؤشر يُنبيء بإنفراج الأزمة، ضيقت آلاء عينيها في إستغراب من لين ملامحهُ وراحت تُردد بنبرة مرتقبة: بتخطط لأيه يا سليم؟!
سليم بثبات: هقولك.

فلاش باك، دلف داخل حجرة المكتب الخاصة بشقيقته حينما أعلمتهُ ب رغبه آلاء في التحدث إليه، بأسرع وقتٍ، جاب ببصره بين الفتاتين بينما هبّت روفيدا ناهضة عن مقعدها ومن ثم رددت بنبرة هادئه، هسيبكم تتكلموا علي راحتكم.
ترجلت علي الفور خارج الحجره، توجه ببصره إليها برباطة جأش ردد دون أن يجلس قائلًا في تساؤل، خير!

تلعثمت آلاء بعباراتها قليلًا في باديء الأمر، حيث شعرت بأنه يعلم ما ودت الحديث عنه، رمقها سليم مُترقبًا، ينتظر أن تهدأ فرائصها وتتخذ القرار بإخباره عما جاءت من أجله وهنا رددت هي بنبرة مُتحشرجه، نوراي قالتلي إنك بتحبها أوي يا أستاذ سليم، بس النهاردة انا شوفت عكس دا. شوفت واحدة مُنهاره من تصرفك ناحيتها، أكتر من إنهيارها وهي موجوده في بيت واحد، بيفرح بأذيتها. ممكن تقولي إستفادت أيه لمّا قسيت عليها؟!

إشتدت حدة عينيه في تلك الأثناء، أدرك ما تود قولهُ ليجلس إلى المقعد أمامها ومن ثم ردد بنبرة جامده، انا اللي يختار يكون في طرف عدوي، ما يستناش مني غير القسوة.
آلاء بعصبية خفيفه: أختارت! لا هي ما أختارتش. إنت مش حاسس باللي هي بتعانيه، صدقني لو بإيديها تختار مش هتختار غيرك.

إعتمد سليم أسلوبًا مُباشرًا في حديثه حيث تابع بنبرة مُتسائله، وليه الإختيار مش بإيديها؟!
مطت آلاء شفتيها في إستغراب من سؤاله وشردت قليلًا تبحث في هذا السؤال الذي لم يحتل تفكيرها ذات مره. حقًا ما الذي يجعلها تتقبل هذه الحياة وهي تعلم جيدًا أن هُناك من يستطع حمايتها؟! أصبح الأمر مُثيرًا للشك، ف هُناك سر، ودت نوراي الإحتفاظ به لنفسها...

آلاء بحيرة: للأسف، مش عارفه. بس أكيد في سبب. اللي بيحب ما بيفرطش في الحُب بسهولة!

أومأ سليم برأسه في وجوم، يهزّ قدمه بإنفعال، وأخذ يُردد بصوتٍ خافتًا يكسوة الثبات، ولا حتى بصعوبة. اللي بيحب ما بيتخلاش أبدًا.
آلاء وقد لمعت عينيها أملًا: يعني إنت لسه بتحبها، ومش هتسمح لضعفها إنه ينتصر عليها مش كدا؟!
سليم بإبتسامة باهتة: بالظبط. بس انا محتاج مُساعدتك.

Back، نهض مُنتصبًا عن مقعده، يستقبلهُ بحرارة شديدة حيث مد يده إليه كذلك بادلة فؤاد السلام ومن ثم جلس إلى المقعد الجلدي المقابل للمكتب وراح يُردد بنبرة هادئه، أخبارك أيه يا رأفت. وأخبار الشُغل في قسم الدعاية والاعلان؟!
أومأ رأفت برأسه في ثبات، ثم تابع بنبرة خشنة: بخير. والأعلاميين والصحافة شغالين علي أكمل وجة.

فؤاد بإبتسامة راضية: ودا المتوقع منك، إنت فعلًا صاحب ثقة قوية، إنك تكون رئيس القسم، وأنا فخور إن رأفت عبد الحكيم، بيشتغل عندي في الشركة.

رأفت بهدوء: تسلم يا فؤاد بيه.
تنحنح فؤاد قليلًا، ليلتفت بكامل جسده إليه، ثم تابع بنبرة حاسمة: عاوز إعلان في الجرايد، عن طاقم محاميين كفء، لأن المحامي الخاص بالشركة إتعرض لحادثة وبقي مُتقاعد.

رأفت بتفهم: تمام يا فؤاد بيه، الإعلان من بُكرا، هيكون في الجرايد.

قامت بإحكام ربط هذا الإيشارب علي رأسها، وقد إرتدت عباءة قديمة بل متهالكة لتمسك طرفهُ ثم ترفعه إلى خصرها وتعقد ربطة بإحكام أيضًا وهنا تابعت نسمة بنبرة جادية، يالا يا هانم. يادوب نلحق ننضف البيت ونزينه ب البلالين والزينة، واهو تتعلمي حاجة في حياتك يا فاشلة.

رمقتها روفيدا شزرًا، وراحت تمسك المكنسة بين يديها قائله بغيظٍ، أيه اللي إنتِ عملاه في نفسك دا أصلًا، إنتِ ليه محسساني إننا هنهد البيت ونبنيه؟!، وبعد كدا خايفه علي ضوافري لتتكسر. والمفروض إني عروسة ما أعملش حاجة.

جدحتها نسمة بعينين مُتأججتين من شدة الغيظٍ، أجفلت عينيها قليلًا تود التحكم في أعصابها ومن ثم إقتربت من روفيدا مُرددة بهدوء، نبقي نشتري ضوافر يا غالية.
روفيدا بإعتراض: لأ. دا مش من مبادئي، إنتِ عوزاني أضحك عليه بضوافر صناعية؟!

قامت نسمة برفع ذراعها للأعلي قليلًا ومن ثم ضربت روفيدا علي كتفها وقد صرت بأسنانها في غيظٍ، إشتغلي يا ضنايا، بدل ما أكسرلك صوبع، وأبقي قابليني لو لقيتي واحد صناعي، يالا مش عاوزين حاجه تعطلنا أبدًا.

في تلك اللحظة دلفت السيدة خديجة إلى حجرة الصالون تحمل صينية رُصت عليها مجموعة من الأطباق، لتتجة إليها نسمة مردفة بنبرة سعيدة، يااااه يا خالتي، حاسة بيا أديلي نص ساعه ما كالتش.
رفعت روفيدا أحد حاجبيها لتقترب منها وقالت بنبرة مُغتاظة، مش المفروض إننا مش عاوزين حاجة تعطلنا؟!
نسمة ترمقها شزرًا: بشحن، علشان أقدر أستمر.

رمقتها روفيدا بإبتسامة هادئه ومن ثم إلتقطت هاتفها الموضوع علي الطاولة وراحت تُهاتفها تليفونيًا في إنتظار إجابتها، وبعد بضع ثوانٍ سمعتها تُجيب بنبرة خافتة، روفا حبيبتي!
روفيدا بحنو: إنتِ اللي حبيبتي، إنتِ كويسة يا نوراي؟!
تنهدت نوراي بثبات ثم أردفت: اه كويسة علشان سمعت صوتك وشوفتك.

روفيدا بنبرة هادئه: نوراي، ماجد كلم سليم وبُكرا هييجي البيت علشان نقرأ الفاتحة وبجد يا نوراي أنا محتاجاكِ جنبي في يوم زيّ دا؟!

صمتت نوراي لوهلة، غالبًا تتنبأ بنتائج إجابتها وأخيرًا رددت بنبرة هادئه، طبعًا، هاجي انا وآلاء.

في صباح اليوم التالي، تجاوزت قدماها عتبه الغرفة، وقد تهيأت للرحيل بصُحبه آلاء التي تنتظرها في صالون القصر، إستعدادًا للذهاب، كانت ترتدي بنطالًا من الجينز الزاهي، وكذلك ثوبًا يعلوه، مبرقشًا قد تميّز بقصره من الأمام ولكنة ينسدل من الخلف مُتجاوزًا الكعبين من اللون الروز . وأطلقت لشعرها العنان لينسدل علي ظهرها بحُرية، وأخيرًا إرتدت حذاء عالي الكعبين من اللون الأسود.

وجدتهُ يقف أمام الغُرفة، يرمقها بنظرات مُتفحصة يُخالطها الإعجاب، لتبتعد عنه قليلًا في ريبة، بينما تابع هو بنبرة خشنة...

رايحة فين؟!
إبتلعت نوراي ريقها بصعوبة، فهي كارهة لهُ أشد الكُرهِ، أخفضت رأسها في الحال وردت عليه مُرغمة، رايحة النادي مع آلاء.
عاصم بحدة: وليه ما قولتليش إنك هتخرجي!
في تلك اللحظة تجرعت نوراي غيظها داخلها، حتى لا يسوء الموقف بينهما ويُصبح من المُستحيل خروجها أو الإلتقاء ب روفيدا، إرتسمت علي ثغرها إبتسامة مُزيفة، ثم أجابت علي سؤاله بهدوء تام...
كُنت رايح لك الأوضه حالًا. كويس إنك جيت بنفسك.

بادرها عاصم بمد كفيه إليها ثم وضع وجهها بينهما، وقد مال برأسه قليلًا حتى قبّل وجنتها بثبات قائلًا، تمام بس ما تتأخريش.

إكتظ المنزل بالأقارب والجيران، يُهنئون السيدة خديجة بهذه المُناسبة السعيدة، دخلن غُرفة الصالون صائحات بالزغاريد، ولجت نسمة إلى غرفة روفيدا لتجدها إنتهت من إرتداء فستانها الأسود الرقيق وحجابًا من اللون البنفسجي، إقتربت منها نسمة علي الفور، بينما رددت روفيدا بسعادة: شكلي حلو يا نوسة؟!

أومأت نسمة برأسها في تأثُر وراحت تفتح ذراعيها، لتستجيب روفيدا إلى دعوتها الحميمية، ترتمي بين أحضانها وهنا تابعت نسمة بنبرة حانية...

إنتِ زيّ القمر بكُل حالاتك يا روفا.
في تلك اللحظة أطلت نوراي من خلف الباب، وراحت تهتف بنبرة سعيدة: عروستي الحلوة!
روفيدا بسعادة عارمة: أوشين.

إقتربت نوراي منها لتضمها بحُب، ف هي الآن تسعد لسعادة صديقتها، مهما إعتصر قلبها حُزنًا، تتركهُ جانبًا وتُغدق علي غيرها من سعادتها الزائفة رغم جروحها التي أدمي لها القلب إشفاقًا عليها، تحدثن لكثيرٍ من الوقت بنبرآت فرحة، لإجتماعهم سويًا في مكان واحد وفجأه يجدن السيده خديجه تدلف مردفة بحنو، ماجد وصل يا بنات، يالا علشان نقرأ الفاتحة.

إنصعن الفتيات لحديث السيده خديجه، أسرعن بالدلوف خارج الغرفه وسط نظرات الجميع المصوبة ناحية روفيدا فقد تخضبت وجنتها بالحُمرة، وأخذت تتعرقل في مشيتها بقلقِ حتى جلست بجوار والدتها إلى الأريكة...

وهنا تابعت خديجه بنبرة مُتسائله: أمال فين سليم؟!
وجدته والدته يدلف علي الفور قائلًا بثبات: موجود يا ست الكُل.

تحولت الأنظار إليه، ف قد تأبطت هذه الفتاة ذراعيه فيروز أثناء دلوفهما معًا وكذلك جلست بجانبة إلى الأريكة، شرعوا جميعًا في قراءة الفاتحة ك خُطوة رسمية لما هو قادم ومن ثم أطلقت خديجة زغرودة رجت الأرجاء، لم ينتبه أحد لنظرات نوراي الساخطة علي هذه الفتاة، فهي لا تطيق قُربها منه، ولكن لا يحق لها أن تعترض مُطلقًا. فهي من سمحت بهذا في الأساس...

قام ماجد بإخراج علبة من القطيفة، من جيب بنطاله، ومن ثم إلتفت بإتجاة روفيدا مردفًا بنبرة هادئه، ودي هدية قراية الفاتحة.
نظرت روفيدا إلى الخاتم الموجود داخل العلبة، فاغره فاهها في ذهول يُخالطة السعادة وراحت تنتقل ببصرها إلى شقيقها الذي إبتسم لها في حُب، وأخيرًا رددت وهي تضع كفها علي ثغرها...

خاتم ألماز؟!، انا كُنت بحلم بواحد زية فعلًا من صغري، بس كان حلم زيّ أي بنت، ما تخيلتش أبدًا إنه هيتحقق.

ماجد بضحك: انا هنا علشان روفا، تحقق كُل اللي نفسها فيه.
روفيدا بخجل: شكرًا جدًا.

قام ماجد في تلك اللحظة بإلتقاط كفها وألبسها إياه وسط سعادتها الشديدة مما يحدُث، بدأ الجميع في الإلتهاء بنفسه. ومازالت نوراي تُراقبة بعينيها والغريب في الأمر أنه لم يلحظ وجودها مُطلقًا، موجه تركيزه بالكامل إلى ضيفتهُ، إتجهت نوراي علي الفور صوب المطبخ، وراحت تقضم أظافرها في إنفعال، فداخلها يثور كحمم بُركانية، ف خشيت هي أن تفيض هذه الحمم خارجها ف تُغرق المكان، كانت قد واربت الباب قليلاً ومن ثم بدأت تنظُر له من فتحته الضئيلة، فقد كان جاذبًا للغاية ببذلته السوداء، وقد حُفرت نغزته علي خده أثناء حديثه مع فيروز، تأجج شعورها غضبًا، فلا يحق لأحدٍ بأن يتأمله سواها وأثناء مراقبتها لهما تجد فيروز قد أطلقت ضحكة مائعة...

أجفلت عيناها قليلًا، وراح تستنشق الهواء داخلها، هدأت ملامحها قليلًا فعادت إلى الصالون مُجددًا، بينما قرّبت آلاء وجهها منها ثم تابعت بنبرة هامسة، أهدي يا مجنونة مش كدا!
نوراي بدموع حبيسة: باين عليا أوي؟!، هموت يا آلاء.
سكتت نوراي عن الكلام، تنظُر للفتاة حينما رددت بنبرة هادئه، مبروك يا روفيدا، ربنا يسعدك حبيبتي، ودي بقي هديتي.

نهضت نوراي عن الأريكة بحركة مُفاجئه ثم إتجهت ناحية روفيدا وراحت تُقبلها بنبرة حانية، مبروك يا قلبي، ربنا يسعدك. انا مُضطرة أمشي للأسف.
روفيدا بتفهم: هتوحشيني يا أوشين.
وقبل أن تُجيب نوراي علي حديثها وجدت فيروز تنظُر بإتجاه سليم قائله بذهول: أوشين؟!، مش دا اسم الشركة بتاعتك إنت وماجد!
رمقتها نوراي بعدم فَهم، تنظُر له تارة وأخري لها، بينما أردف هو بملامح ثابتة ونبرة مؤكدة...

اه، نفس الاسم.
فيروز بهدوء: اه. أوكية.
أنهت فيروز جملتها الأخيرة وراحت تبتعد عنه قليلًا، ولكنها فجأه توقفت وأصدرت تاوهًا خفيفًا قائلة، آآي شعري، مسك في زراير بدلتك يا سليم.
رمقها سليم بهدوء شديد، وراح يُخلص شعرها بترقُب وسط نظرات نوراي الماقته لها، وهنا تابعت فيروز برقة: أكيد شعري إتبهدل بعد الحادثه دي!
سليم بإبتسامة هادئه: لأ خالص، بالعكس شعرك جميل جدًا ومميز، انا بحب الشعر القصير.

تشنجت فرائصها في تلك اللحظة، ف هو لا يستهويه أبدًا الشعر القصير، جدحته في حدة وقد إبتلعت غصة في حلقها، لتتجه صوب باب المنزل بعد أن تخطته لتجده يرمقها في ثبات غير مُباليًا للوجع التي تُعانيه من تصرفاته تلك...

دلفت داخل غرفتها، وقد صفقت الباب خلفها تضع يدها علي قلبها بتأوهًا داخلي، فقد آكلها الوجع حتى صدأ داخلها من شدة الحُزن...

ذأبت في سيرها نحو المرآه الخاصة بها بعد أن ألقت حقيبتها أرضًا بعُنفِ شديد، تنظُر إلى نفسها بعينين ذابلتين وهنا إنفجرت الدموع تسيل فيضانات علي وجنتيها، بأيدِ مُرتعشه بادرت بمسح كُحلها السائل علي وجنتيها، ثم إنتصبت واقفه امام مرآتها مُباشره وامسكت بذاك المقص أمامها وبدأت في إقتصاص خُصلات شعرها بلا مُبالاه ومن ثم تابعت بكسره...

قوليله يرجع يا أمي. قوليله أن انا لسه مستنياه وباقيه عليه، لسه بتمناه رغم انه ما اتمسكش لحظه بيا، قوليله إنه ابني اللي اتسندت عليه بعد ما كبرت في العُمر، وما بقيتش طايقه فراقه، قوليله إني بمثل اللامُبالاه والقوه قدامه، بس انا هموت من الكسره وابني يرجع لحضني تاني. قوليله إن انا موجوعه ووجع الدنيا بيهد فيا ومش عارفه أكمل من غيره، قوليله فكره إنه مُجرد يكون لغيري كسراني أوي. قوليله أن كُل يوم بشكيه لربنا وبدعيله في نفس الوقت، علشان خايفه دعوه البنت اليتيمه تأذيه، قوليله إني بحبه بس كارهه ضعفي قدامه، قولي له إني موجوعه علشان مش قادر يشوفني من جوا. اه ما أتمسكش، لأنه ما أحترمش حُبي له وفي كُل لحظة بيستغل حُبي دا علشان يوجعني، قوليله بلاش يكون زيّ عاصم.

في تلك اللحظة قامت بقص جُزء كبير، ليس بالأطراف بل توغلت حتى آكلت نصفه ومن ثم رددت بنبرآت مُتحشره...

ولا أقولك ما تقوليلوش حاجه. زي ما أتخليت عن شعري، هحاول غصب عني انساه.

بعد مرور أقل من شهر
ها يا غسان هتعمل أيه في المُزايدة اللي هتتم كمان يومين؟!
أردف فؤاد بتلك الكلمات وهو يتحدث إلى المحامي الخاص بالشركة غسان عز الدين، بينما تابع المحامي بإبتسامة هادئه وأضعًا أحد الملفات أمام فؤاد، دول الأطراف اللي داخلين ك منافسين في المُزايدة دي. وكُلهم محتاجين الأرض علشان مصالحهم الخاصة.

فؤاد بتفهم: حاول يا غسان. الأرض دي هتكون مكسب كبير جدًا، ك فرع جديد للشركة.

طبعًا يا حبيبتي، هيكون في حفلة خاصة بينا خلال الكام يوم الجايين. هو انا عُمري أنسي الطقوس بتاعتنا بردو.

أردفت إلهام بتلك الكلمات وهي تجلس بصحبة إحدي صديقاتها في غرفة الصالون، حيث إرتشفت رشفة طويلة من كوب القهوة خاصتها، بينما تابعت صديقتها بمرح...

الفرح بعد إسبوع. عاصم بقي ناوي يعمله فين؟!
إلهام بعجرفة: الحقيقة دا يوم فرحه، وانا سايباه يختار هو وخطيبته بحُرية.
في تلك اللحظة قطع حديثهن مجيء السيد راضي الذي وقف أمامها خافضًا بصره ثم أردف بنبرة واهنة، الست اللي حضرتك طلبتيها وصلت يا إلهام هانم.
إلهام بتفهم: أه تقصد مصممة الفستان، طيب ياريت يا راضي توصلها لأوضة نوراي.
راضي بهدوء: ماشي يا هانم.

طرقت السيدة باب الحجره لتسمع صوتها يأذن لها بالدخول، جلست نوراي إلى ذاك المقعد الخشبي بشرفة حجرتها ومن ثم إلتفتت ناحية السيدة مرددة بهدوء...

جبتي الكتالوج!
السيدة بهدوء وهي تتجة إليها: أتفضلي يا نوراي هانم، دي كُل الفورم الحديثة، إختاري الأنسب لحضرتك.
بادرتها نوراي بإبتسامة واجفة، وراحت تُقلب الورق بين يديها في نفور، إستسلمت تمامًا لحياتها القادمة دون مقاومة، في تلك اللحظة دلفت آلاء إلى الغرفه ثم تابعت بإبتسامة هادئه:
نوراي حبيبتي، في ظرف وصلك حالًا وساعي البريد عاوز إمضتك بإستلامه.

رمقتها نوراي بنظرات مُستغربه حيث قطبت حاجبيها مُستفسره بينما مطت آلاء شفتها السُفلي بثبات وراحت تُعطي القلم ل نوراي قائله، أمضي يا حبيبتي علشان الساعي مستني.
نوراي ب لا مُبالاة: طيب هاتي علشان اعرف أكتب!
قامت آلاء بوضع الورقه علي الطاولة وكذلك وضعت عليها المظروف بينما خطت نوراي اسمها عليها دون تعليق، أنهت نوراي إمضتها، ف إتجهت آلاء خارج الغرفه، لتُعيد الورقة ل الساعي من جديد.

في تلك اللحظة دلف عاصم داخل الغرفة بخُطي واثقة ومن ثم قام بتقبيل جبينها وراح ينظُر للسيده قائلًا بنبرته الرخيمة، ها، إختارتي الفستان؟!
نوراي وهي تنظُر للسيدة بثبات: إتفضلي إنتِ وانا لما أقرر هبلغك بكرا.
أومأت السيدة برأسها إيجاباً، ومن ثم أسرعت مغادره الغرفه، لتُتابع نوراي وهي تُبعده عنها بكلتا ذراعيها، لو سمحت يا عاصم، انا مش بحب التصرفات دي.
عاصم غامزًا لها: هتحبيها، هتحبيها.!

أشاحت هي بنظراتها بعيدًا عنهُ. تمسح علي شعرها بنفاذ صبر، بينما إتجه هو صوب الباب مُرددًا بثبات...

عاوزك تجهزي بالليل، علشان هنخرج لمكان مهم أوي.

مرت الساعات، جلست نوراي بين أحضان آلاء تبكي بحُرقة، فقد ذبل جسدها بشكلٍ ملحوظٍ، تشهق بضعفٍ من أمرها، بينما تابعت آلاء بنبرة هادئه، إن بعد العسر يسرا. كُل ما بتضيق بيكِ، أعرفي إن الفرج قريب هيخبط علي بابك حبيبتي.

نوراي بنبرة واهنه: خايفة. خايفة منه يا آلاء، أنقذيني منه، الله يخليكِ.
أسرعت نوراي تُقبل جبينها بهدوء ومن ثم ربتت علي ظهرها تهديء من روعها، وفي تلك اللحظة سمعوا غمغمات تعلو رويدًا رويدًا. لتنهض آلاء وقد جذبت نوراي معها من ساعدها لخارج الغرفة...
وقف الضابط في مُنتصف بهو القصر وبصحبته إثنين أخرين، وراح يهدر في عاصم بصوتٍ جهوري به لهجة حازمة...

في بلاغ متقدم ضدكم. بإجبار زوجة علي الهرب من زوجها في يوم فرحهم، وانكم حابسينها في القصر قسرًا؟!

عاصم بنبرة جامده: إنت أكيد غلطت في العنوان.
الضابط بجمود: مش دا قصر الدالي ولا انا غلطان!
فؤاد بإستغراب: أيوه هو يا فندم.
الضابط بإستكمال: في شكوى متقدمه ضدكم من المدعو سليم رؤوف النجدي بأنه تم إختطاف حرمه.

أجابه عاصم بنبرة مُهدره وقد إنبعثت من عينيه نار مُتأججه، سليم؟! أيه الكلام الغريب دا؟!
كانت نوراي تراقب ما يحدُث بإندهاش وما أن سمعت اسمه حتى جحظت عيناها في صدمة وقد دارت الدنيا بها لتمسكها آلاء من ساعدها حتى تتوازن في وقفتها مُجددًا...

في تلك اللحظة سمع عاصم صوتًا يعرفه جيدًا ليدلف سليم داخل القصر وهو يهدُر بنبرة ثابتة، مش غريب ولا حاجه، انا عاوز مراتي،!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة