قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل العاشر

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل العاشر

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل العاشر

طرق يزيد باب غُرفة ابنته جنات وانتظر قليلًا إلى أن فتحت الباب وتركته ثم عادت إلى فراشها كما كانت، نظر لها قليلًا بصمت قبيل أن يقفل الباب ويتجه نحوها ثم يجاورها قائلاً بهدوء:
مساء الخير يا جنات.
وبغضبٍ طفولي ردت عليه:
مساء النور.
تنهد يزيد تنهيدًا عميقًا وقال وهو يقترب منها أكثر:
عارف إن مهما حصل مكانش ينفع أمد إيدي عليكي، بس في نفس الوقت مهما حصل مينفعش جنات تغلط في ابوها صح ولا لأ؟
قالت باندفاع:.

أنا مغلطتش في حضرتك!
غلطتي لما توصفي خوفي وحبي ليكي بتربية خنيقة يبقى غلطتي ولما تكسري كلامي يبقى غلطتي يا جنات.
جنات في حزن:
حضرتك اتجوزت من غير حتى ما تقولنا؟
يزيد بنبرة جادة:
زعلانة إني اتجوزت ولا زعلانة عشان مقولتش؟
الاتنين..
يزيد مبتسما هادئًا:
ممكن أعرف وجهة نظرك؟ ليه زعلانة؟!
ردت بصراحةٍ:
لأني مش عاوزة أعيش مع مرات أب.
بس عندك استعداد تعيشي مع جوز أم؟
صدمها رده المفاجئ، فقالت:
ليه بتقول كدا يا بابي؟

مش أنتِ قولتي إنك عاوزة تروحي تعيشي عند أمك وإنك مش عاجبك عيشتي؟
جنات مبررة موقفها:
قلت كدا بس عشان اعيش مع مامي مش حد تاني!
يزيد بثبات:
بس مامي عايشة مع حد تاني مش عايشة لوحدها!
قالت باختناق:
أنا مش عارفة أعمل إيه أصلا، وأعيش إزاي وأكون مبسوطة..
وبكت في تأثر شديد كما انهارت مشاعرها وراحت تعبر عن تلك الفوضى التي بداخلها..

أما يزيد فاقترب منها وضمها إلى صدره لأنه يعلم، يعلم أن جزء منها مشتت للغاية، وتائه! كأي فتاة طبيعية تحتاج إلى وجود امها لكنه أيضًا لا يعرف كيف سيعوض ويكمل هذا النقص؟!
استمع إليها من جديد تقول من بين دموعها:
ليه مش أعيش معاك ومع مامي ليه أنتوا بتعملوا فيا كدا؟؛
ضمها إليه أكثر ومسح دموعها بيده مع قوله:.

غصب عني أنا كنت مستحمل أي حاجة عشان تعيشي انتي وأخوكي في استقرار بس هي مستحملتش هي اللي اختارت ومش بكرهك فيها لا هي أمك وواجب عليكي تحترميها وتوديها وتبريها لكن يا حبيبتي متسمعيش كلامها في الغلط ولا تقلديها حاولي تعملي الصح وبس، يا جنات أنا معنديش أغلى منكوا وجوازي ما هو إلا بداية جديدة ومش جايبلكم مرات أب هي مش هتبقى مسؤولة عن أي حاجة تخصكم يعني مافيش حاجه هتتغير.
مسح على شعرها برفق واستكمل:.

سامحيني أنا مش هقدر أسيبك تعيشي معاها صدقيني مش هقدر، لو أنا عارف إنها هتحافظ عليكي هسيبك ومش هتردد لحظة واحدة..
نظرت له وقالت:
بس مامي لا يمكن هتأذيني..
أومأ برأسه قائلاً:
يوم ما هتأذيكي مش هتكون قاصدة دا بس الإهمال واللا مبالاة هيوصلنا لمرحلة الاذية واحنا في غنى عن دا وأنا مش همنعك عنها مقدرش أعمل كدا دي حقوق شرعية من حقها وحقك تشوفوا بعض بس أنا بحط حدود عشان ادرى بمصلحتك فاهمة حاجة؟!

هزت رأسها بهدوء بإيجاب ثم قالت باستعطاف:
طب ينفع أعيش مع حضرتك اسبوع يا بابي ومعاها اسبوع وبكدا مافيش حد فيكم هيزعل وهراضيكم انتوا الاتنين..
صمت يزيد بضيق وهو يزفر الهواء بثقل، فوضعت جنات رأسها على صدره قائلة بتوسل:
عشان خاطري يا بابي وافق..
بس بشرط..
قال بجدية، فرفعت رأسها إليه قائلة بفضول:
إيه هو؟
هنبقى أصحاب ومش هتخبي حاجة عليا وأي حاجة هتحصل معاكي هتيجي تقولهالي تمام؟
جنات بابتسامة كبيرة:.

تمام يا بابي..
يزيد بجدية:
ولو عرفت إنك خبيتي عليا حاجة أعمل فيكي إيه؟
جنات ببراءة:
متودنيش تاني عند مامي..
تمام..
قالها وهو يعانقها مجددًا ويربت على رأسها في حنو...

طرقات على باب الغرفة الخاصة ب زهراء، طرقات فوضاوية وعنيفة بالطبع علمت من الطارق...
وقد كان توقعها في محله عندما فتحت الباب ورأت مازن الذي دخل هاتفًا بانزعاج:
ساعة عشان تفتحي الباب..
زهراء هاتفة بتذمر:
إيه دا في حد يخبط بالطريقة دي!؟ وبعدين مين قالك ادخل أنا قلت ادخل دلوقتي؟
أنتِ عبيطة يابت يا زهراء؟، فك وتعالي معايا عاوزك في مشوار كدا..
زهراء بغيظ:
مشوار إيه الساعة دي أنت عارف الساعة كام يابني؟

عارف ما تنجزي في ليلتك يا زهراء، مشوار صغير كدا لحد المحل بتاعك دا اللي واجعة دماغنا بيه!
والله؟ وهتعمل إيه بقى؟
مازن وهو يهندم ملابسه قائلا؛
هتعمليلي بوكيه ورد كدا حلو عشان أصالح بيه نورهان ياكش تتنيل ترضى عني ونخلص..
ضحكت زهراء قائلة:
بطل الدبش اللي انت فيه دا وبطل تلعب بديلك وهي هترضى عنك..
نظر لها قائلا وقد رفع أحد حاجباه:.

أوعي تكوني أنتِ اللي فتحتلها الباسورد بتاعي يابت منا عارفك أروبة وبتقدري على كل نايبة..
زهراء وقد اتسعت عيناها بصدمة:
أنا أروبة وبقدر على كل نايبة يا مازن؟ وربنا انت ما عندك دم وأنا مش جاية معاك..
قهقه ضاحكًا وجذبها نحوه قائلا:
خلاص بهزر متبقيش عيوطة ونكدية كدا زي نورهان يخربيت كدا يا شيخة...
وبعدين إيه الأسلوب البشع دا جايب منين كلام الحواري دا؟

من الدنيا ويلا عشان خلاص جالي حموضة من كلامك أمشي معايا عشان ألحق اصالح الولية..
جلست على فراشها استعدادًا للنوم وهي تتذكر كل شيء، أسئلته المستفزة، حواره البارد، هيئته الصارمة، وكأن الحوار يُعاد من جديد أمامها الآن بكُل تفاصيله..
صحيح أن تفاصيله مزعجة، لم ترُق لها لكنها لم تكرهه كما كانت تظن!
لم تعرف أهذا قبول مبدئي أم أنها مشتتة وعائمة في هذا الموضوع..

يبدو قاسيًا بالفعل لكنه لم ينال كرهها وقد نال بعض القبول وإن قل!
وهذا ما يقلقها، كيف ستعيش مع كتلة الاستفزاز هذه!
أخبرها أن لديه من الأبناء اثنين كيف سيتقبلان وجودها ومن في البيت جميعًا؟
بعد اسبوع واحد ستكون معه تشاركه كل شيء؟، هذا لا يعقل ولا يصدق..
تنهيدة كبيرة خرجت منها قبيل أن يصدح رنين هاتفها عاليًا ينبئ عن اتصال جديد..
وقد كان المُتصل محمود الذي ما إن ردت عليه بادلها بكلمة واحدة
وحشتيني..

أنت بتتصل ليه تاني؟ أنت إيه معندكش دم؟
للدرجة دي يا رنا، أنتِ بقيتي بتكرهيني أوي!
بعصبية قالت:
وأكتر من كدا كمان بجد انت واحد معندوش كرامة ولا رجولة حتى ولو لسة عندك يبقى متتصلش بيا لأي سبب تاني عشان سلام...
أغلقت الخط بدون مقدمات وهو كرر الاتصال مرارًا لكنه لم يلق منها أي رد آخر..
بعد مرور ساعة..

وجدت نورهان باب الغرفة يُفتح ببطء ويد مازن تمتد بباقة رقيقة من الزهور ثم يدخل ويقفل الباب خلفه يقترب منها بتمهل ويبتسم بحُب لكنها لم تبتسم ولم يظهر عليها أي اندهاش مما دفعه للإحباط مجددًا وتجهمت ملامح وجهه قليلاً..
فقالت نورهان بجدية:
إيه دا؟
ملوخية..
قالها بغيظ تام وهو يلقيه جوارها ثم يكمل بعصبية:
ملوخية جايبها أخرطها عشان العشا، أنتِ شايفة إيه يا جِبلة؟
نورهان كاتمة ضحكاتها وانفعالاتها:.

طب إنزل هات المخرطة!
إيه الخفة دي؟ لأ استني كدا هموت من الضحك..
ضحكت بخجل والتقطت باقة الورد أخيرًا واستنشقت عبيرها بسعادة وهي تسأله:
الورد دا عشاني؟
أومأ برأسه عابسًا مع قوله؛
أيوة..
بابتسامة أخبرته:
شكرًا...
اقترب منها وجلس جوارها قائلا وهو ينظر إلى عمق عينيها:
أنا آسف هحاول أعمل اللي يريحك بعد كدا..
وأنا مصدقاك وهعتبر دا وعد منك وأنا عارفة إنك مش هتخذلني تاني صح يا مازن!؟
رد بسعادة وضحكة كبيرة:.

صح جدًا يا قلب مازن..
قبّل رأسها بحب ومسح على ذراعها قائلا بوعد وصدق:
إن شاء الله مش هتتكرر تاني..
بعد مرور يومين...
أصرت والدة يزيد أن تذهب رنا مع والدتها وبصحبة زهراء أيضًا لشراء كافة المستلزمات التي تحتاجها وكل ما تشتهي نفسها، اعترضت رنا في بداية الأمر لكن وجود زهراء معها أراحها وبدرجة كبيرة..

بالفعل ذهبت رنا بصحبة والدتها وزهراء التي شاركتها الرأي في كل شيء وبالفعل ابتدت رنا تتأقلم مع حياتها الجديدة وتبتسم ابتسامة مفعمة بالحياة والامل وتستعد لزواجها كأي عروس...
إيه رأيك يا خالتو تقعدي هنا تشربي حاجة وإحنا نلف نشتري اللي محتاجينه بدل ما نتعبك معانا؟
هكذا سألتها زهراء برفق، لتجيب إكرام بحماس:
ماشي يا بنتي خير ما عملتي..

ذهبتا الفتاتان تتجولان بعد ذلك بأريحية أكبر إلى أن قالت زهراء وهي تلتقط إحدى قطع الملابس الفاخرة:
أنا هدخل أقيس البلوز دي يا رنا عجباني اوي بصراحة..
فقالت رنا مبتسمة:
ماشي يا حبيبتي..
تجولت بمفردها قليلا، تنظر إلى المرآة تارة وتتصفح هاتفها تارة أخرى..
فاصطدمت بأحد ما، ترفع عيناها لأعلى، فتتفاجئ بوجود يزيد وهو يحملق بها قائلة بصرامته المعتادة:
على فكرة شعرك كله خارج برا طرحتك يا آنسة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة