قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الحادي عشر

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الحادي عشر

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الحادي عشر

أخذت تنظر له بصدمة ودهشة في آن واحد، عيناها في عينيه في صمت تام، لا تعلم من أين وكيف ظهر الآن؟ هل يُراقبها؟
وقبل أن تسأل ذلك السؤال المُلح، كان يرفع يده ويعيد خصلات شعرها تحت حجابها ويرتبه باهتمام أثار دهشتها مجددًا، فابتلعت ريقها بتوتر وابتعدت عنه خطوتين وما لبث يزيد أن اقترب الخطوتين قائلاً بهدوء صارم:
متبعديش كلها كام يوم وهيجمعنا سقف واحد عودي نفسك على القرب دايمًا، يا رنا!

أنت جيت هنا إزاي؟ بتراقبني ولا إيه؟
قالتها بنبرة منفعلة قليلاً رغم توترها ورجفة جسمها، فضحك ساخرًا مع قوله:
أراقبك مرة واحدة؟ دا إيه الكلام الكبير دا؟ درامية اوي يارنا.
رنا وقد نظرت له محتدة:
بطّل لهجة السخرية دي وأنت بتكلمني من فضلك دا لو عاوز حياتنا تبقى كويسة مع بعض تمام!
هو متابعًا بنبرة باردة أغاظتها:
تمام..

صمتت بضيق وأعطته ظهرها ريثما تخرج زهراء، فأدارها حيث قبض على ذراعها وأرغمها على النظر إليه مجددًا، انفعلت مرة أخرى من طريقته العجيبة تلك وقبل أن ترد بادر هو:
ششش، شكلك عنيدة بس مش مشكلة، بسيطة! وما علينا المهم أبقي غطي شعرك كويس جدا بعد كدا لأني بتضايق المرة الجاية ممكن تزعلي..
كشرت عن جبينها وهي ترد عليه:
أزعل من إيه؟ مش فاهمة تقصد إيه يعني؟
قال ضاحكًا بخشونة:
مني طبعًا، شغلي مخك شوية يا رنا.

ماحدش يقدر يزعلني على فكرة!
ابتسامة جانبية شقت ثغره بعد ردها وبدا كأنه مستمتع بالحديث معها، فقال:
أي حد يخصني لو غلط لازم يتحاسب وأنتِ خلاص بقيتي تخصيني يا آنسة رنا..
كادت تتكلم فقاطعها مجيء زهراء التي قالت وكأنها تفاجأت:
يزيد!
قال وهو يغمز لها:
آه يزيد، ها خلصتوا كل اللي محتاجينه؟
لأ لسة يا حبيبي تحب تلف معانا ولا تكمل انت مع رنا وأروح أنا؟
فبادرت رنا بالقول السريع:
لأ، قصدي يعني خليكي معايا يا زهراء...

استطرد يزيد بجدية:
أنا هستناكم في الكافتيريا تحت خلصوا براحتكم خالص، ..
ثم اقترب منها اقترابا أربكها بقوة وراح يهمس جوار أذنها:
مستنيكي متتأخريش عليا، وآه نسيت أقولك أنا بحب الغوامق كتّري منها!
تركها مصدومة متسعة العينين وقلبها في خفقان عنيف، فابتسمت زهراء وسحبتها معها وهي تربت على ذراعها قائلة:.

والله يزيد إنسان كويس جدًا يا رنا ومن برا حاجة ومن جوا حاجة تانية خالص، بكرة هتعرفيه اكتر ومتأكدة إنكم هتحبوا بعض جدًا..
أضافت رنا بارتباك:
ربنا يستر...
ارتدى مازن ثيابه الأنيقة أمام المرآة وبدأ في تمشيط شعره بعناية، بينما نهضت نورهان عن السرير واتجهت نحوه تتامله عبر المرآة في صمت، فابتسم لها وهو يقول:
إيه يا حبيبتي محتاجة حاجة؟
أومأت برأسها إيجابًا، فالتفت لها واقترب منها قائلا باهتمام:
محتاجة إيه؟

فقالت بهدوء تام:
عاوزة أخرج مع صاحبتي..
تابع بصدمة:
تخرجي مع صاحبتك؟! وكمان وأنتي دراعك مكسور؟ ثم من إمتى وبسمحلك أنا بالخروج مع صاحبتك، نورهان روحي كملي نوم..
بدأ الغضب يحتل ملامحها فقالت
آه مبتسمحليش فعلا بس اسمحلي أخرج لإني مخنوقة جدا وموضوع دراعي دا مش عائق يعني..
وبصبر رد عليها:
معلش مش هينفع أهدي كدا وأنا هبقى أخرجك لما أفضى..

وماله يا حبيبي هستناك لما تفضى بس هخرج مع دينا صحبتي برضوه النهاردة، مازن من حقي أخرج أنت بتعمل ليه كدا؟ بلاش تخنقني بزيادة..
بدأ ينزعج حين قال:
لأ دا أنتِ الخنيقة بزيادة بجد على الصبح، في إيه؟ مافيش خروج نهائي ارتحتي كدا..
التفتت وقد اولته ظهرها هاتفة بحدة عارمة:
مش هتفضل تتحكم فيا وقاتل حريتي في حين إنك حر جدا في نفسك اشمعنى انت يعني؟

مممم الاسطوانة الحمضانة بتاعتك بدأت تشتغل بصي يا حبيتي انتي صاحية من النوم النهاردة عاوزة تنكدي وقابلة عليا وعمالة تخترعي في أي كلام، مافيش خروج نهائي بقولهالك تاني أهو..
هخرج يا مازن..
قالتها بتحدي، فقال بتحد مماثل:
شاطرة ابقي اعمليها كدا، أقسم بالله تخرجي من غير ما أعرف...
قاطعته:
هتعمل إيه؟
هكسرك، بس ابقي اعمليها..
ثم ذهب إلى الباب قائلا بغضب:
سلام يا نكدية هانم..

أغلق الباب ولاحقه صياحها وغضبها العارم..
يرتشف من فنجان القهوه ببطء وهو يتصفح هاتفه باهتمام، بينما تتقدم منه رنا بصحبة زهراء التي قالت بمرح:
إتأخرنا عليك؟
حرك رأسه نافيًا بابتسامة، بينما قالت زهراء بارهاق:
تعبت اوي...
فأسرع يزيد يقول:
طيب يا حبيبتي بقول تروحي بقى عشان ترتاحي وياريت تاخدي والدة رنا في طريقك خلي السواق يوديها لحد بيتها...
فسألته بفضول:
و رنا؟
فقال وهو ينظر إلى رنا بإمعانٍ:.

رنا هتفضل معايا شوية..
يبدو أنه مصمم على إرباكها دائمًا، ابتلعت رنا ريقها بوجل وهي تسأله:
ليه يعني؟
فقال ببساطة شديدة:
محتاج أتكلم معاكي ليه الاندهاش؟
ردت زهراء بحماس:
أنا بقول كدا أفضل برضوه، يلا بيباي يا رنا حبيبتي، هروح أخد خالتو ونمشي باي يا يزيد..
أردف بابتسامة:
باي يا حبيبتي.
انصرفت زهراء وتركتهما معًا، فبسط يزيد يده يدعوها للجلوس قبالته وهو يقول:
اتفضلي.

جلست أمامه على استحياء وهي تحاول التغلب على ارتباكها الشديد، فاعتدل يزيد في جلسته والتقط فنجان قهوته مجدداً ليرتشف منه وهو يسألها برفق:
تشربي إيه؟
شكرا مش عاوزة حاجة.
قالت باقتضاب، فطلب لها عصير برتقال طازج، فأثار حنقها، فقالت:
تعرف إنك غريب جدًا يعني.
أومأ برأسه مؤكدا على كلامها:.

عارف، تقريبًا كل اللي يعرفني بيقول كدا، حتى امي واخويا وام اولادي، كلهم بيقولوا إني غريب وصعب الوحيدة اللي مقالتش كدا هي زهراء مش عارف ليه؟ يمكن هي شافت اللي هما مقدرش يشوفوه فيا؟! بصراحة مش عارف بس دا مش موضوعنا..
فقالت متسائلة:
إيه هو موضوعنا؟
نظر لها نظرة خاصة وكأنه أجابها بعينيه قبل أن تنطق شفتيه حيث قال:
أنتِ أنتِ الموضوع يا رنا.
أنا!

أيوة أنا هنا دلوقتي عشان أنا حابب أبدأ معاكي بداية جديدة ومتفائل بيكي، أنا بفهم في الناس كويس ولما شوفتك المرة اللي فاتت عرفت إنك بنت كويسة فقلت ليه لأ؟ يمكن نقدر نعمل حياة كويسة..
كانت تسمعه بصمت وعلامات الارتياح بدأت تطغى على ملامحها، فأخبرها بعد ذلك:
عارف إن فيه أسئلة كتير بتدور في راسك دلوقتي، ومن ضمنها ليه انفصلت عن ام اولادي، مظبوط؟
مظبوط..
تنهد طويلا وقد استطرد:.

هقولك، أنا اختارتها بكامل إرادتي، كنت بحبها فعلا اتجوزتها وكمعظم كل اتنين بيتجوزوا ويمر فترة عيوب الطرفين بتظهر أنا كنت عارف بعض عيوبها من قبل الجواز على فكرة..
سألته
زي إيه ولما انت عارف ليه اتجوزت؟
صمت قليلاً قبيل أن يخبرها:.

قولتلك لأني كنت بحبها تجاوزت عن العيوب واتجوزتها ومن أكبر عيوبها اللي ظهرتلي هي إنها مادية، بتحب الفلوس يعني جدا كنت حاسس مش متاكد إنها متجوزاني عشان الفلوس وبعد كدا اتأكدت من الشك وبقى يقين بس برضوه استمريت، لحد ما خلفنا جنات وإياد وبدأت الرحلة الشاقة، لقيتها معندهاش ١٪ مسؤولية عاوزة تخرج براحتها طب والأولاد يا سيرين، هاتلهم مربية يا حبيبي ميجراش حاجة بدأت اتعصب عليها بشكل مش طبيعي لدرجة إني مديت ايدي عليها في مرة من المرات بسبب إني رجعت لقيت إياد سخن وبيفرفر وهي سهرانة مع صحابها، بدأت تكره حياتي والعجيب في الأمر إني كنت بحبها برضوه..

عجيب فعلا..
اللي بيحب بجد صعب يكره..
أردفت بقلق:
معنى كدا إنك لسة بتحبها؟
لأ
بتكرهها؟
برضوه لأ، هي ولا حاجة ولا كأنها موجودة أساسًا في الدنيا، متقلقيش أنا بعرف أتعامل وأبدأ حياة جديدة تماما بدل الحياة اللي باظت، ودا سبب سرعة جوازنا، وسرعة جوازنا لها سبب تاني أنتِ عارفاه..
بجبين مغضن سألته:
إيه هو؟
بغمزة رد:
إنك عجباني، منا قولت، شكلك مش ذكية يا رنا!

تأففت بضيق مرة أخرى، إنه قادر على تحويلها وتقليبها ببساطة شديدة بكلمة يرفعها وبكلمة أخرى يهوي بها..
ضحك لتقلبها السريع من كلامه واردف حازمًا:
في وسط كل دا حابب أقولك إني مش ملاك واكيد فيا عيوب وانا فعلا طبعي صعب، بغير جدًا وفي الغيرة مجنون ودي برضوه كانت سبب رئيسي في انفصالنا مش بخوفك اعتبريها تعارف..
مطت شفتيها قائلا بثقة:
معتبرة أوردي إنه تعارف لإني مش بخاف..
رفع حاجبه قائلا:
تعجبيني يا رنا..

برضوه جوزك مرضيش يا نور، بجد دا خنيق جدًا..
هكذا قالت دينا عبر هاتفها المحمول، لترد نورهان بضجر:
أنا فعلا ممكن أخرج ومش هيهمني بس أنا مش عاوزة مشاكل مع مازن..
فقالت دينا ضاحكة:
تمام يا روحي، خلاص ولا يهمك أنا هجيلك لحد عندك ونقضي أحلى وقت..
أوك يا قلبي في انتظارك..
بعد مرور وقت قليل..

كانت قد وصلت دينا إلى القصر، وهناك ما إن ولجت إلى البهو حتى وجدت السيدة ابتهال التي انزعجت لرؤيتها، ألقت دينا السلام عليها وصعدت مع الخادمة إلى غرفة نورهان، بينما تأففت ابتهال مع قولها:
البيت بقى وكالة من غير بواب كل من هب ودب يدخل ماشي يا مازن بس لما اشوفك..!
رحبت نورهان بصديقتها ترحيبًا حارًا، وجلستا معا، فتقول دينا بحنق:
على فكرة حماتك بجد لا تطاق أنتِ مستحملة دا كله إزاي يا بنتي؟

هعمل إيه بس يا دينا بقول إن مهما كان ست كبيرة وواجب عليا أحترمها..
دي بسلم عليها مردتش أصلا هو فيه كدا!، يلا ما علينا يا روحي بصي جبتلك إيه معايا؟
إيه؟
سألتها نورهان وهي تنظر إلى يدها التي أدخلتها في حقيبتها وأخرجت منها لفافة تبغ غريبة الشكل، فعقدت نورهان ما بين حاجباها وهي تسألها باستغراب:
إيه دي؟!
قالت بابتسامة ماكرة:
دي بقى اللي هتنسيكي هموم الدنيا سيجارة بس مش أي سيجارة!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة