قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني عشر

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني عشر

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثاني عشر

نظرت لها نورهان باستنكار لعدة لحظات في صمت متوتر، ثم عاودت النظر إليها مع قولها المرتبك:
سجاير يا دينا!
دينا بلا مبالاة:
وإيه يعني سجاير يا روح دينا، متأفوريش كدا يا قلبي وعيشي معايا اللحظة!
مش ممكن أبدًا!
هكذا رفضت بضيق واكملت:
شيلي القرف دا من هنا يا دينا..
دينا بإصرار:
يا حبيبتي متبقيش معقدة كدا، أنا بشربها لما اكون زهقانة بنفخ فيها يعني غضبي مش أكتر جربي مش هتندمي..!

نورهان وقد نظرت حولها بتوتر بالغ:
دا لو حد عرف هتبقى مصيبة! دا مازن يقتلني!
وهو هيعرف منين مش بتقولي إنه بيجي متأخر؟ وحماتك تحت متعرفش حاجه يعني متقلقيش..
ثم قامت بإشعال اللفافة وأخذت منها نفسًا عميقًا، ومن ثم تحركت بيدها إلى نورهان، التي مدت يدها تأخذها منها برجفة ووجل، وضعتها بين شفتيها وعيناها تتسعان بصدمة...
أخذت نفس منها ولم تكد تكمله لآخره إذ أنها سعلت بقوة شديدة واحمر وجهها كما أدمعت عينيها...

أسرعت دينا تناولها كوبا من الماء وهي تقول بتلهف:
إشربي..
تجرعت الماء ثم تنهدت ببطء وهي تقول بعتاب:
كنت هموت..
وفي هذه اللحظة فُتح الباب وكالعاصفة ولجت ابتهال غاضبة حيث نظرت إلى الأثنتين بقسوة عارمة وهي تصيح بانفعال شديد:
إيه اللي بيحصل هنا بالظبط؟!
تجمدتا الاثنتين على إثر صياحها لتتابع ابتهال بعنف:.

مخدرات؟ بتشربوا مخدرات في بيت محترم زي دا؟ وأنتي يا نورهان هانم من امتى وأنتي بتشربي يا مرات إبني لا لا أنتِ محتاجة تربية لأن من الواضح إن أهلك معرفوش يربوكي!
نهضت نورهان آنذاك بعصبية وقد أردفت:
من فضلك متغلطيش فيا ولا في تربيتي أنا متربية كويس وبعدين فين المخدرات دي؟ دي سجائر بتاعة دينا أنا مالي!
اقتربت منها ابتهال وقد صاحت:.

يا عينك يا بجاحتك كمان بتزعقي معايا ومش همك، ثم أمسكت بالسيجارة وأردفت بحدة:
دي فيها حشيش يا حبيبتي بس العيب مش عليكي العيب على جوزك ولما يجي إن شاء الله!
ثم اطفأتها عبر المطفأة الخاصة ونادت أحد الخدم آمرة إياه بصرامة:
السيجارة دي تتشال عشان لما يجي جوز الهانم يعرف مراته المش متربية بتعمل إيه!
وانتقلت ببصرها إلى دينا قائلة:.

وأنتي يا بتاعة أنتِ تخرجي برا وإياكي تفكري تدخلي هنا تاني أحسن هقطعلك رجليكي أنتي فاهمة!
مشت من أمامها تتغنح في خطواتها وقالت قبل أن تبرح المكان:
فاهمة يا طنط!
بصقت خلفها فورًا ثم رمت نورهان بنظرة قاسية قبيل أن تتصرف، فتزفر نورهان بغضب وهي تضع يدها فوق رأسها تتمنى لو تنشق الأرض وتبتلعها!

بعد مرور ساعتين متواصلتين من الحديث بينهما استقل يزيد السيارة بصُحبة رنا وقد عزم على الذهاب إلى منزلها كي يوصلها بمنتهى الرضا والارتياح، لا يعرف كيف ذلك لكنه راض عن هذه العلاقة وتمنى أن يكون اختياره هذه المرة صائبًا..
كما شعرت رنا تقريبًا بنفس تلك المشاعر ولكن هناك ما يقلقها جراء وجود ذكرى مؤلمة كمحمود في حياتها..

يصدر هاتفها رنين مكتوم للمرة العاشرة تقريبا في وقت قليل وقد لاحظ يزيد ذلك مما دفعه للسؤال إذ قال:
مين بيرن عليكي ومش عاوزة تردي؟!
ورغم توترها من الداخل لم تظهر ذلك حيث قالت:
أبدًا دي واحدة صاحبتي بس أنا مش عاوزة أرد عليها..
فسأل مرة أخرى بجدية شديدة:
ليه؟
فأجابت:
عشان بترغي معايا كتير وأنا ماليش مزاج..
أها...
قالها وصمت قليلا وعاد يتحدث:
وليه بقى مالكيش مزاج يا آنسة! ممكن أعرف..؟

تنحنحت بحرج قليلا وهي تخبره:
اقصد يعني ماليش مزاج للكلام معاها دلوقتي..
فرمل السيارة فجأة بطريقة أخافتها ثم نظر لها واقترب للغاية منها وهو يسألها بهمسٍ جاد:
مرتاحة لجوازنا يا رنا؟ راضية؟
حدقت به وابتلعت ريقها بخجل من نظرته العميقة لعينيها، لم تجب فقال يزيد مضيقا عيناه:
أنا سألت سؤال ومحتاج إجابة يا رنا!
فتحت فمها وهمّت بالحديث لكنه بادر يقول:
أكتر حاجة بكرهها في حياتي الكذب أتمنى تردي بصدق..

تنفست بعمق قبيل أن تخبره باتزان:
أنت قلت أنك بتفهم في الناس كويس وحسيت إني كويسة، حابة أقولك إن الشعور متبادل وأنا كمان زيك بفهم في الناس وحاسة إنك إنسان كويس وبصدق أنا مرتاحة وأظن لو أنت بتفهم في الناس كويس يبقى إحساسي وصلك..
لانت ملامحه عندما سمعها صريحة من فمها، فأضاف رافعًا أحد حاجباه:
لازم أتأكد منك وعلى كلٍ أهلا بيكي في حياتي..

يقود سيارته من جديد مرتاحا، وتبتسم رنا على إثر جملته التي تربعت في قلبها...
قد جاء بعدما أخبرته والدته عبر الهاتف بما حدث، لم يتحمل ولم يصدق أصلا فأتى كي يتيقن بنفسه، عندما صف سيارته في الحديقة كانت نورهان تقف في الشرفة وأعصابها تحترق، اتسعت عيناها وولجت إلى الغرفة في سرعة واستلقت على سريرها وتدثرت جيدًا بالغطاء، عله يرحمها ويصدق أنها نائمة فيتركها وشأنها...
في الأسفل...

ما إن دخل مازن حتى همت والدته بالحديث تكمل على حديثها عبر الهاتف..
ليقول مازن بعصبية تامة:
خلاص يا أمي لو سمحتي كفاية بقى..
ابتهال بصدمة:
أنت كمان هتزعق فيا يا مازن؟ مش كفاية مراتك؟!
مازن وقد ذايلته الدهشة:
هي الهانم كمان بتزعق بعد كل اللي عملته؟! والله عال يا نورهان!
وبتهكم أخبرته:.

يا حبيبي دي كانت عينيها قوية وكلها بجاحة ونازلة شخط ونطر فيا آه ونسيت أقولك هي مكانتش بتشرب سجاير زي ما قولتلك في الموبايل خفت عليك من الصدمة!
اومال!
ضحكة هازئة أصدرتها وهي تخبره:
حشيش!
جحظت عيناه بغضب وهو يسألها بعدم تصديق:
نعم؟ لأ مش ممكن هو أنتي تعرفي شكل الحشيش منين أصلا!
يعني إيه أعرف منين؟ أنا في سني دا مش هعرف أفرق بين الحاجة اللي قدامي دا التلفزيون مخلاش يا حبيبي ولا الانترنت، وعموما لحظة..

نادت على أحد الخدم الذي أتى يحمل السيجارة على يده، فالتقطها مازن وهو يستمع إلى قول أمه:
وأدي الدليل يا حبيبي..
ثم لم يصغ إلى كلمة أخرى حيث اندفع إلى الأعلى وكأن الجحيم ينتظر نورهان!
فتح الباب بعنف فأصدر صوتا أرعبها فجعلها تنتفض رغما عنها، أسرع إليها وقد أمسك بكتلة من شعرها جعلها تصرخ وجرها منه حيث أجبرها على النهوض أمامه، صاحت به بألم:
آه آه شعري انت اتجننت يا مازن!
مازن وقد هزها بعنف بين يديها:.

هو أنتِ لسة شوفتي جنان، هو أنتِ خليتي فيا عقل أساسا!
تركها سائلا إياها والشر يتطاير من عينيه:
بتشربي حشيش يا نورهان؟ فجرتي يا نورهااان؟
وما كان منها إلا أن ركضت إلى الحمام وأغلقت الباب خلفها باحكام، استفزته أكثر وراح يخبط الباب بقدمه بقوة وهو يهتف بحدة:
يعني الباب دا اللي هيحميكي مني؟ هكسره على دماغك..
جاءه صوتها الباكي:.

اسمعني الاول أنا معملتش حاجة، دي دينا صاحبتي اللي شربت السجاير ومكنتش أعرف إنها حاجة تانية صدقني يا مازن..
وهبابة صاحبتك إيه اللي يدخلها أوضة النوم يا محترمة، متهببتيش ليه ونزلتي قابلتيها تحت هااا؟
ما أنت عارف إني تعبانة ومش قادرة أنزل فخليتهم يطلعوها صدقني يا مازن صدقني..
مازن وقد حاول استجماع ثباته قليلا:
طب افتحي الباب وهصدقك افتحي بس كدا!
صاحت من الداخل:.

مش هفتح يا ماااازن مش هفتح ولو مديت ايدك عليا هرمي نفسي من البلكونة يا شيخ حرام عليك أنت مفتري أنت ومامتك أصلااااا..
بصرامة قاتلة استطرد:
اغلطي كمان اغلطي حسابك عمال يتقل، لسة كمان حسابك على قلة ادبك مع أمي وغلطك فيها..
دافعت عن نفسها:
أنا مغلطتش فيها هي اللي غلطت وقالتلي أنتي مش متربية وأهلك معرفوش يربوكي فقولتلها متغلطيش بلاش ظلم كرهتني في عيشتي يا أخي!

دفع الباب بقدمه مرة وبجسمه مرة ثانية وكرر ذلك عدة مرات وفي كل مرة صراخها يزداد إلى أن تمكن من فتح الباب بالفعل فالتصفت بالحائط وهي تتوسل له باكية:
اسمعني اسمعني عشان خاطري...
لا تعرف ما الذي حدث له وهو يجذبها من شعرها بلا ذرة شفقة خارجا بها من الحمام وكأنه تبدل هذا ليس زوجها حتى وإن اختلفا آلاف المرات سابقا لكن هذه المرة تختلف، هو يختلف تماما...

يلقيها بمنتهى القسوة على الفراش، يخلع حزامه الجلد عن خصره وهو يتوعدها ويقول بشراسة:
هخليكي تفكري ألف مرة قبل ما تعملي كدا تاني، هعرفك إزاي تعملي كدا يا نورهان..
صرخت بهستيرية وزحفت بجسمها إلى الخلف وهي مازالت تتوسله وتقول:
بلاش يا مازن بلاش كدا يا مازن صدقني هكرهك وهكره اليوم اللي شوفتك فيه بالله عليك بلاش...
لكنه لم تأخذه بها الرأفة ورفع يده عاليًا كي يهوى بالحزام على جسدها الهزيل ولكن...

لم يستطع حيث جاء المنقذ الذي صاح به بنبرة عنيفة:
مااااازن! بتعمل إيه؟
وقد كان يزيد الذي دخل إلى الغرفة بغضب يستكمل حديثه:
أنت اتجننت؟..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة