قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث عشر

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث عشر

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث عشر

تقدم يزيد في خُطواته مندفعًا نحوه بغضب وهو يّكرر جملته:
أنت اتجننت يا مازن؟ بتعمل إيه في مراتك؟
كان مازن يلهث بقوة من فرط الغضب حينما دفعه يزيد في كتفه بحدة، بينما يقول مازن بعصبيةٍ:
لو سمحت يا يزيد اخرج برا الاوضة دلوقتي.
اعتدلت نورهان في جلستها بألم وإخراج فقد وضعها مازن في موقفٍ لا تحسد عليه أمام أخيه، كما اجهشت ببكاءٍ حار جراء وجعها.

ضغط يزيد على شفتيه مستاءً من أخيه وسحبه معه إلى خارج الغرفة رغمًا عنه، بينما أغلق الباب خلفه وراح يسأله بجمود تام:
إيه اللي حصل عشان تعمل كدا؟
مسح مازن على رأسه بضيق شديد قبيل أن يخبره:
الهانم بتحشش مع واحدة صاحبتها وفي اوضة نومي عرفت بعمل كدا ليه؟
صمت يزيد للحظات من المفاجأة وتجمدت ملامحه، لكنه قال بهدوء حازم:
عرفت إزاي؟ وبعدين لازم تسمع منها حتى عملت كدا ليه وإيه أسبابها لكن اندفاعك دا غلط!

مازن متأففًا:
انا شوفت السيجارة بعيني مع ماما تحت وهي اللي شافتهم وقالتلي اسمع إيه تاني بعد كدا قولي كدا لو أنت مكاني كنت عملت إيه؟ قول؟
يزيد وقد قال متنهدًا:
معرفش بصراحة ممكن أتصرف إزاي، هي غلطانة طبعًا، . بس نصيحة يعني من أخوك الكبير طالما الحكاية فيها الست والدتك وهي اللي شافتهم يبقى هي متوصية بالزيادة في الكلام، اسمع مني بس، وبعدين إسمع من مراتك وراجع نفسك..

دي كمان غلطت في أمك يابني دا أنا هكسر عضمها هي لسة شافت حاجة، انت اللي رحمتها من إيدي دلوقتي.
ضحك شقيقه وقال:
ليه هتكسر عضمها مش عجباك طلقها متوجعش دماغنا بمخك المتخلف دا، وبعدين هي ماما بتسيب حد يغلط فيها؟ دا كلام عمري ما أصدقه أبدًا!
زفر مازن الهواء من بين شفتيه في صمت غاضب، بينما يقول يزيد:.

استهدى بالله كدا وبلاش تتسرع أنا عارف إنك خرجت عن شعورك بس هي مش واحد صاحبك وغلط فيك عشان تضربه بالحزام دا جنان وفيه الف طريقة للعقاب غير كدا، راجع حساباتك..
ثم تركه وانصرف إلى غرفة ابنته جنات، وأسرع مازن ينزل درجات السلم باختناق شديد..
ولج يزيد إلى غرفة جنات بعدما طرق الباب برفق، فأسرعت إليه تعانقه برقة وهي تقول:
بابي.
فقبّل رأسها بحبٍ وهو يسألها عن حالها قائلاً:
عاملة إيه؟
فأجابته بنعومة:.

الحمدلله يا بابي وأنت؟
أنا تمام الحمدلله.
تابعت:
بابي أنا كلمت مامي واتفقت معاها إني هروحلها أول الاسبوع أنا وإياد..
تنهد طويلا قبيل أن يخبرها ببساطة:
بس اول الأسبوع أنا هعمل حفلة صغيرة عائلية كدا بمناسبة جوازي الجديد وطبعا لازم تكوني أنتِ وأخوكي موجودين عشان تتعرفوا على رنا وهي كمان تتعرف عليكم.
تجهمت ملامح جنات وهي ترد عليه؛
بس حضرتك قلت إنها ملهاش علاقة بينا.
فعلا.
يبقى ملهاش لازمة التعارف يا بابي.

احتضن وجهها بين كفيه متابعا:
ليها لازمة يا حبيبي، هي آه مش هتكون مسؤولة عنكم في حاجة لكن هي هتعيش معانا ولازم تتعرفوا على بعض كويس عشان تعرفوا تعيشوا مع بعض.
مطت شفتيها في تذمر وهي تخبره:
أيوة بس أنا قلت لماما خلاص إني جاية.
بابتسامة هادئة قال:
ميجراش حاجة هو يوم وروحي اليوم اللي بعده يا حبيبتي.
كادت تتكلم معترضة مرة أخرى فأخبرها بجدية:
جنات أنا بقول كلامي مرة واحدة بس، خلص الكلام.

صمتت مضطرة لذلك وهي تومئ برأسها، فقبّلها مرة أخرى وبرح غرفتها متجهًا إلى غرفة شقيقها ليطمئن كذلك عليه.
أغلقت زهراء أنوار المكان وأقفلت الباب أيضًا استعدادًا للذهاب حيث عم الظلام وتأخر الوقت قليلاً، مشت بخطواتٍ سريعة إلى سيارتها واستقلتها وقد إدارتها عدة مرات، لا تعلم ماذا حدث لم تستطع..
زفرت بضيق وهي تحدث نفسها:.

يعني اليوم الوحيد اللي أقول للسواق متجيش العربية تعمل كدا! أستغفر الله العظيم هعمل إيه دلوقتي بس!
ترجلت من السيارة وهي قد أوشكت على البكاء خاصة عندما وجدت هاتفها قد نفذ شحن بطاريته! يا له من حظٍ سيء!

تحركت بخطوات بطيئة على الطريق علها تجد سيارة تاكسي توصلها إلى بيتها، ظلت تمشي تارة وتقف تارة أخرى لمدة ساعة كاملة، إلى أن وجدت سيارة تمر أخيرًا عملت أنها تاكسي، اشارت لها فوقف وركبت معه وهي تتنهد بارتياح وتقول سرًا:
الحمدلله.
تسير السيارة بسرعة غير منتظمة، فتسرب القلق إلى فؤادها، وازداد حينما وجدته يتنحى عن طريق البيت، قالت برعشة شديدة أصابت كل خلية في جسمها:
دا مش الطريق اللي قولتلك عليه؟

لم يرد عليها وازداد سرعة، فصرخت بعفوية وهي تخبط على كتفه بخوف شديد:
اقف، بقولك وقف العربية، يارب ساعدني.
صراخها يزداد ودموعها تنهمر وهي تخبط على كتفيه تارة وتحاول فتح باب السيارة مرة أخرى في انهيار، صراخ متتالي منها وما من مغيث!

قامت رنا بتغيير رقم هاتفها وقررت أن تقطع هذه الصفحة نهائيًا من حياتها، وتبدأ صفحة جديدة تمامًا مع يزيد، ولكن هل يجب عليها أن تصارحه بكل شيء؟ أم أنا قرارها بتغيير الرقم كافيًا؟
تتخبط الأفكار داخل عقلها وهي تشعر بندم سافر، غصة في قلبها لأنه كان واضحًا معها وضوح الشمس، وفي المقابل هي أخفت كل شيء..!
هل تخشى والديها أم أنها تخشى رد الفعل!

أغمضت عينيها لعدة دقائق وهي تحسم قرارها، ستخبره بكل شيء والآن، أمسكت هاتفها، بحثت عن اسمه وقامت بالاتصال..
دقيقة، اثنان، وفي الثالثة آتاها صوته الجهوري..
ابتلعت ريقها بصعوبة وتسارعت أنفاسها فأغلقت عيناها باضطرابٍ.
خير يا رنا؟
وصلها سؤاله هادئًا، فردت بتلعثم:
آآ، أنا بس كنت بشوف الخط الجديد اللي اشتريته معاك النهاردة شغال ولا لأ.
ابتسم رافعًا أحد حاجباه قائلاً:
والمفروض إني اصدق الكلام دا بقى ولا إيه؟

بارتباك قالت:
ومش هتصدق ليه؟
مش عارف حاسس إنك متصلة عشان تتكلمي مع يزيد لا أكتر ولا أقل، عيني في عينك كدا!
ابتسمت رغمًا عنها لكن مازال التوتر يسيطر عليها ولم تكد ترد حتى سألها مرة أخرى:
هو أنتِ غيرتي رقمك ليه؟
مش أنا قولتلك بيجيلي عليه معاكسات؟
اه، نسيت يا رنا.
تنهدت وقالت:
طيب أنا بقى هقفل دلوقتي عشان هنام.
نامي..
صمت قليلا يستمع إلى صوت أنفاسها فيتابع قبل أن ينهي المكالمة:
مش عاوزة تقولي حاجة؟

لأ هقول إيه، تصبح على خير.
وأنتِ من أهله،
هكذا قال قبل أن يغلق مباشرة، بينما ألقت رنا الهاتف بغضب وهي تهتف:
جبانة، أنا جبانة!
لا تزال تستنجد، تصرخ وتضرب بقبضتيها على الزجاج في هلع، صوتها أصبح مبحوحًا أثر صياحها العنيف لكن بلا جدوى..
شعاع من نور يضيء جوار زجاج النافذة وكأنه أعاد الروح فيها من جديد..
دراجة نارية تقترب من السيارة فتزيد في صياحها وهي تنظر له بتوسل:
الحقنييي الحقني بالله عليك..

لم يستطع سماعها من خلف الزجاج لكن عينيه فسرت كل شيء فأزاد من سرعة الدراجة وهو يومئ لها برأسه في اطمئنان..

وقد تمكن من قفل الطريق على السائق بمهارة عالية، فلم يستطع السائق الرجوع للخلف حيث فرمل بقوة متفاديًا الاصطدام بالدراجة فترجل الرجل عن دراجته مسرعًا إلى السيارة وخبط على البلور بكف يده عندما أبى أن ينزل من السيارة خوفا وأبى أن ينزل منها، فما كان من الرجل إلا أن أتى بقالب من الحجر وكاد أن يدفع الزجاج فوجد الباب يفتح ويهرب السائق ولكن هيهات..

لقد أمسك به ودفعه دفعا قويا على السيارة وابرحه ضربًا، بشراسة قاتلة كان يهاجمه والآخير يحاول الدفاع عن ذاته..
أسرعت زهراء إليهما وأخذت تلكمه في كل ما طالت يدها، رأسه بطنه، ذراعه، وجهه، بغيظٍ شديد تنتقم لذاتها إلى أن وقع مستسلمًا وقد خارت قواه، ففتح الرجل باب السيارة وأدخله فيها مرة أخرى والتقط مفتاحها ليغلق عليه ويأخذ المفتاح في جيبه وسط أنظار زهراء المذهولة،.

أشار لها بيده وهو يقول بلهجة بدت لها آمرة:
اركبي على الموتسكل..
ازدرد ريقها ولملمت شتات نفسها وهي تقول بصوتها المتعب:
مش عارفة اشكرك إزاي والله أنا كنت هتدمر لولاك.
أومأ لها برأسه في صمت وقال كأنها لم تشكره:
اتفضلي.
ركب اولا وركبت خلفه فسألها بجدية:
عنوانك؟
أبلغته وهي تحاول الثبات حيث أنه انطلق في سرعة شديدة وهي قد شعرت بالانهاك الشديد...
العذاب...
ولا يوجد تعبيرًا أقوى من ذاك!

حبها له عذاب وزواجها منه أيضًا، ماذا يفعل بها مازن؟
لماذا تحبه اين حسناته؟
تعلم علم اليقين أنه يبادلها الحب العجيب خاصتها لكن ما الذي يفعله..
هل الحب والقسوة يجتمعان في آن واحد؟
إنها تشعر بالشيئان بداخله..
وفي الشيئان لا يرحم، حب بلا رحمة وقسوة بلا شفقة..
مازال رأسها يؤلمها أثر قبضته العنيفة ومازال الدمع عالق بين جفونها كلما تذكرت..

تنام على فراشها البارد وهي تحتضن نفسها في انتظاره عله يأتي ويتفاهما معا فيغفر لها وتغفر له ويبدأن صفحة جديدة من صفحاتهم العديدة..
وعلى جانبٍ آخر..
شقة ما في منطقة ما يعلو فيها صياح وغضب، تذمر وتحدِ..
وعيد وتهديد..
تقول وهي تحاول أن تستفزه:
أيوة شربتها حشيش يا مازن ولسة ياما هنشوف مني أنا ليا حق فيك زي ما هي ليها بالظبط..
صفعة مدوية نزلت على صدغها ورد بقسوة:.

مالكيش ولا عمرك هتكوني زيها أنا بتسلى بيكِ يا دينا وبس!..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة