قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع عشر

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع عشر

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع عشر

أنا مراتك يا مازن ولا نسيت؟! بتتسلى بمراتك!
قالت جملتها بإنهيارٍ تام وهي تدفع صدره بكلتا يديها، فيضحك ساخرًا قائلا بقسوة:
دي ورقة عرفي أقطعها في لحظة، يوم ما كتبناها كنتِ عارفة إننا بنقضي وقت لطيف وبس!
لطيف!
تقولها بسخرية مماثلة، وتضيفُ:
وقت لطيف معايا، ووقت لطيف مع نورهان أنت أناني يا مازن حقيقي مالكش أمان وأنا بقى اللي هفضحك قدام مراتك.
وبشراسة قاتلة هدر بها:.

إبقي اعمليها، وافضحيني عادي، بس بعدها لو عرفتي تنامي الليل مبقاش مازن البحيري.
ورغم قهرها لم تتخل عن سخريتها لتقول وقد فجّرت القنبلة:
أنا حامل يا مازن، حامل!
تجمدت ملامحه وكور قبضتيه بشدة من فرط الغضب، راح ينظر لها بحدة مميتة، فتقترب منه وتميل على أذنه مُكررة:
حامل، ولو حابب تتأكد تعالى نعمل تحليل دلوقتي حالاً.
وفي حركة مفاجأة قبض على شعرها بعنف وقد صاح:
هعتبر نفسي مسمعتش حاجة!
بألم أردفت:
يعني إيه؟

تابع بنبرة كالفحيح:
يعني لا أنتِ حامل ولا أنا هتأكد وأعمل تحاليل ودا أفضل ليكي، غير كدا هتزعلي مني جامد أوي ولو عايزة تفارقي الدنيا طلعي الكلام دا برا الباب دا، آمين؟!
يتركها بقسوة فتسقط باكية وهي تتابعه بعينيها إلى أن خرج من المنزل بغضب عارم، يتوجه خارج البناية ومنها إلى سيارته وينطلق بشرود...
ماذا إن علمت نورهان؟
وماذا عن حمل الآخيرة؟
أليس حلمه أن يُصبح أبا؟!

لكن نورهان لم تصبح أما فما الجدوى في ذلك وإن لم تكن هي أم أولاده فلا يهمه هذا الأمر..
ضحكة ساخرة تشق ثغره، يُحبها ويقهرها في آن واحد؟!
يتنهد بثقل وهو يسرع في قيادته وبعد مرور نصف ساعة تقريباً كان قد وصل إلى القصر وهناك ترجل من سيارته ليفاجئ بتلك الدراجة النارية التي تبعته ويرى زهراء تترجل منها بصُحبة شخص غريب، فتغضن جبينه وتوجه نحوها على الفور ثم نظر لها بجدية فبادرت زهراء تقول بإنهاكٍ:.

أنا كنت هضيع يا مازن لولا الأستاذ دا اللي أنقذني هو حضرتك إسمك إيه بالمناسبة؟
واجابها بإيجاز:
وليد..
فيرد مازن بقلق:
حصل إيه اتكلمي؟
ركبت مع سواق تاكسي وكان هيخطفني بس الحمدلله أستاذ وليد ربنا بعته ليا في الوقت المناسب.
نظر له مازن بامتنان، فعرّفته زهراء بدورها:
مازن أخويا.
صافحه الأخير برسمية شديدة وهو يقول:
أهلا وسهلا.
مازن وقد قال:
أنا بشكرك جدا يا أستاذ وليد على اللي عملته مع أختي لازم تتفضل بجد.

معملتش غير اللازم يا فندم، بعد إذنك.
انصرف سريعًا من أمامها، فيقول مازن بحدة:
أنتِ ليه تركبي تاكسي أصلا فين العربية؟ وليه متأخرة كدا في الزفت بتاعك دا؟
ردت عليه بإرهاق:
عشان العربية معرفش جرالها إيه مش بتشتغل، ويزيد بعتلي السواق يستناني بس أنا مشيته، موبايلي كان فاصل فاضطريت أركب تاكسي كنت هعمل إيه يعني!؟
كنتي متتأخريش طبعا ومتمشيش السواق أنتِ مجنونة يا بنتي؟
زهراء وقد ضجرت حديثه:.

خلاص يا مازن أنا حقيقي مش قادرة أقف على رجليا، وبالله عليك ما تجيب سيرة لماما أو يزيد عشان هيزعقولي وأنا مش ناقصة.
مازن زافرًا بعنف:
طيب اتفضلي اطلعي!

مشت أمامه ببطء وهي تتحامل على نفسها، وتحرك هو أيضًا إلى الداخل وهو يحاول ضبط أعصابه، ولج إلى غرفته وأغلق بابها بحذر، وقعت عينيه على زوجته النائمة على الفراش، يبدو أنها تنام بعمق شديد ايضًا، اقترب منها بتمهل وجلس جوارها مباشرة، مال عليها قليلا وتأمل وجهها الحبيب بصمت، ينظر إلى كل تفاصيلها ويتابع حتى أنفاسها، يمسح على وجنتها برفق ثم على شعرها وقد تذكر جره لها اليوم منه بشكل موجع للغاية..

يقبل جبينها برفق ويستنشق رائحتها بقوة وهو يغمغم:
أنا آسف!
تململت ببطء عندما شعرت بانفاسه القريبة منها، فتحت عينيها بنعاس وهي تقول بصوت مبحوح:
مازن، أنت جيت!
فيبتسم ويرد بمشاكسة:
لأ لسة!
حاولت أن تعتدل فساعدها بدورها وأسند ظهرها على الوسادة، ومن ثم صمت طويل بينهما..
كان يزرع عينيه داخل عينيها بعمق، فتقول بصوت متحشرج حيث ترقرقت العبرات الحارقة في عينيها:
سامحتني؟

ضحكة ساخرة أخرى تشق ثغره، من يسامح من! تطلب العفو وهو القاهر!
وهو يعلم! لذا أضاف برفق:
أنا اللي آسف عارف إني كنت غبي، وأنتي عارفة إني غبي فمتخديش بقى على تصرفاتي وسامحيني دايما يا حبيبتي، اوعي في أي يوم تكرهيني يا نورهان.
زوت ما بين حاجباها بدهشة وهي تسأله:
إيه الحنان دا؟مالك أنت عيان؟
ضحك وهو يهمس لها وكأنه يحاول أن ينسى مصيبته ولو قليلا:
بحبك!
تعرف إني أنا اللي عيانة يا مازن!
ليه يا قلب مازن مالك؟

عشان بحبك، بحبك مهما حصل وبسامحك بس أنت حس بيا شوية وبلاش تقسى عليا.
حاضر..
قالها وبالطبع لم يستطع النظر إلى عينيها أكثر من ذلك، لذا نهض إلى الحمام يغتسل تاركًا إياها تشعر بشيء يقلقها كأنه يهرب منها، هكذا تشعر!
تتوالى الايام وإذا باليوم الموعود يأتي سريعًا، ها هي داخل قصر البحيري ب فستانٍ يليق بأنثى مثلها، لونه ألابيض برز جمال ملامحها وبشرتها وكلما تحركت تحرك معها كحمامة بيضاء..

حُمرة خديها الطبيعية ازادتها جمالا في نظره، إنه يشعر بقلبه يُختطف!
لم ير ابتسامة بمثل هذا الجمال من قبل، لقد استقبلها قلبه على الرحب والسعة فأهلا بها..
هكذا كان يتطلع يزيد إليها وهو يتألق في رداءه الأسود، يجلس جوارها في حديقة القصر وزهراء أمامهما تلتقط لهما صور عديدة، يتشارك الأهل بها وتعم على القصر حالة من البهجة والسرور على غير العادة..

الجميع يشعر بالفرح حقًا، لا يعلم يزيد كيف حدث ذلك لكن الذي يحدث يروق له، منذ البداية إلى هذا الحفل السار..
شعرت رنا بشيء دافئ فوق يدها، كانت يده التي تغطت على يدها برفق وسحبها إليه ليضع فيها دبتله وخاتمه الألماس، ابتلعت ريقها بتوتر وهي تنظر إليه بإمعانٍ عن قرب، ترى هل هو سعيد؟
فلمَ لا يضحك وجهه!

قد أخبرتها زهراء إنه لا يضحك إلا نادرا لكنه إذا فرِح تطغى الفرحة على عينيه فأوصتها بالتركيز على عينيه دائمًا..
ها هي تنظر إلى عمق عينيه بخجل، ويبادلها بصمت، نعم إن عينيه تعبر وتصل لها الاحساس وبالتأكيد..
مبروك يا عروسة.
أخيرًا تحرر عن صمته ونطق، وراح يضغط أكثر على يدها التي اختفت بين راحة يده، لترد بارتباك شديد:
الله يبارك فيك.
ينادي على ابنته جنات وإياد بعد قليل، فيأتيان إليه ويقول بدوره:.

ولادي، جنات في ٢ ثانوي، إياد ١ اعدادي.
صافحتهما رنا بابتسامة، فصافحها إياد بنفس الإبتسامة، لكن جنات لم تبدِ إلا التهكم في نظرتها الهازئة وهي تقول:
أهلا.
تجهمت ملامح يزيد فورًا وهو يقول جازا على أسنانه:
جنات!
جنات ببرود استفزه:
بابي!
كبح غضبه بالكاد وهو يقول:
حسابك معايا يا جنات بعدين، اتفضلي.
انصرفت جنات بصحبة أخيها، فعاد ينظر يزيد إلى زوجته مع قوله:
جنات دي تعتبر طفلة فمتاخديش على تصرفاتها يا رنا.

أومأت رنا برأسها موافقة رغم انزعاجها من نظرتها لكن لا بأس!
تمرُ الدقائق..
وتتسع حدقتاها عندما وقعتا على سور الحديقة الحديدي..
محمود! كيف أتى؟
يختفي كالطيف وفي لمح البصر، تتلفت حولها بريبة ولم تنتبه إلا على صوت يزيد الذي سألها بجدية:
في إيه؟
بتلعثم واضح أجابت:
مافيش حاجة..
ضاقت عينيه وصمت رغم عدم اقتناعه باجابتها، ليقول بعد ذلك:
أنا بقول كفاية كدا بقى، مش يلا نطلع ولا إيه؟

تجمدت للحظة وشعرت كأن ساقيها تذوبان من تحتها من فرط التوتر والخوف..
نهض واجبرها على النهوض أيضًا حيث جذبها برفق إليه،
لقد انتهى الحفل وذهب من ذهب وبقى من بقى، وأُغلق عليهما باب واحد واجتمعا تحت سقفا واحدا ايضًا!
وماذا بعد؟
بعد أن طاردها محمود كالشبح الآن؟
وبعد أن أخفت عليه كل شيء؟
هل ستبدأ معه الآن وفي حياتها صفحة لم يعرف عنها شيئا؟!
عليها حسم الأمر..

كانت تنظر له بارتباك شديد وهي تفرك كلتا يديها في بعضهما وتزدرد ريقها الجاف بصعوبة بالغة، لقد قررت وليحدث ما يحدث ستخبره قبل كل شيء!
كان يتابعها بترقب، يشعر أن لديها من القول الكثير، وقول يُخيفها ويقلقه..
أناا...
هكذا نطقت بصعوبة، لتسمعه يرد وهو يجلس على الفراش بهدوء:
سامعك يا رنا، قولي..
أغمضت عينيها بشدة واعادت فتحها وفي دفعة واحدة ألقت جملتها:
أنا كان فيه حد في حياتي وكنت بحبه!

أظلمت عيناه بقسوة فجأة وتحولت ملامحه تماما ما إن أنهت جملتها، تراه ينهض عن مجلسه وغضب الدنيا في عينيه، تبتعد ما إن اقترب منها وهو يقول صارما:
سألتك وقلتي لأ، كنتي بتكذبي؟
أدمعت عينيها بألم، وراحت تقول باختناق:
أبويا...
قاطعها بحزم قاتل:
كنتي بتكذبيييي؟ قولي آه أنا كذابة، قولي آه أنا زيي زي البنات الرخيصة يلا قولي ساكتة ليه؟ اتكلمي قولي نظرتك فيا يا يزيد كانت غلط وإن البنات كلها حاجة تقرف..

قلبها تمزق من قسوة الكلمات فلو كان طعنها بسكين حاد لكان أهون عليها..
ومن بين بكاؤها ترجته:
ممكن تديني فرصة أفهمك بس..
اعطاها ظهرها وراح ينظر إلى المرآة وكل خلاياه تنتفض من شدة الغضب، صدره في صعود وهبوط من أثر انفعاله..
يتكلم بسخرية شديدة:
وجاية بتقوليلي دلوقتي على أساس إيه؟ إنك صريحة مثلا؟ أنتِ عبيطة ولا فكراني أهبل؟!

ولم تكد تتكلم حيث نظرت له بصدمة وهي تراه يضرب المرآة بقبضة يده في عنف فتتهشم المرآة فورًا وتنزف يده بكثافة..
أسرعت إليه وهي تصرخ بخوف ولم تكد تمسك يده ليوقفها بشراسة:
إبعدي!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة