قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل السادس

انصتت الأخيرة باهتمامٍ رغم تجهم ملامحها الآن، فتابع محمود يُخبرها بحذر تام:
جواز مؤقت يا حبيبتي عشان تريحي أهلك بس وكام شهر كدا لحد أقدر أقف على رجلي.
ردت عليه بذهولٍ عارم:
مش قادرة أصدق اللي بتقوله! إزاي بتقولي أتجوز واحد وأنا بحب واحد تاني؟
أجاب مبسط الأمر:
دا أحسن حل يا رنا صدقيني، أنا مافيش حد في الدنيا دي بيحبك قدي.
حب؟ حب إيه يا محمود وإزاي هتستحمل كدا لو أنت فعلا بتحبني؟ إزاي إزاااااي!

بكت منهارة بعد آخر كلمة حيث أنه صدمها وحطّم آمالها، يا له من وقح يزعم أنه يحبها ويرغب قربها ويقنعها بزيجة أخرى من رجل آخر!
رنا متفهمنيش غلط احنا هنبقى...
قاطعه بحدة نارية:.

هنبقى؟ هنبقى إيه؟ متكملش يا محمود متكملش يا محترم، الظاهر كدا أنا غلطت لما وثقت في واحد زيك، اسمعني كويس أنا آه حبيتك بس من اللحظة دي أنت برا حساباتي خالص لأني شكلي اتخدعت فيك وأخدت أكبر مقلب في حياتي وهو أنت، متتصلش بيا تاني يا محمود..
ثم أغلقت الهاتف على ذلك وراحت تستكمل وصلة بكاؤها الحار..
تعلن ذاتها وذاك اليوم الذي رأته فيه..

أعدت لها فنجانا من القهوة بإضافة الحليب الآن وهي تجلس على المقعد في مقر عملها الجديد.
منسجمة مع رائحة الورود، مع أحلامها الوردية الناعمة.
أو رُبما مع فتى أحلامها المجهول!
مساء الخير.

صوتا تسلل إلى شرودها وجذبها إلى هُنا رغما، ف لاحت منها التفاتة إلى الخلف وإذا بشابٍ طويل مقبول الهيئة أسمر البشرة مهندم إلى حدٍ ما يبدو عليه البساطة الشديدة، يقترب بخطوات متمهلة وهو يُحملق بها بنظرة لم تسترح لها، يقول متأملا ملامحها عن كثب:
اللهم صلي على النبي!
كان تائهًا في عينيها الجميلتين وشعرها الأسمر المصفف بعناية وبشرتها البيضاء الهادئة، ملامحها الصغيرة إلا عينيها الكحيلتين..

وردة تبيعُ الورود وكان هذا الذي يدور بداخله.
اتفضل حضرتك؟!
قالتها زهراء بحدة بعض الشيء وهي ترمقه باستغراب.
فتنحنح بحرج وهو يقول:
حضرتك فاتحة المحل دا جديد صح؟
زهراء بجدية:
صح!
ابتسم بإعجاب وقال:
المحل جميل، أنا بصراحة جاي أجيب بوكيه ورد لحبيبتي.
ابتسمت زهراء ببراءة قائلة:
تمام، شوف حضرتك اللي يعجبك وأنا معاك.
إذا ممكن تعمليه على ذوقك لأني مش بفهم في الكلام دا أوي أنا بس حبيت أفرحها.
أوك، ربنا يسعدكم.

شرعت زهراء تجمع له الورود باحساسها وذوقها هي بحب كبير وابتسامة تزين ثغرها، تابع الشاب متجولا في المكان خلفها:
متعرفناش بإسم حضرتك؟
إسمي هو إسم المحل.
الزهراء؟
أومأت له برأسها وقد قالت:
بالظبط..
رائع، اسم حضرتك رائع..
اكتفت بابتسامة فقط، فاستطرد أيضا:
أنا باسم، وبشتغل نجار.
أهلا وسهلا، قالتها بإيجاز.
ليقول:
أهلا بحضرتك حقيقي أنا سعيد جدا بوجودي في مكان زي دا وانسانة قمر زيك!

نظرت له بحدة وصمتت فعلم أنه قد تخطى الحدود! ليقول:
آسف..
هزت رأسها وصمتت، تتبع بفضول ضايقها قليلا:
حضرتك مرتبطة؟!
حضرتك يخصك في إيه؟
للمرة الثانية يتنحنح بحرج، يقول بهدوء:
آسف..
زائر ثقيل تنهدت بارتياح ما إن أخذ ما يريد وانصرف، تكلمت بعفوية مع نفسها:
حقيقي غتت أوي!
لم تستطع جنات البقاء بصُحبة والدتها أكثر وحضور حفل خطبتها الهائل...
مدللة ولكنها تخشى والدها، تعلم أنه سينفذ ما قاله إن لم تأت هي وأخيها..

لذا شجعتها والدتها أيضاً على الذهاب وإلا أفسد لها ليلتها مع ياسر..
كانت جنات تزرع بهو المنزل ذهابًا وإيابًا بضيق في انتظار والدها الذي قارب مجيئه من عمله، حيث أنها غاضبة وبشدة من تحكمه وتسلطه المبالغ فيه معها..
بعد مرور ثلاثين دقيقة تقريبًا كان قد وصل إلى القصر بالفعل..
ودخل مرهقًا ليراها على هذا الحال، كان بالطبع يعلم أنها غاضبة منه ولكن لا يهم، فلتغضب كما تشاء وليفعل هو ما يشاء أيضًا..

حمدلله على السلامة!
قالها يزيد بجمود وهو يعقد ذراعيه أمام صدره ينتظر ما ستلفظ به الآن!
وقد قالت جنات بعصبية:
حضرتك على طول تمنعني من كل حاجة عاوزها أنا بصراحة يا بابي مش عاوزة أعيش معاك وعاوزة أعيش مع مامي بس!
فقال لها متهكما:
ومامي مستعدة بقى تعيش معاكي يا حبيبتي؟
أكيد طبعا مستعدة!
رد باستهجانٍ مرة أخرى:
طب ليه سابتكم بإرادتها لما انفصلنا وأنا مكنتش همنع دا، ليه قالتلي ربي ولادك بمعرفتك أنا مش هربي؟

ردت بلا تأثر:
مامي مقالتش كدا وحتى لو قالت قبل كدا دلوقتي لأ!
ولو دلوقتي لأ، ف يا حبيبتي فات أوان الكلام دا وأنا هسمع كلامها وأربيكم بمعرفتي..
أغاظتها جملته فقالت بلا وعي:
مش عاوزة تربيتك الخنيقة دي ارحمني بقى..
وصاحبت جملتها صفعة عنيفة مع قوله:
لسة مشوفتيش التربية يا جنات.
دفعها قائلا بصياح:
اطلعي أوضتك.

انصرفت في حالة انهيارٍ وذهول تلك المرة الأولى التي يضربها والدها، كان يُدللها حتى وإن رأته هي قاسيا في بعض الأحيان ويبدو أن والدتها هي التي ستفوز في هذه المعركة...
صعد إلى غرفته محاولا أن يهدئ من روعه لكن لا محالة ما إن دخل الغرفة حتى أطاح بكل الأشياء التي قابلته على الأرض..
أنا موافقة!
قالتها رنا وگأن جسدها الآن بلا روح، تقولها وكأنها عقاب لنفسها!
وكأنها نهاية لكل شيء..
كأنها النيران، والعذاب والآلام.

فليحدث ما يحدث..
زغرودة امها كانت بمثابة طعنات إلى قلبها، تدفقت الدمعات من عينيها تحرق روحها وقلبها الهش..
ركضت والدتها تتصل على والدها لتخبره بموافقتها وهي تقول: يا سعدك يا هناك يا عبد العليم..
غافلة عن قهر ابنتها الوحيدة !

في الصباح.
تناولت نورهان طعام الفطار مع والدتها ببساطة شديدة افتقدتها طويلا هناك في القصر، حيث نظرات ابتهال الحادة والنظام الذي كاد يخنقها..
ولكن هناك شيء، مازن!
تشتاقه بشدة، يا لها غبية حقًا غبية قلبها سينهي عليها حتما ذات مرة لأنه أحب الشخص الخطأ الخائن في نظرها..
ها يا حبيبتي تحبي تتغدي إيه بقى؟
سألتها والدتها، لتجيب نورهان بابتسامة:
أي حاجة من ايدك يا ست الكل، بس بصراحة أنا نفسي في محشي كرنب!

ضحكت الأم بسعادة:
عيوني يا حبيبتي، إيه رأيك تنزلي تجيبي حاجته من السوق وتيجي اكون روقت الدنيا وعملت اتنين شاي كمان..
نورهان متحمسة لذلك:
ماشي ياحبيبتي.
نهضت لترتدي ثيابها البسيطة التي تكونت من تنورة سمراء واسعة وطويلة وكنزة بيضاء حريرية قصيرة، وأضافت لمستها الأخيرة بالحذاء الأسمر ذا الكعب العالي..

ثم صففت شعرها البني وضفرته ضفيرتها المميزة المنسدلة على كتفها، ثم لم تنس نظارتها الشمسية وهي تنزل درجات السلم بتمهل..
تخرج من باب العمارة وتشهق بصدمة عندما وجدت مازن يخرج من سيارته ويقفل بابها بعنف متجها إليها، فركضت بسرعة ماهرة لكنه كان الأمهر بالطبع حين ركض خلفها بسرعة أشد..
لحق بها وجذبها نحوه قائلا بغضب:
كنت عارف إنك مستخبية وبتضحكي عليا، بتهربي مني يا نورهان!
اوعى سيبني كدا لو سمحت..

وكأنها تقول له اقترب ولا تبتعد حينما ألصق جبينه بخاصتها قائلا بهيام:
أسيبك! دا أنتِ وحشتيني بغباء..
نظرت له بغيظ وهي تحاول إبعاده:
وحش يلهفك، احترم نفسك احنا في الشارع..!
اركبي العربية
دا بعينك
قال جازا على أسنانه:
بلاش تتحديني واركبي أنا مش هسيبك تعالي بالذوق أحسن ما تيجي بالعافية وبعدين تعالي هنا قوليلي راحة فين كدا ولابسة ومتشيكة على الصبح؟
وأنت مالك يا خاين يا بتاع الستات أنت..

همد ايدي عليكِ، أمد ايدي؟
نظرت له بحدة:
هو دا اللي أنت فالح فيه..
ضحك قائلا:
وأنا امتى ضربتك يا كذابة؟ الوش الحلو دا خسارة في الضرب أصلا!
طب أبعد بدل ما أصوت وألم عليك الناس
رد رافعا حاجبه:
هتقوللهم جوزي يتهجم عليا؟ اركبي فرهدتيني..
مش هرجع معاك على جثتي يا مازن، سامع؟
مازن ناظرا إلى الأعلى:
من ناحية سامع فأنا سامع بس من ناحية على جثتي دي مش هتحصل هتيجي معايا حية عادي..

ثم همّ بحملها وأدخلها إلى السيارة عنوة وأسرع ليقودها وبالفعل كان أقوى منها فلم تستطع منعه..
سار بالسيارة وهو يضحك على تعنيفها له المستمر، بينما قالت بجنون:
لو موقفتش العربية هرمي نفسي منها أنا بقولك أهو!
ضحك بشدة ولا مبالاة غافلا عن أنها جنت بالفعل وفتحت باب السيارة وقد ألقت نفسها أمام أنظاره المذهولة!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة