قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثامن

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثامن

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثامن

أجاب يزيد عليها بعد عدة لحظات، فتح وصمت فقط حيث يترقب منها ما ستلفظ به، بادرت هي بحديثها حين قالت:
إزاي تمد إيدك على جنات يا يزيد؟
رفع حاجبه وكان رده صادمًا قاسيًا لأبعد حد:
عشان متطلعش زيك.
جحظت عيناها من فرط غضبها الآن، فهتفت باندفاع:
قصدك إيه بالكلام دا؟و..
قاطعها ببرود استفزها بشدة:
قصدي اللي فهمتيه، أنتِ عاوزة إيه؟
بعصبية تامة:
عاوزاك تبعد عن ولادي وتسيبهم في حالهم.
بنفس البرود رد عليها:.

طب ما تخليكي أنتِ في حالك وسيبيهم في حالهم؟ أنتِ هتعملي نفسك أم لأ فوقي أنا مش الولاد هتضحكي عليهم بكلمتين، أنا عارف وأنتِ عارفة إنك أنانية وميتحبيش إلا نفسك بلاش تعيشي دور مش دورك!
أنت وقح حقيقي يا يزيد كان عندي حق أسيبك لوحدك زي...
قاطعها آنذاك بشراسة:
أوعي تنطقيها متخلقش لسة اللي يغلط في يزيد البحيري، أنتِ مسبتنيش أنا اللي سيبتك بمزاجي لأنك ببساطة متنفعيش.
صمت...

صمت من الطرفين عدة لحظات إلى أن قالت سيرين بسخرية شديدة:
مش حقيقي، أنا اللي كرهتك وكرهت عيشتك بس أنت لسة بتحبني وهتفضل طول عمرك بتحبني وعايش بس على أمل إني هرجعلك، أنا واثقة من اللي بقوله، وآه أنت عارف وأنا عارفة دا كويس.
ضحكة تهكمية أصدرها قبيل أن يقول:.

مسكينة، أنا أعيش على أمل إنك ترجعيلي؟ دا أنا أبقى واحد مغفل حقيقي، فوقي كدا واعرفي أنتِ بتكلمي مين! عارفة بس إيه أكتر حاجة مزعلاني؟ إن ولادي ليهم أم زيك دي أكبر غلطة أنا عملتها في حياتي، عارفة كمان؟ أنا بلعن اليوم اللي اتجوزتك فيه، وبلعن الصدفة اللي جمعتنا، حاجة آخيرة أنا مضطر أقفل دلوقتي لأن أنا بتجوز للمرة التانية النهاردة، ولا أقولك للمرة الأولى أصل أنتِ كنتِ وهم، ومن غير سلام يا سيرين..

أغلق على ذلك وأخذ صدره في صعود وهبوط عنيف...
في تلهفٍ ركضت زهراء إلى نورهان التي دخلت الآن بصحبة مازن في حالة يرثى لها، قالت بقلق بالغ:
نورهان مالك يا حبيبتي إيه اللي حصل؟
كان وجه نورهان شاحبًا للغاية فلم ترد عليها فقط أدمعت عيناها، فنظرت زهراء إلى شقيقها مع قولها:
إيه اللي حصل يا مازن ما تتكلم يا أخي؟!
مازن متأففًا وهو يسحب نورهان معه ويسير بها:
بعدين يا زهراء بعدين..

ثم توجه بها إلى الدرج ليصعدان معا إلى غرفتهما، ما إن دخلا حتى اقترب مازن منها ينوي مصالحتها!
ابتعدت بعنف رغم وهن جسدها وصرخت فيه قائلة:
ابعد عني متقربش مني خالص
مازن قائلا بهدوء صارم:
خلاص يا نورهان خلاص!
خلاص؟ خلاص إيه يا عديم الإحساس، أنا جيت معاك لأني مش عارفة اقاومك وأنا بالحالة دي بس أوعدك المرة الجاية مش هتشوفني تاني، أوعدك يا مازن.
ضغط على شفتيه بغضب جم، اقترب منها قائلا بقسوة:.

مش هشوف وشك في حالة واحدة بس لما تبقي تموتي أو أنا أموت غير كدا لأ، ولولا دراعك المكسور دا كنت كسرتك وكسرت دماغك الناشفة دي!
بعصبية دفعته بذراعها اليسرى:
ابعد عني، أنا حقيقي مش طايقة أشوف وشك، اللي يسمعك دلوقتي يقول إنك واحد بيحب مراته ومخلص لها أوي، مش قادرة أفهمك أنت بتعمل كدا ليه؟ ليه بتخوني يا مازن؟
زفر على مهل وأخبرها ببساطة:.

مش بخون، أنا بحبك أنتِ وأنتِ الأصل الباقي بقى دا تسلية ستات رخيصة بتتحدف عليا وانا قاعد في حالي لا بيا ولا عليا بضعف بصراحة لكن مافيش واحدة فيهم لها مكان في قلبي..
ضحكت بتهكم:
والله؟! لأ بجد مخلص أوي، مازن أنت رخيص وأنا بكرهك.
أغمض عينيه مكورا قبضتي يديه مع قوله الغاضب:
ماشي، ماشي يا نورهان استفزيني زي ما أنتِ عاوزة وأنا برضوه مش هزعلك، بس متطوليش في الهري دا عشان أنا مش هسمحلك بكدا..

وأنا عمري ما هسمحلك باللي بتعمله يا أنا يا القرف اللي بتعمله دا..
يبقى أنتِ طبعا يا قلب يا مازن! أنتِ بتقولي إيه؟ وبعدين دا كلام هو الكلام بفلوس يا ستي؟ ليه بكبري المواضيع وبتقولي خيانة ومش خيانة وعموما خلاص مش هتتكرر تاني آخر مرة تمام؟
نظرت له باشمئزاز وقالت باحتدام:
مش تمام، ومش هصفالك يا مازن تمام؟
تركته وذهبت إلى الحمام فورًا، ليهتف بعصبية:
لأ مش تمام ياختي!

في طريقها الآن إلى مصيرٍ غير معلوم، إلى المجهول..
تشعر بشرخٍ كبير في قلبها الذي ينزف بلا توقف الآن..
ماذا فعلا بها والداها؟!
وماذا فعل بها محمود؟!
وماذا سيفعل بها يزيد إذا؟
هل هذه حياتها؟ ملكا لها أم ملكا لهم يفعلون ما يشاؤن؟!
الصبر..
فقط هي تصبر ليأتي الحل من فوق السماء..
رسالة نصية عبر هاتفها تقرأها لتوها باهتمام حيث المُرسل كان محمود، ومحتواها كان..
متأكد إنك مش هتنسيني وهنبقى لبعض في الآخر
يا لوقاحته.

إنه وقح حقًا، أي صنف من الرجال هذا؟ يبدو أنه كان أكبر وهم واكبر خدعة في حياتها...
ولعل القادم افضل؟
تسأل نفسها وهي تحاول التشبث بأي شيء يوصلها إلى بر أمان..
أخيرًا وصلوا إلى القصر، ذلك القصر المهيب من الخارج فكيف هو من الداخل يا ترى؟
تترجل من السيارة وهي تضع يدها على خافقها، تسير بتمهل مع والديها ليمروا ثلاثتهم عبر البوابة الرئيسية ومن ثم إلى الداخل..

كانت السيدة ابتهال في استقبالهم بنفسها، ابتسمت باتساع وهي تحتضن شقيقتها ومن ثم الفتاة وكأنها تُعاينها بعينيها وما أقساه شعور على رنا!
كذلك صافحت عبد العليم ودخلوا إلى بهو القصر...
طاقة قدر بالنسبة لعبد العليم وإكرام..
وكابوس على رنا التي كان قلبها يبكي الآن وليس عينيها!
تتقدم زهراء وتصافحهم مرحبة بهم بدورها وتهدأ رنا رويدا رويدا حين رأتها..

ينزل يزيد الدرج الآن وهو في كامل أناقته، صحيح هو إبن خالة رنا لكنهما لم يعرفا بعضهما قط..
لذا اختلست رنا النظرات إلى هيئته صاحبة الهيبة الطاغية وقامته القوية طولا وعرضا، بشرة وجهه البرونزية كبشرتها تماما!
شعره الأسود كالفحم كلون عينيه السوداوان كالليل..
ذقنه الكثيفة وشاربه المنمق..
ملابسه المكونة من بنطال أسود وقميص كذلك حتى الحذاء!
ما هذا! يبدو قاسيًا جدًا صلبًا لأبعد حد...

وجاء دوره في أن ينظر إليها وهو يلقي السلام على الموجودين..
نظرته أشملتها وجابت جميع ملامحها الهادئة وملابسها المحتشمة الفضفاضة..
أخفضت رنا نظرها سريعا عندما تلقت نظرته المتفحصة لوجهها..
ليسمع صوت خالته تقول:
يا ألف أهلا وسهلا بعريسنا الباشا!
وبجدية تامة قال:
أهلا..
ليتكلم عبد العليم:
منور يا بيه..
اكتفى يزيد بإيماءة من رأسه فقط، فقالت ابتهال بابتسامة:.

أنا بقول قومي يا رنا مع يزيد برا في الجنينة عشان تتعرفوا على بعض..
شجعتها زهراء وقالت وهي تنهض:
تعالي يارنا..
اصطحبتها معها واتبعهما يزيد واضعًا كلتا يديه في جيبيه..
ابتلعت رنا ريقها وهي تشعر بخطواته خلفها، توتر رهيب سيطر عليها وباتت ترتجف حتى مع تهدئة زهراء لها، بينما زادت دقات قلبها اضطرابا حين سمعته يقول:
خلاص يا زهراء تقدري تدخلي أنتِ دلوقتي.
هزت زهراء رأسها موافقة واقتربت منه قائلة برفق:.

بالله عليك براحة عليها وافتح قلبك لها.
أومأ فقط برأسه في صمت فانصرفت زهراء، اقترب يزيد من رنا قليلا وأشار لها إلى إحدى مقاعد الحديقة التي قابلتهم قائلاً بهدوء:
اقعدي..
جلست رنا على استحياء وحاولت ألا تظهر توترها له وأن تظهر قوتها لكن هيهات فهو كان يشعر بكل شيء، كل شيء!
عرفيني بنفسك.
قال هذه الجملة وهو يجلس مباشرة أمامها مما أربكها أكثر.
فاستجمعت قواها وتحدثت بجدية مماثلة:.

أنا رنا، عندي ٢٨ سنة، خريجة كلية تجارة.
أشعل لفافة التبغ خاصته وأخذ منها نفسا قويا ثم زفره دفعة واحدة مع قوله:
جميل..
نظرت له بعدم فهم:
هو إيه اللي جميل؟
مواصفاتك يا أنسة هيكون إيه تفتكري؟ شكلك مش ذكية يا رنا، مش إسمك رنا برضوه!
تأففت رنا بعدم رضى ولم يرُق لها حديثه، نظرت إلى الأرض بصمت، فقال يزيد:
كملي؟
نظرت له بضيق وقالت:
عاوز تعرف إيه تاني؟
كنتِ على علاقة بحد؟ يعني حبيتي اتخطبتي قبل كدا؟

رنا وقد تذكرت تعليمات والديها:
لأ..
ضاقت عيناه وقال متعمدًا مضايقتها:
جميل..
ضغطت على أسنانها بشكل ملحوظ، فقال وهو يلقى السيجارة تحت قدمه:
شكلك عصبية يا رنا..
تغضن جبينها ثم أردفت:
ممكن تقولي عاوز إي؟
عاوز أتجوزك عندك مانع؟!
قالها صريحة بنبرة قاسية لا تبشر بالخير!
فتوسعت عيني رنا وقالت بفؤاد قلق:
ممكن أعرف ليه؟
وتابعت بنبرة أكثر هدوء:
ليه وأنت لسة متعرفنيش؟!
وبتهكم شديد قال:.

وممكن أنا أعرف أنتي جاية ليه النهاردة؟! على أي أساس يعني مش لنفس السبب ولا أنا غلطان؟!
أخرسها حديثه فعادت تنظر إلى الأرض وهي تهمس لنفسها:
الله يسامحكم على اللي عملتوه فيا!
فقال رافعا أحد حاجباه:
بتقولي حاجة!؟
حركت رأسها نافية مع قولها:
مبقولش..
عصبية شكلك..!
قالها مجددا وهو يتابع ردة فعلها، فزفرت بعنف وصمتت لبرهة قبل أن تقول؛
ممكن حضرتك تعرفني بنفسك؟
أردف بتريث:.

يزيد البحيري، رجل أعمال، ٣٥ سنة كنت متجوز وانفصلت وعندي جنات وإياد
سألته بفضول:
ممكن أعرف سبب الانفصال؟
مريحتنيش، تعبتني كتير..
ممكن توضيح؟
لأ
صدمها رده فقالت بغضب:
من حقي أعرف.
بعدين، بعدين يا رنا هتعرفي، المهم دلوقتي تحضري نفسك لكتب الكتاب...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة