قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل التاسع

كتب كتاب؟ يعني إيه؟!
هتفت في انفعالٍ تام وهي تنظر إلى وجهه نظرة قوية يشوبها الغضب الشديد، وهو كان على العكس تمامًا، مازال متمسك ببرود أعصابه المستفز، ينظر لها عدة دقائق في صمت ثم يقول متحررًا منه:
مستغربة ليه؟!
قالت بلا تردد:
عشان دي اول مرة نشوف فيها بعض، إزاي بتقولي نكتب الكتاب؟
وبابتسامة لم تزدها إلا غضبًا قال:
آه ما أنتِ عجبتيني يارنا وخير البرّ عاجله!

تركها ما إن أنهى جملته هذه وتوجه إلى الداخل، بينما ركضت رنا خلفه وهي تحاول إيقافه لكنه لم يتوقف وأكمل سيره وهو يبتسم لا إراديا على ردة فعلها، وفي الداخل نهضت والدة يزيد تسأله بتلهف:
ها يا يزيد؟ نقول خير؟
وقف يزيد ولاحت منه التفاتة خلفه حيث نظر إلى رنا التي جاءت خلفه كالعاصفة تمامًا، فقال مبادرًا:
بالنسبالي أنا خير حتى كنت لسة بقول للأنسة رنا إننا نكتب الكتاب النهاردة وخير البر عاجله..

أطلقت والدة رنا زغرودة عالية تبعها قول عبد العليم:
الله اكبر ربنا يتمم بخير مبروك يا رنا..
رنا وقد احتدت ملامحها ثم هتفت بغضب:
أنتوا بتعملوا إيه؟ مبروك على إيه أنتوا مأخدتوش رأيي أصلا!
بينما قالت ابتهال بعتاب شديد:
هو أنتِ مش موافقة على يزيد إبني يا رنا؟
نظرت رنا بضيق إلى والديها ثم عادت تنظر إلى يزيد قائلة:
أنا لسة مأعرفوش إزاي هنكتب الكتاب على طول كدا؟ طب قولوا خطوبة!
بس أنا عاوز كتب كتاب يا أنسة رنا..

ورغم سعادة والدته بقراره قالت بدهشة:
طب ليه جواز على طول يا يزيد.
سلط يزيد أنظاره على رنا وقال هادئًا:
لاني ارتاحت لرنا وعجبتني ومش عاوز أضيع وقت، هو ليه الاستغراب مش فاهم؟
اقتربت زهراء منه وهي تسأله بقلق:
يزيد أنت بتعمل كدا ليه؟
عجباني هقول ١٠٠ مرة يعني يا زهراء؟
مطت زهراء شفتيها بعدم فهم ونظرت إلى رنا الغاضبة وهي لا تعلم ماذا تقول لها؟!
المأذون وصل يا يزيد بيه.

قالها أحد الخدم وهو يتقدم منه، فقال له بجدية:
خليه يتفضل.
اتسعت عيني رنا وكادت تتكلم لولا والدتها التي وكزتها وقالت بوعيد:
اكتمي بؤك خالص، والله لو اتكلمتي لأخلي ابوكي يموتك فاهمة ولا لأ!
أغمضت عينيها بألم وتخيلت للحظة أن هذا القصر غابة وهؤلاء الذين يقفون حولها وحوش، وهذا الغليظ يزيد ما هو إلا جلاد وقاهر روحها..

بين ناريّن هي، بالطبع نيران يزيد القاهر ونيران والدها الذي سيبرحها ضربا إن تكلمت حتى كلمة واحدة، هل تقتل نفسها لترتاح؟
لكن إيمانها بالقدر جعلها تستسلم الآن فليحدث ما يكتبه الله وحسب، هكذا كانت تفكر..
في لمح البصر بدأ المأذون في مراسم الزواج تحت أنظار مذهولة..
كما انضم مازن أيضًا لهم بذهول عارم فارغا فاه بصدمة وهو يسأل زهراء:
مين بيتجوز؟
ردت عليه بإيجاز:
يزيد..
نعم؟ إزاي وليه وامتى؟

تساءل مرة أخرى وهو ينظر إلى أخيه المبتسم بهدوء اثار دهشتهم جميعًا، هو اصلا لا يبتسم إلا نادرا لا يمزح، فماذا عن هذه الابتسامة؟
بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير
قُضي الأمر وباتت رنا زوجة ليزيد ويزيد زوجا لرنا!
زغرودة أخرى تطلقها إكرام وتهلل:
مبروك مبروك..
تبكي رنا فلم تستطع منع الدموع الحارقة، لم تستطع!
تقدم منها يزيد وجلس جوارها متسائلا بمنتهى البساطة:
بتعيطي ليه يا رنا؟!

فنظرت هي له بمنتهى الغيظ قائلة:
دموع الفرح، بعيط من الفرحة أصل النهاردة أحلى يوم في عمري..
كان يعلم أنها تسخر، لذا ابتسم ابتسامة حقيقية تلك المرة وقال:
تمام، هسيبك تجهزي نفسك، روحي مع أهلك وبعد إسبوع تبقى الدخلة تمام؟
لم ترد عليه وادارت وجهها إلى الجهة الأخرى، فاندفع مازن إلى شقيقه قائلا بنفس الدهشة المسيطرة عليه:
أنت طبيعي؟ أنت بتعمل إيه؟
تابع يزيد متنهدا بنفاد صبر:.

هو الجواز بقى حاجة غريبة؟ فيه إيه مالكوا؟
مالنا إحنا برضوه مالك أنت يا روح قلبي!
مازن أنا مش فاضيلك حل عن دماغي الساعة دي!
مازن ضاحكا:
حقيقي مش طبيعي ياض انت بس حلوة المفاجأة دي هتطلع من نفوخ صاحبتنا يا نمس.
يزيد بجدية:
نفوخ إيه متخرفش بقى في الكلام، وبعدين لم لسانك إيه ياض دي غور من قدامي.
غاير يا عريس..
انصرف مازن ضاحكًا واتجه إلى المطبخ كي يأتي بوجبة لزوجته نورهان الغاضبة علها ترضى عنه!..

بعد مرور الوقت كان يودعهم يزيد في حديقة القصر، وقبل أن تنصرف رنا اقتربت منه وسألت بنبرة مختنقة:
ممكن أعرف ليه عملت كدا؟ متقوليش عجباني عشان مش هصدقك وانت عارف إن مش دي الحقيقة.
تنهد بعمق؛
حقيقة على فكرة وأكيد فيه سبب تاني بس مش عاوز أقوله دلوقتي، هقوله بعدين أوعدك.

رمقته بنظرة قاسية من أسفله إلى أعلاه ثم انصرفت دون كلمة أخرى وظل يتابعها إلى أن اختفى طيفها، ولم يكد يلتفت يزيد حتى وجد زهراء في وجهه قائلة:
فهمني بقى إيه اللي بيحصل كدا لو سمحت؟!
ضحك وحاوط كتفيها بذراعه قائلا بهدوء:
هو مش أنتِ قعدتي تشكري فيها وتقوليلي افتح قلبك؟ زعلانة ليه بقى دلوقتي؟!

بس مش كدا يا يزيد، أنا كنت بقول خطوبة في الاول لكن إزاي هتتجوزها كدا بدون اي مقدمات أنا عارفة أنت بتعمل كدا ليه يا يزيد!
يزيد باهتمام:
ليه؟
طبعا عشان خاطر سيرين عشان تغيظها!
استطرد وقد ضاقت عيناه:
أنتِ تعرفي عن أخوكي إنه مراهق للدرجة دي؟
طب إيه يا يزيد إيه فهمني؟
أومأ برأسه وبدأ حديثه بوضوح:.

بصي يا زهراء، مش هضحك عليكي أنتِ بالذات أنا عاوز أبدأ حياة جديدة صحيح عاوز أثبت لسيرين إنها مش فارقة معايا تماما وهي فعلا كدا حتى لو قلبي بيقول غير كدا بس دا مجرد اثبات ليها مش غيظ ومش عند لأنها فعلا خرجت من حياتي، أنا عاوز أنسى اي موقف واي ذكرى بينا ورنا هي اللي هتقوم بالدور دا معايا وصدقيني مش ناوي أظلمها ومش واخدها كبري.
ابتسمت زهراء بارتياح وقالت:.

أيوة هو دا يزيد أخويا الجامد اوي كمان يارب تقدر تعمل كدا يا يزيد وتحب من أول وجديد.
الكلام دا بيني وبينك طبعا.
طبعا متقلقش، المهم عاوزاك تصالح جنات بقى عشان خاطري لأنها على اخرها كمان بعد اللي حصل دلوقتي.
يزيد بثبات:
تمام، أنا هطلع لها.
دخل مازن إلى الغرفة وهو يحمل الوجبة التي أعدها بنفسه خصيصًا لها، ثم أقفل الباب بقدمه واتجه نحو الفراش التي كانت تجلس عليه وتستند على على ظهره..

جلس أمامها ووضع صحن الطعام قائلاً بابتسامة:
جبتلك سندوتشات جبنة رومي سايحة زي ما بتحبيها وشاي سكر زيادة زي ما بتحبي برضوه شوفتي أنا شاطر وبحبك إزاي؟
نظرت نورهان إلى الطعام، ثم بلعت ريقها فهي جائعة بشدة بل إن الجوع ينهش معدتها فمنذ الصباح وهي لم تأكل شيء قط..
لكنها نظرت له بغضب وأخبرته:
مش عاوزة منك حاجة..
ضغط على أسنانه وقال بغيظ:
يابت هضربك بجد.
قالت بسخرية:
وريني كدا هتعمل إيه مد إيدك لو تقدر!

حلاوتك يا نورهان دا أنتِ سوقتي فيها على الآخر أنا هقلب عليكي على فكرة كدا لمي نفسك شوية!
صمتت قليلاً ثم استطرد بعنف:
بذمتك مش مكسوف من نفسك؟ دا انت حتى مقولتليش أنا آسف أو أنا غلطان عمال تبجح وخلاص!
أردف في سرعة:
أنا زفت وقطران وغلطان وآسف..
حركت رأسها سلبًا:
لأ مش هو دا اللي عاوزاه إن مكانش من نفسك انت وقلبك يبقى مالوش طعم.

طيب بصي كدا عشان متغباش عليكي أنا مش هتزفت اعمل كدا تاني وخلاص حرمت خلاص تمام؟، افردي خلقتك بقى..
رمقته بحدة مع قولها:
مش بمزاجك أنت لما يجيلي مزاج أفرد وشي هفرده لكن أنت متقوليش..
مسح مازن على رأسه بغضب:
تصدقي؟ لولا دراعك المكسور دا كان بقى ليا تصرف تاني معاكي..
نظرته أخافتها فعلا فنظرت بعيدًا عن وجهه في صمت، فرفع أحد الشطائر التي أعدها لها أمام فمها وقال بحدة عارمة:
اتفضلي كلي..

فتحت فمها بتلهف فلم تجد شيء ووجدته يضحك وهو يأكلها هو، فصرخت به:
رخم!
أعاد وضع الشطيرة أمام فمها مع قوله الضاحك:
بهزر معاكي يا نكدية هانم افتحي يا آخر صبري.
تناولت منه بغضب طفولي وفي سرعة من شدة جوعها، وكان مستمتعًا بذلك عندما شعر أنها قد رقت ولو قليلاً..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة