قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث

مساءً حيث عاد يزيد إلى القصر بعد يوم طويل من عمله الشاق، وصعد إلى غرفته مباشرة فهو بحاجةٍ إلى الراحة فحسب، لم يكد يخلع عنه سترته ليُفاجئ بطرق الباب، فزفر باختناق وراح يفتح الباب بحدةٍ، وقد كانت والدته التي دخلت تتنهد بعدم رضى كعادتها! ثم تقول بجدية تامة:
مساء الخير.
ترك يزيد الباب وخلع سترته في سرعة وهو يرد عليها بإيجاز:
مساء النور يا ماما.

برضوه نفذت لبنتك اللي هي عاوزاه وسيبتها تبات عند أمها يا يزيد ينفع كدا؟
هكذا عاتبته بحديثها الذي لم يكن وقته الآن قط، فهو متعب ولا يريد سماع هذا منها، لذا تحامل على نفسه قدر استطاعته ولم يرد، ، فتُكمل حديثها:.

لازم تتجوز يا يزيد إسمع مني يا حبيبي أنت لسة صغير وألف بنت تتمناك كل الحكاية عندك 35 سنة دا أنت اللي قدك لسة متجوزوش أنا بس شيلت الهم بدري انتبه لنفسك من فضلك وبلاش تعيش على أمل إنك ترجع لسيرين دي مش هتنفع صدقني!
أسبل عينيه في ضيق وهو يجلس مستندًا بمرفقيه على ساقيه متغلبا على شعوره الآن، جلست جواره وتابعت قائلة:.

محتاج بنت ترعى الولاد وتهتم بيهم زهراء إن اهتمت بيهم النهاردة فبكرة تتجوز وتمشي وانت في شغلك وأنا كبرت مأقدرش أرعى ولاد في السن دا..!
تكلم يزيد في صرامة شديدة:
أنا حقيقي جاي على آخري يا ماما ولو دخلنا في مناقشة دلوقتي عواقبها مش هتكون كويسة أبدا فبعد إذنك نتكلم بكرة أوعدك الصبح نتكلم ونقول اللي إحنا عاوزينه!
ليه دايما مش طايق مني كلمة مع إني اكتر واحدة بتتمنالك الخير! عموما أنا اللي غلطانة..

هكذا أنهت جملتها وانصرفت في غضب شديد، لم يكد يزيد يفعل شيئًا حتى وجد الباب يطرق ثانية، وتلك المرة كانت شقيقته زهراء التي راحت تقول بمرح:
مالك يا سي يزيد مزعل ماما ليه بس؟
أنا مزعلها؟ ولا هي اللي كل ما تلاقيني تنزل عليا بالكلام بتاعها اللي مش بيخلص..
ضحكت زهراء برفق وأخبرته:
أقولك حاجة، صحيح ماما إسلوبها صعب بس فعلا هي بتحبنا وبتتمنى الخير لينا من قلبها..
يزيد بهدوء:.

عارف بس أنا مش قادر اتحمل أسلوبها ودائما بتجيلي في الأوقات الغلط..
طب روق كدا وقولي إيه اللي معصبك؟
مافيش شوية مشاكل في الشغل متشغليش بالك..
لسة بتحبها؟
فاجئته بسؤالها الصريح فحملق بها بصمت لعدة ثوان قبيل أن يتحرر عن صمته وينطق بالكاد:
مش عارف..
وكانت إجابته كفيلة بأن تؤكد شعورها، لتقول متنهدة بعمق:
يزيد أنا كنت حاسة إنك مازلت بتحبها رغم كبريائك بس سيرين متنفعكش وكانت من الأول اختيار غلط..

ابتلع ريقه بتوتر وتناول جرعة من الماء على دفعة واحدة، ثم قال باتزان:
للأسف عارف يا زهراء، بس أوقات كتيرة بقول عشان خاطر الولاد، مش هكذب عليكي أنتِ بالذات عشان هتفهميني وتحسي باللي جوايا، أنا عندي أمل نرجع يا زهراء..
زهراء وقد ضمت شفتيها معا في ضيق، ثم استطردت:.

مشاعرك مش بإيدك بس لو مفكر إنك برجوعك لها الولاد نفسيتهم هترتاح تبقى غلطان، هي مش الام اللي بتصون ولادها ولا حتى جوزها أنا آسفة جدا بس دي الحقيقة فكر في كلامي دا كتير وبعدين قرر وكمان أعمل استخارة بشأن الموضوع وربنا معاك يا يزيد..
كان صامتا شاردًا في هذا الأمر المصيري، فربتت على كتفه وقالت:
عيش حياتك زي ما هي عيشاها واللي باعك أوعى تبكي عليه، تصبح على خير..

خرجت زهراء من الغرفة وذهبت إلى غرفتها تاركة إياه بالفعل يُفكر فيما قالت، ثم التقط هاتفه وهو يزفر أنفاسه في ضيق، تصفح آخر الأخبار على حسابه بضجرٍ ليفاجئ بخبرٍ صادمٍ كان بمثابة صفعةٍ على قلبه حين قرأ على حساب ياسر مأمون
أجمل حاجة حصلت لي بحبك يا سيرين، ربنا يقدرني وأسعدك وتبعت الجملة صورة ل سيرين زوجته، السابقة!

ضغط على الهاتف بقوة وعصبية كما كز على أسنانه في شراسة وجحزت عيناه من فرط غضبه وألم فؤاده الآن!
هل تخلت تماما عن حبه بهذه السهولة؟ أم أنه لم يكن له مكان في قلبها من الأساس!

هتتجوزي يا مامي؟!
كان سؤال جنات التي انزعجت بهذا الخبر، بينما تستكمل بغضب:
وليه مش بابي؟ ليه مترجعيش لبابا وتتجوزي واحد غريب؟
احتضنت سيرين وجهها بين كفيها وأخبرتها مبتسمة:.

روح مامي، الحياة بينا بقت مستحيلة وبابي طبعه صعب جدا كنتي بتشوفي بنفسك بيعاملني إزاي ويتحكم فيا ويحرمني من أي حاجة بحبها، شوفتي حتى معاملته معاكي أنتِ وأخوكي إزاي على طول تحكمات طول الوقت وكمان جدتك طول عمرها بتكرهني وتكرهكوا عشان ولادي مع إنكم ولاد إبنها برضوه إزاي عاوزاني أرجع للعذاب دا تاني يا قلبي؟
مطت جنات شفتيها في صمت غاضب، فتتابع سيرين:.

لكن الإنسان اللي هتجوزه مش كدا خالص بيحبني بجد وهيريحني معقولة يا جنات تستكتري على مامي تعيش مرتاحة؟ أنا أهلي ماتوا وسابوني لوحدي وللسبب دا باباكي كان بيدوس عليا عشان عارف إني ماليش حد وهعيش مكسورة تحت جناحه لكن أنا قلت لأ ربنا موجود وطلبت الانفصال وأهو ربنا عوضني!

نظرت لها جنات بتأثر، حقا تأثرت من حديث والدتها الآن حتى إن عينيها ترقرقت بالعبرات، وأسرعت تعانق والدتها بحنو، فتبتسم الأم بارتياح وتخبرها:
دلوقتي هتتعرفي على ياسر هو زمانه على وصول وأنا متأكدة إنك هتحبيه أوي..

بعد مرور خمسة عشر دقيقة تقريباً كان قد وصل ياسر بكامل أناقته ووسامته وهيبته، وهنا تحديدا سيطرت علامات الانبهار على وجه جنات التي ابتسمت له بنعومة وصافحته برقة، لتتفاجئ به ينحني بقامتهِ الطويلة تلك ويُقبل كف يدها، أربكها بذلك لكنها أحبت تصرفه..
فقال مبتسماً:
عروستنا القمر جنات أسمك على مسمى..
بادلته جنات الابتسامة برقة وقالت:
ميرسي يا أنكل..

تؤ تؤ أنكل إيه؟ أنا ياسر وبس إحنا من هنا ورايح هنكون صحاب مش كدا ولا إيه؟
تورد وجهها خجلا وهي ترد عليه:
أوك..
ثم نظر ياسر إلى سيرين قائلاً:
بنتك قمر يا سيرو طلعالك طبعا!
ميرسي ياسر من ذوقك حبيبي..
طبع قبلة كذلك على يدها برقة يجيدها هو قبيل أن يتوجهوا إلى سفرة العشاء ويُشاركهم إياد الذي تعرف عليه لاحقاً واستحوذ عليه أيضًا..

وتلك الجلسة كانت لا تخلو من نظرات جنات المنبهرة له فهو تقريبا في عمر والدها لكنها أعجبت به وكأنه شاب مازال في سن المراهقة!

جلست زهراء في حديقة القصر بصُحبة نورهان التي سألتها عن حالها وأجابتها بأن كل شيء على ما يرام، واقترحت عليها أيضًا:
إيه رأيك يا نورهان تيجي معايا في محل الورد اللي يزيد عملهولي أهو نشتغل مع بعض وتسلي نفسك برضوه..
ابتسمت نورهان بتهكم وأخبرتها:
تفتكري مازن ممكن يسيبني أعمل حاجة؟ دا يا بنتي ناقص يدخل جوا دماغي يقرأ أفكاري رغم أنه مش بيحبني أتدخل في حياته أبدا..
مازن دا دماغ ربنا يهديه..

ضحكت نورهان قائلة:
للأسف بحبه، وجدا بقولك يا زهراء ممكن اطلب منك خدمة؟
طبعا اتفضلي.
أنا عاوزة أهكر موبايل مازن...
انفجرت زهراء ضاحكة:
ليه؟
قالت نورهان بجدية:
عشان أنا متأكدة إنه بيخوني، مازن مقضيها بس مش عارفة أمسك عليه حاجة نفسي أعرف بيعمل إيه!
زهراء وقد اعتدلت في جلستها قائلة:
طب قفلي على الكلام دلوقتي عشان هو بيركن عربيته هناك وجاي أهو..
نورهان مبتسمة:
هادم اللذات ومفرق الجماعات جه!

ضحكتا معا ليقترب منهما هو وهو يقلد ضحكاتهما هذه مع قوله الساخر:
عِرَس بتضحك!
زهراء قائلة بسخرية مماثلة:
والله الناس العاديين بيقولوا مساء الخير السلام عليكم كدا يعني مش اللي أنت بتعمله دا خالص يا أستاذ مازن..
طب مساء الخير يا ست زهراء..
وتحولت نظرته إلى زوجته وانحنى لها مقبلا إياها في وجنتها قائلا بغمزة:
وأحلى مسا على روح قلبي قطتي أنا، وحشتني يا عم!
ضحكت نورهان رغما عنها وقالت:
إيه اللي أخرك كدا؟

كنت مع واحدة، ارتاحتي؟
تجهمت ملامح وجهها في لمح البصر وشهقت زهراء بدهشة فيضحك بلا مبالاة قائلاً:
بهزر في إيه؟ بطلي شغل س و ج دا على المسا أنا جاي تعبان وطمعان في شوية حنان..
قالت زهراء مغتاظة:
يا سلام عليك يا عم الشاعر، متصدقهوش يا نورهان دا بيثبتك بكلمتين..
مازن مقتربا من شقيقته:
بقولك إيه يا زهرا ما تخفي من وشي اتنين متجوزين واقفين مع بعض إيه أخششك جواهم دلوقتي؟

أخششك ييييي على الفاظك أنا فعلا طالعة أنام، سلام!
سلام ياختي!
حاوط مازن كتفي زوجته بعد ذلك وسار بها إلى الأعلى وهو يتغزل بها كعادته فيجعلها تنصهر معه فلا تتذكر كيف يزعجها ولا تشعر بشيء إلاه!

قضت الليل في بكاء مرير بعدما صفعها والدها وأخبرها أن محمود لن يتزوجها أبدا وفي الحقيقة لم تؤلمها الصفعة بقدر ما ألمتها هذه الجملة التي مزقت قلبها بلا شفقة..
لماذا؟!
أليس هي من ستشارك محمود حياته بقلب راض عن ذلك؟
وقف والدها عائق ووالدتها أيضا بمنتهى القسوة زاعمين أنه حب!
وأن كل ذلك لمصلحتها العامة، إلخ..
ربما معهما حق؟
ولكن ماذا عن قلبها، هل يتحمل ألم الحب وألم الكلمات..

لن تنسى كلمات والدها الذي وصفها ب الفُجر..
ما أقصاها الكلمات حين تتسبب في نزيف روحنا!
وجدت محمود يتصل بها فلم ترد لمَ ترد؟
لقد انتهى..
انتهى وقت الكلام، المشاعر، الحب الذي بينهما، ماذا ستفعل بعلاقتها معه في السر ووالداها غاضبان؟
ستنهي الأمر حتى وقلبها يتهشم هكذا من فرط الألم..
الأمر لله..
هكذا قالت وهي تمسح عبراتها وتدخل إلى فراشها كي تنام، يا ليتها تنام!

في الصباح..
حيث تكلمت السيدة ابتهال مع شقيقتها إكرام بشأن الموضوع الذي فاتحتها فيه من قبل..
زواج يزيد من رنا في أسرع وقت ممكن كي ينسى بها تلك التي تُسمى سيرين!
تقول ابتهال بصرامة:
هفاتح يزيد في الموضوع النهاردة أنا مش هلاقي ليزيد أحسن من رنا يا إكرام..
إكرام وقد تهللت أسارير وجهها قائلة:
بنتي تحت أمرك يا أختي ربنا يكرمك دا أنا الفرحة مش سيعاني...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة