قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

رواية نيران الحب والقسوة الجزء الأول للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الرابع

يا عبد العليم، عبد العليم! أنت يا راجل!
تعالى بسرعة.
نادت إكرام عليه وهي تندفع نحو الغرفة حيث كان يقف يمشط شعره ويهندم هيئته قبيل أن يذهب إلى عمله، فالتفت لها وقال بشيء من الغضب:
جرى إيه يا إكرام، مالك على الصبح!
جرى اللي مكناش نحلم بيه يا عبد العليم، مش هتصدق مين عاوز يتجوز بنتك رنا..
مين؟ قولي هي فزورا!
أردفت في سرعة:
يزيد إبن أختي..
عبد العليم وقد ابتسمت ملامحه كليًا:
إيه! بتتكلمي جد؟ عرفتي إزاي؟

إكرام مؤكدة كلامها؛
طبعا بتكلم جد، أختي لسة حالا متكلمة معايا، وقالتلي لازم رنا تتجوز يزيد وفي أسرع وقت كمان...

إيه؟ مين؟
وكانت تلك التساؤلات ل رنا التي استمعت إلى هذا الحوار وهي تمرُ الآن، فاندفعت إلى والديها بعصبية قائلة:
إيه اللي أنا سمعته دا؟ رنا مين ويزيد مين اللي يتجوزا!
والدتها بفرحة:
أنتي ويزيد إبن خالتك يا حبيبتي مش قولتلك ربنا هيكرمك!
الكلام دا مش ممكن يحصل أبدا طبعا أنا مش موافقة!
صاح والدها بعدم تصديق:
بتقولي ايه؟ مش موافقة انتي اتهطلتي يابت ولا إيه؟

أنا مش هتجوز ومش عاوزة اتجوز أنا مش لعبة في ايديكم تعملوا فيها اللي أنتوا عاوزينه طالما رفضتوا الإنسان الوحيد اللي حبيته فأنا لا يمكن هتجوز حد غيره..
صفعها والدها بعنف شديد مع هتافه:
دا أنتي هتتجوزيه ورجلك فوق رقبتك يابت وحسك عينك أسمعك تقولي كدا تاني يا قليلة الأدب!
هدئته والدتها حيث قالت:
اهدى بس يا عبد العليم، أهدى وروح انت على شغلك وأنا هعرف أقنعها إزاي..

زفر عبد العليم بحدة شديدة وراح يتجه نحو الباب لكنه قال بصرامة:
اعملي حسابك يا بت لو مسمعتيش الكلام هخنقك بايدي فاهمة؟
وخرج فلم ينتظر منها جواب، وراحت والدتها تقول بحزم:
امشي قدامي على أوضتك، اما نشوف آخرتها معاكي!

انضم يزيد إلى طاولة الطعام المُجهزة للفطور، كان مهندما ومتطيبا بعطره النفاذ ككل يوم، بل على عكس كل يوم كان بشوشا يتناول طعامه بمنتهى الهدوء، لتستغرب والدته وهي التي ظنت أنه سيحرق الاخضر واليابس بعد خبر خطوبة سيرين وكذلك زهراء التي قالت بحذر:
يزيد؟
نظر لها باهتمام دون حديث، فاستطردت زهراء:
أنت كويس؟
يزيد مجيبا بهدوئه ذاك:
آه، تمام..
متأكد؟
مالك يا زهراء في حاجة؟!

حركت زهراء رأسها سلبًا وصمتت على ذلك، فلم تستطع والدته الصمت مثلها واردفت:
شكلك زعلان عشان الخبر اللي نزل على النت يا يزيد!
يزيد متهكما:
أي خبر؟
والدته بنفاد صبر:
خطوبة طليقتك!
يزيد متهكما مرة أخرى:
تفتكري هي أو غيرها يستاهل زعلي؟مافيش الاوهام اللي في دماغك دي هي متهمنيش في أي حاجة كدا كدا انتهت علاقتنا..
هزت رأسها برضى ثم قالت تستغل الموقف:
طب حيث كدا يبقى انت لازم تتجوز وعروستك عندي..!

وعلى عكس توقعها أيضاً قال وهو ينهض عن مجلسه:
معنديش مانع ابقي بلغيني امتى وازاي نشوف العروسة، سلام!
اتجه إلى الخارج فورًا تاركا إياها تبتسم بفرحة، بينما زهراء تفتح فاها في استغراب شديد، فنهضت راكضة خلفه وهي تنادي عليه..

يتوقف يزيد ويلتفت لها فتقول متنهدة:
أنت بتتكلم جد ولا بتهزر؟!
ومن امتى بهزر؟ طبعا بتكلم جد، سيرين مش هتوقفلي حياتي، تروح ويجي غيرها ولو راحت اللي جاية برضوه هيجي غيرها عادي يعني مش قضيه أنا ميهمنيش إلا ولادي وبس!
زهراء بجدية:
مش بتتحسب كدا اللي هتتجوزها لازم تكون كويسة على الأقل تخلي بالها معاك من الولاد..
ضحك يزيد:.

وهي إيه علاقتها بالولاد يا حبيبتي؟ ولادي ماحدش هيجي جنبهم أنا بس المسؤول عنهم، إنما الجواز دا مجرد تجربة يا فشلت ويا نجحت أنا عارف إن كدا كدا الستات صنف واحد متشغليش بالك أنتِ!
بس أنت بتحبها يا يزيد لسة..
قالتها مجددا لكنها لم تصدمه كما الأمس، ولم يتأثر بهذه الكلمة مجددا، لذا قال:
تقريبا اللي قولته لك امبارح كان وهم، ولو مش وهم فأنا هدوس على قلبي اللي حب واحدة زي دي وهنفيها تماما من حياتي وفي داهية!

كادت تتكلم ثانية فاوقفها صارماً:
كفاية يا زهراء كفاية!
تفهمت زهراء ذلك وتابعت:
ماشي، ممكن توصلني للمحل بليز في طريقك؟
أومأ لها بصمت وأشار لها كي تصعد جواره ومن ثم انطلق بالسيارة...

لقد حصلت عليه أخيرًا!
بعد ليلة طويلة غلفتها الرومانسية الشديدة بينهما، أغرقها مازن في عشقه وهي انصهرت في بحره..
لكنها لم تكن غافلة..
وبذكاء منها شديد استطاعت أن ترى كلمة السر لهاتفه..
هذه هي صمتت الكثير والكثير من أجل الحب..
لكن هُنا..
عندما رأت كل شيء، كل شيء!
محادثات عديدة بينه وبين نساء عديدة!
كل هؤلاء! كل هؤلاء يا مازن!

في الحقيقة لم تكن مصدومة بقوة، فهي كانت تشعر وتشك وها كانت محقة!
ماذا تفعل معه؟ ستصفع قلبها بيدها قبل أن يصفعه الزمان..
وستقرر، وحدها من ستقرر تلك المرة وليس هو، ستجعله يبكي ولن ينام في ليلٍ أو نهار..

دوعها كانت رفيقتها الآن وهي في الحمام تستند على الباب وهي تواصل قراءة رسائله القذرة فلم يكن لها مسمى ثان...
بماذا قصرت هي ليدور على النساء بهذا العبث؟

ستذهب..
كلمة واحدة قالتها من داخلها وهي تمسح عبراتها..
يا خسارة يا مازن، يا خسارة..
هكذا قالت وهي تخرج بحذر من الغرفة وتضع الهاتف في مكانه، ثم إلى خزانة ملابسها لترتدي أول شيء طالته يدها وهي ترمقه حيث كان نائما لا يدري بشيء، رمقته نظرة واعدة قبيل رحيلها...

يستيقظ مازن بعد مرور ساعة تقريبا من نومه وهي يتمطى بكسل، ينهض بتثاقل وهو ينادي زوجته، مرارا وتكرارا ولم ترد...
فتوقع أن تكون بالأسفل كالعادة..
لهذا نهض واغتسل ثم ارتدى ملابسه وأخذ متعلقاته الشخصية ثم خرج من الغرفة باحثًا عنها، نزل الدرج بتمهل وهو مازال ينادي عليها، فجاءه الرد من والدته التي قالت بحدة:
وطي صوتك، مراتك خرجت من شوية!
خرجت؟ إزاي من غير ما تقولي؟!
ضحكت ابتهال ساخرة:.

من غير ما تقولك؟! معرفش اتصل عليها شوفها فين..
خرج مازن من القصر وهو يقوم بالفعل بالاتصال عليها لكنه وجد الهاتف مغلق، فتسرب القلق إلى فؤاده بشدة وراح يركب سيارته وهو يقول:
طيب يا نورهان بس لما أشوف وشك!

كانت لا تزال تبكي منذ أن تركتها والدتها وذهبت إلى السوق ككل يوم..
فقررت أن تنهض وتبحث عن حلٍ، ولكن ليس بمفردها سيشاركها محمود هذا الحل وسينقذها مؤكدا من أبيها وأمها..
أسرعت ترتدي عباءتها السمراء وكذلك طرحتها البسيطة وخرجت من الشقة ذاهبة إليه وليحدث ما يحدث...
توجهت إلى مقر عمله وأشارت له من بعيد، وما إن لمحها محمود حتى هرول إليها قائلا بقلق:
مالك يا رنا في إيه؟
قالت رنا من بين بكاؤها المرير:.

الحقني يا محمود، أبويا وأمي رفضوك وعاوزين يجوزوني واحد تاني، أنا جتلك عشان تتصرف أنا مش عارفة أعمل إيه؟
كسى ملامحه الحزن وهو يقول بغضب:
يجوزوكي واحد تاني؟! ورفضوني كمان؟ ليه؟
مش عارفة دا اللي حصل أرجوك قولي أتصرف ازاااي!؟
تنهد محمود قائلا:
طب أهدي، أنا مش عارف أفكر، حاسس إني مشلول!
تابعت رنا بتوسل:
حاول معاهم، هاتلهم حد يكلمهم، أعمل أي حاجة عشاني ومتسبنيش يا محمود. أنا لو اتجوزت البني ادم دا هموت..

بعد الشر عنك يا حبيبتي متقوليش كدا، أهدي بس وقوليلي مين البني ادم دا وليه مصممين أوي كدا عليه؟
أجابته:
عشان ابن خالتي ومعاه فلوس كتير..
تغضن جبين محمود وهو يكرر:
معاه فلوس كتير!، هيبعوكي يعني؟ عشان كدا رفضوني صح!
نظرت رنا إلى الأرض بحزن قبيل أن يتكلم محمود مجددا ويقول:
أنا مش عارف أعمل إيه بجد بس هحاول أتصرف المهم روحي أنتِ دلوقتي وأنا هكلمك بس ابقي ردي عليا ماشي يا حبيبتي؟

هزت راسها موافقة على كلامه وقالت:
متسبنيش!
قال مبتسماً:
حاضر يا حبيبتي أوعدك مش هسيبك...

مش هتقوليلي بقى إيه سر مجيتك دي يا نور؟؛
هكذا نطقت والدة نورهان لتوها فيما تتابع:
دا أنا أمك اللي مالكيش غيرها، قوليلي مازن زعلك في حاجة؟
أخبرتها نورهان هادئة:
اه زعلني شوية بس عادي يا حبيبتي متشغليش بالك أنتِ..
ثم استمعتا معا إلى طرق الباب الشديد الذي كاد يتحطم أثر هذه الطرقات العنيفة..
ومن وراء الباب جاء صوته شرسا للغاية:
افتحي يا نورهان!

أسرعت نورهان إلى الباب ونظرت من العين السحرية لتجده مازن في أشد حالاته غضبًا!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة