قصص و روايات - نوفيلا :

رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الرابع

رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الرابع

رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الرابع

الحب هو الضوء الذي يشرق على القلوب فينير دروبها، هو نعيم يغمرها ويبث في أحشاء الروح حياة، وأمل ينبثق من جوف الظلام فيبدل لونه الأسود بآخر وردي ولكن حين يخيب هذا الأمل وتقتله رصاصة الغدر، الخيانة، والخذلان، تذوى الروح شيئا فشيئا وتغرق في أنينها ودموعها وآهاتها، يدهمها الصقيع فتجد القلب معلقا، مابين الحياة والموت.
قالت(نور)بحماس:
-بجد ياهبة، هتسافرى دمياط لأهل حمزة.

اكتفت(هبة)بإبتسامة، فأردفت (نور)وهي تعقد حاجبيها فجأة قائلة:
-طب هتقولى لأهله إيه بس؟وطنط مها وافقت كدة بسهولة؟!
قالت(هبة)وهي تنهض من على مكتبها وتلتف حوله لتواجه(نور):
-لسة مش عارفة هقول لأهله إيه بالظبط بس في الطريق هلاقى الف حجة، ويمكن أقول الحقيقة، صدقينى مش عارفة، أما الدكتورة منى فأنا كل اللى قولتهولها إنى مسافرة عشان أبحث في قضية مهمة ولان الشغل عند ماما ادمان فطبعا ممانعتش.

هزت(نور)راسها بتفهم، قبل ان تبتسم قائلة:
-مش قادرة اصدق انك أخيرا سمعتى كلامى ونويتى تقابلى حمزة وتحكيله عن اللى اسمها نسمة دى، وكمان هتدافعى عنه.
جلست(هبة)على الكرسي قائلة:.

-ولا أنا قادرة أصدق نفسى يانور، انا اترددت كتير بس بصراحة واحد زي حمزة في أخلاقه وتفانيه في حبه خسارة يفضل في السجن ومحدش يسأل عنه ويضيع عمره على الفاضى، وخسارة كمان انه يفضل عايش في الوهم، ده غير انى من خلال كلامه حسيت انه مظلوم بجد، حسيت انه زيه زي كتير من شباب بلدى طواهم الظلم واترموا في السجون لمجرد انهم قالوا لأ، كفاية طغيان.
هزت (نور)رأسها ثم ابتسمت بخبث قائلة:.

-انتى عايزة تفهمينى ان اهتمامك بحمزة اهتمام إنسانى بحت وانك هتدافعى عنه لله وللوطن.
تنهدت (هبة)قائلة:
-لازم دى تكون دوافعى يانور، منكرش ان مشاعرى اتعلقت بروحه الطيبة وكلامه اللى قريته في رسايله، بس زي ماقلتلك قبل كدة حياتي مش ناقصة تعقيدات، انا مبقتش زي زمان، جوايا انكسر ومش سهل أبدا أستسلم لمشاعري وأخليها تتحكم فية زي زمان.
جلست (نور)قبالتها تمسك بيدها بين يديها قائلة بحنان:.

-مش هتعيشى مترهبنة ياهبة لمجرد انك مريتي بتجربة فاشلة، انتى لسة صغيرة واكيد عارفة ان التجارب اللى بنمر بيها دى بتعلمنا وتقوينا وانها مش لازم ابدا تضعفنا.
قالت(هبة)وقد غشيت عيونها الدموع:.

-اللى مريت بيه كان بشع، شوه كل حاجة جوايا، أنا حبيت من كل قلبى بس حبى اتقابل بالغدر والخذلان وحبة بحبة جرح القلب كان بيزيد لدرجة انه مبقاش ينفع يتعالج أو يرجع زي ماكان، بقيت متعلقة بين الحيا والموت، عايشة ايوة بس القلب قتله الماضى يانور.
قالت(نور)بعطف:.

-القلب مش ضعيف ابدا وقادر يقوم من كل صدمة وجرح أقوى مما كان، هو بس محتاج وقت عشان يرجع زي الأول، وانا شايفة ان قلبك بدأ فعلا يرجع زي الأول والدليل انه إتعلق بروح وإنسان لإنه شافه مختلف ويستاهل يتحب، متنكريش مشاعرك ياهبة لانها واضحالى زي الشمس، وواضحالك انتى كمان.
كادت أن تقول شيئا حين طرق الباب ثم فتح ليظهر على عتبته (عز)الذي قال بإبتسامة:
-صباح الخير يابنات.

ردوا التحية فوجه حديثه إلى (نور)قائلا بحب:
-عازمك على الغدا متمشيش.
ابتسمت (نور)وهي تومئ برأسها، فإستدار مغادرا، لتنظر (هبة)بإتجاه(نور)بنظرة ذات مغزى قائلة:
-عزومة على الغدا، قلتولى، هو انا فاتنى حاجة؟
قالت(نور)بإبتسامة خجولة امتزجت بالحب:
-فاتك كتير بس هحكيلك.

ياما كنت اتمنى أقابلك بابتسامة
أو بنظرة حب أو كلمة ملامة
بس أنا نسيت الابتسام
زي ما نسيت الآلام
والزمن. بينّسي فرح وحزن ياما
إن كان على الحب القديم
إن كان على الجرح الأليم
ستاير النسيان
نزلت بقالها زمان
وإن كان على الحب القديم وقساه
أنا نسيته أنا
ياريت كمان تنساه
تفيد بإيه يا ندم؟
وتعمل إيه يا عتاب؟
طالت ليالي الألم واتفرقوا الأحباب
وكفاية بقى تعذيب وشقا
ودموع في فراق ودموع في لقا
تعتب عليا ليه؟

أنا بإيديا إيه؟
فات الميعاد.

نفذت كلمات السيدة (أم كلثوم) لروحها فتنهدت، لقد تعذبت كثيرا وذاقت مرارة الغدر وألم الخذلان وباتت العودة لنفسها مستحيلة ولكن كلمات (نور)بثت فيها الأمل بأنها حقا بالإمكان، توقفت في الطريق لترتاح قليلا وتشرب فنجالا من القهوة يعيد لها نشاطها و حيويتها، لتستطيع اكمال الطريق إلى دمياط حيث يسكن أهل (حمزة)، رفعت فنجالها إلى فمها ترتشف رشفة ثم تعيده إلى مكانه على الطاولة، تسحب هاتفها لترى الوقت فوقعت عيناها على سطور رسالته لها.

تبا كم أغضبتها كلمات الرسالة واثارت حنقها لتنوى أن تبدل شريحتها، نادمة على منح رقمها ل(يارا)التي بالتأكيد منحته لأخيها (يوسف)، تجرى عيونها مجددا على كلمات الرسالة..
مش هسيبك ياهبة، أحسنلك ترجعى وتتنازلى وتخرجينى من هنا وإلا هتشوفى منى ايام سودة، لإنى هخرج هخرج ووقتها مش هرحمك.

زفرت بقوة وهي تغلق هاتفها، وتلقيه على الطاولة بحنق ليرتطم بفنجال قهوتها ويسكبه، رفعت هاتفها بسرعة وهي تبحث عن منديلا بحقيبتها لتنظفه من آثار القهوة فوجدت رسالة من رسائله التي لاتفارق حقيبتها أبدا، أمسكتها بيد بينما تنظف هاتفها باليد الأخرى قبل ان تضعه بالحقيبة، جاء النادل ليرفع فنجال القهوة وينظف طاولتها ففتحت رسالة(حمزة) وهي تدرك ان فيها راحتها وهدوء بالها وقلبها بعد ان أثارت رسالة طليقها حنقها وغضبها، لتقول وقد بدات انفاسها المتسارعة بالإنتظام:.

-فنجال قهوة سادة تانى لو سمحت.
هز النادل راسه بإحترام مغادرا بينما تمر عيناها على كلمات الرسالة فتهدأ وتبتسم، لا إراديا.
الرابع عشر من فبراير ٢٠١٣.

مجددا يعلوا صوت المذياع الذي يخبئه العم عزيز بأغانى الحب في هذا اليوم الذي لا أفتح فيه عيني ابدا لأراك حاضرة بين جفوني، نرقص ونرقص في حلقات ولا ينهكنا الدوران ابدا، الحب في هذا اليوم هو انتى وانتى فقط، يتردد اسمك في هذا اليوم في كل لحظة، تتناثر ذكرياتنا حولى تجبرنى على تجرع مرارة الحنين.
أين انتى الآن؟أتراكى تجلسين في مكاننا المعتاد، تحتسين القهوة وتفكرين بى، تغمضين عيناكى فترينى حاضرا كما أراكى.

أغمضت (هبة)عينيها فراته حاضرا، صورة رسمتها له في وجدانها يقترب منها بحب ويمد يده لها، كادت أن تمد إليه يدها ولكنها فتحت عيونها بقوة حين وجدت النادل يتنحنح قبل ان يضع القهوة على الطاولة وينصرف بسرعة لينتابها الخجل، تتصرف بجنون حقا كما اعتادت بالماضى فقط في حضرته هو او على الأصح في حضرة كلماته ومشاعره..
عادت عيناها تجرى على سطور رسالته..

أتمنى حقا أن أراك يا من بعثتي الروح في حياتي فهيا تعالى وإبعثيها مجددا في كياني، ذكريات عشقنا تمنحنى القوة لأستمر ولكن في هذا اليوم اجدنى ضعيفا تائقا لرؤياكى، أتمنى لو تمردتي على قيودك وجئتينى لتمنحينى صمودا في الفراق او تمنحينى قناعا من النسيان يجعلنى أتحمل سنوات سجني..

ربما بدى اليوم ساحرا، الجو هادئ والسماء تعكس مشاعرى وتمنحنى أملا ولكن سنوات من وجودى بين القضبان دون رؤيتك او سماع كلمة منك جعلت سمائي تكفهر، سنوات الفراق تجبرنى على تقبل حقيقة واحدة، لقد إستطاع والدك ان يفرقنا ولكن أرواحنا مازالت عالقة هناك، مابين الحياة والموت، تنتظر لقاءا ينشلها من ضياعها او فراقا دائما يحملها إلى اللحد.
حمزة.

طوت رسالته وهي تتنهد، تضعها في حقيبتها قبل ان تحمل فنجالها لترتشف منه فوجدته فارغا، شربته على مايبدو دون ان تنتبه، تنهدت مجددا وهي تنهض تضع بعض النقود على الطاولة قبل ان تغادر وقلبها يحدثها أن هناك في مكان ما يقبع رجلا أقسم على الوفاء، يجعلها توقن أن الرجال ليسوا أبدا سواء كالنساء تماما بعضهم يقسم على الوفاء حتى الممات والبعض الآخر يخون ببرود، وقسوة.

أخذت (هبة)نفسا عميقا قبل أن تطرق باب منزل (حمزة)الذي عرفت عنوانه من خلال ادارة مصنع بيراميدز للأثاث الذي كان يعمل فيه سابقا (مصطفى الناجى) والد( حمزة) وقد اخبروها انه إستقال لضعف حالته الصحية، فتح الباب بعد قليل وظهرت على عتبته سيدة طيبة الملامح بشوشة الوجه، نظرت إليها بإستفهام، فقالت(هبة)بإرتباك:
-مدام ناهد مش كدة؟
هزت السيدة رأسها قائلة:
-أيوة يابنتي.
حاولت (هبة)الابتسام قائلة:.

-صباح الخير، وآسفة لو جاية الصبح كدة من غير ميعاد بس الحقيقة انا جاية بخصوص حمزة ابن حضرتك.
شحب وجه(ناهد)وقالت بجزع:
-حمزة جراله حاجة؟!
أمسكت (هبة)بيدها على الفور قائلة بسرعة:
-لأ متقلقيش هو بخير بس انا يعنى كنت عاوزة اتكلم معاكى بخصوص قضيته، انا محامية.
افسحت لها (ناهد)الطريق قائلة:
-اتفضل يابنتى ادخلى مش هنتكلم على الباب.

دلفت(هبة)إلى المنزل تتطلع إلى بساطته المريحة للأعصاب بينما تقدمتها (ناهد)لتفتح لها بابا قائلة:
-اقعدى يابنتى في الصالون على مااناديلك الحاج مصطفى.

دلفت (هبة)إلى الحجرة وجلست على أقرب مقعد لها، وجدت ألبوما من الصور فغلبها فضولها لرؤيته، تدرك ان هذا الالبوم بالتاكيد يحتوى على صور(حمزة)، مدت يد مرتعشة وحملت الألبوم لتفتحه فوجدت بالبداية صور لوالدته وهي في سن أصغر تحمل طفلا وسيما، بالتأكيد هو ذلك الطفل، ابتسمت وهي تتنقل بين الصور، تراه في جميع مراحل عمره، يزداد وسامة حتى كانت تلك الصورة التي خطفت أنفاسها، يبدو فيها حمزة كاحد نجوم السينما في بذلة سوداء رائعة فارع الطول هو قمحي البشرة عيونه عسلية وشعره أسود ناعم مصفف بعناية، نظرته جذبتها بقوة وكانها تنفذ إلى روحها فترتعش كل خفقاتها، انتفضت على صوت (ناهد)وهي تقول:.

-الصورة دى كانت في الليلة اللى هيخطب فيها البنت اللى بيحبها، كانت وش النحس عليه زي ماحسيت، كان هو زي القمر ياحبة عينى، وهو لسة هيلبس الدبل البوليس جه وخده، ملحقش يتهنى ياضنايا.
قال(مصطفى)الجالس على كرسي متحرك وهو يمسك بيدها بحنان:
-خلاص بقى ياناهد، اهدى عشان خاطري.

ربتت على يده فتأملتهما (هبة)، من هنا جاءت طباع (حمزة)إذا، أسرة متوسطة تحمل الكثير من الحب والحنان بداخلها، تراه في الاعين والنظرات والدفء الذي تشعر به يحيطها، يشبه (حمزة)والده كثيرا على مايبدو يحمل ملامحه وحنان قلبه، ولكنه يحمل أيضا عينا والدته ورقتها.
تنحنحت قائلة:
-الحقيقة أنا جاية النهاردة علشانه، نويت ادافع عنه وأخرجه من سجنه اللى انحبس فيه ظلم.

التفتا لها سويا وظهر الأمل واللهفة في ملامحهما قبل أن تقول(ناهد):
-بجد هتقدرى تخرجيه من السجن يا...
ضربت رأسها بخفة مردفة:
-معلش يابنتى نسيت أسألك عن إسمك وأسألك كمان لو تشربى حاجة.
قالت(هبة)بإبتسامة:
-إسمى هبة صديق وتسلمى مش عايزة حاجة، انا بس عايزة أعرف الفترة الأخيرة في حياة حمزة كانت ملامحها ايه بالظبط؟
قال(مصطفى):.

-حمزة طول عمره في حاله وملوش في السياسة، مستقيم مجتهد وملتزم اتخرج من الثانوية بمجموع عالى ولما طلب يكمل دراسته مع صاحبه عماد في جامعة الزقازيق مااترددتش ثانية واحدة، حتى لما حب من هناك وحب يتجوز ممانعناش، في آخر مرة كان هنا حكالنا عن صاحبه وانه مبقاش يشوفه زي الأول، لان عماد انضم لحركة سياسية والسياسة بقت كل همه، وانه حاول مرة يضمه ليهم بس هو مرضاش، لانه ملوش في السياسة، كلنا كنا شايفين اوضاع البلد الغلط بس كمان كنا شايفين ان الحل مش في التكسير والهد والارهاب عشان نغير، الحل في صرخة توصل صوتنا للمسئولين وتقولهم كفاية ظلم مبقيناش قادرين نتحمل، اتقوا يوم هترجعوا فيه للى خلقكم وهيسألكم عنا وعن افعالكم واستغلالكم لمناصبكم، المهم انه رجع الزقازيق بعدها وفي يوم الخطوبة روحنا نحضرها وقبل ماتكمل قبض عليه البوليس، حاولنا نفهم ليه واخدينه وواخدينه على فين مقدرناش نوصل لحاجة وفضلنا كتير ندور عليه في كل السجون اللى في الزقازيق بس محدش كان عارف عنه حاجة، والد خطيبته كان ليه أخ ظابط ولما طلبنا منه يكلمه هزأنا وطردنا من بيته وفرج علينا العمارة كلها وقال كلام صعب اي حد يتحمله، يإسنا ورجعنا بلدنا وطلبنا من ربنا ياجرنا في مصيبتنا لحد مافى يوم جالنا منه جواب، كان زي طوق النجاة لواحد غرقان، قشة اتعلقنا بيها وجرينا من تانى على الزقازيق، قومناله محامى هناك عشان يطلعه، صرفنا القرشين اللى في البنك وناهد باعت دهبها وبرده مقدرش المحامى يعمل حاجة وفي الآخر اتخلى عن القضية، فوضنا امرنا لله وطلبنا الفرج، قامت الثورة ومعاها أملنا اتجدد في التغيير، في رجوع الغايب، بس الظاهر مكنش فيه فايدة، فضلت البلد تتخبط والارهاب يزيد، وولادنا فضلوا مسجونين وكأن الظلم في اي نظام بيكون موجود في الأركان مستخبى في دور الشرف لكنه بيخرب في العمدان ويوقع نظام من بعد نظام وفي الآخر بيظهر كبش فدا وبتتعاد الحكاية من أول وجديد.

قالت(ناهد)بحزن:
-اللى قلقنا بجد هو انقطاع الجوابات بتاعته، حمزة كدة بقاله خمس شهور مبعتش ولا جواب ودى مش عادته كان بيبعت جواب كل ٣ شهور كانت جواباته بتصبرنا، دلوقتى لا حس ولا خبر عنه.
هو أيضا لم يبعث بأي خطاب ل(نسمة)منذ خمسة أشهر، ترى ما السبب، انتابتها الهواجس فأسرعت بإبعادها عن مخيلتها كي لا تظهر على ملامحها وتثير جزع اهل(حمزة)، قالت(هبة):
-وانتوا مبعتلوش جوابات؟
قالت (ناهد):.

-بعتناله في البداية بس لما قال في رسالة ان مفيش أى خبر بيوصله منا، عرفنا ان جواباتنا مبتوصلوش فبطلنا نبعتها.
هزت رأسها بتفهم وقد ادركت ان هناك من كان يمنع عنه الخطابات بالبداية، على الأغلب عم خطيبته أما الآن فتعتقد ان خطاباته لن يعترض سبيلها أحد وقد مرت سنوات وتناساه ظالمه، قالت بهدوء وهي تنهض:.

-أنا مضطرة امشى دلوقتى بس هحتاجكم بعد يومين في الزقازيق هتعملوا توكيل للمحامى اللى بشتغل معاه في مكتبه ولية ومن خلاله هدافع عن حمزة واوعدكم انى مش هتخلى عن القضية غير لما ارجعه لحضنكم من تانى.
قالت(ناهد)بلهفة وهي تمسك يدها:
-بتتكلمى جد يابنتي..
ليظهر الاحباط على ملامحها مردفة بإرتباك:
-بس توكيل ومحامى واحنا يعنى...
قاطعتها (هبة)وهي تربت على يدها بحنان قائلة:.

-متقلقيش من المصاريف، المكتب هيترافع في القضية بدون أتعاب.
طالعتها(ناهد)بإمتنان بينما قال (مصطفى)بحيرة:
-بدون أتعاب ازاي يابنتى؟وليه؟
التفتت إليه قائلة بإبتسامة:
-لسة الدنيا بخير ياعمى، مضطرة فعلا أستأذن وده الكارت بتاعى وفيه رقمى وياريت تدونى رقمكم عشان سهولة التواصل.
أسرعت (ناهد)تكتب الرقم على ورقة وتناولها إياها، فتناولتها (هبة)بإبتسامة ووضعتها بحقيبتها لتقول(ناهد):.

-مش ممكن نسيبك تمشى قبل ماتتغدى معانا يابنتى، ولا عايزاهم يصدقوا ان احنا بخلا.
قالت(هبة)بود:
-انتوا اهل الجود والكرم بس بجد مش هقدر اقعد كتير عشان سيف ابنى لسة رضيع ومينفعش أسيبه المدة دى كلها.
قالت(ناهد):
-ما شاء الله متجوزة ومعاكى أطفال في السن ده ياحبيبتي؟
قالت(هبة):
-أنا مطلقة ياطنط.
قالت(ناهد)بسرعة:
-أنا آسفة...
قاطعتها (هبة) قائلة:
-ولا يهمك، الجواز قسمة ونصيب وأنا مش زعلانة، عن اذنكم وأشوفكم بخير.

اوصلتها للباب فودعتها(هبة)وانطلقت في طريقها تصحبها دعوات ام مكلومة بصلاح الحال وراحة القلب والبال.

كانت تحمل صغيرها شاردة بكل ماعلمته اليوم عن (حمزة)، تحاول ان ترتب افكارها التي ترتبك ماان يطل بصورته امامها فتتبعثر كل الأفكار وتظل عينيه امامها تطالعانها بتلك النظرة النافذة إلى الروح فتربك الكيان وتجعلها تتردد في الذهاب إليه خشية الغرق في عشقه ولكن تظل كلمات والديه وهذا الامل الذي بثتهما إياه عائقا امامها في تراجعها عن الدفاع عنه، يجبرانها على التقدم والمضي قدما فيما عزمت، رغم كل شيئ، ستتصل بصديقتها(نور)لتحدد لها هذا الموعد مع عمها(رأفت)وستدلف إلى هذا السجن بصحبة (عز)وستدافع عن (حمزة)وتطالب بإصدار العفو عنه لبرائته من كل إثم، ولن يهدأ لها بال حتى تنجح، حتى وان كان الثمن قلبها الذي سيغرق في العشق أكثر دون أن يبادله معشوقه الحب وقد تشبع بحب أخرى.

أفاقت من أفكارها على صوت هاتفها وما ان تطلعت إلى شاشته حتى اجابته على الفور قائلة:
-نور بنت حلال كنت لسة هكلمك عشان...
قاطعها صوت( نور) الباكى وهي تقول بألم:
-إلحقينى ياهبة، بابا مصمم يجوزنى هشام ابن عمى.
لتتسع عينا (هبة)، في صدمة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة