قصص و روايات - نوفيلا :

رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الخامس

رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الخامس

رواية نوفيلا أعترض حضرة القاضي للكاتبة شاهندة و جود علي الفصل الخامس

معادلة الحب لا تكون ثابة غالبا، أحيانا ما تكون النتيجة حاصل إثنين، ثلاثة!.
هكذا هي القلوب لاتكون خاضعة لأي قوانين، متمردة، تتعلق بحرية، كما تريد و بمن تريد!

هناك الكثير من الأيام الحافلة الثقيلة وهذا أحدها، كانت (نور) تتخبط بينها وبين نفسها كطائر مجروح بينما يجلس في الغرفة المجاورة أبويٌها مع عائلة عمها يناقشان أمر زواجها الذي لاترغب به..
دخلت والدتها وقالت بحزم:
خمس دقائق وألاقيكي قدامي!
جذبتها (نور) من يدها وقالت تستعطفها:.

ياماما حرام عليكم، أنا مش عايزة الجوازة دي وبعدين إنتي مش بتطيقي مرات عمي وطول عمرك بتقولي عليها عقربة، اشمعنى الحب ده اللي جيه فوق دماغي أنا دلوقتي؟ ياماما أرجوكي أنا مش عايزة هشام، ده أبيه، في واحدة تتجوز حد بتناديه أبيه! ارحموني أنا زي بنتكم بقى!
قالت والدتها وهي تشير بأصبعها وتتجه خارجا:
خمس، دقايق، مافيش غيرهم!

زفرت (نور) بضيق وجلست على طرف سريرها وقد احمرّ وجهها من الغضب وقتذاك وردها إتصال من (هبة )التي قالت:
ها يانور عملتي إيه؟
فأجابتها بصوتها الباكي:
معملتش حاجة، الباشمهندسة دخلت من شوية تهدد فيا قال عايزاني برة بعد خمس دقائق، الحقيني ياهبة بجد أنا مخنوقة وعلى شوية هجنن وأطلع أموت هشام وأمه.
ابتسمت (هبة) وقالت:
عين العقل والله.
قالت (نور)بحنق:.

هو ده وقت تريقتك ياهبة ماتتلمي في يومك اللي مش فايت ده هو أنا ناقصة.
ابتلعت (هبة) ضحكتها وحاولت أن تكون جدية فقالت:
هما ليه مصرين على هشام مش كنتو على خلاف مع عيلة عمك، إيه اللي جد؟
قالت(نور):.

أبدا ياستي، دكتور هشام هينتقل على ماليزيا هيشتغل في مستشفى كبيرة هناك، أمي شايفه حياتي هناك حظ من السما وبتقولي أحسن ماتتعفني هنا وانتي بتترافعي عن المجرمين، والحاج حبيب قلبي بقى بيقول اخويا اولى من الغريب خصوصا يعني بعد ما عمي قاله أهو ورثنا يبقى مننا وعلينا ومايطلعش للغريب بعد ماكانو ماسكين في خناق بعض على كام حتة أرض وكام عمارة وحاجات تانية سابها جدي الله يرحمه من غير مايقسمها بينهم فعمي كوش على كله لأن بابا خلفته بنات هو جاب هشام و همام و حسام على وزن واحد كدة زي ماانتي شايفة...

لم تستطع( هبة )كبح ضحكتها ضاربة بعرض الحائط امتعاض( نور )التي هددتها بإنهاء المكالمة إن لم تتوقف عن الضحك والسخرية، فقالت بسرعة:
تمام اديني سكت، ماانتي اللي كلامك يضحك، عسل يانوري وانتي متنرفزة كده...
طيب بصي انتي هتظبطي نفسك وتطلعي عادي تسلمي عليهم...
قاطعتها (نور )قائلة:
والله! وبالمرة أعملهم قهوة وأضايفهم بوتيفور!، انتي بتستهبلي؟
قالت(هبة)بحنق:
ماتسمعي الاول هقول ايه الله!
قالت (نور)بنفاذ صبر:.

انجزي الخمس دقايق خلصت وهتطب عليا من تاني..
فقالت (هبه) وابتسمت( نور) بمكر.
رتبت (نور) هندامها وخرجت من غرفتها وتوجهت نحو المطبخ وقد أعدت القهوة للجميع وملأت صحن تقديم الحلويات بكمية معتبرة من البوتيفور ورسمت إبتسامة عريضة ودخلت عليهم تلقي التحية...
(هشام) الجالس بجانب والدته راح يطالعها بهيام متناسيا وجود الجميع في حضورها..

ابتسامتها الطفولية وشعرها الأحمر المجعد الذي تخفيه تحت الحجاب و كيف تطرف بعينيها من الخجل وصوتها الناعم الذي يغمر روحه، كل هذا يجعله ينجذب إليها بشدة، ولكنها لا تراه سوى أخ بل تستثقل ظله فلا تكلمه إلا مجاملة...
قال وهي تناوله القهوة:
أخبارك إيه يانور؟
تمام يا هشام، وإنت؟ قالتها باقتضاب ليجيبها:
الحمد لله!
أومأت برأسها وعادت تجلس مكانها.

ارتشف (هشام) من فنجانه ومالبث أن لفظ ما في فمه وراح يسعل ووالدته تنظف ثيابه، قال بعصبية:
انتي هبلة في حد يحط فلفل اسود في القهوة يابنت انتى!
هبت واقفة وتخصرت وقالت:
هبلة، أنا هبلة. سمعت يابابا ده بيقول عليا هبلة وقدامكم، شفت ياعمي!
حاول (هشام) تدارك الموقف وقال:
ماقصدتش، بس فلفل في القهوة يانور، وسعت منك شويتين!
قالت باستنكار:.

الحقو ده بيبرق فيا كمان! هو ده ياناس اللي هأمن على نفسي معاه؟ وكمان هيغربني يعني لو قطعني ماحدش هينجدنى.
وجلست على المقعد بطريقة درامية تمثل الضيق..
فقال (هشام ):
كبري عقلك يانور ماحصلش حاجة لرد فعلك ده!
قالت لأبيها:
ده أنا أشطر محامية في المدينة يقولي عقلك صغير يابابا!
فقال والدها وهو يمسك بيدها:.

ياهشام انتي ابن اخويا يعني زي ابني وقلت ماحدش هيكون أمين على بنتي غير ابن عمها بس تصرفك ده خلاني أفكر أعيد حساباتي..
قالت والدته متدخلة:
حسابات إيه بس يا عبد الحميد! الولاد متوترين شوية وشكل نور مدلعة زيادة فخلطت بين المزح والجد...
وقتها صاحت (نور):
يا ماما!
فقال العم يخاطب ابنه:
قوم ياهشام اغسل ايدك ووشك واقعد أنت ونور اكلمو شوية..
والتفت نحو (نور )وأردف:
قومي يابنتي الله يرضى عليكي.

نظرت (نور) نحو والدها تستنجد به لكنه أومأ لها موافقا فنهضت على مضض تتبع (هشام) وقد شعرت أن مخططها بدأ يفشل..
غسل (هشام) يديه وتوجه إلى المطبخ حيث كانت تجلس وأمامها علبة عصير تشرب منها مباشرة، طالعها باستنكار وقال:
الشرب بالشاليمو مش صحي على فكرة!
فقالت:
كمان هتعترض أكل واشرب ازاي، لاء دي مبقتش عيشة أنا هروح لأهلي!
فقال بحزم:
اثبتي مكانك!
عادت لتجلس فأردف بصوت خفيض هاديء:.

بصي يانور، احنا بنعرف بعض عمرنا كله، والحركات اللي بتعمليها دي عارف انها حركات تطفيش...
عاوزك تهدي عشان نعرف نتكلم..
زفرت بضيق وقد دفت وجهها بين ذراعيها اللذان جمعتهما على الطاولة فأردف:
عيزاكي تنسي إنى إبن عمك وتعامليني كإني أي عريس متقدملك، بس عريس محترم كده ومايترفضش..
رفعت رأسها تحدق فيه نظرات موحية كأنها تقول لا ماشاء الله
فرفع حاجبه قائلا:
يعني أترفض ولا إيه؟
استعادت ثباتها وقالت:.

اسمعني يا أبيه!، قصدي ياهشام، مش بقول انك شخص فيك عيب وتترفض، بس الجوازة دي كإنها صفقة فيها ربح للعيلة، بس أنا فين من الربح ده، أنا ماقدرش أعيش بوضع زي ده وحياة زي دي، أرجوك إفهمني ووقف المهزلة اللي بتحصل دي!

كان (هشام )يحافظ على ابتسامته وهو يستمع لكلمات (نور )ثم قال:
معقول يانور تفكري إني موافق أرتبط بيكي عشان مصلحة أي حد..
فاكرة في فرح أخويا همام لما وقع الورد اللي رمته العروسة بين إيدك قلتلك إيه وقتها؟
قالت:
هتبقي عروسة بعد مي على طول!
قال:
بالظبط، وقتها كنت مراهن نفسي لو مسكتي البوكيه هطلبك من عمي على طول.

أنا بحبك يانور، ومالية قلبي وعيني وكل تفكيري، إنتي الإنسانة اللي أقدر أأمنها على مشاعري وحياتي كلها، أنا مارضيتش أجي أقولك حبيني عشان بحبك، أنا دخلت البيت من بابه، مايهمنيش الناس اللي قاعدة هناك نواياها إيه من الجوازة دي، إلى يهمني مشاعرك إنتي حتى لو ماكنتش حب على الأقل تكون راحة، فكرى كويس يانور أنا لايمكن أقلل منك أو أعنفك واللي حصل من شوية بسبب قهوة الفلفل كان لأني حسيت إنك قصداها عشان تطفشيني.

استقام وغادرها وهي لا تزال تحدق في طيفه ببلاهة، استقامت هي الأخرى ودخلت غرفتها وقد شعرت أنها وقعت في فخ لن تخرج منه، لم تكن تتوقع أن( هشام )يحبها ويتعامل معها بهذا القدر من الاحترام الذي جعلها صغيرة بتصرفاتها معه أمام نفسها فأخذت وسادتها وراحت تعض عليها غيظا وهي تصرخ...

إنتهى اليوم لتنتهي (هبة )إلى جانب صغيرها الذي تضع رأسها بقرب صدره العطر وهو يبعثر شعرها بيديه الصغيرتين بينما تحاكيه:
هتسامحني ياسيف لما تكبر وتعرف إني سبب في سجن باباك؟ ولا هتفهمني وتقدر إني كان لازم أحميك منه وأحمي نفسي كمان؟ هتسألني عليه ياسيف؟ هتحبه أكتر مني مثلا؟
خايفة من بكرة، لما تكبر وتبدأ تسأل عليه، هو أنا لو كدبت وقلتلك باباك إنسان كويس وبيحبك هبقى بخدعك؟

أنا حبيت ومحسبتهاش لليوم ده، سامحني ياحبيبي معرفتش أختار صح!
وبالحديث عن الاختيارات الخاطئة اعترض (حمزة) ذاكرتها بقوة بصورته الجميلة التي رأتها ببيت والديه، أصبح جزءا من حياتها منذ أن وجدت كومة من رسائله داخل صندوق البريد الخاص بشقتها، تجاهلتها في باديء الأمر لكن عنوان السجن الذي طبع عليها أثار فضولها ففتحتها وفتحت معها شقاء لقلبها من جديد...

حشرت أصبعها بيد صغيرها الدافئة والتفت تسحب درجا بجانبها وأدخلت يدها وجذبت رسالة عشوائية فتحتها وراحت تقرأ:.

اليوم الجمعة الليلة الأخيرة من رمضان المبارك 2012
كل عام وأنت بخير.
الأيام متشابهة هنا يانسمة فكيف أيامك هناك؟ أمازال يوم الجمعة كما كنت أذكره؟
يتسابق الناس فيه إلى المساجد فيرتفع صوت الخطيب بكلام الله ورسوله فيثبت القلوب ويريح الأرواح ويزيل غمة النفوس..

يعودون بعدها بخفة فيتشاركون الغداء برفقة عوائلهم فتسأل الزوجة أو الإبنة عن موضوع الخطبة فيعيدها رجل البيت عليها كأنه يروي نبتة لتزهر! كانت تلك أمنيتي أعود إليك محملا بعظة تزهر المودة بيننا!
اليوم جمعة قال لي العم عزيز فهو ضليع بالوقت كما تعلمين، وجمعة العم عزيز لا تختلف كثيرا عن جمعاتكم، نجعله بيننا فيخطب بحب مايبث الأمل بقلوبنا مايجعلنا نصبر على الفتن فنحمد الله ونشكره.

انقضى رمضان بدون تراويح فكانت كلمات العم عزيز تراويحا لنا قال ذات ليلة:
الجنة من معجزات الله العظيمة، إنها الراحة اللامتناهية التي لا يعرف فيها جزع، فكيف ندخلها من دون ثمن، هاه!
جعلني أفكر كما لو كنتي جنتي وأنني أشقى للراحة فيك!
طوت (هبة) الرسالة بعنف وقد نزلت دموعها وراحت تلعن( نسمة) الخائنة وتتعجب من تفريطها في شخص بخضم كل ما هو فيه لايزال يتكيء على حبها ليقاوم...
هدأت قليلا ثم أعادت فتح الرسالة:.

أتوق إلى رؤيتك والعيش في نعيمك!
لي عتب عليك يانسمة! أذكريني برسالة تطمئن قلبي وتؤنس وحدتي تكون لي كيقين بأن الغد أجمل فأصبر من أجل غدنا الأجمل!
عيدك مبارك وكل أيامك مباركة يا كل عيدي ويابركة أيامي المقبورة في منفايٌ.
حمزة.
وضعت الرسالة جانبا وقد شغل تفكيرها هل تكشف له حقيقة (نسمة) أم تجعله يواصل وهمه كي يستطيع المقاومة إلا أن تحرره..
قاطع تفكيرها بكاء( سيف) فحملته بين يديها تهدهده لينام.

ارتفع أذان الفجر بصوت (عزيز) المبحوح فاستيقظ بعض السجناء لصلاة الفجر من بينهم( حمز)ة الذي توضأ بسرعة واصطف خلف (عزيز) ليلتحق به البقيّة فقام بهم( عزيز )وهم خاشعين يتبعونه.
انتهت الصلاة فانفض الجمع لمضاجعهم وبقي (عزيز) و(حمزة) جنبا إلى جنبا يطالعان نفوذ الشمس من بين قضبان نافذة صغيرة بآخر الجدار فقال( عزيز )...
من بين الضيق يندفع الفرج، زي ما دخلت الشمس هنا من شق صغير طرف السقف!
فقال (حمزة ):.

دول أربع سنين مروا ياعم عزيز ولسة سنتين كمان ويمكن أكتر!
ربت( عزيز) على ركبته وقال:
هانت ياابني، هانت!
فقال (حمزة ):
خايف ياعمي! أنا حاسس إن اللي كنت صابر عشانها مابقتش ليا، في برود جوايا ناحيتها، ولا البعد خلق الجفى؟
ابتسم العم( عزيز) وقال:.

ربنا قذف في قلبك العشق عشان يكونلك مخرج من الضيق ياحمزة، ما العشق عبادة كومان ياابني زيه زي الدعا، ولو ربنا برد على قلبك يبقى رفع إبتلاه عنك، دي حكمة ربنا هو أدرى بحال عبده، ماتخافشي من أى حاجة إللي إداك مش هيحرمك لو خد منك عطيته.
فردد (حمزة):
ونعم بالله!

أنا إتغيرت والحياة اتغيرت مابقتش عارف من الناس اللي برا غير أمي وأبويا، خايف أطلع من هنا ماقدرش أعيش برا، كإني طير وآلف القفص لو اتحرر مش هيعرف يطير وهيقع.
فقال (عزيز )من بين تسبيحاته:
كن على يقين إنك بعد كل الظلم إلى اتظلمته هتلاقي اللي يمسك إيدك ويسندك ويجبر بخاطرك، اطمن ياحمزة!
فقام (حمزة) إلى دفتره كالمعتاد و خط رسالة إلى والديه الذي قطع خبره عنهما من مدة طويلة.

هنا في هذه المقبرة كما كان يسميها (حمزة )قد تعلم الكثير، تعلم الإخلاص والثقة بالله، تعلم الصبر والقرب من الله، فنجى من أحلك الأيام سوادا، أما الطمأنينة التي ستصله قريبا فهي كلمات ستنفخ في روحه يقينا صادقا أن الفرج إقترب.

لو سألتني عن الحب لحدثتك كيف تحول رسالة واحدة فقط من شخص ما، بكلمات قليلة، حياة شخص أخر من العدم إلى الوجود، كيف تعيد له ملامحه، إبتسامته، ومشاعره...
فتكون كلماته أقرب لنفخ روح جديدة في جسده البالي...
هكذا تلقى( حمزة) بعد يومين رسالة من غريبة تحمل عنوان (نسمة) وإسم (هبة )..
قلبها بين يديه بعد أن سلمها إياه الحارس وجلس في الفناء تحت ظل شجرة وفتح وراح يقرأ..
مرحبا حمزة!

اليوم -بما أنك تنسى ترتيب الأيام- هو الجمعة وقد حضرتها، أتريد أن تسمع ما جاء في خطبة الخطيب؟
أعلم أنك تريد فاسمع إذن..

قال: كان يوسف عزيز أبيه فكادوا له إخوته فأصبح عبدا في أرض غريبة، إبتلاء يوسف كان عظيما لكن ذاك لم يمنع أن يكون محبوبا، أينما حلّ، البلاء لا يمنع المحبة ياحمزة ولا يكون عائقا لها هكذا ظل يعقوب متعلقا بريح ولده شغوفا به بطول غربته وانقطاع خبره، وهكذا يوسف رغم ضيقته حول بؤسه إلى فسحة مودة بنفسه الطيبة ويقينه القوي بالله عز وجل..

وقال: إذا اشتعل الحب في النفس بما لاتطيق أهلكها، كما فعل بزليخة فصارت تعذبه على أيدي جلاديها يصبر هو وتنزف ألما هي، أمر القلوب غريب أليس كذلك؟
الحب الخالص لله والصادق بين عباده هو ما يعلق أرواحهم ببعضها فيكون لهم نجاة لا ظلمة!
ربما ستراودك نفسك لما تقول هذه الغريبة هذا لي وأنا لا أعرفها؟
وقبل أن أخبرك ترددت كثيرا لكنني عزمت أمري وأنا أدرك أنك لست بشخص قانط يعارض قدر الله وحكمته..

أنا هبة صديق إنتقلت مؤخرا إلى المنزل التي كانت تسكنه نسمة مع عائلتها وللصدفة وجدت صندوق البريد يكتظ بالعديد من رسائلك على مدار أربع سنوات..
نعم، نسمة لم تستلم أي من رسائلك لأنها رحلت، ولأكون دقيقة تزوجت - على حسب ماقاله الجيران - بعد أشهر من دخولك السجن وسافرت إلى أروبا.

شعر (حمزة )بانسحاب الهواء من صدره وهو يقرأ كلماتها وراحت يداه ترتجف وهو يردد:
أكيد جبروها تعمل كده، نسمة مستحيل تسيبني، ابوها!، أكيد أبوها أجبرها..
ستقول ربما كانت مجبرة أو مضطرة لا أعرف ذلك لأن عيني لم تر لكنني زرت والداك وأخبرانني أنها تزوجت راضية وسعيدة، الحقيقة قاسية لكن لابد منها لأن تستفيق ياحمزة.
لذا أعود إلى ما جاء في الخطبة وأقول لك البلاء لايمنع المحبة ولا يكون عائقا لها.

هذا ما شعرت به من رسائلك التي بثثت فيها كل مشاعرك لنسمة.
رسالتي هذه لم أرسلها كبيان لإنهيار أحلامك ووقوعك منكسر الخاطر، بل من أجل أن أخبرك أن حبك الصادق سيخلصك من منفاك ومن مقبرتك..
استعد ياحمزة سأمسك بيدك لأخرجك إلى النور.
هبة صديق.

أتم (حمزة) قراءة الرسالة وجسده كله يرتعد و شفتاه ترتعشان بدا كما لو أنه مصاب بحمى ويهذي، أراد أن يقف لكن رجليه لم تستجبا له رآه (عزيز) من بعيد فاقترب منه وأمسكه من ذراعه ليقف وقال بلهفة:
مالك ياحمزة، خير ان شاء الله؟
تأتأ (حمزة) بكلمات لم يفهمها (عزيز) فنفضه بقوة إليه واردف:
حمزة بصلي..
نظر إليه( حمزة) نظرة زائغة وقال:
ن، نيسمة، نسمة، خانت...

فهم( عزيز) مايرمي إليه( حمزة) من حالته تلك فأسنده إليه يسحبه إلى الداخل وهو يردد:
قدر الله وماشاء فعل، قدر الله وماشاء فعل!
لا بد من بعض الألم حتى تتضح الرؤية وهذا ما سيعيشه( حمزة )من أيامه المقبلة قبل أن يدرك ما ينتظره من عوض جميل.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة