قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل العشرون

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل العشرون

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل العشرون

نظر كل من نضال ورهف الى بعضهم بدهشة في حين كرر رفعت سؤاله قائلا في خوف:
فين سهام؟
قال نضال:
اهدى بس يابابا، وفهمنا خايف من ايه؟
نقل رفعت بصره بينهما قائلا:
سهام كانت بتزورنى وبتتكلم معايا، هي فاهمة، فاهمة حاجات كتير غلط، عموما مش مهم دلوقتى، المهم انها آخر مرة قالتلى انها هتعمل عملية وممكن متقومش منها، هي كويسة صح، قولولى انها كويسة؟

بكت رهف في حين أسرع نضال بالكلام حتى لا يفهم أبيه دموعها بطريقة خاطئة:
هي بخير يابابا، عملت العملية وبخير والله، هي بس لسة خارجة من العمليات، وفي العناية المركزة، بس الدكتور طمنا
زفر رفعت بارتياح قائلا:
الحمد لله
تبادل نضال ورهف النظرات، نظر رفعت اليهم قائلا في تصميم:
ودونى ليها
قال نضال بدهشة:
مش هينفع يابابا، انت لسة خارج من غيبوبة، وهي في العناية، أول ما يخرجوها في اوضة عادية هاخدك بنفسى ليها.

أومأ رفعت برأسه وهو يشعر فعلا ببعض الوهن بجسده فأغمض عينيه بارهاق قائلا:
ماشى يانضال
شعر نضال بتعبه فقال بهدوء:
طيب يابابا هنسيبك ترتاح دلوقتى قبل ما اخواتى ييجوا والدنيا تتقلب
اومأ رفعت برأسه دون أن يفتح عينيه، فخرج كل من نضال ورهف، وما ان خرجا حتى قالت رهف:
خليك مع عمى، وانا هروح اطمن على ماما
كادت ان تذهب حين اوقفتها يد نضال وهو يقول:.

رهف، انا عايزك تسامحينى ع الكلام الغبى اللى قلتهولك قبل كدة، انا من جوايا عارف انك مستحيل تخونى بس...
صمت لا يدرى كيف يفسر لها غيرته عليها وهو يرى رجلا آخر يلمسها، يعلم انه لابد من تفسير منطقى لما رآه ولكن غيرته عليها تفقده دائما عقله، أدركت رهف حيرته في تفسير مشاعره فقالت بهدوء:
بس انت لازم تعرف ايه اللى حصل، أنا..
قاطعها قائلا:.

مش محتاج أعرف يا رهف، قلتلك انى واثق فيكى، المهم ان موضوع الطلاق ده تنسيه و...
وضعت رهف يدها على فمه قائلة:
مش وقته يانضال، احنا لازم يكون بينا كلام كتير قبل ما ناخد اى قرار عشان منندمش بعدين، وده مش هيحصل غير لما نطمن على اغلى ناس في حياتنا، ساعتها بس هنقدر نتكلم.

نظر نضال الى عينيها الجميلتين ليقع كعادته أسيرا لهما، وجد نفسه يقبل يدها دون وعى، كانت قبلة حانية أودعها مشاعره، كان قلب رهف قد اصيب بسهام نظراته التى جعلتها عاجزة عن الحركة، حتى شعرت بتلك القبلة فأخفضت يدها بخجل وابتعدت بخطوات سريعة ولكن قبل ان تختفى التفتت لتلقى عليه نظرة اخيرة فرأته واقفا مكانه لم يتحرك قيد أنملة فقط يتأملها فالتفتت بسرعة وهي تبتسم لتسارع دقات قلبها كالمراهقة الصغيرة، وأسرعت خطواتها، تنهد نضال قائلا بهمس:.

خلاص مبقاش فيه فايدة، حبيتها يانضال، ودى اول مرة تحب بجد، ولازم تفكر كويس في اللى جاى، علشان معتش ينفع تخسرها، اللى زى رهف يتحب و بس يانضال، لا ينفع نجرحه ولا نفرط فيه
أمسك هاتفه ليجد مكالمات عديدة من صديقه فاتصل بيزيد الذي قال في سرعة:
انت فين يانضال، الامانة عندنا وبتصل بيك كتير مبتردش
قال نضال:
مش وقته يايزيد، خلى الامانة في مكانها، سيبك منها دلوقتى وروح هاتلى نيرة على مستشفى الصفا
قال نضال في فزع:.

خير يانضال، حد حصلوا حاجة؟
قال نضال بسرعة:
لأ اطمن، بابا بس فاق
قال يزيد في فرح:
بجد، فرحتنى والله، هنكون عندكم في دقايق
ثم اغلق نضال الهاتف ليتصل بفهد الذي رد على الفور قائلا:
نضال كويس انك اتكلمت، مش هتصدق، دكتور فريد اتصل بية...
قاطعه قائلا:
عارف يافهد، انا في المستشفى دلوقتى، وشفته
قال فهد في سعادة:
بجد يانضال، يامن انت كريم يارب، هو كويس يانضال؟
أومأ نضال برأسه قائلا براحة:
كويس يافهد، كويس اوى.

قال فهد بسعادة:
الحمد لله، انا في الطريق اهو، ثوانى وداخل على المستشفى، مش هتأخر، سلام
أغلق نضال الهاتف وهو يغمض عينيه متمتما:
الحمد لله.

قال الشيخ عابد وهو ينظر الى وعد بتلك النظرة التى لا تريحها على الاطلاق:
جبتى القطر يامدام وعد؟
قالت وعد بتوتر:
أيوة
ثم أخرجت منديلا من القماش وأعطته اياه قائلة:
بس ياريت بسرعة نخلص الجلسة عشان جوزى زى ماانت شايف بيتصل بية كتير وانا مبردش واكيد هيقلق
ابتسم عابد وهو يشير الى كوب العصير امامها قائلا:
اشربى بس العصير ده وهنعمل الجلسة علطول، مش هناخد دقايق
نظرت وعد الى العصير قائلة:
بس انا مبحبش اللمون.

قالت حسنية بهمس:
اشربيه ياستى، ده مهم للجلسة زى ما سيدنا قالك، عشان يهدى أعصابك.

ابتلعت وعد ريقها وامسكت الكوب لتلتمع عينا عابد، كادت ان ترتشف منه رشفة حين وصل الى مسامعها صوت وصول رسالة على هاتفها، كانت النغمة المخصصة لفهد فأدركت أن هناك شيئا هاما ففهد لا يبعث لها برسائل الا في الضرورة القصوى، تركت كوب العصير وامسكت بهاتفها لتفتحه وتجد رسالة فهد الذي يخبرها فيها بانه كلمها كثيرا وان والده قد افاق من غيبوبته ويطلب منها الحضور فورا الى المستشفى
نهضت قائلة:.

انا متأسفة ياشيخ عابد بس مضطرة امشى حالا
قال عابد في حدة:
مش هينفع
نظرت اليه وعد بدهشة فاستطرد عابد بصوت حاول ان يكون هادئا:
الجلسة لازم تتعمل دلوقتى
قالت في توتر:
معلش بس عمى فاق م الغيبوبة ولازم اروح المستشفى حالا، مش هينفع مااروحش، جوزى هيقلب الدنيا، ياريت لو نأجلها ليوم تانى
نظر اليها عابد قائلا في غيظ:
اللى تشوفيه، اتفضلوا امشوا وهبقى ابلغ حسنية بالميعاد الجاى.

اومأت وعد برأسها وخرجت من الغرفة مع حسنية تتابعهم عينا عابد الذي أمسك بكوب الليمون ورماه أرضا بعصبية، قائلا في غيظ:
ثوانى وكنتى هتكونى بين ايدية، ده انا من يوم ما شفتك وانا بحلم باللحظة دى، معلش، ملحوقة، يومين وتبقى في حضنى ياوعد
والتمعت عيناه بشهوة قائلا:
يومين.

نزلت نيرة لترى زائرها فقد أخبرتها الخادمة بأن أحدهم يطلب رؤيتها، وما ان رأت يزيد حتى أصابتها غصة في قلبها فالتفتت تغادر المكان، أوقفها صوت يزيد الذي قال في رجاء:
نيرة استنى من فضلك
توقفت توليه ظهرها، فاقترب منها حتى توقف خلفها مباشرة قائلا:
أرجوكى بصيلى
أغمضت عينيها في ألم ثم فتحتهما ليرتسم على وجهها قناعا باردا والتفتت لتواجهه في جمود قائلة:
أدينى بصتلك، خير يايزيد؟

نظر الى برودة نظرتها، يعلم انه يستحقها، كاد ان يبوح لها بمشاعره ولكن الوقت لم يحن بعد، قال بهدوء:
نضال عايزنى أخدك لمستشفى الصفا
تغيرت ملامحها ليشوبها القلق وهي تقول:
حصل حاجة؟
قال يزيد باختصار:
باباكى فاق
التمعت عيناها بالفرحة، عادت في ثوانى نيرة التى يعرفها وهي تقول:
بتتكلم جد؟
ابتسم وهو يومئ برأسه فقالت لسعادة:
طب مستنيين ايه، يلا بينا.

وأسرعت بالمغادرة وهو يبتسم متبعا اياها، ولكنها ما لبثت ان توقفت لتلتفت اليه قائلة في برود:
انا هروح لوحدى، في عربيتى
اقترب منها قائلا بحزم حنون:
الموضوع ده منتهى ومش محل نقاش، انا هوصلك بنفسى للمستشفى، وده لأمانك انتى، فيا اما هتيجى معايا بارادتك، يا اماهشيلك حالا وادخلك العربية، ها، هتختارى ايه؟

نظرت اليه بغضب ودبدبت بقدميها الأرض، ثم اتجهت الى سيارته ودلفت الى المقعد الخلفى وهي تنظر اليه بتحدى، فابتسم وصعد ليجلس خلف المقود وهو ينظر اليها في المرآه يكاد يضحك على تصرفات حبيبته الطفولية.

تجمع الأبناء حول رفعت الذي نظر اليهم بشوق وهو يقول:
يااه، أد ايه وحشتونى ووحشتنى قعدتكم جنبى
ابتسمت نيرة وهي تقبل والدها في وجنته قائلة:
واحنا يابابا اشتقنالك اوى
نظر رفعت الى وجه نيرة وذراعها المجبر والمليئة بالكدمات والذين بدأت في التعافى قائلا:
الحمد لله يانيرة ان الحادثة اللى حصلتلك جت على أد كدة، احنا عيلة موعودة بالحوادث ولا ايه؟
نظروا الى بعضهم وهم يبتسمون بتوتر، قال رفعت:
أومال فين رهف؟

ابتسم نضال قائلا:
بتزور مامتها يابابا
تنهد رفعت قائلا:
هي لسة ما فاقتش؟
قال نضال:
منتظرينها تفوق ما بين الثانية والتانية
اقترب فهد من والده قائلا:
نفسى أعرف ايه سر اهتمامكم الغريب ببعض يابابا، هي من ساعة ما عرفت انك في المستشفى بتزورك كل يوم، وانت من ساعة ما فقت مبطلتش سؤال عنها
قالت نيرة بخبث:
واضحة يعنى يافهد ومش محتاجة ذكاء، الظاهر طنط سهام كانت الحب القديم بتاع بابا وشكل الموضوع هيحلو
ابتسم رفعت قائلا:.

اختشوا ياولاد
ثم ظهر عليه التفكير وهو يقول:
الموضوع مش بالبساطة دى، دى حكاية طويلة انا نفسى معنتش فاهمها، وأول ما افهم اوعدكم انى هحكيلكم كل حاجة
ظل نضال صامتا ينظر اليهم في هدوء، تذهب أفكاره الى رهفه التى ملكت عليه جوارحه، حتى انه يود الآن لو ترك الجميع وذهب اليها فقط ليكون بجوارها، نظر اليه والده فأدرك مشاعره فلطالما كان نضال غامضا للجميع الا والده الذي كان يفهمه من نظرة واحدة لذا قال في هدوء:
نضال.

افاق نضال من افكاره على صوت ابيه ليقول باحترام:
تحت امرك يابابا
ابتسم رفعت قائلا:
روح يانضال وخليك جنب مراتك ولما سهام تفوق تعالى خدنى ليها
نظر نضال اليه قائلا بارتباك:
بس يابابا...
قاطعه والده قائلا:
انا معايا اخواتك ووعد ويزيد، لكن رهف لوحدها دلوقتى ومحتاجالك، هي ملهاش غيرك يانضال.

أومأ نضال برأسه وغادر الحجرة وعينا رفعت تتابعانه وهو يدعى له في سره، فقد رأى التوتر بين نضال ورهف ولكنه رأى ايضا الحب بينهما وهو فقط عليه ان يجمع بينهما حتى لا يفقد نضال حبه مثلما فقد هو حبه منذ زمن طويل، طويل جدا.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة