قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي والعشرون

اقترب نضال من حجرة العناية المركزة والتي توجد بها والدة رهف فرأى رهف تقف امام نافذتها تستند بجبهتها على الزجاج مغمضة العينين، تتحدث بصوت منخفض، وقف خلفها تماما ليستمع الى حديثها:.

مش قادرة اشوفك كدة ياماما، ضعيفة والسلوك حواليكى، انتى اللى كنتى بتقوينى على كل حاجة بتمر في حياتى، فاكرة لما مازن اتخلى عني عشان فلوس بابا راحت، ورغم انى عمرى ما حبيته بس الصدمة كسرتنى، ضعفت ثقتى بنفسى، حسستنى انى مسواش حاجة من غير الفلوس، لولاكى انتى، شجعتينى ورجعتيلى ثقتى بنفسى، انتى الوحيدة اللى بيريحنى كلامى معاها، واللى كان نفسى احكيلها ع اللى بيحصلى مع نضال، تعرفى لما شفت نضال اول مرة، حسيت انه عوض ربنا لية، ورغم تصرفاته وكلامه معايا بس مقدرتش اكرهه ولا حتى أزعل منه، عارفة ليه؟

انتظر نضال اجابتها بلهفة وبشوق، وبقلق، ابتسمت بخفة قائلة:
لأنى شايفاه من جوة، هو مش وحش ياماما، حتى لو شايف نفسه وحش ما بيرحمش، انا شايفاه قلب طيب اتوجع، حابب يظهر بمظهر الوحش عشان مش عايز من حد مشاعر شفقة ولا عايز حد يقرب منه ويجرحه
نظر اليها نضال بحنان، ود لو ضمها الآن الى صدره وبثها مشاعره، ولكنه يشعر بأن هناك المزيد لديها لتقوله، يود لو يعرف فيم تفكر، وبالفعل تنهدت رهف قائلة:.

تعرفى ياماما، نفسى أقوله ميخافش منى، وإنى لا يمكن أجرحه، نفسى أقوله إنى بخاف على مشاعره اكتر ما بخاف على مشاعرى، نفسى أقوله انى، انى، انى...
قال نضال بهمس:
انك ايه يارهف؟
فتحت رهف عينيها بصدمة على سؤال نضال الهامس لتلتفت خلفها وتجده في مواجهتها ينظر اليها بنظرة رأتها فقط في أحلامها، ابتلعت ريقها بصعوبة وهي تقول:
نضال!
أمسك يدها وهو ينظر الى عينيها مباشرة قائلا:
نفسك تقوليلى ايه يارهف؟

أخفضت رأسها قائلة في توتر:
مش فاكرة
رفع ذقنها باحدى يديه فالتقت العينان ليقعان تحت سحر النظرات العاشقة ليقول نضال بهمس:
مبتعرفيش تكدبى يارهف، وعنيكى دايما بتقولى ع الحقيقة، الحقيقة اللى كنت اعمى ومشفتهاش، الحقيقة المكتوبة دلوقتى جوة عنيكى، واللى نفسى اسمعها من بين شفايفك
قالت في حزن:
مش هينفع يانضال، فيه حاجات تخلى اللى نفسى اقوله مستحيل يتقال
عقد حاجبيه وهو يلمس جرحه الغائر قائلا:
قصدك ده؟

رفعت يدها لتمسك يده التي يضعها على جرحه وتنزلها الى جواره ثم ترفع يدها مرة اخرى وتلمس الجرح بحنان وبطريقة أخذت أنفاسه وهي تقول:
انا لما ببصلك مبشفش الجرح ده أساسا يانضال، انا بشوفك بقلبى قبل عينية
تأملها بشغف، يود لو يأخذ أنفاسها الآن ويمزجها بأنفاسه في قبلة تعبر لها عن قوة مشاعره تجاهها، ولكنه ما لبث ان عقد حاجبيه وهو يقول في حيرة:.

اومال ايه الحاجة اللى مش مخلياكى قادرة تتكلمى يا رهف، ايه اللى ممكن يفرقنا؟
تنهدت قائلة:
اللى حصل بين باباك وماما زمان، ورغم انى متأكدة من براءة ماما، بس انت كنت القاضى والجلاد وحكمت عليها بالادانة، وهفضل بالنسبة لك بنت الخاينة و بأقل غلطة منى هتعتبرنى خاينة زيها وتعذبنى بكلامك وافعالك زى ماحصل قبل كدة
نظر اليها بعينين مليئة بالمشاعر، مابين حزن وعشق وحيرة وغضب لتنتصر مشاعر العشق قائلا:.

يمكن مش هقدر اوعدك بالنسيان بس اللى اقدر اوعدك بيه انى احاول، لأنى بحبك
نظرت الى عينيه بصدمة فاستطرد قائلا:
أيوة بحبك، خلاص معنتش قادر اقاوم أو أخبى، ومستعد انسى اى حاجة واعمل اى حاجة بس تفضلى معايا وفي حضنى
فتح لها ذراعيه قائلا:
تعالى في حضنى وقولى ان حبنا اقوى من اى حاجة، اقوى م الظروف اللى جمعتنا وأقوى حتى من خوفنا.

نظرت الى ذراعيه المفتوحتان ثم الى عينيه فأيقنت أن مكانها في حضنه لتسرع وترتمى بين أحضانه قائلة في عشق:
حبنا اقوى من كل حاجة يانضال، اقوى من اى حاجة، انا بحبك اوى، اوى
تنفس عبيرها في شوق وتغلغلت كلماتها في دمه لترتفع دقات قلبه وهو يضمها اليه قائلا وهو ينظر من خلال النافذة الزجاجية الى والدتها المستلقية على السرير:
وانا بحبك اوى يارهف، حبك اهم عندى من اى حاجة تانية، صدقينى ياحبيبتى.

ثم اغمض عينييه لينعم بدفء حبها وتشعر هي ان أحلامها تتحقق وستعيش سعيدةالى الأبد، أو هكذا تمنت.

نفضت وعد يد فهد قائلة في حدة:
انت اتجننت يافهد، ازاى تشدنى بالطريقة دى أدامهم..
قال فهد وهو ينظر اليها بغضب:
ما هو أنا مقولكيش عايزك برة في كلمتين وانتى تفضلى تتحججيلى عشان منخرجش برة الاوضة
اقترب منها وهو يمسك ذراعها قائلا في صرامة:
مش عايزة نبقى لوحدنا ليه ياوعد، خايفة من ايه؟
نظرت الى فهد قائلة في توتر:
وهخاف من ايه يعنى؟
نظر فهد الى اعماق عينيها قائلا:.

قولى لنفسك ياوعد، اسأليها ليه اتغيرت وبقت بتخبى على حبيبها، اسأليها ليه دايما متوترة وجسمها بيترعش، ليه
احست وعد انها على وشك ان تخبره بالحقيقة لذا ابتعدت عنه قائلة:
على فكرة الحاجات اللى بتقولها دى اوهام في خيالك، وانا مش مخبية عنك حاجة
نظر اليها بهدوء قائلا:
متأكدة ياوعد؟
حاولت ان تبدو ثابتة وهي تقول:
متأكدة يافهد
ظهر البرود على ملامح فهد وهو يقول:
طب كنتى فين لما اتصلت بيكى؟

ظهر الارتباك على وجهها وهي تقول:
في السوق
قال فهد:
لغاية دلوقتى، غريبة يا وعد، طب فين الحاجات اللى اشتريتيها؟
قالت وعد:
معجبنيش حاجة
ثم اختارت ان تهاجم قبل ان يحاصرها بالمزيد من الأسئلة فقالت بحدة:
وبعدين ايه الاستجواب ده يافهد، مش انا اللى اتغيرت على فكرة، انت بتشك فية؟
نظر اليها فهد قائلا في صرامة:.

انا لو بشك فيكى بنسبة واحد في المية مكنتش هبقى واقف دلوقتى وبسألك ياوعد، ثقتى بيكى هي ثقتى بنفسى، متنسيش انى مربيكى على ايدى، بس ده ميمنعش انى أحب أطمن عليكى
أحست وعد بالذنب وودت لو اخبرته على الفور ولكنها ترددت فلو عرف فهد سيمنعها بالتأكيد عن مواصلة ما تفعله وهي مستحيل ان تضيع ذلك الأمل منها، لذا قالت بهدوء:
وانا بقولك اطمن، وعن اذنك بقى، انا رايحة عشان اشوف رهف واطمن على مامتها.

تركته وذهبت تتابعها عيناه وما ان ابتعدت حتى امسك هاتفه واجرى اتصالا وما ان سمع صوت محدثه حتى قال بهدوء:
من انهاردة يامجدى، عايزك تمشى ورا المدام وتقولى على تحركاتها اول باول، كل اما تخرج وتوصل لمكان تبلغنى بيه فورا، مفهوم؟
ثم اغلق الهاتف وهو يقول:
آسف ياوعد بس لازم اعمل كدة عشان اطمن عليكى واعرف مخبية عني ايه.

نظر رفعت الى نيرة قائلا:
فين نائل ياحبيبتى؟
قالت نيرة بارتباك:
أصل يابابا، هو، يعنى...
قاطعها يزيد وهو يراها مرتبكة قائلا:
نائل طلع حيوان ياعمى، وقريب اوى هنخلصها منه
نظر رفعت الى يزيد في دهشة ثم نظر الى نيرة التي أشاحت بوجهها كى لا يرى دموعها ولكنه لمحها ليقول في حزن:
سامحينى يابنتى، انا اللى اجبرتك ع الجوازة دى، باباه كان صاحبى وكان راجل كويس والله بس على رأى المثل يخلق من ضهر العالم فاسد.

قالت نيرة بصوت مختنق:
كل شئ قسمة ونصيب يابابا، والحمد لله انها جت على أد كدة
وانا مش زعلانة، ده كان ابتلاء من عند ربنا وانا صبرت واكيد آخرة الصبر خير
قال يزيد بحنان:
انتى تستاهلى كل خير يانيرة.

نظر رفعت الى يزيد ليلاحظ نظرة الحب في عينيه ونبرة صوته التي تحمل مشاعر كثيرة ولاحظ أيضا تأثير كلمات يزيد على وجنة ابنته التي احمرت من الخجل، ليكتشف انه فرق بين قلبين دون ان يدرى وانه اعاد ماحدث له منذ سنوات عديدة ولكنه في تلك المرة فعلها وهو يجهل مشاعرهم، اما عائلة سهام فكانت تعلم، قال رفعت في مرارة:
يزيد تخرج من هنا دلوقتى وتاخد نضال معاك ومترجعوش غير بورقة طلاقها، مفهوم؟

أومأ برأسه ليستطرد رفعت وهو ينظر الى يزيد نظرة لها مغزى قائلا:
وربنا يعوض على بنتى براجل يحافظ على الجوهرة اللى جواها دى
نظر يزيد الى رفعت بدهشة ليدرك ان رفعت رأى مشاعره لنيرة ووافق عليها، فابتسم في سعادة وامتنان لتقطع تلك النظرات كلمات نيرة القائلة:
انا خلاص يابابا، معنتش بفكر في الجواز، انا اخدت نصيبى والموضوع ده بالنسبة لى اتقفل
ربت رفعت على يدها قائلا بحنان:.

متستعجليش يانيرة، انتى لسة صغيرة يابنتى، بكرة تحبى وتتحبى، بس انتى ارجعى نيرة بتاعة زمان اللى مش شايف منها غير خيال
ابتسمت نيرة بحزن في حين قال رفعت:
انت لسة واقف يايزيد، يلا ياابنى، خلصها م الكابوس ده
أومأ يزيد برأسه وخرج من الحجرة على الفور تتابعه عينا رفعت ونيرة، قال رفعت:
يزيد ابن حلال ومعزته عندى من معزة ولادى، راجل بجد ولا ايه بانيرة؟
قالت نيرة بشرود:
ها، بتقول حاجة يابابا؟
ابتسم رفعت قائلا:.

لا ياروح بابا، مبقولش.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة