قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل السادس

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل السادس

وقف يزيد يتأمل وجوه الحاضرين في الحفل، يبحث بعينيه عن وجه واحد اشتاق اليه، وجه حبيبته التى فرق بينه وبينها القدر، لا ليس القدر، بل هو من كان السبب في فراقهما، هو من تخلى عن حبهمها، فحتى وان لم يتصارحا بهذا الحب إلا ان كل منهما كان يدرك مشاعر الآخر، ولكن هو من تركها تضيع من يده، لقد خشى أن يظن والدها أو أخويها أنه طامعا في أموالهم، خشى أن يخسرهم وهم العائلة الوحيدة التى عرفها، وأحس معهم بالانتماء، فخسرها هي.

رآها الآن تقف بجوار زوجها ومعها أخيها فهد وزوجة أخيها، ألقى عليها نظرة بطيئة متأملة لكل ملامحها التى يشتاق اليها..

عقد حاجبيه عندما رأها تبتسم فتلك الابتسامة المجاملة والتى لا تصل الى عينيها لا يمكن أن تكون ابتسامتها، هناك حزن غريب يخيم على تلك العينين، تحاول أن تخفيه بتلك الابتسامة ولكنه يعرفها، يحفظها ويحفظ كل تعابيرها، تساءل عن سر حزنها، ود لو ذهب الآن واحتواها وأخذ عنها هذا الحزن ليحتوي حزنها داخله الى الأبد ويعيد اليها روحها المرحة التى لطالما سحرته..

ولكن كيف؟كيف وقد أصبحت هي زوجة لرجل آخر، زوج هو فقط من يمتلك حق احتوائها، هو فقط من يستطيع ضمها ولمسها، اشتعلت نيران الغيرة في قلبه وهو يتخيل ذلك، كيف استطاع ان يسمح لأحد غيره بالاقتراب منها ولمسها، كيف؟أحس بالمرارة، بالموت يزحف اليه، أدمعت عيناه وتلاقت بعينيها في تلك اللحظة، رأى في عينيها شوقا وألما وعتابا، ورأت في عينيه عشقا وندما ولكن فات الأوان، اشاحت بنظرها بعيدا عنه، رآها ترفع يدها وتقترب من عينيها تمسح شيئا ما، هل تلك دمعة حقا؟أم انه يتخيل؟انفطر قلبه، أحس بالاختناق، زفر بقوة وابتعد، ذهب الى أقصى الحديقة وجلس على كرسى هناك فلم تعد قدماه قادرتان على حمله، خارت قواه عند رؤيتها هكذا، ولكن ماذا يفعل؟هو السبب، هو فقط ولا احد غيره.

توقفت سيارة نضال داخل تلك الفيلا الرائعة، نظرت اليها رهف بانبهار فقد كان تصميمها غاية في الروعة، رأى نضال تلك النظرة في عينيها فابتسم بداخله، نزل من السيارة والتف حول السيارة ليفتح لها الباب، نزلت برقة فأغلق الباب وأمسك بيدها، لا تدرى لم اقشعر جسدها كله من لمسته الحانية ليدها. ابتلعت ريقها بصعوبة ودخلت معه الى حديقة الفيلا حيث يقام حفل عيد الميلاد، ساد الصمت بين الحضور حينما وقعت عيونهم على نضال ورهف، فمنهم من تعجب لوجود نضال بالحفل وهو قد امتنع عن الظهور بالحفلات منذ مدة طويلة تقارب العام، ومنهم من تعجب اكثر من وجود تلك الحورية رائعة الجمال معه، وتساءلوا في دهشة عن تلك الفتاة التى تمسك بيده، شعرت رهف بتوتر نضال رغم انه ظهر باردا وواثقا من نفسه الا انها شعرت بذلك التوتر من خلال يده التى ضغطت على يدها لاشعوريا، فمدت يدها الاخرى وربتت على يده التى تمسك بيدها فنظر اليها بحيرة فابتسمت له برقة، أدرك أنها شعرت بتوتره وأنها تخبره أنها بجانبه، وكم فعل به ذلك الأعاجيب، زال التوتر من قلبه على الفور واحتلت البسمة شفتيه لتذوب رهف في تلك الابتسامة التى تراها على وجهه لاول مرة، ليظهروا للجميع كعاشقين فمنهم من تبسم فرحا لهم ومنهم من اشتعل قلبه حقدا عليهم، اقترب نضال ورهف من عائلته التى أصابتها الدهشة مما يحدث، سلم عليهم جميعا وقدم لهم رهف قائلا:.

أحب أعرفكم برهف
ثم رفع يده الممسكة بيدها و التى يلبسون بها الدبل مستطردا وهو يقول:
خطيبتى..
نظروا اليهم في صدمة مالبثت ان تحولت الى فرحة وقالت وعد بسعادة:
بجد انا مش مصدقة، الف مبروك يانضال رهف خطيبتك زى القمر
ابتسم كل من رهف ونضال في حين قالت نيرة:
والله وجه اليوم اللى هشوفك فيه عريس يااخويا، تعرف احلى حاجة في الموضوع انى هيبقى عندى اختين زى القمر
واقتربت من رهف تضمها قائلة:
الف مبروك ياقلبى.

ضمتها رهف في سعادة، كم تمنت ان تحظى بعائلة مثل هذه ولم تكن تظن أبدا عندما ارتبطت بنضال أنها ستحظى بتلك العائلة، ضم فهد أخيه نضال مباركا وهامسا له في أذنه قائلا:
الف مبروك يانضال، انت متعرفش فرحتنا انهاردة أد ايه، ياريت بابا كان معانا دلوقتى، كان هيفرح اوى
ربت نضال على ظهره قائلا:
بكرة يفوق ونفرحه يافهد.

اكتفى نائل بقول كلمة مبروك وبدأت العائلة في استجواب العريسين ورهف ترد عليهم بخجل بينما يتحدث نضال بثقة حتى تطرق الحديث الى الزواج فقالت نيرة بدهشة:
الجواز ازاى بعد يومين؟مش هنلحق يانضال نجهز للفرح
قال نضال في حدة:
فرح ايه اللى هفكر فيه وبابا في غيبوبة ومامة رهف تعبانة، ولا وشى ده كمان، ايه يانيرة، جرالك ايه بس، بتفكرى ازاى؟
قالت نيرة في حزن:
بس..
قاطعها بصرامة قائلا:.

هي كلمة واحدة، مفيش فرح يعنى مفيش فرح
ابتلعت رهف ريقها بتوتر فها هو الوحش يعود للظهور ليجعلها تخشاه مرة أخرى، قال نائل في سخرية:
ياعم سيبك انت ويعنى اللى عملوا فرح خدوا ايه؟بكرة تقول ولا يوم من أيام العزوبية يانضال
نظرت اليه نيرة وتجمعت الدموع في عينيها من كلماته الساخرة، ولم تستطع الرد عليه لذا قالت بهدوء مفتعل:
عن اذنكم هتمشى شوية.

وابتعدت عنهم دون ان تنتظر الرد، فنظر كل من وعد و فهد الى نائل بحدة في حين اكتست ملامح نضال بالغضب فابتلع نائل ريقه قائلا:
انا هروح اجيب حاجة اشربها
ابتعد عنهم فقالت وعد بحدة:
اووووف، انا مش عارفة نيرة مستحملة البنى آدم ده ازاى؟
نظر فهد اليها قائلا:
مع الأسف هو صحيح اختيار بابا، بس انا نفسى مبطيقوش ولو يوم فكر يزعلها هيشوف وش تانى خالص
قال نضال بقوة:
وهو يقدر يفكر بس يزعلها. ده انا افرمه.

نظرت اليهم رهف وداخلها سعيد بهؤلاء الأخوة، كم تمنت أن يكون لها اخوة يخشون عليها هكذا كما يخشون على نيرة، وكم تتمنى أن يكون هناك من يهتم بها مثلهم، ولكنها تظل أمنيات
أفاقت من شرودها على صوت أنثوى يقول بدلال:
مش معقول، نضال الجبالى بنفسه، أنا مش مصدقة.

التفتوا جميعا تجاه ذلك الصوت لترى رهف فتاة جميلة رشيقة شعرها أسود قصير وعينيها سوداويتين تلبس فستانا ذهبيا قصيرا ذا حمالات رفيعة، رفع نضال حاجبه الايمن قائلا في برود:
لأ صدقى ياميس ومش لوحدى كمان
وأحاط بكتف رهف قائلا:
معايا خطيبتى، رهف، رهف الشامى
نظرت ميس الى رهف بصدمة تحولت الى نظرة متفحصة متعالية ثم قالت ببرود:
الف مبروك، وياترى هنفرح بيكم امتى؟
ثم نظرت الى نضال قائلة بسخرية:.

بيتهيألى هيتأجل لحد ما تعمل العملية ولا لسة مصمم متعملهاش وتفضل بالشكل ده
ظهر الغضب على وجه الجميع وكاد نضال ان يرد عليها لولا ان اسرعت رهف بالرد قائلة:
الفرح مش هيتأجل، احنا مش هنعمله خالص، كتب كتاب كدة وخلاص، ومش عشان وشه يا آنسة ميس، مش آنسة بردو؟
أومأت ميس براسها ببرود، لتستطرد رهف قائلة:.

سواء عمل العملية او معملهاش مش هتفرق كتير، هو كدة كدة عاجبنى، لأنى لما حبيته، حبيت فيه قلبه الكبير مش شكله، الفرح هيتلغى بس عشان خاطر والده اللى في المستشفى ومامتى التعبانة، لما يقوموا بالسلامة هنعمل حفلة كبيرة واكيد هندعيكى.

ابتسموا جميعا من كلمات رهف التى أفحمت ميس وأظهرت رهف عاشقة متيمة بنضال، حتى نضال أحس باعجابه بها يزداد، ورغم انه يعرف انها كلمات فقط أرادت بها الدفاع عنه، الا ان موقفها الدائم في مساندته أصابه في الصميم وجعلته يزداد اعجابا بها رغما عنه وظهر ذلك في نظرته لها التى رأتها ميس فأشعلت نيران الحقد في قلبها لتبتسم في برود وتنظر الى ساعتها قائلة في ملل:
للأسف اتأخرت ومضطرة امشى
ثم نظرت الى وعد قائلة:.

كل سنة وانتى طيبة
ابتسمت وعد ابتسامة مزيفة وهي تقول:
وانتى طيبة
غادرتهم ميس فقالت وعد:
اوووف، سئيلة بشكل
ثم نظرت لرهف قائلة:
بس ايه يارهوفة ده، أفحمتيها
قال فهد ضاحكا:
آه والله، كانت هطق من الغيظ
ابتسمت رهف بخجل فزادها الخجل جمالا، ليتأملها نضال وقلبه يزداد خوفا من تلك المشاعر التى تجتاحه تجاه رهف وتدمر كل الأسوار التى بناها حول قلبه طوال تلك السنة وحولته الى ذلك الوحش الذى يعرفه.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة