قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل السابع

وصلت نيرة الى ذلك المكان البعيد في الحديقة، وتوقفت، كانت دموعها تنزل بصمت، تتساءل في مرارة، إلى متى ستتحمل ذلك النائل؟فهو يهينها ويعذبها نفسيا وجسديا، والآن يرميها بكلماته اللاذعة أمام أخواتها، وإلى متى ستتحمل عذاب قلبها الذى وأدته يوم زواجها فرؤية يزيد اليوم هو العذاب في حد ذاته، فمنذ زواجها وهي تتجنب رؤيته كما يتجنب هو رؤيتها، هي تخشى أن تضعف، تخون زوجها حتى بأفكارها، رغم أنه لا يستحق اخلاصها، ولكنها هي فقط هكذا، لم تستطع كتمان دموعها أكثر فنزلت بغزارة، لتشهق من وسط دموعها شهقات صغيرة نبهت يزيد الذى كان يجلس قريبا منها بوجود أحدهم يبكى، فوقف يزيد واقترب من مكانها ليراها تقف وهي تعطيه ظهرها، أصابته الصدمة عندما تعرف عليها، هل حبيبته نيرة هي من تبكى ويهتز جسدها من قوة بكائها، أصابته شهقاتها في مقتل، اقترب منها بسرعة وتوقف خلفها تماما قائلا في همس قلق:.

نيرة
التفتت اليه نيرة بسرعة ووضعت يدها على فمها بصدمة، نظر الى دموعها في لوعة وهو يقول:
مالك يانيرة، بتعيطى ليه؟
أفاقت نيرة من صدمتها وتمالكت نفسها وهي تمسح دموعها قائلة في برود مفتعل:
أبدا، مفيش حاجة، عن اذنك.

وهمت بالرحيل فحاول أن يمنعها ممسكا بيدها فلم يمسك سوى بشالها الذى انزاح عن ذراعها، ليرى تلك العلامات الزرقاء، اتسعت عينيه في صدمة ونظر اليها فوجدها تخفض عينيها وهي ترفع شالها على ذراعيها بتوتر، قال لها في ألم يحاول أن ينكر أفكاره التى تجتاحه الآن:
العلامات دى من ايه يانيرة؟
رفعت اليه عينيها قائلة في ارتباك:
دى، دى...
استحثها قائلا بانفعال:
دى ايه يانيرة، انطقى أبوس ايدك تريحينى.

كان في كلماته وانفعاله ما أعطاها القوة لكى تجيب عن تساؤله، أليس هو من تركها لتتزوج ذلك المعتوه؟أليس هو من كانت تعده نصفها الآخر وتخلى عنها دون ان يتقدم ولو بخطوة واحدة للدفاع عن حبهما؟اذا لم يتساءل الآن عما يحدث لها، ولما يهتم؟
قالت في حدة:
وقعت، ارتحت دلوقتى، وبعدين انت بأى حق بتسأل؟انت ولا حاجة بالنسبة لى، ولا حاجة
تجمعت الدموع في عينى يزيد، كادت نيرة أن ترق له إلا أنها قست قلبها مستطردة:.

ياريت تبعد عني يايزيد، وتخليك في حالك
قال يزيد بألم:
مش بإيدى...
رفعت يدها مشيرة اليه بالصمت قائلة:
لآخر مرة هقولهالك، ملكش دعوة بية يايزيد، مبقاش من حقك خلاص
كاد يزيد أن يتحدث لولا أن سمعوا صوتا غاضبا يقول في حدة:
والله عال ممكن أفهم وقفتكم دى معناها ايه؟

نظروا الى نائل سويا، فاقترب منهم نائل بخطوات غاضبة وتوقف أمامهم تماما، انتفضت نيرة بطريقة ملحوظة لم تخفى على يزيد الذى عقد حاجبيه ثم نظر الى نائل الذى يحدقه بنظرات قاتلة ليقول في برود:
هيكون معناها ايه يعنى؟المدام واقفة في منطقة مش أمان والطبيعى ان انبهها عشان ترجع الحفلة
قال نائل في سخرية:
فيك الخير والله
قالت نيرة لتنهى ما يحدث فهى تريد لتلك الليلة ان تنتهى فلم تعد قادرة على التحمل:.

يلا يانائل عشان نروح، انا تعبانة ومش هقدر ارجع الحفلة
نظر يزيد اليها بقلق فأغضبت نظراته نائل ليمسك يدها ويجرها خلفه جرا باتجاه بوابة الفيلا وعينا يزيد تتابعهم وشياطين الدنيا تثور بداخله لرؤيته يعاملها بتلك القسوة، ليضرب بيده تلك الشجرة بجواره قائلا:
اقسم بالله لو اللى في بالى طلع صح، لأخليك تندم ع اليوم اللى جيت فيه الدنيا يانائل.

كانت رهف تجلس على سريرها، تسترجع أحداث الليلة، يدق قلبها كلما تذكرت كلمات نضال او نظراته، انه يؤثر بها وبقوة، ثم تذكرت كيف ظل صامتا طوال الطريق الى منزلها ولم يلقى عليها حتى تحية الوداع بل قاد سيارته مغادرا فور نزولها منها، وكيف يتبدل نضال من شخص رقيق الى شخص عنيف كالوحش، تذكرت أيضا تلك الميس ونظراتها الى نضال وتساءلت عن مدى علاقتها بنضال، ولكن مهلا وما شأنها هي، هل تغار عليه، هي تعلم انها واقعة في غرام فارس أحلامها، ولكن نضال ليس ذلك الفارس، ففارس أحلامها لا تخشاه مثلما تخشى نضال، اذا لم تغار عليه أو حتى تهتم؟

رن هاتفها برقم غريب، كادت أن لا ترد ولكن لا تدرى لم جاءها شعور بأنه من الممكن أن يكون نضال، ابتلعت ريقها وردت قائلة:
آلو
جاءها صوته الرخيم يقول:
لسة منمتيش؟
اضطربت دقات قلبها بشدة وتلعثمت قائلة:
انت، انت مين؟
استمعت الى صوته يقول في حدة:
هيكون مين يعنى اللى بيكلمك في الوقت ده يارهف؟
صمتت فها هو الوحش يعود للظهور، قال في غضب:
انتى ساكتة ليه؟
حاولت أن تكون هادئة وهي تقول:
لما تهدى يانضال، هتكلم
قال في هدوء:.

يعنى انتى عارفة مين اللى بيكلمك أهو، أومال بتسألى ليه؟
ابتسمت فقد تعودت على تقلباته المزاجية، تشعر ان بداخله طفل صغير وليس وحش كما يحاول أن يبدو
قالت في هدوء:
صحيح عارفة بس حابة أتأكد، وبعدين أنا مش هقدر أرد عليك وانت كدة، بحس انك شخصية تانية خالص، بتخوفنى
زفر نضال قائلا:
بس انتى عارفة انك هتتجوزينى بكل حالاتى، يعنى لازم تتعودى على كدة
ازدادت ابتسامتها اتساعا وهي تقول:.

بالظبط، لازم أتعود، بس محتاجة وقت عشان اتعود، فبالراحة عليه شوية
صمت فقالت بهمس:
نضال
لم يرد فكررت همستها قائلة:
نضال
سمعته يقول بخفوت:
نعم يارهف
قالت بصوت رقيق:
ممكن تهدى علية شوية؟
تنهد قائلا:
ممكن
ابتسمت ثم قالت بتردد:
طب ممكن أطلب منك طلب؟
قال في هدوء يحاول به ان يسكن نبضات قلبه التى تزداد وهو يتخيلها امامه:
اتفضلى
قالت متلعثمة:
انا عارفة ان احنا، يعنى، مش هنعمل فرح، بس، بس يعنى...
قال نضال بنفاذ صبر:.

بس ايه يارهف
ابتلعت رهف ريقها قائلة:
لو يعنى ممكن ألبس فستان فرح
ثم قالت بسرعة وهي تستطرد:
، عشان ماما والله مش عشانى
لم يجيبها نضال وعندما طال الصمت قالت رهف بحزن:
خلاص يانضال، مش مهم، انسى
سمعت صوت نضال يقول بهدوء:
لأ يارهف، اخرجى اشترى الفستان وانا هبعت معاكى وعد بكرة عشان تختاروه سوا
كادت رهف ان تطير من السعادة وقالت بامتنان:
متشكرة اوى يانضال، ربنا يخليك لية.

وضعت يدها على فمها بصدمة مما قالته، وسمعت صوت نضال الذى تغير فجأة ليقول ببرود:
انا هقفل
قالت بسرعة:
استنى بس
زفر قائلا:
خير، ايه تانى؟
أحست بالاحراج ولكنها لابد وأن تسأله ليستريح قلبها، لذا حسمت رأيها قائلة:
هو كان فيه حاجة بينك وبين ميس؟
قال نضال في حدة:
امورى الشخصية وعلاقاتى خط أحمر يارهف، وعموما هرد عليكى بس ده لآخر مرة، ميس صغحة وقفلتها خلاص وهي دلوقتى بنت خالتى مش اكتر، خلصنا؟

أحست رهف بالراحة رغم نبرة نضال الحادة، قالت في هدوء:
خلاص يانضال
زفر نضال قائلا:
أنا هنام دلوقتى، نامى انتى كمان ومتفكريش كتير
أومأت برأسها قائلة:
تصبح على خير
تنهد قائلا:
تلاقى الخير
أغلقت الهاتف وهي تضمه الى صدرها قائلا بابتسامة:
أنا وراك والزمن طويل يانضال، ياانا، ياانت.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة