قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الرابع

قالت سهام بهدوء مفتعل لا يعكس قلقها:
ليه يارهف؟
قالت رهف:
تقصدى ايه ياماما؟
قالت سهام:
ليه يابنتى عايزة تتجوزى بالسرعة دى و بالشكل ده، ولا تعملى فرح ولا أى حاجة م اللى بتحلم بيها البنات؟

نظرت اليها رهف لا تدرى ماذا تقول لها، حاولت استجماع أفكارها، بماذا ستبرر لها رغبتها بالزواج من رجل مشوه وبتلك السرعة وتلك الطريقة بعد فسخ خطبتها بأيام، أتخبرها بالحقيقة؟أتخبرها بأنها تتزوج من اجلها هي، من اجل ألا تفقدها، بالطبع لا، ولكن هل هذا هو السبب الوحيد لموافقتها؟ام من اجل شئ آخر احتارت في تفسيره، فاليوم ربما تكون هي المرة الأولى التى تتلاقى فيها مع نضال وجها لوجه ولكنها ليست المرة الاولى التى تراه بها..

فقد رأته كثيرا بأحلامها، كانت تتساءل دائما عن هوية ذلك الرجل الذى يغزو أحلامها منذ عامين بقوة، يتسلل الى قلبها وعقلها ويشعل داخلها الأحاسيس ويشغلها عن خطيبها، ذلك الجبان مازن، حتى رأت نضال اليوم، كانت صدمتها لرؤيته قاتلة أعجزتها عن التعبير فها هو فارس أحلامها يتجسد أمامها، نعم لم يكن في أحلامها مشوها بل كان وسيما جذابا للغاية وملئ بالمشاعر، وليس ذلك الرجل البارد الذى تعامل معها بكل جفاء وقسوة، ولكنه يظل فارس أحلامها الذى تعرفت عليه على الفور وربما لولا جفاءه لكانت بين يديه تعترف له بمشاعر احتارت في قوة سيطرتها عليها..

ولكن نضال أحلامها يختلف عن نضال واقعها، فنضال واقعها يجبرها على الخوف منه والرهبة من غضبه، ان أخبرت والدتها بحقيقة طلب الزواج الذى تقدم به نضال سترفض بالتأكيد ورهف الآن غير مستعدة نهائيا لعواقب ذلك الرفض وان كذبت ستكشفها أمها، فقررت ألا تقول الحقيقة، فقط ستقول نصفها، لذا ابتسمت وهي تمسك يد أمها في حنان قائلة:.

في الحقيقة ياماما، انهاردة مش اول مرة اشوف فيها نضال، كان بيجينى في الأحلام من سنتين وكأن ربنا كان بيعلقنى بيه، عشان لما يتقدملى أوافق علطول، حبيته، ازاى وامتى مش عارفة، حاولت أنسى الحب ده واقول لنفسى انها احلام وان فارس احلامى ده مش موجود، حاولت كتير اعيش مع فكرة انى مخطوبة لواحد تانى اختارهولى بابا ولازم يبقى هو محور افكارى بس مقدرتش، وده كان دايما باعدنى عن خطيبى ومسببلنا المشاكل، كنت دايما بقارن بينه وبين فارس أحلامى، وطبعا فارس احلامى اللى بيكسب، لحد ما بابا مات وخسرنا كل حاجة، وخطيبى طلع ندل..

قررت أقفل قلبى واعيش لوحدى ومفتحش قلبى لحد واكتفى بأحلامى، لكن اول ما شفت نضال انهاردة ولقيته اتجسد أدامى، وكمان بيحبنى وعايز يتجوزنى، مقدرتش ارفض بالعكس فرحت ووافقت علطول، انا بحبه، بحبه اوى ياماما، ومستعدة عشان اكون معاه أتنازل عن اى حاجة، المهم أكون معاه وبس
كانت سهام تستمع اليها ودموعها تترقرق في عينيها، ربتت على يد رهف قائلة في حنان:.

طمنتى قلبى يارهف، بس انا يابنتى بردو خايفة عليكى، حاسة ان فيه حاجة مش طبيعية، نضال...
قاطعتها رهف قائلة:
متقلقيش ياماما، نضال يبان وحش معندوش قلب، بس هو مش كدة، قلبى متأكد ان جواه اطيب قلب ممكن تقابليه، اللى مر بيه مش سهل وانا علية ارجعه نضال، فارس أحلامى
تنهدت سهام قائلة:
خايفة يارهف، خايفة تكون احلامك دى اوهام وتفوقى على حقيقة مرة
ربتت رهف على يد والدتها في حنان قائلة:.

متقلقيش ياسوسو، انتى عارفانى كويس، ده انا تربية ايدك، مفيش حاجة تقدر تهزنى او تكسرنى
قبلتها والدتها في جبينها بحنان قائلة:
ربنا يسعدك يابنتى ويوفقك للخير
ابتسمت رهف قائلة:
ايوة ياماما بالله عليكى دايما تدعيلى
ثم وقفت لتخرج وهي تقول:
قومى يلا ياماما، باركى لنضال ومتقلقيش علية ابدا
ابتسمت سهام قائلة:
اسبقينى انتى وانا هصلى المغرب عشان صلاة العشا قربت وأجيب عصير وجاتوه وأحصلك.

ابتسمت رهف وخرجت من الحجرة لتفاجئ بوجود نضال خارجها ومن نظرته أدركت انه استمع الى حديثها مع أمها، كادت ان تقع مغشيا عليها خجلا وهي تدرك انه استمع الى اعترافها بحبه، ولكنها اطمأنت حين رأته يبتسم بسخرية لتدرك أنه يراها كاذبة، ممثلة بارعة واتقنت دورها، حمدت ربها على ظنه، وأشارت له أن يتبعها بهدوء، مشى نضال خلفها وهو معجب بذلك الأداء الرائع الذى رآه منذ قليل، لولا انه يعرف النساء ويدرك قدرتهم على الخداع واختلاق الأكاذيب لوقع في شباكها وصدقها ليسلم لها قلبه فترفع فيه رايتها، ولكنه ابدا لن يستسلم، ستكون رهف له فقط جسدا جميلا يستمتع به وأم لطفل يحمل اسمه ولقب عائلته، طفل لم تريده ابدا عائلة أمها، ثم يلقيها بالشارع لتضيع الجميلة ويثبت للجميع ولنفسه أنه الوحش الذى يعرفونه.

انتى يازفتة يااللى اسمك نيرة
سمعت نيرة صوت نائل الغاضب يناديها فأسرعت الى حجرته قائلة في توتر:
نعم، فيه ايه بس، بتزعق ليه؟
نظر اليها بغضب قائلا:
أنا أزعق زى ما انا عايز، ده بيتى وانا حر فيه
ثم اقترب منها قائلا:
فين ياهانم الصندوق اللى كان في الدولاب؟
تلعثمت نيرة قائلة:
صندوق ايه؟
أمسك يدها بعنف وصوته يدوى كالرعد قائلا:
بت انتى متستعبطيش، فين الصندوق الدهبى اللى كان في دولابى؟، انطقى
قالت نيرة في خوف:.

رميتوا
صفعها بقوة حتى انها شعرت بطعم الدماء في فمها وهو يقول بصوت أرعبها:
رميتى ايه يااختى، اطلعى بالصندوق يانيرة وإلا قسما بالله هقتلك دلوقتى
شعرت نيرة بالرعب يدب في أوصالها فأسرعت لحجرتها واخرجت الصندوق من دولابها وأحضرته له قائلة في حدة:
اتفضل، الصندوق أهو، بس أبوس ايدك متشربش الزفت اللى فيه ده هنا، أنا تعبت م اللى بتعمله فية بعد ما بتشربه.

اقترب منها بنظرة تحمل تهديدا وظلت هي تتراجع للخلف حتى وصلت الى الحائط فاستندت عليه واقترب هو أكثر حتى شعرت بأنفاسه التى تكرهها على وجهها فأغمضت عينيها واستمعت اليه وهو يقول بالصوت كالفحيح:
والله وجه اليوم اللى بتعلى فيه صوتك علية ياست نيرة، بصى بقى، م الآخر كدة البيت ده ملكى أعمل فيه اللى أنا عاوزه، أدخل أخرج، اشرب، أسكر، ملكيش فيه، وانتى برده ملكى واعمل فيكى اللى انا عايزه، فاهمة ولا لأ؟

لم ترد عليه فصرخ فيها قائلا:
فاهمة ولا مش فاهمة؟
فتحت عينيها برعب وأومأت بصوت ضعيف:
فاهمة
نظر اليها بسخرية قائلا:
حظك انى متفق مع اصحابى انى أسهر معاهم انهاردة، وإلا كنت وريتك مقامك يابنت رفعت الجبالى، انتى شكلك نسيتى أصلك، ويلا غورى من وشى دلوقتى، غوووورى.

أسرعت نيرة بالهرب من أمامه ودلفت الى حجرتها لتغلقها بالمفتاح واستندت الى الباب وهي تبكى بشده ولم تستطع ان تقف فتهاوت على الأرض وهي تبكى حظها العثر والذى جعلها زوجة لذلك الحيوان لا زوجة للرجل الوحيد الذى أحبته ودق له قلبها، تذكرت عيناه الرماديتين التى لطالما أسرتها ليزداد بكائها وهي تقول بهمس حزين:
ليه عملت فينا كدة يايزيد؟
وعلا صوت نحيبها وهي تردد:
ليه؟

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة