قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الحادي عشر

أنا خايفة ياحسنية
نطقت وعد بتلك العبارة في توتر فربتت حسنية على يدها قائلة:
متخافيش ياستى، الشيخ عابد ده ولى من أولياء الله، وله كراماته وبإذن الله هيجعله سبب في إنك تشيلى ضناكى على ايدك.

نظرت اليها وعد في لهفة، تتخيل ذلك اليوم بشوق ولكن مالبث ان ظهرت ملامح الحزن على وجهها وهي تتخيل رد فعل فهد عندما يعلم ما تفعله من وراءه وما تخفيه عنه فهو لابد وأن يعرف، لأنها لاتجيد الكذب رغم انها اضطرت ان تكذب اليوم حين أخبرت فهد أنها ذاهبة الى مركز التجميل، فإلى متى ستكذب؟وإلى متى سيظل الأمر سرا عن فهد؟

لا يهم، كل ما يهمها الآن أن تنجب له طفلا يسعد قلبه ومن أجل هذا الطفل هي مستعدة أن تفعل المستحيل، أفاقت من أفكارها على صوت السيدة التى تجلس على المكتب والتى تقول لها:
الدور عليكى يامدام وعد، اتفضلى
أمسكت وعد بحقيبتها واتجهت مع حسنية الى حيث يوجد أملها الأخير في الانجاب، الى حجرة ذلك الشيخ عابد، أو بالأحرى إلى، المجهول.

اقترب يزيد من سرير نيرة، تأملها في ألم، كان وجهها ملئ بالكدمات، وزراعها الأيمن ملفوفا في جبيرة، أدمعت عيناه وهو يجلس الى جوارها، أمسك بيدها اليسرى ورفعها الى شفتيه مقبلا كفها في شوق حزين، همس قائلا:.

سامحينى يانيرة، أنا السبب ياحبيبتى، أنا اللى رميتك بإيدى للحيوان ده، ولما شكيت انه بيمد ايده عليكى مقلتش لنضال اللى كان أكيد هيعرف وينقذك من ايده، أنا كنت هموت لو خسرتك انهاردة ياحتة من قلبى، قلبى ده واجعنى عليكى أوى يانيرة، أوى
ثم أظلمت عيناه وهو يستطرد بقسوة قائلا:
بس وحياة ربنا ما هسيب اللى عمل فيكى كدة، هجيبه وهخليه يتمنى الموت ألف مرة ويندم انه في يوم مد ايده عليكى.

ثم نظر إلى وجهها الحبيب يتأمله قائلا في حنان:
أوعدك ياحبيبتى من انهاردة انك هتكونى لية أنا وبس، ومستحيل هسمح لحد يإذيكى أو يقرب منك تانى
تأملها قليلا ثم انحنى عليها ليقبلها في جبهتها ففرت دمعة من عينيه رغما عنه لتسقط على وجنتها، مسحها في رقة وابتعد ليخرج من الحجرة
وجد فهد خارجا يمشى في الطرقة بتوتر ذهابا وإيابا وبيده تليفونه المحمول يحاول أن يتصل بأحدهم وما ان رأى يزيد حتى اتجه اليه قائلا في عصبية:.

نضال موبايله مقفول ووعد كمان، انا مش عارف ازاى يقفلوا موبايلاتهم، افرض مصيبة حصلت زى انهاردة معرفش اوصلهم
قال يزيد:
اهدى يافهد، أخوك مع عروسته والطبيعى يقفل موبايله وهو عارف ان احنا لو عايزين نوصله هنتصل بالفندق او نروحله، ومراتك ممكن موبايلها فصل شحن، متقلقش سيبهم علية وانا هوصلهم، بس المهم دلوقتى نوصل للزفت نائل، عرفت عنه حاجة؟
زفر فهد قائلا بغضب:.

لأ، متنيل مختفى من ساعتها، ومحدش يعرف عنه حاجة وهو كمان تليفونه مقفول
ثم قال بوعيد:
لو بس أشوفه، مش هرحمه
قال يزيد في صرامة:
محدش فينا هيرحمه بس احنا نلاقيه بس
ثم ظهر التفكير على وجه يزيد لتلتمع عيناه قائلا:
تعرف مين اللى هيدلنا على مكانه؟
نظر اليه فهد في تساؤل قائلا:
مين؟
قال يزيد:
ميس بنت خالتك، انت ناسى انها صديقته من زمان وشريكته في دار الأزياء
قال فهد بسخرية:.

وهي ميس يافالح هتبيعه وتقولنا على مكانه، بأمارة ايه؟
قال يزيد في هدوء:
هي مش هتقولنا احنا، بس ممكن تقول لناس تانية
قال فهد وقد بدأ يفهم يزيد:
قصدك...
قاطعه يزيد قائلا:
نضال طبعا، وهو فيه غيره؟
قال فهد:
بس ميس معدتش بتفكر في نضال بالطريقة اللى في دماغك دى
ابتسم يزيد بسخرية قائلا:.

ميس معدتش بتفكر في نضال!مين قالك كدة؟، ميس بتحب نضال بس عايزاه بشروطها هي، مش قادرة تقبل فكرة تمسكه بتشوهه وفي نفس الوقت مش هتقبل تظهر بواحد مشوه في مجتمعها وعشان كدة اتخلت عنه، وخانته، بس لو نضال رجع وفهمها انه هيرجعلها ويعمل عملية التجميل ما هتصدق ولو سألها عن مكان نائل هتقوله علطول
قال فهد:
هي فكرة، ولو انها مش مضمونة، بس مفيش أدامنا غيرها، أهم حاجة دلوقتى نوصل لنضال والباقى سهل باذن الله.

أومأ يزيد برأسه قائلا:
أدينا وراه لغاية مايرد ولو مردش لغاية بكرة، هسافرله بنفسى و أجيبه.

استيقظت رهف فنظرت حولها في حيرة تتساءل أين هي، عادت اليها الأحداث مرة أخرى فانتابها الخجل، ثم مالبثت أن تأملت الغرفة الفارغة بحزن، تساقطت دموعها لتنعى قلبها الذى أحب حلما وتزوج واقعا موحشا بدلا منه، وجدت باب الحمام يفتح فجأة ليخرج منه نضال، أشاحت بوجهها بسرعة لتخفى دموعها ولكنه لمحها، أوجعه قلبه ولكنه داس عليه قائلا في قسوة مفتعلة:
انتى هتقضى طول اليوم في السرير، قومى البسى عشان هنخرج.

أومأت برأسها دون أن تنطق ونهضت في خجل تمسك روبها وتلبسه لتتجه الى الحمام، سمعته يقول في برود:
أنا هلبس وأستناكى تحت في اللوبى.

أسرعت الى الحمام دون ان تلتفت اليه، أغلقت الباب فزفر نضال بقوة وأسرع يرتدى ملابسه ويخرج من الغرفة، يود استنشاق بعض الهواء، فهو يشعر بالاختناق لما يسببه لها من ألم، تذكر عندما استيقظ هذا الصباح ليجدها داخل حضنه، كم بدت فاتنة بملامحها البريئة، وتذكر روعة ليلتهما البارحة ورد فعله الذى أراد أن يثبت لنفسه و لها أنه لم يتأثر بها، فرهف تضعفه، لقد منحته نفسها بسخاء ولم تبخل عليه بمشاعرها، منحته حنانا في علاقتهما وشعورا رائعا لم يشعر به مع أحد سواها، أحس بالضعف مجددا، فحاول أن يبعدها عن حضنه ولكنها تمطت برقة وتمسحت بصدره كقطة وهي تصدر صوتا ضعيفا آثار مشاعره، أرجع خصلة من شعرها الى خلف أذنها وهو يقبلها في وجنتها الناعمة فتنشق عبيرها الذى أثار حواسه وسارع من دقات قلبه وهو يشعر بنعومة بشرتها أسفل شفتيه، ود لو أيقظها بقبلاته ليغوصا معا في بحر المشاعر من جديد ولكنه خشى أن تدرك كم يرغبها فأبعدها عنه ودخل الحمام ليأخذ دوشا باردا يطفئ به لهيب قلبه الذى أشعلته رهف، تلك الفتاة التى صمم أن يتزوجها ليذيقها العذاب ليذوق هو الجحيم في قربها، كم تمنى أن يعود به الزمن سنة الى الوراء حيث كان شابا نقيا لا يعرف الحقد، حيث كان يظن نفسه قادرا على الحب والعطاء، حيث كان انسانا لا ذلك الوحش الذى يشعر به الآن في كل كيانه.

فتحت سهام الباب في تردد، تخشى ذلك اللقاء ولكنها ترغبه وبشدة، دلفت الى الداخل وأغلقت الباب، توقفت حين رأته، رفعت، حبيب الصبا، يرقد ساكنا، تلتف حوله الأسلاك التى تربطه بالأجهزة والتى تبقيه على قيد الحياة، اقتربت منه بهدوء، تتساقط دموعها وشريط ذكرياتها معه يمر بخاطرها، جلست بجواره، أمسكت يده تقول:.

ياااااه يارفعت، أد ايه وحشتنى، مش قادرة اشوفك بالشكل ده رغم اللى عملته فية، ليه يارفعت، ليه عملت فية كدة، ليه بعتنى بالرخيص، ليه وعدتنى بالحب والسعادة وبعدين سبتنى للعذاب، ليه يوم ما أشوفك أبقى مش عارفة أتصرف ازاى، ألومك وأعاتبك، ولا أنسى كل حاجة وأضمك لحضنى، عمرى ما حبيت غيرك يارفعت ورغم كل اللى عملته فيه بس قلبى مقدرش يكرهك، لسة بيدق علشانك، لسة ساكن فيه اسمك، ليه قابلتك تانى يارفعت، ليييه؟

أحست بيده تتحرك في يدها، رفعت وجهها اليه في صدمة فوجدته ساكنا رغم ضغطه على يدها، تركت يده وخرجت من الحجرة قائلة للممرضة أمامها في لهفة:
الدكتور، فين الدكتور
قالت الممرضة في عملية:
خير يافندم
قالت سهام:
رفعت اتحرك، اتحرك
قالت الممرضة:
طب ثوانى يافندم
وأسرعت تنادى الطبيب بينما دخلت سهام الى رفعت، تنتظر أن يفتح عينيه وقلبها يرتجف من الأمل، والخوف.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة