قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني عشر

دخلت وعد بخطوات مترددة إلى مجلس ذلك الشيخ المدعو عابد، وما ان تلاقت نظراتهما حتى حدجها ذلك الرجل بنظرات لم تسترح لها مطلقا، قال لها وعيناه تلتمعان وهو يشير لمقعد بجواره:
اتفضلى اقعدى يامدام وعد، اتفضلى
اقتربت منه وهي تمسك بيد حسنية تستمد منها الشجاعة، جلست على المقعد بجواره، نظر اليها قائلا:
طلباتك
قالت حسنية بسرعة:
طمعانين في كرمك ياسيدنا، الست وعد...

أشار لها بالصمت في صرامة فصمتت بخوف في حين نظر عابد اإلى وعد قائلا:
اتكلمى يامدام وعد، طلباتك
تلعثمت وعد قائلة وقد بدأ الخوف يسيطر عليها:
أنا، أنا نفسى، أخلف
لمعت عيناه وهو يقول:
بقالك متجوزة أد إيه؟
قالت في حزن:
4سنين
أومأ برأسه قائلا:
والعيب في مين؟
نظرت اليه قائلة في سرعة:
مش في حد فينا، احنا الاتنين ممكن نخلف، بس الاحتمال ضعيف جدا
وضع بعض البخور في الإناء الذى أمامه ليتصاعد الدخان ثم التفت اليها قائلا:.

تجيبى حاجة من قطره وتجيلى عشان نعمل أول جلسة
قالت في حيرة:
يعنى ايه قطره؟
قالت حسنية:
يعنى من ريحته ياستى
حدجها عابد بنظرة صارمة فصمتت، قال عابد:
أى حاجة فيها عرقه، وهي جلسة أو اتنين بالكتير وهيتحقق مرادك بعون الله
قالت في لهفة:
بتتكلم جد؟
نظر اليها قائلا:
طبعا يا ستنا، ده انا الشيخ عابد حلال العقد
أومأت وعد برأسها قائلة في سعادة:.

تمام، هجيب اللى قلتلى عليه وآجى الجلسة الجاية، تعرف ياشيخ عابد لو بجد حققتلى اللى نفسى بيه هيبقى ليك مكافأة كبيرة
نظر اليها نظرة اقشعر لها بدنها وهو يقول:
من ناحية مكافأتى فمش قلقان خالص، أكيد هاخدها
أومأت برأسها بتوتر وهي تنهض قائلة لحسنية:
قومى ياحسنية يلا عشان اتأخرنا
أومأت حسنية برأسها ونهضت معها وهما يتجهان للخارج في حين تابعهم الشيخ عابد وهو يمرر لسانه على شفتيه قائلا:
مستنيكى ياوعد، مستنيكى.

خرجت وعد من الحجرة وهي لا تشعر بالراحة أبدا، أمسكت هاتفها وفتحته لتفاجأ بعدد المكالمات التى وصلتها من فهد، نظرت الى حسنية في خوف قائلة:
ايه كل المكالمات دى؟تفتكرى كشفنى؟
قالت حسنية:
تفى من بقك ياستى، وكلميه، خير بإذن الله
زفرت وعد قائلة:
هكلمه ياحسنية، هكلمه.

كانت نيرة تبدو وكأنها تعانى كابوسا، تعقد حاجبيها بألم ويتصبب العرق على جبينها، أخرج يزيد منديلا من جيبه ومسح لها عرق جبينها بحنان، نظر الى المنديل الذى يحمله والذى يزين أطرافه حرف ال N، حرفها بالانجليزية، انه منديلها، تذكر ذلك اليوم الذى أعطته فيها اياه
فلاش باك...

كان يمشى بحديقة منزلهم ينتظر نزول نضال سارحا بها كعادته، فهى تعشق تلك الحديقة وتعشق تلك الزهور، وجد زهرة بنفسج جميلة تشبهها، ملس على أوراقها بحنان وكاد ان يقطفها ليطلق آهة صغيرة عندما جرحه شوكها في أصبعه، وجدها في ثوان تحيط اصبعه بمنديلها، تلاقت أعينهم وظلوا هكذا لثوان، خيل اليهم انها دهرا بأكمله، قطع هو ذلك التواصل عندما نظر الى المنديل وابتسم قائلا لها:
شكرا ياآنسة نيرة
ابتسمت نيرة قائلة:.

ولا يهمك، بس خد بالك بعد كدة، لو قطفت وردة بتحزن ولو حزنت لازم تجرحك بشوكها، انت هتتألم وهي هتدبل
نظر اليها في حيرة فابتسمت وتركته مغادرة تتابعها عيناه
انتهى الفلاش باك
نظر اليها وقد ادمعت عيناه قائلا:.

مفهمتكيش ساعتها، بس فهمتك بعدين، كان قلبك حاسس وكأنك بتنبهينى، بسكوتى قطفتك ياوردتى ولما حزنتى جرحنى حزنك وفي الآخر اتألمت وانتى دبلتى، تعرفى منديلك ده مفارقنيش لحظة، كنت كل اما اشتاقلك أطلعه وأبصله كتير وآخده في حضنى
نظر الى ملامحها المتألمة وهو يستطرد قائلا:.

ليه يانيرة فضلتى معاه وهو بيعاملك بالشكل ده، رغم انى شكيت انه بيضربك، بس وجودك معاه خلانى مصدقش ظنى، ما هو مستحيل نيرة اللى أعرفها تقبل جوزها يتعامل معاها بالشكل ده، اوعى تكونى حبتيه؟
أحس بنغزة في قلبه لمجرد تفكيره في ذلك الاحتمال، ولكنه نفى ذلك قائلا:
مستحيل تحبى واحد بالشكل ده يانيرة، مستحيل تنسينى، صح ياحبيبتى؟
أحس بها تفيق وتحاول ان تفتح عينيها، نظر اليها بلهفة قائلا:
نيرة، فوقى ياحبيبتى، فوقى.

فتحت عينيها لتراه أمامها، رمقته بنظرة طويلة، حزينة، مليئة بالعتاب، كاد ان يقول لها شيئا ولكنها سبقته قائلة:
اخواتى فين؟
نظر اليها صامتا فأعادت سؤالها قائلة:
بقولك اخواتى فين؟
قال لها في هدوء يحاول أن يتجاهل نبرتها الباردة التى آلمته:
نضال مع عروسته، معرفناش نوصله وفهد بيرد على مكالمة برة
ابتلعت ريقها وحاولت النهوض فظهر على وجهها الألم، حاول أن يساعدها فنظرت له بصرامة قائلة:.

ابعد عني لو سمحت، أنا أقدر أقوم لوحدى
ابتعد على الفور، فقالت وهي تخفض عينيها عن ملامحه المتألمة قائلة:
لو سمحت ناديلى فهد
نظر اليها نظرة طويلة حزينة، يعلم أنها تلومه وانها بنت حول قلبها جدارا صلبا لتصد به مشاعره تجاهها ولكنه أقسم أن يهدمه فلن يفرق بينهم بعد اليوم أى شئ، ولكن فليتركها الآن فمازالت زوجة لآخر، ومازالت متعبة، ومشاعرها متألمة وهو لم ينتقم بعد ممن كان السبب في حالتها تلك، لذا قال في هدوء:.

ثوانى هناديهولك
ثم خرج من الغرفة تتابعه عيناها التى سقطت منها دمعتان وهي تقول:
فات الآوان خلاص يايزيد، ولقانا بقى شئ مستحيل.

دخلت رهف حجرتهما بعصبية يتبعها نضال، التفتت اليه قائلة في غضب:
ازاى تشدنى بالشكل ده أدام الناس، انت مش هتبطل همجيتك دى، نفسى تنسى انك وحش وتفتكر انك انسان
قال لها بغضب:.

قلتلك كتير ان الوحش ده يبقى أنا ولازم تتعودى على وجوده وتصرفاته، كنتى عايزانى يعنى أعمل ايه وانا شايف الرجالة عنيها هتطلع عليكى، أقف أتفرج مثلا، لا ياهانم، أنا نضال، نضال الجبالى لو كنتى نسيتى، واعملى حسابك انك هتتحجبى وده آخر كلام عندى.

ثم تركها ليدخل الحمام بخطوات غاضبة، نظرت في أثره وملامحها تعلوها الدهشة، اذا هذا هو السر في عصبيته وغضبه، هل يغار عليها؟شعرت بالفرحة تغزو كيانها، ضمت حقيبتها الى صدرها في سعادة وهي تدور وتدور، أفاقت على صوته يقول بسخرية:
ما شاء الله، الهانم اتجننت ولا ايه؟

نظرت اليه بخجل وأسرعت الى الحمام وتابعها هو بعينيه وهو يزفر بقوة، لقد شعر اليوم بمشاعر تنتابه لأول مرة بحياته كلها، انها الغيرة، الغيرة العمياء والتى جعلته يرغب بالقتل، انها رهف، تحطم دفاعاته واحدا تلو الآخر، تجعله بجمالها ورقتها يقع أسيرا لتلك المشاعر يود الهروب بكل قوته ولكن للأسف لا مفر ولا مهرب.

أفاق من أفكاره على صوت باب الحمام يفتح وخروجها منه تمشى بخجل، تأملها وقلبه يكاد ان يقف من دقاته المتسارعة، كانت تلف المنشفة حولها وتتمسك بها في خجل، تبدو صورة مجسمة للاغراء، لابد وانها نسيت ان تأخذ ملابسها الى الحمام عندما فاجأها بكلماته وأخجلها، تجنبت النظر اليه وهي تتجه الى الدولاب لتقف أمامه وتحضر قميصها، أحست به يحاوطها من الخلف فتزايدت دقات قلبها حتى شعرت بأنها تكاد تكون مسموعة، أحست بأنفاسه الساخنة قريبة من أذنها، وهو ينحنى عليها قائلا بهمس:.

أنا هختارلك انهاردة اللى هتلبسيه
ابتلعت ريقها بصعوبة، مد يده وأمسك قميصا أزرقا بلون عينيها شفافا وذو حمالات رفيعة يضيق عند الصدر وتزينه الورود الصغيرة لينزل باتساع حتى الركبة، نظرت رهف الى القميص بصدمة قائلة:
بس انا مش ممكن ألبس ده
وضع يده على كتفها العارى فاقشعر جسدها وهو يديرها اليه قائلا:
تصدقى معاكى حق، هو انتى لسة هتلبسيه
واقتربت يداه من منشفتها وهو يقول بخبث مستطردا:
أنا بقول كدة أحلى.

تمسكت بمنشفتها قائلة في خجل:
لأ خلاص هلبسه بس من فضلك ادينى ضهرك
ابتسم لخجلها منه وهو يقول:
مع انى جوزك ومش موافق على طلبك، بس هنفذهولك
ثم قرصها في خدها بمداعبة قائلا:
بس متتعوديش على كدة.

ثم أدار لها ظهره لتسرع بنزع منشفتها ولبس القميص بسرعة وهي دهشة من مداعبته اياها، كادت أن تسرع وتنام في سريرها لتدارى نفسها بملاءته، ولكنه كان أسرع منها حيث أوقفها متأملا اياها بنظرات جعلت قلبها يقفز من تسارع دقاته وخدودها تشتعل خجلا، وضع يده على ظهرها ويده الاخرى أسفل قدميها وحملها متجها بها الى سريرهما ليمددها عليه ويتمدد بجوارها ثم يغلق النور كعادته معها، نظرت اليه تتأمل ملامحه على ضوء القمر، كانت نظرته اليها في تلك اللحظة غريبة عليها، تكاد تقسم انها نظرة عشق، كادت ان تنفى شعورها ولكنها لم تستطع فهى تريد اليوم ان تشعر بذلك الاحساس، ان تكون محبوبة من زوجها وليست مرغوبة فقط، مال بوجهه يقبلها قبلات بطيئة متفرقة أذابتها حتى التقت شفتيهما في قبلة مطولة أظهرت مشاعرهما، أنهى نضال القبلة ليستطيعا التنفس، وجدها تنظر اليه راغبة بالمزيد فمنحها اياه بسخاء، ملامسا جسدها ومثيرا لكل مشاعرها تجاهه حتى كاد قلبيهما ان ينفجران من قوة المشاعر، انتهت جولة العشق المتفجرة، ليضع نضال جبهته على جبهتها وكليهما مغمض العينين، يحاولان ان يهدآن من مشاعرهما القوية، ولكن ما لبث نضال ان فتح عينيه بقوة عندما سمعها تقول بهمس:.

بحبك يانضال
نظر اليها بصدمة فوجدها قد غفيت، تأمل ملامحها وهو لا يصدق أذنيه، أتحبه حقا؟أتحب ذلك الوحش الذى هو عليه؟أم أنها فقط كلمات نطقت بها من قوة تلك المشاعر التى مروا بها؟ابتعد عنها وهو يتمدد على ظهره يفكر ويفكر، حتى أشرق الصباح فأدرك أنه لن يستطيع النوم فنهض ليأخذ حماما ويلبس وينزل الى البحر لعله يهدأ قليلا من ثوران أفكاره ومشاعره.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة