قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الثاني

ترددت رهف قبل ان تطرق الباب ولكنها مالبثت أن حسمت أمرها وهي تطرقه في هدوء، لتسمع صوتا رخيما باردا أثار القشعريرة في جسدها وهو يأمرها بالدخول، ابتلعت ريقها وفتحت الباب ودلفت الى الداخل، نظرت الى المكتب لترى رجلا جالسا على كرسى المكتب يعطيها ظهره وينظر باتجاه الخارج من خلال النافذة، لم ترى منه سوى شعره الأسود، وقفت لثوان تنتظر منه ان يلتفت اليها ذلك المدعو نضال ولكنه لم يلتفت اليها، اقتربت من المكتب وتنحنحت قائلة:.

احم، أستاذ نضال!

التفت اليها نضال في هدوء فكانت الصدمة لكليهما، اتسعت عينا رهف بصدمة، بينما احتوى نضال صدمته بسرعة فلم يكن يتخيل أن تلك الرهف تمتلك كل هذا القدر من الجمال، تأمل ملامحها للحظات وهو يتساءل، هل هذا لون شعرها الطبيعى وتلك البشرة الناعمة كالأطفال ترى كيف هو الإحساس الذى سيشعر به عند ملمسها؟، وذلك الفم المثير والذى يغويه الآن ليقبله، ترى كيف سيكون مذاقه؟ حتى وصل لعينيها، تلك العينان الزرقاوتان في لون السماء الصافية وتلك الرموش الجميلة التى تظللهما، تلك العينان التى تغمرهما الآن نظرة مصدومة لطالما رآها في عيون الآخرين منذ اصابته ورغم انه توقعها الا انها آلمته، رسم قناع البرود على وجهه وهو يشير الى المقعد المقابل لمكتبه قائلا:.

اتفضلى اقعدى
أفاقت رهف من صدمتها على صوته فنظرت اليه بتوتر وهي تجلس قائلة في تردد:
أنا رهف، رهف الشامى، حضرتك بعتلى رسالة بتقولى فيها ان الحل لمشاكلى عند حضرتك وطلبت تقابلنى
تأملها نضال وهو ينظر الى شفتيها الكرزيتين بنظرة مليئة بالرغبة أثارت القشعريرة في جسد رهف حتى انها كادت تنهض لتغادر المكان بأكمله وهي تتعجب من تأثيره عليها لولا ان استمعت الى صوته ذو النبرة الرجولية الجذابة وهو يقول:.

أنا مش هلف وأدور، هدخل في الموضوع علطول، أنا عندى فعلا الحل لكل مشاكلك، يعنى كل حاجة هترجعلكوا زى الأول، ومامتك هتعمل العملية كمان
ظهرت الفرحة على ملامح رهف فاستطرد نضال قائلا بنظرة ساخرة:
بس عندى شرط، ياترى هتقبلى بيه؟
نظرت اليه في حيرة قائلة:
لو كان قصاد الشرط ده حياة ماما، أكيد هقبل بيه
ولكنها مالبثت ان عقدت حاجبيها مستطردة:
إلا إذا...
وصمتت فاتسعت ابتسامة نضال الساخرة وهو يقول:
إلا إذا إيه؟كملى.

نظرت اليه قائلة في حدة:
إلا اذا كان الشرط ده انى أعمل حاجة ضد مبادئى وأخلاقى فساعتها أنا آسفة مقدرش أقبله.

ابتسم بداخله فهذا هو الرد الذى كان ينتظر سماعه ليقوم بعرض شرطه، لذا نهض من مكانه وجلس في الكرسى المواجه لها واقترب منها فانتفضت مبتعدة بتلقائية، أغمض عينيه بألم فرد فعلها وابتعادها بخوف صار ردا يلقاه من الكثيرين مؤخرا ولكنه يتظاهر بأنه لا يهتم، وإنما هو حقا يهتم ويؤلمه ذلك النفور ويؤلمه أكثر أن يأتى منها، لا يدرى لماذا؟ربما لأنه سيكون عليها اذا وافقت على عرضه أن تتحمل أكثر بكثير من تشوه وجهه أو جسده بل تشوه قلبه أيضا وسيكون عليه ان يرى رد فعلها ونفورها ذلك كثيرا، او ربما هناك ما هو اكثر من ذلك وهو ما يخشى التصريح به وهو انه أعجب بها من اول لحظة وقعت عليها عيناه وهذا هو ما يجب أن يقضى عليه على الفور، لذا فتح عينيه ورجع الى الوراء وقد عاد اليه قناعه الجليدى ولكن بعد ان لمحت رهف نظرة الألم في عينيه وتعجبت منها، قال في برود حاول ان يهدئ به نفسه الثائرة:.

أنا أكيد مش هطلب منك حاجة ضد مبادئك أو أخلاقك، أنا طالب الحلال يارهف
وصمت ليرى رد فعل كلماته عليها ليرى الحيرة في مقلتيها ليستطرد قائلا في ايجاز:
تتجوزينى في مقابل انى أحللك كل مشاكلك
اتسعت عينيها في صدمه ونهضت وهي تقول في حدة:
تتجوزنى ايه، انت تعرفنى أصلا؟ انت أكيد واحد مجنون
نهض في غضب واقترب منها فتراجعت في خوف وهو يقول بنبرة حادة:.

صوتك ده ميعلاش تانى، وبعدين انا قلتلك شرطى، عاجبك تقبلى بيه، مش عاجبك ارفضيه، لكن تطولى لسانك، أقطعهولك
كانت تشعر بأنفاسه الساخنة على وجهها فأغمضت عينيها خوفا من نبرته الغاضبة وظنه هو اشمئزازا منه فتراجع قليلا، أحست بابتعاده عنها، لتفتح عينيها قائلة في حيرة:
انا مش فاهمة انت ليه عايز تتجوز بالشكل ده واشمعنى أنا بالذات وانت متعرفنيش؟
نظر اليها قائلا بقسوة:.

مع ان مش مفروض علية افهمك، بس انا هقولك، انا بتجوز عشان أجيب وريث يشيل اسم العيلة من بعدى ومفيش واحدة من عيلة هتقبل تتجوز بواحد مشوه زيى، وشرطى في الجواز موجود فيكى جميلة ومن عيلة ومحتاجانى يمكن اكتر ما انا محتاجلك، صحيح لية أسباب تانية بس مش هتعرفيها دلوقتى، هتعرفيها في وقتها لو قبلتى
نظرت اليه قائلة في حزن:
وافرض مقبلتش او افرض انى مبخلفش
هز كتفيه قائلا:.

لو مقبلتيش، تنسى ان مامتك تعمل العملية وتخف، لأنى انا بنفسى اللى هتأكد ان كل الطرق أدامك مقفولة، وأكيد هدور على غيرك، أما لو مبتخلفيش فساعتها هطلقك وانتى مش هتخسرى حاجة بالعكس مامتك هتعمل العملية ومشاكلك كلها هتتحل
ترقرقت الدموع في عينيها قائلة:
انت ليه بتعمل معانا كدة؟
عقد حاجبيه لمرأى دموعها والتى أثرت به بشكل غريب وهو كان يوقن من أنه وحش بلا مشاعر، ولكنه نفض مشاعره ليقول في برود:.

قلتلك أسبابى هتعرفيها في وقتها، قلتى ايه؟ده عرضى، Take it or leave it
اخفضت رأسها في انكسار ثم ما لبثت أن رفعت عينيها اليه قائلة في استسلام حزين:
أكيد معنديش اختيار، حياة ماما قصاد حياتى، تفتكر حياة مين اللى هختارها؟بس لية طلب صغير
نظر اليها في تساؤل فاستطردت قائلة في ارتباك خجول:
ياريت يبقى فيه فرصة نتعود فيها على بعض قبل، قبل يعنى...

وصمتت لا تدرى كيف تكمل جملتها ففهم هو مقصدها وكاد ان يمنحها ماتريد ولكن شيئا ما دفعه للرفض، ربما هي رغبته بها والتى اشتعلت في جسده كله منذ أن رآها، نعم انها رغبته، هذا هو الشعور الوحيد الذى يمكن ان يكنه لها، نعم هذا فقط ما يجذبه اليها، كان يحاول ان يقنع نفسه بتلك الكلمات، فطال الصمت بينهما وازدادت رهف خجلا وهي تراه يتأملها، لتبتلع ريقها قائلة:
ممكن يعنى تدينى شوية وقت على ما...

قاطعها قائلا في برود:
آسف أنا عايز وريث وبأقصى سرعة، مفيش وقت للتعارف والكلام الفارغ ده
نظرت اليه بصدمة من كلماته القاسية وقالت في مرارة:
انت ايه ياأخى، وحش معندوش قلب ولا مشاعر
اقترب منها وهو ينظر الى عينيها ببرود قائلا:
ايوة بالظبط كدة، أنا وحش ومعندوش قلب، ياريت دايما تفتكرى ده عشان منتعبش مع بعض، ودلوقتى جت اللحظة اللى هتقوليلى فيها رأيك.

نظرت اليه تتأمل ملامحه للحظات حتى أنها أصابته بالارتباك من جراء تفحصها لملامحه قبل أن تنظر الى عينيه مباشرة قائلة في برود:
موافقة
لم ترى رهف أى رد فعل لموافقتها على ملامح نضال سوى اختلاجة بسيطة في فكه، ثم ما لبث أن قال:.

تجهزى نفسك بكرة عشان أعرفك ع العيلة في حفلة عيد ميلاد وعد مرات أخويا، وكتب الكتاب هيبقى يوم الخميس الجاى يعنى بعد 3ايام بالظبط وطبعا مش هنعمل فرح، احنا هنسافر بعد كتب الكتاب علطول، أسبوع كدة هنقضيه في أى حتة وهنرجع عشان عملية مامتك
تذكرت رهف والدتها في تلك اللحظة وتساءلت كيف ستخبرها بذلك الأمر دون أن تثير ريبتها، وجدت نضال يقول وكأنه قرأ أفكارها، فهى لا تعلم كم تبدو ملامحها شفافة للغاية:.

قوليلها حب من اول نظرة، وياريت أدام الكل نبين ان جوازنا مبنى على الحب، أصل أهلى عاطفيين أوى
حاولت رهف ان تخفى دهشتها من قرائته لأفكارها وهي تبتسم في سخرية قائلة:
أى أوامر تانية؟
آلمته سخريتها الا انه قال في برود:
كفاية كدة انهاردة
أمسكت حقيبتها وكادت ان تغادر فقال لها:
تحبى اوصلك؟
قالت في برود:
معايا عربيتى، قصدى العربية اللى انت سيبتهالى يانضال باشا
تجاهل تعليقها وهو يقول:.

بتهيألى الأحسن انى أوصلك وأتعرف بوالدتك عشان يبان الموضوع طبيعى ولا ايه؟

نظرت اليه تعلم أنه على حق ولكنها تخشى رد فعل والدتها ومع ذلك اضطرت أن توافقه، فحمل نضال هاتفه المحمول ومفاتيحه واتجه معها الى الخارج تحيط بهم العيون الفضولية، أمسك نضال يدها فنظرت اليه بدهشة وكادت ان تنزع يدها من يده ولكنه تشبث بها وهو ينظر اليها بصرامة فتركت يدها لتحتضنها يده برقة تتعارض مع قسوته الظاهرة وتسبب الارتجاف ليس فقط لها بل لهما كليهما، وتتركهما في تساؤل عن سر الارتياح الذى يشعران به في تلك اللحظة.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة