قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية نصفي الآخر للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

ما ان فتحت سهام باب المنزل حتى فوجئت برهف ومعها شاب في اوائل الثلاثينات من عمره، يبدو وسيما لولا تلك الندبة التى تشوه جانب وجهه الأيسر
ابتسمت رهف في توتر قائلة:
مساء الخير ياماما.

نظر نضال الى تلك السيدة الجميلة رغم سنوات عمرها التى تعدت الخمسون وعرف كيف ستبدو رهف في كبرها، تأملها بإعجاب رغما عنه وعرف سر عشق والده لها واستمراره في عشقها رغم تخليها عنه، فهو نفسه قد وقع تحت تأثير جمال ابنتها رهف من اول لحظة، الا انه يختلف عن أباه، فوالده رومانسى بطبيعته اما هو فلا يعترف بالمشاعر او الاحاسيس، نظرت سهام الى نضال الصامت والمتأمل لها في حيرة ثم نظرت الى ابنتها قائلة:.

اتأخرتى ليه يارهف؟ومين الأستاذ؟
تلعثمت رهف وهي تقول:
ده، ده يبقى...
أسرع نضال بتقديم نفسه قائلا في هدوء وثبات حسدته عليه رهف:
أنا نضال الجبالى، صديق رهف
أحست رهف بشحوب وجه والدتها عندما عرف نضال عن نفسه فسألتها بقلق:
ماما، انتى كويسة؟
أومأت سهام برأسها قائلة:
أنا تمام متقلقيش، اتفضلوا ادخلوا، اتفضل يانضال ياابنى.

ابتسم نضال ابتسامة لم تصل لعينيه وهو يدلف الى الداخل مع رهف، جلسوا سويا في ردهة المنزل، كانت سهام تنقل نظرها ما بين رهف ونضال في حين ظلت رهف صامتة لا تدرى كيف تخبر والدتها بقرار زواجها من نضال، رآها نضال في تلك الحالة فبادر هو بالحديث قائلا:
الحقيقة يامدام سهام الزيارة دى مش عادية، أنا جاى أطلب منك ايد رهف
نظرت سهام الى رهف بدهشة فقالت رهف:
أصل هو ياماما، نضال كان...
قاطعها نضال قائلا:.

الحقيقة يامدام سهام، انى كنت بحب رهف من زمان، هي كانت زميلة اختى في الكلية وكنت بشوفها دايما لما بوصل اختى، بس لما عرفت انها ارتبطت قلت كل شئ قسمة ونصيب، وانهاردة لما شفتها بالصدفة وعرفت انها سابت خطيبها مترددتش لحظة في انى اطلب ايدها وهي وافقت بس ده طبعا بعد موافقة حضرتك
كانت رهف تستمع له وداخلها تتعجب من أكذوبته المحكمة والتى كادت هي نفسها أن تصدقها، أفاقت على صوت أمها يقول في هدوء:.

وفين أهلك يانضال، مش المفروض ييجوا معاك؟
قال نضال في سرعة:
للأسف والدتى متوفية ووالدى في غيبوبة من سنة بسبب الحادثة اللى عملناها واللى شوهت وشى زى ما حضرتك شايفة، اما اخواتى فانا مليش غير اخ واخت، هيكونوا موجودين في الفرح باذن الله، هو بس الموضوع جه بسرعة وانا ملحقتش أقولهم
اومأت برأسها متفهمة وهي تقول:
ربنا يشفى والدك ياابنى ويقومه بالسلامة
ابتسم ابتسامة باردة لم تصل الى عينيه وهو يقول:.

يارب يامدام سهام
قالت سهام:
لو تسمحلى يانضال أسألك سؤال وآسفة لو فيه تدخل منى في أمورك الشخصية
نظر اليها قائلا:
اتفضلى اسألى براحتك، أكيد حضرتك محتاجة تطمنى على بنتك وانا مستعد لأى سؤال هتسأليه
قالت سهام براحة:
كويس ياابنى انك فاهمنى..
ثم صمتت للحظة لا تعرف كيف تبدأ حديثها دون ان تحرجه لتقول بتوتر:
انت اكيد عارف ان جراحات التجميل اتطورت اوى في مصر، فليه معملتش عملية ترجع بيها وشك زى الأول؟
قال في هدوء:.

مش قبل ما بابا يفوق ويقوم بالسلامة، ساعتها ممكن اعمل العملية بس قبل كدة مستحيل
نظرت اليه بتفهم قائلة:
بس ده معناه انى لو وافقت فرحكم هيتأجل لغاية لما باباك يفوق م الغيبوبة، واسمحلى يعنى ده كله في علم الغيب
قال نضال:
ماهو احنا مش هنعمل فرح، كتب كتاب كدة ع الضيق وهاخدها يومين كدة ونسافر شرم مثلا، عشان الظروف
نظرت سهام الى رهف في دهشة وهي تقول:
وانتى موافقة على كدة يارهف؟

اومأت رهف برأسها، فقالت سهام في حدة:
طب عن اذنك يانضال، هتكلم مع رهف دقيقة على انفراد.

اومأ نضال برأسه متفهما فأمسكت سهام بيد رهف وهي تتجه بها الى حجرتها وعينا رهف تنظر الى نضال ترجوه ان ينقذها من هذا الاستجواب الذى تنوى والدتها ان تخضعها له، هي لم تكذب أبدا من قبل ولا تعرف كيف، ولكن نظرة واحدة من نضال أعطتها القوة لتخفى الحقيقة عن امها حتى لا تضيع أملها الأخير في ان تعيش دون أن يهددها شبح الموت في كل لحظة
مشت خلفها في استسلام ولسان حالها يقول:.

سامحينى ياماما بس لازم أكدب عليكى عشان تعيشى، لازم.

انتى اتجننتى ياحسنية؟
نطقت وعد بتلك الجملة في حدة فقالت الخادمة حسنية تحاول اقناعها:
اسمعينى بس ياستى، وصدقينى مش هتندمى
التفتت اليها وعد قائلة:
لأ انتى أكيد اتجننتى، ازاى عايزانى أروح لواحد دجال عشان أخلف، ده كله كلام فارغ ونصب
قالت حسنية في سرعة:
لأ ياستى كله الا الشيخ عابد، ده سره باتع، جارتى سامية قعدت 12سنة متخلفش ولما راحتله، هما 9شهور وخلفت وجابت واد كمان و عم سيد طاير بيها وبالواد.

نظرت لها وعد في لهفة قائلة:
بجد ياحسنية؟
اومأت لها حسنية برأسها قائلة:
بجد ياستى
ترددت وعد قائلة:
بس يعنى الشيخ عابد ده عمل ايه ومقدرش الدكاترة يعملوه؟
اقتربت حسنية من أذنها وكأنها ستخبرها بسر خطير قائلة في همس:
ده شغل أسيادنا بقى ياستى، اللهم احفظنا، ربنا يجعل كلامنا خفيف عليهم
فكرت وعد قليلا في كلام حسنية ثم ما لبثت ان قالت لها:
يعنى انتى مالية ايدك م الموضوع ده؟
قالت حسنية:.

طبعا ياستى، ياندامتى، وهو أنا هقولك على حاجة إلا أما أكون متأكدة منها، اتكلى على الله انتى بس وحطى في بطنك بطيخة صيفى
نظرت اليها وعد في تردد ثم ما لبثت ان حسمت امرها وهي تقول:
خلاص ياحسنية احجزيلى عنده
قالت حسنية في فرح:
عينية ياستى، انتى تؤمرى
قالت وعد:
تعرفى لو كلامك ياحسنية طلع مظبوط وحملت هيكون ليكى وللشيخ عابد ده حلاوة كبيرة اوى
ابتسمت حسنية في جشع قائلة:.

ياستى المهم أشوفك مبسوطة وسعيدة مع جوزك اسم النبى حارسه، فهد بيه
قالت وعد بسرعة وهي ترى فهد يدلف الى المنزل:
طب روحى انتى دلوقتى عشان فهد وصل، ومتنسيش اللى قلتلك عليه
اتجهت حسنية بسرعة الى المطبخ في حين اقترب فهد من وعد وعلى شفتيه ابتسامة جذابه فبادلته ابتسامته، انحنى وقبلها في وجنتها قائلا:
مساء الخير ياحبيبتى
قالت وعد في حنان:
يسعد مساك يا حبيبى.

جلس بجوارها مادا ذراعه خلف ظهرها فاقتربت منه وضمت نفسها الى صدره فاحتواها في حنان، قالت في همس:
وحشتنى يافهد
ابتسم وهو يضمها أكثر اليه قائلا:
انتى وحشتينى اكتر ياقلب فهد
ابتسمت في سعادة في حين سألها فهد قائلا:
هي ايه الحاجة اللى قلتى لحسنية متنسهاش ياوعدى؟
اضطربت وعد وحمدت ربها ان فهد لا يرى ملامحها فهو يعرفها تمام المعرفة وسيعرف أنها تكذب او تخفى عنه شيئا، لذا قالت بصوت حاولت ان تجعله طبيعيا:.

ابدا ياحبيبى، كنت بقلها تحضر العشا ع السفرة عشان اكيد جاى جعان ومتنساش الشطة عشان بتحبها ياحبيبى
رفع وجهها اليه يتأملها في عشق وهو يقول:
أنا فعلا جعان ونفسى مفتوحة على الآخر بس مش للأكل
تأملت ملامحه التى تعشقها وهي تقول في دلال:
أمال لإيه ياحبيبى؟
اقترب من شفتيها يهمس امامهم تماما وهو يقول:
ليكى ياقلبى.

ثم التهمهم في جوع باتت تدركه وترغبه بل وتعشقه ايضا، انه جوعا من نوع آخر، جوع الى الحب، وعطشا للمشاعر، لا يشبعه ولا يرويه سوى القرب من المحبوب، وهو جوعا وعطشا لا ينتهى أبدا طالما في القلب حب ينبض.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة