رواية نصال الهوى الجزء الرابع للكاتبة إسراء علي الفصل السادس والعشرون
لماذا أنتِ؟
لماذا أنتِ وحدك
من دون جميع النساء
تُغيرين من هندسة حياتي
وإيقاع أيامي؟!
وضع جاسر يده خلف رأسهِ ثم هتف وهو يرى روجيدا تنزع مئزر منامتها الوردية الناعمة ك بشرتها
-تعالي يا روجيدا
نظرت إليه عابسة ثم ألقت المئزر فوق مقعدٍ ما وإتجهت إلى الفراش و ظلت واقفة أمامه ليمد يده إليها وعاد يقول ب خشونة ناعمة
-مترديش إيدي. فاضية.
إبتسمت رُغمًا عنها لتضع يدها ب كفهِ القوي ف جذبها واضعة رأسها على صدرهِ ثم قالت ب عبوس وعتاب رقيق
-ينفع اللي عملته ف صُهيب الصُبح!..
تغيرت ملامح وجهه إلى أُخرى مُظلمة ثم غمغم ب ضيق وحنق
-إحمدي ربنا إنها كانت ف مكتبك. مفضحتوش يعني
-تمتمت ب ذهول: بجد! طب وبنتك! ينفه تشوف المنظر دا!..
زفر جاسر ب حدة وتذكر صباحًا حينما وجد صُهيب ب مكتب روجيدا ودار الحديث بينهم الذي إنتهى ب طلبهِ لزواج إبنته ب كُل صفاقة و غرور. ثقة كادت تعميه ولكن ب قرارة نفسه لا يستطيع سوى الإعتراف أنها أعجبته. ثقة تذكر أنه إمتلكها ذات يوم لتعود روجيدا إلى أحضانهِ
غرور يثق ب أن في أحلك الأوقات ستقف جواره جُلنار و روجيدا وحينها سيفقد الإثنتين. وهذا ما لا يقدر عليه.
لذلك وبعد صمتًا طويل أهلك أعصاب الجميع و ملامح جاسر القاسية ب غموض قاتل لا يُعبر عما ب داخلهِ
عاجله جاسر ب لكمة شرسة قوية أوقعت صُهيب أرضًا أسفل قدمي جُلنار ثم هتف ب جفاء مُرعب
-لما تخف إبقى تعالَ إكتب الكتاب
اللكمة كانت قوية ب حيث تركت أثر إرجواني شديد الدكنة و جرح شِفاه قاسي. من كان ليُصدق أن جاسر لا يزال يتمتع ب كُل تلك القوة؟ ولكنها لا تظهر إلا عند شراسة غيرته.
عاد جاسر من أحداث الصباح ليتأفف ب ضجر قائلًا
-خلاص يا روجيدا دا مُجرد خُرم ف شفته هيروح كمان كام ساعة
إرتفعت روجيدا عن صدرهِ مصعوقة ثم أردفت ب عدم تصديق
-خُرم! طب والكدمة اللي ظهرت ف ثانية على خده دي إيه!
-هو اللي طري أعمله إيه!
-إرتفع حاجبيها ب دهشة قائلة: طري! هو برضو اللي طري!
-أجاب هو ب كُل سلاسة: يا ستي أنا اللي ربنا مديني قوة أعمل إيه يعني! أكفر مثلًا؟
رفت ب جفنيها لا تُصدق أنه لا يعترف ب فداحة عمله و فوق كُل ذلك. ضربه ثم تركه ورحل دون حديث. وافق ب طريقتهِ الخاصة وترك ثلاثة أزواج من الأعين تُطالعه ب مزيج من الصدمة والإعتقاد ب الجنون لمن رحل
حكت روجيدا جبهتها ب قوة وهمست ب فتور وإنهاك
-جاسر. أنا. ب. مش. بقول.
لم. تستطع تكوين عبارة يستطيع فهمها و يده تعبث ب جسدها ب جراءة مُخجلة لم. تستطع الإعتياد عليها بينما عقد جاسر حاجبيه ب مكر وهتف ب إبتسامتهِ المُتلاعبة
-إيه يا روجيدا؟ أنتِ حاطة ف بؤك موس؟!..
حاولت التملص منه ولكنها لم تستطع لتهتف ب خجل وتلعثم حاد
-لأ آآآ. لأ مش. مش حاطة
ب لحظة خاطفة كانت روجيدا أسفله وهو يعتليها ثم هتف ب صوتٍ ماكر، مُتلاعب وهو يضع يده على ذقنها ويفتح فمها
-لأ إستني أتأكد ب نفسي.
-هتفت ب إعتراض: جاس
وضاع أخر حرف بين شفتيهِ العاشقتين، المُحترفتين كما ضاعت هي معه ب فيضان عشق لن ينتهي قريبًا ولا تعلم متى سينتهي.
وقف أمام المرآة يتحسس تلك الكدمة الصاروخية التي أطاحت به أرضًا. اللعنة كيف لشخصٍ ب عمرهِ أن يكون ب تلك القوة الساحقة! تأوه ب خفوت وهو يضع مُكعبات الثلج وحركها ب حركةٍ دائرية ثم تمتم ب غيظٍ
-هو ليه بيفاجئني لما يوافق! يعني ليه ميوافقش زي البني آدمين الطبيعين اللي هو طيب يا ابني موافق! إيه هيجراله حاجة؟
أطلق زفرة حارة تحمل من الحسرة ما يهد الجبال. إرتمى جالسًا فوق الأريكة ليعود رأسه إلى الخلف ثم تأوه قائلًا
-أنا كان مالي ومال الحُب. ويوم أما أحب أحب جُلنار جاسر الصياد
وكأنه ناداها ليسمع صوت هاتفه يصدح ف أمسك هاتفه ويرى المُتصل. إتسعت إبتسامته وهو يجد اسمها يُنير شاشته المُظلمة. وضع الهاتف على أُذنهِ وقبل أن يتحدث سبقته هي
-أخبار المُصاب إيه!
-ضحك وقال: عدا إنه متلون هو كويس.
أتاه صوت ضحكاتها المُدللة ليرفرف قلبه مع كُل قهقه تهرب منها ليضحك هو الآخر لا إراديًا. وبعد أن إنتهت قالت ب إبتسامة شقية
-إتعب عشان توصل
-تمتم هو ب ذهول: أكتر من كدا! أبوكِ عما أتجوزك يكون بترلي رجل. إستئصلي كلية. فصصلي الكبد. حاجة يعني متخلنيش أعمى معاكِ أكتر من سنة سنة ونُص
ضحكت جُلنار ب قوة هذه المرة وهي تضع يدها على صدرها ف إبتسم وقال ب عبوس شقي ك نبرتهِ
-على فكرة دي حاجة مضحكش نهائي.
-ردت هي ب خُبث: إستحمل عشان خاطري
أخرج صُهيب تنهيدة طويلة، حارة ثم قال وهو يتجه إلى الشُرفة وقال ب نبرةٍ عميقة
-ولو مستحملتش عشان خاطرك. هستحمل عشان خاطر مين يا زهرة الرُمان!
-إبتسمت وقالت ب عذوبة: ثبتني على فكرة
-قهقه ب مرح وقال: إيه رأيك فيا!
-أجابت ب مكر: تعجبني.
إرتفع حاجبيه ب ذهول تخطى الحاجز الطبيعي وفغر شفتاه غيرُ مُصدقًا لتلك الكلمات التي تخرج من بين شفتيها المُثيرتين اللتين تذوقهما ب مُتعة مُحرمة ب أكثر أحلامه جموحًا
حاول السيطرة على ذهوله لتُفاجئه جُلنار وكأنها قرأت تعجبه قائلة ب عبث لا يختلف عن عبث جاسر الصياد
-بفاجئك مش كدا!..
حك صُهيب أُذنه ليقول مُبتسمًا وهو يتكئ إلى سور الشُرفة
-والله يا جُلنار يا بنتي. مشوفتش ف وقاحة كلماتك. بتبهريني الصراحة.
وزادت إبهاره وهي تقول مُتلاعبة ب حاجبيه المُنمقين ب جاذبية
-ولسه هبهرك متقلقش
لم. تصدمه هذه المرة فحينما تصل جُلنار إلى منطقة الوقاحة والتي تُعد منطقة خطر ب النسبةِ إلى الفتيات ولكن ليست ل جُلنار الصياد ف أكمل حديثه ب إبتسامة جذابة
-لأ من الحتة دي مش قلقان. أنا واثق ف وقاحتك يا قلبي
-شهادة أعتز بها ب فخر
-قهقه صُهيب رادفًا: أنا حاسس إني هتبسط لما أتجوزك.
-أردفت هي ب نعومة خبيثة: مش لما نتجوز الأول و بابتي يرضى عنك
-عندك حق. هحاول معليش سقف طموحي
إستمرت المُكالمة لوقتٍ طويل تبادلا فيها الأحاديث حتى أغلقت جُلنار الهاتف ف قد سقطت نائمة
نظر هو إلى الهاتف ب إبتسامة ثم نظر إلى السماء ليجد القمر مُكتملًا وحاول أن يرى صورة جُلنار به ولكن لم يتشكل سوى صورة جاسر الصياد لينتفض مُتراجعًا ثم أردف ب فزع
-أعوذ بالله من الخُبث و الخبائث.
دلف إلى الداخل وأغلق الشُرفة ثم. همس مُتساءلًا ب تعجب حقيقي
-بيعمولها إزاي بتوع الأفلام دول!..
إرتمى فوق الفراش وهتف قبل أن يغفو
-طول ما جاسر الصياد ف حياتي مش هشوف رومانسية أبدًا.
توقفت السيارة أمام المخزن الخاص ب عائلة الصياد ليترجل حمزة من السيارة ثم تبعه جواد وتوجها إلى مؤخرة السيارة
فتح حمزة حقيبة السيارة ونظر إلى ذلك المقيد. والذي أخذ يصرخ ب سبابٍ لاذع ليردف جواد ب ضجر
-إقفل. إقفل
أعاد حمزة غلق السيارة ثم تساءل وهو يتكئ إليها
-هتعمل إيه يا جواد؟ المفروض أبوك يعرف؟
-نفى جواد قائلًا: مش هدخل البوس ف أي حاجة إلا لما أفهم منه الأول.
أومأ حمزة ثم عاد يفتح الحقيبة وقبل أن يصرخ المُقيد أخرج سكينًا صغير و وجههُ إلى عُنقهِ وهمس ب فحيح مُفزع
-مش هتحلق تصرخ يا كوكو
صمت الآخر مُجبرًا ليسحبه من ذراعهِ و إتجه به إلى ناحية المخزن ليجد حارسين يقفان أمام البوابة الصدئة. ف عقد جواد حاجبيه وتساءل ب خشونة
-بتعملوا إيه هنا!..
نظرا الحارسين إلى بعضهما ثم أردف أحدهما ب نبرةٍ غليظة ولكنها تحترم من أمامه
-جاسر باشا أمرنا منمشيش من هنا.
-أشار ب رأسهِ وهتف ب تقرير: في حد جوه!..
صمت الحارس قليلًا ثم أومأ ب خفة ليأمره جواد بما لا يقبل الرفض
-إفتح
تنهد الحارس ب قلة حيلة ثم أومأ مُطيعًا ليفتح الباب وحينها دلف جواد يتبعه حمزة
تحرك جواد ب المخزن حتى وصل إلى ذلك المسجي أرضًا ليُشير إليه مُتساءلًا
-مين دا!..
لم يرد أحد ليتولى عبد الرحمن الرد ب تهكم
-أبوك هو اللي جابني هنا
-ليه؟
ضحك عبد الرحمن ثم نهض ب ترنح وقال ب شيطانية
-صدقني مش عاوز تعرف.