قصص و روايات - نوفيلا :

رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة جميع الفصول

رواية نجمة في سمائي للكاتبة شاهندة الفصل الثالث

يرونك وحش قاس مخيف، بارد القسمات..
ترتعد قلوبهم لمرآك، ترتجف من الخوف الدقات..
وأراك أنا كما أنت، تعجز عن وصفك الكلمات..
أراك بريئ كطفل فى المهد، رائع الضحكات..
تخفي روحك عن من حولك، تخشى نفوس تملؤها الظلمات..

تحيط نفسك بهالة من الثلج، تختفى خلف الغيمات..
ترهب الجميع لكنك لاترهبنى، فقد سبرت أغوارك وأدركت السمات..
تخبرنى نافذة روحك عن ما تخفيه عن الجميع، أتعمق فى النظرات..
فأرى سحر يجذبنى، وأنا لطلاسم السحر من القارئات..
أرى روح وحيدة تبحث عن وطن، ليهدأ خافقها وتسكن النبضات..

لأقسم أن أكون لروحك وطنا، تنعم فيه بالراحة فتستقر على ثغرك البسمات..
ويختفى هذا الوحش للأبد ويظهر أميرى، هذا الرائع فى كل الحالات..
لنرقص سويا على معزوفة رومانسية، نتنقل بين الشرفات..
فأعيش معك حكايتى الخيالية، أحولها معك إلى واقع وردي الخطوات.

كادت (ميار)أن تبتسم ولكنها كبحت إبتسامتها بصعوبة وهي تطالع مريضها الذى لم يفاجأها البتة كما توقع بحضوره، ولم يخيفها مطلقا بتلك النظرة التى يرمقها بها، تدرك ببساطة خططه لإجبارها على الهروب منه ومستعدة لها تماما.

لم تعلق على إبتسامته الساخرة وإنما إكتفت بإيماءة إستحسان من رأسها قائلة:
-وأخيرا إعترف المريض برغبته فى العلاج، تمام أوى، هنبدأ من النهاردة نحسن إمكانية الحركة عندك.

لتنظر فى تقاريره الطبية للحظات، قبل أن تنظر إليه قائلة:
-من تقارير الفحص البدنى وإختبارات العضلات وسرعة التوصيل العصبي أقدر أقولك إنه الحمد لله تم شفاء الأضرار الداخلية للأعصاب وإن رجليك مش فاقدة للإحساس بالكامل، بالعكس.. وهنا بييجى دور العلاج الطبيعي والعلاج فى الحالة دى بيعتمد كلية على مشيئة ربنا وإرادتك ورغبتك الحقيقية فى العلاج.

صمتت لبرهة تترك كلماتها تتغلغل إلى عقله، ادركت من إتساع إبتسامته الساخرة أنه لا يأبه البتة بكلماتها، لذا فقد قررت أن تمنحه مايريد حتى تنهي مقاومته بالكامل وتقضي عليها، لذا تركت تقاريره من يدها بهدوء، واقتربت منه حتى توقفت أمامه، مالت تضع كلتا يديها على ذراعي كرسيه قائلة:
-هنبتدى من النهاردة لمدة شهر جلسات هنبه فيها العضلات بجهاز التنبيه العضلى، ونقوم كمان بالpassive exercise، ودى تمارين هنحرك فيها أطرافك عشان ندى إشارة للمخ بالحركة ونساعد على استعادتها بشكل طبيعي أما بقى...آااااه.

اطلقت (ميار)شهقتها بعد أن سحبها( يحيي) فجأة من يدها ليختل توازنها وتجد نفسها تجلس على حجره، يحكم حصارها بيده بينما يمرر يده على وجهها وهو يتطلع إلى وجهها القريب منه بنظرة لعوب وإبتسامة ذئبية خالصة قائلا:
-صعب أوى تلعبى بالنار ومتتحرقيش يادكتورة.

ثم إقترب من شفتيها هامسا:
-قربتى زيادة حبتين وصحيتى الراجل اللى جوايا، واللى تصحى الوحش متزعلش لو عضها.

رغم اضطراب مشاعرها وضربات خافقها المتسارعة، ورغم نظراته ولمسات يده على وجهها إلى جانب أنفاسه التى تلفحها وتودى بكيانها إلى الهاوية، إلا أنها تماسكت قدر الإمكان، وهي تقول ببرود:
-مستنى إيه؟ ماتبوسنى.

تراجع بوجهه عن وجهها عاقدا حاجبيه بصدمة، لتقترب هي من وجهه قائلة:
-مش ده اللى إنت عايزه، بتتراجع ليه دلوقتى؟
دفعها عنه بقسوة فإرتمت أرضا، تشعر بالألم، ولكنها قاومت ألمها وهي تنظر إليه قائلة بتحدى:
-مكملتش ليه، أمال فين الوحش اللى صحيته؟ راح فين؟

طالعها بغضب إمتزج بالإشمئزاز قائلا:
-إنتى إيه؟!جايبة الجرأة دى منين؟مش خايفة على نفسك ؟طب على الأقل خافى على أهلك.
قالت بمرارة:
-إنت بتسأل أنا إيه؟واللى كنت عايز تعمله من شوية خلاك إيه؟ها؟!!
كاد أن يتحدث فرفعت يدها تصمته قائلة:
-متحاولش تبرر، عارفة إنها كانت تمثيلية وإنك مستحيل كنت هتكمل.

عقد حاجبيه فإستطردت قائلة:
-متستغربش، أنا عارفاك كويس أوى، عارفة طبعك، بتحب إيه وبتكره إيه، ممكن تعمل إيه ومستحيل تعمل إيه، بتفكر إزاي، ومتسألنيش عرفت منين، يمكن صديق حكالى عنك أو يمكن صديقة، يمكن ملفك أو دكتورك او حتى عمك، بس كون واثق إنى فاهماك أكتر من نفسك، وإنى كنت متأكدة من أنك هتتصرف بالشكل ده عشان تطفشنى، بس حتى لو كان ده هدفك مكنش ينفع تتصرف بالحقارة دى عشان توصله، إنت مستحيل تكون يحيي اللى سمعت عنه.

كان لابد وأن يعترف لنفسه، هي على حق تماما، لم يكن (يحيي) القديم ليفعل ذلك أبدا، ولكن هذا الرجل المقعد والذى توفي قلبه مع حبيبته قد يفعل أي شيئ كي يبعد الناس عنه، حتى وإن كان شيئا حقيرا كهذا.

انتبه لكلماتها، إن كانت تعرفه كما تقول فمن ذا الذى أخبرها كل ذلك عنه ؟!!

أفاق من أفكاره على صوتها وهي تطرق برأسها قائلة بصوت متهدج جذب إنتباهه رغما عنه وتسلل إلى قلبه وهي تقول:
-مش إنت لوحدك على فكرة اللى خسرت كل حاجة فى حياتك، ناس كتير خسرت وحالتها أصعب منك بس عمرها ماإستسلمت لليأس وإتحولت بالشكل ده، أنا أدامك أهو، خسرت زيك ويمكن أكتر منك، على الأقل لما خسرت حبيبتك كنت واثق انها بتحبك...

قاطعها هادرا:
-متجيبيش سيرتها...

قاطعته بدورها وهي ترفع عيونها إليه فأخرسته دموعها التى ذرفتها من عينين ظهر بهما وجعا أدمى قلبه، دموعا ذكرته بدموع حبيبته، ليرق قلبه لها وهي تقول:
-اللى بيخسر حد بيحبه بيفضل عايش على ذكراه اللى بتملا فراغ حياته من بعده، لكن اللى بيخسر حد كان مفكر إنه بيحبه بيفقد الذكريات دى وبيفقد الثقة حتى فى نفسه، وساعتها رغبته فى الحياة بتضيع وبيتمنى الموت لكنه أضعف من إنه يروحله برجليه فبيستناه وهو فى كل لحظة بيتمنى يقرب منه أكتر.

طالع عيونها الحزينة والتى يطل الألم من مقلتيها وهي تستطرد قائلة بمرارة:
-أنا مليش أهل، طول عمرى عايشة لوحدى، كارهة الحياة وجواها الوحدة بتقتلنى، لحد ماشفته هو، الإنسان اللى حبيته من كل قلبى وإعتبرته أهلى وعيلتى وعزوتى، و لما جت لحظة الإختبار الحقيقى ومرضت مرض شديد، الموت ساعتها كان أهون علية من إنه يتخلى عنى، يسيبنى من تانى لوحدى، الوحدة فى المرض بتقتل، قدروا الدكاترة يعالجونى بس فضلت زي ماأنا، مريضة من جوة، فاقدة الرغبة فى الحياة وكارهة الناس والبشر، وللأسف قنط من إنى ألاقى الرحمة بينهم، حسيت بإنى مش بس منبوذة، لأ ومخدوعة كمان، حسيت بإنى مليش مكان فى الدنيا الواسعة دى كلها.. بس الحمد لله...،

ربنا مرضاش يسيبنى فى عذابى اكتر من كدة، بعت لية دكتورة نفسية قدرت تخرجنى من اللى أنا فيه، أخدتنى من إيدى لمركز اختها للعلاج الفيزيائي، وريتنى إنى أحسن كتير من غيرى، واللى بيشوف مصايب الناس بتهون أوى عليه مصيبته، اترجيتها تخلى أختها تعلمنى وتخلينى أشاركها فى مساعدة الناس يمكن ساعتها ألاقى علاجى بينهم، كملت العملي بالدراسة ولقيت نفسي فى الشغل..وفعلا، مع كل حالة كنت بساعدها كنت بحس بالشفا هنا.

لتشير إلى قلبها مستطردة:
-فى قلبى.
تنهدت بمرارة قبل ان تردف قائلة:
-أنا مش وحشة زي ماإنت فاكر، أنا من نظرة واحدة للبنى آدم اللى أدامى بحس بوجعه وبحاول أساعده زي ماغيرى ساعدنى.

لانت ملامحه مع كلماتها وقد شعر بالتعاطف معها مما جعله يقول بصوت شعرت فيه(ميار)باللين معها لأول مرة:
-أنا آسف، آسف للى حصلك زمان وآسف لإن حبيبك طلع ندل وآسف على اللى حصل منى كمان من شوية، وآسف لإنى مضطر رغم كل اللى سمعته منك وأثر فية إن أقولك إنى لسة مصمم على قرارى ورغبتى فى إنك تمشى، مهمتك نبيلة فعلا بس للأسف أنا معنديش أي رغبة فى إنى أتعالج، رغبتك فى مساعدة الناس خرجتك من الحالة اللى كنتى فيها، لكن الحاجة الوحيدة اللى كانت ممكن تخلينى راغب فى العلاج راحت منى، مبقاش عندى أي حاجة تحفزنى على الشفا...

قاطعته قائلة:
-وعمك؟!
طالعها بحيرة فإستطردت وهي تنهض ببطئ قائلة:
-انت بتحب عمك أوى...
كاد أن يتحدث فأشارت له مستطردة:
-متنكرش، حبك الشديد ليه باين أوى فى تصرفاتك وعنيك.

عقد حاجبيه بينما تستطرد هي قائلة:
-عمك ده ميستاهلش إنك تخف عشانه؟ميستاهلش تريحه..
قاطعها قائلا:
-أنا فعلا بساعده فى الشغل و...

قاطعته بدورها قائلة:
-حتى لو كنت بتساعده فى الشغل زي مابتقول، لكن على الصعيد الشخصى، انت فين؟منزوي وعلطول فى أوضتك، حس بألمه كل مابيشوفك بالشكل ده وهو عاجز عن مساعدتك، لو مش عايز تخف عشان تحب تانى وتتجوز وتجيبله اطفال، خف عشان بس تسعده برجوعك يحيي اللى يعرفه، يحيي اللى كانت ضحكته مبتفارقش وشه، يحيي اللى كان بيحب الحياة وبيعيش كل لحظة فيها.

عقد حاجبيه قائلا بعناد:
-انتى عايزة منى إيه بالظبط؟وعرفتى كل ده عنى منين؟

مالت تستند مجددا إلى ذراعي كرسيه، تتطلع إلى عينيه مباشرة قائلة:
-قلتلك مش لازم تعرف مين اللى قاللى، بس كفاية تكون عارف إن مصدري حد بيحبك، حد نفسه يشوفك كويس وواقف من تانى على رجليك، حد ملوش هم فى الدنيا وميهموش حد غيرك انت وبس يايحيي.

عمه، لابد وأنه مصدرها، تبا..لابد وأنه حقا يعيش فى ألم حاد لحاله، يتجرع كأس المرارة كل يوم وهو يراه على هذا النحو، كم يضعفه هذا ويجعله مضطرا لأن يستمع إليها ويبدأ فى العلاج، وربما ان إستطاع السير مجددا أن يذهب لزيارة قبر حبيبته فى بلدتها البعيدة حيث دفنوها أهل والدتها كما أخبروه وقتها، سيذرف الدموع ويطلب منها الغفران وربما اشترى بيتا هناك ليظل إلى جوارها حتى الموت.

طالعت (ميار)ملامحه التى ظهر عليها التفكير العميق، أدركت أنه يصارع أفكاره، لتقول بلهفة عجزت عن إخفائها:
-ها قلت إيه يايحيي؟
رفع إليها عينان ظهر بهما قراره فإبتسمت بداخلها وهي تستمع إليه وهو يقول:
-موافق بس تحدديلى مدة للعلاج، ولو مجبش نتيجة، تستسلمى وتمشى من هنا نهائي، موافقة؟

أومأت برأسها وملامحها تطفر بسعادة كبيرة تعجب لها وهي تقول بثقة:
-٣ شهور بالظبط واوعدك إنك هتقدر تمشى من تانى، وإن فشلت همشى من البيت والبلد دى كلها نهائي ومش هوريك وشي تانى، بس توعدنى بالتعاون الكامل منك والرغبة الحقيقية فى العلاج..اتفقنا؟

مدت يدها إليه، تنتظره ليؤكد كلماتها ويمنحها وعده، طالع يدها الممدودة للحظات حتى أنها خشيت تراجعه ولكنه لم يلبث أن مد يده إليها بدوره وهو يتنهد قائلا:
-إتفقنا.
إرتعشت يديها بين يديه، لا تصدق أن كفها يحتضن كفه، تؤكد إستطاعتها إقناعه و قبوله العلاج على يديها فى وقت قصير...قصير جدا.

عندما يصعب على من يحيطون بك فهمك ولا تجد منهم من يستطيع إحتواء ألمك او حتى الشعور به...
تصبح الوحدة رفيقا لا غنى عنه...
قد تكون الوحدة وقتها شفاء للروح...
ولكن حذار..
فقد تتحول تلك الوحدة إلى رمال متحركة تبتلعك فى جوفها...فتودى بحياتك.

ولقد كانت هي وحيدة بشدة، بائسة لا تملك أي أمل بالحياة تقف فى هذا المكان دوما كلما شعرت بالحياة تلفظها، تطالع البحر الشاسع متلاطم الأمواج، تسبح بين أمواجه العاتية، تلقى بهمومها فى جوفه فتشعر بالسلام مجددا يحيط بها، وفى هذا اليوم لم تكن تعلم وهي تسبح بقوة أنها على وشك أن تتبدل حياتها كلية.

فقد قابلته فى هذا اليوم حين أصابها شد عضلي، فلم تقوى على السباحة، تدرك ويالغبائها أنها إبتعدت كثيرا عن الشاطئ، شعرت بأن مياه البحر تسحبها بقوة، قاومت كثيرا وكادت أن تستسلم لحتفها، ربما كان فى إبتلاع البحر لها راحة، كما كان يريحها بإبتلاع همومها فى جوفه...

فجأة شعرت بأحدهم يسحبها من يدها لسطح المياه، تسمع صوته الأجش رخيم النبرات وهو يأمرها بأن تلف ذراعيها حوله، فأطاعته على الفور ليسبح هو بكل قوته ويخرجها من المياه بسلام، إرتمت تجلس القرفصاء أرضا تشعر بالإنهاك فى كل جسدها، ثم انتفضت على ربتة من يده على كتفها وهو يسألها بصوت عجزت عن سماع كلماته من ذلك الطنين فى أذنها..

إلتفتت تطالعه، كان مشرفا عليها فلم تتبين ملامحه فى البداية لتجده يجلس القرفصاء بدوره ويواجهها، حبست أنفاسها ملامحه الوسيمة ونبرات صوته بعد إستطاعت الآن سماع كلماته وهو يقول:
-سبحان الله، جميلة أوى بس للأسف مبتسمعيش.

كادت ان تبتسم خجلا ولكنها تمالكت نفسها بصعوبة وهو يشير بيديه بحركات بلهاء، قائلا بصوت عال قليلا:
-إنتى كويسة ياآنسة، أوديكى لدكتور؟
إبتسمت رغما عنها ثم هزت رأسها نفيا وهي تنهض قائلة بصوت رقيق خجول:
-شكرا، أنا كويسة، كتر خيرك عشان يعني..أنقذتنى، عن إذنك.

صوتها ملائكي خلاب تماما كملامحها الجميلة، وإبتسامتها خلابة، يراها كاملة، لا يعيبها أي شيئ ولا حتى عدم قدرتها على السمع، رائعة كفتاة أحلامه تماما، يشعر برغبة عارمة فى إستبقائها ومنعها من الرحيل ولكن بأي حجة وقد قطعت عليه السبل ليتعارفا، ناداها بصوت عال قائلا:
-لو بس تلفى، تدينى أمل، همسك فيه بإيدية ومش هسيبك أبدا.

توقفت فى مكانها فعقد حاجبيه مترقبا، يتساءل..هل ستلتفت إليه ؟هل ستمنحه ذلك الأمل؟إلتفتت ترنوا إليه بنظرة خجول قائلة:
-على فكرة أنا بسمع كويس أوى..سلام.

تسمع؟!!
إذا ضاعت فرصتك يازينة الشباب..ولكن مهلا لقد رنت إليه بنظرة خجول، ليست نظرة رادعة أو مستنكرة، إن الفتاة معجبة به بدورها، مرحى..هذا هو الأمل الذى أهدته إياه بسخاء، ليبتسم وهو يتبعها بسرعة، ينوى التعرف إليها قبل إنتهاء هذا اليوم، يقسم أن تكون تلك الجميلة له...له فقط دون غيره.

أغمضت (ميار)عينيها على تلك الذكرى الحية فى قلبها، تذكرها بقصة حب كانت لها الأولى فى حياتها والأخيرة، قصة حب منحت فيها بطلها وجدانها بالكامل ومنحها السعادة بدوره، حتى جاء ذلك اليوم الذى إنهارت فيه أحلامها وإصطدمت بجدار الواقع الأليم، فتحت عيونها على صوت طرقات على باب حجرتها ودلوف دادة (فوزية)إليها قائلة بإحترام:
-يحيي بيه منتظرك يادكتورة.

إبتسمت لها(ميار)إبتسامة ودودة وهي تومئ برأسها فى هدوء قائلة:
-جاية حالا يادادة.
ثم نهضت لتتنهد، وهي تتجه إلى مريضها لتمنحه أولى جلساته، تدرك ان مهمتها شاقة ولكنها بالتأكيد ليست...مستحيلة.

قال (عزام)بغضب:
-يعنى إيه الكلام ده يامنير، إتصرف، انا مبقتش قادر أتحمل أكتر من كدة.
قال (منير)المحامى الخاص به:
-هعمل إيه بس ياعزام باشا، ماأنا قلتلك إنى حاولت معاه بكل الطرق بس دماغه ناشفة ومش راضى.

قال (عزام )بغضب:
-إتصرف ياأخى، نيموه مع واحدة وصوروه، أو خلى رجالتنا يخطفوا إبنه، هددوه، إبتزوه، هو انا اللى هقولكم تعملوا إيه، أهم حاجة الصفقة دى متروحش من إيدينا وإلا أنا بنفسى اللى هوديكوا فى ستين داهية...مفهوم؟

قال (منير)على الفور:
-حاضر ياباشا، متقلقش..هتصرف..عن إذنك.

إبتعد هذا الشخص الذى كان يقف بالخارج، يستمع إلى محادثتهما سويا، يختفى حول احد الأعمدة، وهو يشاهد (منير) المحامى مغادرا بخطوات سريعة، وفى عينيه إرتسمت ملامح الغضب، بينما بالداخل كان (عزام)يشعل غليونه وهو يقول بعصبية:
-بشتغل مع أغبيا، لو مكنتش حاطط عيني عليهم كانوا ودونى فى داهية.

ليجلس على كرسيه وهو يأخذ من غليونه نفسا طويلا ثم يطلقه، يغمض عيناه لتتمثل فى مخيلته صورة لفتاة جعلته ينسى غضبه فى لحظات، فتح عينيه وعلى شفتيه إرتسمت إبتسامة غير مريحة...على الإطلاق...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة