قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثاني بقلم رضوى جاويش الفصل الرابع عشر

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثاني رضوى جاويش

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثاني بقلم رضوى جاويش ( موال التوهة والوجع ) الفصل الرابع عشر

بدأ زكريا في جمع ملابسه و ملابس ولده و هو يقسم انه لن يبيت في هذه الفيلا بل لن ينتظر فيها لحظة و احدة.. فلقد كاد ان يفقد ولده الوحيد بسبب تلك المدللة التي تتعالى على امثاله حتى انها تترفع عن الحديث اليه و لو ببعض كلمات مجاملة او شكر..

انتهى من جمع كل ما له و ألتقط كف حازم و اندفع خارجا من الجناح الجانبى للفيلا و الذى يفتح بباب منفصل على الحديقة و الذى خصص لضيوف الحاج مندور حتى يكون لهم الخصوصية بعيدا عن الفيلا و سكانها ما كاد يصل زكريا لباب الفيلا الخارجي حتى هتفت به الخادمة و التي جاءت مسرعة تستنجد بأى شخص تجده في طريقها: - حد يلحقنى.. الست زينة واقعة و قاطعة النفس و جسمها كله بينتفض و مش عارفة أتصرف..

ترك زكريا حقيبته في عجالة تاركا كف حازم في يد الخادمة مندفعا لداخل الفيلا حيث وجدها في نفس المكان الذى تركها به منذ دقائق لكنها متمددة على الأرض تنتفض و هي تضم جسدها في وضع الجنين و تطبق عليه محتضنة نفسها بذراعيها بغرض الحماية.. انحنى زكريا باتجاهها هاتفا باسمها في قلق: - أنسة زينة.. أنسة زينة..

لكن لا مجيب.. تطلع حوله في توتر لا يعرف كيفية التصرف يتأكله الذنب لانه يشعر ان ما يحدث الان بسبب صراخه في وجهها..هتف للخادمة التي وصلت في أعقابه مع حازم: - اتصلى بالحاچ مندور.. خليه ياچى بسرعة..
هتفت الخادمة: - الحاج مندور مسافر و هايرجع اخر النهار.. و قال يمكن يبيت و مش هاييجى الا بكرة الصبح..

ضرب زكريا كفا بكف و هو يرى حالتها تسوء و هو غير قادر على التصرف و أخيرا: - طب تعرفى نمرة داكتور نكلموه ياجى يشوفها..!؟..
أكدت الخادمة الحمقاء: - اه.. الدكتور مؤمن.. هو بيتابعها من فترة و..
قاطعها زكريا هاتفاً في حنق: - و ساكتة يا حزينة.. !؟؟..أچرى كلميه خليه ياچى حالا أقترب زكريا منها و هاله وجهها الباكى و جسدها المنتفض حتى و ان خفت حدة انتفاضاته الا ان مظهرها الان يدمى القلب.

اقترب منها متحاملا على نفسه حتى يحتمل ألم ذراعه و هو يفك تلك الدعامة التي يتعلق بها ذراعه محمولا و منجذبا لاعلى الى رقبته ليدفع به جانبا و يضع يده اليسرى تحت كتفيها و اليد اليمنى يدفع بها متألماً تحت ركبتيها و ينهض دفعة واحدة حاملا أياها و هو يتصبب عرقا من جراء ألم ذراعه الذى بدأ كنيران تنشر بطول كتفه.. صعد الدرج و وصل للردهة لا يعلم أين حجرتها و أخيرا قطعت الخادمة حيرته هاتفة به: - من هنا يا سى زكريا..

تبعها زكريا و هي تعدل الفراش و هو يدخل تلك الغرفة الرحبة ليضعها أخيرا به و هو يكتم ألماً فاق الحد..

رفع زكريا نظراته لاعلى الدرج الذى يهبطه الطبيب الان و هو يكلم الخادمة هاتفاً:- هو ايه اللى حصل بالظبط وصل الحالة لكده..!؟..
ازدرد زكريا ريقه فيبدو ان الامر اكثر سوءً مما كان يظن ليستطرد الطبيب: - واضح انها اتعرضت لصدمة جامدة..
هتفت الخادمة: - ايوه.. عندنا ضيوف ابنهم كان هايقع من السلم و هي كانت واقفة و مش عارفة تتصرف..
سأل الطبيب: - بس..!؟..

هنا تدخل زكريا قائلا بعد ان وصل الطبيب بالقرب منه: - لااه.. انا زعجت فيها چاامد يا داكتور لانها حتى مصرختش و لا استنچدت بحد يلحج الواد..
نظر اليه الطبيب في تعجب للحظات و أخيرا ادرك ان زكريا لا علم له بطبيعة حالة زينة فلم يستطرد في حديثه و إنما هتف في عجالة:- على العموم بلغوا الحاج مندور يكلمنى ضرورى اول ما يوصل..و انا أديتها مهدئ و ان شاء الله تصحى كويسة..
اومأ زكريا موافقا: - باذن الله..

لم يستطع زكريا الرحيل و هي بتلك الحالة و خاصة بعد أن تأكد ان الحاج مندور لن يأتي الليلة فوجب عليه البقاء لاى ظرف طارئ..
دفع بحازم الشبه نائم لجناحهما مؤكدا على الخادمة البقاء معها و ان تناديه اذا ما جد جديد او حدث شيء ما يستدعى وجوده..

وضع حازم على الفراش و دثره جيدا و هو لا يحتمل ألام كتفه فترنح حتى وصل للحمام معتقدا ان حمام ساخن على موضع الألم قد يخفف بعض مما يعان.. لكن هذا لم يحدث ظل الألم على حاله.. بحث في تلك العقاقير التي كان يتناولها ليجد في احداها مسكنا تناول منه حبتين و استلقى محاولا النوم و لو قليلا..

أغمض عينيه محاولا الوصول لاعتاب النعاس لكن لا فائدة فأمامه تظهر نظراتها المذعورة و جسدها المرتعش و هو يهزها بقوة.. كيف لم يع كل هذا في لحظات غضبه..!؟.. كيف فاته ذعرها و نظراتها المرتعبة بتلك الطريقة..!؟..

لقد أعماه غضبه عن ادراك ما كان يجب عليه ادراكه.. و أنساه حنقه اقل أصول المفروض.. كيف يمسها من الأساس.. كيف يضع كفه عليها وهى وحيدة و ابيها غير متواجد..
اخذ يزفر في ضيق و هو يشعر بذنب رهيب لانه تخطى أصول المفروض و الواجب و هذه ليست طبيعته و لم تكن يوما..
ما الذى دفعه لذلك..!؟.. هو لا يعرف.. لكن كل ما يعرفه.. ان صمتها القاتل و نظراتها المذعورة أحيانا و المتعالية أحيانا أخرى .. تثير حنقه..و تطلق شياطينه..

دخل عاصم السراىّ مسرعا يصعد للأعلى مناديا زهرة في عجالة.. ظهرت من داخل احدى الغرف تلبى نداءه..
دخلت خلفه الغرفة لتجده يزرعها في غيظ جيئة و ذهابا.. هتفت و هي تراه على هذه الحالة: - خير يا عاصم..!!.. في حاجة.. شكلك ميطمنش..!؟..
و سعيد لما جالك مذعور الصبح يناديك.. كان عشان ايه.!؟..

هتف فيها أمرا: - ما دِه اللى هعرفه منيكِ..ألبسى بسرعة و تعالى معايا..
لم تجادله بل ذهبت لترتدى ملابسها على عجالة لتقف أمامه في لحظات لتتبعه و هو يضع عباءته على كتفه..
ركبا السيارة و اتجها كما استنتجت للزائب الخاصة بالهوارية..و التي تأتيها من حين لآخر لفحص البهائم او تطعيمهم او عند وجود حالة تستدعى تدخلها...

ما ان ظهر بالسيارة حتى تنحى الجميع جانبا و ما ان ادركوا وجود زهرة معه حتى اختفى الجميع في سرعة تاركى الساحة فارغة..
هتف عاصم: - تعالى.. لتندفع خلفه و هي لا تدرى من امرها شيئا و لا تدرك لما هي هنا من الأساس حتى دخلت للذريبة و ما ان طالعها المنظر الدامى أمامها حتى شهقت في ذعر.. من الذى يمكن ان يفعل شيئا حقيرا كهذا..!؟..

عدة رؤوس من الماشية ممدة بلا حراك نظرت لعاصم في صدمة: - مين اللى عمل كده..!؟.. دى مش ممكن تكون ماتت بشكل طبيعى..
هتف عاصم: - ما هو دِه اللى شكيت فيه.. عشان كِده جلت محدش هيأكد شكى الا انتِ..
مد لها كفه ببعض القفازات التي احضرها من الدكتور البيطري المشرف على الاسطبلات.. و الذى كان من الممكن ان يطلب منه فحص البهائم.. لكنه لم يكن يريد الا رأيا يثق فيه..رأيها..

بدأت في مباشرة عملها.. و ما ان انتهت حتى خلعت قفازاتها وهى تتنهد في حسرة مؤكدة صدق شكوكه هاتفة: - ايوه يا عاصم..شكك في محله.. البهايم دى مسمومة للأسف.. حسبنا الله و نعم الوكيل..
جز عاصم على اسنانه هامسا باسم ما لاعنا صاحبه لتهتف زهرة: - انتِ عارف مين اللى عملها يا عاصم.. !!.. لازم متسكتش انتِ عارف ده مخسرك كام راس..دوول ثروة.. خسارة و الف خسارة..

أومأ برأسه موافقا إياها و هو يصطحبها للسيارة ليعودا للسراىّ و هو شارد الفكر مشغول الخاطر

انتفض زكريا من فراشه وهو يتحسس موضع حازم فلا يجده ليتطلع حوله مناديا و لا مجيب.. خرج مذعوراً للحديقة ينادى بلهفة على ولده و الذى فجأة اجابه..
نظر زكريا للأعلى ليجد ولده يطل عليه من نافذة احدى الغرف بالأعلى هاتفاً ليسأله في حنق: - انت بتعمل ايه عِندك..!؟..
هتف حازم: - انا قاعد مع طنط زينة.. مش هي تعبانة و لازم اقعد جنبها.. !!..

جز زكريا على اسنانه في غيظ من تصرفات و لده و التي ستجبره على الصعود اليه و صرفه عن ازعاجها..
زفر زكريا في ضيق و هو يدخل الى الفيلا مستأذنا صاعداً الدرج في تردد و أخيرا وصل لغرفتها عبر ذاك الرواق المكسو بالسجاد القرمزي.. طرق الباب في اضطراب هاتفاً: - تعالى يا حازم عشان تُفطر..

انفرج الباب فجأة عن ولده هاتفاً: - انا فطرت من بدرى مع طنط زينة..
جفل زكريا من فتح الباب بغتة و استطاع لوهلة ان يلمح طيفها على الفراش جالسة تتكئ على الوسائد خلف ظهرها و شعرها الكستنائى القصير يحيط بوجهها في براءة لم يستطع الا ان يهتف بصوت متحشرج يملؤه الشعور بالذنب: - كيفك النهاردة يا أنسة زينة..!؟..
لم ترد كعادتها.. و لكنه لاحظ انها تؤمى برأسها في إيجاب..

و فجأة لاحظ زكريا ما يقوم به حازم فاندفع لداخل الغرفة ملتقطا منه تلك الصينية التي يحاول حملها هاتفاً فيه بضيق: - مالك انت ومال الصينية.. هاتها و تعال جدامى سيب طنط زينة تستريح..
امتعض حازم هاتفاً و هو يندفع لاحضان زينة: - لااا.. مش هسيب طنط.. هقعد معاها..

كانت هي صامتة تماما.. و ابتسامة محبة لحازم مرسومة على شفتيها و لم تعترض على قراره بالبقاء معها.. لكن زكريا كان يشعر بالإحراج يغرقه.. أولا لانه يقف الان في اكثر الأماكن خصوصية.. حجرتها و هذا لا يجوز و من دفعه لذلك هو ولده الذى بلغ منه الحنق مبلغا كبيرا جعله يقسم داخليا ان يخرجه معه من غرفتها و لو عنوة..و ليكن ما يكون..

وضع صينية الطعام على الطاولة الجانبية و اقترب يرفع حازم بيده السليمة الا ان اعتراضات حازم تزايدت وتيرتها و هو يحاول رفعه حتى انه ضرب ذراعه المصابة بقوة و التي كان الألم قد بدأ يعاودها من جراء انسحاب تأثير المسكن القوى الذى تناوله الليلة الماضية.. تألم زكريا بصوت عال هذه المرة و انحنى تاركا حازم رغما عنه لتنتفض هي في اتجاهه تتأكد ان كل شيء على ما يرام..

كان الوضع عجيبا.. حازم صامتا من جراء احساسه بارتكابه خطأ فادح في حق والده الذى يتألم الان منحنى الجذع ممسكاً بذراعه و كتفه المصاب.. و زينة التي انتفضت من فراشها تقف حائرة لا تعلم ما يجب عليها فعله..الا انها وجدت نفسها بلا إرادة منها تربت على كتفه مشيرا اليه بالجلوس ليلتقط أنفاسه..
كانت أنتفاضة زكريا لربتها على كتفه اثرا أقوى من اثر الألم الذى يعتمل في كتفه.. لذا نظر اليها متعجباً و لم ينطق بحرف..

قطع ذاك الصمت المحموم دخول الحاج مندور الغرفة هاتفاً في لهفة: - زينة.. انت كويسة.. طمنينى عليكِ..!؟..
ألتقط الحاج مندور ابنته بين ذراعيه يقبل جبينها في محبة و هي تربت على كتفه في محاولة منها لطمأنته..

كان وجود زكريا و ابنه في غرفة ابنته غريبا و غير مقبول بالطبع.. لذا هتف زكريا مبررا: - انا اسف يا حاچ..حازم كان هنا عند الانسة زينة و كنت چاى أبعده عنها عشان ميضايجهاش.. اسمحلنا يا حاچ نمشوا النهاردة.. و انا باذن الله من بكرة نازل الشغل عشان نعمل اللى اتفجنا عليه..
هتف الحاج مندور: - خلاص يا زكريا.. اللى يريحك... و بكرة زى ما اتفقنا..
هز زكريا رأسه موافقا و جذب ولده خلفه و رحل في سرعة خارج غرفتها..

سار زكريا باتجاه الموقع يبحث بعينيه عن شعلان و ما ان وقعت عيناه عليه حيث توجه نحوه في سرعة ووقف أمامه متحديا.. هتف شعلان ما ان رأى زكريا متصنعا المحبة: - حمد الله على السلامة يا زكريا.. بركة انك بخير بعد اللى حصل..
هتف زكريا بنبرة تحمل المحبة الكاذبة: - الحمد لله يا ريس.. بجولك ايه.!؟.. انا كنت عايزك في موضوع كِده..

تنحى شعلان جانبا ساحبا وراءه زكريا متصنعا الاهتمام: - خير يا زكريا.. خير يا خويا.. و ادخل كفه في جيبه هاتفاً.. عايز فلوس.. رقبتى سدادة.. خير ربنا كتيير..
ابتسم زكريا محاولا مداراة نبرته الساخرة:- ربنا يزيدك يا ريس.. شيلك لعوزة..اه انا عايز فلوس بس مش سلف..
هتف شعلان: - اُمال ايه..!؟.. سلفة قصدك.. ما انت عارف يا..
قاطعه زكريا بحزم: - و لا سلفة... عايز حجى..
هتف شعلان مستنكرا: - حقك..؟؟.. حقك في ايه و لمؤاخذة..!؟..

ابتسم زكريا ساخراً: - حجى من النهيبة اللى انتوا واكلينها لحالكم انت و الباشمهندسين.. و احمد ربك انى مجلتش للحاچ مندور لحد دلوجت..
تصنع شعلان الدهشة: - انت ايه اللى بتقوله ده يا زكريا.. احنا مش بتوع الحاجات دى.. حد الله بينا و بين الحرام.. انت جبت الكلام ده منين..!؟..
همس زكريا: - اجولك چبته منين..!؟.. اجولك كنت بتتفج مع الباشمهندس على ايه..!؟. و تجابله فين و ازاى..!؟.. اجولك على الناس اللى بيوردولك الإسمنت المغشوش اللى بتخلطه بالأصلى.. هاا.. اكمل و لا كفاية..!!؟..

بهت لون شعلان ليكمل زكريا بغيظ:- انت فاكر انى مكنتش واعى لرچلك اللى كان سامعنى و انا بحكى مع عم بحر و جه نجل لك كل كلمة.. بس انت مصبرتش لحد اما اجيلك و جلت تخلص منى بالحادثة الخايبة اللى كانت هتروح فيها بت الحاچ مندور لولا ساتر ربنا وان انى اللى كنت مجصود..
شوف بجى الكلام ده كله لو راح للحاچ مندور هايحصل ايه..!؟.. و هايتصرف معاك ازاى..!؟..

اصبح وجه شعلان يحاكى الموتى و جبينه يتصبب عرقا عندما همس بصوت متحشرج:- طب انت طلباتك ايه..؟؟..
هنف زكريا: - متنسونيش معاكم.. جدر انت حج سكوتى و شوف تاجى كام من اللى نهبتوه من ورا الحاچ..!؟؟..
هتف شعلان: - خلاص.. اتفقنا.. بس انا اضمن ازاى سكوتك..!؟..

هتف زكريا: - مفيش ضامن الا مُصلحتى يا شعلان.. و انا مُصلحتى معاكم.. و بعدين هو انا لو عايز أتكلم.. ما انى جعدت أسبوع في بيت الحاچ مندور.. مفتحتش بجى و جلت له ليه..!؟.. و اه نصيحة لوچه الله.. متحاولش تخلص منى تانى.. اصلك انى بسبع اروح..
اومأ شعلان برأسه موافقا و مقتنعا بكلام زكريا هاتفاً: - خلاص.. انت معانا يا زكريا.. بس اللى هيسرنى علينا يسرى عليك..

كان دور زكريا ليومئ برأسه موافقا و أخيرا يتفقوا على مكان يسلم فيه شعلان لزكريا نصيبه من العملية الأخيرة و التي ثمنها سكوته..
خرج الحاج مندور من وراء ذاك الجدار المهجور الذى كان يتحدث عنده زكريا و شعلان ليتأكد بصدق كل كلمة أبلغه بها زكريا..

رن الهاتف بتلك الرنة المميزة لأذن بخيتة لتهتف من مكانها فى شوق: - رد يا واد يا حمزة.. و لا أنتِ يا كسبانة.. ده زكريا اللى على التليفون..
اندفع حمزة مجيبا فى لهفة: - ازيك يا عمى
هتف زكريا: - وااه.. كبرت يا حمزة و بجيت بترد على التليفونات كمان.. كيفك و كيف ستك بخيتة.!؟..
هتف حمزة فى سعادة: - بخير.. نفسنا نشوفوك.. مش هتاجى بجى يا عمى !؟..

تنهد زكريا هاتفا: - باذن الله.. فين ستك بخيتة.. نادم لها .. اجرى..
جذب حمزة الهاتف و سار به فى اتجاه جدته و وضع سماعته فى كفها لتضعها هى فى لهفة على اذنها تطمئن على ولدها الغائب..
اندفع حمزة خارج الدار ليلعب فصادف يونس جالسا على درجات السلم المفضية لغرفته فهتف فى سعادة: - انى كلمت عمى زكريا فى التلفون و جالى انه هايجى جريب باْذن الله..

انتفض يونس متسائلا: - هو لسه بيتكلم.!؟..
أكد حمزة: - اه.. لسه بيتكلم مع ستى بخيتة
هتف يونس: - طيب اجرى.. جول لستك بخيتة متجفلش انا عاوزه ضرورى..
اندفع حمزة منفذا امر يونس الذى تبعه داخل الدار هاتفا بصوت عال: - يا رب يا سااتر.

و دخل منكس الرأس حتى وصل لموضع الحاجة بخيتة التى ردت على سلامه هاتفة: - ادخل يا بنى.. منتش غريب.. خد.. أهو زكريا كان لساته بيسأل عنيك..
ألتقط يونس سماعة الهاتف من بخيتة ليهتف فى لهفة: - زكريا..!؟.. كيفك يا صاحبى..!؟.. كِده تغيب و تجول عدولى..!؟..
هتف زكريا مبررا:- معلش.. الدنيا تلاهى يا يونس.. المهم إنكم كلكم بخير.. و انت ايه اخبارك.. عجبتك بلدنا..!؟..
هتف يونس: - كله تمام يا هوارى.. بس بجولك ايه!؟.. انا عايز اطلب منيك طلب..

هتف زكريا: - انت تأمر يا يونس.. انت عارف غلاوتك عِندى..
تلجلج يونس فى حروفه و تردد قليلا قبل ان يهتف بطلبه دفعة واحدة قبل ان يتراجع: - انى طالب يد الست كسبانة.. ايه جولك ؟..
صمت زكريا قليلا ثم هتف فى سعادة: - انى ملاجيش أحسن منيك يبجى بن اخويا فى طوعه بس هى الأساس.. كلم امى و خليها تاخد رأيها و لو كِده عاصم هيجوم بالازم.. على الأجل نجطع السكة على سليم فى انه يفكر يردها أو يضايجها تانى وهى فى عصمة راچل..

هتف يونس فى سعادة: - يعنى انت موافج يا زكريا..!؟..
أكد زكريا مقهقها: - ايووه.. انى موافج ياسيدي بس المهم هى توافج.. و بلاش الغنا الفجرى بتاعك
لحسن تطفشها..
قهقه يونس: - بجى كِده.. مااشى يا هوارى.. متشكرين..

قهقه زكريا و هو ينهى مكالمته مؤكدا ليونس على ضرورة موافقة كسبانة..و التى كانت فى احد الجوانب تقف تستمع للمكالمة فى وجل و ضربات قلبها تصم اذنيها لا تصدق انها تمر بتلك المشاعر المضطربة كمعظم الفتيات..

تلك المشاعر التى لم تنعم بها فى ظل ظروف زواجها القهرى من سليم و الذى كان اقرب لصفقة بيع و شراء منه زواج مبنى على المحبة كما تستشعر الان تجاه يونس الذى اندفع لبخيتة كما نصحه زكريا لتكون همزة الوصل بينهما.. فمنذ ذاك الإعلان عن رغبته فى الزواج منها داخل غرفته منذ ما يزيد عن الأسبوع و هى كانت حريصة حد الهوس فى الا تراه و لو مصادفة فما كان لها ان تواجهه بعد تصريحه ذاك.. حتى طعامه و دواءه كانت تضعهم على صينية تتسحب و تضعها امام بابه و تطرقه و تندفع مبتعدة..

انها تذوب خجلا و اضطرابا ما ان تتذكر همسه لها بطلب الزواج الغير متوقع..
تنبهت لابتسامة بخيتة و هى تتحسس موضع لكفها على كتف يونس رابتة عليه فى سعادة بأنها ستحاول معرفة رأيها فى اقرب فرصة اندفع يونس فى نشوة خارج الدار لتظهر هى من ركنها الساتر تقترب من بخيتة متصنعة اللامبالاة و عدم المعرفة بالأمر لتهتف بها بخيتة: - تعالى ي كسبانة.. كنت فين يا بتى؟..

هتفت كاذبة: - كنت على السُطح بنشر الغسيل.. خير يا خالتى..!؟..
ربتت بخيتة على ظهرها هاتفة فى سعادة: - يونس يا بتى.. طلب يدك من زكريا.. جلتى ايه.!؟
صمتت و لم تعقب.. تشعر بسعادة يفوق حد تصورها.. سعادة ألجمتها حتى عن النطق لتهتف بخيتة بابتسامة متخابثة: - طب على بركة الله.. هجول للچدع انك موافجة..

هتفت كسبانة منتفضة: - انا مجلتش انى موافجة يا خالتى..
هتفت بخيتة مقهقهة: - و مجلتيش انك رافضة يا عيون خالتك..
صمتت كسبانة فى احراج لتستطرد بخيتة ضاحكة:- يونس ميتعيبش.. بن حلال و رايدك و بيحب ولدك.. بالك لو سمعتيه و هو بيطلب يدك من زكريا كان ملهوف كيف..!؟.. و لا لما بيجولى اشوف رأيك... و الله شاريكِ عن چد..

هتفت كسبانة فى لهفة: - صُح يا خالتى.. عن چد رايدنى..!؟..
أكدت بخيتة: - عن چد يا روح خالتك.. رايدك كيف ما انت ريداه و اكتر كمان..
احمرت وجنتا كسبانة و رغم عدم رؤية بخيتة لذلك الا انها استشعرته كعادتها هامسة: - و الله رايدك يا بتى.. و عاشجك ووعيت لعشجه فى كل حرف فى كلامه كيف ما انى واعياه فى جلبك اللى بيتنفض فى صدرك دلوجت..

نهضت كسبانة تحتضن بخيتة فى سعادة مقبلة رأسها فى امتنان هامسة: - ربنا يخليكى ليا يا خالتى.. و الله ربنا عوضنى بيكِ عن امى اللى جاطعتنى من زمن..
ربتت بخيتة على ذراعها هاتفة: - الام متتعوضش يا بتى.. بالك هى لو سمعت بچوازك.. هتكون اول اللى يفرح لك.. هى الام هتعوز ايه غير فرحة عيالها..!!.. ربنا يتمم لك على خير يا بتى.. بس مجلتليش.. ابلغ يونس بموافجتك.. !؟..

همست كسبانة فى خجل: - بلغيه يا خالتى..
لتقهقه بخيتة فى سعادة...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة