قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثاني بقلم رضوى جاويش الفصل الثاني

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثاني رضوى جاويش

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثاني بقلم رضوى جاويش ( موال التوهة والوجع ) الفصل الثاني

هتف الحاج وهيب في تأنيب لنفسه :- يوووه .. انا ازاى مخدتش بالى ..!؟..
قفز فى عجالة من امام المنضدة المنخفضة الارجل الممتدة ليوضع عليها طعام العشاء و المسماه ( طبلية) ليرتدي حذائه ويتناول معطفه الصوفى لتهتف فيه زوجته نعمة :- خير يا حاج .. فيه ايه .. قمت مسروع كده!؟.
لتعاجله ابنته بدور هاتفة :- رايح فين الساعة دى يابا .. وفى التلج ده .. الدنيا بينها بتشتى .

هتف وهو يرتدى معطفه :- يا بنتى عمك رمضان كان مكلمنى على جدع صعيدى هايجى يأجر الأوضة اللى على السطوح و قلت اهى نواية تسند الزير .. و لما حصلت العركة الضهر نسيت الموضوع .. ولسه فاكرة دلوقتى .. و اللى مخلينى مضايق اكتر ان الجدع ده ..
هتفت بدور مستنتجة :- هو اللى دافع عنى قصاد سمرى و حاشه ..صح..!!..

- الظاهر كده .. و احنا بقى بدل ما نلحقه .. سبناه في القسم و لا سألنا .. حتى بعد اللى عمله معانا ..
- حتى ولو اللى بتقوله صح .. الصباح رباح .. اقعد اتعشى وبكرة الصبح تروح تضمنه في القسم .. هتفت نعمة و قد بدأت في تناول طعامها بالفعل.
هتفت بدور:- لا صباح ايه ..!!.. بقى نسيب الراجل مرمى في الحبس بسبنا و في البرد ده .. لا ميصحش يابا .. الواجب تروح له .. حتى عشان خاطر عم رمضان..

اندفعت نعمة :- بلا يروح .. بلا يجى .. بقى خايفة على الراجل من برد الحبس وهو شباب و مش خايفة على بوكى يخرج دلوقتى في الجو ده .. مدت كفها تخلع المعطف عن الحاج وهيب و هي تجذبه ليجلس على ( الطبلية ) من جديد و تبدأ في إطعامه بيدها لينسى كل ما عاداها ..
لتمصمص بدورشفتيها وتسير في وجوم باتجاه النافذة تنظر خلف زجاجها الذى تكاثرت عليه ذرات المطر المتساقطة بالخارج لتحجب الرؤية عن ما يدور خلف إطاره ..
و تهمس في تساؤل :- يا ترى عامل ايه .. يا دى الجدع ..!!؟

كان كل من زهرة و الحاجة فضيلة و سهام تجلسن في مقعدهن المفضل في صحن الدار و سهام ترضع طفلها الذى تغير كثيرا في الثلاث أشهر الماضية ليصبح اكثر طولا و اوفر صحة و تبدو ملامحه في الظهور ليتأكد الجميع انه نسخة مصغرة من حسام بعينيه العسلية الواسعة و بشرته الخمرية و شعره الأسود الناعم ..كانت زهرة تنتظر ان يتم باسل طعامه حتى تحمله في سعادة و تلهو معه قليلا الا ان باسل خذلها ليبدأ النعاس يداعب جفونه فتهمس سهام مازحة :- ملكيش حظ في اللعب معاه يا زهرة .. خلى بيكى و نام ..

ابتسمت زهرة في تحسر :- مااشى يا باسل بس لما تكبر شوية .. انا و انت هنخربها ..
ابتسمت سهام لمزاح زهرة بينما اشفقت خالتها فضيلة على حال ابنة اختها الحبيبة و كأنما ورثت عنها كل شيء حتى حملها العزيز .. فهى تتذكر ان فاطمة تأخرت في حملها لزهرة عدة سنوات .. همست الحاجة فضيلة في نفسها داعية :- يا رب يا بتى يكرمك باللى يفرح جلبك و جلبنا .. اللهم امين ..

اندفعت سمية من باب السراىّ الداخلى تتطلع حولها و ما ان رأت النسوة مجتمعات حتى توجهت إليهن تغالى في ترنحها مدعية التعب و الإرهاق من حملها حتى اتتهن ملقية السلام و هاتفة :- ازيك يا مرت عمى .. كيفك يا سهام و كيفه ولدك ..كبر الله اكبر ..
ألقين عليها السلام لتستدير باتجاه زهرة هاتفة:- كيفك يا زهرة ..زينة ..!؟..

أكدت زهرة محاولة ادعاء الهدوء في وجود سمية التي تعلم علم اليقين ان وجودها هنا ليس صدفة و انها ما أتت الا لتثير حنقها :- بخير الحمد لله يا سمية ..
هتفت سمية بنبرة كالفحيح :- طيب .. خير .. انا جلت هتفرحينا و تجولى الحبل تعبك زى حالاتى ..!؟.. ربنا يعطيكِ..
امتقع وجه زهرة و شعرت بأن ألم جارف اجتاح أعماق روحها بسبب ذاك الاستهزاء الواضح ..

هتفت الحاجة فضيلة تزود عن ابنة اختها الغالية :- كله چاى يا سمية بأمر الله ..و بعدين هو احنا يعنى كنا مجوزين زهرة لعاصم عشان الخلفة و بس ليه اُمال بهايم لمؤاخذة مش هنفكروا الا في كِده و بس ..!؟..
كتمت سهام ضحكاتها على رد أمها المفحم بينما لازت زهرة بالصمت و لم تعقب .. فهتفت سمية بغل :- لااه يا مرت عمى .. مش بهايم لا سمح الله .. بس يعنى كل ست تحب تفرح چوزها خصوصى لو بتحبه بحتة عيل من صلبه يشيل اسمه مش تبجى ارض بور جلتها احسن ..

همت سهام بالرد هذه المرة على وقاحة سمية الغير معقولة الا انها قاطعتهن وهى تنهض في عجالة و كأنها ليست هي نفس المرأة التي دخلت تترنح بحملها منذ قليل هاتفة في خبث:- طب افوتكم بعافية لحسن عدلى من ساعة الحمل وهو بيخاف عليا و على اللى ف بطنى معلوم .. ماهى العيال دى مبتجيش بالساهل و انفجرت في ضحكة ماجنة قبل ان تستدير راحلة و قد ملأت الأجواء توترا ..

عم الصمت للحظات قبل ان تهم سهام بقطعه في محاولة لترطيب الأجواء المشدودة لكن زهرة التي كان وجهها يحاكى الموتى و لم تنبس بحرف واحد منذ بدأت سمية هجومها المسموم اندفعت في سرعة نحو الدرج تعتليه في اندفاع لتدخل حجرتها و تبدأ في بكاء محموم طال كتمانه ...
لا تعرف كم طال بكاءها حتى انها لم تستشعر ذاك الذى دخل الغرفة في هدوء متقدما نحوها في حزن على حالها بعد ما قصته امه عليه من امر سمية و سخافاتها...

جلس على اطراف الفراش قبالتها ليجذبها نحوه في قوة ..
انتفضت عندما باغتها وجوده لكن ما ان اصطدمت نظراتها الدامعة بنظراته العاشقة حتى دفعت وجهها ليُدفن في أعماق صدره و تدثرها احضانه و يهدهدها عناقه ..
تركها تبكى كما شاءت حتى تفرغ كل ما بجعبتها من دموع .. و ما ان تيقن من هدوءها بين ذراعيه حتى حاول التفريج عنها هاتفاً:- زهرة ..!!؟..

رفعت رأسها اليه تتطلع الى نظراته التي تعشقها .. تلك النظرات التي تخبرها الف احبك دون ان ينطق هو بحرف واحد .. همست بصوت مبحوح من اثر البكاء :- نعم ..!؟..
همس يشاكسها :- انا هجول كلمة و تجولى ورايا ..مااشى ..!؟..
همست معاتبة :- و ده ايه بقى ان شاء الله !؟..
همس من جديد :- ده كورس علاچ إنما ايه متچرب ..!؟..
همست وهى تنظر اليه في شك :- مااشى ..

ها جولى ورايا :- بحبكِ يا عاصم يا هوارى..
ابتسمت وهى تردد:- بحبكِ يا عاصم يا هوارى ..
هتف عابثاً :- بموت فيك يا واد خالتى ..
اتسعت ابتسامتها مرددة :- بموت فيك يا واد خالتى ..
اكد هاتفاً :- ومش هبكى تانى من كلام ماسخ ملوش عازة ..

أكدت وقد ظهر الحزن على محياها من جديد:- و مش هابكى تانى على كلام ماسخ ملوش عازة ..
جذبها اليه اكثر و انحنى اليها مقبلاً لتهمس و هي تبتعد في دلال هامسة :- ايه دى بقى ..!؟.
همس بنظرات شقية :- ده اهم جزء في كورس العلاچ .. لو متمش العلاچ يبجى زى جلته ..
همست تكتم ضحكاتها :- لا طالما علاج خلاص ..الا العلاج..
ليجذبها اليه من جديد و هو يقهقه لمزاحها ..

دفع العسكرى بزكريا لداخل الحبس في عنف جعله يسقط أرضا متعرقلا في الارجل الممتدة بداخل الزنزانة لأحد المحبوسين الذى سب في غضب
انتبه زكريا واقفا و جال بنظره في الوجوه الغير مريحة التي تتطلع اليه الان في فضول .. وجد احد الأركان فارغا فتوجه اليه في تثاقل و ترك جسده ليجلس علي المسطبة الاسمنتية في يأس يرتكن بجانب وجهه على الحائط .. و يستكين في مجلسه ..

عم الصمت لدقائق حتى جذب مظهر زكريا المصاب الذى يكلل وجهه بعض الخدوش و جرح ظاهر بالجبهة فضول احد المساجين ليشاكسه في محاولة لفرض السيطرة :- سبع الرجال بقى .. كان بيضرب و لا بينضرب ..!!؟..
قهقه الجميع على تساؤله كأنه احد النكات برغم سماجته لكن ما كان احد يستطع الاعتراض ..

لم يرد زكريا .. فقد ناله ما ناله من جراء شجاره مع سمرى و رجاله .. شجار واحد في اليوم يكفى .. همس لنفسه في تأكيد حتى لا ينتبه لسخافات ذاك الاحمق هناك و التي استمر فيها هاتفاً في استفزاز عندما ادرك من ملبس زكريا كونيته :- مرة واحد صعيدى شاف الهرم قال يا بووى كل دى حتة جبنة نستو ..
انفجر الجمع ضاحكاً على نكات المسجون المستفز ..

همس زكريا لنفسه:- اللهم طولك يا روح .. اهدى يا زكريا و أعجل.
ليعاود المسجون استفزازه بإطلاق المزيد من النكات اللازعة على الصعايدة ..و زكريا رابط الجأش يحاول تهدئة نفسه كى لا يتأثر بإستفزاز ذلك الغبى .. لكن يبدو انه لن يتوقف عن تفاهته ..

و التي استطردت من جديد هاتفا :- مرة واحد صعيدى لم كل النكت اللى على الصعايدة و رماهم البحر .. السمك طلع يضحك ..
انفجر الجمع ضاحكاً من جديد و لكن هذه المرة كان وصل الاستفزاز بزكريا مبلغا خطرا ليندفع في ثورة باتجاة ذاك المسجون الاحمق ممسكاً بتلابيه و هو يهتف في غضب :- و مرة واحد صعيدى جابل واحد جليل الأدب جال لازماً يربيه عشان يعرف يغلط كيف في اسياده ..

و دفع زكريا بجبهته الصلبة في اتجاه جبهة المسجون ناطحا إياها والذى ترنح للحظات ثم سقط ليندفع رجاله مدافعين عن سيدهم و يشتبكوا واحد تلو الاخر مع زكريا ..
حتى شعراخيرا العساكر خارج الزنزانة بالهرج و المرج الذى يحدث بالداخل .. فاندفعوا مبلغين الضابط الذى جاء مهرولا و ما ان انفرج باب الحبس عن محياه الصارم وهو مشهرا سلاحه صارخاً حتى هتف فيهم :- في ايه يا حَووش .. !!؟..

جال بنظره في الوجوه .. حتى استقرت نظراته على المسجون الملقى أرضا لازال يشعر بالدوار و ممسكاً راسه متألماً .. ثم وقعت عيناه بسرعة على زكريا الذى ازدادت جروحه جرحا على احدى جانبي وجهه و تمزق ذراع جلبابه ..
هتف الضابط في غضب تجاه زكريا :- هو انت مفيش فايدة فيك بره عامل مشاكل و جوه عامل مشاكل .. طب اوديك فين ..!!

هتف زكريا :- يا باشا انى في حالى .. هو اللى كان بيجل أدبه.
هتف الضابط محاولا السيطرة على أعصابه :- طيب .. تعالالى هنا .. و دفع به خارج حجرة الحبس .. ليغلقها العسكرى مباشرة بعد خروجهما ليهتف الضابط في زكريا دافعا به أمامه :- هو انت مش شايف نفسك وعامل فيها السبع رجالة ..!!؟... انت ملكش القاعدة ..لازم تعمل حاجة مفيدة ..
و هتف الضابط في قوة :- يا شاويش مجاهد .. هات الجردل و الخيشة من عندك ..

احضرهم الشاويش في عجالة .. ليشير اليهم الضابط بتعالى هاتفاً في زكريا :- اتفضل .. خد دوول عايز القسم بيلمع من النضافة .. عارف لولقيت اثر رجل اللى داخل و اللى خارج بعد المطرة اللى بره دى .. هتشوف شغلك معايا ..
نظر زكريا للجردل و الخرقة البالية المصاحبة له وهمس في أعماقه .. هل هذا ما اتيت لاجله!؟.. هل هذا مقامك يا واد الهوارى ..!؟.. حسنا .. و لما لا كنت دوما خادما لقوم كان من المفترض ان أكون سيدهم ..

و الان انا خادما لأجل ما اطمح اليه ..!؟.. اختلفت الأسباب و لا زلت خادما يا زكريا .. لا بأس ..
صبرا جميل .. و الله المستعان ..
هتف الضابط في حنق مقاطعا زكريا عندما طال شروده:- خير.. الباشا عنده اعتراض و لا حاجة ..!!..
هتف زكريا :- لاه يا باشا .. حاضر .. و جذب الدلو و الخرقة و اتجه ليبدأ مهمته من حيث أشار عليه احد العساكر و قد حزم أمره بانها ستكون المرة الأخيرة التي ينكس فيها رأسه .. مهما كان ...

هتف الحاج مهران بسعادة وهو يطالع زهرة تدلف من باب حجرته كعادتها كل صباح .. تلقى عليه التحية و تأنس بمصاحبته التي تسعدها بقدر ما تسعده و تهون عليه يومه :- اهلا بالجمر .. مرت ولدى الغالى ..
ابتسمت زهرة في حبور وهى تقترب من العجوز الذى تجله وتحترمه بحق فتنحنى لتقبل كفه في مودة :- ازيك يا عمى .. اخبار صحتك ايه النهاردة ..!؟..
ابتسم العجوز :- زى البمب .. احسن منيكى ..

قهقهت زهرة لدعابته ليستطرد في فرحة :- بالكِ يا مرت ولدى .. لو مكنتيش جيتى كنت شيعت لك حد يجيبك لحدى ..
-هو انا اقدر اتأخر عنك يا عمى .. ده النهار ميبقاش ليه طعم و لا يبقى فيه بركة من غير ما أعدى عليك الصبح و اقعد معاك و اخد منك بركة اليوم كله ..
ربت العجوز على كفها القريب من كفه في امتنان وهو يشير اليها لتقترب وكأنه على وشك اطلاعها على سر خطير ..
همس في مشاكسة ذكرتها بعاصم فابتسمت رغما عنها وهو يقول :- انا عاوز حلاوة البشارة ..

انتبهت متسائلة في همس تقلده مازحة :- بشارة ايه يا حاج !؟..
ابتعد ناظرا اليها صامتا لحظات مشعلا فضولها وهو يقول :- بشارة الذرية الصالحة بإذن الله ..
انتبهت الان بكل حواسها و قد استطاع جذب انتباهها كليا لتردد خلفه بألية :- الذرية الصالحة .!؟.
هتف مؤكدا بين نوبات سعاله :- معلوم ..

نظرت متسائلة دون ان تنبس بحرف واحد ليستطرد هو في جزل :- عشية(مساءً) شفت لكم رؤية .. الله اكبر.. حاچة تفرح بصحيح ..
اندفعت في حماس :- شفت ايه يا عمى..!!؟. .. قووول ..
ضحك العجوز لحماسها وهتف مشاكساً :- هو ببلاش كِده.. لاه .. دى الحلاوة كَبيييرة ...
هتفت مؤكدة :- عنايا ليك يا عمى .. بس قووول ..

-طاجن عكاوي و كوارع من يدكِ .. هااا .. ايه جولك ِ.. انى حاسس انى لو كلتهم هجوم ارمح رمح ..
قهقهت :- يا سلام .. انت تأمر .. بس يا رب عاصم ميشمش خبر او الحاجة فضيلة تدرا.. ساعتها مش هلحق اخلف العيال اللى بتبشرنى بيهم دوول ..
كان دور الحاج مهران ليقهقه ساعلا وهو يقول :- حد يجدر يجرب لِك و انا موچود .. !!؟.. انتِ في حمايتى .. متجلجيش ..

ابتسمت في سعادة لمحبته الخالصة التي تشعها كلماته وأخيرا همس بعد ان هدأت نوبة سعاله :- بصى يا ستى .. خير اللهم اجعله خير يا رب .. جال شوفتك واجفة تايهة في وسط ارضنا بتتلفتى يمينك و شمالك كن في حاچة ضايعة منيكى و مش لجياها .. و فچأة ظهرت واحدة عچوزة جربت منيكى و طبطبت على كتفك فانتبهتيلها راحت فتحت كفوفك التنين و حطت ف كفك اليمين بذرة .. و ف كفك الشمال بذرة ..وجفلت كل كف على اللى فيه و غابت ..

اتلفتى انتِ ملجتيهاش .. بس لجيتى عاصم جاى على فرسه .. حكيتيله الحكاية راح واخدك على الچهة الچبلية من ارضنا اللى بينا و بين ارض ابوكى و عمك .. و راح ذارع وياكى البذرتين و يا دوب بتتلفتوا عشان تمشوا لجيتوا البذرتين طرحوا .. البذرة الأولانية طرحت شچرتين من اصل واحد .. و البذرة التانية طرحت شچرة اجصر شوية بس كانت فيها ميلة خفيفة ..

صمت الحاج مهران يلتقط أنفاسه وهى تتطلع اليه مبهورة .. و أخيرا همست متسائلة :- و ده تفسيره ايه يا عمى .. ربنا هايرزقنا باولاد باذنه ..!!؟..
أكد العجوز في يقين :- باذن الله يا بتى .. هايرزجكم بتلت عيال الله اكبر .. ربنا يطول في عمرى و يهنينى بشوفتهم ..
همست هي في وجل :- اللهم امين يا عمى .. اللهم امين .

هتف الحاج وهيب امام الضابط باستجداء:- معلش يا باشا .. مش هاتتكرر منه تانى .. انا هضمنه..
ده واد غلبان من بلدنا .. جى ياكل عيش ..
هتف الضابط :- جى ياكل عيش ولا يشتغل لى بلطجى .. لا وجى يعمل فتوة على مين .. على السمرى !!؟.. ده وقعته سودا ..
ربنا يستر و يعرف أصلا يقعد في الحارة دى .. شكل السمرى حطه في دماغه ..

كان زكريا يقف ساكنا لا ينبس بحرف و الحاج وهيب يستعطف الضابط السمج لفك حبسه .. خاصة و ان الشاويش رمضان غير متواجد في القسم منذ عاد اليه للمرة الثانية بعد شجاره مع سمرى و عرف انه في مأمورية لعدة أيام ..
هتف الحاج وهيب من جديد:- خلاص يا باشا سماح .. هو مش هيعدها تانى .. كان غريب .. و الغريب اعمى و لو كان بصير ..

تنهد الضابط بنفاذ صبر وهو ينظر لزكريا شذرا ثم قال أخيرا :- خلاص يا حاج وهيب .. هسيبه .. بس على ضمانتك .. مش عايز قلق تانى .. احنا مش ناقصين ..
هتف الحاج وهيب في حماس :- انت تأمر يا باشا ..

دفع الضابط بهوية زكريا على طرف مكتبه ليتناولها زكريا في هدوء .. و يضمنه الحاج وهيب و يرحلا معا خارج القسم .. الذى تمنى زكريا من صميم قلبه ان لايعاود دخوله ابدا .. لاى سبب كان .. و تمنى ان تستجاب دعوته هذه المرة .. و هو يسير بجوار الحاج وهيب في طريقهما للحارة .. ليخطو خطوة جديدة في مشواره .

ابتسم عاصم في حبور .. فهى المرة الثانية التي يصطحب فيها زهرة للاسطبل بعد المرة التي اخذها فيها على صهوة عزيزة ..
كان ذلك بناء على طلبها.. وكان يرغب بصدق أن يُدخل السرور على قلبها فلم يرفض طلبها باصطحابه أياها للاسطبل لرؤية عزيزة، ومهرتها زهرة التي كبرت، لتضاهي أمها جمالا وفتنة..

وصلا لمربط المهرة الجميلة التي اندفعت تصهل اول ما طالعتها ..
رفرف قلب زهرة فرحا لمرأها .. و بدأت في إطعامها قطع السكر في سخاء .. و أخيرا .. وجدت عاصم انضم اليها ليهمس لها في محبة :- فاكرة .!!.. و أشار لعزيزة مذكرا أياها برحلتهما على صهوتها و التي لا يمكن نسيانها .. فمنذ تلك الرحلة وهى قد ايقنت كم تهوى ذاك الرجل الذى تضرب أنفاسه الحارة الان جانب وجهها ..فيثير فيها مشاعر شتى ..

رفعت نظراتها اليه وهمست :- و دى حاجة تتنسى يا عاصم .. يومها .. عرفت انى مخلوقة عشانك .. و لأول مرة وانا على ضهر الفرسة .. قريبة من قلبك .. قلبى وعقلى يتفقوا .. انهم ملكك ..
ابتسم في سعادة لاعترافها الذى يزيده شوقاً لقربها :- طيب .. و ايه رايك .. نعيدها ..

لمعت نظراتها :- صحيح يا عاصم ..!!.. وصفقت بكلتا يديها فرحا كالأطفال .. مما دفع الضحكات لشفتيه ..فجذبها من كفها في حماسة .. و أسرج عزيزة .. و قربها منه ليدفعها لأعلى الفرس لتستقر فوق السرج .. و يعود ليفك لجام عزيزة و يضبطه.. و يتأكد من جديد على متانة السرج و ثباته .. و ما ان هم بالقفز ليحتل مكانه خلفها حتى هتفت هي في صوت مضطرب متقطع :- ألحقنى يا عاصم ..

اندفع اليها .. لا يدرى ماذا يحدث حتى وجدها تسقط فاقدة الوعى بين ذراعيه ..
ليصرخ مناديا باسمها و لكن .. كانت هي في عالم اخر ..

جلس زكريا متململا منكس الرأس منذ دخل بيت الحاج وهيب .. خاصة في وجود ابنته و زوجته .. و التي كانت كل منهما
تروح وتجئ في نشاط محموم منذ ان وطأت قدمه ارض المنزل ..

اندفعت احداهما و التي لم يدرك انها ابنته .. تلك التي وقفت في وجه السمرى الا عندما اقتربت و بدأت تضمد جراحه فانتفض فزعا .. يرفع وجهه لتتلاقى نظراتهما فيخفضه من جديد مؤكدا في إصرار وهو يتناول منها المطهر و القطن الطبي :- عَنِك .. انى أجدر أطيب حالى تركت له المطهر و القطن و تعجبت وهى تجلس في احد الأركان تتطلع لذاك الرجل الذى لم يتطلع اليها ولو للحظات وهى تلك الجميلة التي تشرأب الاعناق لمرأها متى ما وضعت اقدامها خارج منزل ابيها ..

كانت لاتزل تراقبه حتى انتهى من تطهير جراحه ..فهتفت في امتنان :- و الله الواحد مكسوف منك يا سى زكريا .. مش عارفين نتشكر لك ازاى ..!؟.. لولاك .. كان سمرى الضلالى جاب الدكان فوقانى تحتانى .. وكان بهدلنا في قلب الحارة ..
رد زكريا في احراج :- مفيش شكر و لا حاچة .. دى حاچة بسيطة .. ربنا يكفينا شره .

هتفت نعمة وهى تضع أطباق الطعام على الطبلية :- امين يا خويا .. لحسن ده راجل شرانى و نابه ازرق ..
نهض زكريا في اضطراب هامساً للحاج وهيب :- مش هتورينى أوضتى فين يا حاچ..!؟
هتف الحاج وهيب في صدمة :- هو حد قالك علينا بُخلة و لا ايه.!؟ .. منتش متعتع من هنا الا لما تتغدى معانا ..
هتف زكريا :- اعفينى يا حاچ .. بالهنا و الشفا عليكم ..

هتفت بدور في عزم :- برضة يا سى زكريا..!؟ .. ترفض يكون بينا عيش و ملح ..
صمت وهو منكس الرأس و لم يستطع التعقيب فهتف الحاج وهيب في سعادة :- غلبتك بدور ..ياللاه .. تعالى كل معانا لقمة .. يبقى عيش وملح .. قبل ما تطلع اوضتك تستريح ..
جلس زكريا في هدوء و بدأ الجميع في تناول الطعام مرحبين به بينهم ..

اندفع الخفير سعيد مستدعيا الطبيب ما ان صرخ فيه عاصم أمرا بذلك و هو يحمل زهرة مندفعا لداخل السراىّ صاعداً الدرج في عجالة .. و اندفعت خلفه الحاجة فضيلة التي ما ان شاهدت ولدها يحمل زهرة فاقدة الوعى بين ذراعيه حتى صرخت في هلع و اندفعت تصعد الدرج خلفه ..
و ضعها عاصم على الفراش لاهثا في ذعر حقيقى عليها .. ينادى باسمها في وجل محاولا أفاقتها .. و الربت على وجنتيها لعلها تستجيب لنداءه ..

اندفعت الحاجة فضيلة تهتف في لوعة :- ايه اللى حُصل يا عاصم !!؟.. ما انتوا خارجين زينين ..
اندفع عاصم لطاولة الزينة يضع بعض العطر على كف يده و يعود ليقربه من انفها وهو يرد في نفاذ صبر :- معرفش يا حاچة .. معرفش .. فچأة لجيتها وجعت من طولها فجيت بيها چرى على هنا ..

قرب عاصم كفه المعطر من انفاس زهرة التي أخيرا استجابت لتهمهم في وهن محركة رأسها ذات اليمين و ذات الشمال ببطء فتنفس عاصم الصعداء .. في نفس اللحظة التي وصل فيها الطبيب على باب الحجرة طالبا الإذن بالدخول ..

دخل ليفحص زهرة ..لينسل عاصم مبتعداً .. تاركاً امه تباشر مهامها و ينفس هو في توتر حتى انه لم يستطع مداراة قلقه و حنقه في ذات الوقت فاندفع يزرع الردهة الطويلة خارجا .. ذهابا و إيابا .. حتى انفرج الباب أخيرا على خروج الطبيب مصحوبا باندفاع مفاجئ لزغاريد امه الحاجة فضيلة ..

وقف كالمشدوه لا يعلم ما يحدث ..حتى ابتسم الطبيب وهتف مشاكساً :- اهى زغاريد الحاجة قالت كل حاجة ..الف مبروك يا عاصم بيه .. الهوارى الجديد في السكة ..
تسمر عاصم للحظات محملقا في الطبيب الذى اتسعت ابتسامته و نقل نظراته لامه التي أومأت برأسها تأكيدا على ما قاله الطبيب لتوه ليهتف عاصم أخيرا :- إنت متأكد يا داكتور.!؟

قهقه الطبيب :- و الله .. على حسب معلوماتى الطبية المتواضعة ..اه .. متأكد ..
هتف عاصم معتذرا :- العفو يا داكتور .. متأخذنيش .. مجصدش ربت الطبيب بمحبة على ذراع عاصم هاتفاً :- و لا يهمك .. بس لازم دلوقتى أاكد على حاجتين .. الراحة التامة للمدام .. لان الحمل ضعيف و لسه في الاول.. ثانيا .. التغذية الكويسة لحد لما تقدر تتابع مع دكتور متخصص ..

هز عاصم رأسه مؤكدا وهو يصحب الطبيب مودعاً أياه للخارج ..ثم عاود صعوده لحجرته لتتركه امه مندفعة في حماسة لتغذية ام حفيدها المنتظر
دخل عاصم الغرفة و أغلق بابها خلفه في اضطراب واقترب من زهرة المسجاة على الفراش في وداعة و انحنى مملسا على شعرها في محبة .. ثم قبل جبينها في وجل .. فتحت عينيها لتطالع محياه المشدوه فأبتسمت في سعادة وهى تمد كفها تلتقط كفه و تضعه على بطنها هامسة :- مبروك يا أبو مهران..

ارتجفت كفه تحت كفها و فجأة وجدته يلقى برأسه على صدرها و كأنه صدق أخيرا النبأ السعيد ضمت رأسه لصدرها أكثر تذرعه بين اضلعها و تستنشق رائحة روحه علها ترزق بطفل يشبهه كثيرا كما تمنت ..
و تذكرت رؤيا الحاج مهران فابتسمت و هي تقبل جبينه هامسة:- مبسوط يابو مهران وسندس ..
همس من بين أحضانها :- مبسوط دى كلمة جليلة يا زهرة و رفع رأسه قليلا ليقابل عينيها وهو يهمس في صدق :- انا لو أطول احط الدنيا كلها تحت رجليكى دلوجت .. أجيبها لجل عيونك ..

دمعت عيناها حبورا .. و تساقطت دموع الفرح على خديها وهى تقول :- انا مش عايزة حاجة غير انك تروح تبشر عمى ان رؤيته صدقت ..
مد كفيه ليمسح دمعاتها و ينهض مقبلاً أياها ثم يندفع ليبشر الحاج مهران .. ان مهران الصغير سوف يقبع صارخاً بين ذراعيه في غضون تسعة أشهر على الأكثر...

تناول الحاج وهيب كوب الشاي الذى أعدته ابنته فى عجالة قبل ان تصعد هي و نعمة زوجته لترتيب حجرة زكريا قبل ان يتسلمها ليهتف الحاج وهيب ممتنا :-ربنا يبارك لك يا بنى .. انا لسه كنت بقول ازاى واحد لا نعرفه و لا يعرفنا يقف يدافع عنا كده ..!؟..ده محدش من اهل الحارة ادخل .. كله خايف من السمرى و رجلته ..

هتف زكريا متعجباً :- كيف ابجى راچل و واجف و شايفه بيمد يده على حرمة و مجفلوش ..!!..
هتف الحاج وهيب معجبا :- راجل و سيد الرجالة يا بنى .. ربنا يخليك و يبارك لك .. اصل انت متعرفش سمرى ده عامل فينا ايه ..!؟.. من ساعة ما بدور بنتى اترملت و هو حاططها في دماغه و جه أتقدم لها فعلا بس بعد ما طلع عنينا قلة ادب و حاول معاها كذا مرة و لما لقى ان ملهاش سكة الا الحلال جه يتقدم لها و يطلب ايدها .. بس طبعا بدور مقبلتش بيه و انا مقدرتش اضغط عليها .. كفاية مرة واحدة و اللى حصل من وراها ..

صمت الحاج وهيب و استطرد عندما لم يعقب زكريا لكنه لمح شبح فضول يحوم على ملامح وجهه :- انا ضغطت عليها مرة و كنت فاكر انى بعمل الصح ..
أكد زكريا :- اكيد يا حاچ انت ابوها يعنى في الأول و في الاخر عايز مُصلحتها ..

هتف الحاج وهيب في لهفة كانما جاء كلام زكريا على وتره الحساس :- ايوه يا بنى .. و الله كنت عايز مصلحتها و كنت عايزها تبقى في عصمة راجل يحميها و يحافظ عليها لانها مطمع و انا مش عايش لها العمر كله .. لكن الراجل الكبير اللى غصبتها تتجوزه عشان يحميها هو اول واحد بهدلها و عيشها في عذاب و قلة قيمة .. خمس سنين يا بنى عاشتهم في بيته خدامه ليه و لولاده مشفتش فيهم الراحة و لما مات.. عياله رموها بالهدمة اللى عليها بعد ما مضوها على تنازل عن كل ورثها من ابوهم و رجعت لى بعد ما ضاع من عمرها خمس سنين بسببى..

بعد كده مقدرش اغصب عليها في اى حاجة كفاية اللى شافته .. حتى الرجالة اللى كانوا بيتقدمولها بعد ما موت جوزها من سنتين كانوا بيطفشوا اول ما يعرفوا ان سمرى حاططها في دماغه بيقصروا الشر و يبعدوا عنها .. منه لله سمرى موقف حالها و هي مش راضية بيه و عندها حق .. يعنى بعد اللى شافته مع جوزها الله يرحمه وولاده .. يبقى اخرتها مع سمرى .. ده حتى ميرضيش ربنا ..

قطع كلام الحاج وهيب دخول بدور و نعمة و كلتاهما تلتقط أنفاسها في تتابع مرهق مما دفع زكريا ليرفع رأسه منتبها ليتطلع الي بدور للمرة الأولى .. هي بالفعل جميلة الطلّة .. مريحة القسمات.. وجهها طفولى النظرات لا ينقصه الأنوثة حتى ان لطخات الغبار التي تعتلى الان احدى وجنتيها و جبينها لم تستطع إخفاء ملامح الجمال .. و لا ذاك اللون القرمزي الذى اعتلى وجنتيها خجلاً عندما لاحظت تفرَّس زكريا بها للمرة الأولى ..

انتبه هو لتلك النظرات التي ألقاها بلا إرادة منه فتنحنح في احراج و نهض منتفضاً و هو يهتف :- طب استئذنك يا حاچ .. اطلع اوضتى و اسيبك تستريح ..
هتفت بدور :- خلينا الاوضة بقت عروسة .. يا رب تبقى عتبة السعد عليك ..
اخفض زكريا نظراته كالعادة وهو يهمس بإحراج وهو يمر بجوارهن مغادراً الغرفة:- تعبناكم ..

همست بخجل :- تعبك راحة يا سى زكريا ..
غادر صاعداً مع ابيها الذى اصر على اصطحابه للغرفة ليتأكد بنفسه انها لا ينقصها اى شيء .. غادر و ترك ابتسامة خجلى على وجه طفولى ملطخ بالغبار ..

اندفعت سهام لداخل السراىّ و هي تحمل صغيرها باسل على كتفيها في فرحة مهللة :- الله اكبر .. الله اكبر .. ثم أطلقت زغرودة مدوية جذبت اليها كل من بالسراىّ ..

ظهرت الحاجة فضيلة من داخل مقعدها الصيفى في القاعة البحرية و هي تقهقه على أفعال ابنتها و ما ان طالعتها ابنتها حتى اندفعت اليها في حبور تقبل وجنتيها :- مبروووك يا ام عاصم .. والله و اتحجج المراد .. ربنا يجوم زهرة بالسلامة ..

ابتسمت الحاجة فضيلة لابنتها :- يااارب يا بتى يتمم لها بخير .. انت مشفتيش عاصم اخوكى كانت فرحته كيف لما عرف .. و ازدادت ابتسامة الحاجة فضيلة اتساعا و هي تتذكر رد فعل ابنها عندما ابلغه الطبيب بحمل زهرة .. و استطردت هامسة .. ده كان هيمسك السما بيديه من الفرحة ..

لتنفجر كلتاهما ضاحكتين و هما في طريقهما للأعلى حيث حجرة زهرة ..و التي وصلتها سهام لتدخل في اندفاع بعد عدة طرقات متسرعة .. و اندفعت لزهرة التي كانت متكئة على الوسائد خلف ظهرها ..
ابتسمت زهرة في سعادة ما ان طالعتها سهام باندفاعها المعهود و نثرت القبلات على خديها و هي تهتف :- مبرووك يا مرت خوى ربنا يتمم لك بخير يا رب .. بصى بجى .. انت تخاوى باسل الأول .. و بعديها على طووول تجيبيله عروسة .. انا بجولك اهو ..

انفجرت كل من الحاجة فضيلة و زهرة ضاحكتين على تحكمات سهام الغير منطقية و ردت عليها الحاجة فضيلة :- طب و افرض جابت العروسة الأول .. هتعملى ايه يعنى ..!؟.. مش تجولى الحمد لله .. كل اللى يجيبه ربنا كويس بس ياجى على خير و هي تجوم بالسلامة ..
هتفت سهام :- دايما كده كلامك ميتردش يا حاجة .. صدجتى و الله ..

كان دور زهرة لتهتف ضاحكة :- طيب و ايه قولكم في اللى يجيب الاتنين سوا .. !!؟..
تنبهت كل منهما لها و فغرت كلتاهما فاها غير مصدقات لظنهما و استنتاجهما .. لتزداد قهقهات زهرة و هي تومئ برأسها إيجابا كانما تؤكد لهما صحة ظنهما..

و كانت سهام اول من هتف :- جصدك تجولى انك حامل في توأم يعنى ..!؟..
أكدت بأيماءة من رأسها و قالت في سعادة :- لما رحنا للدكتور أكد انهم توأم .. لسه معرفش النوع ايه .. لكن قال انهم اتنين .. و ازدادت ابتسامتها اتساعا ..
همت سهام بإطلاق زغرودة جديدة الا ان الحاجة فضيلة أسرعت باغلاق فمها محذرة :- اياكى ..
هتفت سهام في حنق :- ليه ياما خلينا نفرح .. و توجهت لزهرة مازحة .. كده الهوارية هايبجوا سابجين بخطوة .. تاريكى مش سهلة يا زهرة .. دكنتي و بتجيبى بالچوز ..

انفجرت زهرة ضاحكة و الحاجة فضيلة تخمس في وجه ابنتها .. وتهتف مؤكدة :- اااها شفتى .. عشان كِده معيزاش حد يعرف .. خلى حبلها يعدى و يكمل على خير يا بتى .. الناس مبتسيبش حد في حاله .. و العين حج ربنا يكفينا شر المستخبى ..
ابتسمت سهام لامها مؤكدة :- عِندك حج يا حاچة .. و انت خلى بالك على حالك بجى يا زهرة .. و تفرحى بشوفيتهم يا رب ..

هتفت زهرة في تمنى :- ياارب يا سهام .. اهو الدكتور طلب الراحة التامة و اديكى شايفة مش بتحرك من مكانى تقريبا .. قالت كلماتها الأخيرة في شبه امتعاض ..
فهتفت سهام :- لاااه .. انت لحجتى تزهجى..!؟.. .. لسه بدرى و المشوار لساته طوويل ..

بصى .. انا يوماتى هتلاجينى عِندك اسليكى انا واد المچنونة دِه .. و اشارت لولدها الذى تركته يحبو مبتعداً عنهما في اتجاه الطاولة البعيدة في الجانب الاخر من الغرفة و قد جذبه غطاءها ذى الألوان الزاهية .. انفجرت زهرة و الحاجة فضيلة ضاحكتين لتعليق سهام و اجتذب باسل انظارهن و هو يحاول التماسك لينهض ثم يسقط فجأة في وضع الجلوس و ينفجر ضاحكاً مجاريا لضحكاتهن ليحبو من جديد معاوداً اندفاعه في اتجاه الألوان الزاهية لغطاء الطاولة البعيدة..

جال زكريا ببصره في الغرفة بعد ان أغلق بابها خلف الحاج وهيب.
كانت غرفة متواضعة تم تنظيفها بمهارة لتصبح على قدر الإمكان قابلة للسكنى .. سرير معدنى صغير بالكاد سيكفيه ممددا و كرسى خشبى عليه شلت منجدة منذ زمن بعيد .. و موقد افقى و طاولة خشبية تترنح قليلا اذا ما استند عليها .. و عدة مسامير بالحائط لتعليق ملابسه عليها و مرآة على احد الحوائط فقدت بعض من بريقها .. و أخيرا نافذة خشبية تفتح على سطح المنزل الواسع و الذى يمتلئ بأحبال مختلفة الأطوال ممتدة من احد الجوانب للجانب الاخر بغرض نشر الملابس المغسولة عليها ..

تنهد زكريا في راحة و اندفع يتمدد على الفراش متأوها فقد كانت كل عضلة من عضلات جسده تأن ألماً و رغبة في الراحة بعد ما مر به منذ وصل القاهرة .
راح فكره يأخذه في نواح شتى وتذكر كل التفاصيل و الحكايات التي مر بها .. و أخيرا و دون ان يشعر تسلل الكرى لجفونه ..
و كأن تمدده ذاك كان كفيلا بان يدفعه دفعا ليغرق في نوم عميق من اثر التعب و الإرهاق ..

هتف عاصم مازحاً وهو يندفع لحجرة نومه ليرى زهرة ممددة على الفراش كعادتها منذ اكتشاف حملها :- الچميل عامل ايه النهاردة ..!؟..
انفرجت اسارير زهرة لمرأه لتهتف بحبور :- الحمد لله .. اهو واخدة وضع التمثال لحد ما ربنا يفك اسرى ..
انفجر ضاحكاً :- معلش .. كله يهون ..بصى انا جبت لكِ ايه .!؟

واندفع ليخرج عدة روايات من حقيبة بلاستيكية كانت بحوزته عند دخوله و اندفع ليجلس بجوارها مادا كفه بهم هاتفاً :- شوفى .. روايات من النوع اللى بتحبيه .. عشان تتسلى بيهم و متحسيش بالوجت و متبجيش مضايجة ..
تناولت الروايات في فرحة تقلب فيهم و هي سعيدة لأهتمامه و فجأة جذب انتباهها بضحكاته و هو يهمس :- روايات عشج و مسخرة ..

لتنفجر زهرة مقهقهة على تعليقه الذى يذكرها برأيه فيما كانت تقرأ في السابق .. و استطرد من بين قهقهاته هاتفاً :- الراچل بتاع المكتبة اول ما شفهم في يدى .. بجى يطلع لى شوية و بعدين يرچع يجلب في الروايات .. مش مصدج ..
و عاود عاصم قهقهاته التي تلاحمت مع قهقهاتها بدورها لتهمس أخيرا :- مش مصدق ايه بس ..!؟.. ده انت العشق كله يا عصومى ..

تحشرج صوت عاصم تأثرا و هو ينظر لعمق عينيها و أخيرا يتنحنح هاتفاً :- طب اجوم انا عشان لو جعدت اكتر من كِده همثل لك رواية من دوول و الدكتور جال مفيش روايات عشان صحتكِ انفجرت ضاحكة وهو يندفع خارجا من الغرفة متحسرا.

وقف زكريا امام الهاتف العمومى يضغط على اذراره في تركيز و ينتظر في وجل ان يُرفع الهاتف على الجانب الاخر .. و أخيرا و قبل ان يغلق الخط حانقاً جاءه صوت امه لاهثاً :- ألو .. ألوو..
هتف زكريا بشوق :- ألو .. كيفك ياما ..
هتفت بخيتة :- زكريا يا ولدى كيفك ..!؟.. غيبت و جلت عدولى
مش تطمنى عليك .. !!..

هتف زكريا :- انا بخير يا حاچة متجلجيش و سكنت عند ناس طيبين و كل حاچة تمام ..
قالت بخيتة :- الحمد و الشكر ليك يا رب .. طب و اشتغلت ..!!؟؟
قال :- لاه .. لسه هدور على شغل باذن الله .. دعواتكِ ..
قالت بخيتة متلهفة :- انا مجلتلكش صحيح ..!؟.. مش مرت اخوك ولدت و ربنا رزج بواد الله اكبر ..

هتف زكريا في حبور :- الله اكبر .. حمدالله على سلامتهم .. خلى بالك منهم ياما ..
هتفت بخيتة :- في عنايا يا ولدى بحج الله .. البنية مجصرت معايا من ساعة ما دخلت الدار وهى شيلانى على كفوف الراحة و بعد ما ولدت حلفت ما حد يسمى ولدها غيرك ..
هتف زكريا مندهشا :- انى ..!!؟..

أكدت بحيتة :- اه ..انت .. ومستنياك تسميه ..
صمت زكريا للحظات و أخيرا هتف في هدوء :- سميه حمزة .. حمزة ياما .. عايزه أسد يعرف يدافع عن حجه و يجيبه من حنك السبع
هتف صوت كسبانة على الجهة المقابلة :- يبجى حمزة يا سى زكريا ..
كانت قد تناولت الهاتف من بخيتة عند علمها بان المتصل زكريا لتخبره بوضعها ..

تنحنح زكريا محرجا :- كيفكِ يا مرت اخوى .. زينة !؟؟..
هتفت كسبانة :- بالف خير طول ما انت بخير يا سى زكريا و حمزة بخير و بيجلى سلميلى على عمى ..
ابتسم زكريا في حبور وهتف :- ربنا يبارك فيه .. و يبجى راچلك و عزوتك .. مرت اخوى ..!؟.. لو احتچتوا اى حاچة .. مهما كانت .. عليكى وعلى عاصم واد عمى .. هو هيتكفل بكل حاچة .. خلااص .. !!؟..

هتفت في تأكيد :- حاضر يا سى زكريا .. هو عاصم بيه مش سايبنا و على طول بيطل علينا و مش مخلينا ناجصنا حاچة .. البركة فيكم ..
هتف زكريا :- طب الحمد لله ..
همست كسبانة :- الحمد لله ..
وتناولت بخيتة من كفها سماعة الهاتف و بدأت في محادثة ولدها لدقيقة او اكثر ثم أغلقت الخط و هي تبكى حسرة على بعاده الذى كانت تعتقد انه انتهى أخيرا ..

كان يمكنها البقاء معه في القاهرة في شقتها التي كان يتولى دفع إيجارها ناجى التهامى والد زهرة لكنها كانت تعلم انه لن يرضى بذلك .. فهو لن يقبل ان يظل في شقة لا يدفع هو ثمن إيجارها و لا يستطيع أيضا ان يدفعه من ماله الذى يكسبه بشق الانفس بعد ان قرر و بلا رجعة الا يمس المال الذى اصبح من نصيبه من ميراث ابيه و الذى أعاده اليه عاصم من براثن سليم و كان السبب في الشقاق بينهما لو تعلم ان بقاءها معه سيكون له جدوى ما تأخرت عن اللحاق به لكنها تعلم ان وجودها سيكون حجر عثرة في طريق اختاره لنفسه حتى يحقق ما يريح قلبه و يعيد له كرامته الضائعة ..

خرجت بخيتة من شرودها على بكاء حمزة صارخاً من الحجرة المجاورة .. و تطلعت الى كسبانة و هي تندفع لوليدها و ما هي الا لحظات حتى عادت به لمجلسها تحتضنه لصدرها فيهدأ الصغير في وداعة ليأتيها صوت كسبانة هامسة ومداعبة طفلها :- حمزة ..عمك اختارهولك .. جال عشان تبجى أسد و تچيب حچك من حنك السبع .. تبجى راچلى و سندى ..سمعنى يا حمزة ..!!؟..

دمعت عينا بخيتة و هي ترى في كسبانة أيام ماضية ولت .. ترى فيها نفسها و كأنها تقف امام مرأة تعكس ألم روحها و عذابات ماضيها و صورة مصغرة منها وهى تحمل زكريا و تهمس في أذنيه بنفس الكلمات و لكن هل تأتى رياح الأيام بما شتهيه سفن النفس..!!؟.. تمنت ذلك من صميم قلبها .. وهى تبتسم لمداعبات كسبانة لولدها .. حمزة ..

جلست بدور على مقعدها المفضل بجوار تلك النافذة المطلة على الحارة و هي تحكم شالها الصوفي حول كتفيها مستمدة منه الدفء و تحتضن كوبا من الشاي الساخن بين كفيها ليطالها المزيد من سخونته فى ذاك الجو البارد الذى ينذر بهطول الأمطار التي بدأت تسقط بالفعل أولى زخاتها على النافذة أمامها مما جعلها تتذمر لانها بدأت تحجب الرؤية أمامها و رغم ذلك استطاعت تمييز ذاك الشبح ذو الجلباب الذى خرج يجرى من مدخل بيتهم حتى مدخل الحارة محاولا الاحتماء من الأمطار و التي زادت وتيرة هطولها .. و فجأة انتفضت عندما ادركت انها نسيت ما امرها به ابوها بعد ان عاين غرفة زكريا بالأعلى..

لقد أكد عليها ان تُخرج له بعض الأغطية و البطاطين الصوفية ليستخدمهم في هذا البرد القارص .. كيف لها ان تنسى ذلك ..!؟..
نهضت على عجالة و توجهت للغرفة تجذب الأغطية من فوق خزانة الملابس ..
ضمت الأغطية لصدرها و توجهت للباب لتطالعها نعمة هاتفة :- على فين العزم بالبطاطين دى ..!؟..

ردت بدور :- للراجل الغلبان اللى نسيناه فوق من غير غطا في البرد ده .. مش ابويا منبه علينا.. ازاى نسينا نطلعهم .. انا هروح أحطهم فى الاوضة .. هو مش موجود .. لسه شيفاه خارج ..
هتفت نعمة مستنكرة :- هاتطلعى في المطرة دى ..!؟.. ده أنتِ عقبال ما توصلى باب الاوضة هتكونى غرقتى ..
اكدت بدور :- معلش ... هلحق نفسى بس منسبش الراجل كِده .. دى غلطتنا ..
و اندفعت لخارج الشقة و منها للأعلى حيث غرفة زكريا ..

بالفعل حدث ما توقعته نعمة فقد تبللت بكاملها ما ان وصلت لباب الغرفة و فتحتها لتدخل .. وضعت البطاطين على الفراش و التي حمدت ربها انها لاتزل جافة في غلافها البلاستيكي و أخذت تحاول نفض المياه عن شالها الصوفي و منديلها الذى تعقف به شعرها ..قبل ان تندفع من جديد في مغامرة العودة للأسفل ..

فكت منديل شعرها و بدأت في نفضه بالفعل و اندفعت تخرج من باب الحجرة تحاول رفع الشال على رأسها اتقاءا لمزيد من البلل .. تجرى منكسة الرأس تحاول ان لا تنزلق قدمها في بركة المياه التي صنعها المطر على ارض السطح الاسمنتية .. و لكن ..
في اثناء اندفاعها .. كان في المقابل يندفع احدهما في الاتجاه المعاكس لها داخلا للسطح يحاول بدوره الاحتماء من المطر ..

صدمة شديدة نتيجة الاندفاع هي كل ما حصل عليه كلاهما .. حاول هو قدر استطاعته التمسك بها حتى لا تسقط لكنه لم يفلح .. بل الأدهى .. انه سقط معها..
سقوط مدوى .. ورذاذ ماء ينتشر من كل مكان .. زخات من مطر و رذاذ من بركة المياه بالأسفل منهما و التي سقطا فيها ..
استفاق كلاهما من الصدمة و نظر كل منهما للاخر في ذهول ..

كانت هي اول من نهض .. و لا تعرف ما الذى دفعها لتجذب الشال على جسدها .. ذاك الشال المبلل بل الذى شبع بللا و اصبح عبء عليها بكمية المياه التي تشربها نسيجه ..تصرف احمق .. هي شعرت بذلك و لكنها كانت في حاجة للحماية أو الشعور بالأمان ففعلت ما اشعرها بذاك الإحساس حتى ولو كذبا ..

نظرت اليه من جديد قبل ان تندفع للأسفل لتجده ينهض من بركة المياه و قبل ان يصل لغرفته يستدير لينظر اليها .. و قد شعر انه عندما اصطدم بها .. قد تبدل فيه شيء ما.. شيء لا يدرك كنهه و لكنه شعر ببعض الفقد .. و كأنه افتقد ذاك المجهول الذى لا يعرفه و يشعر بأنها استولت عليه عندما ذهبت و غادرته الان ..

تسلل عاصم على اطراف أصابعه وهو يدلف لحجرته .. بدأت أشهر الوحم بالنسبة لزهرة و ما ان تراه حتى تهتف به طالبة شيء عجيب يليه شيء اعجب .. بالكاد يستطيع السيطرة على أعصابه التي بدأت تنهار من طلباتها التي لا تنتهى و التي لا تُعقل من الأساس ..

تقدم قليلا في ثبات باتجاه الفراش يحاول ان يكون حريصا قدر الإمكان على عدم إيقاظها فهو بالكاد يستطيع فتح جفونه من كثرة التعب و كل ما يطلبه الان هو القليل من النوم و الراحة بعيدا عن الطلبات الغريبة في منتصف الليل ..

خلع نعليه بالفعل و بدأ في تبديل جلبابه حتى انه أجّل حمامه للصباح و بدأ يتسلل للفراش و فجأة .. استيقظت زهرة تتطلع حولها في تعجب و انفها الحساس للروائح تلك الفترة اصبح كقرون استشعار مرهفة .. رفعت جزعها عن الفراش و استدارت لتجد عاصم بجوارها يتظاهر بالنوم
لحظات و بدأت معدتها تمور و انتفضت تحاول اللحاق للدخول للحمام لتفرغ ما بها ..

عادت وقد نهض عاصم مشفقا عليها يتبعها حتى اذا ما وصل اليها كانت هي انتهت بالفعل تمسح وجهها بمنشفة و تضعها جانبا و ما ان اقتربت منه .. حتى عاودها الغثيان من جديد فهتفت في وهن :- اخرج يا عاصم ..مش طايقة ريحتك ..
هتف عاصم متأسفا :- يمكن عشان چيت من برة و مخدتش دش ..
و بدأ عاصم يتشمم ملابسه في تعجب ..

اشارت بكفها وهى تضع الكف الاخر على انفها و هتفت من ورائه :- عشان خاطرى اخرج .. بجد مش قادرة يا عاصم ..
اندفع عاصم من أمامها حانقاً و هو يغمغم في ضيق :- كِده كَتير .. و الله كِده كَتير ..
و خرج مندفعا لحجرة ابيه يطمئن عليه بعد ان طار النوم من عينيه.

دخل ليجد ابيه جالسا في هدوء يهز رأسه هامساً مرتلا لبعض ايات من القرآن الكريم الذى يفتحه الان على مصرعيه أمامه على مسنده الخشبي الخاص به ..
انهى الحاج مهران قراءته و انتبه متعجباً لولده الذى هتف في غيظ و كأنه لا ينتظر من يسأله :- حتى انا مش طيجانى .. حمل ايه دِه ..!؟..
انفجر الحاج مهران ضاحكاً تلازمه نوبات سعاله و أخيرا هتف :- يا ولدى ما هي الحامل كِده .. كل يوم بحال ..

تقدم عاصم ليتمدد بجوار ابيه في إرهاق .. ليبتسم الحاج قدرى في إشفاق و هو يضع كفه على جبين ولده هامساً :- طب نام هنا چار ابوك ..و بلاها حريم ..
همس عاصم مغلق العينين :- صُح .. بلاها حريم ..
قهقه الحاج مهران :- طب عينىّ في عينك كِده يا واد فضيلة ..!؟..
حاول عاصم مداراة ضحكة فرضت نفسها على شفتيه وهو يستديرباتجاه ابيه هاتفاً :- انا نعست...

قهقه الحاج مهران وهمس في حنو بالغ و هو يربت على رأس عاصم الذى بدأ بالفعل يخطو نحو النعاس :- نوم العوافى يا ولدى و بدأ يتزحزح قليلا ليكمل تمدده بجوار عاصم بعد ان أغلق مصحفه ووضعه جانبا و ضغط بكفه زر الإضاءة القريب من رأسه ليعم الظلام ..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة