قصص و روايات - روايات صعيدية :

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثاني بقلم رضوى جاويش الفصل الثامن

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثاني رضوى جاويش

رواية ميراث العشق والدموع الجزء الثاني بقلم رضوى جاويش ( موال التوهة والوجع ) الفصل الثامن

هتفت نعمة في سعادة وهى تسأل المعلم خميس ربما للمرة العاشرة على التوالي: - بس اتأكدت يا معلم انها وصلت لسى زكريا و انهم بخير..!؟..
هم المعلم خميس بالرد عليها الا ان الحاج وهيب قاطعه هاتفاً في فرحة: - ما قالك انها وصلت لجوزها و كله تمام..
وتوجه الحاج وهيب لخميس ممتنا: - مش عارفين نتشكر لك ازاى يا معلم..!؟.. اللى عملته ده جميل في رقبتى..

هتف خميس لائما: - العفو يا حاج.. ده انا برد شوية من جمايل زكريا عليا و على ناس كتير في الحارة.. ربنا يرده سالم باذن الله..
أمنت نعمة و الحاج وهيب على دعاءه و الذى هتف باسما: - بس فكرة ان نعمة تروح لاهلها طنطا و معاها بدور دى جاامدة قووى يا معلم خميس.. لولاها مكنتش بدور حصلت جوزها.. و فكرة انها تتوه من نعمة في مولد السيد البدوى و رجالتك يوصلوها لزكريا.. و الله عفارم عليك يا معلم.. ربنا يبارك لك..
تنهد خميس هاتفاً: - و الله يا حاج ربنا اللى ألهم بيها.. مكنش ينفع غير كده.. هو هناك و هى هنا من شهور و انا عارف انهم هايقووا بعض وخصوصى بعد الحكم ما صدرعلى زكريا..

و تنهد من جديد هامساً: - الراجل من غير ست بت حلال توقف في ضهره بتضيق بيه الدنيا..
نظر كل من الحاج وهيب و نعمة احدهما للاخر في تفهم.. فقدا أدركا ان المعلم خميس يقصد بكلماته الأخيرة زوجته الراحلة التي توفيت منذ فترة ليست بالطويلة.. قبل مجئ زكريا للحارة بأشهر تقريبا.. و ها هو الان وحيدا مع اطفاله الذين تتولى رعايتهم امه..

هتف الحاج وهيب ليخرج خميس من صمته و حزنه: - تعيش و تفتكر يا معلم.. ربنا يرحمها.. و يبعت لك بت الحلال اللى تريح بالك..
نهض المعلم خميس مبدلا نبرة صوته الحزينة باخرى يملؤها الفرح وهو يهتف استعداداً للرحيل: - المهم دلوقتى انهم مع بعض.. ربنا يهنيهم و يريح بالهم.. و عقبال ما يرجعوا الحارة رافعين راسهم باذن الله.. أقول انا سلام عليكم بقى.. و ادينى طمنتكم عليهم و اى حاجة تحبوا توصلوهالهم انا في الخدمة..

هتف الحاج وهيب ممتنا: - ربنا يبارك فيك يا معلم.. و الله لو اخ ما كان عمل اللى عملته مع زكريا.. ربنا يديك على قد نيتك الطيبة دى..
ربت المعلم خميس على كتف الحاج وهيب
في محبة: - تسلم و تعيش يا حاج..
و رحل بعد ان نشر الفرحة في بيت الحاج وهيب من جديد..

سارا على الرمال في سعادة تدفعها بدور بقدمها كطفلة صغيرة مشاغبة ويبتسم زكريا
لعبثها المحبب كما لو كانت ابنته..
كانت تتعلق بذراعه في محبة و فخر و هي تسير بجواره على الشاطئ يتسلل اليهما صوت ام كلثوم شادياً من احدى المقاهي القريبة.. " و ان مر يوم من غير رؤياك..

ميتحسبش من عمرى.."..
لتعيد بدور الكلمات منغمة بصوتها هامسة بها
و هي ترفع نظراتها لزكريا الذى ابتسم في سعادة وهو ينظر لكفيها المتعلقتين بعضده هاتفاً في مزاح: - ايه يا بدور.. متعلجة بيا ليه كِده.. مش ههرُب منيكِ..

هتفت في شك: - لااا يا سى زكريا.. انا خايفة عليك من البنات الحلوين دوول اللى كل ما ننزل نتمشى ألاقيهم.. خايفة واحدة فيهم تخطفك منى..
انفجر زكريا ضاحكاً: - انا محدش يجدر يخطفنى منك يا بدور.. و بعدين انا مالى و مال الحريم..كفاية انتِ معايا بكل حريم الدنيا
انتفخت أوداج بدور في سعادة منتشية لإطرائه هامسة: - صحيح يا سى زكريا.. !!؟..

هز رأسه مؤكدا وهاتفا في تساؤل: - هو انت لسه متعرفيش يا بدور انا بعزك كد ايه..!؟..
تعلقت بعضده اكثر وهى تهتف: - عارفة يا سى زكريا.. بس برضة خايفة..
و اقتربت لتقبل عضده في الخفاء و كأنها تخبئ رأسها فيه.. شعر زكريا بقبلتها الدافئة عبر قماش قميصه لينظر اليها من عليائه و ابتسامة مشاكسة تكلل شفتيه و همس: - بتعملى ايه يا بدور..!؟..

رفعت نظراتها العاشقة لتتلاقى بنظراته المتيمة بها و بأفعالها العفوية التي تدفعه ليعشقها فوق العشق: - ابدا يا سى زكريا.. بحبك بزيادة شوية بس من غير ما حد يدرى.

انفجر ضاحكاً لتعليقها و أخيرا همس مشاكساً أياها: - طب ايه رأيكِ نرچع البنسيون و تحبى فيا بزيادة زى ما انتِ عايزة..!؟..
احمرت وجنتاها خجلاً و سارا باتجاه البنسيون وهى تخبئ وجهها من جديد في عضده الذى تتعلق به و كأنه القشة التي يتعلق بها غريق في وسط موج عاتِ..

دخلت سهام للسراىّ فى سعادة و قد تركت باسل يلهو مع أبناء خاله مهران و سندس فى الحديقة بالخارج..
بحثت بناظريها عن أمها لتطالعها تجلس فى سكينة تتمتم ببعض الأذكار و التسبيح محركة احجار مسبحتها فى خشوع..
اقتربت منها تقبل هامتها هامسة: - كيفك ياما.

ابتسمت الحاجة فضيلة فى سعادة لمرأى ابنتها: - سهام !!.. كيفك يا بتى..زينة.!؟..
هتفت سهام: - الحمد لله.. كله تمام..
استشفت الحاجة فضيلة بفراستها محيا سهام السعيد فهتفت فى فضول: - بس جوليلى..!؟.. وعيالك مبسوطة الله اكبر.. خير..!؟..
ضحكت سهام: - وااه ياما.. مفيش حاچة تتخبى عَلَيْكِ.. صُح مبسوطة.. أصلك لسه چاية من عند الداكتورة و بشرتنى.. انا حامل ياما..
احتضنتها الحاجة فضيلة فى سعادة مكبرة..

لتدخل زهرة هاتفة بمرح: - لااا انا كده هغير بجد.. ايه الأحضان دى كلها..!؟..
هتفت الحاجة فضيلة بفرحة: - اصلك سهام حبلى..
هتفت زهرة و هى تنهض تحتضن سهام بدورها: - الف مبرروووك.. عقبال ما تقوميلنا بالسلامة...
هتفت سهام: - و انت يا زهرة مش هتحصلينى..!؟..

قهقهت زهرة هاتفة: - لااا.. اخوكِ عاصم مش بيفكر يكررها تانى.. اتعقد من بعد ما تعبت فى ولادة سندس و مهران..
هتفت الحاجة فضيلة: - عنديه حج يا بتى.. ما انت ولادتك كانت واعرة..الداكتور جال كنى اسمها ايه.!!؟..
ابتسمت زهرة مجيبة: - قيصرية يا خالتى.. اسمها قيصرية..
أكدت الحاجة فضيلة: - ايووه.. هى دى.. دِه احنا اترجفنا يوميها...

دخل عاصم فى تلك اللحظة لينضم لمجلسهن و ما ان جلس حتى أعلمته الحاجة فضيلة بنبأ حمل سهام ليهتف فى مرح: - ألف مبرووك.. و الله و التهامية هيزيدوا واحد..
انفجرت سهام ضاحكة فى سعادة هاتفة: - الله يبارك فيك ياخوى تسلم.. شدوا حيلكم و حصلونا..

قهقه عاصم لمزاح اخته التي انحنت على أمها تستشيرها فى بعض الأمور فمالت عليه زهرة مشاكسة فى همس: - و انت يا عاصم مش عايز تزود الهوارية واحد..!!؟؟..
استدار اليها مبتسما: - لااه.. كفاية الحمل اللى فات.. تسع شهور عذاب وولادة واعرة.. ربنا يخليلنا مهران و سندس..
همست تشاكسه من جديد: - معقووول.. الغول اللى بيتكلم ده..!؟..

همس فى عشق: - ااه.. هو يا زهرة.. بس ده من خوفه عَلَيْكِ.. على كد ما نفسى أجيب منيكِ عيال يسدوا عين الشمس.. على كد ما خوفى عليكى مخلينى أفكر ميت مرة جبل ما نفكروا نچيب عيال تانى..
تطلعت اليه فى عشق و قلبها يذوب لكلماته الدافئة و لولا وجود اخته و أمه.. لكانت ألقت بروحها بين ذراعيه و لكن عوضا عن ذلك همست فى وله: - بحبك..

تململ زكريا في منامه قلقا لا يطال النوم جفونه.. لم يكن بامكانه التقلب في ذاك الفراش الضيق حتى لا يوقظ بدور ظنا منه انها نائمة حتى اثبتت العكس هاتفة: - مالك يا سى زكريا.. فيكِ ايه..!؟..
همس زكريا متعجباً: - انتِ لساتك صاحية !؟.

أومأت برأيها إيجابا و هي تنهض مستندة على مرفقها موجهة نظراتها لوجهه المحبب الى روحها: - صاحية و حاسة بيك و انت قلقان مش عارفة ليه..!؟..أوعى يكون في حاجة حصلت مع نعمة و لا ابويا من ورا مجيتى هنا..!؟..
ربت على رأسها مطمئناً: - لااه متخافيش.. محصلش حاچة الحمد لله..

وجذب رأسها لتستقر على صدره فتتوسده وهى على يقين ان شيء ما يحزنه و لا يريد الإفصاح عنه او ربما لا يستطيع.. لكن هي التي لم تستطع ان تصمت و تتركه بهذه الحالة همست و هي تحيط جذعه بذراعها: - طب فيك ايه..!؟..
همس دون مواربة: - جلجان على امى يا بدور.. مش عارف ايه احوالها.. و لا عاملة ايه بعد ما عرفت اللى چرى معاي..!؟..

و لا حتى جادر اكلمها و اسمع صوتها و اخليها تطمن علىّ..شوفى بجالى كد ايه هنا من ساعة اللى حُصل لا كلمتها و لا طمنتها..
رفعت رأسها من على صدره و ربتت بكفها على جانب وجهه و تطلعت اليه بنظرات كلها عشق و مؤازرة.. تعلم بفطرتها ان إفصاحه لها عن مشاعره و مكنونات نفسه ليس بالأمر العسير على رجل مثله.. انحنت لتقبل جبينه
و أخيرا جذبت رأسه بين ذراعيها ليستكين في أحضانها متنهدا في راحة..

أخذت تهدهده كما تهدد طفلا في المهد حتى
علا غطيطه و راح في سبات عميق..
طوقته اليها اكثر و قبلت هامته و راحت هي الأخرى في دنيا الأحلام..

رِن جرس الهاتف فاندفعت كسبانة مدعية الفرحة هاتفة قبل ان تصل الى موضعه:-يمكن يكون سى زكريا..!!؟..
هتفت بخيتة مؤكدة: - لاااه مش زكريا..
نظرت اليها كسبانة بتعجب وهى ترد على الهاتف.. كانت زهرة تتصل للاطمئنان على أحوالهن.. وهل هناك ما يلزم ليقدمه عاصم!!؟.. و خاصة بعد ما كان من امر زكريا و خاصة مع عدم علم بخيتة بذلك او اعتقادهم انها لا تعلم من امر ولدها شيء..

أنهت كسبانة مكالمتها مع زهرة و اتجهت حيث تجلس بخيتة واجمة لتجلس بجوارها تطيب خاطرها فهى تعلم انها حزينة لأجل عدم اتصال زكريا منذ فترة طويلة.. ربتت على كتفها في شفقة هامسة:- اكيد يا خالتى حاجة مهمة هي اللى منعت سى زكريا من انه يتصل بيكِ..
هزت بخيتة رأسها موافقة كسبانة الرأي هاتفة في حسرة: - معلوم يا بتى.. وهو في اكتر من المصيبة اللى هو فيها تخليه ميكلمش امه!!؟...
هتفت كسبانة مدعية الدهشة: - مصيبة !!؟..

مصيبة ايه كفالله الشر.. ليه بتجولى كِده يا خالة..!؟..
ربتت بخيتة على فخذها مطمئنة: - انا عرفت كل حاچة يا بتى.. كله مجدر و مكتوب..
هتفت كسبانة بدهشة حقيقية هذه المرة: - كل حاچة..!؟.. كل حاچة ازاى..!!؟..

سردت لها بخيتة انها علمت بالأمر أولا عندما جاءت الشرطة لتفتيش البيت و حديث كسبانة مع عاصم و ثانيا عندما وجدت كسبانة تبكى خلسة عندما جاءها خبر الحكم على زكريا و استطاعت ان تستشف من حديثها مع زهرة في الهاتف ما أكد لها صدق حدسها..
بكت و بكت..ثم صلت و دعت بقلب ام مكلومة على فلذة كبدها فرقتهما الظروف عن بعضهما قديما.. و ها هي الظروف تفرقتهما من جديد.. اما من نهاية لهذا الفراق الاجبارى الاختياري..!!؟..

انتهت بخيتة من سردها لتشهق كسبانة باكية في لوعة: - بس سى زكريا برئ.. وربنا هينچيه باذن الله..
احتضنتها بخيتة في حنان امومى: - باذن الله يابتى.. باذن الله.. هجول ايه بس.. اللهم لا اعتراض.. كله بأمرك يا رب..
و بدأت في البكاء وهى تتمتم ببعض من الادعية ليحفظ لها الله ولدها.. و تقر برؤيته عيناها التي بدأ تذبل نورهما من كثرة بكائها عليه دون ان يدرى مخلوق..لكن يكفيها ادراك الخالق..

دخل زكريا البنسيون مجهدا بعد يوم شاق في العمل بالميناء و ما ان وضع قدمه على أولى درجات السلم المؤدية للطابق الثالث حيث بنسيون السعادة حيث يقطن حتى استقبلت انفه رائحة لا يخطئها..

لكنه كذب نفسه و أوزع ذلك لاشتهائه طعام امه و كل ما تصنعه امه انه يشتهى مرأى امه نفسها حتى ولو للحظات صعد يحاول الا يمنى نفسه بما لا يستطع ان يطاله.. و دخل البنسيون ملقياً التحية على الجالسين في تلك الردهة الواسعة في المدخل قبل ان يدلف الى الرواق الطويل حيث حجرته القابعة في اخره..

فتح الباب لتفاجئه بدور بوثبة شقية هاتفة في مرح من خلف الباب الذى أغلقه لتوه: - تعال بسرعة يا سى زكريا.. اتاخرت النهاردة و انا مستنياك من بدرى..
كان ينظر الان لصحون من الطعام موضوعة على الأرض مغطاه في انتظاره.. فجذبت هي كفه لتجلسه ارضا و تجلس جواره رافعة الغطاء عن الصحون ليهتف في فرحة طفل يجلس امام أصناف متعددة من الحلوى: - ايه ده يا بدور..!؟.. ويكة (بامية خضراء).. و فراخ..

جبتيهم منين دوول..!؟..
هتفت في فخر: - جبتهم ده ايه.!؟.. عملتهم..
و مدت كفها تنتزع قطعة من الخبز تضعها في البامية و ترفعها لفمه ليتذوقها في حبور و هو يهمهم في استمتاع جعلها تنفجر ضاحكة
لتهتف متسائلة: - عجبتك.. !!؟..
ليهتف في استحسان: - مفيش أحلى من كِده..

ثم هتف مازحاً و هو يراها ترفع لقمة أخرى لفمه: - بس عنك انتِ بجى.. سبينى اشوف شغلى..
قهقهت وهى تراه يلتهم الطبق ألتهاما و ما ان اشبع شوقه.. حتى رفع رأسه اليها فوجدها تتطلع اليه في محبة و ابتسامة دافئة تكلل شفتيها الشهيتين.. ليسأل مستفسراً: - بس عرفتى كيف تعملى الويكة..!!؟؟..

هتفت هي بلهجة كمن قام بمغامرة شيقة يحكى كل تفاصيلها: - سألت ست تهانى تعرف تعمل أكلات صعيدى.. قالت لى لا.. بس عرفتنى على جارة ليها هنا في العمارة جوزها صعيدى قالت لى دى اكتر اكله بيحبها الصعايدة و عرفتنى اعملها ازاى !؟.. مكدبتش خبر و نزلت عملتها لك..

نظر اليها في عشق ممزوج بامتنان لتهمس منكسة الرأس خجلى من نظراته العاشقة: - معلش هي يمكن مش زى بتاعت الحاجة بخيتة.. بس على قدى بقى..
همس وهو يجذب كفها ليقبل باطنه: - ما هي عشان على كدك يا بدور طلعت اجمل ويكة دجتها في حياتى.. انت غالية و جدرك عالى..

جذبت كفها من كفه بخجل هاتفة وهى تناوله قطعة من اللحم: - طب كل قبل الاكل ما يبرد.
اومأ برأسه موافقا و بدأ في تناول الطعام بشهية كبيرة و كأنما قد حُرم الطعام لسنوات
فهى لم تره ياكل بتلك الشهية منذ زواجهما و لكم كانت سعيدة بذلك فهى استطاعت الى حد كبير تهدئة حنينه القاتل لأمه و لدياره
فمنذ اخبرها بشوقه اليها منذ عدة أيام و هي تفكر في طريقة ما تجعله يشعر انه بجوارها.. قريب منها.. و هداها تفكيرها لهذه الطريقة..

تمدد بعد ان انهى طعامه و أدى صلاة المغرب.. لتتمدد جواره تحاول التأقلم على هذا الفراش الضيق الذى بالكاد يكفيهما حتى انها تندرت هاتفة ذات مرة بان قدمى زكريا دوما خارجه..لكنها لم تنتبه لضيق الفراش الفعلى فحاولت الاستدارة في أريحية لتشهق وهى في سبيلها للسقوط ليجذبها زكريا في اللحظة الأخيرة قبل ان تسقط على ظهرها
و هو يكتم ضحكاته فهتف هي مبررة
بغيظ: - بتضحك عليا يا سى زكريا.. طب ماهو السرير ضيق..

جذبها لاحضانه مشاكساً: - هو فى احلى من السرير الضيج..!؟.. يا غشيمة..
انفجرت ضاحكة على تلميحه الفاضح و هو يضمها اليه لتهتف ساخرة: - اللى يشوف سى زكريا اللى كان مبيرفعش عينه من الارض يجى يشوفه دلوقتى..
قهقه زكريا: - انكرى..
هتفت ضاحكة: - لا مبنكرش.. ده انا حتى بسأل نفسى.. ده مبصش عليكى و لا مرة يبجى خدك علي ايه.. عميانى..!؟..

انفجر زكريا ضاحكاً و هو يومئ برأسه: - مين جال كِده..!!؟.. لاه بصيت..
شهقت و ابتسامة تعلو شفتيها ليستكمل هو معترفا: - بصيت لما خلاص عرفت انك هتبجى حلالى..
همست فى دلال: - و لما بصيت بقى شوفت ايه.!؟
همس وهو يتطلع اليها في عشق: - شفت جدامى جمر الله اكبر..وجلت لنفسى وااه يا واد يا زكريا ده انت فايتك كتييييير جوووى..

قهقهاتها صدحت كموسيقى تراقص عليها قلبه و ألقت برأسها على صدره ليستطرد هامساً: - جلت لنفسى الچمال ده كله هايبجى بتاعك.. و جلبى رفرف من طلتك بس اومال لو..
صمت فرفعت نظراتها متسائلة بفضول: - اومال لو ايه..!!؟..
همس مشاكساً: - جربى و انا اجولك..
لم تستطع الا الالتصاق بصدره وهى تقهقه هاتفة: - يا اسرارك يا سى زكريا.. !!..

دخل عاصم غرفته ليجد زهرة تعد حقيبة سفرها و اطفالها فبعد يومين بالضبط زفاف
نبيل و ندى اختها.. اقترب منها فى وجل
هامسا بالقرب من مسامعها: - خلاص
هتسافروا و تفتونى..
نظرت اليه زهرة هامسة: - ايه يا عاصم انت
مش جاى معانا و لا غيرت رأيك !!؟..

هتف مؤكدا: - لااه چاى.. بس هوصلك و
ارچع عشان أمى متجعدش لحالها ما انت عارفة سهام و چوزها رايحين الفرح و مش جاعدين عشان حتى اطمن ان سهام ممكن تجعد معاها..و هرد يوم الفرح احضر معاكِ و نرچعوا سوا
همست زهرة: - بس ده تعب عليك يا عاصم.هتف: - طب و أنا اعمل ايه..!؟.. هسيب امى لحالها و لا أسيبكم أنتم ترچعوا لحالكم !؟.

همست فى قلة حيلة: - عندك حق..أنا لو مش معايا الولاد كنت رجعت بالعربية و
مكنش فى لزوم تيجى تاخدني..
اقترب منها ضاما ظهرها لصدره هامسا: -كيف يعنى..!؟.. حتى ولو كنتِ لحالك كنت
هاجى اخدك برضك..انت الغالية يا زهرة و غلاوة العيال چاية من غلاوة أمهم..

استدارت لتصبح بين ذراعيه هامسة
بمشاكسة:- أنا بقول نفضى الشنط دى و بلاها سفر.. !!..
قهقه فى سعادة و هو يضمها اليه اكثر هاتفا: - يووه.. انت عايزة تعمليلنا موال مع الداكتور ناچى و مرته.. ده يمكن يفتكروا انى مانعك تروحى فرح اختك زى ما هى و أمها محضروش فرحنا..

هزت رأسها و هى تعلم انه قد اصاب لحد كبير فى ظنه خاصة فيما يخص منيرة أم ندى فبالتأكيد لن تسلم من لسانها..
اخرجها من شرودها ليهمس فى نبرة جزلة: - شفتى الفستان الچديد اللى جبتهولك عشان تحضرى بيه الفرح.. !!؟..
وفتح احدى ضلف خزانة الملابس ليطالعها فستان باللون الأزرق الغامق.. ضحكت فى بادئ الامر فماذا تتوقع ان يحضر عاصم غير ألوان غامقة جداا كالعادة وخاصة اذا ما كانت ستظهر بها امام الرجال.. اخرجت الفستان من غلافه البلاستيكي الشفاف و شهقت فى انبهار..

كان اكثر من رائع.. دوما ما كان ذوقه يلائم ذوقها و يلاقى استحسانها..
همست بسعادة: - ده حلو قوووى يا عاصم.. تسلم إيدك..
ابتسم فى حبور: - عچبك صُح.!؟... لو مش عچبك نغيروه..
رفضت مؤكدة: - بالعكس ده حلو قوى..ده انت وفرت عليا موضوع النزول عشان اجيب حاجة مناسبة لما أوصل القاهرة و خاصة انى هنشعل مع ندى و كمان الولاد.. تسلم لى مجيبك يا حبيبى..

همس مشاكسا: - كده.. شكر حاف..ده انتِ بجيتى بخيلة على فكرة..!؟..
اقتربت منه فى شقاوة لترتفع حتى تطال خده لتقبّله فشاكسها بدوره رافعا نفسه بعيدا عن قدرتها على الوصول اليه.. قهقهت فألتقطها بين ذراعيه يقتص من بخلها كيفما شاء..

اندفعت بدور باتجاه البحر ضاحكة كطفلة صغيرة يتبعها زكريا و نظراته مسلطة عليها تارة و تجول حوله تارة أخرى تتاكد من خلو المكان من الناس..
وقفت عندما لامست اطراف اقدامها الموج القادم نحوها لتتقهر الى الخلف لتصطدم بزكريا فتنتفض لحظيا ثم تهدأ و تبدأ ابتسامتها في الظهور على وجهها من جديد عندما ادركت ان من يكون خلفها هو زكريا..

همست برغبة طفلة: - والنبى يا سى زكريا نفسى انزل البحر.. عشان خاطرى..
هتف زكريا مزمجرا: - تنزلى البحر كيف يعنى..!؟.. هاتنزلى بعبايتك و ترجعى تطلعى والعباية ظاهرة جسمك جدام الناس..
صمتت عندما ادركت صحة ما يدعيه و لم تعقب لكنه هتف محاولا إخراجها من صمتها:- بس ممكن تنزلى رجلك عاادى يعنى..اهو تلعبى في المية.. يرضيكِ كِده!؟..

عادت ابتسامتها تقفز على شفتيها من جديد و هي تندفع باتجاه البحر تضع أقدامها في مياهه المالحة و تقفز بشقاوة كلما دفعها الموج الذى يأتي مندفعا ليعانق اقدامها..رفعت بعض من الماء تدفعه في وجه زكريا لينتفض جافلا للحظة ثم يبتسم لمزاحها الطفولى الذى لا يمله..
سألته بصوت مرتفع حتى يصل لمسامعه بين هدير الأمواج: - بتعرف تعوم يا سى زكريا..!؟..

أكد بإيماءة من رأسه و هتف مازحاً: - اه بعرف أعوم.. و بعرف اغرج الناس كمان.. تحبى تچربى.. !!؟..
هتفت في عشق: - اغرق اكتر من كده.. ده انا غرقانة لشوشتى يا سى زكريا.. و النعمة اكتر من كده يبقى افترى..
قهقه زكريا لتعليقها على وصف مشاعرها تجاهه.. ليتساءل في دهشة: - انت بتچيبى الكلام دِه منين يا بت الحاچ وهيب..!؟..
انفجرت بدور ضاحكة و هي تستعير كلمته المعهودة لمغازلتها: - قرب و انا اقولك..
ارتفعت قهقهات زكريا و هو يجذبها لتخرج من البحر ليسير بجوارها شابكا كفه بكفها..

اوصلها عاصم لباب بيت ابيها الدكتور ناجى و الذى هلل فرحا ما ان طالع محياهم على الباب فتلك هى المرة الاولى التى تزورهم فيها ابنته الكبرى منذ تزوجت فى النجع..
كانت سعادته ظاهرة جلية و هو يستقبل زهرة بين ذراعيه و يهيم عشقا بأطفالها مهران و سندس استأذن عاصم بعد الغذاء ليلحق بالطائرة العائدة..
خرجت معه تودعه حتى الباب ليهمس لها: - خلى بالك على حالك.. و انتبهى للعيال.. وأنا يوم الفرح هتلاجينى عِندَك..
اومأت برأسها ايجابا و هى تتمنى لو يبقى معها لكن ما باليد حيلة.. همست: - خلى بالك انت على نفسك و على خالتى.. و متتأخرش علينا..

ابتسم مؤكداً بأيماءة من رأسه ليخرج مودعا لتهتف فى وجل: - لا إله الا الله..
ليرد: - سيدنا محمد رسول الله..
و يرحل مسرعا فهى المرة الاولى التى يبتعد كل منهما عن الاخر اياما.. فمنذ تزوجها و ما عاد له القدرة على فراقها و ما عادت هى تفضل الابتعاد عنه..
عادت للمجلس فى غرفة الصالون حيث كانت ندى تحمل سندس و الدكتور ناجى يحمل مهران فى سعادة بالغة بينما مطت منيرة شفتيها فى ازدراء هاتفة: - الولاد الحمد لله طالعين شبهك يا زهرة.. مش طالعين لحد فيهم هتفت زهرة و لم يخفى عليها المعنى المبطن فى كلامها و امتعاضة وجه ابيها لكنها اثرت
السلامة و ردت فى محاولة لتخفيف حدة كلمات منيرة الجارحة هاتفة: - آه فعلا يا طنط..

سندس شبهى قوى.. لكن الصراحة مهران واخد من عاصم و عمى مهران الله يرحمه..هتفت منيرة من جديد بنفس الامتعاض: - بس دى اسامى يا زهرة..!؟.. ملقتوش اوحش من كده..!؟.. اسماء قديمة قووى.. مهران و سندس.. !!..صعب خالص على أطفال الصراحة..
ازدرد الدكتور ناجى ريقه فى محاولة منه لكبح جماح حنقه وخاصة بسبب مرض منيرة و قلبها العليل و ما قد يحدث اذا ما اغضبها فى ظل ظروف الزفاف..
لكن من هتف فى سعادة مجيبا كان ندى: - ليه يا ماما دى اسماء لذيذة قوووى.. كفاية انها هى و جوزها اختاروها و عجباهم.. طب ده أنا و نبيل مختارين اسماء.. مش هتشوفى وشنا تانى بسببها..

انفجر الجميع ضاحكين و لطفت دعابات ندى من كلمات و تلميحات منيرة الغير لائقة بالمرة
هتفت تهانى و هي تميل على اذن بدور: - يابت.. و النعمة انا قلبى اتفتح لك من يوم ما شفتك داخلة عليا تايهة كده و عينك بدور على سى زكريا وسط اللى كانوا قاعدين على الكراسى دى..
هتفت بدور بدورها: - و الله القلوب عند بعضها يا ست تهانى.. انا برضك ربنا عوضنى عن نعمة بيكِ..
استطردت تهانى هامسة: - ما هو عشان كده بكرر تانى اللى قلتهولك قبل كده.. يا بت جوزك صعيدى يعنى يحب العزوة و اللمة..
و انت بتقولى ملكيش في الخلفة.. لازم تعملى حاجة..

هتفت بدور بنبرة تدل على قلة حيلتها:- اعمل ايه يعنى.. يا ست تهانى ده امر الله و مليش يد فيه..
هتفت تهانى بإلحاح: - لا.. ليكِ.. لما تبقى قاعدة كِده و متشوفلكيش حل عند دكتور شاطر يعالجك يبقى ليكِ يد.. قاعدة تندبى حظك و بس.. و انا قلت لك اللى فيها.. في دكتور ايه بقى مقلكيش على شطارته و في العمارة اللى جنبنا على قمة الشارع يعنى مش هنروح بعيد..
هتفت بدور: - طب هقول لسى زكريا..

انتفضت تهانى: - مينفعش يا خايبة.. هتروحى تقوليله هروح لدكتور عشان انت لو مش واخد بالك من موضوع الخلفة ده انبهك ليه و أخلى عِندك امل فيه..
هتفت بدور في حيرة: - أُمال أعمل ايه طيب
اروح من غير ما أقوله.. ده كان يدبحنى و ملحقش أفكر حتى في العيال و مجايبهم..
تنهدت تهانى بتفاذ صبر: - يا بنتى و مين هيقوله.. احنا هنروح الصبح و نرجع قبل ما هو يرجع.. و لا من شاف و لا من درى..
و نشوف الدكتور بس هيقول ايه..

همست بدور ساهمة: - هيقول ايه يعنى..هيقول اللى ربنا كتبه عليا.. انا قعدت مع جوزى الأولانى خمس سنين و ربنا ما أردش
و اهو داخلة مع سى زكريا على السنتين وشوية جواز وربنا برضة ما أردش.. هعترض على حكمه.. الحمد لله على كل حال.. و فضيها سيرة يا ست تهانى..اللى رايده ربنا يكون..
زفرت تهانى و لم تعقب على ما قالته بدور  تم عقد قران نبيل و ندى فى احد المساجد القريبة قبل الزفاف بيوم واحد كما اصرت منيرة.. و بدأت التحضيرات للزفاف..

سبق الجميع الى القاعة و انتظرت هى مجئ
عاصم.. ارتدت ذاك الفستان الذى أهداه إياها
كان تحفة فنية و كأنه صنع لأجلها خصيصا
اضافت هى بعض الحلى و حجاب فضى رقيق لتصبح فاتنة.. اكملت ارتداء ملابسها بعد ان
أنهكها كل من مهران و سندس فى ارتداء
ملابسهما.. حمدت الله إنهما خلدا للنوم قليلا
حتى تستطيع الاعتناء بنفسها..
اخيراً انجزت المهمة و ها هو عاصم يدق باب شقة ابيها.. فتحت الباب فى سعادة ليقف هو
مبهورا فى صدمة..

اندفع للداخل لتتراجع هى بشكل تلقائي للخلف مفسحة له الطريق..
نظر لها من قمة رأسها حتى اخمص قدميها
و هى كذلك كانت مبهورة.. فعاصم الذى تراه أمامها الان
ليس عاصم الهوارى.. الذى تكسوه الهيبة
بجلبابه و عباءته و عمامته.. بل انه رجل
اخر لا يقل عنه وسامة و لكن وسامة
عصرية متمثلة فى تلك الحلة باللون الأسود و رابطة عنق بلون قرمزي فوق قميص ابيض
ناصع يعاكس تماما سمرته المحببة..

هتف هو فى عدم تصديق: - هو دِه الفستان
اللى چبتهولك..!؟..
أكدت بكل ثقة: - ايوه يا عاصم.. هو نفس
الفستان..
أمسك كفها ليديرها فى دهشة ممزوجة
بإعجاب يطل من نظراته: - بس أنا چايبة
أوسع من مجاسك شوية.. ده كنه متفصل
عليكى..

ابتسمت و قد احمرت وجناتها خجلا هامسة فى دلال: - عاصم.. أنا زدت شوية بعد
الولادة يا حبيبى..
ابتسم عابثا وهو يقترب منها: - لسه جمر..
ابتسمت فى سعادة هاتفة: - عاصم هنتأخر كده.. مش ياللاه بينا..
هتف فى ضيق: - كيف هتخرجى بالفستان
دِه..!؟..مفيش غيره طيب..
عبست فى ضيق فهو يعلم تماما انها لا تملك
حاليا غير هذا الفستان الذى أهداه إياها..
و ليس من الجائز أو المفترض الا تحضر
زفاف اختها..

زفر فى ضيق هاتفا: - امرى لله.. بس بجولك أيه.. مفيش اى حاچة تحطيها على الفستان.. تداريه شوية..!؟..
تذكرت ان ندى تملك شالا فضيا يصلح ليُستخدم مع فستانها لتندفع للغرفة باحثة عنه تتمنى ان تكون ندى قد تركته ضمن ملابسها القديمة.. وجدته بالفعل لتتنفس الصعداء و تضعه و هى تخرج لعاصم الذى تنهد فى قلة حيلة هاتفا و هو يرى ذاك الشال يزيد الفستان و صاحبته فتنة: -اعملى حسابك مفيش جومة من چارى.. هتفضلى
جاعدة طول الفرح.. ماااشى..!؟..

همست فى عجالة: - حاضر يا عاصم..
مااشى.. بس ياللاه..
ابتسم فى مشاكسة و هو يحمل مهران
هامساً:- بعد كده مفيش فساتين هشتريها الا
معاكِ.. عشان تجسيها جدامى..
انفجرت ضاحكة على مشاكسته و غيرته
المفضوحة..

و كان عند كلمته فما جعلها تنهض من جواره قط
جمعتهما طاولة واحدة مع حسام و سهام و
الحاج قدرى.. فحمدت الله على ذلك فقد
كانت افعاله رهيبة دفعت الضحكات لشفتيها..فقد كان يقف على
الطاولة كحارسها الأمين.. ما ان اقترب
المصور بكاميراته حتى زجره ليبتعد.. ما ان يقترب
أى من الرجال ليلقى التحية حتى يزمجر فى
غضب و خاصة ذاك الذى هتف باسمها فى
سعادة: - زهرة..!؟.. مش معقول ازيك..!؟.. مد كفه ليلتقط كفها و هى غير مدركة ما
عليها فعله ليندفع عاصم واضعا كفه فى كف
ذاك السمج بدل من كف زوجته و التى كانت تمسك ضحكاتها بالكاد عندما طالعتها الصدمة على وجه رؤوف..

الذى نظر فى تعجب حوله ثم شعر ان هناك
تهديد ما و هو ينظر لملامح عاصم التي تخبره ما قد يحدث له اذا فكر فى الاقتراب مرة اخرى ففضل الابتعاد فى سلام..
تحدث عاصم جازا على اسنانه: - مين الأخ
البارد دِه..!؟..
ردت من بين ضحكاتها: - ده بن خالتى
هتف مزمجراً: - واد مين..!؟.. و انت ليكِ واد خالة غيرى..!؟..
شعرت بالتهديد فهمست توضح الامر: - ده
يعتبر بن خالتى.. ده بن أخت طنط منيرة..

همس فى حنق: - طب مااشى.. خلى واد
خالتك ده يجرب من هنا و يشوف هيحصل له
أيه.. جال واد خالتى جال..!؟.. ده شبه
زمبلك اللعبة الخربان..
انفجرت زهرة ضاحكة تحاول مداراة
ضحكاتها قدر استطاعتها عن اعين الناس.. و نظرت تتطلع حولها تطمئن ان رؤوف بعيدا بما يكفى عن عاصم حتى لا تُرتكب جريمة هاهنا..

اندفع غندور باتجاه المكان الذى يعمل به زكريا ليهتف ما طالعه: - كرم يا صعيدى.. تنبه زكريا لمن ينادى باسمه الجديد و الذى اصبح معروف به بين عمال الميناء..
انتفض زكريا قلقا فهى المرة الأولى التي يزوره فيها غندور في محل عمله..لابد ان هناك حدث جلل أتى به لهنا و خاصة ان هناك اتفاق ضمنى بينهما بعدم جواز الإشارة لمعرفة احداهما الاخر تحسبًا لأى ظروف..

وصل غندور حيث قابله زكريا متعجباً ليهتف في قلق: - خير يا غندور.. مش بعادة..!؟..
ألتقط غندور أنفاسه اللاهثة: - معلش يا صعيدى بس تهانى كلمتنى و قالت لى اجيبك من تحت الأرض.. اصل الست حرمكم..
هتف زكريا مزعورا على غير عادته ناطقا باسمها في لوعة: - ما لها بدور.!؟.. انطج..
لم ينتظر زكريا رد غندور بل ترك كل ما يحمل على عربته و اندفع خارج الميناء..
قابل غندور احد زملاء زكريا ليوصيه ببضاعته قبل ان يترك الميناء مغادراً خلف زكريا الذى سابق الريح مندفعا لبنسيون تهانى
حيث ترقد بدور التي لا يعرف حتى هذه اللحظة ما بها..

افتتح العروسان ندى و نبيل البوفيه و بدأ معازيم الفرح في الالتهاء بالطعام ليهتف نبيل في عبث لعروسه: - بقولك ايه.. ما تيجى نسيبلهم الفرح ده و نطلع اوضتنا.. و لا من شاف و لا من درى..!؟..
هتفت ندى مازحة: - يا سلااام..أكيد بتهزر صح..!؟..
جذبها من كفها هامساً: - لا.. مبهزرش.. تعالى.. الباب الخلفى للقاعة اهو.. نطلع و مع السلامة على كده..

انفجرت ندى ضاحكة على جنون زوجها هاتفة و هي تجذب كفها من يده: - كفاية جنان بقى يا نبيل..انت عايز الناس تقول علينا ايه.!؟..
هتف في نبرة صريحة: - و لا حاجة... محدش هياخد باله أصلا.. عم ملهيين في الأكل.. ياللاه بينا..
و جذب كفها من جديد لتهتف في توسل: - طب يزفونا لاوضتنا يا نبيل.. طب بلاش للاوضة لحد الاسانسير..!؟.. طب..
هنا قاطعتهما أمها منيرة هاتفة في استهجان:- في ايه يا نبيل.. رايحين فين..!؟..

هتف نبيل و هو ينظر لندى التي كانت تكتم ضحكاتها على منظره العابس: - أبدا يا طنط مفيش.. كنت بس عايز أكلم ندى في موضوع مهم..
كزت منيرة على أسنانها هاتفة بغيظ: - موضوع مهم..!؟.. طيب عدوا قدامى شوفوا الناس اللى خلصت أكل دى و بيسألوا العريس و العروسة راحوا فين..!؟.. بجد.. عيب قووى اللى بتعمله ده يا نبيل..

كظم نبيل غيظه و خاصة عندما لاحظ نظرات ندى المتوسلة فزفر في ضيق و هو يتبع منيرة
وندى متعلقة بذراعه..لتهمس هي بالقرب من
أذنيه بأمتنان:- متشكرة قووى يا نبيل انك مشدتش مع ماما..
و ابتسمت بشقاوة مستطردة: -على العموم
كله بحسابه..

هتف نبيل و هو ينظر اليها في مرح مناديا منيرة و التي لم تسمعه لحسن الحظ لتهتف ندى و هي غارقة في ضحكاتها: - بتعمل ايه يا مجنون.. بتنادى ماما ليه..!؟..
قهقه مشاكسا: - طالما كله بحسابه.. هنادي طنط عشان الحساب يتقل..
انفجرت ضاحكة غير قادرة على مجاراة جنونه...

دخل زكريا البنسيون و هو يلتقط أنفاسه حتى وصل لغرفته مدفوعا بقوة قلقه و توتره
وما ان هم بالاندفاع لداخل الغرفة المغلقة حتى فُتح بابها و خرجت الست تهانى يتبعها شخص ما يبدو من هيئته انه طبيب..
اضطربت نظراته و التي وقعت على عينىّ تهانى الباكية ليهم متسائلا عما يحدث لكن تهانى قاطعته هامسة بنبرة باكية: - ادخل لها يا سى زكريا..
دخل مندفعا لتغلق الباب خلفه و تصطحب الطبيب المغادر..

انتبه زكريا على تلك المسجاة على الفراش
يعلو جزعها قليلا لتستند بظهرها على وسادة صغيرة خلفها و عيونها مثبتة بنظرات مصدومة على الجدار المقابل حتى انها لم تنتبه لدخول زكريا المندفع..
تقدم اليها و مر من أمامها لعلها تنتبه لكن لا فائدة النظرات المسمرة لم تتغير.. اقترب و جلس بجوارها و رفع كفها بين كفيه هامساً باسمها.. تنهد في راحة عندما استجابت لندائه و توجهت أنظارها تجاهه.. و كيف لا تستجيب و هو ينطق اسمها بمثل هذا الخوف و القلق.. !؟؟..

جذبت كفها من بين كفيه و رفعت ذراعها مشيرة للباب حيث رحلت تهانى و الطبيب منذ لحظات و همست بصدمة: - شفت الراجل اللى كان هنا قال ايه يا سى زكريا..!؟..
ربت زكريا و قلقه يزداد هامساً: - ايه..!؟.. جال ايه..يا روح زكريا..!؟..
اشارت لنفسها هامسة بتردد:- انا..انا.. حامل..
و انفجرت بشكل مفاجئ في البكاء مرددة بشهقات متقطعة.. انا حامل يا سى زكريا.. تصدق..!؟..

كانت صدمته لا تقل عن صدمتها.. فقد تسمر مدهوشا بدوره ينظر اليها بعدم تصديق و اخيراً جذبها لاحضانه يعتصرها في محبة و يربت على شعرها و يقبل وجهها في سعادة كالمحموم..سكنت رأسها في صدره للحظات و هو يلتقط أنفاسه هامساً بالحمد و الشكر لله.. مرت عدة دقائق حتى هدأت نفسه و
رفع رأسها عن صدره و احتضن وجهها بين كفيه المرتعشة في عدم تصديق: - ايوه مصدج يا بدور.. مصدج.. هاتبجى ام.. ربنا لما راد محدش عطل مشيئته.. الحمد ليك و الشكر يا رب..

قبل جبينها في سعادة و عاد ليدفن وجهها المحبب لروحه بين احضانه من جديد و يأسر خصرها بذراعيه مهدهدا أياها في حنو حتى راحت في نوم عميق أتى سريعا بعد ذاك الكم من البكاء و النحيب..
ليدثرها زكريا جيدا و يخرج ليقابل تهانى التي كانت تجلس كعادتها خلف طاولة الاستقبال و ما ان لمحته قادما حتى هتفت في سعادة: - الف مبروك يا سى كرم يتربى في عزك ان شاء الله..

هتف زكريا شاردا: -الله يبارك فيكِ يا ست تهانى.. الداكتور جال ايه بالظبط..!؟؟..
هتفت تهانى بدهشة باسم بدور المتفق على استخدامه امام الناس: - هي رحاب مقلتلكش..!؟..
أكد زكريا: - لاااه.. جالت.. بس انا عايز اسمع منيكِ.. يمكن يكون جال حاجة معرفهاش..
قالت تهانى: - و الله يا سى كرم قال العادى تتغذى كويس و ترتاح و تبقى تروح لدكتور عشان تتابع معاه الحمل.. بس كده..

تنهد زكريا واقفا ليعود ادراجه للغرفة حيث ترقد بدور في وداعة على الفراش ليجلس بجوارها يتفرس في ملامحها الندية و دموعها الجافة على خديها.. انحنى ليقبل هامتها في حنو و ينهض متوجها للنافذة التي كانت دوما سلوته الوحيدة عندما كان حبيس تلك الغرفة عندما قدم للإسكندرية..

راحت نظراته تغرق في عمق البحر و هو يفكر هامساً لنفسه: - چه يا زكريا الخبر اللى كنت مستنية و نفسك فيه من يوم ما جابلتها.. و حتى بعد ما جالت لك انها ملهاش في الخلفة كان عشمك بربنا كبير و اهو ماخيبش ظنك يا هوارى.. بس چه الخبر و على كد فرحتى على كد خوفى.. اللى چاى ده كان واد و لا بت..

هاياجى باسم مين.. !؟.. شهادة ميلاده هاتنكتب باسم مين يا زكريا..!؟.. امه هتكون مين..!؟.. بدور وهيب و لا رحاب محروس.. و انت يا زكريا ابوه.. هايهون عليك تجيده باسم غير اسمك و تنسب ولدك لراجل غيرك حتى و لو بالاسم بس.. هاترضاها يا زكريا.. هتعيشه نفس عذابك الجديم.. عذابك و جهرتك اللى كانوا سبب في توهتك اللى ما عارف ليها نهاية.. وااه يا زكريا.. الحِمل تجل و انا مش جادر اجول اه..و استدار متطلعاً لبدور مستطرداً..بس لازماً تستحمل عشان خاطر الغلابنة دى اللى فاتت ناسها و أهلها حتى اسمها و چات تلاجى چارك الدنيا اللى بتحلم بيها..

ابتسم عندما سمع همهماتها الناعسة ليغلق ستارة النافذة و يتحرك في حذر حتى لا يوقظها و يدفع نفسه بجوارها داخل الفراش
في حرص.. التقط كفها و وضعها تحت خده و أغمض عينيه بعد ان نهل من ملامحها المستكينة ما يكفيه..ليسبح في دنيا الأحلام..

ضحكت بدور عندما ربت زكريا على بطنها المنتفخ في سعادة و أخيرا اخرج من خلف ظهره لفة صغيرة جعلت عيونها تبرق فرحا قبل حتى ان تفتحها فقد استنتجت ما تحوى و خاصة ان الحمل جعل حاسة الشم عندها في اعلى كفاءة لها.. وهتفت في سعادة: - بسبوسة..!؟..
اومأ زكريا براسه موافقا و هو يقول: - جلت أجيبها و امرى لله ما انا مش عارف لسه بتحبيها و لاه مش طيجاها..!!؟..

ابتسمت في امتنان: - لا..الا البسبوسة هفضل احبها على طوول..بس كنت بتكسف اطلبها منك يا سى زكريا.. اصل الحال مش ولابد يعنى..
اقترب منها ناظراً الى عمق عينيها الصافية و همس لها في عتاب: - ليه كِده يا بدور.. ليه يبجى نفسك في حاچة و متجوليش.. !؟..
طأطأت راسها في خجل و إحساس الذنب يكتسحها لانها أخبرته: - اصل يا سى زكريا.. يعنى.. كنت بخاف اتقل عليك..

ضمها اليه هامساً: - طب و هو انى كنت بشتغل ليه شغلنتين في اليوم..!؟..مش عشان اكفيكى و اكفى اللى چاى..
طأطأت هامتها و هي تضم شفتيها و شعورها بالذنب يغطيها من قمة راسها حتى اخمص قدميها.. و لم تعقب مما دفعه ليرفع ذقنها ليواجهه عينيها هامساً بلهجة مازحة: - و بعدين ايه اللى هايحصل بجى لو البسبوسة طلعت للواد.. هايبجى ايه الحال..!؟؟..

شهقت بصدمة مما دفعه للضحك هاتفاً مطمئناً لها: - روحى كلى البسبوسة ياللاه.. و متعمليش كِده تانى.. لما يكون نفسك في حاچة تجولى طوالى.. تمااام..
هتفت و هي تلتهم البسبوسة في شهية: - تمام يا سى زكريا..

اندفع غندور باتجاه مكان عمل زكريا في الميناء و ما ان رأه زكريا حتى انتفض فالمرة الماضية كانت بسبب تعب بدور ما الذى يمكن ان يكون قد حدث دفعه للمجئ..
وصل زكريا اليه مسرعا في قلق فطمأنه غندور هاتفاً:- متقلقش.. جواب من المعلم خميس زفر زكريا في راحة و اخذ الخطاب و ربت على كتف غندور شاكرا فتركه مستئذنا ورحل لينتحى زكريا جانبا و يفض الخطاب في لهفة تجرى عيناه على السطور لعله يستشف منها حال الحارة و ما يحدث في القاهرة و يمكن ان يساعده في حل لغز قضيته.. لكن جاءت السطور لتزيده حملا على حمله..

فها هو يتلقى نبأ وفاة الحاج وهيب ليتمزق قلبه حزنا و غضبا و قهرا و تفيض روحه اشفاقا على تلك التي تنتظره في غرفتهما لا تعلم من امر أهلها شيئا غير ما ينقله هو اليها..
لكن كيف يخبرها..!؟.. كيف يقول لها ان ابيها قد رحل دون ان تودعه..!؟.. دون ان تنعم بقربه تلك الشهور الأخيرة في حياته قبل رحيله الابدى..!؟..

كيف يمكن ان يكون رسول الحزن لقلبها و هي في تلك الحالة...!؟؟.. فحملها ضعيف و الطبيب أكد على الراحة و عدم الاتيان بمجهود و البعد عن كل الاخبار او الاحداث الحزينة و التي تمثل ضغطا على أعصابها..

أنجز عمله بسرعة شديدة يدفعه حزنه على الحاج وهيب لمزيد من العمل لعله يُطفئ ذاك الجمر المشتعل في أعماق قلبه..و يهدئ و لو قليلا من ثورته على تلك الأوضاع التي فرضت على بدور و عليه فراق الاحبة قسراً دخل حجرته في البنسيون ليجدها تتمدد على الفراش تملس على بطنها البارز قليلا في فخر
و سعادة و ما ان طالعته حتى نهضت في خفة تستقبله جاذبة أياه للطعام المعد سلفا في انتظاره كما تعود.. اومأ موافقا و لم ينبس بحرف و لكنه فجأة جذبها بين ذراعيه رابتاً على ظهرها و مقبلاً هامتها في محبة لتهمس هي بشقاوة: - الاكل هايبرد يا سى زكريا..

لم يعبء لاعتراضها و ضمها اليه اكثر كانما يشعر بذنب رهيب على كونه السبب في البعد عن ابيها و في أحضانه فقط يمكنه التكفير عن ذاك الذنب بأشعارها بالامان.. استسلمت هي لتموء كقطة بين ذراعيه..

و فجأة و كما هو الحال دائما تبدل الوضع ليصبح هو المتكوم بين ذراعيها يهرب من نفسه في أحضانها لتهمس هي تستشف ما به دون ان يتكلم: - مالك يا سى زكريا..!؟.. في حاجة مزعلاك..!؟؟.. طب قول لبدور.. هو احنا لينا مين غير بعض..
هاترمى زعلك و ضيقك فين ان مكنش في حضن بدر البدور..!!؟..

قبلت رأسه ليرفع نظراته اليها متصنع الجدية:- ابدا يا بدور.. شوية عوكسات في المينا و مشاكل في الشغل الچديد.. متجلجيش انتِ بس.. كله هايبجى تماام..
و حول نبرة صوته للمرح رغما عنه و هو يربت على بطنها في معزة: - ركزى انتِ بس مع الواد عتريس..
هتفت معترضة: - ايه.. عتريس..!؟...

هتف معترضاً بدوره: - اه.. مش عچبك و لا ايه..!؟.. خلاص.. سبع الليل.. حلو دِه!؟..
انفجرت ضاحكة: - سبع مين..؟!!.. لا يا سى زكريا انا مش عايزة ابنى يتعقد من أولها..انا هسميه اسم كده حلو و يبقى زى ابوه كده راجل و سيد الرجالة..
ابتسم زكريا لها هاتفاً: - هتسميه ايه يا بدر البدور..!؟؟..
همست في سعادة: - حازم.. هسميه حازم يا سى زكريا ايه رأيك..!!؟..

هتف زكريا متصنعاً الضيق: - و اشمعنى الاسم دِه يعنى..!؟..
هتفت مسرعة تبرر: - عشان امى الله يرحمها كان نفسها تسمينى حازم لما عرفت انها حامل فيا.. و لما جيت بت سمتنى بدور..
لانت اسارير زكريا و هتف في عبث وهو يقترب منها مشاغبا: - احلى بدور في الدنيا كلها.. جال حازم جال.. الچمال دِه كله و يبجى حازم..!!؟..
انفجرت بدور ضاحكة ليضمها اليه مشاكساً أياها هامساً: - بس ممكن يبجى ام حازم..

لتطرب هي للقب الجديد فتطوقه بذراعيها جذبته من ذراعه تمدده على الفراش مشفقة عليه من ثقل العمل في مكانين منفصلين من اجل توفير ما يلزمها و يلزم صغيرهما القادم مالت عليه لتمسد أكتافه المرهقة و التي تئن ألماً لتلك الأحمال التي يظل ينقلها طوال النهار و كذا ما بعد العصر في عمله الاخر..
هتف زكريا و هو يوليها ظهره الذى أخذت تضغط على فقراته في احتراف يزيل الوجع في لحظات: - انتِ مش المتابعة مع دكتورة المستشفى اللى جنبينا المفروض النهاردة يا بدور..!؟..

هتفت: - لا يا سى زكريا.. كمان يومين.. هي قالت لى كده في اخر زيارة.. انا دخلت التاسع و لازم اروح لها كل أسبوع..
قال مؤكدا: - طب ابجى فكرينى عشان اروح معاكِ يومها و اظبط مواعيد الشغل..
هتفت معترضة:- ما انا هروح مع ست تهانى و كفاياك انت تعب الشغل..

هتف معترضاً بدوره: - لااه.. هروح معاكِ.. المرتين اللى فاتوا راحت معاكِ الست تهانى كتر خيرها عشان كنت چديد في الشغلانة و محبتش اخد إچازات من أولها دِه انا ما صدجت ما لجيت شغلانة.. لكن دلوجت ممكن عاااادى.. صاحب المحل اطمن لى الحمد لله و بيسيب المحل كله تحت يدى..

هتفت بنبرة مرهقة: - و مين يعرفك و ميرتحش معاك يا سى زكريا و يسلم رقبته كلها ليك مش بس حتة محل...!؟..
استدار زكريا ليواجهها بعد كلماتها التي تقطر محبة ليجذبها بلطف لاحضانه.. لكنه يستشعر توجعها الذى تحاول إخفائه عنه.. رفع رأسها لينظر لملامحها المتألمة في صمت و أخيرا هتف في لوعة: - بدور.. انت شكلك تعبان جووى..!!..

انتفض يرتدى جلبابه على عجلة لتهتف هي جازة على أسنانها ألماً محاولة طمأنته: - متخفش يا سى زكريا.. دى مغصة كده و هتروح.. لسه بدرى..
هتف معترضاً و هو يتجه للباب مناديا تهانى:- لاااه ملساش.. انتِ في شهرك.. و شكلك ميطمنش.. نروحوا للداكتورة و هي تطمنا..
اندفعت أهة ألم غصب عنها رغم محاولتها كتمانها فاندفع مذعوراً باتجاهها.. لتهتف هي و الألم اصبح غير قابل للاحتمال: - ألحقنى يا سى زكريا.. ألحقنى..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة