قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والعشرون

ركض للأعلي بخطوات يملؤها الأمل، وصل امام غرفة مغلقة ومد يده على المقبض وبداخله يتمني ان يجد حلاً لهذه المعضلة العصيبة، فتح الباب ودلف كان يوجد حاسوب على مكتب صغير، اقترب اكثر وجلب الكرسي ووضعه امام المكتب ثم جلس ببطئ و مد يده بتردد ليفتح الحاسوب ثم تنهد تنهيدة حارة وفتحه لتكن صدمة تامة له وهو يرى شخص ملثم يقيد شهد من الخلف ويكممها ويحملها متجهًا للخارج، غلت الدماء في عروقه وضرب المكتب بكل قوته لينفث الغضب الذي يشتعل بداخله، كان عمر يضع الكاميرات في جميع انحاء منزله احتياطًا لأى موقف لأنه يتعرض لمواقف كثيرة مثل هذه، كور قبضة يده وضغط عليها بقوة، من هذا وكيف يستطيع إبعادها عنه وبالرغم منها!، كيف يجرؤ على فك السلاسل التي ربطها بها ومن دون سبب، كيف يلمسها من الأساس، هي حوريته، حبيبته، آسرته التي أسرته وهدمت الاسوار التي بناها ليحصن قلبه من اى دخيل يحاول تحطيم اسواره، هي له هو فقط، لن يسمح لأى شخص كان أن يأخذها ويجعلها تبتعد عنه بعد ان اصبحت الهواء الذي يتنفسه، سيعيدها له لمنزله، لأحضانه ومهما كان الثمن...

كان ينظر للفراغ بتحدى كأنه الشخص الذي اختطفها، اصبحت افكاره تتخبط بداخله، من فعلها، فارس، ام مصطفى، ام رئيسه كما هدده فارس..
على اى حال سيوديه خلف الشمس ويندمه على فعلته تلك، على لمس جوهرته الثمينة..
نهض بعدما أغلق الحاسوب وإتجه للخارج وهو يفكر بما سيفعله وكيف سيستعيد حبيبته، نعم الآن فقط اعترف وبشكل صريح لنفسه أنه يعشقها حد الجنون..

نزل للأسفل بخطوات ثابتة ثم اخذ المفاتيح الخاصة به واغلق الباب وركب سيارته، كان يتحرك كالآنسان الآلي، الهدف وحيد وواضح أمامه، إستعادة شهد فقط...!

في منزل عبدالرحمن،
منذ وصوله إلى المنزل دلف إلى غرفته ودون ان يتحدث مع اى شخص، وهو يجلس على فراشه شارد حزين وواجم يفكر فيما يمكن ان يكون فعله، هل ستتركه بعدما رأته في حالته الاخرى، هل فعل اى شيئ احمق معها..!، هو لا يتذكر اى شيئ ولكن بداخله يتمني ان لا تكون سيطرت عليه شخصيته الاخرى وجعلته يفعل شيئ يندم عليه بقية حياته، كل ما يتذكرته هو انه رأها تقف مع شخص..!

شعر بالتوتر والحيرة، هو لم يحبها بهذه السرعة ولكنه شعر بالإرتياح معها، شعر انه يريدها زوجته وأم لأطفاله، ولكن كيف سيحدث ذلك وهو في ثانية يمكن ان يتحول ويفقد السيطرة على نفسه..!

تملكه شعور بالعجز الشديد، غير قادر على التحكم في هذه الشخصية المتسلطة التي اخترعها خياله او عقله الباطن وفي الوقت نفسه غير قادر على الذهاب لطبيب نفسي، برأيه هو ليس مجنون ليذهب لطبيب نفسي، هي حالة تأتي له احيانًا وسيحاول السيطرة عليها...

تنهد بضيق وهو يشعر ان رأسه تكاد تنفجر من كثرة التفكير، قرر ان يراها ويسألها عن رأيها وجهًا لوجه، وسيتحمل ويحترم رأيها ايًا كان، نهض وهو يعزم على الذهاب لمنزلها على الفور ومن دون تردد...
نهض بهدوء وإتجه للخارج ثم فتح باب غرفته وخرج، وجد والدته تجلس على الكرسي تقرأ بعض المجلات، ألقي السلام والتحية واكمل سيره ليذهب ولكن اوقفته والدته وهي تقول بتساؤل وقلق..
مالك يا عبدالرحمن؟!

توتر على الفور من سؤالها المفاجئ وأستدار ببطئ ليواجه نظراتها المتفحصة، شعر انها ستكشفه حتمًا ان ظل هكذا، حاول الحفاظ على ثباته قدر الإمكان وهتف بهدوء حذر قائلاً..
مالي يا أمي يعني منا كويس
لأ انت مش كويس، حصل اية مع رضوى يخليك كدة، قولي دة انا أمك.

هتفت والدته بتلك الجملة قبل أن تترك المجلة على المنضدة المجاورة ثم نهضت وإتجهت لعبدالرحمن الذي كان يقف كالصنم، أمسكته برفق من كتفيه ونظرت في عيناه بتساؤل لتستشف اى اجابة تريحها منها ثم اردفت بحنان أموى..
يا حبيبي صدقني انا خايفة على مصلحتك، قولت لك كذة مرة تروح تتعالج وانت مُصر بردو، طب رضوى شافتك وانت بحالتك التانية؟!

أخذ نفسًا عميقًا وأخرجه ببطئ شديد وعلم انه لا مفر، لن يستطيع الكذب عليها اكثر من ذلك، نظر في عيناه بهدوء يبدو انه هدوء ما قبل العاصفة، ثم استطردت بإهتياج قائلاً..
ايوة يا امي اه شافتني وممكن اما اروح تنهي كل حاجة وتبعد اصلا، ومش بعيد اكون مديت ايدى عليها وانا مش ف وعيي، انا زهقت من الحياة دى.

خرجت شهقة منها مصدومة، نظرت له بعدم تصديق وهي تهز رأسها وتنظر له برجاء ليقل لها أنه كان يكذب، لم تدرِ ان ولدها يعاني لهذه الدرجة، شعرت بصوته المتلجلج والقهر الذي ظهر في نبرته، اقتربت منه بهدوء ثم تابعت بحزن..
ياااه، شايل كل دة ف قلبك يا عبدالرحمن، للدرجة دى؟

مسح بطرف يده دمعه هاربة كادت تفر منه، ثم إبتلع غصة مريرة في حلقه، لطالما تألم وحزن لطالما سمع إهانات منهم ومن غيرهم، وصمت وتحملها وكبتها بداخله، ومع ذلك لن يذهب لأى طبيب هو ليس بمجنون ليودى بنفسه للتهلكة..!
نظر للجهه الاخرة ثم سار وهو يقول بقسوة..
لسة فاكرة، ع العموم انا هأمشي، سلام.

إتجه الخارج تاركًا اياه تتنهد بعمق وحسرة على ولدها الوحيدة وفلذة كبدها، كيف اصبحت معه هكذا وهي اقسمت منذ ولادته ان تكون أحن واقرب ام له..
آآه يا صغيرى ليتني قادرة على مسح كل ذلك من ذاكرتك واعطاؤك حياة جديدة بدون قهر وألم او وجع..!

وصل عمر امام المنزل الخاص بفارس، ترجل من سيارته بخطوات غاضبة ولهيب الحقد والكره يشتعل في عيناه السوداء، إتجه للداخل بسرعة رهيبة ونظر للحارس ثم هتف بصوت قاتم قائلاً..
فين فارس
اجابه الحارس بجدية: فارس بيه مش هنا، مشي من شوية.

اومأ عمر بهدوء ثم استدار مغادرًا منزله وركب سيارته وتوجه لمنزل ( البوص ) وهو ينوى نية ليست خير ابدًا، حاول تهدأة نفسه قليلاً حتى لا يذهب هدر ولكنه لن يكن متسامحًا معه او مع غيره ابدًا..

وصل بعد ربع ساعة تقريبًا وترجل من سيارته وحالته لا تختلف كثيرًا، تخطي الحرس ومناداتهم وصياحهم وسار دون نطق اى كلمة وتركوه لأنهم على معرفة مسبقة بعمر، حتى وصل للحديقة وجد الرجل الكبير يجلس على احدى الكراسي الخشبية ويرتدى حلة رسمية وبيده سيجارته الفارهه يضع قدم فوق الاخرى، ينظر لفارس الذي كان يجلس امامه ويتحدث معه بهدوء خبيث..

حدق بهم عمر بنظرات نارية وبالأخص لفارس، لاحظوا وجوده ولكن لم يتفوهوا بحرف منتظرين ان يروا رد فعله..
هتف عمر بغضب بادى على قسمات وجهه قائلاً..
فااااارس.

نظر له فارس ببرود مثل الثلج، كان تأثيره واضح على عمر الثائر، جعل الدماء تغلي بعروقه اكثر كأن اشعل النيران الملتهبة بداخله، كانت نظراته كفيلة ان تجعلهم يرتعبوا من فعلته، أخرج عمر الحروف بدقة من فمه وهو يخرج السلاح الخاص به موجههًا اياه بوجه فارس الذي نظر له بفزع قائلاً..
نهااايتك ع ايدى لو ماقولتش فين مراتي حالاً يا فارس.

في منزل مصطفى،
يقف مصطفى في الشرفة يتطلع على الأسفل بهدوء يستمتع بالنسيم والهواء الهادئ والمريح، أخرج هاتفه من جيب بنطاله وأتصل بعبدالله الذي رد عليه بعد ثواني من اتصاله قائلاً بترحاب..
مصطفى بيه اؤمرني
نفذت إلى قولتلك عليه يا عبدالله
طبعاً وكنت جاى لك اهوو
تمام اووى
انا ف الخدمة
طب بص بقا عايزك تعمل حاجة مهمة جدا وممكن تكون خطيرة
مافيش خطر بالنسبة لي
تعجبني، بص بقا انت هات...

وبث مصطفى خطته التالية الدنيئة لتفرقة ذلك الحبيبين ليحصل على ما ارادته نفسه الخبيثة وشيطانه القوى الذي تجسد به، ما إن انهي مكالمته حتى تنهد بأستمتاع في الهواء، شعر انه يتخطي حاجز كبير كل يوم عن الاخر وسينجح قريبًا...!

بينما شهد في المكان المهجور تجلس وهي تضم ركبتيها إلى صدرها وتضع رأسها على ركبتها بحزن وشرود، وخوف، خوف من مصيرها المحتوم الذي سيحدده مصطفى قريبًا، اعتقدت انها تخلصت من هذا الخوف من المستقبل، لم تكن تعلم انه سراب يأتي خلفها ويلاحقها اينما كانت، كفر وجهها وجزت على اسنانها بغيظ وهي تتذكر حديثه المبغوض بالنسبة لها، تنهدت تنهيدة حارة تحمل بداخلها الكثير، وأخيراً تفكر في زوجها وحبيبها الذي لم تعشق غيره، لم تسمح لقلبها ان يعلن الاستسلام ويخسر في حرب الخسائر مباحة فيه إلا معه، اصدرت انينًا خافتًا وصوتًا مبحوحًا ليعبر عن كل مافي داخل قلبها، ليعبر عن حنينه لذلك القاسي المتمرد الذي لم تنهدم أسوار قلبه لها حتى الان..

قطع شرودها صوت خطوات مصطفى وهو يقترب منها ببرود وثبات في آنٍ واحد، كلما يقرب خطوة اكثر تزداد ضربات قلبها بين ضلوعها اكثر..
اصبح امامها ثم نظر لها نظرات لم تفهمها ابدًا ثم هتف بصوت أجش قائلاً..
عاملة اية يا حبيبتي دلوقتي، جايبلك اخبار هاتعجبك اووى
نظرت له شهد بتساؤل وإبتلعت ريقها بخوف ثم زفرت ببطئ استعدادًا لما سيقوله، في حين عقد مصطفى ساعديه ببرود شديد ثم استأنف حديثه المستفز قائلاً..

البيه بتاعك مضي على ورق الطلاق فاضل أمضتك بس يا حبيبتي...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة