قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والعشرون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والعشرون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والعشرون

حدقت به شهد بصدمة وإزدادت ضربات قلبها بين ضلوعها، لم تصدق أذنيها، مؤكد أنها تحلم، نعم، لا يقدر أن يتخلي عنها بهذ السهولة، إبتلعت ريقها بخوف وهي تفكّر، هل حررها من قيوده وتركها بهذه السهولة!، هل قرر منع اى غازى ان يغزو صميم قلبه ويؤثر فيه وبما فيهم هي!، كانت كأنها أم ينقلون لها خبر وفاة طفلها، تلقلقت الدموع التي منعت نزولها امام هذا المتعجرف ببطئ لعيونها البنية لتعطيها خليط ومظهر جذاب، اصبحت تهز رأسها نافية بهيستريا وهي تردد بداخلها كلمة لا ، نجح مصطفى في إلهاب النار التي كانت مشتعلة بداخلها من الاساس، كان قلبها ينبض بقوة وعنف كأنه يعلن عن عدم تصديقه لهذا الذي يدعي مصطفى، عدم تخليه عن الشخص الذي دق له ولأول مرة، لعدوه في حرب الحب، ليكن له الفوز في حماية قلبه ولكن، ولكنه لا يستطيع الإبتعاد، هذا شيئ مؤكد، زادت هز رأسها والتصميم يزداد بداخلها وتعهدت أن لا تبتعد مهما كان الثمن..

زادت كلمة لا في الارتفاع وخرجت من بين شفتاها التي انتفخت من كثرة البكاء طيلة اليوم ونظرت لمصطفي بتحدى وقوة وهي تصرخ قائلة..
لا لا كداااااااب، هو ميقدرش يعمل كدة استحالة اصلا يعمل كدة
تعجب من ردها مصطفى، لقد ظن انها لن تتحمل تخليه عنها وتقرر الإبتعاد على الفور، ولكنه أخفي بسرعة نظرات الاندهاش ونجح في رسم إبتسامة مستفزة على ثغره وأردف ببرود..

بس عمل كدة ولو مش مصدقة شوفي، كنت فاكرك عندك كرامة اكتر من كدة يا بت عمي بس طلعتي...
قاطعته شهد بحركة بيدها بمعني يكفي ثم نظرت له بحدة، نظراتها القوية والتي يظهر فيها بريق الإصرار وبشدة في مقابل نظراته الباردة المستفزة، أخذت نفسًا عميقًا واخرجته ببطئ وكأنها تبني الحصن لتمنع ذاك العدو من إيذاؤهم ثم هتفت بجمود قائلة..

والله حاجة متخصش حضرتك، وانا موافقة أكون معنديش كرامة، عارف لية عشان بحبه وبعشقه وهافضل مراته وام ولاده يا مصطفى
أثارت غضبه الذي كان يكتمه بداخله ورمقها بنظرات غاضبة حاقدة وأقترب منها فجأة واتكأ بجذعه ليصبح في مقابلها ثم مسك كفها بيده وضغط عليه بقوة وعيناه السوداء تشع نيران الغضب و..
لأ يا شهد لأ، انتي ليا انا وبس، وسواء رضيتي او مرضتيش مش هاتشوفي وشه تاني ودة وعد مني.

إبتعد عنها مرة اخرى لتنظر هي له بتقزز وكره وهي تتشدق ب..
متقدرش، هيوصلي يا مصطفى
نظر لها مصطفى بأستخفاف واضح واصبح ينفض يده بطرف إصبعه وهو يقول بخبث..
لأ ماهو هايبعد عنك وبمزاجه كمان.

لم تفهم شهد مقصده ولم تريد أن تفهم لأن كل ما يهمها هي ثقتها بحبيبها وزوجها، ثقتها العمياء أنه لن يتخلي عنها إلا عند موته، هزت رأسها برفق كأنها تؤكد ما قالته لنفسها، ولكنها لا تعلم أن مصطفى لن يغمض له جفن بأرتياح إلا بعد ان تصبح له فقط، كأنه صار مجنون، شهد...!

ما تضيعش نفسك يا عمر عشان حاجة تافهه زى دى
هتف فارس بتلك الجملة وهو ينظر لعمر الذي كان يشير بمسدسه في وجه فارس بفزع وخوف رهيب بعدما نهض وهو يحرك يده بالنفي ويتابع وقد سيطرت عليه حالة من الهلع قائلاً..
صدقني يا عمر انا ماعرفش فين مراتك.

كان عمر ينظر له ببرود تام على عكس ما يكمن بداخله من غضب شديد من ذلك الأحمق الذي أبعده عن رفيقة روحه، كان ( البوص ) يتابعهم بعيناه بهدوء تام منتظرًا ان يرى ما سيحدث، كان على علم دقيق بعمر يعلم انه ليس بمتهور لهذه الدرجة ليقتل شخص من رجاله وفي منزله!، وعلى علم بشخصية ذاك المرتعد وترك لعمر حرية التصرف مشيرًا لحراسه بطرف إصبعه ان يبتعدوا..
نطق عمر بجمود أتقنه قائلاً..

كداب، انت هددت ونفذت تهديدك بس ورحمة أمي ما هسيبك لو ما قولتش هي فييين
والله يا عمر ما اعرف عنها حاجة
ثم وجه نظره لرئيسهم الذي يجلس كأنه يشاهد فيلم اجنبي أكشن ثم قال بأستنجاد قائلاً..
ما تقول حاجة يا ريس، انا اعرف فين مراته!؟
واخيرًا خرج عن صمته وهز رأسه نافيًا ثم أردف بصوت صلب قائلاً..
فعلاً يا عمر هو ميعرفش اى حاجة وانا نفسي اتفاجأت الوقتي.

نظر لهم عمر بشك ثم وجه نظره لفارس الذي كان يتنفس بصعوبة ونظر له بنصف عين وهو يستطرد بتوعد شرس..
نفدت المرة دى يا فارس بس قسمًا بالله لو اكتشفت انك لك يد ف حاجة هايكون اخر يوم ف عمرك صدقني
تنفس فارس الصعداء كأن قاضيه حكم عليه بالإفراج بعد الإعدام، ثم مسح على شعره ببطئ ونظر لعمر ليجده إستدار ليغادر، زفر بضيق وبداخله يتوعد له..
رمق الرجل بنظرات لوم وهو يقول بحنق..
عاجبك كدة بردو يا بوص إلى عمله.

تؤ تؤ تؤ معجبنيش خالص، وعشان انت غالي عندى يا فارس، عمر لازم له قرصة ودن صغيرة
نظر فارس له واقترب منه وبعيناه السوداء بريق اللهفة والغضب اللامع ثم تابع بتساؤل يشوبه التشجيع قائلاً..
ايوة كدة يا ريس، بس ازاى بقا؟!
إقترب الرجل منه ببطئ وهمس بهدوء حذر يشوبه الخبث قائلاً..
بص يا سيدى احنا هانضغط على نقطة ضغفه يعني ه...

بث خطته في أذن فارس الذي ظهرت الابتسامة العريضة على ثغره بسرعة، وها هو متحالفين جدد يخططوا ضد هؤلاء العصفورين لأيذاؤهم...!

في منزل رضوى،.

رضوى في غرفتها المغلقة عليها تجلس على كرسيها الخشبي الهزاز والمفضل لديها امام مكتبها الصغير ومن حولها الاوراق الخاصة بعملها، متناثرة حولها بكثرة، أبعدت خصلة ثائرة من خصلات شعرها الغجرى الأسود عن عيناها ثم حاولت صب كل تركيزها في عملها ولكن فشلت، عقلها مشتت فيما مضي، في القرار الذي يجب عليها ان تتخذه لتتحمل نتائجه لباقي حياتها، زفرت ببطئ وبضيق شديد ونهضت عن الكرسي لتسير ذهابًا وإيابًا في الغرفة وهي تضع إصبعها برفق، تفكر بحيرة، هل تتعايش معه ام تبتعد، ولكنها شعرت بالخوف الشديد منه وهو في تلك الحالة، شعرت ولأول مرة انها تخشي شخص هكذا، هل ستعيش باقي عمرها في خوف من تحول زوجها بين الحين والاخر، بدلاً من ان يكون لها درع الأمان والحماية والاطمئنان، شعرت انها في دائرة مغلقة ستغلق عليها للأبد وتظل هي في حيرتها وخنقتها تلك، ظلت تفكر وحاولت تهدأة نفسها ولكن قطع خلوتها بنفسها تلك صوت طرق الباب، أذنت للطارق بالدلوف لتجد مها، نظرت لها بهدوء ثم هتفت بتساؤل قائلة..

خير يا مها في حاجة ولا اية؟
اه، عبدالرحمن برة وبيقول انه عايز يشوفك ضرورى
إندهشت رضوى من زيارته المفاجئة وعاد التوتر لها مرة اخرى واصبحت تفرك اصابعها بأرتباك، عقدت مها حاجبيها بتساؤل عن توترها من مجرد ذكر زيارة عبدالرحمن وما رأته في اخر زيارة، تسائلت بداخلها ماذا يحدث بينهم يا ترى؟! ولماذا هكذا بالتأكيد الأمر مريب..
افاقت على صوت رضوى التي جاهدت ان تبدو ثابته لم تتأثر قائلة..

تمام خلاص اطلعي انتي يا مها قدمي له حاجة يشربها عقبال ما ألبس هدومي وجاية
اومأت مها برأسها متفهمة ثم استدار لتغادر واغلقت الباب خلفها تاركة رضوى في حيرتها التي بدت لا نهائية، اخذت رضوى نفسًا طويلاً ثم اخرجته ببطئ، قررت المواجهه، نعم لا مفر ولا حل اخر، يجب عليها وبأى طريقة مواجهه الأسد...!

بعد قليل خرجت من غرفتها بهدوء بعدما ارتدت الإسدال الخاص بالصلاة بها والزيارات المفاجئة، نظر لها عبدالرحمن بلهفة ثم نهض وهو يقول بسرعة..
الحمدلله انك مرفضتيش يا رضوى
رسمت رضوى إبتسامة صفراء زائفة على محياها ثم جلست بعيدة عن المقعد الذي يجلس عليه عبدالرحمن واصبحت تفرك أصابعها بتوتر واضح ليتابع عبدالرحمن بأعتذار قائلاً..

رضوى انا عارف ان انا ممكن اكون عملت حاجة وانا، وانا يعني الشخصية التانية مسيطرة عليا بس صدقيني مش بإرادتي
نظرت له رضوى بهدوء ثم فتحت فاهها وتكاد تنطق بشيئ ما إلا ان قاطعها عبدالرحمن بتوضيح يشوبه الألم قائلاً..
رضوى هو انتي مفكرة دى حاجة سهلة وانا عايش حياتي طبيعي، لا بالعكس انا عايش حياتي متألم تعبان حزين، تخيلي كل يووم بأصحي اقول لأهلي هو انا عملت حاجة يا جماعة، طب هو انا اذيت حد، انا بجد اسف.

ضحك ضحكة ساخرة وهو يتذكر كل ما مر به طوال حياته منذ ان اصبح ذو شخصيتين، تلقلقت بعض الدموع في عيونه ولكنه منعها من النزول بقوة ولمعت عيناه بحزن عميق وهو يقول..

ولا هو انا يعني حابب إني كل لما اجي اعمل حاجة او اعترض على عروسة امي جيباها لي وتقولي اسكت مش كفاية إن في واحدة قبلت بيك بعيوبك دى لا يا رضوى بس انا مش قادر اتحكم فيها ولا قادر اروح لدكتور، هأروح لدكتور ازاى طب، هأروح للمصحة النفسية برجلي يا رضوى؟، انا مش مجنون بس هي السبب، هي السبب في كل إلى انا فيه دة، انا قلبي بيوجعني اوى يا رضوى وانا شايف نظرات الشفقة في عيون اى حد بيعرف، انا تعبان اوى ومحدش حاسس بيا والله حتى أمي...

اخرج كل ما بداخله من هموم وعبئ وألم لطالما خبئه وتظاهر بالقوة وعدم اللامبالاة واحيانًا الجمود لينظر لرضوى بحزن ولهفة معًا ليستشف ما ستقوله، بحث عن نظرات شفقة او عطف في عيونها ولكن لم يجد ابدًا..
وجدها تتنهد بهدوء وقوة وهي تقول بجدية...
...

بعد مرور وقت فالمكان المهجور،
ذبلت عيناها من كثرة البكاء وزاد احمرار وجهها الابيض النقي، كانت تسير رعشة في جسدها الهزيل بمجرد ان تتخيل انها ستصبح زوجة مصطفى..!

كيف، كيف تتحمله وتعيش معه الباقي من عمرها وهي تكرهه، اهون لها ان تعيش باقي العمر وحدها ومشردة من ان تعيش بجوار هذا مصطفى الذي يدخل منزله بعد منتصف الليل وغالبًا يكون في حالة سُكر شديدة، تنهدت تنهيدة طويلة وبطيئة تحمل في طياتها الكثير، كأنها تخرج ولو بعض الحزن من داخلها لتستطيع التماسك امام هذا الكائن...

فجأة دخل مصطفى وهو ساكر ويسير بترنج كأنه يثبت لها ما كانت تفكر فيه، إبتلعت ريقها بخوف، في حين نظر مصطفى للحرس وقال بصوت متقطع وآمر..
إطلعوا، اطل، اطلعوا برةةة
نظروا لبعضهم بتعجب وريبة ولكن ما باليد حيلة، إستداروا جميعهم واتجهوا للخارج على بُعد مسافات ليس بكبيرة ولكنها ليست بقليلة ايضًا وانتظروا هناك..

اقترب مصطفى من شهد ببطئ وهو يتفرس جسدها الصغير بعيناه كأنه يلتهمها في حين انتفضت هي في مكانها وحاولت ان تزحف للخلف بخوف ورعب، هي تعرف نظراته الخبيثة الشيطانية هذه جيدًا، ليست المرة الاولي له..
دقات قلبها تزاد بسرعة رهيبة في ضلوعها، أطرافها بردت من الخوف، وجهها الاحمر اصبح اصفر مرتعد يظهر عليه الهلع كأنها ترى ثعبان كبير يقترب منها ليدلغها..

اصبح مصطفى امامها تمامًا ومد يده ليلمس وجهها وهي تحاول إبعاده بكل الطرق ولكنها مكبلة وفجأة حدث ما لم يكن متوقع و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة