قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثامن والعشرون

فجأة حدث ما لم يكن متوقع بالنسبة لمصطفي ووجد من يضربه بشيئ حاد على يده بقوة، نعم لقد كان عمر، شعرت شهد بسعادة تغمرها وسيطر عليها الشعور بالأمان والاطمئنان لمجرد وجوده في نفس المكان، تراقص قلبها فرحًا وظلت تحمد الله في سرها والابتسامة لم تختفي من على وجهها، تحولت نظراتها المذعورة إلى نظرات حادة لمصطفي الذي كان يمسك بيده من شدة الألم، في حين كان عمر ينظر لشهد بلهفة كأنه يسألها بعيناه عن حالها، لم يمهل مصطفى الفرصة ولكمه بقوة جعلته ينزف، حاول مصطفى تسديد اللكمات له ولكنه كان مجروح وواقع على الأرض، استمر عمر في ضربه بغل وكره حتى شعر انه سيموت بيده حتمًا إن لم يتركه، كان مصطفى قد اغشي عليه، كانت شهد تتابعهم بنظرات شماته وأنتصار، لم تشعر بالعطف عليه ولو للحظة، لقد كان منذ ثوانٍ فقط سيدمر حياتها ويقتل براءتها ويذبحها دون اى رحمة، نظرت لعمر بهدوء في حين اقترب عمر منها بسرعة وفك الحبال وامسك بيدها وإتجهوا للخارج بسرعة، كان الحظ حليفهم لأن مصطفى طلب من الحراس الخروج والإبتعاد ليدمر شهد، وها هو طريح على الارض جثة هامدة فاقد الوعي وغير قادر على الحراك..

خرجوا بأعجوبه وركبوا سيارة عمر وإتجهوا إلى منزل عمر، لم يتفوه بكلمة، فقط اكتفي ان يطمأن عليها بنظرات هادئة ليطمئن قلبه الذي كان ينبض بقوة بسبب وأخيرًا اقترابه منها..
لم تتحدث شهد ايضًا، يكفيها ان تكن بجانبه وهي مطمئنة..
تنهد بإرتياح لم يذقه منذ يومان، وصلوا امام المنزل وترجل عمر من سيارته بهدوء تتبعه شهد وهي تحسس على يدها مكان الحبال بألم..

دلفوا إلى المنزل سويًا وأغلق عمر الباب ثم وجهه نظره لشهد، في البداية لم تفهم شهد نظراته ولكن سرعان ما أصبحت عيناه السوداء حمراء من الغضب، لمعت عيناه ببريق خافت وظهر الغضب جليًا على معالم وجهه الأسمر وهو يقترب منها حتى اصبح امامها تمامًا، ظنت شهد انه سيضربها او يعنفها وأغمضت عيناها بخوف في حين اقترب عمر اكثر وفجأة ضمها بقوة، تفاجأت شهد ولكنها كانت بحاجة لهذا الحضن، ليشعرها بالأمان، ليثبت لها انه خاصته هو فقط..

بينما عمر كان يشدد من قبضته عليها حتى شعر ان ضلوعها ستنكسر بين يداه، تألمت شهد ولكن لم تظهر، هذا الألم اهون واحلي من الم البقاء مع هذا الوحش مصطفى ، اخذ عمر يشتم عبيرها ودفن وجهه في شعرها عند رقبتها وأخذ يلمس على شعرها برفق وحنان..
اخذ يتساءل ماذا كان سيحدث له أن لم يجدها في الوقت مناسب، الحمدلله
قال عمر هكذا لنفسه قبل ان يبتعد عن شهد بهدوء وامسكها من كتفيها وهو يهزها برفق قائلاً بحنق..

ازاى تطلعي ازاى، بعدتي عني اد اييية، انتي عارفة كان اية هيحصلي لو ملاقتكيش
نظرت شهد له بتعجب قاطبة جبينها بضيق، هل نسي أنها كانت مختطفة..!
لم تذهب مع مصطفى بأرادتها بالتأكيد، هي لا تحتمل رائحته وتتقزز من رؤيته، يترجف جسدها بخوف بمجرد ان يقترب منها للحديث حتى..!
نظرت له بضيق ثم قالت بإقتضاب..
على فكرة انا كنت مخطوفة ماروحتش معاه بمزاجي و...

قاطعها عمر وهو يرمقها بنظرات مخيفة قائلاً بحدة وهو يشير بإصبعه..
طلعتي من البيت ليية، انتي عارفة كان اية هيحصل لك لو ماوصلتش في الوقت المناسب، عارفة انا كنت هاعمل اية لو نفذ إلى كان ناوى عليه، كنت هاقتله واقتل نفسي وراه، مكنتش هأتحمل تاني
حاولت شهد أن تتحدث مرة اخرى ولكن قاطعها عمر وتحولت نظراته من الغضب للحنان والهدوء وثبت نظراته على عيناها مما أربكها وبشدة، هتف بشغف قائلاً..

انا مش قادر اخبي اكتر من كدة، انا بحبك اووى يا شهد، اوووى، كنت كتير بحاول اقنع نفسي اني مش بحب غير هند بس فجأة لاقتني مش عارف اعيش من غيرك، لاقتني بتنفسك، اوعي تبعدى عني تاني انا مقدرش اعيش من غيرك.

كانت شهد تحدقه بنظرات مصدومة، وإتسعت حدقة عيناها، وأحمر وجهها ببطئ، كانت تتمني هذه اللحظة منذ ان احبته ولكنها لم تتوقعها الان، كانت سعادتها في هذه اللحظات لا توصف، شعرت ان قلبها يكاد يختلع من بين ضلوعها ليحتضن قلبه ويكونوا مزيجًا رائعًا، تسللت الإبتسامة الواسعة لثغرها في ثواني ونظرت له بعشق وأردفت بحنان يشوبه الخجل قائلة..
وانا مقدرش ابعد عنك لأن انا كمان بحبك اوى.

ضمها عمر بحنان مرة اخرى وكأنه يتأكد انها اصبحت بين يداه الان، لن تبتعد عنه مرة اخرى، نجحت في تخطي كل الحصون التي بناها امام قلبه لمنع اى شخص من إختراقه، ولكن هذا يسعده..

ابتعد عنها سنتيمتر واحد ونظر في عيناها البنية بتعمق، ليرى أنعكاس صورته في عيناها، اقترب منها ببطئ وهو موجهه نظره على شفتاها الحمراء، توترت هي وشعرت بقلبها يدق بقوة وصوت، شعرت انه يكاد يُسمع صوته، التهم شفتيها بشفتاه بشغف وحب ولأول مرة، لف يده حول خصرها وقربها منه بشدة لتلتصق به، وضعت يدها حول رقبته وبادلته القبلات بحنان..

رفعها برفق وإتجه لغرفته بالأعلي، فتح الباب بقدمه ودلف ثم وضعها على الفراش بهدوء وهو فوقها، انظاره الراغبة والحانية ونظراتها الخجولة المرتبكة..
اقترب منها ليتذوق طعم شفتاها مرة اخرى ليمتزجوا سويًا بشغف، واستسلم امام إندافاعتها لدخول قلبه وخسر في حرب الخسائر مباحة فيها، واخيرًا اصبحت زوجته وله شرعًا وقانونًا...

في منزل رضوى،
نظر لرضوى بحزن ولهفة معًا ليستشف ما ستقوله، بحث عن نظرات شفقة او عطف في عيونها ولكن لم يجد ابدًا..
وجدها تتنهد بهدوء وقوة وهي تقول بجدية..
انا موافقة يا عبدالرحمن، موافقة عليك وموافقة إني اكمل حياتي معاك
رمقها بنظرات صدمة، سعادة، ارتياح او لنقل مزيج من المشاعر المختلطة، إبتسم بسعادة ولهفة ثم اردف بتساؤل يشوبه بعض الخوف قائلاً..
يعني مش هتتأثرى ف اى وقت وتقولي عايزة ابعد صح؟!

اومأت رضوى برأسها بهدوء ثم تنهدت كنوع من التشجيع حتى لا تغير رأيها ثم تابعت بصوت قاتم قائلة..
طالما انا إلى اختارت، هكمل وهأتحمل نتيجة اختيارى للأخر.

ثم صمتت لبرهه من الزمن ونظرت له بدقة ولأول مرة بالنسبة لها تلمح نظرات الحزن والإنكسار في عيناه، لم يسبق لها ان تمعنت عيناه السوداء من قبل، نظرت للأرضية بتوتر عندما افاقت لنفسها ووجدته يحدجها بنظرات غير مفهومة ولامت نفسها على نظراتها تلك ولإنها لم تغض بصرها، ثم استطردت بأصرار قائلة..

بس عايزاك تتعالج يا عبدالرحمن، مش عشان اى حد لأ عشان نفسك عشان عبدالرحمن، عشان مايبقاش مكسور زى ما انا شايفاه دلوقت، هتتعالج وهتبقي طبيعي خالص وحياتنا مستقبلاً طبيعية
فكر في حديثها لثواني ولكنه هز رأسه نافيًا بسرعة وهو يقول بلهفة..
يا رضوى انا مش عايز أدخل مصحة، انا مش مجنووون مش مجنوون والله.

عضت رضوى على شفاهها السفلية بلوم وشعرت بالحزن يتسلل لداخلها، لقلبها ومن أجله هو، شعرت انها هي من تعاني وليس هو فقط، نظرت له بهدوء مرددة بتشجيع..
صدقني يا عبدالرحمن مش هتدخل مصحات، انت هتتعالج مع دكتور نفساني على جلسات، وكمان انت ربنا كارمك لإن الحالة مش بتيجي لك كتير ويمكن تتعالج بسرعة، زى منا عايزة اساعدك ساعد نفسك يا عبدالرحمن بالله عليك.

ظل ينظر على المنزل كله بتوتر وهو يفكر، ولما لا؟!، ماذا سيحدث لن يحدث اى شيئ ولن ادلف لمصحات فقط سأتعالج واشفي وانظر لكل شخص اشفق عليّ بتحدى وقوة، حدث عبدالرحمن نفسه هكذا وهز رأسه بهدوء ليؤكد على كلام رضوى وكلامه ثم تابع بأرادة قائلاً..
ماشي يا رضوى هأروح وهأتعالج عشان نفسي انا، وعشانك
ابتسم رضوى ابتسامة صغيرة براحة، وسعادة، لأنها نجحت في إقناعه، نظرت للداخل ثم هتفت بهدوء قائلة..

معلش يا عبدالرحمن انا ورايا شغل كتير جدًا لسة ماخلصتوش
ابتسم عبدالرحمن وهز رأسه متفهمًا وهو يقول بأمتنان..
ولا يهمك انا كدة كدة رايح، وشكرًا لكل حاجة يا رضوى
الشكر لله
لم تكن تريد إكمال عملها ولكنها كان لديها رغبة بالأنفراد بنفسها قليلاً لتفكر فيما قررته الان وفيما ستقرره لاحقًا..
إستدار عبدالرحمن وإتجه للخارج وفتح الباب ليخرج ثم ألقي نظرة سريعة على رضوى التي كانت شاردة مكانها وذهب...

دلف رجال مصطفى وتعجبوا من تأخره بداخل لأكثر من ساعتان، إنتابهم القلق ثم توجهوا للداخل بخطوات حذرة، جمدت ملامحهم عندما وجدوا مصطفى ملقي على الأرض فاقد الوعي وغارق في دمائه، ظلوا ينظروا لبعض بتساؤل وحيرة، قطع احدهم الصمت قائلاً بصوت آمر..
مستنين اية، يلا شيلوه معايا نوديه على اقرب مستشفي
قال شخص اخر بقلق وهو يتراجع..
وافرض حد سألك وطلبوا البوليس عشان يعرفوا!، لا يا عم اخاف اروح ف داهية.

هز الاخر رأسه نافيًا بسرعة وهو يقول..
لا لا احنا هانحطه ادام اى مستشفي ونمشي اما نتأكد ان حد دخله المستشفي عشان مايموتش انت مش شايفه
نظروا لبعض مرة اخرى بحيرة اكثر وكأنهم يستشيرون بعضهم من خلال نظراتهم ثم بدأو برفع مصطفى ووضعوه داخل إحدى السيارات واغلق احدهم الباب وركب السيارة بسرعة وخلفه الباقي في السيارة الاخرى متوجههين لأقرب مستشفي...

في احدى العيادات،
كانت مها تجلس على احدى الكراسي في ركن في العيادة لأحد الاطباء الذي اخبرتها عنه صديقتها، كانت تفكر كثيرًا وهي تفرك اصابعها، تقلق لأنها توقفت عن اخذ دواء ( منع الحمل ) وخوفًا من رد فعل حسن وأنه ممكن ان يتركها، ام تسعد لانه يمكن ان يفرح أنه سيصبح أب..!
افاقت على صوت السكرتيرة وهي تنادى عليها بصوت هادئ قائلة..
مدام مها جمال اتفضلي.

اومأت مها رأسها بتوتر ونهضت بهدوء ثم دلفت إلى الغرفة واغلقت الباب خلفها، نظرت لها الطبيبة ثم هتفت بجدية قائلة..
اتفضلي اقعدى يا مدام مها خير؟
انا يعني بأحس بدوخة وبتقيئ وبقرف كتير من بعض الاكل وعايزة اكشف.

امأت الطبيبة بهدوء وهي تشير لها بإتجاه الفراش الصغير لتنهض مها وتتجه له وتتمدد عليه وهي تفرك إصابعها بقلق، تقدمت الطبيبة وفحصتها وبعد دقائق انتهت ونهضت واتجهت لمكتبها وجلست على كرسيها وهي تقول لمها بدبلوماسية..
خير متقلقيش
تقدمت مها وجلست امامها وهي تنظر لها بتساؤل لتتأكد من شكوكها، استأنفت الطبيبة حديثها بأبتسامة قائلة..
كل الحكاية انك حامل، مبروك يا مدام مها...!

في منزل عمر،
تحديدًا في غرفة عمر التي اصبحت لاحقًا غرفتهم، كانت شهد تنام بجوار عمر وفي احضانه، تضع رأسها على صدره والابتسامة الخجولة على وجهها، في حين كان عمر شارد يفكر، هل خان وعده لهند انه لن يحب غيرها!، هل سيندم على حبه لشهد في يوم من الايام!، هل سيبتعد عنها من تأنيب ضميره، لا لا بالتأكيد، هو احبها بصدق واصبحت روحهم واحدة ولا يمكنه الإبتعاد عنها بعد الان..

نفض تلك الأفكار من رأسه ورفع بطرف اصبعه وجه شهد من ذقنها ونظر في عيناها واخذ يتمعنها وينظر لها بحب وعمق، صبغت وجنتاها باللون الاحمر وحاولت النظر للجهه الاخرى ولكن مسكها عمر برفق وهو يقول..
لسة مكسوفة مني يا شهدى؟!
لاحظت لقب شهدى الذي نادها به، ثم نظرت له وعيناها تشع بالفرحة والسعادة والعشق، حركت شفتاها لتقول بهمس..
شهدى، حلو اوى الاسم دة جبته منين.

اخذ يعبث بخصلاتها الذهبية وظهرت الإبتسامة على ثغره، وشعر بالسعادة تغمره ولأول مرة منذ زمن، منذ وفاة والدته، كأن شهد هدية لتعوضه عن كل هذا الحزن السابق، نظر لها مرة اخرى ثم اكمل بتملك قائلاً..
عشان انتي شهدى انا وبس، بتاعتي انا
ثم اقترب منها مرة اخرى ليقبلها ليثبت لها ملكيته الأبدية فيها إلا ان وجدوا طرقات على الباب بقوة في الاسفل تقاطعهم، زفر عمر بضيق ثم استطرد بحنق قائلاً..
ودة وقته دة اوف.

لم تقدر شهد على منع إبتسامتها من الظهور، كان شكل عمر وهو غاضب ولأول مرة تشعر ان مظهره في الغضب مضحك، نظر لها عمر لتخفي ابتسامتها بسرعة، أبتسم لها بهدوء ثم قال وهو يغمز لها بطرف عينه..
جايلك تاني يا شهدى.

نهض بهدوء وارتدى ملابسه على عجالة ثم إتجه نحو الباب وفتح الباب وخرج، نزل وإتجه للباب ليفتح، بينما شهد سيطر فضولها عليها ونهضت وارتدت ملابسها بسرعة وسارت بسرعة وبرفق خلف عمر، هبطت وهي توزع انظارها لتتسع حدقة عيناها وهي ترى...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة