قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السادس والثلاثون

سيطرت على مها حالة هيستيريا شديدة، وكانت الإبتسامة تعلو ثغرها وهي تردد كلمة قتلته فقط، ثم اصبحت تركض اسرع وتضحك بسخرية، ولا تأبه بالسيارات التي من حولها او بالأفراد واندهاش بعضهم من مظهرها، اصطدمت بأحد الاشخاص الذي عقد حاجبيه بدهشة واضحة ثم سألها بجدية قائلاً..
مالك يا مدام، محتاجة مساعدة؟

لم تكن بحالة تسمح لها بالرد نهائيًا، كانت فقط تضحك بسخرية واستمرت بالركض، ربما تضحك على الحال الذي اصبحت فيه، ربما تضحك بسخرية لأنها نفذت انتقامها ولكنها رمت بنفسها وطفلها القادم في بئر عميييق لا تستطيع الهرب منه، ولكن هذه النهاية المؤكدة والمحتومة لكل عاصي يبتعد عن الله ليبحث عن متائع الدنيا فقط...!

وقفت امام احدى سيارات الأجرة، استطاع السائق إيقاف السيارة في اخر لحظة، كان رجل كبير في العمر إلى حدًا ما ويظهر ذلك خصلات شعره البيضاء التي تظهر تحت الطاقيه البيضاء، ترجل من سيارته وهو يلوح لها بيده ويوبخها، لم ترد على ما قاله وكانت فقط تردد جملة جديدة قتلته قتلته عايزة اهرب عايزة اهرب بسرعة.

تعجب الرجل وبشدة ورادوه الشك في أمرها ولكنه شعر انها تحتاج إلى المساعدة، اقترب منها قليلاً ليتحدث معها بصوت منخفض ولكن وجد حالة من الفزع سيطرت عليها واصبحت تعود للخلف بخوف، هز رأسه بأعتراض وأسي على حالتها المرزية مرددًا بشفقة..
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، طب تعالي اوصلك ماطرح ما انتي عايزة.

أنتبهت لجملته الأخيرة ونظرت له بحيرة وشك، كانت كالطفل الذي يخشي وحش امامه، ولكن ربما يكون الوحش الكاسر الذي تراه ليس هذا الرجل بشخصه وإنما تكونت لها صورة وحش كاسر عن الجنس الأخر جميعه..!
اقتربت ببطئ وركبت السيارة ليركب هو الأخر، نظر لها بهدوء ثم هتف بصوت أجش قائلاً..
قوليلي يا بنتي انتي عايزة تروحي فين وماتخافيش انا زى ابوكي
أخيرًا استطاعت الخروج من حالتها تلك ولو لدقيقة ثم ردت عليه بخفوت قائلة..

انا عايزة اروح العنوان (، )
أملته عنوان منزلهم ليحرك الرجل المقود متجهًا للمنزل، بينما مها ظلت تضحك بسخرية وتجسد امامها مشهد قتلها لحسن، الرجل الوحيد الذي يفترض انها احبته واحبها وتحمل منه طفل...!

في منزل عمر،
صعد عمر إلى الأعلي ليعرف ماذا اصاب شهد، كانت منذ دقائق عندما تركها طبيعية إلى حدا ما وتتشبس به وكأنها تخاف من الاخرين وتحتمي في حضنه هو فقط، ولكن الان ما الذي حدث، لماذا يرى في عيناها نظرات لأول مرة يراها، لم يعد يرى لمعة الحب والحنان في عيناها البنية التي عشقها، حل محلها الجفاء وبريق خافت واضح ولكنه، قاسي،.

وصل امام غرفتها ومد يده على المقبض ولكنه كان في حيرة شديدة من امره، يتركها لتقرر ما تريد أن تفعله ام يدلف ويواجهها ويسألها عن سبب تغيرها المفاجئ والغير مقنع بالمرة، تنهد تنهيدة طويلة وعميقة تحمل الكثير في طياتها ثم عزم أمره وفتح الباب ودلف بخطوات هادئة، بينما كانت شهد تمدد جسدها على الفراش وتنظر للأعلي بشرود وهي تفكر فيما رأته، كانت تنتظره، وبداخلها تتمني أن يأتي ويقص لها ما حدث او حتى يعتذر لها، ولكنها بحركة مباغته اغلقت عيناها لتمثل أنها نائمة، زفر عمر بضيق لأنه يعمل عن ظهر قلب أنها مستيقظة، اقترب منها وجلس على ركبتيه ليصبح في مستواها ثم تمعن النظر لتفاصيلها التي يعشقها ثم نظر لشفتاها بحب، رغبة، اشتياق، فجأة اقترب منها وقبلها برقة وحب وحنان ليبث لها مدى عشقه واشتياقه لها، رمشت عدة مرات واصبح قلبها يخفق بقوة لدرجة انها شعرت انه يسمعها، كأن قلبها يقول لها بفرحة، ها رأيتي قد جاء ليقص لكي كل شيئ، بينما عمر كان ينظر لها بهدوء، لا يعرف لما فعل ذلك ولكن ربما فعل ذلك ليثبت لها انها لن تستطيع ان تبتعد عنه مهما فعلت..!

لم تستطيع شهد أن تمثل النوم اكثر من ذلك، نهضت ونظرت امامها وظلت عابسة ثم هتفت بصوت قاتم قائلاً..
اية يا عمر في حاجة؟
اومأ عمر ونهض ليجلس بجوارها ثم نظر في عيناها ليرى انعكاس صورته فيها، لعيناها التي مثل البحر يغرق فيها، ثم أردف بصوت حاني قائلاً..
اه في، في انك اتغيرتي فجأة، مالك يا شهدى في اية؟

نظرت شهد له بحدة، لأول مرة منذ ان رأت عمر تنظر له بحدة وغضب شديد ثم استطردت بنبرة غليظة وهي تضغط على كل حرف قائلة..
لأ مفيش خالص، هو في حاجة حصلت النهاردة عشان يبقي في، لا مفيش.

تغاضي عمر حدة نبرتها ونظراتها وأقترب منها ببطئ ليثبت لقلبه انها حزينة على والدها الراحل لا اكثر وانه لم يتغير اى شيئ في علاقتهم، اقترب اكثر ولم يعد بينهم اى مسافة، لفحت انفاسه بشرتها البيضاء وأغمضت عيناها واصبحت انفاسها مضطربة من قربه، ولم تريد ان تستسلم بهذه السهولة ثم فجأة دفعته بقوة ونهضت وهي تقول بسخرية..
اه قول كدة، انت بتقرب مني شهوة، اهي اى واحدة وخلاص، صح.

جحظت عيناه بصدمة بالغة، ثم نهض واقترب منها ببطئ، تلقي اكبر صدمة الان، فكيف لها ان تظن به هكذا، لا مستحيل مؤكد انها مغيبة الان لا تعرف ما تقوله، حدق بها بصدمة جلية على ملامحه الصارمة وهو يتشدق ب:
انا يا شهد، انا عايزك شهوة بس! انا عمر، فوووقي انا عمر حبيبك
عادت بخطواتها للخلف وجزت على أسنانها بغيظ وهي تتذكر مشهد احتضانه للفتاة ثم صاحت فيه بغيظ قائلة..

اه انت، انت مش فارق معاك مين، المهم اى واحدة وخلاص، المهم رغباتك وبس
تعدت كل الخطوط الحمراء، وتملك الغضب من عمر واحمر وجهه وهو ينظر لها بغضب، كأنها اشعلت نيران بداخله يصعب إطفاؤوها، لدرجة انها خافت من نظراته وندمت على ما قالته، أمسكها من ذراعها بقوة وضغط عليهم بقوة ألمتها ولكن لم تظهر ثم زمجر فيها بغضب هادر قائلاً..

لأ، انا مش شهواني يا مدام، ولو عايز منك حاجة هاخدها غصب عنك او بمزاجك لان دة حقي، فاهمة حقي، ووعد مش هأقرب منك تاني يا شهد غير لما توعي للي انتي بتقوليه
ثم تركها واستدار ليغادر تاركًا اياها مغمضة عيناها وكل كلمة قالها تترد بأذنيها وقلبها يدق بقوة شديدة كأنه يعترض وبشدة على ما قالته ويحذرها من العواقب الوخيمة، توقف عمر عند الباب بعدما فتحه وقال وهو يجز على اسنانه قائلاً بتوعد..

انا هأسيبك بس دلوقتي لأني بأحاول اقنع نفسي انك نفسيتك تعبانة عشان موت والدك، لكن الكلام إلى قولتيه دة عمرى ما هنساه يا مدام شهد.

في منزل رضوى،.

عزمت رضوى على مواجهة والدتها ورفضها لتحكمها في حياتها لهذه الدرجة، وقد ظهر بريق الإصرار في عيناها، ربما كان مصدر قوتها هو عبدالرحمن وبالإخص بعد مكالمته، شعرت بالمسؤلية تجاهه اكثر، ثم نهضت و مسحت دموعها بيدها ونظرت على الباب ثم إتجهت للخارج لتجد والدتهت تجلس على الأريكة بكل برود ولكن يبدو انها تفكر في شيئ ما ورضوى كانت تغلي بالداخل ودموعها لم تجف، اقتربت من والدتها وتوقعت انها تفكر في نفس الموضوع فأبتسمت بسخرية وهي تحدث نفسها بتهكم..

يا ترى هاتقرر اية تاني في حياتي
تنحنحت بهدوء وهي تجلس بجوار والدتها قائلة بهدوء حذر..
ماما عايزة اتكلم معاكي
نظرت والدتها لها بطرف عينيها ثم هزت رأسها موافقة، فكادت رضوى تتفوه بشيئ ما ولكن قاطعتها والدتها وهي تشير بيدها ثم هتفت بجدية يشوبها التهكم قائلة..
اكيد جاية تتكلمي معايا ف نفس الموضوع، اية مابتزهقيش
هزت رضوى رأسها نافيًة ولأول مرة تعارض والدتها وردت بجدية مماثلة بل أكثر قائلة..

لا مازهقتش ومش هأزهق غير لما توافقي فعلاً
زفرت والدتها وتعجبت من إصرار رضوى الواضح، لم تكن هذه من اعترضت على الزواج من أساسه، هي من اجبرتها والان هي من تصمم على إكمال هذه الزيجة، إتسعت مقلتاها بصدمة وقد اردكت سبب هذا الاصرار الان ثم اردفت بصدمة قائلة..
انتي حبتيه يا بت ولا اية!

نظرت رضوى للأرضية بخجل ولكن تذكرت ان والدتها يمكن ان تفهم هذا الخجل كما ارادت، نظرت لها مرة اخرى بنفس الاصرار، ثم ردت بخفوت قائلة..
اه يا ماما حبيته، فيها اية لما أحب واحد هايكون جوزى بعد شهر او اقل، المفروض دة يفرحك مش يزعلك خالص
لأ يزعلني اما يكون إلى حبتيه دة مجنون بقاا.

نظرت لها رضوى بغضب كأنها ضغطت على الجرح من جديد، ولكنها لن تسمح لدموعها بالطهول او تسمح لنفسها بالضعف ابدًا، تنهدت لتهدأ نفسها ثم اردفت ببرود أتقنته قائلة..
للمرة المليون يا أمي بأقولك عبدالرحمن مش مجنون يا امي افهمي بقاا.

لم تنظر لها والدتها وظلت تحدق بالأرضية بصمت، يأست رضوى من محاولتها وظهر الحزن على محياها، وصارت تقنع نفسها ان الحزن كُتب عليها للأبد، نهضت وإتجهت لغرفتها ببطئ لعلي والدتها ترضي وتناديها وفتحت الباب لتدلف ولكن وجدت والدتها تقول بصوت حاني غير معتاد منها..
انا موافقة يا رضوى، بس اتحملي نتيجة اختيارك بقا.

في منزل عمر،
كانت شهد تجلس على فراشها في غرفتها وتفكر في الكلام الذي قاله لها عمر، حاولت إقناع نفسها انه قال لها هذا الكلام ليؤثر عليها فقط، وانها يستحيل أن تكذب عيناها وتصدق حبه ليها، ولكنها في كل مرة تلمس الحب والحنان في نظراته ونبرة صوته، كيف كل هذا كذب!

تنهدت بضيق وهي تمسح على شعرها، كل ما تتذكر هذه الدقائق التي مرت تجد قلبها يدق بسرعة وبقوة كأنه يحن لهذه الاوقات، اما كان يكفيها حزنها على والدها ليزيدها هذا وجعًا وألمًا..

بينما في الأسفل عمر يسير ذهابًا وإيابًا وهو يتذكر إتهامها، كيف لها ان تشك في حبه لها وتفسر اشتياقه وحنانه كشهوة فقط، أيعقل ان ثقتها به انتهت، ام ان هذا بسبب قلة نومها وصدمتها في موت والدتها، ولكن على اى حال هو لا يقبل ان يمس اى شخص كرامته في اى حال من الاحوال ولن يسمح لها بهذا حتى وإن كانت حبيبته وزوجته..!

قطع تفكيره وشروده صوت طرق الباب، تأفف بضيق وإتجه الباب وفتحه، ليحدق فاغرًا شفتيه بصدمة تامة ثم هتف قائلاً..
مصطفي...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة