قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع والثلاثون

احيانًا نعتقد أن كل شيئ مر بسهولة وفتور ونحّزن على ما حدث، ولكن الله يعقاب كل خاطئ سواء في الدنيا او الاخره، ولربما لذلك نتوكل على الله دائمًا ونرضي بقضاؤه..
صُعق من تواجده الان تحديدًا، حاول أن يبدو ثابتًا حتى لا يعطيه الفرصة ونظر له بحدة ممزوجة بالغضب ثم هتف بغضب قائلاً..
خير جاى ليه يا مصطفى، مش قولتلك اوعي اشوف وشك هنا تاني.

أبتسم مصطفى ابتسامة مكسورة بسخرية، ولفت أنتابه عمر الهالات التي تكونت تحت عيناه ووجهه الذي اصبح شاحب، وجسده الرياضي الذي اصبح نحيف مؤخرًا، نظر له مصطفى بضعف ثم أجابه بألم..
متجلجش، انا مش جاى عشان حاجة، انا جاى عايز أشوف شهد واجولها كلمتين بس.

جز عمر على أسنانه بغيظ، وقد زاد مصطفى ألتهاب النيران التي اشعلتها شهد بداخله، قد جاء لقدره فكيف يجرؤ على طلب زوجته وفي منزله، أقترب منه كثيرًا ثم أمسكه من لياقه قميصه وهو ينظر له بحدة ثم تابع بتوعد شرس قائلاً..
انت مجنون ولا اية، عايزنى انادي لك مراتي تتكلموا مع بعض واطلع انا يعني.

هز رأسه نافيًا ولم يبعد يد عمر حتى عنه، وكان مسالم تمامًا، مما أثار دهشة عمر، لم يكن هذا الوحش الثائر الذي يريد شهد ويرغب في الأنتقام فقط، لقد تبدل حاله تمامًا، ولكن ماذا حدث يا ترى..!
في نفس اللحظات كانت شهد تستمع لحديثهم، رق قلبها على مظهر مصطفى، فالدماء لا تصبح مياه مها حدث، ولكنها اعتادت مؤخرًا أن لا تكون متسرعة..
انا هنا، خير يابن عمي جاى تشمت في موت ابويا ولا اية.

لم تعرف من اين اتت لها هذه القوة التي جعلتها تندفع وتتجه لهم، ولكن ربما فعلت ذلك لأنها تيقنت انه الان ضعيف، وكان عمر ينظر لها بغضب شديد، او لنقل ان النيران كانت مشتعلة في عيناه، لم تعرف انها تخطت كل الحواجز التي تفصلها بين الجحيم عند عمر..
تنهد مصطفى وابعد يد عمر عنه ثم أردف بأنكسار وحزن..

لا خالص يابت عمي، ربي إلى يعلم كد اية كنت بعز عمي الله يرحمه، انا جاى بس عشان اجولك أن ربنا اخد لك حجك وانتجم مني
قطبت شهد جبينها بتعجب ولم تفهم ما أراد قوله، بينما عقد عمر ساعديه وهو ينظر له ببرود ولكن مصطنع، أكمل مصطفى حديثه بتهكم قائلاً..
يعني بعد ما جوزك ضربني هناك وأغمي عليا في ناس نجلوني المستشفي وهناك بعد ما كشفوا عليا
فلاش باك.

كان مسطح على الفراش بالمستشفي كالجثه الهامدة بعدما تركوه من كان معهم عند بوابة المستشفي، ودلف به رجل وتكلف بعلاجه حتى يستعيد وعيه، ظهر الإعياء على وجهه، بعد ساعات استعاد وعيه وظل ينظر حوله بغضب، ثم صاح بصوت عالٍ قائلاً..
انا فييين، واية إلى جابني هنا
في نفس اللحظات دلف الطبيب بخطوات هادئة ثم اقترب منه وهتف بجدية..
اهدى، انت هنا في مستشفي (، ) في واحد جابك وتقريبًا راح يشترى حاجة.

إبتلع غصة مريرة في حلقه وقد تذكر ما حدث منذ ساعات، ثم نظر للطبيب بهدوء واستطرد بتوجس قائلاً..
طب انا ليه كدة يا دكتور، انا تقريبًا مش حاسس بجسمي كله، وهمدان ومش جادر خالص؟
زفر الطبيب على مهل ثم نظر في الأشعة التي في يده واجابه بأسف قائلاً..

يؤسفني اقول لك أنك عندك سرطان في المخ، احدى الضربات كانت في المخ ودة إلى خلانا نكتشف المرض، وفي حالة متأخرة جدا، انا مش عارف انت ازاى ماكشفتش قبل كدة، لكن باقي جسمدك كدمات بسيطة وجروح سطحية.

ظل يضحك بسخرية مريرة وبصوت عالي، واندهش الطبيب ولكن استدار وغادر، ايقن مصطفى الان ان الله لا يضيع حق مظلوم، ويستجيب لدعاؤه، لقد انتقم الله لشهد اشد الانتقام، نهض بسرعة من الفراش ولم يكن في مخيلته سوى كل محاولاته وهو يعتدى على شهد وتوسلاتها ودعاؤها عليه المستمر
رن هاتفه معلنًا عن إتصال من والده، تحامل على نفسه وجلب الهاتف ثم اجاب والده قائلاً بألم دفين..
الووو ايوة يابوى.

مصطفى انت فين دة كله، لازم تيجي فورًا، شهد هنااا
كفاااااية بقا خلاص، سيبها في حالها وتتهني مع جوزها زى منا هاعمل، ربنا انتجم مني، وحرمت، والله اعلم هاعيش ولا هاموت
كيف يا ولدى، اية الكلام إلى بتجوله دة
بجولك اني عندى سرطان في المخ يا بوى، ارتاح
اغلق الهاتف في وجهه وهو يزفر، لأول مرة في حياته يبكي، وليس بكاء عادى وإنما بكاء حاد من يراه يشفق عليه..

خرج من المستشفى وهو يركض وتحمل بصعوبة، بعد ان اخذ نقوده وركب احدى سيارات الاجرة متجهًا لمنزل عمر، وصل امام المنزل ثم اخرج بعض النقود وعطاها للسائق، الذي كان ينظر له بشفقة وعطف، النظرات التي كان دائمًا يكرهها ويراها ضغف وعار للرجل..!
باك.

كانت شهد تحدج به وغير مصدقة ابدًا ما تسمعه الان، وقد تلقلقت الدموع في عيناها، برغم كل شيئ فهي لا تنسي بعض الذكريات وطفولتهم معًا، بينما كان يرمقه عمر بنظرات حائرة، لم يعرف يصدقه من مظهره وحديثه ام يكذبه لأنه مثل الحربائه يتلون بعدة الوان..!
بتر تفكيرهم وكأنه يعلم ما يفكرون به الان، قائلاً بتوسل..

انا عارف انكم ممكن تكونوا مش مصدجين، بس انا عايزك تسامحيني يا شهد، على كل حاجة، انا كان حبي التملك فيكي عاميني، ويمكن ربنا بيسامح في حجه لكن ما بيسامحش في حج عبده
امأت شهد وهي تقول بشفقه وحزن، لم تكن تتوقع انها ستحزن عليه على الرغم من ان كلما تتذكر ما فعله معها وفي كل صلاة تدعو الله ان ينتقم منه، ولربما لأنها كان في عقلها أن مصطفى هو السبب الرئيسي في إبتعادها عن والدها الراحل..
سامحتك يابن عمي.

هتفت بها شهد، كأن لسانها تصرف كما يريد قلبها، على عكس عقلها تمامًا، في حين أبتسم مصطفى برضا وحزن معًا ثم استأنف حديثه قائلاً بوهن..
انا كدة ماعايزش حاجة غير إن ربنا يسامحني بس
أقترب من عمر ببطئ ثم وضع يده على كتفه وربت عليه برفق قائلاً بهدوء حذر..
خلي بالك منها، باين عليها بتحبك جدًا.

لم يرد عمر عليه على الرغم من أنه كان يكن له الكره والغيظ الشديد منذ دقائق، ولكن نظرات مصطفى وكلامه ومظهره يجعلوا اى شخص يعطف عليه،
استدار وغادر وسط نظراتهم الحزينة وإتجه للمستشفي مرة اخرى، كانها عاصفة هبت عليهم ولكنها الان عاصفة هادئة ولقد رحلت وربما للأبد...!

في منزل رضوى،
بعض الاشياء تحدث ك مكافأة وجزاء من الله مثلها مثل العقاب، واخيرًا أتت الرياح بما تشتهي السفن، لتَدق العقارب والأجراس معلنة عن بدأ سعادة البعض لتعوضهم عن كل شيئ مؤلم مروا به مسبقًا في حياتهم..

تهللت اساريرها بمجرد سماعها لجملة والدتها لدرجة انها شعرت انها تحلم، ركضت بإتجاه والدتها بسرعة وأحتضنتها بحب دفين، ربما لها شهور او سنوات لم تحتضن والدتها ولم تشعر بحنانها، شددت والدتها على احتضانها، لم تتخيل أن رضوى ستصبح بهذه السعادة إن وافقت على الزيجة التي كانت تفرضها عليها هي، ولكن هذه، اقدار
نهضت رضوى وابتعدت قليلاً وهي تتمتم بخجل قائلة..
انا هأروح اقول لعبدالرحمن بقا.

ثم نهضت وركضت متجهه للداخل بسرعة كأنها تخشي تغيير رأى والدتها في اى لحظة، إتجهت للداخل واغلقت الباب ثم امسكت هاتفها بسعادة داخلية وظاهرية ثم اتصلت بعبدالرحمن الذي كان ينتظر اتصالها بلهفة قائلاً..
الوو رضوى
ايوة يا عبدالرحمن، موافقة
بجد يا حبيبتي، طب انا هأقوم البس
...
اسف طلعت مني الكلمة تلقائية
لا عادى بس بفضل هاتبقي اجمل اما تبقي حلال
اكيد
تمام هأقوم البس
وهاجي اخدك من تحت البيت
مستنياك.

مع السلامة يا زوجتي المستقبلية
مع السلامة.

اغلقت وظلت تقفز عدة مرات متتالية من فرط سعادتها، لم تشعر بسعادة تغمرها مثل الان، فجأة وجدت والدتها تصرخ، خرجت بسرعة لتجد مها تقف على الباب بترنج، وبحالة هيستريا، وبجانبها رجل كبير في العمر، شهقت وركضت بإتجاه مها ووالدتها حتى انها لم تلاحظ انها لم ترتدى حجابها، اسندت مها التي كانت لا تتوقف عن الضحك بسخرية، شكروا الرجل واعطوه بعض الاموال ليغادر هو، اغلقت رضوى الباب واقتربت من مها واصبحت تضربها على وجنتاها برفق قائلة بخوف ولهفة حقيقية..

مها، مها مالك يا حبيبتي اهدى وارجعي لوعيك في اية!
مها بضحك عالي و ساخر: قتلته، ههههه قتلته يا رضوى.

جحظت عيناها بصدمة بالغة وحدقت بها فاغرةً شفتيها، وحال والدتها لا يختلف عن حالها كثيرًا، فجأة لم تعطيهم مها الفرصة ليسألوها وسقطت مغشية عليها، فصرخت رضوى بأسمها وساندوها سويًا حتى جعلوها تمدد جسدها على الأريكة الوتيرة وعقلهم لا يريد استيعاب ما قالته الان، حاولوا ان يجعلوها تستعيد وعيها ولكنها لا تستجيب، اتجهت رضوى للداخل بسرعة واتصلت بطبيب العائلة، لتخبره ان يأتي وبسرعة، كانت كالتي تتصرف بتلقائية ودون تفكير، مرت من امام المرآة لتندهش انها لم ترتدى حجابها، فدلفت لغرفتها بسرعة وجلبت الاسدال الخاص به وارتدته على عجلة..

بعد نصف ساعة وصل الطبيب، واخبرته رضوى عن حالة مها وبالطبع لم تخبره بما قالته، ليترك هو حقيبته ويبدأ بفحص مها، بعد دقائق نظر لرضوى ووالدتها بهدوء ثم هتف بجدية قائلاً..
مفيش حاجة تقلق، كل الحكاية إن المدام حامل...!

في منزل حسن،
قد يكون العقاب قاسٍ وبشدة لبعض الاشخاص، ولكنه يمكن ان يكون العقاب الامثل والجيد لما فعلوه من اشياء بشعة وكبائر، وخطأ في حق الله ثم البشر..
وديتوا الجثة للمشرحة يابني!

هتف بها الضابط الذي كان يقف في البناية التي كان يقطن بها حسن، يقف بجدية وقد بدى على وجهه الصرامة والخشونة، اخبرته الجارة المجاورة لمنزل حسن بعد ان اشتمت رائحة غريبة تخرج من منزله واتجهت لمنزل بتوجس لتجده جثة هامدة غارق في دماؤه..
اومأ الشرطى مؤكدًا: ايوة يا باشا، والتقرير هايوصل على مكتب حضرتك
نظر الضابط للجارة مرة اخرى ثم سألها بجدية قائلاً..
انتي إلى بلغتي مش كدة يا حجة؟

كانت يسيطر عليها الهلع والخوف، كما كانت ترتجف كلما تتذكر مظهره وهو كذلك، اومأت بتأكيد، ثم هتفت بصعوبة بوهن قائلة..
ايوة يا باشا، انا، كالعادة بسمع هرج ومرج في شقته لأنه آآ يعني
نظر لها بطرف عينيه ثم سألها بجدية بالغة..
لانه اية، قولي كل إلى تعرفيه
إبتلعت ريقها بإزدراء ثم اكملت بهدوء حذر قائلة..
لأنه يعني كان بيته مشبوه والعياذ بالله وبيجيب بنات يعني وكدة يا باشا.

اومأ الطبيب وهو يفكر وهو محدج بتلك السيدة ويدور بعقله الكثير من الاسئلة، بتر تفكيره صوت احدى الشباب العالي وقد صعد وتفقد المنزل بنظره ثم اصبح يصيح بصدمة قائلاً..
ازاااااى، مات ازاى، مين إلى عمل فيك كدة يا صاحبي، والله ما هأسيبه
نظر له الضابط بحدة ليصمت واردف بجدية وصرامة واضحة قائلاً..
انت يابني انت، وطي صوتك وبتتكلم عن مين!
صاحبي إلى مات دة يا باشا.

ثم صمت لبرهه وهو يسترجع ذكرياته وحديثه مع حسن ليستطرد بتوعد قائلاً..
اكيد هي، والله لأوديها ورة الشمس
سأله الضابط بتفكير: هي مين دى!
لا يعلم أنه اوقع نفسه في حفرة عميقة دون قصد منه، ارتبك على الفور واصبح يمسح على شعره ليفكر ماذا يجيبه ثم تابع بتوتر قائلاً..
الست آآ الست إلى كانت بتيجي له يا باشا
الضابط بتساؤل: ست مين انطق؟
تابع بخوف من هيئة الضابط بأرتباك نجح في اخفاؤه إلى حدًا ما قائلاً..

ع آآ عشقيته يعني يا باشا، آآ تقريبٌا كانت آآ كانت اسمها، مها!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة