قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل السابع

ركض عمر بسرعة فائقة بأتجاه شهد التي كانت تمسك بالسكين في يدها وكادت تقطع شريانها للأنتحار..!
اخذ منها السكين في لمح البصر وهو يحدق بها بحدة يشوبها الصدمة غير مصدق لما كانت ستفعله بنفسها، هل كانت ستتخلي عن حياتها نهائياً..

ظلت تبكي شهد بشهقات متتالية ثم سقطت على الارض ولم تكف عن البكاء لحظة، كان يتابعها عمر بنظره دون ان يفعل اى شيئ، وضعت يدها على وجهها وهي مستمرة في البكاء وهي تتذكر كل ما عانته منذ ان اصبحت في سن البلوغ، زفر عمر بضيق ثم نزل لمستواها وجلس على ركبتيه ومد يده ليرفع وجهها ليجعلها تنظر له، ثم نظر في عيونها بعمق ولأول مرة لهم، تعمق عيونها ولم يرمش للحظة حتى، ثم فجأة اقترب منها وضمها وهو يشدد على ضغطته عليها، استكانت هي في احضانه وشعرت بالحنان مثل الاب الذي يحتضن ابنته ليحميها..

ازدادت شهقاتها في احضانه وتشبست به وهي تهتف بكلمات متقطعة قائلة..
ها هايقتلوني، آآ انا آآ انا ماعملتش حاجة لكل دة، عايزين آآ يغصبوني حتى في الجواز حرام!
مسح عمر على شعرها بهدوء وحنان دفين، ولم يعلق بكلمة قط على كلامها، شعر انها تحتاج إلى مأوى تحتمي به وليس اى سؤال الان، كبت فضوله لمعرفة ما حدث لها ثم تنهد وهو يقول..
هشششش اهدى.

استكانت تماماً وشعرت ان عيونها جفت من الدموع، صمتت عن البكاء وكأنها عادت لوعيها فأبتعدت عنه على الفور بفزع وهبت واقفة وهي تمسح دموعها ثم أردفت بتوتر..
آآ انا اسفة آآ اسفة ماخدتش بالي
نهض عمر بهدوء وهو يضع يده في جيبه ونظر لها نظرات لم تفهمها ثم تابع بهدوء قائلاً: ولا يهمك، انا موجود لو حبيتي تحكيلي اى حاجة ف اى وقت.

اومأت برأسها موافقة وهي تشعر بالخجل الشديد ودقات قلبها تتزايد، شعرت انه يستمع إلى صوت دقاتها في قفصها الصدرى، وضعت يدها على قلبها لتهدأه ثم اغمضت عيناها وفتحتها وهي تتذكر ثم استدارت لتغادر إلا ان اوقفها صوت عمر قائلاً بتساؤل وفضول..
بردو مش عايزة تحكيلي حاجة؟!
بلعت ريقها بخوف وتوتر شديد ثم التفتت ونظرت له وهتفت بحيرة قائلة..

مش حاسه انه الوقت المناسب عشان تعرف، غير اني مأعرفش حاجة عنك غير انك اسمك عمر!
هز عمر رأسه وهو يضغط على شفتيه السفلية ثم اجابها بجدية قائلاً..
تمام، تمام اوى بس انا بردو مأقدرش اعيش مع واحدة كانت هاتنتحر ادام عيني وهاسكت، افرضي جربتي تنتحرى تاني البسها انا!
تذكرت شهد تلك الورقة التي قرأتها وعلمت ان اخيها سوف يأتي لجلبها حتماً وانه لا مفر من اخبار عمر، نظرت له بهدوء ثم تابعت بتوضيح قائلة..

انا هأحكيلك عشان انا مضطرة بس
لوى عمر شفتيه بتهكم وهو يقول: مضطرة بس، اممم مش بطال
استدارت شهد مرة اخرى ثم خرجت من المطبخ، لحقها عمر بنظراته ثم سار ليغادر المطبخ ليلحق بها في الخارج...

في الصعيد،
تحديداً في غرفة والد شهد يجلس على اريكته وهو يرتدى جلباب كالمعتاد، كان يهز رجله ويدب على الأرض بتوتر، ظل يتذكر ما حدث معه ومع ابنته الوحيدة، شهد، رجع بظهره للخلف واستند وهو يرجع بذكرياته للماضي يوم وفاة والدة شهد...
فلاش باك.

كانت والدة شهد لديها مرض لم تشفي منه ابداً كانسر ، كم تمنت ان تعيش وتكمل باقي حياتها مع ابنها وابنتها ولكن لم يىيد الله ذلك رغم جهود زوجها في سفره واياها للخارج للمعالجة ولكن غالباً يحدث ما لا نتمناه، كانت تنام على فراشها او فراش الموت ، ورثت شهد عيونها البنية الواسعة عن والدتها سعاد ، كان يجلس بجانبها زوجها محمود ، وكانت تلتقط انفاسها الاخيرة وطلبت منهم ان يجلبوا لها محمود زوجها، امسكت بيده ويدها ترتعش ثم هتفت بنبرات مترجية..

محمود، بنتي يا محمود، شهد خلي بالك منها انا عارفة انك حنين ومش هاتفرط فيها بس ابوس ايدك اوعي تجبرها على اى حاجة
كانت تعلم سعاد ان مصطفي يرغب في الزواج من شهد منذ الصغر ولن يتخلي عن هذه الرغبة، وتعلم ايضاً ان محمود اذا ضغطوا عليه يمكن ان يزوجها لانه يظل ابن اخيه وليس بغريب كما في عقل محمود..

وضع محمود يده على يدها وهو يظهر الجمود ولكن بداخله يحترق على فقدانها فهي زوجته وحبيبته التي عافر كثيراً من اجل الوصول لها بأى ثمن، ويعتقد ان مصطفي يحب شهد هكذا ولكنه لم يكن يعلم بنوايا مصطفي الخبيثة..
تنهد وهو يتابع بحزن قائلاً..
ماتجلجيش يا سعاد، شهد بتي زى ما هي بتك ولا يمكن افرط فيها الا للراجل إلى يصونها ويشيلها ف حبابي عنيه.

ابتسمت سعاد ابتسامة صفراء ونظرت له كأنها تودعه ثم تركت يده للأبد واصبحت في ذمة خالقها..
باك
فرت دمعة هاربة من اعين محمود وهو يتذكر زوجته التي لطالما عشقها، ابتلع ريقة ثم همس بخنقة قائلاً..
انا اسف يا سعاد، عارف انك دلوجتي زعلانة مني جداً بس غصب عني والله صدجيني يا حبيبتي...

في منزل عمر،
جلست شهد على اريكتها وعمر يجلس بجانبها على نفس الاريكة ولكنه يبعد بمسافة ليست كبيرة عنها، تنحنحت بحرج وكانت لا تعرف من اين تبدأ، ظلت تفرك في اصابعها بتوتر وسط نظرات عمر الذي استمر في النظر لها بصمت..
قطع ذلك الصمت صوت شهد الهادئ وهي تقول..
انت كنت بتسأل مين إلى عمل كدة في بيتك صح؟

نظر لها عمر حاجبيه ثم اومأ برأسه مؤكداً لتكمل شهد كلامها بَ: إلى عملوا كدة هما هما نفسهم إلى عايزين يجوزونى بالعافية
ظهر الضيق على ملامح وجه عمر وعقد حاجبيه قائلاً بتساؤل..
وضحي كلامك اكتر، مين دول
شهد بحزن وهي تتذكر: اخويا وابن عمي
عمر بعدم فهم: مش فاهم بردو اية إلى حصل عشان يعملوا كدة ولية هربتي منهم
زفرت شهد بحزن عميق واخذت تتذكر وهي تقص عليه ماحدث معها...
فلاش باك.

كانت شهد منذ ان ولدت فتاة رقيقة تتمتع بشخصية جذابة مرحة، يحبها كل من يلقاها، كانت والدتها تعشقها وبشدة وغالباً لا ترفض لها اى طلب، ولكن والدها ذو طباع حادة قليلاً، رأى مصطفي شهد الذي يكبرها بخمس اعوام بحكم صلة القرابة التي بينهم اولاد عم ولكن مصطفي كان شخصية سيئة للغاية حيث كان دائما ما في سهرات مع فتيات الليل وعاق بوالديه ومتكبر بدرجة كبيرة، كانت شهد لا تطيقه وتمقته بشدة دون باقي اقاربها وهذا كان يغتاظ منه مصطفي جدا ولنقول انه يحب شهد حب تملك، مثل اللعبة الجديدة بالنسبة له سيتستمتع بها ويرميها بعد ذلك، اخبر مصطفي شهد بحبه الزائف لها لان من يحب لا يفعل ذلك، ولكن شهد رفضت رفضاً باتاً فأعتقد مصطفي انها ستوافق ان طلبها رسمياً من والدها بسبب صلة القرابة ولكن كانت الصدمة له عندما علم ان شهد رافضة رغم كل المحاولات لاقناعها، وقرر مصطفي انها ستكون له حتماً حتى لو اصبحت زوجته دون ارادتها واجبارياً، بعد مرور بعض الايام وشهد تجلس في غرفتها على اللاب توب الخاص بها في غرفة غالبية الوانها من اللون البينك وواسعة جدا، دلف والدها محمود لها ومن علامات وجهه لا يبدو الخير ابدا، جلس بجانب شهد ثم اضاف بصوت أجش قائلاً..

شهد انا جاى عشان اخبرك حاجة
ابتسمت شهد بخوف ثم ردت ب: اتفضل طبعا يا بابا
محمود بجمود وهو يضع يده على كتفها: مصطفي ابن عمك طلبك للجواز وانا وافجت * وافقت *
كانت الصدمة الكبرى لشهد هذه الكلمات، نهضت من الفراش بصدمة ثم اردفت برجاء قائلة..
لا يا بابا مش عايزاه عشان خاطرى بلاش
هب محمود واقفاً ثم تابع بصياح قائلاً..
من امتي والبت عندينا بتختار عريسها يا شهد، وابن عمك ماله؟ معيوب ولا اي.

تلقلقت الدموع في اعين شهد وهي تنظر للأرض بحزن وخنقة واجابته ب..
ارجوك يا بابا مش عايزاه
نظر محمود للجهه الاخرى واردف بجمود قائلاً: انا جولتلك وخلاص.

ثم استدار وغادر من الغرفة بكل هدوء تاركاً شهد تلعن نفسها وتلعن اليوم الذي رأت فيه مصطفي، كانت لا تعرف ماذا ستفعل ولمن تلجأ بعد وفاة والدتها، اصبحت حبيسة غرفتها لعدة ايام لا تأكل وتشرب قليلاً لتظل على قيد الحياة كما حاول كل من حولها بأقناعها ولكن محاولاتهم بائت بالفشل عندما دخلوا في يوم لغرفة شهد ليجدوها غير موجودة، ظلوا يبحثوا ولكنهم تيقنوا انها هربت..

ركضت شهد من البلد بأقصي سرعة لديها ومن ثم ركبت القطار العادى وتوسلت للموظف ان يجعلها تركب دون اى نفقات وبعد الحاح وبكاء وافق الرجل ووصلت للقاهرة وظلت تجول في المنطقة التي كانت فيها بعد نزولها من القطار لتجد نفسها في ذلك المكان الذي رأت فيه عمر...
باك.

كان ينظر لها عمر بتركيز ودهشة معاً ولكنها ليست كثيرة، ولكن كان السؤال الذي يتردد في عقله كثيراً هو كيف لأب مثل محمود ان يزوج ابنته لرجل مثل مصطفي ، نزلت دمعة من شهد وهي تتذكر الايام التي مضتها في منزلها بعد رفضها وكيفية محاولات مصطفي للأعتداء عليها وضربها ولكنها فضلت ان لا تقص هذا ل عمر..
ساد الصمت بينهم للدقائق حتى هتف عمر بجدية قائلاً..
هيييح انا طالع انام.

حدقت به شهد بصدمة وهي فاغرةً شفتيها غير مصدقة، لم تكن تتوقع ان يكون رده هكذا..
شهد بصدمة: نعمممم
رفع عمر احدى حاجبيه ونهض وهو واضع يداه في جيبه قبل ان يتابع بخبث..
هو انتي كنتي متوقعة اني هأقولك حاجة معينة ولا اية
ارتبكت شهد على الفور وارجعت خصلات شعرها خلف اذنها بخجل ثم قالت..
آآ لا وانا آآ وانا هأقوم انام.

اومأ عمر برأسه ثم استدار وسار وابتسامة شيطانية تظهر على ثغره وهو يطلق صفيراً، مددت جسدها على الأريكة بتعجب وهي تفكر في تصرفات عمر الغريبة...

في اليوم التالي ( منزل رضوى )،
استيقظت مها في الصباح الباكر ثم ارتدت جيب تصل إلى بعد الركبة وبلوزة مشجرة من اللون النبيتي والاسود، ثم صففت شعرها ووضعت برفانها الخاص ونظرت لنفسها في المرآه ثم ابتسمت بغرور والقت نظرة على ابنها الوحيد ( سيف ) ومدت يدها لتأخذ حقيبتها وهاتفها واطفأت الاضاءة وخرجت من الغرفة..

كانت تتسلل بهدوء على اطراف اصابعها حتى لا توقظ من في المنزل وخاصة * رضوى *، فتحت باب المنزل وهي تحاول ان تجعله لا يفعل اى صوت، خرجت وكادت تغلق الباب خلفها إلا انها تسمرت مكانها عندما سمعت صوت رضوى وهي تقول: على فين كدة بتتسحبي يا مها؟
تنحنحت مها وهي تبتلع ريقها بتوتر شديد وخوف معاً ثم نظرت لها بأرتباك قبل ان ترد ب: كنت رايحة اقدم على شغل
اومأت رضوى رأسها بشك ثم اردفت بتساؤل يشوبه السخرية قائلة..

وهو إلى رايح يدور على شغل بيتسحب كدة يا مها!
صمتت مها ولم تعرف ماذا تقول لها وخاصاً انها تعلم طبع رضوى وانها اذا شكت بأمر ما لن تصمت حتى تعرف كل شيئ كما يقولون بلهجتنا * من طأطأ لسلامه عليكوا *..
مها بغضب مصطنع: يوووه، هو انتي كل شوية هاتفتحيلي تحقيق يا رضوى
هزت رضوى كتفيها بمعني لا ثم اكملت بجدية قائلة: لا ابداً مش كدة يا مها، اتفضلي روحي انتِ حره.

زفرت مها بأرتياح قليلاً ثم استدارات وخرجت واغلقت الباب خلفها تاركة رضوى في شكوكها، ثم جلست على الأريكة بتنهيدة وهي تقول..
يااارب مايكنش إلى ف دماغي صح يا مها عشان مش عارفة انتِ هاتجبيها لفيين!..
خرجت مها من العمارة واستقلت تاكسي متجهه لمنزل حسن.

في الفندق،
استيقظ محسن في الصباح الباكر كعادته ثم اخذ حماماً باردًا وارتدى بنطلون جينز وتيشرت ومشط شعره الكثيف ثم خرج من غرفته واتجه لغرفة رجاله ليجدهم مستيقظين ايضاً، ابتسم ابتسامة صفراء ثم هتف بحماس قائلاً..
يلا يا رجالة عشان نلحج * نلحق * نروح
اومأ عطيه والرجال برأسهم مؤكدين ثم خرجوا سوياً من الفندق واستقلوا السيارات واداروا المقود متجهين لمنزل عمر...

في منزل عمر،
كانت شهد تتأثب على فراشها بكسل وهي تستيقظ على اشعة الشمس الساقطة على شعرها البني الذي اعطته بريقاً ولامعاً زادها جمالاً، نهضت من على الفراش ثم اتجهت للحمام واغتسلت وتوضأت لتؤدى فريضتها ثم خرجت ونظرت للأعلي وتذكرت كل ما حدث بالأمس وخطر ببالها ان تطلع وتيقظ عمر ولكنها نفضت تلك الفكرة من رأسها واكملت سيرها ثم اخذت * المصلاة * وادت فريضتها بخشوع وهي تدعو الله...

انتهت من اداء فريضتها ثم جلست تقرأ في القرآن الكريم وردها اليومي وانتهت وخلعت الاسدال الذي اخذته من احدى الغرف وجدته صدفة..
نهضت واستدارت لتجد الباب يدق بشدة، خفق قلبها بخوف ثم اتجهت وفتحت الباب وتسمرت مكانها عندما رأت...
عندما رأت محسن ورجاله يبتسم لها شر، حدقت بهم برهبة حقيقية ثم صرخت صرخة مدوية قائلة بذعر: عمرررررر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة