قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والثلاثون

صُعقت رضوى من رده وظلت محدقة به بصدمة بالغة بينما ظل هو ممسك بيدها وعيناه تلمعان بغضب شديد، تلقلقت.

الدموع في عيناها ولكن لم تظهر ضعفها، ساد صمت عجيب في المكان وألجمت الصدمة لسان الجميع، استدركت رضوى نفسها وكأنها عادت لوعيها الان، فأبعدت يديه بقوة عنها وركضت للداخل وهي تمنع دموعها من الهطول بصعوبة، هنا هب والد عبد الرحمن واقفًا لينقذ ماتبقي من امل لأكمال هذه الزيجة ثم إتجه لعبد الرحمن الذي كان حاله لم يتغير عن قليل ثم امسكه من ذراعه بقوة وجز على اسنانه بغيظ من فعلة ابنه، هو يعلم انه شيئ لا ارادى لا يستطيع التحكم فيه ولكنه يريد إتمام هذه الزيجة بأى شكل من الاشكال، سحبه خلفه وإتجه للخارج تتبعه والدة عبدالرحمن بصدمة ثم التفت لأخر مرة وهو يتنحنح بحرج قائلاً..

انا اسف جدًا عن إلى حصل، بس انتوا اكيد عارفين ان دة غصب عنه
ابعد عبدالرحمن يده ليصيح بغضب قائلاً..
انت بتعتذر على اية، دة إلى كان مفروض يحصل
رمقه والدة بنظرات حادة اسكتته ليكمل هو بصوت أجش قائلاً..
اكيد هانيجي تاني، وبأعتذر مرة تانية
اومأت والدة رضوى بهدوء يشبه هدوء ما قبل العاصفة، ثم نهضت وإتجهت لغرفة رضوى وما ان فتحت الباب حتى اغلقته وهو تزمجر ف رضوى بغضب عارم قائلة..

هو اية دة إلى غصب عنه! وازاى تدخلي فجأة كدة
كانت رضوى تجلس على فراشها وتضم ركبتيها إلى صدرها تحدج الفراغ بنظرات غاضبة، حزينة، أفاقت من شرودها على صوت والدتها العالي وهي تقترب منها، وجهت نظرها لها ثم هتفت بهدوء حذر قائلة..
في اية يا ماما إلى حصل لدة كله!
مانتيش عارفة اية إلى حصل، هو اية دة إلى غصب عنه يا بت انطقي.

لم ترغب رضوى في إخبار والدتها عن مرض عبدالرحمن، لإنها على علم ان والدتها سترفض حتمًا، والان رضوى هي من ترغب في إتمام هذه الزيجة، ربما لأنها، احبته، نعم احبته، استطاع عبدالرحمن في اخر فترة إثبات نفسه داخل قلبها الحزين، وقد اعلنت الاستسلام واخيرًا..
توترت على الفور ولم تدرى ماذا تجيبها، فأجابتها بأرتباك لم تستطع اخفاؤه..
آآ ما، ماتروحي تسأليه يا امي، وانا آآ وانا يعني ايش عرفني.

جزت والدتها على أسنانها بغيظ شديد ثم امسكتها من ذراعها بقسوة واكملت بنبرة غليظة قائلة..
قسمًا برب العزة لو ماقولتي كل حاجة دلوقتي لهتشوفي مني وش عمرك ماشوفتيه يابنت بطني
تنهدت رضوى تنهيدة حارة تحمل الكثير بداخلها ثم نظرت لها وتابعت بنفاذ صبر قائلة..
عنده انفصام في الشخصية يا ماما ومكنش عاوز يتعالج ولسة بادئ علاج، ارتحتي كدة يا أمي.

شهقت والدتها بصدمة وإتسعت مقلتاها وهي واضعة يدها على فاهها بحركة مباغته، كانت رضوى تنظر لها بهدوء شديد لأنها كانت متوقعة رد فعلها هذا..
هزت والدتها بقوة وهي تصيح فيها بحدة قائلة..
يعني اية، هاتتجوزى واحد مجنون يا رضوى، دى اخرة كل الصبر دة
تمالكت رضوى نفسها بصعوبة حتى لا تخطأ في حق والدتها ثم قالت بهدوء حذر..
عبدالرحمن مش مجنون يا أمي، ماهو ادامك طبيعي بس هو مرض نفسي وكلها شوية ويخف ويبقي طبيعي خالص.

هزت والدتها رأسها نافية واستطردت بصوت قاتم قائلة..
ابدًا، مستحيل، دة لو اخر واحد في الدنيا مش هاتتجوزى واحد مجنون، شوفتي ادامنا عمل اية، امال اما تكونوا لوحدكوا هايعمل اية
عرفت الدموع طريقها لأعين رضوى وشرعت في البكاء بحدة، كانت تشعر انها مفتقدة والدها بشدة في هذه اللحظة، شعرت انها سلعة رخيصة تشترى وتباع وقت ما تشاء، ولكنها لن تستسلم ابدًا..
نهضت من الفراش واردفت من بين شهقاتها بألم قائلة..

حرام عليكي يا أمي، هو انا عروسة لعبة، مرة توافقي وتجبريني اوافق عليه ودلوقتي بردو بتجبريني ابعد عنه، حراااام بقا سيبيني اختار مرة، دة شريك حياتي انااااا مش انتي
فجأة نهضت والدتها ورفعت يدها لتنزل على وجه رضوى لتصفعها بقوة، وضعت رضوى يدها على خدها وظلت تنظر لوالدتها بقهر، بينما كانت والدتها تحدجها بنظرات قاسية، جامدة، خالية من اى مشاعر حانية، لتستأنف حديثها المميت بالنسبة لرضوى قائلة..

دة عشان تتكلمي مع امك كويس بعد كدة، وانا قولت إلى عندى وخلاص
استدارت واعطتها ظهرها متجهه للخارج، تاركة رضوى تهوى على الفراش وتبكي بحرارة، وبداخلها يشتعل من كثرة الحزن والألم، ظلت تحدث نفسها بغلب، لماذا يحدث معها كل هذا، لماذا دائمًا عندما تتعلق بأى شخص تضطر للإبتعداد عنه واول شخص كان، والدها الراحل.

تم انهاء كل الاجراءات الخاصة بشهد ووالدها بالمستشفي، واستلموا جثة والدها الراحل وشهد لا تتوقف عن البكاء او النحيب، يتجسد امامها كل ذكرياتها مع والدها ورغم محاولات محسن وعمر العديدة إلا انها لم تستطيع ان تهدأ ولو لدقائق، دُفن والدها بجوار قبر زوجته، شعرت شهد انهم يضعون التراب فوقها هي وليس والدها، شعرت ان قلبها يكاد يتمزق من شدة ألمه، ان قطعة من روحها يضعونها تحت التراب، وانتهي الجميع ورحلوا ولم يتبقي سوى شهد ومحسن وعمر وعمهم، جلست امام قبر والدها تبكي، وعمر بجانبها، ولكنه اقتنع انه لن يستطيع ان يعوضها عن جزء بسيط حتى من والدها، كان يربت على كتفها بهدوء وحنان ومحسن بجانبها من الجهه الاخرى يود البكاء مثلها، ولكنه يمنع نفسه بصعوبة لعله يهون عليها ويكن لها السند ولو قليلاً، اقترب عمر منها اكثر واخذها في احضانه، لم يعد يتحمل بكاؤها اكثر من ذلك، كأن سكاكين باردة تقطع بداخله، علت شهقات شهد اكثر في حضنه، استسلم محسن وراوده شعور الرغبة في الانفراد بنفسه، ثم نهض فورًا ومسح طرف عيناه وهو يقول بجمود ظاهرى..

انا هأمشي
نهضت شهد بسرعة وظلت تبكي ثم تمسكت بيده بقوة كأنها تخشي فقدانه ثم هتفت بوهن وألم قائلة..
هاتسيبني انت كمان يا محسن
هز رأسه نافيًا بسرعة ومسح دموعها ببطئ وهو ينظر إلى عيناها التي اصبحت حمراء كالدماء من كثرة البكاء وشعر انه على قرب الانهيار الان، اجابها بحنان قائلة..
لا يا حبيبتي، انا ماجدرش اسيبك ابدًا، انا بس محتاج ارتاح شوية وهاجي ليكي في بيتك ان شاء الله.

هزت رأسها موافقة بحزن، ليستدير محسن ويتجه لخارج المقابر ويلقي نظره اخيرة على عمه الذي كان يقف وهو يرمقهم بنظرات باردة ولم تهتز له شعرة واحدة، كأن من توفي لم يكن شقيقه من لحمه ودمه، نظر لها وسار بهدوء على عكس ما بداخله من عواصف مدمرة..
وضع عمر يده على كتفي شهد ونظر لها بحنان وهو يهز رأسه للخارج بمعني هيا لتومأ شهد بكسرة ويتجهوا سويًا للخارج تاركين محمد يفكر بخبث..

في منزل رضوى،.

ارتدت مها اى ملابس والتي كانت عبارة عن بنطلون جينز ازرق وبلوزة من اللون الاحمر الغامق وصففت شعرها بسرعة ولم تهندم نفسها كعادتها دائمًا ولم تضع اى من مساحيق تجميل، فقط وضعت كريم لتخفي الهالات السوداء التي تكونت تحت عيناها مؤخرًا، خرجت من غرفتها واغلقت الباب تاركها ابنها الصغير ينام في سلام بعد احتضنته وتحدث معه بعد ايام طويلة منقطعة فيها عنه، خرجت لتجد والدتها تجلس على الاريكة وملامحها لا يبدو منها الخير ابدًا، إبتلعت ريقها بإزدراء وقد عزمت على تلك المواجهة ثم تقدمت واقتربت من والدتها ثم تنحنحت قائلة بهدوء حذر..

ماما انا نازلة لواحدة صاحبتي
نظرت لها والدتها بطرف عينيها ثم حك ذقنها بأصبعها ثم اجابتها بأستنكار قائلة..
صاحبتك!، يعني قعدتي دة كله قافلة ع نفسك وعاملة كل دة ويوم ماتطلعي تقولي انا نازلة لصاحبتي
تأففت مها بضيق ثم تابعت بأصرار قائلة..
ايوة يا ماما، ولا عايزاني اتحبس في البيت يعني؟
اخذت نفسًا عميقًا ثم زفرته على مهل وتابعت بصوت اجش قائلة..
روحي يا مها بس ياريت ما تتأخريش.

اومأت مها وإتجهت للخارج بسرعة قبل ان تغير والدتها رأيها ثم خرجت من المنزل وتنفست الصعداء، خرجت من البناية بأكملها واستقلت تاكسي متجهة، لمنزل حسن..
ركبت سيارة الاجرة في الخلف واخبرت السائق بعنوان منزل حسن، عادت برأسها للخلف وهي تتذكر كل ما مرت به منذ ان عرفت حسن، وفكرة الأنتقام ولهيبة يزدادوا بداخلها اكثر وهي تتذكر عبارات حسن الكاذبة، كان في عينيها اصرار غريب على انتقامها منه، وقتله.

على الرغم من انها تعلم جيدًا عقوبتها ولكن الان كل ما يهمها هو ان تعاقب من جعلها تعاني كل هذه الايام وخدعها، وجرح انوثتها بهذه الطريقة، لم تفكر في انها ستجعل طفلها القادم يتيم قبل ان يرى والده حتى، لم تفكر انه سيولد ليعرف انه ابن غير شرعي والده مات على يده والدته..!
انتبهت لصوت السائق العالي قائلاً بجدية..
يلا يا مدام وصلنا العنوان إلى حضرتك قولتي عليه.

نظرت مها لتجد نفسها امام البناية التي يقطن بها حسن، اومأت موافقة ثم اخرجت الاموال من حقيبتها واعطتها للسائق ثم ترجلت من السيارة بخطوات هادئة، إتجهت للأعلي ووصلت امام شقة حسن، فتحت حقيبتها لتنظر بداخلها وترى السكين الذي وضعته والمعطف الابيض، طرقت الباب ولكن وجدته مفتوح، عقدت حاجبيها بتعجب فهذه ليست عادة حسن، دلفت للداخل ومن ثم اغلقت الباب ووزعت انظارها لتتسع ابتسامتها تدريجيًا وهي ترى...

في سيارة عمر،
كانت شهد مع عمر في السيارة الخاصة به، كان عمر يسير وهو ممسك بيد شهد ويضعها على قدمه ويختطف نظرات حانية لها، كان يصعب عليه ان يراها بتلك الحالة، تنهد بضيق وحزن شديد على زهرته الجميلة التي اصبحت ذابلة مؤخرًا، كان يشعر بكل ما تعانيه فهو كان مثلها واكثر عندما قُتلت والدته امام عينه..
هتف عمر بحنان يشوبه بعض الحزن على حالها قائلاً..

هاتفضلي كدة لحد امتي، الحزن في القلب يا شهدى، اكيد والدك زعلان جدًا وهو شايفك كدة
لم يتلقي منها اى اجابه، فقط صامته تنظر للأمام دون اى رد فعل، كأنها اصبحت جثه هامدة، لا تسمع لا تتحدث ليس لها صلة بالعالم الخارجي، تأفف عمر بضيق ونظر امامه لتتسع حدقة عيناه بصدمة مما يرى، اوقف السيارة فجأة لدرجة ان شهد كادت تصطدم بالزجاج، ابعد حزام الأمان عنه وترجل من سيارته وركض بسرعة بإتجاه...

في منزل حاتم،
يقف كلاً من فارس وحاتم في الحديقة الواسعة الخضراء التي تتشكل الزهور بها بأشكال مبهرة، تسكر روح كل من ينظر لها، والملحقة بڤيلا حاتم، وهم ينظرون على بعض الرجال الذين ينقلون البضائع من الڤيلا إلى احدى السيارات بالخارج، وكان حاتم ينظر لهم بترقب شديد وهو يدخن سيحارته الفاخرة، بجانبه فارس وعيناه تلمعان بخبث، نظر لحاتم ثم قال بحماس..
الثفقة دى هتنقلنا نقلة جااامدة ف السوق يا ريس.

اومأ حاتم بغرور وهو يبتسم ابتسامة هادئة ولكن خبيثة، تنهد فارس وهو ينظر امامه ثم تابع بحنق قائلاً..
اقولك حاجة يا ريس، انا لسة غليلي ماتشافاش من الواد إلى اسمه عمر دة، بفكر اخطف البت دى، اهي حلوة وهاتنفعنا بردو
نظر حاتم له بطرف عينيه ثم ابعد السيجاره عن فمه ورفع حاجبه الأيسر واجابه بأستنكار قائلاً..
لا والله، ماتشافاش!، انت ناسي انت عملت فيه اية يا فارس.

هز فارس رأسه نافيًا ثم ارتسمت على ثغره ابتسامة شيطانية وهو يتذكر ما فعله بعمر مؤخرًا، ثم نظر لحاتم وهو يتذكر شهد ويتمعن النظر لها في خياله ثم اردف بشهوة قائلاً..
بس البت حلووة اووى يا ريس
رسم حاتم الجدية على وجهه وإستدار متجهًا للداخل دون ان يرد عليه، هو يفصل ويعرف شخصية فارس جيدًا مثل الام التي تعرف طفلها، لن يستسلم فارس إلا بعد ان يأخذ كل شيئ بمتلكه عمر..

ظل فارس يسير وراه وهو يناديه ليقف حاتم ثم يشير له بيده قائلاً بحدة مصطنعة..
كفاية اوى إلى انت عملته وماتنساش ان عمر راجل من رجالتي وايدى اليمين انا عملت كدة قرصة ودن له مش اكتر
جز فارس على اسنانه بغيظ مكبوت كالبركان الذي يكاد ينفجر ثم استطرد بغضب وصياح قائلاً..
كل دة عشان خليناه يفكر إن هند كانت عايشة...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة