قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الخامس والثلاثون

رمقه حاتم بنظرات حادة، فهو في الأول والأخير لا يريد أن يخسر عمر للأبد، بينما كان فارس ينظر له بحنق وغيظ، من يوم معرفته بعمر وهو يمقته بشدة ومع هذا الموقف ازداد الكره بينهم..
تقوس فم حاتم بسخرية وأردف بتهكم واضح قائلاً..
ايوة، انت عارف دة معناه اية انه يفكر ان هند كانت عايشة وانها كانت بتضحك عليه ومعانا، دة معناه دماره النفسي!

اومأ فارس وهو يفكر بخبث، كان على علم ان عمر كان كالذى يتنفس هند، وأنه حتمًا سينتهي إن اعتقد هذا، ولكن ما لم يكن بالحسبان أن تحل اى فتاة محل هند في قلب عمر وهذا ما اكتشفوه مؤخرًا..
تابع بهمس اشبه لفحيح الأفعي قائلاً..
اه عارف، وهو دة إلى انا عايزة بس للأسف لسة محصلش لحد دلوقت
مط حاتم شفتيه بعدم رضا على إصرار فارس العجيب على تدمير عمر، سار متجهًا للداخل ثم استدار لأخر مرة ونظر لفارس بتحذير قائلاً..

متهيألي كفاية عليك كدة، عشان انت عارف كويس ان عمر مش هايسكت
اومأ فارس وأبتسم ابتسامة ساخرة ثم أردف ببرود قائلاً..
عاارف يا ريس
ثم أخفض صوته ليُسمع بصعوبة واكمل بتوعد شرس قائلاً..
بس والله ما هاسيبك يا استاذ عمر...!
تنهد حاتم ثم استطرد ببرود قائلاً..
طب كويس انك عارف عشان ماترجعش تندم بعد كدة
ثم نظر لرجاله وصاح بصوت آمر قائلاً..
يلاااا شدوا حيلكم يا رجالة.

ثم ألقي نظرة اخيرة على فارس الذي كان يقف بصمت ثم دلف بخطوات واثقة وهو ينفث سيجاره..
بينما مسح فارس طرف انفه بأصبعه ونظر للرجال بتحدى ولكنه يتضح انه يتخيل لو انه عمر، أخذ يفكر ويدبر لما سيفعله مع عمر ولكن هذه المرة يجب ان يفعل ما ينهيه تمامًا...!

في منزل عبدالرحمن،
منذ وصولهم إلى منزلهم دلف عبدالرحمن إلى غرفته ولم يخرج منها ابدًا، لم يتفوه بكلمة قط، ولم يسمع منهم اى كلمة ايضًا، اغلق باب غرفته عليه ومدد جسده على الفراش بأريحية وغط في نومًا عميق دون ان يشعر..

بعد ساعة تقريبًا دلف والده إلى غرفته اذ انه اعتقد انه ينفرد بمفرده ويتذكر ما حدث ولكن رأى عكس ما توقع تمامًا، ظهر الغضب على ملامح وجهه جليًا واقترب من عبدالرحمن ووكزه في كتفه ليوقظه، فأستيقظ عبدالرحمن بفزع ونظر لوالده بتساؤل، بينما ظل يرمقه والده بنظرات غاضبة ثم هتف بحنق قائلاً..
قووم، انت ليك نفس تنام.

لم يفهم عبدالرحمن ما يقوله والده وكان ينظر له بإذبهلال ثم أردف بتساؤل ودهشة وهو فاغرًا شفتيه بصدمة قائلاً..
في اية يا بابا مالك!
جز والده على أسنانه بغيظ شديد في البداية ثم أدرك أن عبدالرحمن لا يتذكر ما فعله، اقترب منه اكثر وتحولت النظرات الغاضبة في عيناه لنظرات مشفقة وحزينة على حاله الذي يثير الشفقة، لوهلة شعر بمدى معاناة عبدالرحمن في حياته، معاناته التي لم يشعروا بها يومًا..

فأستدرك نفسه سريعًا وتابع بصوت أجش قائلاً..
مفيش يا عبدالرحمن، آآ قوم كلم رضوى واعتذر لها
أغمض عبدالرحمن عيناه وهو يفكر بخوف، واصبح قلبه يخفق بسرعة وقوة، اخذ يتساءل، ماذا فعل معها ليعتذر لها!، ماذا حدث، هل قام بشيئ احمق يندم عليه طوال حياته!
نظر لوالده وإبتلع ريقه بصعوبة ثم سأله بقلق واضح قائلاً..
ليه يا بابا هو انا عملت لها اية؟

هز والده رأسه نافيًا بأعتراض شديد ونظر لولده الوحيد بأسي على ما اصبح عليه ثم استطرد بهدوء حذر قائلاً..
مفيش انت بس شديت معاها شوية
نظر له بقلق وتنهد تنهيدة طويلة حارة ثم هتف بتوجس قائلاً..
متأكد يا بابا، طب قولي انا عملت اية بالظبط، انا اخر حاجة فاكرها اننا كنا قاعدين بنحدد كل حاجة.

أطلق والده زافرة قوية وقد علم أنه لا مفر من إخباره كل ما حدث وليكن ما يكن، نظر له مرة اخرى وبدأ يقص عليه كل ما قاله وما فعله إلى ان وصلوا إلى منزلهم، صُعق عبدالرحمن من حديث والده، وتذكر أن حبيبته السابقة قالت نفس الجملة، خشي رد فعل رضوى عندما يتحدث معها، ولكن لابد ان يتحدث معها ولابد من هذه المواجهة، نهض والده وهو يربت على كتفه برفق تاركًا اياه ليفكر بمفرده ثم خرج واغلق الباب، فمسح عبدالرحمن على شعره ببطئ وبقوة و تحسس جيب بنطاله ليخرج هاتفه ثم أتصل برضوى ووضع الهاتف على أذنه منتظرًا الرد ليأتيه صوت رضوى الباكي قائلة بتشنج..

السلام عليكم
وعليكم السلام، مالك يا رضوى
م آآ مفيش حاجة
امال بتعيطي ليه احكي لي؟
مليش مابعيطش، خير اتصلت ليه؟
أتصلت عشان اعتذر لك، آآ اعتذر لك على إلى حصل يعني
ولا يهمك يا عبدالرحمن انا عارفة انه غصب عنك
بجد مش عارف اقول لك اية، بس اكيد ربنا بيحبني عشان كدة رزقني بيكي
متقولش حاجة
طيب ممكن اشوفك لو سمحتي؟
مش هاينفع الخروجات الكتير دى، احنا لسة ف حكم المخطوبين بس.

اولاً احنا مابنخرجش اصلاً، ثانيًا انا عايز اشوفك ضرورى عشان اقول لك حاجة
طيب هأشوف حاضر
تمام، منتظر ردك
ماشي، مع السلامة
سلام
اغلقت رضوى الهاتف ووضعته بجانب قلبها ثم أخذت نفسًا عميقًا وزفرته ببطئ، لم تدرى لماذا لم تخبره بما قالته لها والدتها، لماذا لم ترفض هذه المقابلة، ولكن قلبها هو من تحكم بها في هذه اللحظة، هو من يريد أن يظل مقتربًا منه وبشدة ولكنها ستخبره مؤكدًا إن استطاعت ان تراه مرة اخرى...!

دُهشت شهد من نزول عمر المفاجئ من السيارة وركضه، فكت حزام الأمان بسرعة واغلقت الباب وركضت خلفه، وجدته يقترب من فتاة يبدو انها في نفس سن عمر، ترتدى جيب شورت وتيشرت أصفر وبه بعض الألون وطرحة صغيرة من اللون الأصفر، و كانت تقف بمفردها وتدون بعض الاشياء في نوته صغيرة، وقف امامها عمر ينظر لها بهدوء ويتأملها بنظرات أشتياق واضحة، وكانت عيناه تلمعان ببريق لامع، وشهد تتابعهم بمسافة ليست صغيرة ولكنها ليست كبيرة لترى ما سيفعله عمر، فجأة وجدت عمر يقترب منها اكثر ويحتضنها بحب شديد، خرجت من شهد شهقة مكتومة وظلت تهز رأسها نافيًا بصدمة جلية على محياها، والذي ادهشها اكثر أن الفتاة لم تعترض او تبتعد او توبخه بل استسلمت وشددت على احتضانه، تلقلقت الدموع في عيناها على الفور، وارادت ان تقترب منهم ولكن شعرت ان قدميها شُلت تمامًا عن الحركة، واصبحت كأنها مسلوبة الإرادة تتجه وتعود للخلف مرة اخرى بإتجاه السيارة بسرعة دون ان تجعلهم يرونها..!

ركبت السيارة وربطت حزام الأمان ومسحت دموعها ثم عضت على شفتاها السفلية بحزن وهي تتذكر كيف احتضنها عمر، ثم نظرت امامها بأصرار غريب ظهر في عيناها وكأنها اقسمت الان ان لا تجعل الدموع تعرف طريقها لعيناها مرة اخرى إلا في الكوارث فقط...!
بعد خمس دقائق تقريبًا عاد عمر والإبتسامة تعلو وجهه، زاد تألم وحزن شهد الضعف على والدها، شعرت أنها اصبحت وحيدة، ولكن من هي يا ترى، من اين يعرفها، هل يحبها!

أفاقت من شرودها على صوت عمر الحاني وهو يقول بصوت عالي..
شهدى، سرحتي في اية يا حبيبتي
أغمضت شهد عيناها وارتسمت ابتسامة ساخرة على ثغرها، هل انا حقًا حبيبته، هل يحبني، ولكن لما يفعل ذلك إن كنت حبيبته، نظرت له بهدوء وتمالكت نفسها بصعوبة ثم اجابته بخفوت قائلة..
مفيش، يلا نمشي انا تعبانة بس
اومأ موافقًا وأدار المقود متجهًا للمنزل وهو ينظر لها واردف بحنان قائلاً..
حاضر يا حبيبتي.

شعرت ان كلمة حبيبتي التي كانت كالموسيقي الجميلة الهادئة تترد في اذنها، اصبحت الان كالسوط الذي يقطعها دون رحمة، ولكنها لمست في نبرته الرجولية الحنان والحب والأهم، الصدق!
هل كذبها احساسها، مؤكد لا، سيقص عليها كل شيئ حتمًا، هَزت رأسها كأنها تؤكد على ما اقنعت به نفسها...!

وصلوا إلى المنزل وترجلت شهد من السيارة دون نطق اى حرف وحتى لم تنتظر عمر كالعادة، لم يعلق عمر وصمت ثم اغلق السيارة وإتجه للداخل خلفها بخطوات هادئة، فتح الباب ودلفوا سويًا، جلست شهد على الأريكة بهمدان ووضعت رأسها بين راحتي كفها واصبحت تهز قدمها بقوة، وهذه حركتها عندما تتوتر، كانت كالمجنونة لا تصدق ما رأته، هي يمكن ان تصدق أنها رأت خطأ ولكنها يستحيل ان تصدق ان عمر، يخونها..!

دلف عمر وجلس بجوارها ثم اقترب منها بهدوء وأحتضنها بحب، كأن كهرباء لمست جسَدها، ابتعدت عنه على الفور وهبت واقفة بفزع، مما أدهش عمر وبشدة، فأتسعت مقلتاه بصدمة، هي من كانت تستكين بأحضانه وتهدأ فقط، كان حضن كادرع الأمان والحصن من اى عدو لها، والان هي من تنفر وبشدة منه!

حاول عمر اقناع نفسه انها اصبحت حالتها النفسية سيئة للغاية بسبب موت والدها، بينما اتجهت شهد للأعلي دون ان تتفوه بكلمة كأنها تشعل النيران بداخله عن قصد...!

في منزل حسن،.

وجدت حسن ينام على الأريكة الخشبية بأهمال و بملابسه التي يخرج بها ومن حوله على منضدة صغيرة السجائر وزجاجات وأنواع خمور كثيرة والمنزل لم يكن مرتب بالمرة، من يرته هكذا يعتقد ان كانت هنا حرب قامت، قطبت جبينها بتعجب من هيئته تلك ولكنها لا يهمها، كل ما يهمها هو ان تنفذ ما عزمت على إتمامه، الانتقام فقط، وها قد حالفها الحظ لتكون مهمتها أسهل مما توقعت، بدأت تقترب منه ببطئ وهي تسير على اطراف اصابعها حتى لا توقظه، ثم إتجهت للداخل لتتأكد من عدم تواجد اى شخص اخر بالمنزل، تفحصت المنزل وبالفعل لم تجد اى شخص فأبتسمت بخبث ثم اخرجت الجوانتي وأرتدته بسرعة والمعطف الأبيض وامسكت السكين ثم خرجت على أطراف اصابعها بخطوات هادئة كما دلفت لتجده مازال نائم، تنهدت بأرتياح واقتربت منه اكثر حتى اصبحت امامه، ظلت تدقق بملامحه للحظات، ليمر امامها شريط حياتها معه ويزداد حقدها عليه وفجأة ومن دون تردد، ضربته بالسكين عند قلبه تمامًا، واخرجت السكين وظلت تضربه عدة مرات متتالية، امتلأت يدها والسكين بدمائه وظلت الدماء تسيل منه، هنا تهللت اسريرها وظلت تضحك بهيستريا، وقد شعرت انها شفت غليلها منه، الان فقط انطفأت شعلة ولهيب الحقد والأنتقام بداخلها وكأنها الان انتصرت في حرب دامية كبيرة..!

إستدارت بسرعة وخرجت من المنزل وهي تخلع الجوانتي من يدها ومن ثم وضعته في حقيبتها مرة اخرى والسكين، ثم غطت رأسها جيدًا بالمعطف بقدر ما استطاعت، ظلت تركض بسرعة وهي تتجه للخارج، مما أدهش الحارس من سرعتها الزائدة ولكنه لم يعلق على ذلك، اصبحت تركض في الشوراع وهي تضحك بسعادة وهيستيريا مرددة بهمس..
قتلته، خلاص قتلته، قتلته...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة