قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والأربعون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والأربعون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الرابع والأربعون

ظل محدق أمامه بصدمة جلية على محياه، ولم يستطع إكمال جملته كأن لسانه شُل عن الحركة من الصدمة، رمش بعيناه عدة مرات ثم هتف بأسف يشوبه الحزن..
مصطفى مات يا شهد
شهَقت شهد هي الأخرى وسرعان ما تلقلقت الدموع في عيناها، منذ دقيقة كانت خائفة منه والان حزينة على موته، فمهما حدث يظل من دمها..
غمغمت بحزن موجهة نظرها لأخيها قائلة..
إنا لله وإنا إليه راجعون، ازاى يا محسن.

مط شفتيه بعدم رضا وهو يهز رأسه بحسرة ثم أجابها بشفقة..
اتصلوا بيا بتليفونه من المستشفى، وبيجولولي أنه كان عنده السرطان وف مرحلة متأخرة والمرض اتمكن منه، ومات النهاردة
هزت رأسها بحزن ومن ثم تمتمت قائلة..
ربنا يغفرله ويرحمه يارب
ردد محسن خلفها بهدوء: آميييين
ثم وجه نظرة للسائق الذي يتنصت لهم، ثم جز على اسنانه بغيظ من تدخله وأردف بصوت قاتم قائلاً..
أرجع بينا على مستشفى (، ).

توقف الرجل عن السير وألتفت لهم ثم نظر لمحسن قائلاً بضجر..
يوووه ما كان من الاول، لازم كل اللف ده احنا قربنا نوصل للمطار
ضاقت حدقتيه وقال حادًا وهو يضغط على كل حرف..
انت اية إلى دخلك يا راجل انت، هتاخد الفلوس إلى عاوزها، نجطنا بسكاتك الله لا يسيئك بجا
تأفف الرجل بملل، وعاد لوضعيته مرة اخرى دون نطق كلمة أخرى، ثم مرر يديه على شعره قائلاً بضيق..
وماله بردو.

ثم مد يده و ضغط على الزر برفق ليفتح الأغاني على الراديو مرة اخرى ببرود، وهو يدندن معها، دون أن يأبه بمشاعرهم او النار الحزينة التي تشتعل بداخلهم الآن...

في المستشفى الملحقة بالسجن،
تململت في فراشها بتثاقل وهي تشعر بالألم في جميع أنحاء جسدها من كثرة الضرب، وفتحت عيناها ببطئ ليشرق جفنيها المتورمان، وتظهر عيناها السوداء التي كساها الحزن مؤخرًا، ثم بدأت تتفحص المكان حولها ببطئ، لتجد رضوى تجلس على الكرسي امامها تضع رأسها بين كفيها بحزن، أخرجت الكلمات من بين شفتاها قائلة بوهن..
انا فيين؟
رفعت رضوى رأسها بسرعة وأمسكت يدها وسارعت في سؤالها بلهفة..

انتِ في المستشفى يا حبيبتي، الف سلامة عليكي
كأن الضرب أو عدم ذكر ما حدث معها جعلها في وعيها إلى حدًا ما، وضعت يدها على بطنها وتحسستها وهي تتمتم بألم..
الجنين نزل صح؟
تنهدت رضوى تنهيدة حارة، وهزت رأسها بالإيجاب وأجابتها بأسف..
ايوة يا مها، بس الحمدلله انك بخير.

شرعت في البكاء وعَلي صوت شهاقتها ليدوى بدلاً من السكون، بينما رمقتها رضوى بنظرات مشفقة على حالها، خرجت من هذه الحرب خاسرة خسائر فادحة واولها من تحبهم..!
ربتت رضوى على كتفها بحنان وتكاد تبكي بجوارها من الحزن، ثم تنهدت بقوة وقالت بهدوء حذر..
استغفرى ربنا يا مها واهدى، ربنا رحمه من إلى كان هيشوفه يا حبيبتي.

قطع جلستهم طرقات الباب السريعة، ليفتح احمد الباب ويدلف بخطوات واثقة، وبهيبته المعتاد، وخلفه مراد يركض خلفه يناديه برجاء قائلاً..
احمد، استني يا احمد ماتتسرعش
صُعقت مها من تواجده، بينما ضربت رضوى بيدها على رأسها برفق و بحسرة ونظرت للأرضية بتوجس فتواجد احمد بهذا الوقت تحديدًا لن يفيد مها ابدًا..
تهتهت مها بخوف قائلة: أحمد!

وضع يداه في جيب بنطاله ونظر لهم بغرور غير معتاد منه، كأن من كان يحدث مها منذ قليل تبدل بشخصًا جامدًا..
ثم نظر لها مرددًا بصوت أجش يشوبه لهجة الأمر..
انا عايز أبني يا مها، هاتيه.

في منزل صديق عمر،.

دلف عمر بهدوء إلى الداخل، ليجد كل الأصدقاء الذي تعرف عليهم في هذا العمل الذي لم يجلب له الخير ابدًا، يجلسون وامامهم منضدة عليها الكثير من زجاجات الخمر وبعض المخدرات، وسجائر بكثرة، والمنزل بأكمله غير مرتب بالمرة، وقع ناظريه على الثلاث فتايات الذين يجلسن بجوارهم بدلال، يرتدون ملابس تفضح اكثر مما تخفي، يضعن مساحيق تجميل بكثرة غير مرغوب فيها، شعر بالتقزز من منظرهم هذا، وادار وجهه ليذهب ألا انه وجد يد بدر التي تدفعه للداخل قائلاً بمزاح..

اية ياعم مالك كدة، هو دخول الحمام زى خروجه، دى السهرة لسة هتبدا
أبعد عمر يده بقوة، ورمقه بنظرات حادة وهو يقول بغيظ..
بدر انت عارف إني بطلت الحاجات دى، انا قرفان وجيت اقعد معاكوا شوية بس طلع عندكوا قرف اكتر
هز بدر رأسه نافيًا وقال ببرود..
تؤتؤتؤ بلاش غلط يا عمر
ثم وضع يده على أكتافه وقربه منه بخبث وهو يتشدق ب..
ياعم تعالي اقعد واشرب بس، متعملش حاجة تاني.

نظر له عمر بطرف عينيه، وظَل الشيطان يُحلي هذه الجلسة في عيناه، عض على شفته السفلي بتفكير، لن يحدث شيئ، سيجلس فقط ليلهي نفسه عن التفكير والحزن على شهد..
اومأ برأسه موافقًا، دون أن يفكر مرة اخرة في عواقب ما سيفعله، ثم جلس بجوراهم على الأريكة الكبيرة، ليضع عبده يده على خصر احدى الفتايات الشقراء، ويهمس في اذنها بشيئ ما، لتضحك الفتاة ضحكة خليعة ثم تقول بإيماءه..
طبعااا امرك يا بيه.

وبعد قليل بدأ مفعولهم الساخط يؤثر على عمر، وتحول شربه للسجائر فقط لشرب الخمر وبكثرة، حتى اصبح يترنج مكانه وهب واقفًا بخطوات متزبزبة، يرى كل من امامه اكثر من واحد، وكزه بدر في ذراعه قائلة بلثم..
انت شكلك تقلت اووى ف الشرب
اومأ موافقًا وأمسك رأسه بألم، واصبح يهذى بكلمات غير مفهومة، نهضت الفتاة الشقراء، واقتربت منه بشدة حتى اصبحت ملاصقة له تمامًا، ثم أمسكت بذراعه قائلة بخبث..

تعالي اوديك الاوضة تفرد جسمك عشان تفوق.

أستسلم عمر لها، لأنه لم يكن بحالة تسمح له بالأعتراض من الأساس، وضعت الفتاة يدها على ظهره، وظهرت الإبتسامة الخبيثة أعلي ثغرها، فقد نجحت فيما ارادته، دلفوا إلى احدى الغرف وسط ضحكات الجميع الساخرة، جعلت عمر يجلس على الفراش ويحاول أن لا يفقد وعيه بقدر الإمكان، ثم عادت متجهة للباب لتغلقه، بدأت قدمها العارية تتحرك امامه ببطئ متعمدة إثارته، ثم أغلقت الباب وعادت له مرة اخرى، ومن ثم جلست بجواره ملاصقه له، ومدت يدها ووضعتها على فخذه ثم اقتربت منه لأقصي حد لتلصق جسدها به وتتحسس ظهره بطريقة ما لتثير غرائزه اكثر، ولفحت أنفاسها الحارقة وجهه، إبتلع عمر ريقه بإزدراء، ويحاول السيطرة على نفسه، نظرت الفتاه لشفتاه راغبة بها، ليفقد الاخر السيطرة على نفسه، وينقض على شفتاه يلتهمها بشهوة، بادلته القبلات وسيطر عليها شعور الانتصار، ثم بدأت بفك ازرار قميصه، وعمر لم يكن عقله بحمله ليدرك نفسَه قبل حدوث ما كان يخشاه، حتى لا يعيش باقي عمره نادمًا...!

في منزل رضوى،.

دلفت إلى المنزل وملامح وجهها لا يبدو منها الخير، أغلقت الباب بهدوء، ثم اكملت سيرها متجهة للداخل وعيناها قد بدى عليها الإرهاق الشديد، وجدت والدتها تجلس على الكرسي امام التلفاز تضع قدم فوق الاخرى وتحركها بسرعة، كحركة تعبر بها عن غضبها، جلست رضوى بجوارها بهدوء، عقلها اصبح غير قادرًا على هذا الكم من المشاكل التي تلاحقها مؤخرًا، كلما تذكرت عبدالرحمن وما حدث معه قلبها ينبض بسرعة رهيبة، وضعت يدها على صدرها لتنظم أنفاسها اللاهثة، ثم نظرت لوالدتها بتفحص متعجبة من صمتها، لتجد عيناه اصبحت حمراء، ابتلعت ريقها بخوف وقد علمت أن هناك شيئ مريب في الأمر، فجأة نهضت والدتها ووقفت امامها وسألتها بحدة قائلة..

كنتي فيين يا رضوى هانم؟
نظرت لها رضوى بتعجب، واصبحت تعض على شفتاها بخوف تفكر فيما ستقوله لها، فأصبحت في مأزق الان، غير قادرة على القول انها كانت مع عبدالرحمن، او إخبارها بما اصبحت فيه مها..
أخرجت الكلمات من فاهها قائلة بأرتباك..
آآ انا ك كنت عند، آآ
قاطعتها والدتها وهي تصيح فيها ممسكة بيدها وتضغط عليها بقوة قائلة بغضب..
كنتي مع عبدالرحمن يابت صح.

ظهر الذعر في أعين رضوى، واصبحت ترتجف بخوف بسبب تعنف والدتها معها مؤخرًا بشكل كبير، تذكرت تمسك عبدالرحمن بها ورفضه الإبتعاد عنها، كأن عقلها ذكرها بهذا الموقف ليعطيها قوة للمواجهة، فأبعدت يد والدتها برفق ونهضت قائلة بقوة..
ايوة كنت مع عبدالرحمن وسبته زى ما انتي عايزة، سيبيني في حالي بقا.

تلقت صفعة من والدتها ردًا على كلامها، أحمرت وجنتاها من الألم، وامتلأت عيناها بالدموع بينما ظلت والدتها تضربها بقسوة وهي تصيح بهيستريا قائلة..
بعد اييييية، بعد ما وسختي شرفنا يا كلبة يا محترمة.

وبعد فترة، منذ وصول شهد ومحسن إلى المستشفى التي كام بها مصطفى تم الإنتهاء من جميع الاجراءات الخاصة بجثمانه، وأستلم محسن الاشياء التي كانت معه وبما فيها امواله، ثم اتجه إلى الادارة ودفع المصاريف، واستلم تصريح الدفن، وجثه مصطفى بسيارة من المستشفى ليتجهوا إلى المقابر لدفنه، كان محسن حزين على موته ولكن ليس بنفس الدرجة التي كانت بها شهد، فقد كانت تبكي بلا توقف ولا تستطيع السيطرة على نفسها، ومحسن يحاول ان يهدأ من روعها ولكن بلا جدوى، كأن الفرصة سنحت لها لتبكي وتهطل دموعها التي منعتها لمدة بغزارة، يصعب عليها مجرد التخيل أن شخص من عائلتها مات ولم يكفر عن الذنوب التي ارتكبها، ولم يموت هكذا بل مات بأبشع الامراض، في ريعان شبابه، تم دفن مصطفى بجوار أبيها ووالدتها، ورحل الجميع إلا شهد ومحسن الذين كانوا يدعون له بالرحمة والمغفرة برغم كل ما فعله معهم مسبقًا، جلست شهد امام القبر وهي تبكي وتدعو له ومحسن يقف بجواره وقد تذكر نفس جلستهم يوم وفاة والدهم، فتلقلقت الدموع في عينه على الفور..

قطع نحيبها صوت رسالة من هاتفها الذي اعطاه عمر لها منذ أيام، لتفتح حقيبتها وتخرج الهاتف منها، فتحت الرسالة، وإتسعت حدقتيها من صدمة ما رأت، ظلت تقرأ الرسالة عدة مرات كأنها غير مصدقة لما تراه الان، ودموعها تهطل، قلق محسن اكثر من مظهرها، ليمسك بهاتفها ليقرأ ما في الرسالة بلهفة ليصعق هو الاخر عندما يحد محتوى الرسالة..

شكل جوزك مابيرتاحش غير معايا وانتي قرفاه اووى، بس كانت اجمل ليلة في حياتي، ابعدى عنه بقا لانه طهق منك، ولو عاوزة تتأكدى تعالي ع العنوان ده (، ) مستنياكي يا، يا مدام شهد
وصورة لعمر مع احدى الفتايات في وضع خليع لا يسر الناظرين..
نهضت شهد فجأة بسرعة وركضت مهرولة للخارج بسرعة رهيبة كأنها تفر هاربة من وحش ما دون ان تأبه بركض محسن خلفها ومناداته لها و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة