قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثلاثون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثلاثون

ما لبث إن انتهي من جملته حتى نهضت شهد بصدمة وشهقت وهي فاغرةً شفتيها، كأنه سكب عليها كوبًا من الثلج، كانت تحدقه بنظرات مصدومة للغاية غير مصدقة لما سمعته أذنيها، ظهر في عيناها البنية بريق لامع خافت وحاد، ثم صاحت فيه بغضب قائلة..
انت عايزنى انفذ إلى هما عايزينه، عايزنى اشتغل فتاة ليل يا عمر انت مجنون ولا اييية!

جز عمر على أسنانه بغيظ مكبوت ثم أمسكها من ذراعها وجذبها لتجلس بجانبه ثم نظر لها بحدة وهو يقول بجدية..
دة على جثتي إن حد يجي جمبك، سيبيلي فرصة اكمل كلامي للأخر.
تأففت بضيق ونظرت للأمام وعقدت ساعديها ولم ترد، فهم عمر أن حركتها بمعني هيا أكمل، زفر بضيق هو الأخر وأستطرد حديثه بتفكير قائلاً..

بس في اختلاف، مش هاتشتغلي فتاة ليل، انتي هاتروحي لهم ع اساس إني ماعرفش وإنك هاتشتغلي معاهم وهاتسلميني ليهم، بس انتي هاتعملي العكس هاتسلميهم ليا.
هزت رأسها بأعتراض شديد، كانت كمن يخبروها أنها يجب أن تتخلي عن طفلها، كيف ستفعل ذلك!، ماذا إن كشفوها، بالطبع سينتقموا منه هو..!
نظرت له بهدوء أتقنته ليرى هو في عيناها الرفض والنفور الشديد مما قاله..
هتفت بأعتراض واضح يشوبه الخوف قائلة..

مستحيل يا عمر، انا كدة هابقي بسلمك ليهم فعلاً، افرض اتكشفت انت هتروح هدر يا عمر، مأقدرش خالص.
أمسك عمر كفيها بين يديه ليشعر ببرودة يدها، نظر لوجهها وجد وجهها شاحب بعض الشيئ، تمعن النظر في تفاصيل وجهها الرقيق ثم قال بهمس..
شهدى انتي خايفة لية، صدقيني انا مش هيجرالي حاجة ولا هيجرالك، بس عمرى ما هاعيش مرتاح إلا لما أنتقم.
صمت لبرهه ومازال مثبت ناظريه في عيناها البنية يتمعقها وهو يتشدق ب..

ولا انتي مش عايزاني اعيش مرتاح يا شهدى
هزت رأسها نافية ولمعت الدموع في عيناها وكادت تنهمر، شعر عمر بمدى خوفها وحزنها فهي تعتبر نصفه الثاني، تنهد تنهيدة حارة تحمل بطياتها الكثير ثم أقترب منها واحتضنها بحب وأخذ يربت على شعرها الذهبي الطويل وتابع بحنان قائلاً..
خلاص يا شهدى انتي مش هاتدخلي الدايرة دى ابدًا، انا هأنفذ انتقامي لوحدى من غير مساعدة اى شخص.

رفعت رأسها لتقابل عيناه السوداء وقد بدى فيها الغموض اكثر حتى هذه اللحظة، كادت تتفوه بشيئ ما ولكن عارضها لسانها وتحدتها الحروف ولم تنطق بأى شيئ، فقط كانت تنظر له وتتأمله، لقد تمثل لها في حياتها بالأب والأخ والزوج والأبن الذين افتقدتهم، لم تشعر بحنان اى شخص لها سوى والدتها التي توفيت..

في منزل حسن،
حدقت به مها بنظرات مصدومة، ولكن ليس لعدم تقبله الطفل بل لأنه يتهمها أنه ابن رجل اخر، كيف هذا وهو يعلم بمدى عشقها له، كيف وهي تركت زوجها من أجله فقط، كيف وهي سلمته نفسها من دون ان يتزوجوا حتى..!

اطلقت ضحكة طويلة وعالية ساخرة وهي تخبط كف بكف، سيطرت عليها حالة جنون، كانت تضحك بسخرية فقط، تعجب حسن من حالتها تلك، توقع أنها حتى يمكن ان يغشي عليها اثر الصدمة، كأنها استوعبت الان ما قاله، اقتربت منه بسرعة وأمسكت به من لياقة قميصه الأبيض وهي تزمجر فيه بغضب قائلة..
انت مجنووون صح يعني ايية الكلام دة
أبعد يدها عنه بكل برود وتقزز كأنها وباء ثم تقدمها بخطوات واثقة وهو يقول بنبرة غليظة..

يعني انا ايش عرفني إنه فعلاً ابني، وبعدين انا مش بتاع جواز وأطفال، انا عايز اعيش حياتي بالطول والعرض وبكل حرية بس.
شعرت كأنها تسمع مزحة للمرة الثانية، أستمرت بالضحك بصوت عالي، ثم أشارت له بأصبعها واردفت بتوجس..
انت بتهزر صح، قول يلا إنك بتهزر وانا هاعدي لك المقلب التقيل دة.
عاود النظر لها مرة اخرى ووضع يده في جيب بنطاله ثم أكمل حديثه الثقيل لتستمع له مها وهي تبتلع غصة في حلقها بمرارة..

لأ مابهزرش ع فكرة، ويلا بقا بعد اذنك عشان انا مش فاضي لك خالص.

أصبحت مها في حالة لا تُحسد عليها، تجسد امامها كل ذكرياتها مع هذا الذي يدعي حسن، كل الأوقات التي ابتعدت فيها عن طفلها من اجله، إنفصالها عن زوجها وهذا ايضًا من أجله، تذكرت كل عبارات الحب المزيفة التي كان يخبرها بها، كيف أصبحت زانية من اجله، أجهشت بالبكاء الحاد واصبحت تصرخ بعلو صوتها وتردد كلمة لأ لأ بهيستريا، كان حسن يتابعها بنظراته وقد إنتابه القلق مما يحدث، إن ظلت على حالتها تلك وفي منزله ستتسبب له بالكثير من المشاكل، اقترب منها ببطئ ليهتف بشيئ ما ولكنه وجدها فجأة تبتعد عنه وقد اصبحت عيناها حمراء وتشع بالغضب مثل جمرة النار التي تخشي أن تمسها، تابعت بتوعد شرس قائلة..

أقسم بالله هاوديك ف داهية يا حسن، وهاعرفك إن الله حق، وهاثبت إن إلى ف بطني ابنك انت مش ابن حد تاني.
ما إن انتهت من جملتها حتى حملت حقيبتها ومسحت عبراتها والكحل الذي ساح تحت عيناها وإتجهت للخارج، فتحت الباب وألقت نظرة اخيرة على حسن الذي كان يقف كما هو ببرود وينظر لها وهو يستمع حديثها اللاذع بلامبالاة ثم خرجت وأغلقت الباب خلفها بقوة...

في احدى عيادات الطبيب النفسي،.

في عيادة واسعة وأنيقة ونظيفة، يبدو أنها لأحد الأطباء المعروفين، يجلس عبدالرحمن على المقاعد وبجواره رضوى في العيادة الخاصة بالطبيب الذي اخبره به صديقه المقرب أدهم، كان التوتر سيد الموقف، وكان عبدالرحمن يهز رجله بسرعة وقوة ليخرج التوتر الذي يكمن بداخله من تلك المقابلة، كان يشعر أنه مثل الأرجوز وكل من بالعيادة ينظر له كأنه مجرم او ما شابه ذلك، تنحنحت رضوى لتخفف من توتره بأى شيئ قائلة..

حاسس بأية دلوقتي؟!
اخذ نفسًا عميقًا وطويلاً ثم زفره ببطئ وفرك اصابعه وهو يجيب بقلق قائلاً..
حاسس إن انا متوتر جدًا وإن الناس كلها بتبص عليا انا، يلا نمشي احسن
إتسعت حدقة عيناها بصدمة وهي محدقة به، هزت رأسها نافية بشدة ولمعت عيناها بأصرار غريب ثم اردفت بعزم قائلة..
ابدًا، مش هانمشي وهاتكمل مع الدكتور دة، وبعدين محدش بيبص لك خالص، دة انت إلى حاسس كدة بسبب توترك بس.

علم أنه لا مفر ويجب أن يواجه ذاك الشخص الذي كره كل النساء الوحشي بداخله، تنهد بقوة وأرجع رأسه للخلف ببطئ، تابعته أعين رضوى بهدوء وهي تشعر تمامًا بما يعانيه، فهي كانت حالتها مثله تمامًا عندما تركها شهاب..

لاحظت نظرات بعض الفتايات يجلسون بجانبهم وينظرون بإتجاه عبدالرحمن، سمعت همهماتهم وعباراتهم الخافتة بالغزل في عبدالرحمن، أجبرتها أعينها على النظر لهم لتجدهم ثلاث فتايات، يرتدون ملابس خليعة مثل ضحكاتهم ويضعون مساحيق تجميل مبالغ فيها بشدة، شعرت رضوى بالغضب الشديد ونظرت لهم بحدة، ثم نظرت لعبدالرحمن وهمست بحنق ومازال نظرها معلق بهم..
يلا نمشي صح يلا نمشي قوم.

نظر لها عبدالرحمن بتعجب ورفع حاجبه الأيسر، لوهلة شعر أنها هي من تعاني من إنفصام شخصية ايضًا، ثم نظر لما تنظر له ليجد هؤلاء الفتايات، فهم ما ترمي إليه وظهرت أبتسامة خبيثة على ثغره ورد ب..
لا والله، اشمعنا دلوقتي!
تداركت نفسها على الفور ونظرت للأرضية بخجل عندما رأته ينظر لهم ومؤكد انه فهم كل شيئ، ثم هتفت بخفوت وإرتباك قائلة..
آآ قصدى آآ قوم نمشي نجيب مياة عشان انا عطشت فجأة.

أبتسم عبدالرحمن وشعر بسعادة داخلية تغمره مما حدث، هذا يعني أنها تغار، حقًا إنها تغار، أصبح ينظر لها والفرحة أنارت وجهه وقد اختفي التوتر ليحل محله السعادة، هذا يعني أنه تمكن من قلبها ووصل إليه بعد فترة وجيزة..!
أفاق من شروده على صوت السكرتيرة وهي تنادى بصوت أجش قائلة..
أستاذ عبدالرحمن اتفضل.

تنهد عبدالرحمن ونهض ورضوى معه تنظر لها بتشجيع كأنه تحسه على الإقدام وإبعاد القلق عنه بنظراتها، إبتسم لها بهدوء وإتجه للداخل وهو يقدم قدم ويؤخر الأخرى، لتجلس رضوى مكانها مرة اخرى في إنتظاره بأمل في الغد...!

يعني ايييية الكلام دة يا دكتور!

هتف محسن بتلك الجملة بحدة وتساؤل برعب وهو يقف بجانب الطبيب الذي كان يفحص والده المسطح على الفراش بهمدان، وجهه ذابل وجسده ضعيف ويبدو عليه التعب الشديد، كان محسن ولأول مرة يشعر بالخوف، الخوف من فقدان والده، كيف سيواجه تلك الحياة القاسية بمفرده، لقد كان والده في ظهره دائما وسند له ويكملوا بعضهم البعض، كان والده يضع يده على قلبه والألم بادى بوضوح على محياه، أغلق الطبيب حقيبته الجلدية السوداء وخلع نظارته الطبية ثم نظر لمحسن وهتف بجدية قائلاً..

يعني والدك عنده القلب وفي حالة متأخرة جدًا، اكيد كان بيحس ف وجع ف قلبه ومش بيقول لحد ما الموضوع زاد
إبتلع محسن ريقه بخوف وهز رأسه نافيًا بسرعة وهو يقول بتوجس..
طب مفيش علاج يعني يا دكتور
اومأ الطبيب إيجابيًا وأكمل برسمية..
طبعًا في، احنا هانعمله عملية بس ماكذبش عليك نسبة نجاحها مش مضمونة وتكاد تكون معدومة.

ضم قبضة يده وضغط عليها بقوة وهو يحملق بالطبيب بصدمة والرعب يدب اوصاله ويزداد الخوف بداخله اكثر واكثر، محسن الذي لا يهاب شيئ ومستهتر ولا يؤثر به اى شيئ، الان يرتعب من فقدان والده، فمهما كان هذا والده الحنون، كانت لديه رغبة شديدة في البكاء ليخفف مما يشعر به، مد الطبيب يده بورقة وهو يكمل بتفاؤل قائلاً..

هات الأدوية المكتوبة ف الروشتة دى وتعالي لي في المستشفي (، ) يوم، عشان نحدد ميعاد العملية لأنها ممكن تكون ف القاهرة مش هنا لأن امكانيات المستشفي هنا على ادها
اومأ محسن برأسه موافقًا واخذها منه هو يفكر في شيئ اخر، بينما إتجه الطبيب للخارج وغادر المنزل، اخذ محسن يفكر ب، شهد، يجب ان يراها والدها وتراه، لا يجب ان يحدث له اى شيئ وهي بعيدة عنه، هو يعلم مدى حب والده لشهد.

هز رأسه بإيجاب وقد عزم على تنفيذ ما في رأسه وعاجلاً...!

في منزل عمر،.

كان عمر يقف في الحديقة الخاصة بمنزله، وفي هذا الوقت كانت شهد تنام في الاعلي، كان هو شارد ويخطط لما سيفعله مع هذا الذي يسمي حاتم ، يجب أن يسدد له الضربة القاضية التي تمحيه من الوجود، ولكن ايضًا هذا ليس بالهين، هو على علم بما يمكن ان يفعله حاتم وبنفوذه وقوته، تنهد وهو يتذكر مشهد موت حبيبته الأولي هند ، كأن هذا المشهد جرعة لتزيد من نيران غضبه ولهيب إنتقامه وقد بدى الإصرار القوى في عيناه السوداوتين، قطع شروده صوت هاتفه معلنًا عن إتصال من، فارس.

زفر بضيق وهو يتذكر فارس ثم ضغط على الزر وهتف بحنق قائلاً..
امممم نعم ارغي يا فارس
في اية كدة اهدى عليا يا عم
انجز يا فارس انا مش فاضيلك
طب بص بقا انا عايزك تيجي الفيلا بتاعت البوص عشان في مفاجأة ليك
مفاجأة ايية دى يا فارس
بقولك مفاجأة، يلا تعالي وانت هاتعرف
اوف، ماشي جاى لك
اشطاات، سلام
سلام.

أغلق الهاتف وهو يفكر ويحاول التوقع بما يعده له فارس، أبتسم بسخرية وهو يتذكر ما حدث، ومن هذا اليوم وهو منتظر ما سيحاول فارس ان يفعله ردًا لكرامته، ولكن ما علاقة حاتم بهذا الموضوع، إذا لنذهب ونرى..
حدث عمر نفسه هكذا قبل ان يسير متجهًا للخارج وركب سيارته بهدوء وإتجه لمنزل حاتم ولم يتوقف عن التفكير..

وصل بعد ربع ساعة تقريبًا وصل امام الڤيلا وترجل من سيارته وإتجه للداخل بخطوات واثقة، بالطبع لم يتحدث معه الحرس فهم معتادون على مجيئه..
دلف ووزع انظاره في المكان ليجد فارس وحاتم وشيئًا لم يتوقعه ابدًا و...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة