قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والستون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والستون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والستون

كان بريق الامل امامه في لحظات، ظهر من بين شفتي حاتم من دون ان يشعر، كان حاتم يفكر بخبث، يضع الخيوط اينما اراد وينصبها وقتما يشاء دون ان يحذر مما يمكن ان يحدث عكس ما يريد، هتف بنبرة اشبه لفحيح الافعي:
عمر هو إلى هيساعدنا نخرج
عقد فارس حاجبيه ثم سأله بعدم فهم:
ازاى يعني عمر!
اجابه ببرود وهو يرفع كتفيه:
يعني عمر، بس ياريت يطلع زى منا متوقع ميعملش غير كدة
تأفف فارس ثم قال بنفاذ صبر:.

ماتعرفني هتعمل اية على طول من غير لف ودوران يا عمى
نظر له حاتم ثم تابع بصوته الأجش:
عمر من ساعة ماعرفتوا مابينكرش فضل حد عليه، وانا كان ليا فضل عليه كبير كمان، يعني لو اقنعته انى ندمان وتوبت، وطلبت منه، مش هيرفض، وخصوصًا ان انا ليا تأثير كدة عليه.

ضحك فارس بسخرية مريرة، سخرية على الأمل الذي انطفئ لتوه، الان فقط فهم فارس ان عمر كان يعمل معهم لهدف يعلمه هو وحده، وانهم كانوا مجرد وسيلة مؤقته، بينما عقد حاتم حاجبيه متساءلاً بضيق:
اية إلى بيضحك كدة!
تنهد فارس بقوة، تنهيدة تحمل كل معاني الأسي، تنهيدة لو اخرجها امام احدى الزهور الصغيرة لسقطت من شدتها، ثم رمقه بنظرات متهكمة وتابع بصوت قاتم:.

إلى بيضحك انك لحد الوقتى مفهمتش عمر كان بيعمل كدة ليه، عمر كان عايز ينتقم مننا عشان عرف ان احنا إلى قتلنا هند، وكان بيدبر من بدرى ولما جتله الفرصة نفذ، ده كمان لسة معرفش ان هند كانت ميتة من بدرى واننا كذبنا عليه، امال لما يعرف بقاا
رفع حاتم كتفيه بلامبالاة، ثم قال ببرود:
عارف، خلاص خلينا ف السجن لحد ما نموت
جز فارس على أسنانه بغيظ، ثم هز رأسه نافيًا بأعتراض شديد، واكمل ب:
لا مش هاقعد هنا لحد ما اموت.

نظر له حاتم بتساؤل، ليستطرد هو بزافرة قوية اخرج بها كل المشاعر المختلطة المشحونة بداخله:
انا هأعترف بكل حاجة، يمكن ساعتها القاضي يراعى ويخفف الحكم
إتسعت حدقتا بصدمة جلية، من يراه يعتقد انهم سحبوا منه الأكسجين عنوة، نعم، فأخر شخص كان معه في نفس الدائرة، الان ينسحب بكل هدوء، ليتركه وحده يختنق رويدًا رويدًا..
نظر له بحدة قبل ان يمسكه من ذراعه بقوة، ويقول بتحذير:.

على الله اعرف انك اعترفت يا فارس، هايكون اخر يوم ف عمرك
ضحك فارس بسخرية، ثم ابعد يده ونظر له شرزًا، ثم قال متهكمًا:
متقدرش، ماتنساش ان محدش هيساعدك ولا هيبص ف خلقتك، الاول كانوا تحت طوعك عشان فلوسك، انما دلوقتى فلوسك بح، يعني هما كمان بح
شعر حاتم بحواسه جميعها تشجعه على قتله، توقف عقله عن التفكير وهرب هدوء عيناه السوداء، ليحل محله شرارات غاضبة ساخنة تتطاير منها، همس بجوار اذنه بصوت مسموع:.

وانا مش محتاج حد، ايدى موجودة يا ابو فراس.

في نادى شهير، كانت رودينا تجلس على مقعد امام احدى المنضدات الخشبية الصغيرة، تحت ضوء الشمس الساخنة، ترتدى نظاراتها الشمسية السوداء لتخفي عينيها الخضراء اسفلها، وملابس تثير غرائز من يراها، تهز قدمها بعصبية جلية على ملامحها، وامامها تجلس والدتها التي كانت تجلس ببرود، ممدة ظهرها للخلف بأريحية، تنفث السجائر بلامبالاة، وترتدى بنطال جينز ضيق وتيشيرت اخضر نصف كم، من يراها يظنها في عمر ابنتها، ولما لا فهى مشيرة زهران سيدة الاعمال الشهيرة، تهتم برشاقتها وانوثتها اكثر من اى شيئ، ثم عملها، واخيرًا ابنتها، تأففت رودينا ثم قالت بملل:.

يا مامى انا مش متخيلة انى ممكن اكون زوجة تانية، او حتى his mother لطفل عنده لسة 7 سنين
نظرت لها مشيرة بهدوء تام، قبل ان تقول بخفوت:
easy يا رودى، انتِ مش بتقولي عايزة احمد، وعشان هيعيشك العيشة إلى انتِ عايزاها، خلاص يبقي هتستحملى عشانه.

زمت شفتيها بعدم رضا، لم تكن هذه الفتاة التي يمكن ان تصبح كالجدار لمنزل صلب لا يتأثر بأى شيئ، بل هي راغبة في اشياء مهمة في حياتها هي ليس إلا، ومن الممكن ان يكون اخر سبب هو اعجابها بأحمد، هو ما يجعلها تنطلق كالسهم من القوس لتتبع كلام والدتها لتجعله كالخاتم في اصابعها كما يقولون..
ابعدت مشيرة السيجار عن فاهها ببرود، ثم نظرت لرودينا وتابعت بصوت رقيق:.

يا حبيبتي احمد مش ال man إلى يتخلي عن ابنه بسهولة، وبعدين فيها اية ماهو قالك ماتجوزهاش
نظرت لها رودينا بضيق، ثم قالت بتأفف:
maybe mam maybe
قالت مشيرة وهي تشير بإصبعها بجدية هذه المرة:
انتِ عايزة احمد ولا لا؟
اومأت رودينا بكل تأكيد، لتستطرد مشيرة بصوت آمر انتبهت له جميع حواس رودينا :
يبقي تسمعي كلامي وبس، promise you في خلال ايام احمد هيكون ليكِ انتِ وبس حتى لو اتجوز الف واحدة.

وصلوا جميعهم إلى المستشفى التي يقطن بها عمر، بمشاعر متضاربة مختلطة، وافكار مشحونة مختلفة، كلاً منهم يشعر ويفكر بشيئ مختلف، رضوى ومها ونبيلة يجتاحهم شعور بالرهبة والقلق على ابنة خالتهم الوحيدة، اما عن عبدالرحمن فهو يفعل ذاك من باب الرجولة فقط، بما انه لا يعلم من هي شهد من الاساس، اما عن احمد، فكان معهم مثل المجبور، ولما مثل فهو بالفعل مجبور، فجأة وجد نفسه بين دائرة من العائلة تخشي على فرد اخر، تقدم عبدالرحمن ورضوى للأستقبال يسألوا عن غرفة عمر، واتجهوا لغرفته على الفور، وجدوا محسن في طريقه للداخل، هتفت رضوى بصوت هادئ:.

محسن
التفت لهم بذهول، لم يتوقع قدومهم جميعًا، من يوم مولده وعلاقتهم مشتتة، الان يأتوا جميعهم ويصلوا الروابط، يضعوا النقاط على الحروب الان!
اقتربوا منهم، لم تمهلهم نبيلة الفرصة حيث سألته متلهفة:
شهد عاملة اية وجوزها اية اخباره الوقتي يا محسن؟
تنهد محسن تنهيدة طويلة حارة، يحاول استعادة رباط جأشه، ثم اجابها بهدوء حذر:.

الحمدلله يا خالة، خرج من العناية المركزة والدكتور جال انه بقي كويس وهو موجود علشان الجرح بس، وشهد معاه جوة
تنهد الجميع بأرتياح، بينما اشار لهم محسن على الكراسي الحديدة الموضوعة امام الغرفة، ثم هتف بصوت اجش:
اتفضلوا اجعدوا ارتاحوا من السفر
لاحظت رضوى نظراته المريبة حول عبدالرحمن واحمد، فسارعت بالقول مبررة بهدوء حذر:
ده عبدالرحمن خطيبي يا محسن، وده احمد جوز مها متهيألي عارفه.

اومئ محسن موافقًا ولم يتفوه بشيئً اخر، في حين تابعت رضوى بشوق:
انا عايزة اشوف شهد يا محسن لو سمحت
اتجه للداخل وهو يقول بخفوت:
هأدخل اشوفهم.

استدار واتجه للداخل، طرق الباب بهدوء ثم دلف ليجد عمر يجلس على الفراش كما هو، وشهد تجلس على طرف الفراش والصينينة المحملة بالطعام بينهم، شهد تطعمه كالطفل الصغير، نظراته محملة بجميع معانى العشق، اما هي فالأبتسامة لم تختفي من على ثغرها ولو للحظة، وكأنها بدلتها بالدموع وللأبد، تقابله بنظرات حانية، حامدة، قطع لحظاتهم الفريدة بنحنحة رجولية هادئة:
ولاد خالتك جم من مصر يا شهد وعايزين يشوفوكى.

تهللت أساريرها، ولمعت عينيها البنية ببريق خافت فرح، كلماته انارت وجهها الابيض، كالضوء الخافت الذي وُضع وسط الظلمات فجأة، انفجرت شفتيها بأبتسامة سعيدة ونطقت دون وعيًا منها:
بجد يا محسن ولا بتهرج!؟
ضحك محسن بخفة، ثم اومئ مؤكدًا:
ايوة والله كُلهم جُم برة، وعمتك نبيلة
ثم ضرب جبينه بطرف يديه برفق وعاد يقول بمرح:
يووه، لحد الوجيتي مابعرفشي اجول خالتك دى.

ابتسمت شهد ثم نظرت لعمر لتجده ينظر لها بأبتسامة مشرقة، يرى شمسه تظهر رويدً رويدًا من بين الظلام، على كل آمد يكتشف ركنًا ينير ببطئ بداخلها، قالت له بهدوء وابتسامة:
هأروح اشوفهم يا عمر
اومئ بتأكيد قبل ان يقول بنبرة حانية:
اكيد يا حبيبتي روحى، وابقي دخليهم عايز اشوفهم
اومأت ثم سارت للخارج بخطى اشبه للركض، ليصيح عمر مشاكسًا:
براحة على حزمبل يا ام حزمبل.

ضحكت شهد ومحسن على ذاك اللقب، ليتجهوا للخارج، قابلتهم شهد مقابلة حارة، وخاصة رضوى التي ركضت لاحتضانها على الفور، تشعر بالنصف الناقص بداخلها يكتمل الان، رددوا التحية المحملة بالأشواق والترحاب لأحمد وعبدالرحمن، دعتهم شهد للداخل بهدوء، فأتبعوها ببطئ، ليدلفوا على عمر، وبالفعل لم تخلو الجلسة من التمنيات بالشفاء، حتى قالت لهم شهد بسعادة مشيرة لعمر:
ده بقي اهو ياستي عمر، جوزى، وابو ابنى إلى جاى.

قالت الاخيرة وهي تتحسس بطنها بأبتسامة حالمة، لتحدقها رضوى بصدمة، قبل ان تهتف فاغرةً شفتيها:
انتِ حامل يا شهد
اومأت شهد بتأكيد، لتستطرد رضوى بمرح:
جه اليوم يا طفلة إلى هتبقي فيه ام
ضحكت شهد بهدوء ثم نهضت متجهه لسيف الذي كان يجلس بسكون بجوار والده ووالدته، ثم داعبت وجنتيه وقالت بحب:
حبيبي انت سيف صح
اومأ سيف ثم قال بفخر طفولى:
ايوة انا ثيف، انتِ خالتو شهد؟

ضحكت شهد على لفظه بأبتسامة، لتسارع مها قولها بأبتسامة:
لسانه مش عايز يتعدل ف ال س، وبيتضايق جدًا لما حد يضحك ع الاسم
وضعت شهد يدها على فاهها بصدمة مصطنعة، لتنظر له بطرف عينيها معتذرة:
معلش يا ثيف مكنتش اعرف انك بتتضايق بقاا
انتهت الجلسة القصيرة واستأذنوا ليغادروا بالطبع لمنزل مسعد، وسار معهم محسن ليوصلهم بنفسه، على وعد بأن يجلسوا جميعهم بمجرد شفاء عمر، وعودة شهد ومحسن وعمر معهم لحضور زفاف رضوى..

جلست شهد بجوار عمر، ليحتضنها بين ذراعيه برفق متجاهلاً الالم الطفيف الذي شعر به، فقربها منه هو من يسكن جراحه، كانت تنظر امامها بشرود، تفكر بكل ما هي فيه، تعيش مع من تحب، وتحمل منه طفلاً قادم، ووسط اهلها، ماذا تريد اكثر!؟
لا لا ليست هي هذه الحياة التي شعرت لأيام انها لا تريدني بها، ولكن حقًا الصبر له لذة خاصة..

اقترب منها عمر يسرق قبلة طويلة عميقة على شفتيها المنتكزتين، لتفيق من شرودها وهي تشهق بصدمة وقد صبغت وجنتاها بحمرة الخجل، لتهمس بخفوت:
عمر، خضتني
ابتسم بنظرات عاشقة على خجلها الذي يجعله يروى عطش ناظريه من حمرته، وراح يقول مداعبًا:
سلامتك من الخضة يا قلب عمر
ابتسمت بهدوء، وحاولت التملص من بين ذراعيه بخفة ولكن مثبت يده حول خصرها بقوة رغم ضعفه الجسدى، ليتآوه ويقول بألم مصطنع:.

آآه وجعتيني يا ام حزمبل ينفع كدة
رمقته شهد بنظرات متلهفة خائفة، ولكن سرعان ما اردفت بغيظ:
بطل تقول حزمبل، ده ابنى هسميه حسام مش حزمبل
ضحك عمر على غيظها، ثم عاد يقترب منها هاتفًا بخبث:
طب اية رأيك عايز اسلم على حزمبل
ابتعدت عنه شهد قليلاً لتتنحنح بحرج:
عمر، محسن ممكن يجي
هز رأسه نافيًا، وراح يقترب اكثر وهو ينظر لها برغبة، ثم استطرد بأبتسامة شيطانية:.

تؤتؤ محسن لسة هيوصلهم ويقعد معاهم شوية ويجي، ومابيدخلش غير ما بيخبط وبعدين انتِ مراتى
وقفت الكلمات في حلقها وتحدتها الحروف، ليبتعد هو عنها ثم قال بجدية مصطنعة:
ولا اقولك، قومى اقفلي الباب ده بالقفل
هزت رأسها نافية بأعتراض شديد، ثم قالت بإصرار:
مينفعش، الجرح لسة جديد
سحبها بيده بقوة لتسقط عليه، شهقت بصدمة، وشعر هو بالألم، ولكن تحامل على نفسه وشدد قبضته على خصرها، اردفت هي بقلق:
عمر سيبني اقوم مينفعش كدة.

لم يرد عليها، وانما اوصلها رده بقبلة عميقة حانية راغبة، يلتهم شفتيها بشوق يكاد يفتك كلاً منهما، بعد قليل ابتعد لشعوره بحاجته للهواء، ثم قال وهو يلهث:
عايزة تقومي بردو
كادت تجيبه الا انه ابتلع حروفها بين شفتيه يروى عطشه منها، رغبته، عشقه، تسللت يده لأزرار قميصها البني، لتوقفه وهي تحاول الابتعاد بنبرة مصطنعة الجدية:
لا، عمر مينفعش احنا ف مستشفى، مينفعش بجد، سيبني اقوم بقا حد هيجي.

ابتعد عنها برفق، يحاول تهدأة نفسه وانفاسه اللاهثة، يروض كم المشاعر المضطربة التي اجتاحته، نظر لها وهو يغمز لها بطرف عينيه قائلاً بتوعد:
مسيرى هخرج من هنا، وساعتها هردلك كل إلى بتعمليه فيا ده...!

وفي سجن النساء، كانت مريهان تجلس على احدى الفرش على الارضية الخشنة الباردة، تضم ركبتيها إلى صدرها، جفونها تغطي عينيها السوداء الحمراء، اصبح وجهها الانوثي الصارخ شاحب منذ دخولها السجن يثير الشفقة، جسدها اصبح نحيل، قليلاً ما تأكل او تشرب شيئ، تقريبًا لا تشعر بمن حولها، بعد اعتراف ابراهيم صديق حسن ان حسن كان يقصد مريهان وليس مها، واكتشاف الطب الشرعى لبصماتها على جثمان حسن، وان موته كان قبل طعنه بالسكين، تم جلب مريهان للتحقيق معها، وهي لم تكن خائقة من الاساس، فقد حققت انتقامها منه ولن تهتم بأى شيئ بعد الان، كل ما كان يهمها هو الانتقام لأخيها الذي اعطاه حسن جرعة زائدة من الهيروين فمات في نفس اللحظات، ليمنعه من سجنه بإيصالات الامانة التي تدينه، ولم تكن مريهان بالشخص الهين لتصمت عن موت اخيها الوحيد بهذه الطريقة، حققت انتقامها واعترفت على نفسها بكل شيئ، ليتم الحكم عليها بتحويل اوراقها لفضيلة المفتي، تقبلته بصدر رحب، تسطحت على الفرشة بهدوء، لتنظر امامها بشرود، ثم همست بصوت ظنته في خواطرها:.

جياالك قريب ياخويا
صمت برهه ثم ابتسمت بأشتياق مكملة:
وحشتنى اوى اوى
اغلقت جفونها بإرهاق، تحلم بعائلتها التي تركتها وحيدة في هذه الدنيا، تركتها لتنتقم وتفسد فقط...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة