قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والأربعون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والأربعون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثاني والأربعون

سَقطْ الهَاتف من يدها واصبحت ترتجف من الخوف، إن علم عمر لن يمر الأمر مرور الكرام مؤكدًا، بينما كان عمر يرمقها بنظرات حادة، ولكن لم يتملكه الشك ولو للحظة، فهو يثق بمَريم ثقة عمياء، حاولت إخراج الكلمات بصعوبة من بين شفتاها قائلة بهلع..
آآ با آآ ب بكلم واحدة آآ واحدة صاحبتي
جز على أسنانه بغيظ، ما مر منذ دقائق عليه أثر عليه بشكل كبير، ظل محدق بها ثم اكمل بحدة قائلاً..
بتكلميها ع اساس انه راجل لييية؟

أرجعت خصلة شعرها للخلف ومن ثم تمتمت بخفوت قائلة..
واحد زميلي فالشغل يا عمر
لم يهتز له جفن بل ازداد خشونة وحدة اكثر، ثم قال بقسوة غير معهودة منه..
وانتي تكلمي زميلك ف البيت ليه هاا
جاءهم صوت الشاب المنخفض عبر الهاتف قائلاً بلوع..
مريم، مريم انتي فين
أمسك الهاتف ثم أجابه بصوت عالٍ وجمود قائلاً..
اياك تتصل ع الرقم دة تاني فاهم.

لم ينتظر اكثر واغلق الاتصال، ورمي الهاتف على الفراش بقوة حتى كاد ينكسر ثم زفر بضيق واضح، وظهرت عروقه، ليسمع إندفاع مريم الغاضب قائلة..
عملت كدة ليه، ثم انك ليه محموق كدة قولتلك دة مجرد زميل، مش من حقك تقتحم حياتي بالشكل دة اصلا
شعر بوغزة في صميم قلبه، جملته كانت كالحقنة المهدأة التي اعادته لوعيه الان، مسح على شعره ببطئ وظل يجوب بنظره في إنحاء الغرفة ثم نظر وقال بهدوء حذر..

صح عندك حق، انا مش من حقي اقتحم حياتك بالشكل دة، انا مين اصلا
استدار وغادر تاركًا اياه تهوى على الفراش وهي تزفر بضيق وغضب معًا...

في مكتب أحمد،
نظر له مراد بتركيز وإنصات واقترب من المكتب بكرسيه أكثر قائلاً بفضول..
هي مين دى إلى شوفتها يا احمد؟
رجع بظهره للخلف ثم نظر للأعلي وأطلق تنهيدة حارة وهو يتذكر الماضي المؤسف، ومن ثم تذكر مظهرها وهي مُلقاه على الأرضية بهمدان، فتابع بشرود قائلاً..
مها، مها رشوان
حك مراد جبينه ليتذكر، وشهق فجأة وهو يقول بصدمة واضحة..
مها إلى متهمة بقضية قتل!

امأ بهدوء ولم يبالي بجملة مراد عن قضية القتل، فما يهمه الان ان حوريته جعلها القدر بين يديه مرة اخرى، يتخيلها تتراقص بنعومة كالفراشة بين يديه، افاق من شروده على صوت مراد الذي قال مستنكرًا..
متهمة بقضية قتل يا حضرت الظابط!
اقترب منه ثم نظر له بحدة قائلاً..
مايخصنيش قتل ولا مش قتل، انا عارف مها كويس استحالة تعمل كدة
صمت برهة وتقوس فمه بأبتسامة ساخرة ليكمل بتهكم قائلاً..

بس ريح نفسك، اصلا شكلها اتجوزت وهي متعرفش ان انا إلى ماسك قضيتها
خبط كف بكف وامتلأت عيناه بنظرات متحسرة على حال صديقه ورفيق عمره الوحيد، الذي لم يعد يفرق بين الصواب والخطأ مؤخرًا، لم يعد هو ذاك الضابط الجامد كالحائط لا تهتز له شعرة مهما حدث، هذا عاشق ولهان فقد سيطرته على نفسه بمجرد رؤيته لحوريته..
اصبحت نبرته اكثر حدة وشبه آمرًا وهو يردد لأحمد..

ومش هاتعرف يا احمد، مينفعش بعد كل حاجة حصلت تعرف، وانت اصلا لازم تنساها، تنساها خالص وبعدين دى مجرمة
ضرب احمد على المكتب بكلتا يديه بقوة، ورمق مراد بنظرات غاضبة للغاية ثم أردف بهدوء حذر قائلاً..
مراد، انا انساها مانساهاش ماشي، لكن مش هاسمح لك تجيب سيرتها ف حاجة وحشة ابدًا
مط شفتيه بعدم رضا ثم نظر أمامه ولم يرد عليه، هو يعلم أنه اخطأ ولكن خوفه على صديقه هو من دفعه لذلك..

نهض لشعوره أنه يحتاج إلى الجلوس بمفرده ليفكر بهدوء، وألقي عليه نظرة اخيرة قبل ان يفتح الباب ويخرج بخطوات هادئة...

في منزل عمر،.

تململت في فراشها ودموعها لم تجف من على وجنتيها، تشعر بالألم في جميع أنحاء جسدها الذي اصبح هزيل، فلقد تجرعت جرعة زائدة من عقابها عندما قاومته، شفتاها الحمراء المنتكزة اصبحت متورمة تنزف الدماء، ملابسها مُلقاه على الأرض بعد تمزيقها، لم تتخيل أن يكون حبيبها قاسٍ في عقابها لهذه الدرجة، اجهشت بالبكاء بصوت أعلي ليحل محل الصمت السائد في الغرفة صوت بكاؤها الذي يقطع نياط القلب، كانت تبكي بحرقة، فما يحدث ولم يكن متوقع يجعلك في حالة صدمة وألم..

حاولت النهوض من الفراش ببطئ، دوت في أذنيها اخر ما قاله لها انا هوريكي الشهواني هيعمل اية ، تخيلت اى عقاب منه ولكن لم تتخيل ذلك يومًا، أخذت الروب الخاص بها لتدارى جسدها، ثم وقفت امام المرآة تستند عليها بتعب، ثم نظرت على شكلها لتُصعق من مظهرها المثير للشفقة، بكت اكثر وهي ترى رقبتها حمراء من اثار قبلاته العنيفة..

اتجهت للدولاب ببطئ ومع كل حركة تشعر ان قدميها لم تعد تحتملها، اخرجت عباءة خاصة بالمنزل لتصلي، فلقد شعرت أن من سيسمعها ويخفف من الآمها هو الله فقط، دلفت إلى المرحاض ولم تكف عن البكاء للحظة حتى، قسوته معها تطاردها دائمًا كالوحش الثائر، وقفت تحت المياة لتختلط دموعها مع الماء ويزداد نحيبها اكثر، يصعب عليها حبها له قبل اى شيئ، ظلت تدعك جميع انحاء جسدها بقوة، كأنها تريد تطهير جسدها من لمساته ومحو كل ما حدث من ذاكرتها، بعد قليل خرجت من المرحاض ولم تتحسن حالتها كثيرًا بل ازدادت سوءً خشيتًا من مواجهته مرة اخرى، لفت المنشفة حول جسدها وخرجت بهدوء وهي تبكي كما دلفت، ظلت واقفة هكذا لثوانٍ معدودة تسترجع ما حدث، فجأة وجدته يدلف إلى الغرفة بهدوءه ورزانته، شهقت بصدمة ووقعت المنشفة لتظهر مفاتن جسدها، ظل عمر ينظر لها نظرات ذات مغزى، نزلت هي بسرعة ولفتها حول جسدها بإهمال فكان كل ما يهمها ان تدارى جسدها من عيناه، اغمض عيناه بحزن وامامه مظهر جسدها المتورم والذي اصبح لونه احمر، تقدم منها بثبات، رأى الذعر في عيناها واصبحت تعود للخلف بسرعة وجسدها يرتعش بخوف، اصبح امامها تمامًا وهي تبكي بصوت منخفض من الخوف، اغمضت عيناها استعدادًا لأى قسوة سيفعلها معها، تأمل حالتها المذعورة تلك بندم، ما كان عليه ان يعاقبها بقسوة هكذا، هتف بهدوء حَذر قائلاً..

شهد!
لم ترد عليه وزدات إرتجافه قلبها قبل جسدها من نطق إسمها من بين شفتاه، ود لو يحتضنها ليطمأنها، فها قد عاد حبيبها الحنون، اقترب منها اكثر وامسكها من كتفيها برفق، ليجدها انتفضت كأن كهرباء سارت في جسدها، وعادت للخلف اكثر حتى سقطت على الفراش، اصبحت تبكي اكثر وهي تهمس بهلع..
عمر، ارجوك خلاص كفاية مش قادرة.

عض على شفتاه السفلية بندم وحسرة، لقد اصبحت تخشاه كأنه وحش سيقتلها بدلاً من انها كانت تحتمي به دائمًا، اقترب منها وامسكها من ذراعيها برفق لتنهض، ثم نظر في عيناها البنية بحب، ثم اخذها في احضانه بحنان، فزعت وحاولت التملص منه بقدر ما استطاعت، ولكن لم تستطع، دفعته بقوة وقد عَلت شهقاتها قائلة بقوة..
ابعد عني بقا حرام عليك انت اية.

ها هي تتمرد عليه مرة اخرى، وشيطانه يبث بأذنيه كلامه السام، فبرغم انها من اخطأت وتستحق العقاب تتمرد مرة اخرى، اقترب منها بسرعة في لمح البصر ليقبلها بعنف، ظلت تبكي حتى شعرت أن حنجرتها لم تعد تحتمل، شعر بطعم دموعها بين شفتيه، ابتعد عنها وظل ينظر لها وعيناه تفيض بالندم، اخذها في احضانه مرة اخرى وهو يقول اسفًا..
انا اسف يا شهد حقك عليا سامحيني.

كأن شعوره بالندم صرح لها أن تخرج كل الطاقة السلبية التي بداخلها، وجففت دموعها ومن ثم صاحت فيه بتشنج وغضب هادر..
انت مجنوووون، عايزنى اسامحك على اية، انت عملت كدة عشان قولتلك انت شهواني، طب ما انت فعلا شهوانى، كنت حتى عاقبني بأى طريقة لكن كدة، ولا انت اية كل حياتك عنف
سقطت دموعها بألم لتمسحها بقوة وتظهر صامدة، جامدة، خالية من اى مشاعر، ثم استطردت بقسوة قائلة..

طب لو انا سامحت ونسيت، علامات عنفك إلى على جسمي هشيلها ازاى، طب شكلي وانا بترجاك وبعيط عشان تسيبني وانت بتدبحني بسكينة تلمة
كان ينظر للأرض بخزى من فعلته، فهو من جعل زهرته المتفتحة الجميلة اصبحت ذابلة، امسكت بملابسها وسارت متجهة وهي تقول بصوت قاتم..
لأ صعب، صعب اوى اسامحك يا استاذ عمر
صُدم من جملتها وظل قلبه يخفق بقوة وخوف من ما قد اوصله له عقله، امسكها بسرعة وهو يهزها برفق قائلاً بتوجس..

قصدك اية يا شهد
رمقته بنظرات متقززة من اعلي إلى اسفل ثم بخطي سريعة متجهة للمرحاض مرة اخرى، تاركة إياه يتخبط بأفكاره اينما اراد ويعتقد ما يشاء...!

في منزل رضوى،.

انتهت من إرتداء ملابسها التي كانت عبارة عن جيبة كعادتها وتيشرت احمر وطرحة من اللون الابيض والأحمر، وكانت على عجلة من امرها، تنظر على الباب بخوف خشيتًا من دلوف والدتها في اى لحظة ومنعها، اخذت حقيبتها وهاتفها وخرجت مسرعة وهي تسير على اطراف اصابعها حتى لا تسمعها والدتها، فتحت الباب وخرجت ومن ثم تنفست الصعداء، استقلت تاكسي متجهة لأحدى الكافيهات القريبة على البحر، كان عبدالرحمن يجلس على منضدة يفرك اصابعه بتوتر فقد اقلقه حديث رضوى ولقاؤوها، اقتربت منه وتنهدت وهي تجلس على الكرسي قائلة بهدوء حذر..

ازيك يا عبدالرحمن؟
اومأ بهدوء ثم تمتم بخفوت قائلاً..
الحمدلله بخير، قلقتيني يا رضوى خير حصل حاجة تاني ولا اية؟
أغمضت عيناها تُذكر نفسها بما قد عزمت على فعله، تبث الكلمات التي قالتها لنفسها قبل مجيئها لتتماسك امامه..
نظرت للبحر بشرود ثم تابعت بغموض قائلة..
بس يمكن إلى هقولهولك مايعجبكش
ازداد القلق بداخله، لينطق ما كان يريد قوله بداخله بتوتر..
في اية يا رضوى قولي على طول.

إبتلعت ريقها بإزدراء ثم نظرت له بهدوء، لتحاول توقع رد فعله ولكنها فشلت بالطبع لإنه شخص غامض جدًا، ثم اردفت بصوت أجش..
احنا لازم نبعد عن بعض يا عبدالرحمن
شهق بصدمة، وإتسعت حدقة عيناه مما قد سمعه للتو، توقع اى شيئ إلا هذا، هز رأسه نافيًا بسرعة وامسك يدها دون وعي منه قائلاً برجاء..
لا يا رضوى ارجوكى اوعي تقولي كدة، ولو على مامتك مش مشكلة انا نسيت وممكن كمان اعتذر لها بس إلا انك تبعدى عني ولو للحظة حتى.

ابعدت يدها بخجل وقد توردت وجنتاها وهي تنظر للأرضية، ثم إستعادت قناع الجمود قائلة..
بس انا ماقبلش ليك الإهانة يا عبدالرحمن
تنهدت تنهيدة حارة تحمل الكثير ثم استطردت بحزن..
ف البداية كانت ماما هي إلى اجبرتني عليك، لكن اخر فترة بقيت حساها مابتصدق تلاقي حجج ترفض بيها، فالأحسن لينا احنا الاتنين نبعد عن بعض.

في منزل عمر،.

نزل من الأعلي وهو يجر ازدال الخيبة، فقد ايقن ان قطته الهادئة اصبحت قاسية ومتمردة وعنيفة إلى حدًا ما، ولكن هذا مجرد رد فعل لما فعله معها، شعر أنه بحاجة ان يذهب لصديقه ويتحدث معه، وبالطبع لم يكن لديه اى اصدقاء سوى البحر الذي يحمل همومه، ليتجه للخارج بخطوات هادئة، ليجد الباب يقرع بهدوء، عقد حاجبيه ليلتقيا ويكونا شكل السبعة، ثم فتح الباب بهدوء ليجد محسن امامه، وقد اصبحت حالته سيئة وظهرت ذقنته والحزن بدى بوضوح في عيناه، وقف قبالته بثبات ليقول محسن بصوت أجش..

اية مالك يا عمر، امشي ولا اية
هز عمر رأسه نافيًا بسرعة ليدرك لنفسه قائلاً بترحاب..
لا طبعًا ازاى، اتفضل البيت بيتك
دلف محسن وهو يتفحص المنزل بعيناه كأنه يبحث عن شهد، فهم عمر ما يدور بعقله فقال له بتساؤل..
شهد فوق، اطلع اناديها لك؟
هز رأسه نافيًا وتقوس فمه بأبتسامة هادئة ثم جلس على الأريكة وأشار لعمر على الأريكة قائلاً بجدية..
لا اجعد يا عمر عايز اتكلم معاك.

جلس عمر ونظر له بتركيز وخوف معه، هل أخبرته شهد بما حدث!
لا لا هي لن تفعل ذلك، ولكن ماذا يريد محسن الان ولما لم يريد شهد!
تابع بنبرة جادة ومتوجسة قائلاً..
انت عامل اية مع شهد؟
اومأ بأبتسامة صفراء واجابه بتوتر نجح في إخفاؤه إلى حدًا ما..
بخير الحمدلله، اية إلى خلاك تسأل السؤال ده يعني؟
ربت محسن على كتفه بهدوء، وظهرت الإبتسامة الهادئة على ثغره قائلة بحزن..

من يوم وفاة ابوى وانا اتعهدت اني احافظ على شهد، ومش هاسمح لك او لأى حد انه يزعلها او بظهر الحزن ف عينيها ابدًا يا عمر
زاد التوتر لديه من كلامه، لعب محسن على الوتر الحساس لديه بهدوء، ليومأ عمر بتأكيد ليخفي توتره وخوفه من فقدانها..
نهض محسن ليهم بالرحيل فتنهد عمر بإرتياح فهو سيرحل وتظل شهد معه كما كانت..
سارع عمر بالسؤال بسعادة قائلاً..
تعالي اوصلك في طريقي يا محسن.

قاطعته شهد التي نزلت من الأعلي وتنظر لهم بهدوء ما يسبق العاصفة ثم قالت ببرود وهي تكمل درجات السلم..
لأ ماهو انا ماشية مع محسن يا عمر...!

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة