قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والأربعون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والأربعون

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الثالث والأربعون

ركض مهرولاً نحوها دون إنتظار دقيقة اخرى، وصعد وأمسك بيدها جيدًا ومن ثم نظر في عيناه يبحث عن اى حنان بداخلها، ولكن خاب ظنه عندما وجدها تبعد يدها عنه بسرعة وترمقه بنظرات حادة، تمتم بخفوت وتوجس قائلاً..
شهد انتى رايحة فين؟
لم تجيبه فتمسك بيدها بقوة كأنه طفل يخشي فقدان والدته، ثم نطق قلبه وليس عقله برجاء قائلاً..
شهد لأ انتي مش هاتروحي ف حته.

حاولت إبعاد يدها عنه ولكن فشلت ثم نظرت لأخيها نظرة ذات معني، ومحسن يتابعهم بعيناه بهدوء وصمت، فضل عدم التدخل بينهم الان، غمغمت بحدة قائلة..
عمر سيب ايدى، انا مستحيل اقعد بعد إلى عملته ابدًا
هز رأسه نافيًا بقوة، ثم امسك رأسها بين يديه مثبتًا عيناه في عيناها علها تؤثر فيها ولو قليلاً، ثم هتف بألم ورجاء..
شهد انا اسف حقك عليا بس اعذريني انا مكنتش ف وعيي ساعتها.

لم تجيبه وإنما زفرت بحنق وهي تنظر للأرضية بضيق بدى على محياها، ليكمل هو بجدية..
طب اوعدك انى مش هاجي جمبك بس خليكي جمبي، انا مليش غيرك
كادت تضعف للحظة ولكن استدركت نفسها سريعًا واغمضت عيناه بتنهيدة قوية لتستعيد نفسها الجامدة، وبحركة مباغته ابعدته عنها لتنزل درجات السلم بخطي ثابته موجها نظرها بإتجاه اخاها، ووصلت امام اخاها لتقول بهدوء أتقنته..
10 دقايق بس اجهز شنطتى واجي معاك.

سألها محسن مستفهمًا وهو يشير لها..
اية إلى حصل يا شهد لدة كله؟
لم ترد عليه وظلت تنظر للأرضية بهدوء بينما كان قلب عمر يدق بسرعة رهيبة خوفًا من ان تخبرها اخيها، قطعت شهد الصمت قائلة بحزم..
مفيش يا محسن هنبقي نتكلم بعدين
اومأ محسن متفهمًا، في حين نزل عمر بسرعة وامسكها من ذراعها ولكن هذه المرة بقوة وتابع بحدة قائلاً..
معلش يا محسن بس شهد مش هتخرج من البيت ده ابدًا.

نظر له محسن بطرف عينه ولم يبدى رد فعل، كانت شهد ترسل له بعيناها أن لا يتركها، تنهد محسن موجهًا حديثه لعمر بجدية..
سيبها يا عمر دلوقتي وبعدين إلى عايزه ربنا هايكون.

تركت شهد يده ونظرت له بحدة ثم إتجهت للأعلي بخطوات سريعة، شعرت بطاقة إيجابية تخترق جسدها من تواجد اخاها لتقف امامه بقوة بدلاً من ذعرها منه، بدأ عمر يفقد أعصابه من مجرد تخيله أنها ستبتعد عنه، بعد دقائق معدودة نزلت شهد بسرعة كأنها متهم حصل على براءته، ثم تأبطت يد اخاها وباليد الاخرى حملت حقيبتها بخفة، فلم تأخذ كل ملابسها، إتجهوا للخارج وسط نظرات عمر المترجية والنادمة، ودوى الهمس في الارجاء، خرجوا من المنزل بخطوات ثابتة، وعمر ينظر له بين الحين والاخر وعيناه تلمع ببريق أمل، إنقطع الأمل حينما اختفوا من امامه، ظهر الغضب في عيناه وظل يصيح بصوت عالي ونحيب..

لااااااااا لا يا شهد لاااا مش هاسمحلك تبعدى عني، انتي بتاعتي انا بس
كسر كل شيئ امامه بغضب جامح، كسر كل الزينة والاثاث والمكتبة، كل من ظهر امام عينه دمره كنوع من تنفيث غضبه...!

في الكافيه على النيل،
لا يا رضوى، عمر البعد ما كان حل ابدًا
هتف عبدالرحمن بهذه الجملة وهو ينظر لرضوى بحزن وإشتياق وكسرة، وكأن طوق النجاة الذي انقذه من الغرق الان شخص يأخذه ويبعده عنه، نظرت رضوى للجهة المعاكسة على الفور، فحزنها لم يكن اقل من حزنه ابدًا..
ضغطت على أسنانها لتمنع دموعها من النزول ثم تابعت بصوت اشبه للبكاء..
صدقني يا عبدالرحمن مش سهل عليا انا كمان اني ابعد عنك.

ثم نظرت له وأكملت بتساؤل يشوبه بعض الجدية قائلة..
بس تقدر تقولي هو في حل تاني وانا رافضاه يعني!؟
أسرع عبدالرحمن بأيماءه برأسه واردف مؤكدًا..
ايوة في يا رضوى، احنا هنفكر ف حل وهنتجوز، ومش هاسيبك تبعدى عني
هزت رأسها وقدى بدى صوتها أكثر حدة وهي تقول موجهة نظرها له..
امي مش هاتقبل بالسهولة دى يا عبدالرحمن، انت مش عايز تفهم ليه، انل بعمل كدة عشان امنع عنك الإهانة.

رمقها بنظرات حانية لا ينظر سوى عاشق ولهان ثم هتف بهدوء حذر..
هتحمل اى حاجة عشان ابقي جمبك
بدأت دموعه تعرف طريقها لعيناه واستطرد بكسرة وحزن قائلاً..
انا حبيت مرة واتكسرت لما خانتني وبعدت عني، لكن مش هستحمل تاني لو بعدتي عني، هموت يا رضوى
مسحت دمعه فرت من عيناها بألم، وقالت بحزن واضح..
بس انا عشان مش عايزاك تتهان لازم ابعد يا عبدالرحمن.

نهضت بسرعة وهي تضع يدها على فمها لتمنع نفسها من البكاء بصعوبة، ثم ركضت لخارج الكافيه وسط نظرات الجميع المندهشة من ركضها، بينما ظل عبدالرحمن مكانه واضعًا رأسه بين يداه يود البكاء بشدة ليستطيع المقاومة...

في المستشفى الملحقة بالسجن،.

مها مسطحة على الفراش في غرفة صغيرة بها شرفة صغيرة بها الفراش فقط وكرسي، تطل على احدى الحدائق المبهرة تسر اعين الناظرين، وكان وجهها شاحب اكثر من قبل، وجسدها تبلد، والمحاليل معلقة وبيدها، من يراها يشفق عليها بشدة، دلف احمد في ذاك الوقت، سار ببطئ واقترب منها متأملاً قسمات وجهها بدقة، برغم كل ما هي به تبدو ملامحها جميلة وهادئة، قرب الكرسي الخشبي من الفراش وجلس وهو مثبت نظره عليها، لقد اشتاق لها كثيرًا، لم يتخيل أن يراها مرة اخرى، مد يده ببطئ ومسح على وجهها برفق بطرف اصبعه ليبعد خصلات شعرها عن عيناها، ثم اقترب هامسًا بشوق..

وحشتيني اووى يا مها
ظل ينظر لها بتمعن ثم أكمل كأنها تتحدث معه قائلاً بحزن..
يا ترى لسة فاكراني ولا نسيتيني يا مها
هز رأسه بحسرة قائلاً وهو يتذكر..
انا مش عارف انتي ليه بعدتي عني، بس إلى متأكد منه اني لسة بحبك وعايزك
في نفس اللحظة دلفت رضوى مسرعة دون أن تطرق الباب ووجهت نظرها على مها قائلة بهلع..
مها، مالك يا حبيبتي.

لم تجيبها بالطبع وظلت ساكنة كما هي، بينما تنحنح أحمد بحرج من رؤية رضوى وهو مقترب من مها لهذه الدرجة، وحتى الان لم تلحظه رضوى او تنظر له، أحمرت وجنتاها من الحرج ولم تنظر له قائلة..
اسفة مخدتش بالي منك يا حضرت الظابط بس أي آآ...
لم تنتهي من جملتها وشهقت بصدمة وهي تتراجع للخلف عندما نظر لها، لم تصدق ما تراه عيناها الان، هتفت بصدمة قائلة..
أ آآ احمد!
اومأ احمد ونهض بهدوء ثم نظر لها بهدوء ورد بجدية ب..

ايوة اصل انا إلى ماسك القضية بتاعتها
تعددت صدامتها وعضت على شفتاها السفلية بخوف، هل سينتقم احمد من مها في هذه القضية!.
استدار احمد ليخرج من الغرفة دون نطق كلمة اخرى تاركًا رضوى تحاول إستيعاب ما يحدث الان..

امام النيل،.

ترجل عمر من سيارته بهدوء، وملامح وجهه خالية من اى مشاعر، كل ماهو امامه هو اخر لقاء له مع شهد اخاها، قلبه ينبض بعنف كأنه سيتوقف حتمًا من بعدها عنه، وقف في الهواء الطلق ينظر للنيل بحزن ثم أطلق زافرة قوية، لم تعد معه الان، لم تعد بين يديه، سيعود للمنزل ولن يجدها، لن يشتم رائحة شعرها التي يعشقها، اصدر انينًا خافتًا وود لو يصرخ بصوت عالي، وظل يسأل نفسه بحسرة، لماذا كل من احببتهم يبتعدوا عني، هل انا سيئ لهذه الدرجة ام هم السيئون..!

قطع شروده صوت رنين هاتفه معلنًا عن إتصال، اخرج الهاتف من جيبه وحاول أن يبدو صوته طبيعيا وهو يرد بهدوء..
الووو يا بدر
اية يا برنس عاش من سمع صوتك فينك
موجود بس مشاغل الدنيا بقا
طب اية ماحنتش لسهرات زمان بتاعتنا، ماتيجي هنسهر النهاردة سهرة هتعجبك
لا يا بدر انا اتجوزت خلاص
ياعم ماتخفش تعالي بس
بعد صمت دام ثوانٍ من التفكير اجابه بغنج..
انتوا فين يا بدر
ايووة كدة، احنا ف شقة عبدو إلى ف (، ) ماتتأخرش بقاا.

مسافة السكة
اشطات، سلام يا صاحبي
سلام
أغلق الهاتف ثم تنهد بضيق ومازال الحزن يسيطر عليه، إتجه لسيارته وادار المقود متجهًا لأصدقاء السوء، دون ان يفكر بعواقب ما سيفعله فمن يحصد شيئ يجنيه لاحقًا...

في احدى السيارت، تركب شهد بجوار محسن في احدى السيارات في الخلف متجهين لمطار القاهرة ليعودا للأقصر، فليس لهم ملجأ في القاهرة بعد الان، كانت شهد طوال الطريق صامته تمامًا وتضع رأسها على كتف اخيها بحسرة وألم ويتجسد امامها ما فعله عمر معها، والسائق امامهم يشغل بعض الاغاني الهادئة ويدندن بإرتياح، ودت شهد لو تخنقه بيدها من غيظها، قطع ذاك الصمت رنين هاتف محسن الذي زفر بضيق وهو يرى اسم المتصل ثم اجابه بملل قائلاً..

ايووة خير؟
وفي لحظة ابعد رأس شهد وهو يحملق قائلاً بصياح مصدوم..
انت بتقول ايييية!
هز رأسه نافيًا بصدمة تامة ولم يتفوه بكلمة قط، ثم اغلق الهاتف، بينما كانت شهد ترمقه بنظرات متفحصة، لتسأله بتوجس قائلة..
في اييية يا محسن؟
اجابها بشرود وهمس: مصطفى!
ظهر الذعر والخوف في عيناه لتهزه قائلة بهلع..
ماله يا محسن
نظر لها بهدوء وتنهد بقوة وهو يتشدق بنغنج قائلاً..
...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة