قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

رواية مواجهة الأسد الجزء الأول للكاتبة رحمة سيد الفصل الأول

كانت خصلات شعرها الاصفر الذي يشبه ضوء الشمس الساطعة تتطاير مع الهواء الذي يعم المكان وعيناها البنية ورموشها الكثيفة وجسدها النحيف، وهي تجلس على الارض في منتصف الطريق تضم ركبتيها إلى صدرها وهي تبكي بخوف وتدعو الله في سرها..
اقترب منها شاب ليس على ما يرام ثم نظر لها نظرات زائغة، لم تنظر له هي قط وابتلعت ريقها والخوف يتملكها اكثر، كما ابتسم ذلك الشاب ابتسامة شيطانية وتنحنح قائلاً..

مالك يا انسة؟ قاعدة كدة لية
كانت نبضات قلبها تزداد بخوف اكثر وشعرت كأنه يستمع إلى نبضاتها، نظرت للأرضية وهتفت بنبرات متقطعة قائلة..
آآ انا بس آآ انا هأمشي
نهضت من الأرض مسرعة وهي تحاول ان تركض من امام ذلك الكائن الغريب لتجده يمسك معصم يدها وهو يجز على اسنانه ويقول..
اكتر حاجة بأكرها اني اكون بكلم حد ويسبني ويمشي.

نظرت هي له بتعجب، فمن هو ليتحكم بها هكذا ولم تمر دقائق على حديثهم!، ام هو شخص مجنون سائر، ابعدت يدها على الفور ونظرت له بتوتر قائلة..
لو سمحت عايزة أمشي، انت اية!
ابتسم هو بسخرية على كلمتها وشعر كأنها قطة خائفة من حيوان مفترس امامها، تابع بنبرات ساخرة قائلاً..
هأ، انا انسان، ماتخافيش مش هاكلك.

وصمت برهه من الزمن ثم اكمل وهو يغمز بطرف عينيه قائلاً: انا بس مستغرب ازاى بنت حلوة كدة زيك تقعد الساعة 2 ف نص الليل وف نص الطريق العام وبتعيط
توترت هي اكثر عندما تذكرت وانخرطت في البكاء مرة اخرى وعلت شهقاتها، فنظر لها بتعجب ثم هتف بنبرات جادة..
ماكنتش اقصد اخليكي تعيطي تاني
مسحت هي دموعها السائدة غلي خديها برفق بالتيشرت الخاص بها ونظرت له بحزن قائلة: انا عايزة اعرف احنا فين؟

عقد حاجبيه بتعجب ونظر لها نظرات شك من قدراتها العقلية ثم بحركة تلقائية مد يده ليجس جبينها قائلاً..
انتى سخنة يا انسة ولا مجنونة، يعني جاية حته ماتعرفيهاش وقاعدة بتعيطي زى العيلة الصغيرة ولا انتي بتستعبطيني ولا اية نظامك انتي ع المساا؟

اتسعت حدقة عيناها بذهول من جرأته الزائدة بالنسبة لها، فهي بعمرها لم يتجرأ شخص عليها هكذا ودائما تضع حدود لتعاملها مع الاخرين، حدقت به بعصبية قائلة: انت إلى مجنون واياك تمد ايدك تاني، هتقولي احنا فين ولا اروح اسأل حد تاني؟!
حرك هو رأسه يميناً ويساراً بأستغراب اكثر من خوفها اللانهائى في نظره ثم هتف بجمود قائلاً: احنا في الهرم، شارع ابراهيم سلطان.

استدارت ونظرت امامها لتجد الشارع مظلم جداً ولا يُسمع به صوت اى شخص سوى نحيب الكلاب، شعرت بالخوف مرة اخرى، فماذا ستفعل اذا قابلت شيئ، التفت مرة اخرى ووجهت انظارها عليه لتجده استدار ويغادر، هتفت بسرعة قائلة..
يا كابتن
التف لها وحدق بها بجمود قائلاً: نعم
ارجعت خلصة شعرها المتطايرة للخلف ثم تابعت بنبرات مختنقة..
انا عايزة اعرف اى اوتيل قريب من هنا بس آآ احم، كمان ممعايش فلوس.

تنهد هو بضيق وزفر ثم فرك شعره وهو ينظر لها قائلاً: تعالي معايا
عقدت حاجبيها بعدم فهم وهي تقول..
اجي معاك فين؟
الشاب بجدية: البيت، او خليكي قاعدة ف الشارع بقاا
نظرت له وهي فاغرةً شفتيها بصدمة قائلة: نعمممم
ادرك مقصدها على الفور ثم هتف بتوضيح: ماتقلقيش، اختي عايشة معايا
شعرت ببعض الراحة ولكن مازالت ينتابها بعض القلق، صمتت ثواني معدودة ثم اكملت بتوتر: آآ طب ماشي هأجي معاك.

ظهرت ابتسامة ساخرة على ثغره وهو يقول: يلاا
ثم استدار وسار بخطوات واثقة وهي خلفه متوترة وتفرك اصابعها بقلق.

في احدى الاحياء الشعبية،
كانت فتاة ترتدى ( بيچامة ) بكم مرسوم عليها أطفال، وشعرها البني ينسدل على ظهرها، كانت تجلس على مكتب متوسط كانت ترتدى نظارة وتمسك بقلم وامامها ورقة وتدون بعض الاشياء الخاصة بها، طُرق الباب عدة مرات ثم دلف طفل صغير يقرب خمس او ست سنوات قائلاً بطفولة..
خالتوو رضوى تعالي كلي يلا
خلعت رضوى النظارة ثم ابتسمت ونظرت له بحب وردت ب: حاضر يا عيون خالتو جاية.

ابتسم الطفل ثم استدار وغادر بسرعة، نهضت رضوى ثم ابتلعت ريقها وحدثت نفسها بملل قائلة..
ياارب محدش يكلمني ف الموضوع اياه
ثم خرجت من الغرفة واغلقت الاضاءة والباب خلفها لتجد اهلها يجلسون على السفرة وبدأو بالطعام، ردت السلام اولاً كعادتها دائماً قائلاً بحنو..
احم السلام عليكم ازيك يا ماما، ازيك يا مها.

تنهدت مها ( الأخت ) ببرود ونظرت لها كأنها تسبها او شيئ كهذا ثم اجابتها بأقتضاب قائلة: كويسين يا رضوى، هو انتي خلاص محدش بقا بيشوفك غير على الأكل بس!

ابعدت رضوى احدى الكراسي ثم جلست بهدوء تام لتمتص غضبها، فهي اصغر بالعمر لكن اكبر بالحكمة والعقل، اختلست النظرات ل مها لتجدها تنظر لها بغضب وكادت تصيح إلا ان رضوى قاطعتها بهدوء قائلة: اهدى يا مها، اولاً انتم عارفين ان شغلي واخد كل وقتي من ساعة وفاة بابا الله يرحمه، ثانياً انتي إلى بتيجي لما بكون مشغولة بس يا مها، ثالثاً حقك عليا يا ستي وحاضر هقعد معاكي اهوو خلاص.

جزت مها على اسنانها بغيظ في حين رمقتها والدتها بنظرات هادئة وهي تقول..
طول عمرك هادية وعاقلة يا رضوى
نظرت رضوى بحنان لوالدتها ثم ابتسمت ابتسامة عزباء فنظرت لها مها نظرات تحمل الكثير من الحقد والغيرة المكبوتة تجاه اختها رضوى، ف مها من صغرها كانت تغار وبشدة من رضوى لانها من رأيهها والدها كان يحب رضوى حباً جماً اكثر منها حتى ولا يرفض لها طلب ابداً.

في منزل كبير،
اخرج الشاب المفتاح من جيبه ثم بدأ بفتح باب المنزل والفتاة خلفه تتلفت حولها لتستفهم المكان ولكنها لم تجد أى شيئ حيث كان مكان مهجور تماماً، رجح ذلك الشاب ما يدور برأسها من نظراتها ثم هتف بنبرات جادة قائلاً: مافيش حد ساكن قريب مننا، انا بحب الهدوء جدا والانعزال.

اومأت هي برأسها ببعض التوتر المصحوب بالخوف الذي لطالما كرهته لانها لا تحب ابداً ان تكون ( جبانة وضعيفة ) وفي نظرها القوة هي الكرامة، دلف الشاب ثم تبعته هي ولم تكف عن النظر في كل جهه لتجده منزل كبير مكون من طابق ارضى وطابق سفلي وفي الارضي يوجد المطبخ واريكة كبيرة وتلفاز وغرف مغلقة، والمنزل كأنه تراث قديم جداً، نظرت له ثم هتفت بتساؤل قائلة: فين اختك بقا يا...

نظر هو لها ثم جلس على اريكة واجابها قائلاً: اسمي عمر وع فكرة انا ماعنديش اخوات
حدقت هي به بصدمة، فكيف له ان يجلبها منزل مهجور ويكذب عليها كي تثق به، أيعقل ان يكون مجرم او شيئ كهذا
صاحت بغضب قائلة: يعني اييية، يعني انت كنت بتكذب عليا عشان تجيبني هنا!

نظر لها نظرات نارية اخافتها كثيراً، تراجعت للخلف بخطوات بطيئة حتى كادت تصطدم بالتلفاز بينما تابع هو بحدة قائلاً: وانتى بتكلميني توطي صوتك، سامعة، وثانيا بقا يعني انتي كنتى عايزانى اسيبك بقاا في حته زى دى وانتى كنتى عاملة زى الكتكوت المبلول من كتر خوفك وبعدين انا هاعمل لك اية يعني!

ثم نهض من على الاريكة وتقدم منها وهي ترجع للخلف اكثر وهو يتقدم اكثر حتى التصقت بالحائط فوضع يداه على الحائط وهي محاصرة بين يديه ونظر في عيناها بجدية وهي تشعر ان ضربات قلبها تزداد بصوت مسموع ثم قالت بصوت متقطع اثر التوتر: آآ انت بتقرب كدة لية ابعد.

ومدت يدها لتدفعه إلا انه امسك معصميها بيده وهو يضغط عليهم بقوة وهي تتألم ولكنها بطبعها لا تحب ان تظهر ضعفها امام اى شخص كان، قرب وجهه من وجهها كثيراً ثم هتف بنبرة تشبه فحيح الافعي قائلاً: انا لو عايز منك حاجة كنت خدتها، بس انتي مش من النوع إلى احبه.

ثم ابتعد عنها في لحظة ووقفت هي مذبهلة للحظات تستوعب ما قاله لها للتو، فهي منذ الصغر لم يتجرأ اى شخص ان يجرح انوثتها بهذه الطريقة، نظرت له بغضب ثم زمجرت فيه قائلة..
انت ماتقدرش اصلا، افهم دا
ابتسم هو بسخرية ثم استدار وغادر إلى الاعلي بكل برود كأنها لم تقل شيئاً..

في احدى مدن الصعيد،.

في منزل كبير جداً اشبه للقصر، ذو اثاث عالي، عبارة عن صالة بها فراش واريكة امامه وتلفاز والغرفة على اليسار وفي الداخل اكثر المطبخ والحمام وغرفة وله طابق اخر، يجلس على الاريكة في الخارج رجل كبير يبدو عليه الهيبة والصرامة يرتدى جلباب من اللون الاخضر الغامق ويلف حول رأسه ( شاش ) من اللون الابيض وله شوارب ومن ملامحه يظهر الغضب الشديد، كان يقف امامه رجل آخر من يراه يعطيه الثلاثون من عمره يرتدى نفس تلك الملابس بأختلاف الالوان، نظر الرجل الكبير له ثم صاح باللهجة الصعيدية قائلاً..

يعني ايييية مش لاجينها ( لاقينها ) يا محسن!
ابتلع محسن ريقه بتوتر ثم اجابه بتنهيدة: يعني مالاجينهاش يابوى ودورنا عليها في كل حته، ماموجوداش في البلد كلياتها
صمت الاب لثوان وهو يفكر أين يمكن ان تكون وهي لا تخرج من منزلهم إلا للضرورة القصوى، تابع بصرامة قائلاً..
اجلبووا البلد عليها تاني ولو مالاجيتوهاش يبقي مفيش غير المكان ده إلى ممكن اتكون راحتله.

عقد محسن حاجبيه بأستغراب ثم قال بنبرات متسائلة: تجصد اية يابوى، فين!
حدق به الأب قائلاً بجدية: ماممكنش تروح إلا...

في منزل عمر،
غادر عمر ببرود ووصل امام غرفته ومد يده ليفتحها ولكنه توقف للحظة وكاد يلتفت ليعود لتلك البائسة في الاسفل ولكنه نفض تلك الافكار من رأسه وفتح الباب ودلف ثم اغلق الباب خلفه ومن ثم خلع الجاكيت الخاص به وألقي به على الكرسي المجاور للفراش بأهمال ثم رمي بجسده على الفراش واغمض عيناه لينام ولكن ماضيه يطارده دائماً حتى في نومه..

كانت الفتاة تجلس على الاريكة في الأسفل وحيدة بعد طلوع عمر إلى الاعلي تاركاً اياها تتخبط بأفكارها اينما ارادت، كانت تقضم اظافرها بتوتر وهي تفكر فيما سيحدث معها وفي مصيرها القادم، بينما عمر في الاعلي نائم على الفراش الخاص به في غرفته بكل راحة، لم تكن تعلم ما يفكر به ذاك الشاب غريب الاطوار، نهضت واتجهت للمطبخ الموجود بنفس الطابق ووزعت انظارها فيه لتجد كل شيئ موجود به، تقدمت نحو الثلاجة وفتحتها ثم اخرجت علبة جبن وامسكت بالبيضة ووقفت امام الرخام وبدأت تعد طعام لنفسها وهي لم تكف ابداً عن التفكير، حتى احترق البيض الذي وضعته على النار، شمت رائحة الحرق ونظرت على ( البوتجاز ) لتجده احترق، زفرت بضيق وهي تقول..

اوووف حتى البيض بيعند معايا
كادت تمسك بالمقلاه التي بها البيض إلا ان اوقفها صوت الباب وهو يدق
ظلت تفكر دقيقتان والدق يزداد، حسمت قرارها بعقلها ثم اتجهت للخارج ومدت يدها على المقبض وفتحت ثم صرخت قائلة بذعر: عمررررررررر.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة