قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل العاشر

رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل العاشر

رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل العاشر

وقفت أمامه مطأطأة رأسها ودموعها آخذة في ازدياد ونظراتها كانت تترجاهُ عله يعفو عن ابنها الحبيس، طال صمتها لعدة دقائق إلى أن حاولت استجماع حروفها وقالت بصوتٍ مهذب:
هل تسمح لإبني بالإفراج يا سيدي؟
راح تيم ينظر إلى سليمان وهو يسأله باتزان تام؛
ما الأمر يا سليمان؟
فأجاب سليمان وقد نظر إلى السيدة باحتقان واحتقار:.

هذه أم محروس وهذا الشاب سيرته سيئة يا سيدي، وليس هذا فحسب بل وجدته يعتدي على إبنة السيدة حليمة أيريس.
اتسعت عينا فنار بشدة وشهقت قائلة بقلق:
أختي!
تجهمت قسمات تيم الذي بدا كأسدٍ مفترس وهو يهتف بها:
على ماذا تبكين يا امرأة؟، هذا لا يُبكى عليه، ولن أفرج عنه هذا هو قانون المملكة.
بالله عليك!

بالله أنتِ انصرفي من هنا، من يتعدى على أنثى في المملكة فجزاؤه السجن المؤبد، أما من يغتصب فجزاؤه الاعدام وهذا القانون يعلمه الجميع، هيا انصرفي من هنا!
يأست السيدة وانصرفت بالفعل خائفة، أما عن تيم فزفر بعنف وهو يتحدث:
اللعنة على هذه التربية.
بينما قالت فنار وهي تبكي في توسل:
سأذهب إلى أختي، أريد أن اطمئن عليها سيدي.
فرد قائلًا:
سأدعوها لتأتي هي ووالدتك، اهدئي.

ثم أمر سليمان أن يفعل ذلك، والتفت إليها ماسحا دموعها بظهر أنامله قائلًا بصيغةٍ آمرة:
لا تبكِ فنار..!
لقد أذاها الحقير يا سيدي.
تابع في حنوٍ وهو يضمها إليه:
أختك بخير، اطمئني.
هزت رأسها في طاعةٍ، فتنهد قائلًا وهو يجرها من يدها معه:
تعالي، لأعرفك على عائلة رعد.
سار معها عدة خطوات بسيطة إلى أن وقف في مكان الخيل الخاص به، وراح يأخذ حصانه الأبيض وهو يقول بابتسامة؛
ما رأيك في حصاني؟

وقبل أن تُجيب عليه وجدت نفسها تركب فوق ظهر الحصان وهو من خلفها في خفة شديدة، توسعت عيناها بصدمة وهي تلتقط أنفاسها اللاهثة، ماذا حدث في غضون ثوانِ؟

لم تكد تتكلم ووجدت نفسها في وضع آخر، ووجدت الحصان يسير بهما ببطئ، وذراعي تيم تحيطانها من الخلف، لا مفر هي محاصرة تماما، زاغت أنظارها في ارتباك وهي تحاول تخفيف موجة التوتر التي اجتاحتها دون مؤشر، أما هو فكان يضحك وهو يشدد من عناقه لها، كم تبدو بريئة حبيبته الصغيرة العفوية، أيوجد أحد بمثل هذه التلقائية؟.
لم تجبي فنار!
ازدردت لعابها الجاف وقالت ببلاهة:
على ماذا؟
فرد مبتسما:
رأيك بحصاني.

هزت رأسها وهي تلمس ظهر الحصان برقة:
إنه جميل، ورائع.
فقال مشاكسا:
وصاحبه؟
احمرت خجلًا ولم تتحدث، فعاد يضحك باستمتاع وهو يستنشق رائحتها التي أسكرته، ثم قال مغازلا:
رائحتك، حلوة.
ابتسمت فقط ولم ترد أيضًا، فتابع غزله بها قائلًا:
رائحة ورد جميل، أي عطر تستخدمينه يا صغيرة؟
حركت كتفيها بخفة وصدمته بإجابتها:
لم أضع عطرا..!
أهذه رائحتك؟
نعم..
تنهد متأوها وهو يواصل بنبرة ودودة:
ما أجملك يا صغيرتي.

ظل في مغازلتها طويلا، كانت الجولة ممتعة جدا، إلى أن وصلا إلى بيت الأسد، أو بالأحرى بيوت الأسود، حيث كانت ساحة كبيرة مقسمة إلى بيوت جوار بعض تحتوي على جيشٍ عريق من الأسود!
ما إن رأت فنار هذا المنظر حتى توسعت عيناها والخوف عصف بها كإعصار، راحت تتمسك بذراعه وهي تحاول الثبات لكنها ترتجف من الزئير المتصاعد منهم، ضحك تيم وقال بلهجة حازمة رغم ضحكاته:
ماذا قلت فنار، لا تخافي لن يؤذيك أحدا منهم ثقي بي وبهم.

ابتلعت ريقها وهزت رأسها موافقة وازداد تشبثها به، سار معها وهو يعرفها عليهم، هي عائلة متكاملة من أعمام وأخوال وأخوة وأخوات، ولهم أسماء!
لا تصدق فنار ما تراه، إنه عالم آخر، عالم مخيف لكنه قوي، تشعر بالقوة تحيط المكان والصلابة والشجاعة معا..
انتشلها من شرودها وهو يقول بهدوء:
وهذه تكون زوجة رعد وهؤلاء أشباله.
ازدردت لعابها وهي تسأله بذهولٍ تام:.

لمَ كل هؤلاء الأسود؟، كنت أظن أنه رعد فقط، لم أكن أتخيل أنك تملك هذا العدد، إنه جيش كبير!
حرك رأسه بهدوءٍ وهو يقول متفهما:
لا أحد يعلم بالمملكة كلها أن لدي هذا الجيش، هم يعلمون ب رعد فقط، لا أحد يعلم عن هذه الساحة سوى سليمان، وأنتِ الآن.
من أين أتيت بهم؟
هذه ثروة أبي، حين كبرت أخذني وعرفني عليهم وقال لي أن هذا سر، وقال أنهم سيكونوا لي عونا في الشدائد.
وكيف لم يأكلوك يا سيدي، هؤلاء متوحشين للغاية!

ضحك تيم عاليًا وهو يحاوط كتفيها بذراعه ضاما إياها إليه وقد تابع:
لا يا قهوتي، هؤلاء وحوش ليسوا متوحشين، هؤلاء مفترسين، هناك فرق، إن الأسد يسمى بملك الغابة ويسمى أيضًا ب سيد الوحوش، لأنه أقوى الحيوانات، عبارة عن كتلة من العضل وله هيبة طاغية، اختاره أبي لأن يكون رمزا للمملكة، ليعلم الجميع أنه من الصعب هزمنا.
صمت يتنهد وهو يقص عليها مميزاته:.

من صفات الأسد أن لديه رحمة وهذا ما لا يفقهه الأخرين، هو يفترس لطالما كان جائع، إن شبع فلن يمس أحد ما إن تعدى عليه، أنيق في حربه ويستخدم ذكائه أكثر، كما أنه لا يحب أن يعذب فريسته قبل أكلها، على عكس بقية الحيوانات يعذبونها أولا وهذا ضمن رحمته...
أومأت فنار برأسها وهي مازالت تلتصق به وتحتمي به، فقال غامزًا مواصلًا مرة أخرى:
تعلمين ماذا أيضًا يا قهوتي؟
ماذا سيدي؟

أردف مبتسما وهو يشير إلى زوجته والأشبال:
هو محب لزوجته جدا، وأبناءه الصغار، يعلم مسؤوليته تجاههم ويوفر لهم الحماية اللازمة، ولم يجد الراحة سوى بحضن زوجته..
ابتسمت فنار وهي تقول ببراءة:
اتضح أن الأسد رائع، لك كل الحق في أن تحبه سيدي!
رعد أعز صديق لي يا فنار، احبه ولكن ليس أكثر من غزالتي بالطبع!
قطبت فنار وهي تسأل:
هل لك غزالة أيضًا سيدي؟
فضحك متابعا:
تبدين ذكية للغاية يا فنارتي، غزالتي هي أنتِ..!

توردت وجنتيها بشدة فيما تخفض رأسها هاربة من أسر نظراته المخترقة لها، ثم سمعته يهمس بصوتٍ اختنق من كثرة العاطفة:
دعنا نذهب إلى غرفتنا، أقصد، إلى القصر.

مرحبا بجلالة الملكة في مملكة النمور، لقد أشرقت الأنوار، حبيبتي.
هكذا تحدث أوار وهو ينحني ويقبل كف جلنار الناعم قبلة بعثت رعشة قوية في أوصالها، ثم تابع هامسًا بابتسامة رقيقة:
اشتاقت لكِ.
منحته ابتسامة كذلك وهي تهمس مبادلة له العاطفة:
وأنا أيضا أوار، اشتاقت لك جدا..
تركتهما روكسانا وهي تقول بحنق متأففة:
سأسصعد لأرتاح.
ما إن صعدت جذبها أوار إليه وهو يهمس بخبث:
حبيبتي
حاولت التملق منه وهي تهمس بتوتر:.

كيف حالك.
جيد لطالما نظرت إلى وجهك الجميل!
اشتعلت خجلًا واستمرت في مقاومته إلى أن نجحت بالفعل في التحرر منه، فسألها باستهجان:
ماذا حبيبتي؟ لم تبتعدين عني بهذا النفور؟
تحدثت من بين توترها قائلة:
ليس نفور ولكن لا أستطيع فعل ذلك أوار، عذراً
هز رأسه مبتسما ثم تابع:
كما تحبي حبيبتي، بعتذر
ابتسمت له برقة وأومأت برأسها في هدوء، بينما تابع متسائلًا:
ماذا تشربين؟
لا شيء، أتيت لأراك فقط.

سأحضر لكِ عصير طازج، كيف حال أخاكِ؟
أجابت بابتسامتها التي لم تفارقها:
أخي بخير، هو سعيد للغاية مع عروسه.
ابتسم بوحشية وهو يقول متهكما:
ابنة بائعة التوت؟
فقالت باحراج:
نعم هي، لكنها، لكنها طيبة للغاية وخفيفة الظل، أنا أحببتها كما أحبها أخي، لو رأيتها ستحبها مثلنا!
ضحك ساخرًا بينما يهتف بغضب:
هذه الفتاة تضحك وتلعب بأخيك يا جلنار، أنا أعلم عنها كل شيء
انكمشت ملامحها قليلا وهي تسأله بتوجس:
كيف؟

فقال وهو يتنهد وقد ضاقت عينيه:
هذه سيرتها قد وصلت إلى المملكة هنا أيضاً، هي ستتقن دور الطيبة المسكينة وأخوك سيصدقها تعلمين لماذا؟، لأنها قد سحرت له عند دجال يجيد هذه الأعمال.
توسعت عيني جلنار بصدمة وهي تتحدث:
يا إلهي!، أنت كيف عرفت يا أوار؟
فرد عليها بثقة:
لدي مصادري الخاصة يا جلنار، ستجدين دائما تيم يعاملها بلطف وحنان وهذا مفعول السحر وسوف يحدث لأخيك أشياء كثيرة تضره إن لم تحاولي ابعادها عنه.

دمعت عينا جلنار تأثرا وهي تقول بحزن:
يا إلهي، كيف تخدعنا هذه ببساطة، مسكين أخي، لقد أحبها بجنون وهذه الحقيرة تتلاعب به بل وفعلت له السحر، لابد أن أنقذ أخي منها
لمعت عينا أوار ببريق شرس وهو يسألها:
ماذا ستفعلين؟
فأجابت وقد اختنق صوتها:
سأخبره بما قلت وسوف يطردها
أسرع يقول بنفي:.

إياكِ أن تفعلي، من الممكن أن لا يصدقك حبيبتي وتعلمين أيضًا الخلاف الذي بيني وبينه سيقول أنني أدعي ذلك عليها، لذا لن يجدي الحديث نفعا معه
ماذا أفعل إذن،؟
قال وقد اقترب منها ببطء:
سأقول لكِ ماذا تفعلين بالحرف يا جلنار..

جرت فنار ما إن رأت والدتها تقترب بصحبة أيريس، راحت تأخذهما بالأحضان معا في اشتياق وهي تهتف بسعادة:
أمي، أيريس، لقد اشتاقت لكما كثيرا..
ضمتها أمها بشدة تربت على ظهرها بحنوٍ وهي تهمس:
حبيبتي، ابنتي، روحي، لقد اشتاقت لروحك الجميلة وطيبة قلبك، كيف حالك حبيبتي.
قبلتها بقوة في كل انش بوجهها وهي تتأمل ملامحها البريئة، بينما تجيب عليها فنار بإيجاز:
أنا بأفضل حال يا أمي.

ثم راحت تندفع نحو أيريس وعانقتها قائلة:
أختي، كيف حالك وحال قلبك
ابتسمت أيريس وحاربت دموع غادرة كادت تهبط من مقلتيها وقالت:
بخير، حبيبتي
ماذا حدث لكِ وكيف يتعرض لك هذا الحقير محروس
فقالت حليمة بحزم:
اصمتي فنار، لاحقا نتكلم في هذا..
أومأت فنار وهي تقول بسعادة:
حسنا أمي، هيا معي إلى الداخل
وقفت حليمة وقد اعترضت قائلة:
هنا يكفي، بدلا من أن يتأذى ساكني القصر منا.

ماذا تقولين أمي، سيدي سمح لكما بالدخول والضيافة ولا كلام بعد كلامه يا أمي
قالت أيريس بجدية:
لا يا فنار، اتركينا نجلس بالحديقة هذا أفضل، صدقيني لن نرتاح بالداخل، لا نريد افساد لحظاتك
وتابعت حليمة موافقة:
نعم حبيبتي، أختك محقة، ثم إن الحديقة جميلة ورائحة الورود فيها رائعة للغاية..
مطت فنار شفتيها بتذمرٍ طفولي وقالت متنهدة بعمق:
مثلما أردتي أمي، انتظراني وسآتي لكما...

سارت داخلة وهي تركض كعادتها، ووقفتا تتنظرناها بضعة دقائق، فقالت أيريس بخفوت:
الحدائق رائعة جدا يا أمي
نعم، ومريحة تنسيك هموم العالم
أمي هل تسمحي لي بالتجول فيها قليلًا؟
تنهدت حليمة بامتداد وهي تقول بحسم:
لا تتأخري إذن..
انصرفت أيريس وهي تبتسم بهدوءٍ، بينما جلست حليمة على حجرٍ كبير وهي تهمس لنفسها:
الله يرزقك كما رزق أختك، عن قريب يا ابنتي عن قريب.

وجدت فنار تأتي بعد ذلك وهي تجر عربة طعام تمتلئ بأشهى المأكولات وهي تبتسم، بينما تغضن جبين حليمة وهي تهتف بها:
لماذا فنار لمااااذا، لم أأت لهذا، أنتِ تتصرفين بغباء
قطبت فنار وهي تقول بضيق:
أمي، سيدي سيغضب مني إن علم أنني لم أضايفك هو من أمرني بذلك، وإن علم أنك لم تدخلين القصر سيكون حسابي معه عسير
تنهدت حليمة بنفاد صبر بينما تقول:
يحميكِ ويحميه من شرور من حولك
ابتسمت ثم قالت:
آمين أمي، آمين
ثم تابعت:.

أين أيريس؟

مرحبا...
هتف سليمان وهو ينظر لها من علو بينما عيناه تتجولانها بجراءةٍ، في حين ابتعدت أيريس وهي ترد باقتضاب:
مرحبا..!
فقال باستهجان وهو يرمقها باحتقار:
لولا أنكِ أصبحتِ تخصين الملك بسبب أختك لكان حسابك معي عسير
نظرت له بصدمة وهي تهتف ماذا تقول أنت؟!
فقال ببرود:
الذي سمعتيه الآن، أنتِ تحتاجين إلى التربية، لقد فرطت في كرامتك ودهستيها تحت قدمي حيوان مثل محروس.

أغرورقت عيناها بالعبرات وأطرقت برأسها أرضا، فقال ساخرًا:
هل مازلتِ تبكين عليه؟، أنه حشرة لا يستحق..
نظرت له مجددًا بذهولٍ، ماذا يقول ولمَ يقول؟، ما شأنه؟، هل يستخدم سلطته في ايذاء مشاعرها مثلا؟..
ارتاحي، لن ترينه مجددا، سيظل حبيسا إلى أبد الدهر
ابتلعت ريقها وهي تشعر بالإهانة، وهو يزيد من عذابها كلما تكلم، وها قد ختم بجملته القاسية:
تعلمين؟، كنت أعتقد أنك شريفة ولكن...
قاطعته حينذاك بحدة:.

توقف، اتق الله، وما شأنك أنت أصلا، دعني وشأني..
تركته وذهبت ودموعها تزداد كشلالات على خديها، أما هو فوقف يلعن نفسه على ما فعل ولكن ماذا يفعل وهي جرحته ومازالت بحبها للغريب، بينما هو القريب الذي لم ترها عيناها الجميلتين..

مساءاً...
في غرفة الملك، وسمرائه...
حيث الستائر الناعمة، ورائحة القهوة، والنافدة المفتوحة المنبعث منها الهواء الطلق، وضوء القمر الساطع، والسماء وهما، والحب معهما..
كان مستلقيا على فراشه ويديه خلف رأسه يتأمل صغيرته وهي تعد له القهوة عبر الموقد الصغير الذي أحضرته الخادمة بأمرٍ منه...
ترتسم الابتسامة على ثغره وهو يستنشق رائحة القهوة التي تصنعها له وكأنها تضيف لها نكهة خاصة..

نظرت له بعدما انتهت من اعدادها فوجدت نظراته تحرقها وتلهب مشاعرها، اقتربت منه وهي تقول بخجل:
القهوة جاهزة
أشار لها وهو يقول:
أأتني بها يا صغيرة.
أمسكت بالقدح واقتربت منه أكثر حتى وصلت إليه بصمت خجول، فاعتدل جالسا وأخذ منها القدح قائلًا بمودة:
شكرا لكِ، حبيبتي
ظلت واقفة، فنظر لها رافعا حاجب مع قوله:
اجلسي جواري
جلست جواره بوداعة قطة ناعمة، فابتسم وقال لها بهدوءٍ:
ما أجملك!

فضحكت بخجل، وتلك المرة الأولى تضحك عاليا وتقهقه، لأنه يكرر تلك الجملة العفوية المحببة على قلبها، أما هو فقد سعد لسماعه تلك الضحكة وضحك هو الأخر..
سألها بعد ذلك:
ماذا كان يومك مع والدتك وأختك؟
ارتبكت قليلًا وقالت:
لم تدخلان معي، جلستا بالحديقة واضطريت لأن أضايفهما بالخارج
عبس بوجهه وقال بصرامة:
ألم تسمعي ما قلت يا فنار؟، كان لابد أن تدخلن القصر هذا التصرف غير لائق، سيكون لكِ عقاب يا فنار.

ابتلعت ريقها بخوف وهي تجيبه:
وما ذنبي أنا؟، أمي رفضت أن تدخل وقالت من الممكن أن يتأذى أحد من وجودهما
فهتف بغضب:
يتأذى من يتأذى، لا يهم، الكلمة هنا كلمتي أنا وعندما أقول لكِ شيء لابد أن تنفذيه هل فهمت؟
هزت رأسها بخوف وقد دمعت عيناها وهي تنظر للأسفل بحرج، فتابع وقد لانت ملامحه:
لا تبكِ، انتهينا فنار
لا تغضب
لست غاضبًا..
تنهدت بارتياح لأنه قد عاد أسدها الحنون ونزع قناع الصرامة عنه...

ثم ترددت قليلًا قبل أن تقول بحذر:
هل أخبرك شيئا؟
قال وهو يرتشف من قدح القهوة:
بالطبع يا سكرتي
ابتسمت بتوتر وهي تخبره:
اليوم عاملتني جلنار شقيقتك بجفاء شديد ولم تكن معي هكذا من قبل، لا اعرف ما الذي حدث بالضبط!
هز رأسه وعاد يرتشف من جديد من قهوته بينما يقول بخفوت:
يبدو أن هناك من يمكر، ويبث السموم داخلها، مؤكداً أنها أمي...

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة