قصص و روايات - قصص رائعة :

رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث عشر

رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث عشر

رواية مملكة الأسد للكاتبة فاطمة حمدي الفصل الثالث عشر

اشتعلت ملامح الأخيرة بوهجٍ شرس وأخذ الغضب يتصاعد لديها وهي تنهض عن مجلسها غير مصدقة لما قيل لها الآن..!
ومن مَنْ؟
إبنة بائعة التوت كما يقولون !
اقتربت منها وهي تضغط على نواجذها بوحشية، وما لبثت أن تحررت من صمتها القاتل وهي تهتف بوجهها:
ماذا؟، ماذا تقولين أيتها السمراء اللعينة؟
لاذ ب فنار العناد وتضاعف، وسارت تقول بتحدٍ صارخ:.

يبدو أنكِ لا تسمعي جيدا، لقد قلت هيا إلى الخارج، وأنا لست لعينة، بل أنتِ واللعنة عليكِ وحدك!
اتسعت عيناها بدهشة، بغضب وحقد وقد انفجرت شفتيها، هذه الملكة روكسانا! الجميع ينحني لها إجلالا، من تلك، من ؟!
فنار، الملكة فنار حرم الملك شخصياً، الآن فقط شعرت بهذا، شعرت أنها الملكة وفي حماية حاكم المملكة، لا خوف، لن تخاف..
هيا غادري القصر، أنا الملكة فنار زوجة الملك تيم وأقول لكِ إلى الخارج!

هتفت فنار وهي تشير لها ناحية الباب، فهتفت جلنار بضيقٍ شديد:
فنار؟ ماذا تفعلين؟ هل جننت؟!
فقالت بهدوءٍ:
هذا حقي، هذه أهانتني وأهانت أمي الطيبة، تتحدث وكأنها صاحبة القصر ولم تراعي انها مجرد ضيفة فحسب، بل وضيفة ثقيلة!
أنتِ حشرة!
هتفت روكسانا وهي تشير لها بسبابتها، بينما تواصل بشر:
ولديكِ عقدة نقص، معك حق فأين كنتِ وكيف الآن!
الحشرة هي أنتِ، كلمة أخرى وسترين ماذا ستفعل بكِ الملكة فنار...

راحت جلنار تهدئ من حدة الموقف، فقالت وهي تسحب روكسانا معها:
روكسانا تعالي معي، سأقول لأخي تيم وسوف يقوم بتأديبها
راح تيم يدخل من باب القصر في نفس الحين، وقال في صرامة متسائلا:
ماذا جلنار؟، ماذا ستقولين لي؟
أسرعت جلنار إليه وهي تقول بعصبية:
تيم تعال، فنار زوجتك أزادتها وأهانت روكسانا، تعال وعَلمها كيف يكون استقبال الضيوف، يبدو أنها تجهله كما تجهل الكثير.
نظر تيم إلى زوجته الغاضبة، وقال متسائلًا:.

ماذا فعلت فنار؟
أجابت روكسانا وهي تقترب منه قاصدة:
انها تصفني أنا بالقمامة يا جلالة الملك، أنا الملكة روكسانا!
عقد تيم حاجباه وراح ينظر مجددًا إلى زوجته بدهشة قائلًا:
مستحيل فنار تقول هذا، لأنها على خلق وتحترم ذاتها قبل أن تحترم الآخرين
هذا يعني أنني كاذبة يا جلالة الملك؟!
ماذا فعلتِ لها أولا؟!
قالت روكسانا في غضب:
لم أفعل شيئاً وأمامك جلنار اسألها يا تيم.

تحركت فنار من مكانها واتجهت إلى زوجها ثم التصقت به قائلًا بنعومةٍ:
اسمه، جلالة الملك تيم، لا يحق لكِ أن تناديه ب تيم هكذا دون ألقاب، لا تنسي ذاتك!
ثم تابعت وهي تنظر له بشغفٍ:
أنا فقط من أقول له تيم، لأنه زوجي، وحبيبي
رفع تيم حاجبيه بدهشة شديدة، ثم وضع كفه فوق جبينها ربما تكن حرارتها مرتفعة، وتهذي !
ابتسمت له فنار وقبلت كف يده برقة ثم قالت وهي تحاول اغاظتها أكثر:
حبيبي، أنا بخير، لقد زال ألم رأسي.

لم يستطع منع ضحكة خافتة خرجت من فاه وهو يدرك جيدًا أنها تثير غضب روكسانا بتصرفها الذي راق له وبشدة..
ثم قال وهو يربت على رأسها بحنوٍ:
حمدا لله على سلامتك يا قهوتي
لم تستطع روكسانا الصمود أكثر من ذلك أمامهما، فهتفت بغضب عارم:
سأرحل جلنار ولن أدخل هذا القصر مرة أخرى لطالما كان الحاكم ظالم ويمنح لزوجته الحق في ايذاء مشاعر الغير، اللعنة
نظر لها تيم وقال صارما:
لقد سألت ماذا فعلتِ لها كي تصفك بالقمامة.

فأجابت فنار بدلا منها عليه:
لقد قالت أن القصر أشبه بالأسواق ولا ينقصه سوى بائعة التوت ويصبح سوقا بحق، هل يرضيك هذا يا حبيبي؟
لم يبد على تيم أنه تأثر بكلمتها الأخيرة، رغم اشتعال النيران بداخله بسبب هذه الكلمة الرائعة التي بعثرت كيانه من الداخل، اهٍ لو كان وحده معها الآن..
ورغم صموده كان غرقان في عسل عينيها الواسعتين، ولم ينتبه إلا حينما نادته جلنار باستغراب:
تيم ما بك..؟

انتبه وازدرد ريقه وهو يقول بجدية:
معك، دعنا ننهي هذا الخلاف الآن، أنتِ أهانتيها وهي كذلك واعتقد أن لا أحد منكما مظلوم.
أومأت فنار برأسها وهي تحرك كتفيها بدلالٍ:
أعتقد كذلك يا حبيبي، أنا لا أريد منها شيء
سينهار حتما من دلالها المفاجئ هذا، ماذا بها؟! انها تنوي قتله الآن وهي تدلل وتكرر كلمة حبيبي، لم تتفوه بها من قبل وجاءت الآن لتفاجئه بها وتضخ معها قنبلة من الحب والشغف..

حاول ألا ينظر إليها وإلا حملها وانصرف وليذهب الجميع إلى الجحيم..
أما عن روكسانا فقد شعرت أنه من الجيد ألا تفسد علاقتها بالقصر الآن، فلديها المزيد من الخطط التي ستفسد عليهما الحياة، فلتصبر إذن..
لذا قالت بهدوءٍ حازم:
وأنا لا أريد منها شيء، وإن تطاولت عليكِ بدون قصد فسامحيني فنار، المعذرة.
هزت فنار رأسها موافقة وقالت:
حسناً روكسانا، لا عليكِ
سأذهب الآن، إلى اللقاء.

انصرفت روكسانا وتبعتها جلنار، بينما وقفت فنار وهي تزدرد ريقها الجاف تحاول ألا تنظر إلى ذاك الوحش العاشق الواقف أمامها، تنحنحت بخرج وجذبت أيريس معها قائلة بتلعثم:
بعد إذنك سيدي سأجلس مع أيريس بالغرفة.
ولم تنتظر أي إجابة منه ومضت بأيريس إلى الحجرة في خطوات متعجلة..
سيدي؟ الآن سيدي فنار؟!
همس تيم لنفسه وهو يضحك باستمتاع، بينما يقول متوعدا:
صبرا فنارتي، صبرا حياتي...

آه قلبي آه
همست فنار وهي تضع يدها على خافقها، بينما تواصل بخجل:
أنا ماذا فعلت يا أيريس ماذا فعلت بنفسي
ضحكت أيريس بشدة وهي تقول من بين ضحكاتها:
أنتِ كنتِ نجمة يا فنار، لا أصدق ما فعلتيه الآن، لقد كنت منبهرة بكِ جداً
لأول مرة أتكلم بهذه الطريقة يا أيريس، والأصعب هو، هو
هو ماذا فنار؟
تابعت بخفوت:
لا أعلم كيف سأنظر إلى سيدي بعد الآن!، أنا، أنا سأموت من الخجل يا أيريس.
ردت أيريس بتعجب:.

لماذا؟، وكيف تقولين له إلى الآن يا سيدي، إنه زوجك!
ابتلعت ريقها وأجابت:
لا أستطيع أن أناديه باسمه دون لقب، لم أجرؤ يا أيريس، ولا أعرف كيف قلت له حبيبي أمامكن منذ قليل.
أنتِ تمزحين فنار؟ هذا زوجك ما بكِ؟
أنا أخجل منه كثيرا يا أيريس وإلى الان لا اصدق أنه زوجي!
ضحكت أيريس وتابعت:
ولكنك تحبينه، صحيح؟
احمرت خجلًا وتنهدت تنهيدًا ممدودًا وواصلت:
أحبه فوق حب المحبين حبا
يا الله، الله يسعدك يا أختي.

تابعت فنار وهي تربت على كتفها:
أتمنى أن يرزقك الله بزوج مثل الملك تيم يا أيريس يحبك ولا يهتم بمن تكوني أنتِ ولكن يهتم بقلبك ورحك وطيبتك
ابتسمت أيريس بحزن مع قولها:
بإذن الله، سأذهب أنا حتى لا تقلق أمي، الحمد لله إني اطمئنيت عليكِ
ولكن لم أكتف من جلستنا يا أيريس أبقي معي
سأقول لأمي واستأذنها لأأتي إليكِ غدا ولكن الآن قد تأخر الوقت وستقلق وأنا أريد النوم دون صفعات منها
ضحكت فنار بشدة وهي تقول بمرح:.

اشتاقت لها هذه الأم الصارمة، قبليها من خديها وقولي لها فنار تحبك
أمرك يا ملكتي
عانقتها فنار بقوة وهي تربط على ظهرها وخرجتا معا، ثم إلى الحديقة، فيما قالت فنار:
في أمان الله يا أختي
ابتسمت لها وانصرفت، فتنهدت فنار وما لبثت أن شهقت حينما شعرت بشيء يحوم حولها، إنه رعد..
التقطت أنفاسها وارتجفت وهي تهمس:
لقد أرعبتني يا رعد
ثم تابعت وهي تتلفت حولها:
أين سيدك؟

مطت شفتيها بعفوية واستدارت لتعود إلى الحجرة، بينما ركض رعد إلى صاحبه الذي كان يجلس بعيدا ينهي بعض أعماله...

تعثرت أيريس بقدميها وهي تسير بين الأشجار وكادت تسقط لولا ذراعي سليمان الذي جاء في وقته، وثم صدح صوته الأجش:
انتبهي لنفسك.
التقت عيناهما في نظرة شغف غريبة على كلاهما، نظرة دافئة رغم صرامته ونفورها..
شكرا لك
همست بها وهي تبتعد عنه، فعاد يتكلم بحزم:
ماذا كنتِ تفعلين هنا؟
أجابت باختصار:
كنت أزور أختي
هز رأسه بهدوءٍ وتابع:
تحبين أن أوصلك إلى الدار؟
رفضت بحسم:
لا، ابتعد عن طريقي.

أفسح لها الطريق، فسارت سريعاً من أمامه، وقف ينظر إلى طيفها وهو يردد:
مازالت تحب من أهانها، ولكن أنا لمَ أحبها؟، لابد أن أبتعد..
سليمان..
سمع هتاف الملك فجأة وهو ينادي عليه، فاستدار ماشيا بخطواتٍ سريعة متجها إليه وما إن وصل إليه حتى قال في أدب:
أمرك سيدي
قال تيم وهو يضع ساقا فوق الأخرى بتريث:
ماذا كنت تفعل مع الفتاة؟
تنحنح سليمان وهو يجيب عليه:
لا شيء كادت تسقط فساعدتها.

سليمان، كن صادقا مع، تعلم أني أعتبرك صديق وأحبك...
تنهد سليمان قائلًا:
أعلم سيدي
أردف تيم بابتسامة ؛
أتحبها؟
زاغت أنظاره وارتبك قائلًا:
ماذا تقول سيدي!
أقول الحقيقة يا سليمان، أنت تعلم أن لا شيء يخفى علي، نظراتك تشهد عليك، أنت تحب هذه الفتاة ولكنك لا تعرف من أي اتجاه تتجه وتخبرها بذلك، هل صحيح؟!
رمش بعينيه وقال:
صحيح سيدي كيف عرفت؟!
ضحك تيم مع قوله:.

أنت حاد في التعامل عامةً يا سليمان ولكن عليك أن تفهم أن كل شخص في حياتك وله معاملة تختلف عن الاخر، خاصة ان أحببت أنثى، عليك أن تلتزم بالرفق معها، لأنهن لا يأتين إلا بالرفق، أما الحدة والغضب لا جدوى منهما، أفهمت؟
نعم، ماذا أفعل إذن؟ كيف أخبرها بحبي؟
هكذا بدون مقدمات، أخبرها وإن وجدت القبول اطلبها من أمها، لا تضيع الوقت
ابتسم سليمان برضى وقال:
حسناً
نهض تيم وقال بنبرة هادئة:.

خذ رعد معك وأوصله إلى بيته يا سليمان، سأذهب إلى حجرتي..
أومأ سليمان برأسه وانصرف بصحبة رعد، بينما سار تيم متجها إلى حجرته هو وسمرائه..
ما إن وصل إليها حتى فتح لتصدمه رائحة القهوة المنتشرة في الغرفة، أغلق الباب جيدًا وهو يستمتع برائحة القهوة التي امتزجت برائحة الورد المنبعثة من سمرائه..
ما هذا؟، هي تنوي قتله فعلا وإلا ما إرتدت هذه المنامة الحريرية البيضاء ولا رفعت شعرها هكذا ذيل حصان، ولا تكحلت هكذا!

ما أجملها..!
أغمض عينيه يستوعب ما هو فيه، ثم أعاد فتحهما قائلًا بهمس:
مساء الخير، فنار!
ابتسمت له بتوترٍ وابتعدت كأنها تهرب وهي ترد عليه:
مساء الخير، سيدي
ضاقت عينيه بغموض وهو يقترب منها، تبتعد ويقترب، بينما يقول بعتاب:
لقد كنتِ تقولين كلمة أججت مشاعري كلها، ما هي؟
توترت بشدة ثم همست بتلعثم:
أي كلمة هذه؟
ستقوليها الآن فنار..!
سيدي
فنااااار
تخضبت وجنتاها بحُمرة الخجل وعضت شفتاها بضعف، ثم واصلت بخفوت:.

ك، كنت أقول، أنك
ماذا؟، قولي؟
صبرا
هتف مشاكسا:
لن أصبر
واصلت بهمس:
قلت أنك آآ، ح، حبيبي
تنهد بعمق وهو يحتضن وجهها بين كفيه فيما يقول بحب:
ولمَ لم تقوليها إلا أمام روكسانا، وما هذا الدلال يا قهوتي
ابتسمت بخجل ونظرت أرضا، رفع وجهها بأنامله وحدق بعينيها بينما يقول بمراوغة:
أجيبي
فقالت بتردد وهي تضع يديها على يديه الممسكة بوجهها:.

لأني علمت من الخادمات هنا أنها تحبك وكانت تريد الزواج منك وأنت رفضت وأشعر أنها تريد أخذك مني، بصراحة شعرت بالغيرة تندلع بقلبي
أنا سعيد فنار، سعيد للغاية
همس لها وهو يمنحها قبلة فوق جبينها، ثم واصل مبتسما:
ما أجملك يا قهوتي
تملصت من بين يديه في سرعة وراحت تجذب قدح القهوة وتقدمه له بحنان، وبنبرة دافئة أردفت:
أعددت القهوة لك..
شكراً لكِ يا صغيرتي
طُرق الباب فجأة، فزفر تيم بحنق وهو يهتف:
من الطارق الآن، آ...

قاطعه صوت شقيقته وهي تهتف بهدوءٍ:
هذه أنا يا تيم
توجه تيم إلى الباب وفتح، لتدخل جلنار وهي تمسك بكوب العصير، ثم تقول بابتسامة ناعمة:
عذرًا تيم، ولكن أردت أن أمنح فنار العصير الذي وعدتها بأن أعده بنفسي يوميا لها..

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة