قصص و روايات - قصص رومانسية :

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل التاسع والثلاثون

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل التاسع والثلاثون

رواية ملكة على عرش الشيطان للكاتبة إسراء علي الفصل التاسع والثلاثون

هل صدقتني الآن؟!
لم يجب علينا أن نعشق
لم يكن علينا أن تتلاقى أقدارنا
لن يُسمح لنا أن نعشق
ليس وأنا نصف إنسان...
-بتضحكِ ليه!..
تساءل أرسلان وهو يُمسك كفها ب قوة لتميل إلى كتفهِ ثم قالت بعذوبة
-فرحانة...
ترك كفها ليُحاوط كتفها ثم قَبّلها بجوار عينيها وتساءل ب صوتٍ أجش
-ليه!..
حينها إبتعدت عنه ثم وقفت أمامه وأكملت سيرها ب العكس لتقول وهي تفتح ذراعيها ب سعادة وصوتٍ عال.

-لو كان حد قالي من كام شهر إني هحبك. كُنت ضحكت...
جذبها أرسلان من خصرها إليه ثم قال ب عبث
-طب ما أنتِ بتضحكِ أهو
-حاوطت هي عُنقه وقالت: عشان بحبك. بضحك عشان متخيلتش إنك تحب. تقدر تحب أصلًا
-البركة فيكِ...
توقفا أمام ذلك الكوخ الصغير. أخرج أرسلان من جيب بنطاله المِفتاح ثم دلفا إلى الداخل.

وقفت سديم ب المُنتصف تُحدق ب أرجاءهِ ب إشتياق. حاوطها أرسلان من الخلف ثم قَبّل عظمتي لوح الكتف ليقول بعدها وهو يدفن وجهه ب عُنقها
-مبسوطة إننا جينا هنا!..
أومأت مُغمضة العينين وعلى الرغم من تلك السعادة إلا أن هُناك ما يجعل تلك السعادة منقوصة. إبتلعت سديم ريقها وتساءلت ب خفوت
-نزار فين يا أرسلان! هو فين وأنت ناوي على إيه؟!..
أحست ب يديهِ تتصلب على خصرها وب هدير خفيف أردف
-معرفش
-أرسلان!..

إلتفتت تحتضنه ثم همست وهي ترفع نفسها إلى مستوى وجههِ الذي إستحال إلى آخر حجري، قاتم، لا مشاعر به ولا حياة
-عشان خاطري إنسى اللي فات. إنسى ونهرب أنا وأنت. خلينا نبدأ من جديد
حاول الإبتعاد عنها ولكنها رفضت ب قوة. ليزفر أرسلان ب غضب ثم أردف ب جفاء ونبرةٍ قاسية
-مببدأش حاجة غير ولازم أكون ناهيها...
أبعد وجهه عنها ولكنها أعادته إليه ثم قالت ب عناد وتصلب
-أرسلان بُصلي...

نظر إليها ب سوداويهِ المُظلمة لتقول سديم وهي تضع كفها فوق وجنتهِ
-لو أنا مستاهلش التضحية دي سبني. مش هقدر أشوفك وأنا بتقتل تاني. مش هقدر أشوفك بتقع أو بيمسكوك
-هتف أرسلان ب سُخرية: ما أنتِ إتجوزتيني وأنا بقتل...
هدرت سديم ب غضب وهي تضرب صدره ب عُنف عله يفهم ما تُعانيه
-ساعتها مكنتش تهمني. أما دلوقتي. ف أنا هموت لو جرالك حاجة يا أرسلان. هموت والله.

-رد ب قتامة: وأنا هموت لو مأخدش حقي. حقي اللي فضلت سبع سنين مستنيه
-ضحي ولو لمرة واحدة بس. خلي قُصي يسجنه يقتله بس أنت لأ...
حدق أرسلان ب عينيها المتوسلتين إليه ب نظرات جامدة، صلبة، لا تلين ولكنه هُزم أمام عينيها الضعيفتين. اللتين تتوسلاه الحياة ب كُل ما تعنيه الكلمة. رأى بهما تشبث غريب لم يلحظه من قبل
تنهد أرسلان وحاوط وجهها ثم قربها إليه ليهمس وهو على بُعد إنش واحد من شفتيها.

-هزمتيني. وأول مرة أرسلان الهاشمي يتهزم...
إبتسمت سديم قبل أن يميل إليها و بها أكثر. غرق أرسلان وضاع أرسلان ولم تكن هي زورق النجاة بل كانت الجاذبية التي تجذبه إليها أكثر. وفي عشقها وقع الشيطان مُستسلمًا، رافعًا الراية البيضاء.

كيف لها أن ترفض حياة ك تلك! هو لا يترك طريقة إلا وأسعدها بها
تطلعت ب إنعكاسها ب المرآة وهي تضع يدها على بطنها المُسطح تبتسم ب سعادة. هي تحمل قطعة منه. ضحكت وهي تقول ب خجل
-هتطلع شبه بابا مدوخ الستات وراه
-مين دا يا ماما!..
أردف بها الصغير وهو يفرك عينه ب نُعاس. لتميل إليه رحمة مُبتسمة ثم قبلته قائلة
-هجيبلك أخ يا ليدو
-قطب جبينه وتساءل: مش فاهم...

ضحكت رحمة ثم جثت على رُكبيتها و وضعت يد الصغير على بطنها لتقول ب سعادة وأعين لامعة
-هنا بعد تسع شهور هيكون فيه بيبي. هتكون أخوه الكبير
-لمعت أعين الصغير ب حماس وقال: يعني أنا هكون أخوه الكبير! هنلعب كورة مع بعض وسباق والنادي!..
أومأت رحمة. ليرتمي الصغير ب أحضانها مُهللًا ب حماس. ضحكت وهي تُقبل رأسه ثم أردفت ب تحذير
-بس السر دا هيكون بينا. أنكل قُصي مينفعش يعرف.

-أومأ وليد ب طاعة قائلًا: حاضر مش هقول لبابا...
صُدمت رحمة لحديث الصغير ولكنها أبتسمت بعد لحظات. تمسح على ظهر وليد قائلة ب همس
-أيوة بابا...
أزالت عبراتها ثم قالت ب إبتسامتها التي لا تنمحي أبدًا
-كُنت صاحي ليه بقى يا باشا!
-رفع كتفيه وقال: كُنت عاوز أشرب...
نهضت تُمسك كفه الصغير ثم قالت وهي تتجه إلى المطبخ
-طب تعالى...

دلف قُصي بعد يومًا شاق من التعب يقذف المفاتيح ب إهمال وأغلق الباب خلفه. دارت حدقيته ب أرجاء المنزل باحثًا عن أحدهما ولكنه لم يجد
قطب قُصي حاجبيه ثم تساءل ب خفوت وهو يحك ذقنه
-هما ناموا ولا إيه! دي أول مرة رحمة متستنانيش!..
قطب جبينه ب قلق أن يكون أحدهما مريض. ليتحرك سريعًا إلى غُرفتهما ليجدها فارغة. هوى قلبه ب قلق تضاعف لا أثر لرحمة.

كاد أن يخرج ولكن لفت نظره ذلك الشئ الغريب الموضوع فوق طاولة الزينة. توجه إليه ب عينين ضيقتين ثم إلتقطه
في بادئ الأمر لم يتعرف على ما هيته حتى أمسك العُلبة الفارغة وقرأ ما دُونَ عليها
إختبار حمل
إبتلع قُصي ريقه ب تشنج وهو يقرأ التعليمات. خطين تعني إيجابي. خطًا واحد يعني سلبي. والنتيجة خطين. وخطين تعني إيجابي وإيجابي يعني أنه سيُصبح والدًا فيما لا يقل عن تسعة أشهر.

سقط الإختبار من يديه المُرتعشتين وهو يُحدق أمامه ب الفراغ ب ذهول قبل أن يخرج ويهدر
-رحمااااه!..
عاد يهدر مرةً أُخرى ولكن ب صوتٍ أعلى ف خرجت إليه مهرولة من غُرفة وليد وعلى وجهها إمارات الفزع. أغلقت الباب خلفها وهمست ب هلع
-إيه في إيه!..
نظرت إلى ما ب يدهِ ب عينين مصدومتين ثم إلى ملامحهِ التي لا تنم عن شئ وكذلك خرج صوته
-أنتِ حامل؟!..

ضمت طرفي مئزرها إلى صدرها ثم همست ب خفوت وهي تستشعر البرودة تجتاح أوصالها لرد فعله الغير متوقع
-أيوة
-من أمتى!
-إبتلعت ريقها ثم قالت ب تحشرج: من شهر ونص. بس والله لسه عارفة النهاردة...
قبض على ما ب يدهِ ب قوة مُغمضًا عينيه وشد عليهما. لم تكن تتوقع أن يرفض ذلك الرابط بينهما
أزالت عبراتها التي تنهمر ب إنتقطاع ثم قالت ب تهدج
-لو. لو مش عاوزه. أنا ممكن أروح أنزله
-فتح عيناه وهمس ب تعب: غبية...

قطبت ب عدم فهم ليقترب منها يُعانقها ثم رفعها ودار بها كثيرًا قائلًا ب صوتٍ أجش
-يا غبية. مبرووووك. هبقى أب يا رحمة. هبقى أب...
عانقته رحمة ب عدم فهم ثم قالت ب تردد
-يعني أنت مش زعلان!..
أنزلها قُصي ثم حاوط وجنتيها و وضع جبينه على جبينها قائلًا ب إبتسامة دافئة
-أزعل إزاي وأنتِ أخيرًا إديتلي الحاجة اللي بحلم بيها. بحلم أكون عيلة يا رحمة وأنتِ إديتلي دا. إزاي أزعل بس!

-ضحكت رحمة وقالت: خوفتني. فكرتك مش عاوز يكونلك إبن مني...
ضرب وجنتها ب خفة ثم قال وهو يحتضن خصرها مُقربها إليه أكثر
-بحبك يا مجنونة...
إتسعت عيناها ب صدمة وتيبست ذراعيها حول خصره ثم تساءلت ب تلعثم
-أنت قولت إيه!
-لثم وجنتها وهمس: بحبك...
ثم إنتقل إلى أنفها وهي لا تزال تحت تأثير الصدمة ف أكمل
-وبعشقك...
ثم مال إلى شفتيها يُقبلها ب جنون ورقة ب الوقت ذاته ليبتعد بعد وقتٍ طويل وهمس ب صوتٍ يجيش ب ما يشعر به.

-بحبك وبعشقك يا رحمة. الكام شهر اللي فاتوا عرفت وإتعلمت حاجات كتير. ب إيدك و ب شقاوتك نزعتي حُبها من قلبي وزرعتي حُبك. كُنت ناوي أعترفلك النهاردة ب شكل أظرف. بس مكنش فيه أسعد من كدا
-تأوهت رحمة قائلة: ااااه يا قُصي. اااه منك يا معذبني...
عاد يُعانقها قُصي ثم رفعها ودار بها عدة مرات ليقول وهو يُنزلها ب حماس
-قولي أنتِ عاوزة إيه! كل طلباتك مُجابة. أؤمري وأنا أنفذ.

-ضحكت رحمة ثم قالت ب تفكير: عاوزة بيتزا سي فود
-قَبّل شفتيها ب خفة وقال: بس كدا. ثانية وطلباتك تكون عندك...
جذبها قُصي خلفه وأجلسها فوق الأريكة ثم قال ب صرامة
-متتحركيش إلا لما أجيلك. ولو عوزتي تدخلي الحمام إستني لما أرجع وأنا أدخلك...
قهقهت رحمة حتى أدمعت عيناها لتقول وهي تضرب كف على آخر
-وبتقول إني أنا اللي مجنونة!..

رفع أنفه ب غرور ثم جذب مفاتيحه سريعًا وإتجه ناحية الباب وما كاد أن يفتحه حتى إنطلقت رصاصة أصابته. ف نهضت رحمة فزعة صارخة ب هلع و هي تركض إليه
-قُصي!..
في صباح اليوم التالي
تململت سديم ب الفراش وتحسست جوارها ف لم تجد أحد لتفتح عينيها سريعًا ثم حدقت ب الجوار ولكنها لم تجد أرسلان
نهضت فزعة تضع على جسدها الملاءة ثم بحثت عنه تُناديه ب قلق
-أرسلان!..

ولكن لا رد. لم تجد ثيابه أو هاتفه الخلوي. لا شئ على الإطلاق إلا من ورقة صغيرة كتبها ب خط يده وعبارة وحيدة إنخلع قلبها لها
آسف
سقطت الورقة من يدها وحدقت ب الفراغ ب شرود غريب هامسة ب عدم تصديق أن أرسلان تركها و رحل
-أرسلااان!..
عادت إلى الغُرفة سريعًا تبحث عن هاتفها. كيف له أن يتركها هكذا بعد وعده أمس؟ بعد تلك الليلة التي جاورت بها القمر! بعد ذلك العشق الذي بثه لها! كيف!

أمسكت الهاتف وهي تمنع عبراتها من الهطول وأجرت إتصال به ولكنه لا يرد. حاولت مرة وإثنان وألف إلا أن الإجابة هي ذاتها لا تتغير
سقطت فوق الأرضية ب يأس هامسة وهي تبكي ب صوتٍ عال
-ليه! بعد كل دا ليه ضحكت عليا وخلفت وعدك!..
وعلى الجانب الآخر
لم يكن ينوي تركها. يُقسم أنه تخلى عن ما سيفعله ولكن. إتصال واحد فقط هدم العالم فوق رأسهِ. ضرب أرسلان المقوّد ب غضب وعيناه جمراوتين من النيران المُشتعلة.

عاد إلى المدينة ومنها إلى منزلهِ. دلف وشياطين الإنس والجن تُلاحقه. هدر ب صوتٍ جهوري، مُرعب يُذيب الأوصال
-هي فين!..
خرجت إحدى الخادمات وهي تتحدث ب تلعثم مُخفضة لرأسها خوفًا من غضبهِ وعينيه القاتلتين
-م. مش عارفين يا باشا...
قبض أرسلان على عُنقها ف شهقت الخادمة وهي تضع يدها على ذراعه ف عاد يهدر ب هسيس مُخيف
-يعني إيه متعرفوش! مش كانت محبوسة ها! رُدي؟!..
تحول وجهها إلى الأحمر إلا أنها هتفت ب خفوت.

-ي. يا باشا. إمبارح كانت. الولادة و. وقولنا إنها يستحيل تقدر تهرب. ف. نسيت. أقفل الباب
-قربها أرسلان منه وب فحيح أردف: و الواد؟
-ه. هنا...
تشنجت عضلات فكيه ب قوة. ثم دفعها لتسقط وأخذت تشهق حتى إستعادت أنفاسها. إلا أنها لم تكد حتى قبض أرسلان على خُصلاتها ثم وجه حديثه إلى الجميع
-دكتور يجي حالًا يعمل تحليل DNA. قسمًا بالله لو الظابط حصله حاجة ليكون أخرتكوا كلكوا على إيدي...

ألقها بها ب قسوة لتسقط باكية. ولكنه عاد يهدر ب صوتهِ كله
-إعرفولي هربت أمتى وإزاي. يلاااا...
وتركهم راحلًا ليستعيد الجميع روحه المسلوبة
دلف إلى المنزل ب خطوات شبه ثقيلة حتى دلف. وكما هي ذبيحته مُعلقة ب السقف
نزع أرسلان سُترته ثم جلس فوق المقعد المُخصص له مُنذ ذلك اليوم. ثوان وأتى الحارس المُكلف ب حراسة المكان ويحمل ب يدهِ بنزين
-فوقه...

أردف بها أرسلان ب قتامة ليومئ الحارس وإتجه إلى نزار المُعلق. ثم قام ب سكب البنزين عليه ليشهق ب فزع. سعل عدة مرات حتى إستعاد وعيه تمامًا
وما أن أبصر أرسلان أمامه حتى أخذ يضحك ثم قال ب سُخرية
-أنت ماسكني بقالك كام شهر. شوفتني إتكلمت!
-رفع أرسلان أكمام قميصه وهتف ب برود: مين قالك إني عاوزك تتكلم! أنا عاوزك تتألم...
نهض أرسلان عن المقعد وإتجه إلى نزار ثم قبض على فكهِ وهمس ب شراسة.

-وعدتك ب نهاية مؤلمة. ومش هتيجي أكتر من كدا
-أنا كُنت ظابط مُخابرات. وطُرق التعذيب دي متاكلش معايا...
ضحك أرسلان ب صوتٍ مُخيف ثم أردف ب فحيح وهو يربت على كتفهِ ب قوة
-بس مش منهم الحرق حي...
إختفت إبتسامة نزار. ليميل إليه أرسلان وسأله ب هسيس
-جميلة! ليها علاقة بموت أهلي ولا لأ؟!

-عاد يبتسم نزار ثم قال: بما إني هموت ف معنديش مانع أتكلم. جميلة كانت عشيقتي هي اللي عرفت كل حاجة عنك وعن عيلتك. هي اللي إدتني الخيط من الأول. لو عاوز تنهي الدايرة يبقى عليك ب جميلة
-متقلقش. دورها جاي...
لكمه أرسلان ب قوة لتسيل الدماء من فمهِ. أمسكه من خُصلاتهِ وهدر ب شراسة
-وقُصي ليه مدت إيدها عليه!
-أرجع نزار رأسه وقال ب تعب: أنت متعرفش إنها بتنتقم! من الدكتورة أصلها لسه مفكرة إنهم بيحبوا بعض...

تركه أرسلان وهو يومئ ب وعيد ثم إبتعد واضعًا يديه ب خصرهِ
تقدم منه الحارس ثم همس وهو ينظر إلى الخارج
-حضرة الظابط وصل ومعاه الست هانم...
إسودت عيني أرسلان ب ظلام دامس وهو يترقب دلوف قُصي ومعه جميلة
-أي. سبني. سبني بقولك...

دفعها قُصي ب غضب لتسقط أمام قدمي أرسلان. رفعت رأسها تنظر إليه من الأسفل فهالها نظرته السوداء. أحست وكأن أحدهم ينخر عظام جسدها. حاولت الإبتعاد ولكنه كان أسرع إذ قبض على خُصلاتها يرفعها إليه ثم صفعها ب قسوة أردتها أرضًا مرةً أُخرى
إنحنى إلى مستواها ثم أشار ب إصبعهِ إليها وهمس ب فحيح أفعى مُرعب كما ملامحه تمامًا.

-حذرتك تلعبي معايا يا رقاصة. إديتك اسمي وحمايتي وخنتيني. سبتك تضربيني ف ضهري ب مزاجي. لكن تقربي من حد يخصني يبقى وصلتي لنهاية...
إبتلعت جميله ريقها ب صعوبة بالغة حتى تشنج حلقها ليُكمل أرسلان حديثه
-بس إيه الصحة دي! خلفتي إمبارح وبتهربي النهاردة. يظهر الرقص إداكِ صحة...

صفعها أرسلان مرةً أُخرى ثم نهض وإتجه إلى قُصي الذي كان ينظر إلى المشهد الأخير ب هدوء جامد دون حديث. وقبل أن يصل إليه إلتفت إلى جميله وقال
-هو وعدك إن نهايتك هتبقى على إيده. وأنا مقدرش أخلف ب وعده...
ثم إستدار إلى قُصي ثم سأله ب تجهم
-أنت كويس!
-أومأ قُصي قائلًا: أها. الرصاصة مطلعش من حد مُحترف ف صابت فراغ المعدة...

وتذكر قُصي أمس. حينما فتح باب شقته وتلك الرصاصة الطائشة التي أصابته ف موضع كان ب صالحهِ. وجميلة التي أمسكها غيرُ سامحًا لها ب الهرب
وبعد ذهابه إلى المشفى عقب توسلات رحمة وتقطيب الجرح أجرى إتصالًا هاتفيًا ب أرسلان يُخبره ب ما حدث وهو الآخر أفضى بما لديه. ليأتي الآن
تنهد قُصي ثم قال وهو يضع يده على الجرح
-هنعمل إيه دلوقتي!
-نظر أرسلان إلى نزار وقال ب قتامة: هننهي المسرحية...

سحبت هاتفها ثم ركضت إلى الخارج لتجد حارس يقف أمام الكوخ
. حاولت الخروج ولكنه لم يسمح لها. نظرت إليه سديم ب وحشية وقالت
-إوعى إيدك
-مقدرش يا دكتورة. الباشا مانع خروجك من هنا
-هدرت ب حدة: بقولك إوعى إيدك...
حاولت إزاحته ولكنه لم يتحرك. لتجذب و ب حركة سريعة المُسدس ما أن لمحته وصوبته إلى رأسهِ هادرة ب غضب وبُكاء
-لو موسعتش حالًا هقتلك
-أجاب الحارس ب بساطة: إقتليني يا هانم. بس صدقيني مش هقدر أسمحلك تخرجي.

-همست ب توسل: أرجوك. أرجوك...
بكت سديم وهي تضع المُسدس على صدرهِ مُخفضة رأسها لأسفل. ف سحبه من بين يديها ثم دفعها ب خفة إلى الداخل وقال ب هدوء
-أسف يا هانم بس مش ب إيدي...
أغلق الباب و وقف خلفه لتضع سديم رأسها على الباب باكية بقهر ثم همست وهي تضرب الباب عدة مرات
-ليه عاوز تخسر اللي فاضل من روحك. ليه!..

بعد وقتٍ طويل قضته سديم ب البُكاء حتى نهضت عندما تذكرت الباب الخلفي ل الكوخ. لتنهض ب خفة مُزيلة عبراتها ثم إتجهت ناحية الباب وفتحته ب هدوء حتى لا يسمع الذي ب الخارج
وما أن خرجت حتى ركضت ب أقصى ما لديها بعيدًا عن الكوخ دون أن يلمحها الحارس ثم خرجت إلى الطريق الرئيسي. توقفت تلهث ب تعب حتى لمحت سيارة آتية من بعيد. أشارت لها أن تتوقف فتوقفت
إنحنت سديم تقول ب توسل وهي تلمح تلك الشابة رقيقة الملامح.

-ممكن توصليني لمكان قُريب من هنا! عربيتي إتعطلت ومش معايا حد
-أومأت الفتاة ب إبتسامة قائلة: طبعًا إتفضلي
-مرسيه جدًا...
صعدت سديم السيارة لتنطلق بهما مرة أُخرى. دارت بينهما أحاديث خفيفة كانت هي بهم شاردة تُفكر أين يكون أرسلان!
اليوم يُنهي إنتقامه ولكن مَنْ. رفعت هاتفها وإتصلت ب المنزل تتأكد من شئٍ ما.

أخبرتها الخادمة ب إختفاء جميلة لتتأكد شكوكها. وضعت الهاتف فوق ساقيها وهي تتضرع إلى الله أن تلحق أرسلان قبل أن تخسره نهائيًا
-ممكن تقفي هنا!
-عقدت الفتاة حاجبيها وقالت: بس دا مكان شبه مقطوع
-هتفت سديم ب تبرير: كلمت جوزي وهو هيجي يقابلني هنا
-تساءلت الفتاة ب شك: مُتأكدة!
-أيوة...

مطت الفتاة شفتيها ب قلة حيلة ثم فعلت ما طلبته سديم. إنتظرت رحيل السيارة ثم أخذت تركض إلى أن وصلت إلى منزل قد أتته مرةً مع أرسلان على أطراف المدينة
تتذكر تفاصيل ذلك اليوم. هذه ثاني مرة تدخله ولكن ب إستثناء الأحداث. الذكرى الأولى كانت تكرهه وتتمنى أن تهلك روحه. أما هذه المرة هي تركض لإنقاذ ما تبقى من روحهِ
ظهر المنزل من بعيد وأمامه سيارتين. هوى قلبها لتركض أسرع حتى كادت أنفاسها أن تُزهق حتى وصلت إليه.

وب الداخل
إنتفض أرسلان وهو يستمع إلى صوت الباب يُفتح على مصرعيهِ وصوتها يهتف بنشيج
-أرسلاااان!..
أسرع إليها يمنع رؤيتها لذلك المشهد الدامي ولكن كيف يمنع صوت صرخات نزار الذي يُحرق حيًا
إنكمشت سديم بأحضانه ثم همست ب هلع وهي تتعلق به
-هو إيه اللي بيحصل!..
حاوط وجهها و تعمد وضع عينيه ب خاصتها ثم همس ب جمود وحدة
-إيه اللي جابك؟ وعرفتي أنا هنا إزاي!..
حاول جذبها إلى الخارج ولكنها تعندت وقالت ب صوتٍ عال.

-محدش قالي. أنا اللي عرفت. أنت بتعمل إيه! وليه. ها ليه!
-مكنش لازم ينفع أقف هنا
-ضربت صدره صارخة: بس أنت وعدتني إنك هتتخلى عن كل حاجة...
هز رأسها بين يديه ثم هدر ب شراسة هو الآخر
-وأنا كُنت فعلًا هتخلى عن كل حاجة. بس يظهر إن كل حاجة مش راضية تتخلى عني. مينفعش أقف ف نُص الطريق يا سديم. فاهمة! الدايرة لازم تكمل...

جذب رأسها إلى صدرهِ تبكي ب قوة. حتى صوت صرخات نزار الضعيفة كانت قد إختفت حينما غادرت روحه جسده
إستدار أرسلان ب رأسه إلى قُصي يُشير له ب أن يُنهي الأمر. ف أومأ الآخر ب خفة ثم أخرج مُسدسه. وب رصاصتين أنهى حياة جميلة الباكية
إنتفضت سديم بين يديه ولكنه هدأها قائلًا ب إبتسامة
-هُشششش. كله خلاص إنتهى
-مُتأكد يا أرسلان باشا!..

إلتفت ثلاثتهم إلى الصوت الصادر من الخلف. إتسعت عيني أرسلان وهو يُبصر زوجته الأولى ليهمس ب صدمة وهو يُبصر جسدها الهزيل أمامه
-ريم!..
لم يكن يحسب لها حسابًا
أما سديم جمدتها الصدمة ولكنها همست بعدم تصديق
-مش هي ماتت!..
لم يسمعها أرسلان من الأساس بل كل حواسه مُنصبة على تلك. التي تضحك وهي تتمايل ب خطواتها. جلست فوق المقعد وقالت.

-أكيد بتسأل نفسك إيه اللي جابني! أقولك أنا. مراتك الرقاصة. أيوة اللي اسمها جميلة كلمتني من مُدة عشان أنتقم منك لأبويا اللي قتلته. فاكره يا حضرة الشيطان!..
أشارت إلى نفسها وهدرت ب هزل
-أنا اللي هقفل الدايرة. أنا اللي هقتلك. أنا كدا كدا ميتة...
لم يرد أرسلان بل ظل صامتًا ملامحه جامدة، بل قاتمة، سوداء ك عينيه المُظلمة
نهضت ريم ثم فتحت سُترتها وأردفت ب جنون
-هنا إحنا التلاتة هتنتهي حياتنا هنا.

-هدر قُصي: أنتِ أكيد إتجننتي
-نظرت إليه ريم وقالت: هش. متقولش إتجننت دي. أنا بس بدي أرسلان النهاية اللي يستحقها. النهاية الصح. المفروض إنه مش لازم يعيش سعيد...
أخرجت من خلفها جهاز تحكم ثم رفعته قائلة ب صراخ
-نزل المُسدس اللي ف إيدك دا يا حضرة الظابط يا إما هقتلنا كلنا دلوقتي...
نظر إلى أرسلان الذي أومأ إليه ف فعل. أبعد سديم عنه ثم إقترب من ريم ف صرخت الأولى قائلة
-إرجع يا أرسلان. بلاش عشان خاطري.

-حدقت بها ريم ثم هتفت ب حدة: مش هتتهني ب حبه أبدًا فاهمة! كله هينتهي هنا. زي ما بدأ...
تيقن أرسلان أن الجنون أصابها وأنها حقًا ستقتلهم جميعًا ولكنه لن يسمح لها أن تُنهي حياة سديم أبدًا. لذلك وب حركة خاطفة كان يُمسكها ولكن لسوء الحظ إصبعها كان فوق الزر ف إذا تركه إنفجرت العبوة الناسفة التي ترتديها ك سُترة
هدر أرسلان سريعًا وب نبرة خرجت مبحوحة
-قُصي خُد سديم من هنا بُسرعة وإطلع
-أرسلان!..

هتف بها قُصي ب صدمة وصرخت بها سديم. عاد أرسلان يصرخ ب غضب وحدة
-حالًا
-سبني. سيب إيدي. هنموت كلنا هنا...
جذب قُصي يد سديم ولكنها قاومته قدر الإمكان وهي تصرخ قائلة
-لأ مش هسيبه أبدًا. إوعى
-هدر أرسلان ب إبتسامة: سامحيني كان نفسي أعيش معاكِ...

حركت رأسها نافية ب جنون وحاولت الإفلات قدر الإمكان ولكن قُصي قد أحكم الطوق حولها. قُصي الذي كان يبكي لأول مرة وهو يعلم أن النهاية قد إقتربت. همس ب صعوبة وعبراته لا تتوقف عن الهبوط
-سامحني يا أرسلان...
أومأ أرسلان مُبتسمًا ثم أشار إليه ب الرحيل
جذب قُصي سديم التي كانت تتلوى صارخة. تبكي ب قهر ولكنهما كانا خرجا
-أرسلااااان. لأ سبني عشان خاطري. عاوزة أموت معاه...

قيد ذراعيها أمام صدرها ثم حملها بعيدًا عن المنزل. وهي تركل ب ساقيها ب الهواء. تصرخ ب اسمهِ، باكية ب عُنف لن تنتهي قصتهما هُنا
وإنفجر المنزل أمام ناظريها لتخرج من بين شفتيها صرخة مذبوحة ومات أرسلان. لم يكن من المُفترض أن تكون تلك النهاية. من المُفترض أن تكون لقصتهما بقية. لم يكن عليها أن تنتهي الآن.

سقطت فوق الأرضية وخلفها قُصي الذي ينظر إلى المنزل المُشتعل أمامهما ب أعين باكية وقلب يلعن العقل الذي لم يحسب حسابًا ل لذلك الإفتراق الإجباري
سقطت صارخة تبكي ب كُل ما تحمله روحها المُعذبة من ألم. روحها تؤلمها ب شدة وقلبها مُمزق. أرسلان لم يعد. كانا يتوعدان ب حياة مُنذ ساعات لن تخطر على بال بشر ولكن القدر خط كلمته وإنتهى
-أرسلاااااان!،.

الفصل التالي
جميع الفصول
روايات الكاتب
روايات مشابهة